من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 14.05.09 16:00
والآن تعالوا بنا – عباد الله - ننظر في المحادة والمشاقة في المنهج الصوفي ونقف على طرف من أدبهم وآدابهم :
باديء ذي بدئ : أنبه أن هذا الباب متعلق باعتقاد التصوف بعقيدة الاتحاد والحلول ، وعليه فإنهم لا يستنكفون من التذلل مع التخلق بأخلاق بعض الكائنات، ومنها : الكلب والخنزير، فمن ذلك: قول بعضهم : وما الكلب والخنزير إلا إلهنا000وما الرب إلا عابد في كنيسة "النفحات الأقدسية" انظر"هذه هي الصوفية"ص(64) بتصرف أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
وقد "مرّ( الفاجر) التلمساني على كلب أجرب ميت في الطريق، فقال له رفيق له-وكان التلمساني يحدثه عن وحدة الوجود:أهذا أيضاً هو ذات الله؟مشيراً إلى جثة الكلب-فقال التلمساني: نعم. الجميع ذاته، فما من شيء خارج عنها""مجموع الرسائل والمسائل"لشيخ الإسلام(145)و"هذه هي الصوفية "ص(24) أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
وعليه فقد طابت أنفسهم ، بـ تقديمهم الكلب عن الزوجة والولد :ومن أوائل من نقل الفكر الرهباني النصراني مالك بن دينار-رحمه الله تعالى- فقد كان يقول : " لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته أرملة ويأوي إلى مزابل الكلاب" "سير أعلام النبلاء"للحافظ الذهبي(8/156) و"حلية الأولياء" لأبي نعيم( 2/359) أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
ويقول أبو طالب المكي، مفترياً على رسول الله -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- هذين الحديثين:"إذا كان بعد المأتين، أبيحت العزبة لأمتي" أي: عدم الزواج. وقال:" لأن يربي أحدكم جرو كلب، خير من أن يربي ولداً "أهـ نفس الدين ونفس الهدف المانوي""قوت القلوب"(4/150) والنقل عن"هذه هي الصوفية" للوكيل ص(138) تواضع حمقى التصوف للكلب ويستغرب-بل تشتد غرابة-الشيخ إحسان إلهي ظهير-رحمه الله تعالى-وهو ينقل عن بعضهم قائلاً:" وأغرب من هذا ما ذكره النفري الرندي نقلاً عن أبي الحسن علي بن عتيق بن يوسف القرطبي صاحب كتاب "بغية الطالب ومنية الراغب" أنه رأى أبا محمد بن عبد الله مفيد وهو يمشي في يوم شات كثير الطين، فاستقبله كلب يمشي على الطريق التي كان عليها .قال: فرأيته قد لصق بالحائط، وعمل للكلب طريقاً، ووقف ينتظره ليجوز، وحينئذ يمشي هو .فلما قرب منه الكلب، قال: فرأيته قد ترك مكانه الذي كان فيه ونزل أسفل، وترك الكلب يمش فوقه .قال: فلما جاوزه الكلب، وصلت إليه فوجدته وعليه كآبة، فقلت ياسيدي، إني رأيت ما صنعت الآن، شيئاً أستغربه، كيف رميت بنفسك في الطين ، وتركت الكلب يمشي في الموضع النقي ؟ فقال لي: بعد أن عملت له طريقاً تحتي ، ففكرت ، فقلت : ترفعت على الكلب، وجعلت نفسي أرفع منه، بل هو والله أرفع مني، وأولى بالكرامة" "غيث المواهب"للنفري(2/159) بتحقيق د. محمود عبد الحليم و"إيقاظ الهمم"لابن عجيبة ص(406) أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
ثم علق الشيخ - رحمه الله تعالى - قائلاً : "فهذا هو التواضع والانكسار عند الصوفية، يظنون الترفع على الكلاب تكبراً، موجباً لسخط الله ومقته، ولقد صرّح بذلك ابن عجيبة الحسنى حيث قال:"من رأى لنفسه قيمة على الكلب، فهو متكبر ممقوت عند الله" " إيقاظ الههم" لابن عجيبة ص(404) وقال الآخرون - من الصوفية : " من ظن أن نفسه خير من نفس فرعون، فقد أظهر الكبر" "الرسالة القشيرية"(1/115) و"الأخلاق المتبولية "للشعراني (3/207) وأيضاً "الطبقات الكبرى" له (1/83) والنقل عن"دراسات في التصوف"ص(58-59) هذا في الوقت الذي يتكبرون فيه الوضعاء على الأتقياء !!! أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
