من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 17.05.09 16:46
---------------
6- قبر نبي الله لوط عليه السلام :
في"تاريخ دمشق"(50/326) عن الزهري أنه قال : "لما عذب الله قوم لوط لحق لوط بإبراهيم حتى قبضه الله إليه" وهذا الأثر فيه إسحاق بن بشرة وهو متروك، وهناك أثر عن السدي لا يصح.
7- قبر نبي الله شعيب عليه السلام :
ذكر السمعاني أنه قبر في (حطين) بـ (فلسطين).
وقال النووي: (هذا مشهور في بلادنا، وعلى قبره بناء، وكذا ذكر غير واحد أنه في (حطين) وهو يزار ويعبد من دون الله)، وهذه مجرد أقوال لا تقوم بها حجة, وقد تقدم أنه لا يثبت قبر نبي بمكان ما إلا ببرهان .
وذكر وهب بن منبه أن شعيبا مدفون في مكة غربي الكعبة بين دار الندوة وبين سهم، وهذا من الإسرائيليات إذ أن وهبا كان مشتغلا بذلك.
وذكر بعضهم أن للنبي شعيب مقاما في الشام يسمى (مقام النبي شعيب) يستحيل على البدو من سكان تلك الجهات أن يحلف أحدهم كاذبا بحق شعيب...".
وجاءت آثار أن شعيبا عليه السلام مدفون في المسجد الحرام بين زمزم والركن والمقام ولكن من أين لهم هذا ؟
وجاء عند الأزرقي في "أخبار مكة" قال محمد بن سابط : "كان النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد فيها النبي ومن معه حتى يموت فمات بها نوح وهود وصالح وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر) ومحمد بن سابط ذكره ابن أبي حاتم في"الجرح والتعديل"(7/283) وقال: (لا أعرفه) والأثر بدون سند , وإذا صح السند إليه فمن أين له هذا ؟
وهناك من يدعي أن قبر النبي شعيب في اليمن في مكان يسمى جبل حضور وعرف بجبل النبي شعيب، وهذا الجبل خارج صنعاء غربا وهو أرفع جبل في اليمن، وقد وضع ضريح في هذا الجبل باسم النبي شعيب، ويزار وتقع الشركيات عنده إلى الآن. عجل الله بهدم هذا الضريح فهو كذب بلا شك.
8- قبر نبي الله إسماعيل عليه السلام :
لقد جاءت آثار تدل على أن قبر إسماعيل في الحجر, ولا يصح منها شيء وهي كالتالي :
* عن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إن قبر إسماعيل في الحجر" عزاه السيوطي في "الجامع" إلى الحاكم في "الكنى" وذكره الألباني في ضعيف الجامع .
* عن كعب الأحبار قال : (قبر إسماعيل ما بين زمزم والركن والمقام) أخرجه عبد الرزاق والفاكهي, وهذا الأثر فيه إعضال حيث إن ابن جريج قال : (بلغني عن كعب) وابن جريج من أتباع التابعين، فالساقط أكثر من واحد، فلم يصح هذا إلى كعب الأحبار فلا ينسب إليه, ولو صح إليه لكان من الإسرائيليات إذ كعب الأحبار مشتغل بذلك.
* عن ابن عباس قال : (في المسجد الحرام قبران ليس فيه غيرهما قبر إسماعيل وشعيب في الحجر مقابل الركن الأسود) وهذا الأثر فيه محمد بن السائب الكلبي وهو كذاب، وفيه أبو صالح باذام وهو ضعيف, فلم يصح هذا إلى ابن عباس فلا ينسب إليه.
ومما يدل على عدم وجود قبر إسماعيل في الحجر أن الكعبة بنيت والرسول -صلى الله عليه وسلم- موجود ولم يقل أخرجوا قبور الأنبياء، وكذا بنيت في عهد بعض الصحابة ولم يحصل قط أن ادعوا أن قبرا موجودا عندها، أيضا بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإسماعيل أكثر من ألفي سنة, فمن الصعب إثبات قبر إسماعيل هكذا إلا بوحي من الله ولا وحي، وأيضا لو كان إسماعيل مدفونا عند الكعبة لوجدوا جثته كما هي لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء , ولتناقل الناس ذلك.
وذكر السيوطي في "الدر المنثور" أن وفاة إسماعيل وإسحاق كانت في الشام، وعزاه إلى ابن سعد وابن عساكر والزبير بن بكار. وفيه الكلبي وهو كذاب كما سبق .
