الأخت المجاهدة الثائرة
جاءت رسالتك الأخيرة وكأن شيئا لم يكن , وتجاهلت ما حوته رسالتي ويبدو أنك مصرة أن أسير في دربك العسير , وأرد على كلامك الحسير , فلك ماطلبت بشئ يسير , وإن زدت وأردت الإفاضة فأهلا بها وبإستفاضة لأنها عندي بزيادة .
فأولا وبادئ ذي بدء
فيا أيتها المجاهدة فدعيني أسألك عمن شئ تجاهدين ؟ وبأي شئ تدافعين ؟ فبضاعتك في هلك وسيفك من ورق وخيلك قد أبق .
وقبل أن تندهشين وتثورين وتتعجلين , فكل كلمه أقولها سآتي بدليلها من كلامك , وأضعها أمامك , لعلك تتراجعين أو على هواكي تسيرين , فعندئذ أنت وشأنك تكونين فقد نصحت ووضحت , وأنرت وأبصرت , فمن أراد الإبصار فهنيئا له الإنتصار, ومن أراد غيرها سأتركه يعيش في غيها وكما قال الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
وابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإن انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى بالقول منك وينفع التعليم
ـ وسأستعين بكلمتك حيث تقولين :
من اعطى لهؤلاء حق التكلم فى العلماء؟
ولأقول لكي من أعطاكي الحجر على عقول الناس وأن تسمحي بما يروق لكي , وتمنعي مايزعجك بدون أن تواجهي مخالفيكي فتمنعين وتحجبين وليس بحجة تنتصرين وهذا يرجع إلى شيئين لاثالث لهما أولهما عدم العلم
وثانيهما أن ماتدافعين عنه حجته كسيحة وأدلته قريحة .
ـ ثم تقولين وتصعدين بصوتك وتكررين
(الحذر الحذر اخى منهم )
وعلى أي شئ التحذير من أناس يتكلمون بالحجة , ويسترشدون بالأدلة من كتاب وسنه بمفهوم سلف الأمة , وتدافعين عن من ركب هواه وإمتطى رأيه فشطح ثم هوى فوقع .
ثم تقولين :
هؤلاء من اهل البدع ؟ هؤلاء من اهل الاهواء ؟؟ على الدنيا السلام اذن
أولا كلمة (على الدنيا السلام إذن ) كلمة عوام يقولها من لم يشم رائحة العلم أو من العلماء الربانيين لم يلِم , لأن الكلمة قيلت في سياق أن الدنيا ( وكأنها قد خرُبت إذا كان هؤلاء من أهل البدع ), فدعيني أسألك أليس هذا خطأ عقدي ؟ أن نذكر إسم الله السلام بهذا السياق . فهل هذا أدب مع الله عز وجل ؟ وقد قال تعالى : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ )
أتريدين أن تذبي عن رجال لهم مالهم وعليهم ما عليهم ولا أذب أنا عن رب الرجال ربي وربك ورب الجميع .
هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى إذا سقط هؤلاء أو غيرهم , أيضيع الدين بهذه البساطة ؟ وكأنك تتكلمين عن شركة مساهمه بين أفراد أو شئ من هذا القبيل ونسيتي أنه دين الله عز وجل , وأدعك إلى قول الحق تبارك وتعالى :
(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ )
:وأين أنت من قول الرسول المعصوم
[ لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ] .
أخرجه مسلم و صححه الإمام العلامة الحبر الفهامة النور الداني الشيخ الألباني رحمه الله في السلسله الصحيحة
فأين قولك إذن من قول الله عز وجل وقول رسوله .
فعليك يا أختي لكي تنجي أن تعرفي الحق أولا فإذا عرفتي الحق فستعرفين رجاله فتتبعين لتنجين أما أن نتبع من كان حسن الصوت أو من أوتي بشئ من حسن البيان فهذا جهل وإستخفاف , يجعلنا ننظر لمن ينهله بإرشاد وتنوير فأن أصر وأعلن فبِردعٍ وتحذير .
والإرشاد والتنوير أوالردع والتحذير , يكون بالأدلة من كتاب وسنه بمفهوم سلف الأمة لا من رأي أو هوى أو فِكر قد هوى .
