إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 1
إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
إنباء أبناء العصر
بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر"
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ }
سورة "البقرة" الآيتان(11-12)
((( المقدمة وفيها الباعث على الطرح )))
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " سورة "آل عمران" الآية(102)
"يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"سورة "النساء" الآية(1)
" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" سورة"الأحزاب"الآية(70-71)
أما بعد :
فإن أصدق الحديث: كتاب الله تعالى، وخير الهدي : هدي محمد- صلى الله تعالى عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ،،،
أقول : في ظل هذه العودة المباركة إلى الدليل، وتسابق الناس إلى السنة والتِفافهُم حول أهلها البهاليل، تعالت أعناق النفاق، وتوالت صيحات أهل الجهل والشقاق، فخرجوا إلى صعدات الجهل يجأرون، ينوحون مع أهوائهم على مصابهم ويبكون، حتى لوثوا مع الأجواء الصفحات، وأسلاك التلفزة وشبكات الاتصالات، فما ازدادوا بذا إلا بُعداً، وما جنوا منه إلا هجراً، ولا بدّ .
وسنتعرض في هذا المقام على عجالة لشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر"(1) لا سيما الإيمانية والأمنية، وفي بيانهما الكفاية لمريدي الدراية وراغبي الهداية، والله تعالى الموفق وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 2
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
((( ملاحظات عامة بين يدي التفصيل والتدليل )))
الملاحظة الأولى :
مما لوحظ في هذا الكتاب الذي رَبَت عدد صحائفه على 220 صحيفة خلوّه من الآيات والأحاديث، اللهم إلا أية وحديث على استحياء ودون تخريج؟! – حسب استقرائي- وهذا عجيب غريب .
كذا خلت مقدمته بل مقدماته من بسملة أو حمدلة أو حوقلة - استعانة؟
ويتساءل المرء : أوليس الكاتب مسلم يخاطب أمة مسلمة ؟
فإن تذرع بأن موضوعه اجتماعي سياسي، يقال له : وهل إسلامنا السامي خلا ؟ أم أنه الفكر أو المكر؟
الملاحظة الثانية :
البحث أحيط بهالة من التفخيم! بل التدليس مما يورث التلبيس، ويغرر بالأغرار والأغمار والذين هم من العلم مفاليس، متمثلاً في :
أولاً : رتبة كاتبه ( دكتور ) مع إضمار .
ثانياً : وجاهة الناشر، وكون المشرف عليه حرم رئيس الجمهورية – حفظهما الله تعالى وتقبلهما في الصالحين- ومشاركة عدة وزارات .
بل وإرداف صورة حرم الرئيس – وما كان ينبغي ذلك- وكلمتها -وقد كانت كافية-(2) في ديباجة البحث الخلفية حتى يلبسه مسوح القبول، في الوقت الذي أخرج فيه أضغانه، وتقيئ أحقاده على الولاة وهو يزعم تبعيته { إن الله لا يصلح عمل المفسدين } .
ثالثاً : خليط اللغة والاصطلاحات الأجنبية! التي ألقمها أقطاب بحثه ؛ تشبعا .
رابعاً : كثرة الاستبيانات والإحصائيات ودعوى المعايشة والمخالطة لواقع بعض الصوفية، مما كان لها الدور في استسمان كتابه دونما استثمان .
خامساً : السعر الزهيد للكتاب ( جنيهان ) الساعي لنشر الكتاب - للعامة والخاصة على حد سواء- على ما فيه من خلط وخبط وخطل
الملاحظة الثالثة :
يُعدّ هذا الكتاب من الكتب المملة المرهقة مع كونه من المارقة؛ إذ يدعو التصوف إلى المشاركة في السياسة! لا لشيء إلا لمقارعة الحكام، بعدما زعم أن المتصوفة أهل جهاد، وذلك لمجاهدتهم! – أي للحكام– () والشواهد شواهق، وسيأتي .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 3
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
الملاحظة الرابعة :
هذا الكتاب يعلم أرباب العلم أنه غير مأمون ولا مقبول؛ ذلك بالنظر إلى موضوعه ومؤلفه ومراجعه وطرحه .
فبالنظر إلى موضوعه : نستهله بالنظر إلى عنوان الكتاب "الصوفية والسياسة في مصر" نجد أن مضمونه الحديث عن قبول التصوف – الإيجابي بزعمه- وتأثيره الاجتماعي – ولم يكن أمينا ولا صادقا في مقدمته هذه- كتوطئة للمطالبة بمشاركته الناحية السياسية .
ويأبى عليه منهج التصوف ذلك، إذ قام الأخير على أساس قطع العلائق عن الخلائق زعماً، وفي حقيقته الجنوح إلى المجون حتى الجنون، فماذا يثمر ما هذا حاله؟ وهل يصلح أن يسُوس فضلا أن يُساس؟ ومن أشد جنونا : هو، أمّن يدعو إليه ؟!
لقد سعى الباحث سعياً حثيثاً لإثبات أن التصوف جماعة اجتماعية لا دينية من باب عنز ولو طارت، ثم سعى لتوجيهها نحو السياسة؛ تكثراً واستقواءاً، غايته : صدّ الاستبداد وسدّ الفساد في النظام الحاكم - زعم- فلم يستقم له الأصل! فماذا يجني؟
إنها جناية على العقول من أناس أشبه بالعجول، فمتى تنتهي هذه الفوضى؟ متى تعظم الشعائر؟ متى تحترم العقول؟ متى يخرص من لا يعلم حتى تسلم لنا معتقداتنا وننعم بإسلامنا ؟
وبالنظر إلى كاتبه : المدعو "د/ عمار علي حسن" لم يسفر عن تخصصه ولا غرو، فقد بدا في طرحه وطفح في طبيعة عمله، بيد أنه في تضاعيف كتابه ص(113) أخبرنا أنه يعمل بوكالة أنباء الشرق الأوسط .
وأرى أن الرجل رافضي – هوى أو انتماءا- تكلم بما ظاهره الثناء على التصوف وحقيقته الإجهاز عليه، وسوق أتباعه إلى التشيع في أحطّ مناهجه "الإمامية" في الوقت الذي طعن في مخالفه طعناً معلناً وخفياً، وهو المطعون
وبالنظر إلى مراجعه : فقد اتكأ الكاتب في سيره على عَوير وكُسير، واستقى سيرته من مطعون وغير مأمون ومأفون، فقد نقل عن الكفار والجهال والمتصوفة المجان الغاية في الخبال، فأورثه تناقضا واضطرابا، وأولده ما يردّ وينكر، ويلحق به المذمة والمسبّة، وبسببه يُقبِر قبل أن يقبَر .
وبالنظر إلى طرحه : فطرحه لا يحق حقاً ولا يبطل باطلاً، إنما هو توصيف شابه التطفيف، وهو عندي من باب إعجاب كل ذي رأي برأيه، نذكره ونذكر معه قول مؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين الذهبي – رحمه الله تعالى "كل من تكلم في غير فنّه أتى بالعجائب" (3) هذا أولاً .
ثانياً : مما لوحظ أيضاً في طرحه : أنه تارة يعول في الحكم - على التصوف والمتصوفة- من خلال النهج - الأتباع، وتارة يعول على المنهج، فتراه قد فرق بين التصوف الإيجابي – وهو مرامه، ويعني المشارك له في مشربه، ولا يوجد- والآخر الإنكفائي الإنهزامي الهزلي – كما وصف في مواطن .
فالاستبيانات والإحصائيات التي تبجح بها وزعم أنه تفرد بها؛ مردها لاعتباره النهج، ثم تراه ص(41) يعول على المنهج لا النهج(4) في اضطراب - من اضطرابات - في المنهجية، دال على ضعف في الناحية العلمية والعقلية، ولو عقل وعلم لوقف على أنه لا يسلم له التصوف كمنهج ولا نهج، وسَلم وسُلم منه .
ثالثاً : ومما لوحظ أيضاً على هذا الكتاب ومنهجيته أنه يأتي بالقبول ثم يردفه بالردّ! متسربلا ومتسرولا بأسلوب القدح بما يشبه المدح! موافقة لثعلبية كل ذي غِلّ على الإسلام وأهله – حكام ومحكومين - في منهجية نافرة عليه ثائرة، ولك أن ترجع للمقدمة(5) ص (8) لتقف على محصلة تطوافه الأعمى حول رَحى التصوف .
رابعاً : لقد أبى البحث أن يسطّر لنا انفراد أو استقرار صوفي بمنصب سياسي، كما امتنع المنهج الصوفي عن موافقته على ذلك، بل أورد الكاتب نفسه ما يخالف ذلك تتبعاً واستقراءا :
فمن قبيل الأول : ينقل في ص44 دراسة ميدانية عن عدم معرفة الشباب للطرق الصوفية أو عن أسمائها بل وينقل عنهم أن وجودها غير ضروري!!
قلت : كيف لو وقفوا على مفردات مناهجها ؟!!! .
ومن قبيل الثاني : نقل الكاتب ص(49) عن مؤرخ التصوف الدجال الهالك الشعراني – أخمد الله تعالى ذكره- حمدهم لله تعالى على سلامته من السياسة !!!
وبذا - وذا فقط - ينهدم بنيان بحثه ويظهر تناقضه واضطرابه – وهما فرعا الجهل - ويأبى هؤلاء إلا الحديث عن "التصوف والسياسة" "التصوف والجهاد" "التصوف والإصلاح" !!!
الأمر الذي حَدَى بنا إلى القول أن هؤلاء في الحقيقة لم يعرفوا التصوف، مع كونهم لم يستضيؤا بنور الوحي، فوقع منهم الخلط ، وفحش فيهم الخطأ، وكان حقهم الصمت، وواجبهم السؤال .
بَيد أنهم ركبوا العناد واعتلوا اللجاج وصاحوا – تواريا- مشهرين أسنة : منهجية البحث تارة، وأدب الخلاف تارة، واحترام الرأي الآخر تارة أخرى!!!
وبدورنا نقول :
تباً تباً .. لأدبيات البحث العلمي إذا كان يقبر الحقائق ويقلل من البوائق؛ استعلاءاً بالباطل .
سحقاً سحقاً .. لأدبيات الخلاف إذا كانت تُهول الباطل وتُهون من الخلاف العقدي، وتُميع كبرى القضايا؛ مراعاة للوشائج .
الخسار الخسار .. على عبدة الذوات والجاه، الذين يصرفون الوجوه إليهم تشبعاً، ويظنون أنهم على شيء .
نحن – يا هذا وكل هذا - نريد طرحاً خالصاً لله تعالى متبعاً للحق أينما توجهت ركائبه، طرحاً أميناً رصيناً، قوياً بالدليل، متيناً في التدليل، واضح المباني جليّ المعاني، ينصر الحق وأهله ويبطل الباطل وأهله.
واجب علينا أن نستصحب الصدق في سيرنا إلى الله تعالى، في كل أحوالنا، في جميع أعمالنا، فإن رام ناصح أو كاتب التحول بالتصوف إلى الخير، لا يلقي به إلى غيابات ودهاليز ومدارك السياسة، بل -وهو فصيل محسوب على الدين- يرشده إلى الاتباع ونبذ الابتداع، ولكن كيف يقود أعمى أعشى؟!
أيا خفافيش : احذروا شمس الحق ونور الدليل! ألا .. فتحسبوا للقيام والمثول للسؤال بين يدي الجليل!.
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 4
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
((( الموضوع )))
تقدم معنا القول بأننا سنتعرض بالنقد والنقض لهذا الكتاب ذي الشطحات ، تخصيصا فيما يتعلق بالناحيتين الإيمانية والأمنية للتلازم بينهما – قوة وضعفا - من جهة، ولأن في حفظهما وتقويتهما صلاح الصدور والدور من جهة أخرى، فنقول مستعينين متوكلين، راجين التسديد والتوفيق، مقدمين ما حقه على الدوام التقديم :
((( أولاً : الناحية الإيمانية )))
( شطح ) في تزيين الشرك والتبجح به، والتجني في الحكم تبعا لفساد التصور وجريا مع شريعة الهوى ينقل الكاتب في سكرة هواه في ص42 : " لقد حدثت ثورة تامة في التقاليد والديانات والعادات الاجتماعية، ومع ذلك ظلت ضفاف النيل كما في الماضي هي المكان الذي تحترم فيه أجداث الموتى وترابهم أكثر من أي مكان آخر"
قلت : ومقصده بالقبور - كما دلّ عليه مشربه، مع السباق والسياق واللحاق- الأضرحة وما يطاف بها من مظاهر شركية لا شرعية .