فخلاصة الكلام: أنه لا يوجد دليل من القرآن ولا من السنة النبوية ولا صح عن أحد من الصحابة أن قبر إسماعيل في المسجد الحرام.
9-قبر نبي الله إسحاق عليه السلام :
ذكر السيوطي في"الدر"(2/347) أن قبر إسحاق عليه السلام بالشام، وعزاه إلى ابن عساكر وابن سعد والزبير بن بكار من قول الكلبي، والكلبي قد تقدم أنه كذاب، ولعله تلقاه من الإسرائيليات .
وعند ابن عساكر وابن أبي حاتم عن قتادة (أن إسحاق عليه السلام مات بفلسطين).
قلت: قتادة تابعي فلعله تلقاه عن رواة الإسرائيليات، وهناك آثار أخر عن بعض التابعين وأتباع التابعين تشير إلى أن قبر إسحاق في فلسطين أيضا، وسيأتي ذكر بعضها مع ذكر يعقوب .
10- قبر نبي الله يعقوب عليه السلام :
أخرج أبو الشيخ عن ثابت البناني (أن يعقوب عليه السلام دفن مع آبائه إبراهيم وإسحاق). وثابت تابعي.
وأخرج أحمد في "الزهد" عن مالك بن دينار (أن يعقوب دفن مع أبيه إسحاق وجده إبراهيم في أرض كنعان).
وجاءت آثار عن بعض التابعين (أن يعقوب دفن مع أبيه إبراهيم وإسحاق) فيا ترى من أين لهم هذا إذا صحت الأسانيد إليهم ؟
وجاء عند ابن جرير الطبري في تفسيره للآية الكريمة من سورة يوسف {رب قد آتيتني من الملك} عن السدي قال : (لما حضر الموت يعقوب أوصى إلى يوسف أن يدفنه عند إبراهيم وإسحاق) وهذا الأثر فيه عدة علل، ففيه أسباط بن نصر وهو ضعيف، وفيه العنقزي وسفيان بن وكيع وفيهما ضعف.
11- قبر نبي الله أيوب عليه السلام :
من المعلوم أنه من أنبياء بني إسرائيل، وقد كانوا في الشام، وهناك من يقول إنه دفن في الروم.
فقد ذكر ابن عساكر في "تاريخه"(10/78) عن ابن عباس (أن نبي الله أيوب مات بأرض الروم على دين الحنيفية) وهذا الأثر لا يصح إلى ابن عباس حيث إنه مسلسل بالمتروكين والضعفاء، ففيه إسحاق بن بشر وهو تالف، وجويبر وهو متروك، والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن عباس، وعلى هذا فلا ينسب الأثر إلى ابن عباس لأن هذا من باب الكذب عليه رضي الله عنه.
ومن العجائب أن قبرا في جبل خارج صنعاء شرقا , يقع هذا الجبل بين بني حشيش وبني الحارث ونهم, هذا الجبل يسمى بجبل النبي أيوب، وفي رأسه قبر وقد بني على القبر مسجد يقال للقبر : ( قبر النبي أيوب) .
ويقع القبر في وسط المسجد، وهذا القبر يؤتى إليه من بعض الأماكن اليمنية، ويؤتى إليه من الدول خارج اليمن كمصر، وباكستان، والهند، والعراق، وتركيا، وفي المسجد صورة المحراب الذي كان يتعبد فيه أيوب، وفيه صورة ثدي المرأة، وفي مؤخرته اكتشف قريبا قبر زوجة أيوب، واسمها (رحمه) وبجانب ذلك الجبل نهر وأشجار فقالوا هو الماء الذي أمر الله أيوب أن يركض برجله ويغتسل فيه.
وهذه المعلومات أخذتها من الرسول الذي أرسلته ليتقصى الحقائق، فأخبره بها إمام مسجد قبر النبي أيوب، وقد سأل أخونا المرسَلْ إمام المسجد كيف عرفوا أن قبر النبي أيوب عليه السلام في هذا الجبل؟ فأجاب: (أن رجلا من عنس هاجر واستقر في بلادهم ثم رأى سراجا في الليل في رأس الجبل فجاءه آت في ثلاث ليال يقول له : إن هذا المكان الذي فيه النور فيه قبر النبي أيوب، فاذهب وابن مسجدا , وإن لم تفعل قتلت أولادك، فذهب الرجل العنسي وأخبر بذلك فقاموا وتساعدوا معه في بناء المسجد) اهـ.
وهكذا تضلل شياطين الجن والإنس المسلمين، إذ أن الرؤيا المنامية المذكورة من قبل الشيطان، ولا بد,كيف لا وفيها التهديد بقتل أولاد الرائي إن لم يفعل.