ثم تقولين :
الصبر على ماذا ؟ على تضليل و تبديع اهل العلم ؟
و كأنك تطابنا ( تطالبنا ) بالصبر على الرافضة الذين يكفرون الصحابة
فأنت ترفضين الصبر مع أنه صفة الخاشعين العابدين الطائعين
قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ )
ويعلمنا إمام الأنام وثمرة الأيام شيخ المتقين بن العثيمين رحمه الله رحمة واسعة من هذه الآية فبتفسيره عدة فوائد منها (فضيلة الصبر، وأن به العون على مكابدة الأمور, قال أهل العلم: والصبر ثلاثة أنواع , وأخذوا هذا التقسيم من الاستقراء , الأول: الصبر على طاعة الله , والثاني: الصبر عن معصية الله , والثالث: الصبر على أقدار الله . . . قال بعض السلف: إما أن تصبر صبر الكرام , وإما أن تسلو سُلوّ البهائم .
ومن فوائد الآية أيضا: الحث على الصبر بأن يحبس الإنسان نفسه ، ويُحمِّلها المشقة حتى يحصل المطلوب , وهذا مجرب . أن الإنسان إذا صبر أدرك مناله , وإذا ملّ كسل ، وفاته خير كثير , ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز" ... )
ثم تقولين
من اعطى لهؤلاء حق التكلم فى العلماء ؟
ومن أعطاكي أنت حق النقد والرد , أمِن عجز هؤلاء تدافع عنهم النساء ؟!!
ثم تقولين :
(و لو لم اذب عن عرض علماء المسلمين فلا خير فى و ليذهب الشيعة حيث يذهبون )
أتقولين في الرافضة الروافض الشيعة الشنيعة , ليذهبو حيث يذهبون ونذب عن علمائنا , فقولي لي بالله عليك لو أن إنسان يقولون في الله عز وجل ما لا يليق به ويحرفون كتابه ويأتون في عرض نبيه سيد البرية وأخير البشرية , ويسبون زوجاته , ويتقولون عليه , ويكفرون خير الأنام بعد الأنبياء العظام الصحابة الأعلام , وغيرها الكثير إلى آخر سيرهم الحقير عاملهم الله بما يستحقون .
فتتركين كل هذا وتقفين حسب قولك تذبين عن أناس لمجرد أنك تريهم على الجادة وليس معك من العلم أي شأو أو سبق عدو .
فقولي بالله عليكي ماهو أعز وأترف وأعلى وأشرف وأفلح وأنجح أمن يدافع عن هؤلاء أم من يدافع عن ربه ونبيه ودينه أين يكون ؟
ثم تقولين :
هل لما يكون عالم صحيح العقيدة و خيره و علمه 99%خير هل نتتبع زلة او هفوة او خطا له (و لا احد معصوم ) و نضعه فى قسم اهل البدع ؟ اهل البدع يا اخانا الفاضل مع الصوفية و الرافضة و و و و ؟؟ لانه اجتهد فى مسالة و اخطا ؟ سبحان الله
لاأدري كيف أتيتي بهذه النسبة ولماذا ـ فهل نحن في حصة حساب ؟ أو أن من قواعد الدين النسبة والتناسب , وهل يوجد عالم واحد من العلماء حصَّـل من العلم 99% , بل خيره أيضا كذلك ؛ بل ثالثة الأسافي ونهاية القوافي أنكي تحكمين بصحة العقائد بعبارة طلقة معربة , وبجرءة قاطعة ,وبصورة صادعة , ورب العزة يقول قي محكم التنزيل (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )
ثم تقولين :
لما اقول فلان من اهل البدع لان عقيدته كذا (مخالفة لاهل السنة و الجماعة و السلف الصالح) يكون حق
اما ان اصنف الناس و ابدعهم و افسقهم و انا لا شيء بالنسبة لتراب نعالهم فهذا لا يجوز ابدا
فهذا كلام ليس له ضابط من شرع في أصل أو فرع , فهل يجوز تحقير المخالف لكي بهذه العبارة العبَّـارة , والتي في الظلمة سيَّـارة مندفعة هدَّارة في السبق بلا دِراية أو رِواية .