وأيضاً : لم يجد القوم غضاضة من : التخلق بأخلاق الكلاب :فهذا وليّهم أبو الحسن الكريني-أستاذ الجنيد- " يخرج نفسه عن حد الكرامة الإنسانية ويجعلها بمنزلة الكلب، في حكاية ذكرها : أن رجلاً دعاه ثلاث مرات إلى طعامه، ثم يردّه، فرجع إليه بعد ذلك حتى أدخله المنزل في المرة الرابعة، فسأله عن ذلك، فقال: قد رضيت لنفسي الذلّ عشرين سنة حتى صارت بمنزلة الكلب، يطرد فينطرد، ثم يدعى فيرمى له عظم، فيجيء""غيث المواهب العلية"للنفري الرندي (2/159) و"قوت القلوب"للمكي (2/74) والنقل عن"دراسات في التصوف"ص(58)
أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
وشبيهاً بما تقدم " ذكروا أن أحد أتباع الشيخ الرفاعي دعاه إلى طعام ، فأجاب الشيخ الدعوة، فلم وصل إلى بابه، قال له: ارجع فرجع. ثم دعاه الثانية، فدعاه فأجابه، فلما وصل إلى بابه قال له: ارجع، فرجع. ثم جاءه الثالثة، فدعاه فأجابه، فلما وصل إلى بابه، قال له:ارجع. فرجع. ثم جاءه الرابعة، فدعاه فأجابه، فأدخله الدار وفرش له وأجلسه ثم كشف عن رأسه، وقال: يا سيدي إني استغفر الله مما جرى مني، فوالله ما رأيت أحداً على هذه الطريق الذي أنت سالكه. فقال له الشيخ أحمد: يا ولدي أتستكثر علي خصلة من خصائل الكلب""المعارف المحمدية"ص(74)و"قلادة الجواهر"ص(54)و"طبقات الشعراني"(1/144) أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
والقصة مقتبسة من "الرسالة القشيرية" ص(108) ومن " إحياء علوم الدين" (3/71)و(4/358) ومحكية عن أبي عثمان الحيري الذي دعاه مريده وفعل مثل ذلك… ثم القصة مثيرة للتعجب، وذلك أن لا يجد أولئك من أخلاق الإسلام والنبوة ما يفي بحاجتهم حتى يلجأوا إلى التخلق بأخلاق الكلاب والاقتباس من أخلاقهم""الرفاعية"ص (29) أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
و"ذكروا أنه كان يدور وراء الكلاب ويعطف على المرضى منهم ويداويهم، وربما هرب منه كلب فيمشي وراءه ويتعطف بخاطره ويقول له : "يا مبارك إنما أريد مداواتك. وكان يجد كلاباً يأكلون في المطبخ، فيقف عند الباب يحفظهم لئلا يأتي أحد ويطردهم أو يؤذيهم، ثم يقول للكلاب : يا مباركين، كلوا واسكتوا ولا تتخادشوا (تتنابحوا) لئلا يعلم بكم أحد فتمنعون""قلادة الجواهر"ص(63) و"لطائف المنن والأخلاق"ص(490)و"طبقات السبكي"(4/40) وإذا مر أمامه خنزير، يقوله له : "أنعم صباحاً" "روضة الناظرين"ص(62) و"إجابة الداعي" ص(17) أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
وعلة ذلك ما ذكره : " أحمد بن علي الحسين الرفاعي...يذكرون عنه أنه وجد كلباً أجرب أخرجه أهل أم عبيدة إلى محل بعيد، فخرج معه إلى البرية، وضرب عليه مظلة، وظليطليه بالدهن، ويطعمه، ويسقيه، ويحت الجرب منه بخرقة، فمابريء حمل له ماء مسخناً وغسله""قلادة الجواهر"لأبي الهدى الرفاعي ص(62) و"طبقات الشعراني"(2/112) أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!
ثم عُلّق على صنيع الرفاعي هذا ساتراً إياه بقناع التقدس والتأله بقوله:"كان قد كلّفه الله تعالى بالنظر في أمر الدواب والحيوانات" "الطبقات الكبرى" للشعراني (2/112) وليس هذا فحسب، بل ذكر عنه أبو الهدى الرفاعي: أنه كان يبتدئ من لقيه بالسلام حتى الأنعام والكلاب، وكان إذا رأى خنزيراً يقول له : أنعم صباحاً" "قلادة الجواهر في ذكر الغوث وأتباعه الأكابر" لأبي الهدى الرفاعي ص(62-63) و"طبقات الشعراني"(1/112)
أهذا هو الأدب المرغوب، والخلق المنشود ؟!!!