ومرامه بالتعظيم المزعوم ذاك الممنوع لا المشروع، في محاداة حادة للشرع، وظلم ظالم لأربابه المصريين .
والسؤال :
هل يعدّ ذا ( ثورة في التقاليد والديانات والعادات... )؟!
وهل ما أثمرت الثورة المزعومة إلا الاحتفاظ بالشركيات! بل واحترامها كما زعمت؟!
وهل يعدّ ذا نصر يفرح له ويتبجح به؟! وإن كان، هل يعدّ منقبة لمصر والمصريين؟!!! خبت وخسرت، وخاب سعيك - وأشباهك - ولا بدّ .
( شطح ) وفي ص56 : ينقل لنا أثر الموالد والنذور على أهل المكس والفجور فيقول : "ويروي الجبرتي في تاريخه ما يفيد بهيمنة السادات ( أحد كهنة التصوف ) الكاملة على الطرق الصوفية، وقد استولى على نظارة المشهد الحسيني والشافعي والزينبي والنفيسي وبقية الأضرحة، وكان يحاسب القائمين على خدمة الأضرحة وجامعي النذور حساباً عسيراً فاستولى بذلك على أغلب ما تضره الموالد من عطايا، وما تجمه الأضرحة من أموال، فاغتنى وبتر، اقتنى كل ما لذ وطاب وعاش عيشة تشبه حياة الأمراء والملوك"
قلت - منبها للكاتب ومن على شاكلته : وهكذا هي عيشة كهنة التصوف في القديم والحديث، مملكة من الأوهام والخرافات، عُمُدُها الأشباح، أدواتها - مع ما تقدم من استحلال المحرمات - تسخير مجانبو الفلاح أرباب الطلاح ليكونوا عندهم خولا، يغدون ويرحون عليهم بالقينات والأقداح وهم في مرح فساح ودون مؤونة أو عناء .
فهل - أيا غافل - يتركون عروشهم وما تضخم به كروشهم وفروشهم دونما عناء، لبلاء السياسة ولولائها ؟
وإن، فهل هم - وهموا مستحلوا المجون أهل الجنون- أربابها ؟
فإن أقررت : خُصمت .
وإن كابرت وأبيت، فأنت والحالة هذه قمِنٌ أن تكون آحادهم أو تحتهم!! والله تعالى العاصم() .
( شطح ) وفي الإساءة إلى الدين الحنيف - كما الإساءة إلى الموحدين من المصريين - ينقل لنا الكاتب ما يستحى ذكره، ويخجل من تدوينه، وما ينبغي قبره استحياءا من الله تعالى ثم صالحي خلقه، فيقول في ص(42-43) وهو يتكلم عن مدى التجذر الصوفي في المجتمع المصري -زعم - بتحليله لظاهرة إرسال الرسائل للإمام الشافعي - أي : وهو في قبره، قد بلى - والتي : " تأتي من كل أنحاء مصر تقريباً ودراسته للخلود في حياة المصريين فقد أحصى مئات الخطابات التي تجيء إلى ضريح الشافعي بالقاهرة، وحلل مضمونها فوجدها تطلب منه ( !!! ) الحكم العادل في قضايا الناس ورفع الظلم عن كاهلهم والانتقام لهم ممن آذوهم() كم تطلب منه شفاء الأمراض، وتشغيل العاطلين، وإصلاح المتخاصمين، وتزويج العوانس والعزاب، وإعادة الغائب والمسافر، بل تتجاوز كل هذا إلى طلب مساعدته في إفناء إسرائيل" أهـ .
سبحان الله!!! وأمام هذا الانحطاط الشركي والفكري يخرس الكاتب وما كان ينبغي له ذلك!!! كيف وقد ساقه في معرض الثناء؟!
فأي سياسة هذه التي يدعو إليها هذا الكاتب، وما علاقة ما ذكر بالسياسة ؟ وهل السياسة تقبل هذا الشطح ؟! () وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سنقلبون .
( شطح ) وفي ص (43-44) ينقل : "إن الطقوس والأفكار الصوفية تمكنت من المجتمع المصري تمكناً بارزاً لدرجة أن الحياة المصرية لا تفهم على وجهها الصحيح إلا بدراسة الأثر الاجتماعي للتصوف، إذ أصبح لأرباب الطرق أثر عميق في تشكيل الوجدان العام للإنسان المصري وبصمة واضحة على كل قيم، ونظرة سريعة على القاهرة مثلاً كفيلة بأن توضح هذا الرأي وضوحاً كاملاً، فعدد كبير من أحيائها مسماة بأسماء الأولياء مثل السيدة زين والحسين والإمام الشافعي وبولاق أبو العلا وباب الشعرية نسبة للإمام عبد الوهاب الشعراني ... إلخ بل إن تسمية القاهرة بمصر المحروسة يبدو أنه راجع إلى معتقد شعبي لا يزال سائداً وهو أن العاصمة المصرية مشمولة برعاية وبركة بعض رموز آل بيت النبي – صلى الله عليه وسلم- وأولياء الله الصالحين"
قلت : سبحانك هذا بهتان عظيم! نقول هذا وننزل إلى الكاتب - اضطرارا لا اختيارا- لنرى مع انحطاطه تقهقره، فيقول بُعَيد النقل المتقدم – ودعوى التمكن- مستدركاً، بل ومبطلاً هادماً لبنيانه! أشبه حالاً بالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً إذ يقول : "ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أن أغلبية المصريين منضوية تحت راية التصوف، بل العكس هو الصحيح"
ويأتي السؤال : لما ؟ ومن أين استقت الغالبية المُنكِرة قيمها ؟ وبما سما وجدانها ؟ وما صلته ورتبته إزاء ما ادعاه - جهلا- أنه نتاج التصوف ؟ وسيأتي .
ثم يعود في اضطرابه لغلبة هواه فيقول : " فالجيل الجديد على الأقل يجهل الكثير عن الطرق الصوفية وإن كان ولعه بالموالد وزيارة الولياء لا يزال متواجداً"
قلت : أيا هذا الحب فرع المعرفة، فالمرء لا يحب ولا يبغض إلا بعد معايشة – سمعية أو بصرية- فكيف تدعي ولعا مع جهل؟! إنه الجهل .
والحق : إن من ذكرت ممن يذهبون إلى تلكم الموالد؛ يذهبون لغفلتهم – كما هو معلوم للقاصي والداني- لكونها مواقع الرذيلة ومواطن الفجور وتعاطي المجون و...
فأي قيم هناك؟ وما طبيعة ذاك الوجدان؟! وهل من ذكرت أهل للاستبيان؟! قد يقبلوا! لكن عند أشكالهم .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 5
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
( شطح ) وفي ص 55 ينقل : "ولهذا كان الشيخ يعطي عقول المريدين الفكر، وقلوبهم الحكمة، وأرواحهم النور، وأنفاسهم الشذى"
قلت : لا إله إلا الله! هداكم الله، ماذا بقي لله تعالى ورسالاته؟!! .
( شطح ) ومن عجيب فهم الكاتب - ذي القفا العريض - أنه يُرجِع تلك الممارسات الشركية إلى ولاة الأمر، ففي ص81 يقول : "فظاهرة التعلق بالأولياء واللجوء إليهم لاستجلاب الخير ودرء الشر تسري بكثرة في القطاعات المقهورة من السكان، وخصوصاً حين يعم الجهل والعجز وقلة الحيلة وحيث يتعرض الإنسان لدرجة عالية من الإستلاب، فالإنسان المقهور يكون بحاجة إلى قوة تحميه، تجسدت في الأولياء فهم المحامون والملاذ... ولذا نرى أن الجماهير المقهورة تتجمع حول أضرحة الأولياء كما يتجمع أعضاء حزب معين حول شخص زعيمهم"
سبحان الله ! أهذا طرح مسلم ؟ أهذا فهم مسلم ؟ أهذا يقوله مسلم ؟ أيجهل خطر هذا مسلم(8) ؟
بل أيقبل هذا سياسي أو اجتماعي أو حتى همجي، أم يصرخون في وجه قائله موبخين ومقرعين، منكرين ومنبهين، قائلين : دعنا من هذه الدروشة، انخلع من تلك الشركيات، انقشع واستغفر .
نذكر هذا ونذكر معه قول الأول : " ضرطت فلطمت وجه زوجها "
ولا يفوتنا هنا تدوين إقراره بأن تلك الممارسات الشركية ناتجة عن جهل يتعاطها كل جهول! – مع غض الطرف عن كون مقصوده الجهل الاجتماعي لا الشرعي .
وهنا يبرز سؤال بل أسئلة : ما تأثير ذلك على الناحيتين : الاجتماعية والسياسية؟
وآخر : ما حكم من يدعو أولئك – والحالة هذه- لذاك ؟ وما الثمرة ؟
أَمَا كان الواجب أن يدعوهم – أول ما يدعوهم- إلى العلم – ليرتفع عنهم الجهل – فيبصروا؟! وأنا بدوري – أؤكد للكاتب وللمتصوفة ومن لف لفهم- لو أبصروا؛ لرجموكم والتصوف .
( شطح ) ثم بعدها يدور في رحاه فيرجع إلى تزيين الشرك ثانية إذ يقول : "إن الإنتماء إلى إحدى الطرق الصوفية يعني إتاحة الفرصة للمريد ليجد نموذجاً اجتماعياً يقيه من الشعور بالعداوة وعقد النقص والذنب الفردي أو الجماعي" إهـ
قلت : وهذا وما تقدم جهالات وشركيات يتنزه عنها مجتمعنا وإن كان شرذمة قليلون متلوثون بوحلها فعمَّا قريب يكون - بعد هداية الله تعالى - على السنن تطهيرهم .. والله المستعان .
( شطح ) وفي ص83 يقول : "وسمحت الصوفية بأفكارها وطقوسها بتجنيد المهمشين والمسحوقين في المدن وفتحت الطريق أمام حركات الفتوات مثل الشطار والعيارين، وانظم إليها القتلة وقطاع الطرق واللصوص وأصبحوا من مريديها متكئين على سماحتها المفرطة وأغانيها وأناشيدها التي تعطيهم الأمل في التوبة وتقلل من استهجان أفعالهم فها هو نشيد صوفي يقول:
قولي على ناس حرامية وناس نشالين
يقوموا في الضبب والناس غفلانين
إن كنت ولد شاطر تعرف الألف من الميم
هات لي خبر دول اللي حارسهم مين
حارسهم الخضر وإلياس ومرسي أبو العباس، وفي جنة الخلد قاسوا لهم فدادين" .
يقوموا في الضبب والناس غفلانين
إن كنت ولد شاطر تعرف الألف من الميم
هات لي خبر دول اللي حارسهم مين
حارسهم الخضر وإلياس ومرسي أبو العباس، وفي جنة الخلد قاسوا لهم فدادين" .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 6
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
بادئ ذي بدء : أستهل المقام بسؤال استقراري استنكاري :
فأقول للكاتب : أيا هذا .. هذا المذكور عاليه - وقد سيق في معرض الثناء لا الذم، المدح لا القدح، الإقرار لا الإنكار - مندرج - وفق تقسيمك - تحت التصوف الانفعالي أم الانكفائي الهزلي(9) ؟ استح ! .
سبحان الله .. ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم .
ألم يعلموا أن الله تعالى لا يغفر أن يشرك به ؟
ألم يعلموا أن الشرك ظلم عظيم، وأثم مبين، وضلال بعيد ؟
ثانياً : بيان أن أولئك "ما لهم من دليل على حبهم للرسول – صلى الله عليه وسلم- وآل بيته – رضي الله تعالى - سوى تلك "التواشيح" التي يتغزلون بها في العيون الحوالم النُّعس، والشفاه الظوامئ اللُّعس والأهداب المسبلات في إغراء على لهب من الورد يتوهج في الخدود النضّر، تلك هي أدلتهم ! ويا لها من أدلة !
حياة كلها خطايا، وقلوب أربابها رمم معبودة، ونفوس آلهتها جيف، وأفكار كلها للأساطير، وحياة ميتة، ووجود يفزع منه العدم، ودنيا خمول خامد تعصف بها الذلة" "هذه هي الصوفية"ص(162)
ثالثاً : تساءل : متى كانت الأغاني والأناشيد والشركية خصوصاً طريقاً للتوبة والقبول؟! ولم لم يأت نص لإبراز هذا الفصّ؟ وهل وسائل الدعوة حمى مستباح لكل نبّاح وسفاح ؟ .
على كل حال : نظرت فلم أجد أجمل وأجمع مما ذكره شيخ الإسلام العلم الإمام – رحمه الله تعالى- في الباب، فإليكموه :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- وقد : "سئل عن جماعة يجتمعون على قصد الكبائر من القتل وقطع الطريق والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك، ثم إن شيخاً من المشايخ المعروفين بالخير واتباع السنة قصد منع المذكورين من ذلك، فلم يمكنه إلاّ أن يقيم لهم سماعاً يجتمعون فيه بهذه النية، وهو بدف بلا صلاصل وغناء المغني بشعر مباح بغير شبابه، فلمّا فعل هذا تاب منهم جماعة، وأصبح من لا يصلي ويسرق ولا يزكي يتورع عن الشبهات ويؤدي المفروضات، ويجتنب المحرمات، فهل يباح فعل هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه، لما يترتب عليه من المصالح؟ مع أنه لا يمكنه دعوتهم إلاّ بهذا ؟
فأجاب - رحمه الله تعالى – بإسهاب دال على استيعاب، نستل منه قوله : " ... إن الشيخ المذكور قصد أن يتوب المجتمعين على الكبائر، فلم يمكنه ذلك إلاّ بما ذكره من الطريق البدعي، يدلّ أن الشيخ جاهل بالطرق الشرعية التي بها تتوب العصاة، أو عاجز عنها، فإنّ الرسول- صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هو شرٌّ من هؤلاء من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطرق الشرعية، التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية" أهـ انظر "مجموع الفتاوى" (11/620 –635)
رابعا : نفي عجب من تعجب – وحُقّ له ذلك- من قولهم (... وفي جنة الخلد قاسوا لهم فدادين ) ببيان أنه إفراز الخطل والخبل ونتاج الشطط والشطح، تلكم السمات التي تميز به المنهج الصوفي خصوصا، ومناهج الابتداع عموماً .
هذه الشركيات والخبالات ينقلها الكاتب دون خجل ولا وجل ولا حياء، ينقلها الدعي في زمن العلم، وجولة التوحيد والسنة، فما أحمق من يسعى بنفسه إلى حتفه! ما أشبه بالنعجة التي سعت بظلفها إلى زبحها .
على كل حال : إن تعجب، فالعجب الأشد إذا علمت أن لهم فيما سلف : سلف كَسَند(10) .
( شطح ) وفي 180وقوع الكاتب في الشرك القولي إذ قال : "ولولا نضال مشايخ الصوفية مثل ... لتغير التركيب الديني الراهن لإفريقيا تماماً "
وفي ص(81) ذكر "فالإنسان المقهور يكون بحاجة إلى قوة تحميه تجسدت في الأولياء، فهم المحامون والملاذ"إهـ قلت : معاذ الله! فالقوة قوى مطلقة هو الله تعالى كما هو الحفيظ المستعاذ المستعان .
وكذلك قوله في ص(184) وهو يتحدث عن أحد كهنة التصوف : " واستطاع بعلمه وتقواه أن يجذب الناس إليه ..." إهـ وكان الواجب أن يقال : واستطاع بالله تعالى .
أما عن تعليله ونصب مناط نصرته وتمكينه : العلم والتقوى، فلا علم عند التصوف ولا تقوى، ولو كان ما كان .
إذا علمت هذا، واستصحبت معه إقراره مه تبجحه كيف أنه مارس طقوسهم، وقفت على أن الكاتب وقع في الشرك القولي والفعلي، والآفة الجهل ! اللهم سلّم سلّم .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 7
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
( شطح ) التصوف والقبور، ودعواه أنها مسألة مصيرية :
وفي ص(144) قال الكاتب وهو يتكلم عن تسامح الطرقيين ( !!! ) مع القوة الإسلامية الأخرى المخالفة لهم بل والمجتمع عامة كما ادعى : " فكانت الإجابات تدلّ على التسامح اللهم إلا ما يتعلق بالتشكيك في كرامات الأولياء وفائدة الأضرحة، فقد كان هذا هو الأمر الوحيد الذي لا يقبل المتصوفة فيه نقاشاً ويبدون فيه تعصباً نسبياً وربما يعود هذا إلى أن تلك المسألة تتعلق بوجودهم ونفيها أو التشكيك فيها هو تشكيك فيهم ونفي لهم في البداية" .
وأقول : في بيان حقيقة قبور التصوف وتنوع آلهتها :
" لقد هان على بعض المسلمين دينهم؛ حتى صار من السهل عليهم أن يعبدوا ضرائح الكفار، وقد تستبعد أن يحصل من بعض المسلمين التوجه إلى قبور وضرائح دفن فيها كفار قائلا : إذا كان الإسلام يحارب توجه المسلمين إلى قبور الأنبياء والصالحين، فكيف يهون على هؤلاء أن يذهبوا إلى عبادة قبور الكافرين؟! .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- كما في "مجموع الفتاوى"(27/460) : " وكذلك بدمشق الجانب الشرقي مشهد يقال إنه قبر أبي بن كعب وقد اتفق أهل العلم على أن أبي لم يقدم دمشق وإنما مات بالمدينة فكان بعض الناس يقول : إنه قبر نصراني وهذا غير مستبعد فإن اليهود والنصارى هم السابقون في تعظيم القبور والمشاهد..."
ولقد ذكر صاحب كتاب "الألوهية في العقائد الشعبية"ص(29) قال : فعندنا قبر أبي حصيرة ذلك الولي اليهودي الذي انكشف انتماؤه لليهود ـ فقط ـ بعد أن بدأ اليهود يترددون على قبره في عمق الدلتا"
وقال في نفس المصدر : " كما رأيت المسلمين في بعض المناسبات يرسمون الصليب على جباه المحسودين والمرضى, ويذهبون إلى الكنيسة ليستخرج لهم القسيس جنيا استعبد أحدهم..."
و ذكر : أن بعض المسلمين في الهند يعبدون ضريحا من الهندوس عبّاد البقر"
وفي ص(30) "وفي مصر يقصد المصريون المسلمون والنصارى على السواء كنيسة (سانتا تريزا) بشبرا للتبرك وقضاء الحاجات"
وفي ص(31) ذكر زيارة بعض المسلمين للضريح القبطي (العجايبي) بمنطقة (المنيا المصرية) وفي إحدى قرى المنيا يذهب المسلمون إلى ضريح (أبي ناعون) وهو من الأصنام الفرعونية،.
وذكر بعض المؤلفين العصريين أن (بوذيا) كان يعبد في الهند ثم تحول إلى ولي .
وفي السودان عملت قبة على قبر الشيوعي (يانغ تشي تشنغ) في مدينة (ودمدتي)
وفي الجزائر ضريح يعبده المسلمون ثم اكتشف أنه قبر مسيحي وجدوا عليه الصليب في قبره .
وقد تقدم ذكر تحويل قبر نصراني في مصر إلى مشهد للحسين بن علي رضي الله عنهما.
ولو تتبعنا هذا لطال بنا المقام ولكن ما ذكر فيه الكفاية" بتصرف من كتاب"تحذير المسلمين من الغلو في قبور الصالحين" ص(24-25)
ولما استقر في النفوس من أنه ليس للبدع حدّ، تبدأ صاغرة صغيرة ثم تصير كبيرة حقيرة، فقد وجد للتصوف
" أولياء من الكلاب والحمير والخنـازير وسائر الحيوانات .
إن عباد القبور لا يعافون شيئا بل يجعلون لهم أصناماً من أحقر أنواع الحيوانات كالكلاب والحمير .
قال صاحب كتاب "الألوهية في العقائد الشعبية" : " العقلية العامية استباحت طواف حمار سيدي عبد العالي...".
وقال ص(29) : "رأيت بعيني قبر كته شاه" الكلب البنغالي .
وفي ص(22) قال : "وقد حُدِّثتُ عن حمير وكلاب يطاف حولها" .
وقال أيضا : "رأيت بنفسي في بنجلاديش (دكا) مزارا لكلب يدعوه العامة هنالك (كته شاه)
وهناك أيضا : ضب، وتمساح، وسلحفاه، تعد من الأولياء .
وذكر بعض المؤلفين العصريين أنه يوجد مقام الشيخ خنيزير " بالقرب من عمان وأصله خنـزير بري قتله صياد .
وذكر صاحب كتاب "الانحرافات العقدية والعلمية" ص(300) أن البلدية في مصر عزمت على نقل ضريح من إحدى الطرق ففوجئت أن القبر فيه عظام حمار.
وذكر غير واحد من المؤلفين العصرين أنه يوجد حيّة في مصر تنسب إليها المعجزات وتعبد بكل أنواع العبادات"."تحذير المسلمين من الغلو في قبور الصالحين" للشيخ محمد الإمام اليماني-زاده الله توفيقا ص(25-26)
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 8
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
و"يصف الجبرتي ما كان يحدث في مولد العفيفي- وكأنما يصف موالد اليوم :
" ينصبون خياماً كثيرة، وصواوين ومطابخ وقهاوي، ويجتمع العالم الأكبر من أخلاط الناس وخواصهم وعوامهم، وفلاحي الأرياف، وأرباب الملاهي، والملاعيب، والغوازي، والبغايا، والقرادين، والحواة، فيملئون الصحراء والبستان، فيطئون القبور، ويبولون ويتغوطون، ويزنون ويلوطون، ويلعبون ويرقصون، ويضربون بالطبول والزمور ليلاً ونهاراً، ويجتمع لذلك الفقهاء والعلماء، ويقتدي بهم الأكابر من الأمراء والتجار والعامة من غير إنكار، بل يعتقدون أن ذلك قربة وعبادة! ولو لم يكن ذلك؛ لأنكره العلماء!!! فضلاً عن كونه يفعلونه!!!! فالله يتولى هدانا أجمعين" "هذه هي الصوفية"ص(161)حاشية
يقول سيد سابق – عفا الله تعالى عنه- صاحب "فقه السنة" : " وكم نرى عن تشييد أبنية القبور و تحسيينها مفاسد يبكى لها الاسلام... منها إتقاد الجهلة فيها كأعتقاد الكفار في الاصنام و عظموا ذلك فظنو أنها قادرة على جلب النفع ودفع الشر فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب وسألوا منها ما يسأل العباد من ربهم و شدوا لها الرحال و تمسحو بها و استغاثوا
وبالجملة : أنهم لم يدعو شيئا مما كانت الجاهلة تفعله بالاصنام إلا فعلوا فإنا لله وإنا اليه راجعون ومع هذا الكفر الشنيع لا تجد من يغضب لله ويغار حميه للدين الحنيف .
وقد تواترت إلينا الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرا من هؤلاء القبوريين أو اكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمة حلف بالله فاجرا فإذا قيل بعد ذلك بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وأبى واعترف بالحق وهذا من أبين الأدلة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة" "فقه السنة" ص(1-549)
حقيقة عبادة الصوفية : "… هي لأصنام القبور سجود وتسابيح، ولجلاميدها الصم عبودية، تطفح بالخشية منها والتقوى لها واللياذ بها، والذهول المستغرق إلا عنها !