والسراج الذي شاهده الرجل في رأس الجبل هو من قبل شيطان من الجن أودجال من الإنس، وقد عمل هذا كثيرا.
12- قبر النبي داود عليه السلام :
روى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "كان داود النبي فيه غيرة شديدة فخرج ذات يوم وأغلقت الدار فجاء داود فإذا رجل قائم وسط الدار فقال له داود من أنت؟ قال: أنا الذي لا أهاب الملوك ولا يمنع مني الحجاب، فقال داود : أنت والله ملك الموت، مرحبا بأمر الله فرمل داود إلى مكانه حيث قبضت روحه حتى فرغ من شأنه..." وهذا الحديث ضعيف, وهو ظاهر في أن داود عليه السلام دفن في داره, ولا معرفة لموضع داره، ولو عرف لكان غير مقدور على معرفة مكان قبره, هذا على افتراض صحة الحديث. ويقال: دفن داود في دمشق.
قال ابن تيمية –رحمه الله تعالى : (هذا كذب) "مجموع فتاوى"(27/491)
وذكر صاحب كتاب"الانحرافات العقدية" ص(281) : "أن نبي الله داود عليه السلام له مزار في (قضاء كلز) من أعمال حلب في سوريا، وله مزار في غرب صيدا بلبنان فيا لله العجب من هذه الأقاويل والأباطيل التي أضلت خلقا كثيرا.
13- قبر نبي الله سليمان عليه السلام :
روى ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسبيريهما والحاكم في "مستدركه"(4/402) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : "كان سليمان نبي الله إذا قام في مصلاه رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول ما اسمك؟ فتقول: كذا وكذا، فيقول: لأي شيء أنت؟ فتقول لكذا وكذا، فإن كانت لدواء كتب، وإن كانت لغرس غرست فبينما هو يصلي يوما إذ رأى شجرة نابتة بين يديه فقال لها : ما اسمك؟ قالت: الخرنوب، قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب أهل هذا البيت، قال سليمان عليه السلام: اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا تعلم الغيب، قال: فنحتها عصا، فتوكأ عليها، قال: فأكلتها الأرضة فسقط فخر فوجدوه ميتا حولا فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين، وكان ابن عباس يقرؤها هكذا, فشكرت الجن الأرضة فكانت تأتيها بالماء حيث كانت).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وهو غريب بمرة من رواية عبيد الله ابن وهب عن إبراهيم بن طهمان فإني لا أجد عنه غير رواية هذا الحديث الواحد ، وقد رواه سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير فوقفه على ابن عباس .
وقال الحافظ ابن كثير: في رفعه غرابة ونكارة والأقرب أن يكون موقوفا...إلخ".اهـ من التفسير .وبما أن الحديث لا يصح فلا يدرى أين موضع قبر سليمان .
قبر نبي الله يونس عليه السلام :
يقال : إن قبره في جامع محافظة (نينوى) في العراق، وهو يزار من أنحاء العراق، بل ومن تركيا، وإيران، وذكر صاحب كتاب "الانحرافات العقدية"ص(281-282) أن له ضريحا في بلدة (حلحول) بفلسطين...وثالث في (غار بضبعة) قرب نابلس بفلسطين) وكل هذا كذب من جعبة القبورية.
14- قبر نبي الله زكريا عليه السلام :
أخرج ابن عساكر في "تاريخه"(19/56) حديثا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لزكريا حين أسري به : " أخبرني عن قتلك كيف كان؟ـ وفي القصة ـ فلما أن تخوفت من بني إسرائيل هربت فعرضت لي شجرة فنادتني فقالت: إلي وانصدعت لي, فدخلت فيها فالتأمت وبقي طرف ردائي خارجه من الشجرة, فقال إبليس لبني إسرائيل: شقوا الشجرة بالمنشار فشققت مع الشجرة بالمنشار "
هذا الحديث ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" وقال : ( هذا سياق غريب جدا وحديث عجيب ورفعه منكر).
قلت: الحديث فيه أكثر من علة، ويكفي أنه من طريق إسحاق بن بشر أبي حذيفة البخاري وهو كذاب. انظر"الميزان".
وجاء عن وهب بن منبه أنه قال : (إن زكريا مات موتا) وذكر بعضهم أن قبر زكريا داخل المسجد في مدينة حلب،فموضوع قبره وقبر غيره من الأنبياء يحتاج إلى دليل من الكتاب أو من صحيح السنة ولا دليل .