فإرجعي ياأختي فتوبي ولله أنيبي وإستغفري .
ثم تقولين :
ما يحدث على الساحة الان بين فتح و حماس او بالاحرى انصار فتح و انصار حماس
فيبدو أنكي لا تدرين أن الخلاف بين الحماسيين والفتحيين في القمة وليس بين أنصار هنا أوهناك , ودعيني أسألك هل الرئيس عباس أبو مازن أو رئيس الوزراء إسماعيل هنية أنصار للطائفتين أم هم القيادات العليا فهل أنت في واد آخر تسكنين أم بجوار المريخ تعيشين فسأتركك تسألين وبنفسك تعرفين .
ثم تقولين :
فليكن شيخنا هو محمد صلى الله عليه و سلم و من قال من العلماء بقوله فاهلا و مرحبا به و من خالفه نرد عليه قوله و لا ناخذ به دون تكفير و لا تفسيق و لا تبديع و لا تجريح
ياأختي لا يجوز أن أقول عن من إرتضاه لنا ربنا نبيا ورسولا أن نطلق عليه شيخنا , فهذا لم يقل به أحد من قبل وإن قال أحد فأعلمينا به .
ثم تزيدين فتقعين في المحذور . وتدورين فوق الدور . فالخوف عليكي من الوقوع فالكسور , تقولين من خالف نبينا نرد عليه فقط دون تكفير أوتفسيق أوتبديع أو حتى تجريح أهكذا تعلمت من مشايخك , ومنْ سلفك في هذا الكلام أنُطلق الكلام هكذا ونُقِّعِـد القواعد ونَسترسل بهذا الكلام أتدرين ماتقولين , فأنت تتحدثين هنا دين !! وأي دين ـ إنه الإسلام , وليس في كيفية عمل طاجن كوسه أوصينية بسبوسة , ودعيني أسألك ماذا نقول للمصرعلى التكفير بالكبيرة , ونصح ولم ينتصح وروجع ولم يرجع , وأصر برأيه فإستأثر , بل زاد وعاند فإستكبر , ثم على عقبيه إستدبر فإستقدر .
أليس هذا م .خالف للرسول
فهذا على قاعدتكي نتركه ولانجِّرحه يفعل كل هذا ونتركه !!
ثم تعطين لنفسك الحق فتسبين وتحتقرين وبالتراب والشعرة تصفين من أجل الدفاع عن أناس وترك الدفاع عن رب الناس , فهل هذا مارسخه مشايخك عندك وهذا المُكنَّز بعقلك !! فمعذرة سأقولها وأصدع بها , وأرفع صوتي وقلبي مع بعض كِلا , واحسرتاه !!! فمن شدة البِلى فقد النهى.
أيتها المجاهدةفهذا غيض من فيض وحلقة في فلاة لمن أراد المراجعة والعظة , وليس للمكابرة والمبارزة , فقد قلت لكي من قبل (لأنه يحتاج إلى بسط أدلة شرعية وقواعد علميه ليس مكانها هذا المقال ولا هذا المقام) ولم تعي ما سطرته لكي بل طالبتك بالهدوء فلم تهدئي , وإستصبرتك فلم تصبري فأرجو منكي أن تتعلمي لتعرفي , وتصبري فتخشعي .
والله مطلع على ما في قلبي ويعلم نيتي وسري , وأني لا أريد القدح أو الجرح بل أريد النصح والشرح وإن صعب الطرح , لمن أراد النجاة والفرح أما من أراد غيرها فعليه وزرها ومن دله بها .
مَن ذَا يُبَارِز فليقدِّم نَفسَــــهُ *** أو مَـن يسَابِق يَبدُ في الميدَانِ
وَاصدَع بِمَا قَالَ الرَّسُولُ *** ولا تَخَف مِـن قِلَّةِ الأنصَارِوالأعوَانِ
فَاللهُ نَاصِـرُ دِينـِهِ و كتَابِــهِ *** وَاللهُ كَـافٍ عَبـدَهُ بأمَــانِ
أبو الحسن المصري