ألا ترى مساجد الله خراباً، ومعابد القبور تمور بالحشود المحشودة فيها من كل صوب وحدب؟
ألا ترى مساجد الله التي طهرها الله من أوثان الأضرحة، خاوية على عروشها، أما المعابد التي جثم على صدرها قبر ميت، وثوت فيها رمتها، أو وهمه، فتضيق – على رحابها الفساح - بالآمين لها رجاء بركات القبر، والرمة البالية، أو الوهم الخرافي المشيد عليه القبر، أو العظام المنوعة من حيوانات شتى لتنصب النذور على السدنة؟!
ألا ترى تلك المعابد ينفق على فرشها وإضاءتها وتبخيرها الألوف؟! أما مساجد الله فتهجر.
ما عبادة الصوفية ؟!
أهي تلك النذور يحفدون بها إلى الجيف؟
أهي هذا السجود على عتبات الأصنام دوخها وطء النعال؟!
أهي هذا التقبيل الملهوف العاشق لأحجار الأوثان رجاء سلسبيل رحمة منها ومغفرة ؟
أهي هذا التوسل إلى الله بعظام نخرة ؟
أهي هذا الدعاء العريض بالهامدين في القبور، ينشدون منها مدد الحياة وروح الخلود ؟
أهي تلك الأوراد الشركية ينعق بها الصوفية تحت سجوات ليليهم ؟
أهي هذا الحلف بالقبور والهامدين فيها، وجعل الحلف بالله عرضة للفرار من ذنب أو جريرة ؟" انتهى بتصرف من"هذه هي الصوفية"للوكيل ص(147-148)
ولأجل ذلك : قام الشيخ الوكيل - رحمه الله تعالى- فقال " دعوا المواخير مفتحة الأبواب، ممهدة الفجاج، ومباءات البغاء تفتح ذراعيها الملهوفتين لكل شريد من ذئاب البشر، وحانات الخمور تطغى على قدسية المساجد، وأقيموا ذهبي الهياكل للأصنام، وارفعوا فوق الذُّرى منتن الجيف، ثم خروا ساجدين لها، مسبحين باسم ابن عربي وأسلافه وأخلافه .
فقد أباح لكم أن تعبدوا الجيفة، وأن تتوسلوا إلى عبادتها بالجريمة!!
ذلكم هو دين التصوف في وسائله وغاياته، وتلك هي روحانيته العليا!!
ألا فاسمعوها غير هيابة ولا وجلة، واصغوا إلى هتاف الحق يهدر بالحق من أعماق الروح:
إن التصوف أدنأ وألأم كيد ابتدعه الشيطان ليُسخّر معه عباد الله في حربه لله ولرسوله
إنه قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع كل صوفي العداوة للدين الحق، فتش فيه تجد برهمية وبوذية وزرادشتية ومانوية وديصانية، تجد أفلوطينية وغنوصية، تجد فيه يهودية ونصرانية ووثنية جاهلية" مقدمة "مصرع التصوف" ص(8)
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 9
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
ونقل الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح- رحمه الله تعالى-عن ابن عقيل- رحمه الله تعالى- في سلف المتصوفة الطالح وعبادتهم للقبور والقباب والمشاهد وتبرأه منها كما تبرأنا منها :
" أنا أبرأ إلى الله تعالى من جموع أهل وقتنا؛ في المساجد والمشاهد ليالي يسمونها"إحياء"لعمري إنها لإحياء أهوائهم، وإيقاظ شهواتهم، جموع الرجال والنساء مخارج، الأموال فيها من أفسد المقاصد وهو الرياء والسمعة، وما في خلال كل واحد من اللعب والكذب والغفلة.
ما أحوج الجوامع أن تكون مظلمة من سراجهم، منزهة عن معاصيهم وفسقهم، مردان ونسوة وفسق…"أفحكم الجاهلية يبغون"سورة"المائدة"الآية(50)"ما لكم لا ترجون لله وقارا"سورة"نوح"الآية(13)
وقال : أترى بماذا تتحدث عنك سواري المسجد في الظلم، وأفنية القبور والقباب، بالبكاء من خوف الوعيد والتذكرة للآخرة ؟ بنظر العبرة إذا تحدثت عن أقوام ختموا في بيوتهم الختمات وصانوا الأهل اتباعاً للنبي - صلى الله عليه وسلم- حيث انسل من فراش عائشة- رضي الله عنها- إلى المسجد، لا جموع ولا شموع .
طوبى لمن سمع هذا الحديث فانزوى إلى زاوية بيته فانتصب لقراءة جزء في ركعتين بتدبر وتفكر .
فيا لها من لحظة ما أصفاها من أكدار المخالطات وأقذار الرياء، غداً يرى أهل الجموع أن المساجد تلعنهم، والمشاهد والمقابر تستغيث منهم…""الآداب الشرعية والمنح المرعية"(3/266-267) دار الكتب العلمية- الطبعة الأولى 1417هـ
نسف الشبهة الإبليسية أن عبادة القبور مسألة مصيريه :
جاء في كلام العلامة الفهامة شمس الدين ابن القيم – رحمه الله تعالى– إذ قام مبيناً ومحذراً من مصايد الشيطان لأرباب القبور، قائلا :
"ومن أعظم مكايده التي كاد بها أكثر الناس، وما نجا منها إلا من لم يرد الله تعالى فتنته : ما أوحاه قديما وحديثا إلى حزبه وأوليائه من الفتنة بالقبور.
حتى آل الأمر فيها إلى أن عبد أربابها من دون الله، وعبدت قبورهم، واتخذت أوثانا، وبنيت عليها الهياكل، وصورت صور أربابها فيها، ثم جعلت تلك الصور أجسادا لها ظل، ثم جعلت أصناما، وعبدت مع الله تعالى.
وكان أول هذا الداء العظيم فى قوم نوح، كما أخبر سبحانه عنهم فى كتابه، حيث يقول : {قَالَ نُوحٌ رَب إنهم عَصَوْنِى وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلا خَسَارًا * وَمَكرُوا مَكْرًا كبَّارًا * وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} [نوح: 21-24] ...
وقال غير واحد من السلف: كان هؤلاء قوماً صالحين فى قوم نوح عليه السلام، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوّروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين : فتنة القبور، وفتنة التماثيل. وهما الفتنتان اللتان أشار إليهما رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى الحديث المتفق على صحته عن عائشة رضى الله تعالى عنها : " أَنَّ أُمَّ سَلمَةَ رَضىَ اللهُ تعالى عَنْهَا ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ تَعالى عليهِ وَآلِه وَسلمَ كَنِيسَة رَأَتْهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، يُقَالُ لهَا: مَارِيَة. فَذَ كَرَتْ لَهُ مَا رَأَتْ فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله تعالى عليه وآله وسَلّم : أُولِئكَ قَوْمٌ إذَا مَاتَ فِيهِمُ الْعَبْدُ الصَّالِحُ، أوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولِئكَ شِرَارُ الْخَلقِ عِنْدَ اللهِ تَعالَى". وفى لفظ آخر فى "الصحيحين" : " أنَّ أُمَّ حَبيبَةَ وَأُمَّ سَلمَةَ ذَكَرَتَا كنَيِسَةً رَأَيْنَهَا " فجمع فى هذا الحديث بين التماثيل والقبور، وهذا كان سبب عبادة اللات .
فروى ابن جرير بإسناده عن سفيان عن منصور عن مجاهد : {أفَرَأيْتُمُ الَّلاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19]. قال : " كان يلت لهم السويق. فمات، فعكفوا على قبره". وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما : " كان يلت السويق للحاج" .
فقد رأيت أن سبب عبادة وَدّ ويغوث ويعوق ونسراً واللات إنما كانت من تعظيم قبورهم ثم اتخذوا لها التماثيل وعبدوها كما أشار إليه النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.
قال شيخنا : " وهذه العلة التى لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور هى التى أوقعت كثيراً من الأمم إما فى الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك .
فإن النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، وتماثيل يزعمون أنه طلاسم للكواكب ونحو ذلك .
فإن الشرك بقبر الرجل الذى يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر.
ولهذا نجد أهل الشرك كثيراً يتضرعون عندها، ويخشعون ويخضعون، ويعبدونهم بقلوبهم عبادة لا يفعلونها فى بيوت الله، ولا وقت السحر.
منهم من يسجد لها. وأكثرهم يرجون من بركة الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه فى المساجد.
فلأجل هذه المفسدة حسم النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مادتها حتى نهى عن الصلاة فى المقبرة مطلقا، وإن لم يقصد المصلى بركة البقعة بصلاته، كما يقصد بصلاته بركة المساجد، كما نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس وغروبها، لأنها أوقات يقصد المشركون الصلاة فيها للشمس. فنهى أمته عن الصلاة حينئذ، وإن لم يقصد المصلى ما قصده المشركون، سدا للذريعة ".
قال : وأما إذا قصد الرجل الصلاة عند القبور متبركاً بالصلاة فى تلك البقعة، فهذا عين المخادعة لله ولرسوله، والمخالفة لدينه، وابتداع دين لم يأذن به الله تعالى.
فإن المسلمين قد أجمعوا على ما علموه بالاضطرار من دين رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن الصلاة عند القبور منهى عنها، وأنه لعن من اتخذها مساجد.
فمن أعظم المحدثات وأسباب الشرك : الصلاة عندها، واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها.
وقد تواترت النصوص عن النبى عليه الصلاة والسلام بالنهى عن ذلك والتغليظ فيه .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 10
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
فقد صرح عامة الطوائف بالنهى عن بناء المساجد عليها، متابعة منهم للسنة الصحيحة الصريحة.
وصرح أصحاب أحمد وغيرهم من أصحاب مالك والشافعى بتحريم ذلك .
وطائفة أطلقت الكراهة. والذى ينبغى أن يحمل على كراهة التحريم إحسانا للظن بالعلماء، وأن لا يظن بهم أن يجوزوا فعل ما تواتر عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعن فاعله والنهى عنه .
ففى "صحيح مسلم" عن جندب بن عبد الله البجلى قال : سَمعتُ رسولَ الله صلى اللهُ تعالى عليهِ وَآله وسلم قبل أنْ يَموتَ بخمْسٍ وَهوَ يقول : " إِنى أبْرَأُ إِلى اللهِ أَنْ يَكُون لِى مِنْكمْ خَلِيلا. فَإنَّ اللهَ تَعَالى قَدِ اتَّخَذَنِى خَلِيلا، كما اتّخَذَ إِبْرَاهِيم خَلِيلاً، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذا مِنْ أُمَّتىِ خَلِيلاً لاتّخَذْتُ أَبَا بكْرٍ خَليلا ألا وَإِنَّ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ كانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائهِمْ مَسَاجِدَ، أَلا فَلاَ تَتَّخِذوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فإِنى أَنْهَاكُمْ عَنْ ذلِكَ ".
وعن عائشة وعبد الله بن عباس قالا : " لمّا نُزلَ بِرَسُولِ الله صلى اللهُ تعالى عليه وآله وسلم طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لهُ عَلَى وَجْهِهِ. فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا فَقَالَ: وَهُوَ كَذلِكَ، لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائهِم مَسَاجِدَ، يُحذرُ مَا صَنَعُوا " متفق عليه .
وفى "الصحيحين" أيضا عن أبى هريرة رضى الله عنه-أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ تعالى عليه وآله وسلم قالَ: " قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائهِمْ مَسَاجِدَ " . وفى رواية مسلم : " لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائهِمْ مَسَاجِدَ" .
فقد نهى عن اتخاذ القبور مساجد فى آخر حياته، ثم إنه لعن وهو فى السياق من فعل ذلك من أهل الكتاب، ليحذر أمته أن يفعلوا ذلك.
قالت عائشة رضى الله تعالى عنها : قال رسولُ الله صلى اللهُ تعالى عليه وآله وسلمَ فى مَرَضِه الَّذِى لَمْ يَقُمْ مِنْهُ : " لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائهِمْ مَسَاجِدَ، وَلَوْلا ذلِكَ لأبْرِزَ قَبُرهُ غَيْرَ أنَّهُ خُشِىَ أنْ يُتَّخَذَ مَسْجِداً" متفق عليه وقولها :(خشى) هو بضم الخاء تعليلا لمنع إبراز قبره.
وروى الإمام أحمد فى مسنده بإسناد جيد عن عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : " إِنَّ مِنْ شِرَار النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ القُبُورَ مَسَاجدَ" .
وعن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : " لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قبُورَ أنْبِيَائهِمْ مَسَاجِدَ " رواه الإمام أحمد.
وعن ابن عباس قال : " لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ تعالى عَليْه وآله وسَلمَ زَائرَاتِ القُبُورِ وَالمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا المَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ " رواه الإمام أحمد وأهل السنن.
وفي "صحيح البخارى" أن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه رأى أنس بن مالك يصلى عند قبر، فقال: القبر، القبر.
وهذا يدل على أنه كان من المستقر عند الصحابة رضى الله تعالى عنهم ما نهاهم عنه نبيهم من الصلاة عند القبور.
وفعل أنس رضى الله تعالى عنه لا يدل على اعتقاده جوازه، فإنه لعله لم يره، أو لم يعلم أنه قبر، أو ذهل عنه. فلما نبهه عمر رضى الله تعالى عنه تنبه .
وقال أبو سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " الأرْضُ كُلهَا مَسْجِدٌ إِلا الْمَقبَرَةَ وَالْحَمامَ " رواه الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة، وصححه أبو حاتم بن حبان.
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 11
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
وأبلغ من هذا : أنه نهى عن الصلاة إلى القبر، فلا يكون القبر بين المصلى وبين القبلة.
فروى مسلم في "صحيحه" عن أبى مرثد الغنوى رحمه الله تعالى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : " لا تجْلِسُوا عَلَى القُبُورِ وَلا تُصَلوا إِلَيْهَا" .
وفى هذا إبطال قول من زعم أن النهى عن الصلاة فيها لأجل النجاسة، فهذا أبعد شئ عن مقاصد الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وهو باطل من عدة أوجه :
منها : أن الأحاديث كلها ليس فيها فرق بين المقبرة الحديثة والمنبوشة، كما يقوله المعللون بالنجاسة.
ومنها : أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد.
ومعلوم قطعاً أن هذا ليس لأجل النجاسة. فإن ذلك لا يختص بقبور الأنبياء، ولأن قبور الأنبياء من أطهر البقاع، وليس للنجاسة عليها طريق البتة، فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم فهم فى قبورهم طريون.
ومنها : أنه نهى عن الصلاة إليها.
ومنها : أنه أخبر أن الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام. ولو كان ذلك لأجل النجاسة لكان ذكر الحشوش والمجازر ونحوها أولى من ذكر القبور.
ومنها : أن موضع مسجده صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان مقبرة للمشركين، فنبش قبورهم وسواها واتخذه مسجداً : ولم ينقل ذلك التراب، بل سوى الأرض ومهدها وصلى فيه، كما ثبت في "الصحيحين" عن أنس بن مالك قال : " لَمّا قَدِمَ النبىُّ صلى الله تعالى عليه وآلهِ وسلم المدِينَة فَنزَلَ بأَعْلَى المدِينَةِ فى حَىّ يُقَالُ لَهُمْ : بَنُو عَمْرو بْنِ عَوْفٍ، فأَقَامَ النّبىُّ صلى اللهُ تعالى عليهِ وآله وسلمَ فيهِمْ أَرْبَعَ عَشَرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلى مَلاء بَنىِ النَّجَّارِ، فَجَاءُوا مُتَقَلدِى السُّيُوفَ، وَكَأَنى أَنْظُرُ إِلى النَّبى صلّى اللهُ تعالى عليْه وآله وسلّم عَلَى رَاحِلَتهِ، وأبو بكر رِدفَهُ، ومَلأُ بَنِى النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حتى أَلْقَى بِفناءِ أبي أَيُّوبَ. وكان يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّىَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ، وَيُصَلّى فى مَرَابضِ الْغَنمِ، وَأنّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فأَرْسَلَ إِلى مَلإٍ بَنى النَّجّارِ، فَقَالَ: يَا بنِى النجّارِ، ثَامِنُونى بحَائِطِكُمْ هذَا. قَالُوا : لا واللهِ، مَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلا إلى اللهِ فكَانَ فيه ما أقُولُ لكُمْ: قُبُورُ المُشْرِكِينَ. وفيه خَرِبٌ. وفيه نخْل. فأمَرَ النّبىُّ صَلّى اللهُ تَعَالَى عَليْهِ وَاله وسلّم بِقُبُورِ المشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخْرِبِ فَسُويَتْ. وَبالنَّخْلِ فَقُطِعَ. فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ، وَجّعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ. وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ. وهم يَرْيَجِزُونَ، وذكر الحديث ".
ومنها : أن فتنة الشرك بالصلاة فى القبور ومشابهة عباد الأوثان أعظم بكثير من مفسدة الصلاة بعد العصر والفجر. فإذا نهى عن ذلك سدا لذريعة التشبه التى لا تكاد تخطر ببال المصلى، فكيف بهذه الذريعة القريبة التى كثيرا ما تدعو صاحبها إلى الشرك ودعاء الموتى، واستغاثتهم، وطلب الحوائج منهم، واعتقاد أن الصلاة عند قبورهم أفضل منها فى المساجد. وغير ذلك، مما هو محادة ظاهرة لله ورسوله. فأين التعليل بنجاسة البقعة من هذه المفسدة ؟
ومما يدل على أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وآله وسلم قصد منع هذه الأمة من الفتنة بالقبور كما افتتن بها قوم نوح ومن بعدهم.
ومنها : أنه لعن المتخذين عليها المساجد. ولو كان ذلك لأجل النجاسة لأمكن أن يتخذ عليها المسجد مع تطيينها بطين طاهر، فتزول اللعنة، وهو باطل قطعاً.
ومنها : أنه قرن فى اللعن بين متخذى المساجد عليها وموقدي السرج عليها. فهما فى اللعنة قرينان. وفى ارتكاب الكبيرة صنوان. فإن كل ما لعن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فهو من الكبائر، ومعلوم أن إيقاد السرج عليها إنما لعن فاعله لكونه وسيلة إلى تعظيمها، وجعلها نصبا يوفض إليه المشركون، كما هو الواقع، فهكذا اتخاذ المساجد عليها. ولهذا قرن بينهما. فإن اتخاذ المساجد عليها تعظيم لها وتعريض للفتنة بها ولهذا حكى الله سبحانه وتعالى عن المتغلبين على أمر أصحاب الكهف أنهم قالوا: {لَنَتَّخذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} [ الكهف: 21]
ومنها : أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : " اللهُمَّ لا تجْعَلْ قَبْرِى وَثَناً يُعْبَدُ. اشْتَدَّ غَضبُ اللهِ عَلَى قَوْمٍ اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"
فذكره ذلك عقيب قوله : " اللهم لا تجعل قبرى وثنا يعبد" تنبيه منه على سبب لحوق اللعن لهم. وهو توصلهم بذلك إلى أن تصير أوثانا تعبد.
وبالجملة ..
فمن له معرفة بالشرك وأسبابه وذرائعه، وفهم عن الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مقاصده، جزم جزماً لا يحتمل النقيض أن هذه المبالغة منه باللعن والنهى بصيغتيه : صيغة " لا تفعلوا " وصيغة " إنى أنهاكم " ليس لأجل النجاسة، بل هو لأجل نجاسة الشرك اللاحقة بمن عصاه، وارتكب ما عنه نهاه، واتبع هواه، ولم يخش ربه ومولاه، وقل نصيبه أو عدم فى تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله.
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 12
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
فإن هذا وأمثاله من النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم صيانة لحمى التوحيد أن يلحقه الشرك ويغشاه، وتجريد له وغضب لربه أن يعدل به سواه. فأبى المشركون إلا معصية لأمره وارتكاباً لنهيه وغرهم الشيطان.
فقال :
بل هذا تعظيم لقبور المشايخ والصالحين. وكلما كنتم أشد لها تعظيما، وأشد فيهم غلوا، كنتم بقربهم أسعد، ومن أعدائهم أبعد.
ولعمر الله، من هذا الباب بعينه دخل على عبَّاد يغوث ويعوق ونسر، ومنه دخل على عباد الأصنام منذ كانوا إلى يوم القيامة. فجمع المشركون بين الغلو فيهم، والطعن فى طريقتهم وهدى الله أهل التوحيد لسلوك طريقتهم، وإنزالهم التى أنزلهم الله إياها: من العبودية وسلب خصائص الإلهية عنهم. وهذا غاية تعظيمهم وطاعتهم.
فأما المشركون فعصوا أمرهم، وتنقصوهم فى صورة التعظيم لهم .
قال الشافعي : " أكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجداً، مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس".
وممن علل بالشرك ومشابهة اليهود والنصارى:
الأثرم فى كتاب "ناسخ الحديث ومنسوخه" فقال - بعد أن ذكر حديث أبى سعيد أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : " جعلت لى الأرض مسجدا إلا المقبرة والحمام" وحديث زيد بن جبير عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر: أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " نهى عن الصلاة فى سبع مواطن، وذكر منها المقبرة"
قال الأثرم : إنما كرهت الصلاة فى المقبرة للتشبه بأهل الكتاب، لأنهم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد".
فصل : ومن ذلك اتخاذها عيداً.
والعيد : ما يعتاد مجيئه وقصده: من مكان وزمان.
فأما الزمان، فكقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأيَّامُ مِنًى، عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلاَمِ ". رواه أبو داود وغيرهُ.
وأما المكان، فكما روى أبو داود فى سننه أن رجلا قال : " يَا رَسُولَ اللهِ، إِنى نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَةَ، فقالَ: أَبِها وَثَنٌ مِنْ أوْثَانِ المُشْرِكِينَ، أَوْ عِيدٌ مِنْ أَعْياَدِهِمْ؟ قالَ: لا. قال: فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ" وكقوله : " لا تَجْعَلُوا قَبْرِى عِيدًا" ...
والعيد: مأخوذ من المعاودة، والاعتياد، فإذا كان اسما للمكان فهو المكان الذى بقصد الاجتماع فيه وانتيابه للعبادة، أو لغيرها، كما أن المسجد الحرام، ومنى، ومزدلفة، وعرفة، والمشاعر، جعلها الله تعالى عيداً للحنفاء، ومثابة، كما جعل أيام التعبد فيها عيدا.
وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية. فلما جاء الله بالإسلام أبطلها، وعوض الحنفاء منها عيد الفطر، وعيد النحر، وأيام منى، كما عوّضهم عن أعياد المشركين المكانية بالكعبة البيت الحرام، وعرفة، ومنى، والمشاعر.
فاتخاذ القبور عيداً هو من أعياد المشركين التى كانوا عليها قبل الإسلام، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى سيد القبور، منبها به على غيره .
فقال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح قال: قرأت على عبد الله بن نافع أخبرنى ابن أبى ذئب عن سعيد المقبرى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلا تَجْعَلُوا قَبْرِى عِيداً، وَصَلُّوا عَلَىَّ فإِنَّ صلاَتَكُمْ تَبْلُغُنىِ حَيْثُ كَنْتُمْ ". صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وهذا إسناد حسن، رواته كلهم ثقات مشاهير.
وقال أبو يعلى الموصلى، فى مسنده: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا زيد ابن الحباب، حدثنا جعفر بن إبراهيم، من ولد ذى الجناحين، حدثنا على بن عمر عن أبيه عن على بن الحسين : أنه رأى رجلاً يجئ إلى فرجة كانت عند قبر النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فيدخل فيها، فيدعو، فنهاه، وقال : ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبى عن جدى عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ؟ قال : " لا تتخذوا قبرى عيدا، ولا بيوتكم قبوراً، فإن تسليمكم يبلغنى أينما كنتم" رواه أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسى فى مختاراته .
وقال سعيد بن منصور في "السنن" : حدثنا حبان بن على، حدثنى محمد بن عجلان عن أبى سعيد مولى المُهْرى قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " لا تتخذوا بيتى عيداً، ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا على حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغنى " .
وقال سعيد: حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرنى سهيل بن أبى سهيل قال: رآنى الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب عند القبر، فنادانى، وهو فى بيت فاطمة يتعشى فقال: هلم إلى العشاء، فقلت: لا أريده، فقال: مالى رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فقال: إذا دخلت المسجد فسلم. ثم قال: إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : " لا تتخذوا بيتى عيداً، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا على فإن صلاتكم تبلغنى حيثما كنتم" ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء.
فهذان المرسلان من هذين الوجهين المختلفين يدلان على ثبوت الحديث، لا سيما وقد احتج به من أرسله به، وذلك يقتضى ثبوته عنده، هذا لو لم يكن روى من وجوه مسندة غير هذين، فكيف وقد تقدم مسندا؟.
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 13
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
قال شيخ الإسلام قدس الله روحه : " ووجه الدلالة : أن قبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيداً، فقبر غيره أولى بالنهى كائناً من كان، ثم إنه قرن ذلك بقوله "ولا تتخذوا بيوتكم قبوراً" أي : لا تعطلوها من الصلاة فيها، والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور. فأمر بتحرى النافلة فى البيوت، ونهى عن تحرى العبادة عند القبور، وهذا ضد ما عليه المشركون من النصارى وأشباههم .
ثم إنه عقب النهى عن اتخاذه عيداً بقوله : "وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" يشير بذلك إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام تحصل مع قربكم من قبرى وبعدكم، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيداً ] .
وقد حرّف هذه الأحاديث بعض من أخذ شبهاً من النصارى بالشرك، وشبهاً من اليهود بالتحريف، فقال :
هذا أمر بملازمة قبره، والعكوف عنده، واعتياد قصده وانتيابه، ونهى أن يجعل كالعيد الذى إنما يكون فى العام مرة أو مرتين، فكأنه قال : لا تجعلوه بمنزلة العيد الذى يكون من الحول إلى الحول، واقصدوه كل ساعة وكل وقت .
وهذا مراغمة ومحادة لله ومناقضة لما قصده الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وقلب للحقائق، ونسبة الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلى التدليس والتلبيس، بعد التناقض .
فقاتل الله أهل الباطل أنى يؤفكون .
ولا ريب أن من أمر الناس باعتياد أمر ملازمة إتيانه بقوله : " لا تجعلوا عيداً " فهو إلى التلبيس وضد البيان أقرب منه إلى الدلالة والبيان .
فإن لم يكن هذا تنقيصاً فليس للتنقيص حقيقة فينا، كمن يرمى أنصار الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وحزبه بدائه ومصابه وينسل كأنه برئ .
ولا ريب أن ارتكاب كل كبيرة، بعد الشرك، أسهل إثما، وأخف عقوبة من تعاطى مثل ذلك فى دينه وسنته.
وهكذا غيرت ديانات الرسل.
ولولا أن الله أقام لدينه الأنصار والأعوان الذابين عنه، لجرى عليه ما جرى على الأديان قبله .
ولو أراد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ما قاله هؤلاء الضلال؛ لم ينه عن اتخاذ قبور الأنبياء مساجد، ويلعن فاعل ذلك. فإنه إذا لعن مِن اتخذها مساجد يعبد الله فيها، فكيف يأمر بملازمتها والعكوف عندها، وأن يعتاد قصدها واتيانها، ولا تجعل كالعيد الذى يجئ من الحول إلى الحول ؟
وكيف يسأل ربه أن لا يجعل قبره وثنا يعبد ؟ وكيف يقول أعلم الخلق بذلك : "ولولا ذلك لأبرز قبره ، ولكن خشى أن يتخذ مسجداً " ؟ وكيف يقول : " لا تجعلوا قبرى عيداً، وصلوا على حيثما كنتم" ؟ وكيف لم يفهم أصحابه وأهل بيته من ذلك ما فهمه هؤلاء الضلال، الذين جمعوا بين الشرك والتحريف؟
وهذا أفضل التابعين من أهل بيته على بن الحسين رضى الله عنهما نهى ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، واستدل بالحديث .
وهو الذى رواه وسمعه من أبيه الحسين عن جده على رضى الله تعالى عنه وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضلال. وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن، شيخ أهل بيته، كره أن يقصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيداً .
قال شيخنا : فانظر هذه السنة كيف مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت، الذين لهم من رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قرب النسب، وقرب الدار ؟ لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم، فكانوا له أضبط.
فصل
ثم إن فى اتخاذ القبور أعياداً من المفاسد العظيمة التى لا يعلمها إلا الله تعالى ما يغضب لأجله كل من فى قلبه وقار لله تعالى، وغيرة على التوحيد، وتهجين وتقبيح للشرك.
* وَلكِنْ مَا لِجُرْحٍ بمَيتٍ إِيَلامُ *
فمن مفاسد اتخاذها أعيادا :
الصلاة إليها، والطواف بها، وتقبيلها واستلامهاً، وتعفير الخدود على ترابها، وعبادة أصحابها، والاستغاثة بهم، وسؤالهم النصر والرزق والعافية، وقضاء الْديون، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، وغير ذلك من أنواع الطلبات، التى كان عباد الأوثان يسألونها أوثانهم.
فلو رأيت غلاة المتخذين لها عيداً، وقد نزلوا عن الأكوار والدواب إذا رأوها من مكان بعيد، فوضعوا لها الجباه، وقبلوا الأرض وكشفوا الرؤوس، وارتفعت أصواتهم بالضجيج، وتباكوا حتى تسمع لهم النشيج . ورأوا أنهم قد أربوا فى الربح على الحجيج .
فاستغاثوا بمن لا يبدى ولا يعيد، ونادوا ولكن من مكان بعيد .
حتى إذا دنوا منها صلوا عند القبر ركعتين ورأوا أنهم قد أحرزوا من الأجر ولا أجر من صلى إلى القبلتين، فتراهم حول القبر ركعاً سجداً يبتغون فضلا من الميت ورضوانا، وقد ملئوا أكفهم خيبة وخسرانا .
فلغير الله، بل للشيطان ما يراق هناك من العبرات، ويرتفع من الأصوات، ويطلب من الميت من الحاجات ويسأل من تفريج الكربات، وإغناء ذوى الفاقات، ومعافاة أولى العاهات والبليات .
ثم انبثوا بعد ذلك حول القبر طائفين، تشبيها له بالبيت الحرام، الذى جعله الله مباركاً وهدى للعالمين .
ثم أخذوا فى التقبيل والاستلام، أرأيت الحجر الأسود وما يفعل به وفد البيت الحرام ؟
ثم عفروا لديه تلك الجباه والخدود، التى يعلم الله أنها لم تعفر كذلك بين يديه فى السجود.
ثم كملوا مناسك حج القبر بالتقصير هناك والحلاق، واستمتعوا بخلاقهم من ذلك الوثن إذ لم يكن لهم عند الله من خلاق
وقربوا لذلك الوثن القرابين. وكانت صلاتهم ونسكهم وقربانهم لغير الله رب العالمين
فلو رأيتهم يهنئ بعضهم بعضاً ويقول : أجزل الله لنا ولكم أجراً وافراً وحظاً
فإذا رجعوا سألهم غلاة المتخلفين أن يبيع أحدهم ثواب حجة القبر بحج المتخلف إلى البيت الحرام، فيقول : لا، ولو بحجك كل عام.
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 14
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
هذا، ولم نتجاوز فيما حكيناه عنهم، ولا استقصينا جميع بدعهم وضلالهم. إذ هي فوق ما يخطر بالبال، أو يدور فى الخيال.
وهذا كان مبدأ عبادة الأصنام فى قوم نوح، كما تقدم.
وكل من شم أدنى رائحة من العلم والفقه يعلم أن من أهم الأمور سد الذريعة إلى هذا المحظور، وأن صاحب الشرع أعلم بعاقبة ما نهى عنه لما يئول إليه، وأحكم فى نهيه عنه وتوعده عليه. وأن الخير والهدى فى اتباعه وطاعته، والشر والضلال فى معصيته ومخالفته.
ورأيت لأبى الوفاء بن عقيل فى ذلك فصلاً حسناً، فذكرته بلفظه ، قال :
" لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم، إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم .
قال : وهم عندى كفار بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور وإكرامها، بما نهى عنه الشرع: من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها : يا مولاى افعل بى كذا وكذا. وأخذ تربتها تبركا، وإفاضة الطيب على القبور. وشد الرحال إليها، وإلقاء الخرق على الشجر، اقتداء بمن عبد اللات والعزى.
والويل عندهم لمن لم يقبل مشهد الكف، ويتمسح بآجرة مسجد الملموسة يوم الأربعاء. ولم يقل الحمالون على جنازته: الصديق أبو بكر، أو محمد وعلى، أو لم يعقد على قبر أبيه أزجاً بالجص والآجر، ولم يخرق ثيابه إلى الذيل، ولم يرق ماء الورد على القبر" انتهى .
ومن جمع بين سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى القبور، وما أمر به ونهى عنه وما كان عليه أصحابه، وبين ما عليه أكثر الناس اليوم رأى أحدهما مضاداً للآخر، مناقضاً له، بحيث لا يجتمعان أبداً .
فنهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن الصلاة إلى القبور، وهؤلاء يصلون عندها.
ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها المساجد، ويسمونها مشاهد، مضاهاة لبيوت الله تعالى.
ونهى عن إيقاد السرج عليها، وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها.
ونهى أن تتخذ أعياداً، وهؤلاء يتخذونها أعياداً ومناسك، ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر.
وأمر بتسويتها، كما روى مسلم في "صحيحه" عن أبى الهياج الأسدى قال: قال على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه : " أَلا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِى عليهِ رَسُولُ صلّى اللهُ تَعالَى عَليْهِ وآله وَسلّم أَنْ لا تَدَعَ تِمْثَالاً إِلا طَمَسْتَهُ، وَلا قَبْرًا مُشْرِفاً إِلا سَوَّيْتَهُ" .
وفي "صحيحه" أيضاً عن ثمامة بن شُفَى قال : " كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس. فتوفى صاحب لنا، فأمر فضالة بقبره فسوى، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يأمر بتسويتها .
وهؤلاء يبالغون فى مخالفة هذين الحديثين. ويرفعونها عن الأرض كالبيت، ويعقدون عليها القباب .
ونهى عن تجصيص القبر والبناء عليه، كما روى مسلم في "صحيحه" عن جابر قال : " نَهَى رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ تعالى عليهِ وآله وسلم عَنْ تَجْصِيصِ الْقَبْرِ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأنْ يُبْنَى عَلَيْهِ بِنَاءٌ ".
ونهى عن الكتابة عليها، كما روى أبو داود والترمذى في "سننهما" عن جابر رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " نَهَى أنْ تُجَصَّصَ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا" قال الترمذى: حديث حسن صحيح . وهؤلاء يتخذون عليها الألواح، ويكتبون عليها القرآن وغيره.
ونهى أن يزاد عليها غير ترابها، كما روى أبو داود من حديث جابر أيضاً : أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " نهى أن يجصص القبر، أو يكتب عليه، أو يزاد عليه " وهؤلاء لا يزيدون عليه سوى التراب الآجر والأحجار والجص.
ونهى عمر بن عبد العزيز أن يبنى القبر بأجر، وأوصى أن لا يفعل ذلك بقبره .
وأوصى الأسود بن يزيد : " أن لا تجعلوا على قبرى آجرا " .
وقال إبراهيم النخعي : " كانوا يكرهون الأجر على قبورهم " .
وأوصى أبو هريرة حين حضرته الوفاة : " أن لا تضربوا على قبرى فسطاطاً " .
وكره الإمام أحمد أن يضرب على القبر فسطاطاً .
والمقصود :
أن هؤلاء المعظمين للقبور، المتخذينها أعياداً، الموقدين عليها السرج، الذين يبنون عليها المساجد والقباب. مناقضون لما أمر به رسول الله صلى الله تعالى عليها وسلم، محادون لما جاء به .
وأعظم ذلك اتخاذها مساجد، وإيقاد السرج عليها. وهو من الكبائر.
وقد صرح الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم بتحريمه.
قال أبو محمد المقدسي :
" ولو أبيح اتخاذ السرج عليها لم يلعن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من فعله. ولأن فيه تضييعا للمال فى غير فائدة، وإفراطاً فى تعظيم القبور، أشبه تعظيم الأصنام...
قال : " ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لهذا الخبر. ولأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : " لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا" متفق عليه.
وقالت عائشة : "إنما لم يبرز قبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لئلا يتخذ مسجدا" لأن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها.
وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات باتخاذ صورهم، والتمسح بها، والصلاة عندها". انتهى.
وقد آل الأمر بهؤلاء الضلال المشركين إلى أن شرعوا للقبور حجاً، ووضعوا له مناسك، حتى صنف بعض غلاتهم فى ذلك كتاباً وسماه ( مناسك حج المشاهد ) مضاهاة منه بالقبور للبيت الحرام، ولا يخفى أن هذا مفارقة لدين الإسلام، ودخول فى دين عباد الأصنام .
فانظر إلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقصده من النهى عما تقدم ذكره فى القبور، وبين ما شرعه هؤلاء وقصدوه .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 15
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
ولا ريب أن فى ذلك من المفاسد ما يعجز العبد عن حصره.
فمنها : تعظيمها المواقع فى الافتتان بها .
ومنها : اتخاذها عيدا .
ومنها : السفر إليها .
ومنها : مشابهة عبادة الأصنام بما يفعل عندها : من العكوف عليها، والمجاورة عندها. وتعليق الستور عليها وسدانتها، وعبادها يرجحون المجاورة عندها على المجاورة عند المسجد الحرام، ويرون سدانتها أفضل من خدمة المساجد، والويل عندهم لقيمها ليلة يطفئ القنديل المعلق عليها .
ومنها : النذر لها ولسدنتها.
ومنها : اعتقاد المشركين بها أن بها يكشف البلاء، وينصر على الأعداء، ويستنزل غيث السماء، وتفرج الكروب، وتقضى الحوائج، وينصر المظلوم، ويجار الخائف، وإلى غير ذلك .
ومنها : الدخول فى لعنة الله تعالى ورسوله باتخاذ المساجد عليها، وإيقاد السرج عليها .
ومنها : الشرك الأكبر الذى يفعل عندها .
ومنها : إيذاء أصحابها بما يفعله المشركون بقبورهم، فإنهم يؤذيهم بما يفعل عند قبورهم. ويكرهونه غاية الكراهة. كما أن المسيح يكره ما يفعله النصارى عند قبره. وكذلك غيره من الأنبياء والأولياء والمشايخ يؤذيهم ما يفعله أشباه النصارى عند قبورهم . ويوم القيامة يتبرءون منهم . كما قال تعالى : {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتمْ عِبَادِى هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كانَ يَنْبَغِى لَنَا أنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياَءَ وَلكِنْ مَتَّعْتهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُورًا} [الفرقان: 17-18]. قال الله للمشركين {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً} [الفرقان: 19] الآية وقال تعالى {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمىَ إِلهَينْ مِنْ دُونِ الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍ} [المائدة: 116] الآية وقال تعالى {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءٍ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ، أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِم مُؤْمِنُونَ } [سبأ: 40-41].
ومنها : مشابهة اليهود والنصارى فى اتخاذ المساجد والسرج عليها .
ومنها : محادة الله ورسوله ومناقضة ما شرعه فيها .
ومنها : التعب العظيم مع الوزر الكثير، والإثم العظيم .
ومنها : إماتة السنن وإحياء البدع .
ومنها : تفضيلها على خير البقاع وأحبها إلى الله . فإن عباد القبور يقصدونها مع التعظيم والاحترام والخشوع ورقة القلب والعكوف بالهمة على الموتى بما لا يفعلونه فى المساجد. ولا يحصل لهم فيها نظيره ولا قريب منه .
ومنها : أن ذلك يتضمن عمارة المشاهد وخراب المساجد. ودين الله الذى بعث به رسوله بضد ذلك. ولهذا لما كانت الرافضة من أبعد الناس عن العلم والدين، عمروا المشاهد، وأخربوا المساجد.
ومنها : أن الذى شرعه الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم عند زيارة القبور : إنما هو تذكر الآخرة، والإحسان إلى المزور بالدعاء له، والترحم عليه، والاستغفار له، وسؤال العافية له. فيكون الزائر محسناً إلى نفسه وإلى الميت، فقلب هؤلاء المشركون الأمر، وعكسوا الدين وجعلواً المقصود بالزيارة الشرك بالميت، ودعاءه والدعاء به، وسؤاله حوائجهم، واستنزال البركات منه، ونصره لهم على الأعداء ونحو ذلك.
فصاورا مسيئين إلى نفوسهم وإلى الميت ولو لم يكن إلا بحرمانه بركة ما شرعه الله تعالى من الدعاء له والترحم عليه والاستغفار له.
فاسمع الآن زيارة أهل الإيمان التى شرعها الله تعالى على لسان رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ثم وازن بينها وبين زيارة أهل الإشراك، التى شرعها لهم الشيطان، واختر لنفسك.
قالت عائشة رضى الله تعالى عنها : " كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله تعالى عليهِ وَآلهِ وَسلم كُلّمَا كانَ لَيْلَتُهَا مِنْهُ يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ الّليْلِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وَإِنّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ الّلهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقيع الغَرْقَدِ" رواه مسلم .
وفي "صحيحه" عنها أيضاً : " أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ، فَقَالَ: إنّ رَبّكَ يأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِىَ أَهْلَ الْبَقِيعِ، فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَتْ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: قُولِى: السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الديَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدَمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخَرِينَ، وَإِنّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ" .
وفي "صحيحه" أيضاً عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : " كانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ تعَالى عليه وَآلهِ وسلمَ يُعَلمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إِلَى المَقَابِرِ أَنْ يَقُولُوا : السَّلامُ عَلَى أهل الديَارِ" . وفى لفظ : "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. نسأل الله لنا ولكم العافية" .
وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " كُنْتَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَمنْ أرَادَ أَنْ يَزُورَ فَلْيَزُرْ، وَلا تَقُولُوا هُجْرًا " رواه أحمد والنسائى.
وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قد نهى الرجال عن زيارة القبور، سدا للذريعة، فلما تمكن التوحيد فى قلوبهم أذن لهم فى زيارتها على الوجه الذى شرعه ونهاهم أن يقولوا هجراً، فمن زارها على غير الوجه المشروع الذى يحبه الله ورسوله فإن زيارته غير مأذون فيها، ومن أعظم الهجر: الشرك عندها قولاً وفعلاً.
وفي "صحيح مسلم" عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " زُورُوا القُبُورَ، فَإِنّهَا تذكرُ المَوْتَ".
وعن علي بن طالب رضى الله تعالى عنه : أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : " إِنى كُنْتُ نهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنّهَا تُذكرُكُمُ الآخِرَةَ" رواه الإمام أحمد .
وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ تَعالى عليهِ وآلهِ وسلمَ بِقُبُورِ المَدِينَةِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِـهِ، فقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُمْ، وَنَحْنُ بِالأَثَرِ" رواه أحمد، والترمذى وحَسَّنه .
وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : " كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَـنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزورواً القُبُورَ، فَإِنّهَا تُزَهدُ فى الدُّنْيَا، وَتُذَكرُ الآخِرَةَ" رواه ابن ماجه.
وروى الإمام أحمد عن أبى سعيد رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " كٌنْتُ نهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَزَورُوهَا فَإِنَّ فِيهَا عِبْرَةً " .
فهذه الزيارة التى شرعها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لأمته، وعلمهم إياها .
هل تجد فيها شيئاً مما يعتمده أهل الشرك والبدع؟ أم تجدها مضادة لما هم عليه من كل وجه؟.
وما أحسن ما قال مالك بن أنس رحمه الله تعالى : " لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. ولكن كلما ضعف تمسك الأمم بعهود أنبيائهم، ونقص إيمانهم، عوضوا عن ذلك بما أحدثوه من البدع والشرك".
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 16
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
ولقد جرّد السلف الصالح التوحيد، وحموا جانبه، حتى كان أحدهم إذا سلم على النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثم أراد الدعاء، استقبل القبلة، وجعل ظهره إلى جدار القبر، ثم دعا.
فقال سلمة بن وردان : " رأيت أنس بن مالك رضى الله عنه يسلم على النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ثم يسند ظهره إلى جدار القبر، ثم يدعو " .
ونص على ذلك الأئمة الأربعة : أنه يستقبل القبلة وقت الدعاء، حتى لا يدعو عند القبر، فإن الدعاء عبادة.
وفى الترمذى وغيره مرفوعاً : " الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ " .
فجرد السلف العبادة الله، ولم يفعلوا عند القبور منها إلا ما أذن فيه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : من السلام على أصحابها والاستغفار لهم، والترحم عليهم.
وبالجملة :
فالميت قد انقطع عمله، فهو محتاج إلى من يدعو له ويشفع له. ولهذا شرع فى الصلاة عليه من الدعاء له، وجوباً واستحباباً، ما لم يشرع مثله فى الدعاء للحى.
قال عوف بن مالك : " صَلّى رسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عليْهِ وسّلَم عَلَى جَنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِه وَهُوَ يَقُولُ : " اللّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحمهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسعْ مَدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقهِ مِنَ الْخَطَايَا كما نَقّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلاً خَيْرًا مِنْ أهْلِه، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ. وَأَدْخِلْهُ الجنة، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، أوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ. حتى تمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا المَيتُ، لِدُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله تَعَالَى عليهِ وآلهِ وسلم عَلَى ذلِكَ المَيتِ" رواه مسلم .
وقال أبو هريرة رضى الله تعالى عنه : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فى صلاته على الجنازة : " الّلهُمَّ أَنْتَ رَبُّهَا، وَأَنْتَ خَلَقْتَهَا وَأنْتَ هَدَيْتَهَا لِلإِسْلاَمِ، وَأنْتَ قَبَضْتَ روُحَهَا وَأنْتَ أعْلَمُ بِسِرهَا وَعَلانِيَتِهَا جِئْنَا شُفَعَاءَ فَاغْفِرْ لَهُ" رواه الإمام أحمد .
وفي "سنن أبي داود" عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : " إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الميت فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ " .
وقالت عائشة، وأنس عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " مَا مِنْ مَيتٍ يُصَلى عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ، إلاّ شفعوا فِيهِ ".
وعن ابن عباس رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول : " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً، لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه" رواه مسلم.
فهذا مقصود الصلاة على الميت، وهو الدعاء له والاستغفار، والشفاعة فيه.
ومعلوم أنه فى قبره أشد حاجة منه على نعشه. فإنه حينئذ معرَّض للسؤال وغيره.
وقد كان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقف على القبر بعد الدفن فيقول : " سَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ " .
فعلم أنه أحوج إلى الدعاء له بعد الدفن، فإذا كنا على جنازته ندعو له، لا ندعو به، ونشفع له، لا نشفع به. فبعد الدفن أولى وأحرى
فبدّل أهل البدع والشرك قولاً غير الذى قيل لهم : بدّلوا الدعاء له بدعائه نفسه، والشفاعة له بالاستشفاع به . وقصدوا بالزيارة التى شرعها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إحساناً إلى الميت وإحساناً إلى الزائر، وتذكيراً بالآخرة. سؤال الميت، والإقسام به على الله، وتخصيص تلك البقعة بالدعاء الذى هو مخ العبادة، وحضور القلب عندها، وخشوعه أعظم منه فى المساجد، وأوقات الأسحار.
ومن المحال أن يكون دعاء الموتى، أو الدعاء بهم، أو الدعاء عندهم، مشروعاً وعملاً صالحاً، ويصرف عنه القرون الثلاثة المفضلة بنص رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ثم يرزقه الخلوف الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون.
فهذه سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى أهل القبور بضعاً وعشرين سنة، حتى توفاه الله تعالى .
وهذه سنة خلفائه الراشدين .
وهذه طريقة جميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان .
هل يمكن بشر على وجه الأرض أن يأتى عن أحد منهم بنقل صحيح، أو حسن، أو ضعيف، أو منقطع : أنهم كانوا إذا كان لهم حاجة قصدوا القبور فدعوا عندها، وتمسحوا بها، فضلا أن يصلوا عندها، أو يسألوا الله بأصحابها، أو يسألوهم حوائجهم.
فليوقفوا على أثر واحد ، أو حرف واحد في ذلك .
بلى، يمكنهم أن يأتوا عن الخلوف التى خلفت بعدهم بكثير من ذلك، وكلما تأخر الزمان وطال العهد، كان ذلك أكثر .
حتى لقد وجد فى ذلك عدة مصنفات ليس فيها عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ولا عن خلفائه الراشدين، ولا عن أصحابه حرف واحد من ذلك، بلى فيها من خلاف ذلك كثير كما قدمناه من الأحاديث المرفوعة.
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 17
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
وأما آثار الصحابة فأكثر من أن يحاط بها .
وقد ذكرنا إنكار عمر رضى الله عنه على أنس رضى الله عنه صلاته عند القبر . وقوله له : القبر، القبر.
وقد ذكر محمد بن إسحاق فى مغازيه من زيادات يونس بن بكير عن أبى خلدة خالد بن دينار قال: حدثنا أبو العالية قال : " لما فتحنا تستر وجدنا فى بيت مال الهرمزان سريرا عليه رجل ميت، عند رأسه مصحف له، فأخذنا المصحف، فحملناه إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فدعا له كعباً، فنسخه بالعربية. فأنا أول رجل من العرب قرأه، قرأته مثل ما أقرأ القرآن. فقلت لأبى العالية : ما كان فيه ؟ قال سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم. وما هو كائن بعد. قلت : فما صنعتم بالرجل ؟
قال : حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة، فلما كان الليل دفناه وسوينا القبور كلها، لنعميه على الناس لا ينبشونه.
فقلت : وما يرجون منه ؟ قال: كانت السماء إذا حبست عنهم أبرزوا السرير فيمطرون. فقلت من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له: دانيال، فقلت: مُذْ كم وجدتموه مات؟ قال: مذ ثلاثمائة سنة، قلت: ما كان تغير منه شىء؟ قال: لا، إلا شعيرات من قفاه، إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض، ولا تأكلها السباع "
ففى هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره لئلا يفتتن به الناس، ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به، ولو ظفر به المتأخرون لجالدوا عليه بالسيوف، ولعبدوه من دون الله .
فهم قد اتخذوا من القبور أوثانا من لا يدانى هذا ولا يقاربه، وأقاموا لها سدنة، وجعلوها معابد أعظم من المساجد.
فلو كان الدعاء عند القبور والصلاة عندها والتبرك بها فضيلة أو سنة أو مباحاً، لنصب المهاجرون والأنصار هذا القبر علما لذلك، ودعوا عنده، وسنوا ذلك لمن بعدهم ولكن كانوا أعلم بالله ورسوله ودينه من الخلوف التى خلفت بعدهم .
وكذلك التابعون لهم بإحسان راحوا على هذا السبيل، وقد كان عندهم من قبور أصحاب رسول الله صلى الله تعالى وآله وسلم بالأمصار عدد كثير، وهم متوافرون. فما منهم من استغاث عند قبر صاحب، ولا دعاه، ولا دعا به، ولا دعا عنده، ولا استشفى به، ولا استسقى به، ولا استنصر به، ومن المعلوم أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعى على نقله، بل على نقل ما هو دونه.
وحينئذ، فلا يخلو :
إما أن يكون الدعاء عندها والدعاء بأربابها أفضل منه فى غير تلك البقعة، أو لا يكون .
فإن كان أفضل ؟
فكيف خفى علما وعملا على الصحابة والتابعين وتابعيهم ؟ فتكون القرون الثلاثة الفاضلة جاهلة بهذا الفضل العظيم، وتظفر به الخلوف علما وعملاً ؟ ولا يجوز أن يعلموه ويزهدوا فيه، مع حرصهم على كل خير لا سيما الدعاء، فإن المضطر يتشبث بكل سبب.
وإن كان فيه كراهة ما، فكيف يكونون مضطرين فى كثير من الدعاء، وهم يعلمون فضل الدعاء عند القبور، ثم لا يقصدونه ؟
هذا محال طبعاً وشرعاً.
فتعين القسم الآخر : وهو أنه لا فضل للدعاء عندها، ولا هو مشروع، ولا مأذون فيه بقصد الخصوص، بل تخصيصها بالدعاء عندها ذريعة إلى ما تقدم من المفاسد.
ومثل هذا مما لا يشرعه الله ورسوله البتة، بل استحباب الدعاء عندها شرع عبادة لم يشرعها الله، ولم ينزل بها سلطاناً.
وقد أنكر الصحابة ما هو دون هذا بكثير.
فروى غير واحد عن المعرور بن سويد قال : " صليت مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى طريق مكة صلاة الصبح، فقرأ فيها :
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعلَ رَبُّكَ بِأَصْحابَ الْفِيلِ} [الفيل: 1] و {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1].
ثم رأى الناس يذهبون مذاهب، فقال : " أين يذهب هؤلاء ؟ " فقيل: يا أمير المؤمنين، مسجد صلى فيه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فهم يصلون فيه، فقال : " إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا. كانوا يتبعون آثار أنبيائهم، ويتخذونها كنائس وبيعاً. فمن أدركته الصلاة منكم فى هذه المساجد فليصل، ومن لا فليمض، ولا يتعمدها "
وكذلك أرسل عمر رضى الله تعالى عنه أيضاً فقطع الشجرة التى بايع تحتها أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.
بل قد أنكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على الصحابة لما سألوه أن يجعل لهم شجرة يعلقون عليها أسلحتهم ومتاعهم بخصوصها.
فروى "البخاري" في "صحيحه" عن أبي واقد الليثي قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قبل حنين، ونحن حديثوا عهد بكفر، وللمشركين سدرة، يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها : ذات أنواط. فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " اللهُ أَكْبَرُ، هذَا كما قَالَتْ بَنُو إِسْرَائيلَ: {اجْعَلَ لَنَا إِلهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138] لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَن كان قَبْلَكُمْ " .
فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة لتعليق الأسلحة والعكوف حولها اتخاذ إله مع الله تعالى، مع أنهم لا يعبدونها، ولا يسألونها.
فما الظن بالعكوف حول القبر، والدعاء به ودعائه، والدعاء عنده؟ فأى نسبة للفتنة بشجرة إلى الفتنة بالقبر؟ لو كان أهل الشرك والبدعة يعلمون.
قال بعض أهل العلم من أصحاب مالك : فانظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس، ويعظمونها، ويرجون البرء والشفاء من قِبلها، ويضربون بها المسامير والخرق، فهى ذات أنواط، فاقطعوها.
ومن له خبرة بما بعث الله تعالى به رسوله، وبما عليه أهل الشرك والبدع اليوم فى هذا الباب وغيره، علم أن بين السلف وبين هؤلاء الخلوف من البعد أبعد مما بين المشرق والمغرب، وأنهم على شىء والسلف على شىء، كما قيل:
سَارَتْ مُشَرقَة وَسِرْتُ مُغَرباً *** شَتَّانَ بَيْـنَ مُشَرقٍ وَمُغَربِ
والأمر والله أعظم مما ذكرنا.
وقد ذكر البخارى في "الصحيح" عن أم الدرداء رضى الله تعالى عنها قالت : "دخل عليّ أبو الدرداء مغضباً، فقلت له : مالك ؟ فقال : والله ما أعرف فيهم شيئاً من أمر محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، إلا أنهم يصلون جميعا " .
وروى مالك في "الموطأ" عن عمه أبى سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال : "ما أعرف شيئاً مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة، يعنى الصحابة رضى الله عنهم " .
وقال الزهري : " دخلت على أنس بن مالك بدمشق، وهو يبكى، فقلت له : ما يبكيك ؟ فقال : " ما أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة . وهذه الصلاة قد ضيعت" ذكره البخاري .
وفى لفظ آخر : " ما كنت أعرف شيئاً على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلا قد أنكرته اليوم "
وقال الحسن البصري : "سأل رجل أبا الدرداء رضى الله عنه فقال : رحمك الله، لو أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بين أظهرنا، هل كان ينكر شيئاً مما نحن عليه ؟ فغضب، واشتد غضبه، وقال : وهل كان يعرف شيئاً مما أنتم عليه ؟ " .
وقال المبارك بن فضالة : " صلى الحسن الجمعة وجلس، فبكى، فقيل له : ما يبكيك يا أبا سعيد ؟ فقال : " تلوموننى على البكاء، ولو أن رجلاً من المهاجرين اطلع من باب مسجدكم ما عرف شيئاً مما كان عليه على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنتم اليوم عليه إلا قبلتكم هذه " .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 18
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
وهذه هى الفتنة العظمى التى قال فيها عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : " كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير، وينشأ فيها الصغير، تجرى على الناس، يتخذونها سنة إذا غيرت قيل : غيرت السنة، أو هذا منكر " .
وهذا مما يدل على أن العمل إذا جرى على خلاف السنة فلا عبرة به ولا التفات إليه. فإن العمل قد جرى على خلاف السنة منذ زمن أبى الدرداء وأنس كما تقدم.
وذكر أبو العباس أحمد بن يحيى قال : حدثنى محمد بن عبيد بن ميمون، حدثنى عبد الله بن إسحاق الجعفرى قال : كان عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة، قال : فتذاكروا يوماً السنن، فقال رجل كان فى المجلس : ليس العمل على هذا، فقال عبد الله : " أرأيت إن كثر الجهال، حتى يكونواً هم الحكام، فهم الحجة على السنة ؟ " فقال ربيعة : " أشهد أن هذا كلام أبناء الأنبياء"أهـ "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" للعلامة ابن القيم(1/201-225) ط. دار التراث
قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى : "وكان أصحابه خير القرون، وهم أعلم الأمة بسنته، وأطوع الأمة لأمره، وكانوا إذا دخلوا إلى مسجده، لا يذهب أحد منهم إلى قبره، لا من داخل الحجرة ولا من خارجها، وكانت الحجرة في زمانهم يدخل إليها من الباب إذ كانت عائشة- رضي الله عنها فيها- وبعد ذلك إلى أن بني الحائط الآخر، وهم مع هذا التمكن من الوصول إلى قبره لا يدخلون إليه؛ لا لسلام ولا لصلاة عليه ولا لدعاء لأنفسهم ولا لسؤال عن حديث أو علم .
ولا كان الشيطان يطمع فيهم حتى يسمعهم كلاماً أو سلاماً فيظنون أنه هو كلمهم وأفتاهم وبين لهم الأحاديث، أو أنه قد رد عليهم السلام بصوت يسمع من خارج كما طمع الشيطان في غيرهم فأضلهم عند قبره وقبر غيره حتى ظنوا أن صاحب القبر يحثهم ويفتيهم ويأمرهم وينهاهم في الظاهر وأنه يخرج من القبر ويرونه خارجاً من القبر ويظنون أن نفس أبدان الموتى خرجت من القبر تكلمهم وأن روح الميت تجسدت لهم فرأوها كما رآهم النبي- صلى الله عليه وسلم-ليلة الإسراء يقظة لا مناما…
والمقصود : أن الصحابة-رضوان الله عليهم- لم يطمع الشيطان أن يضلهم كما أضل غيرهم من أهل البدع الذين تأولوا القرآن على غير تأويله، أو جهلوا السنة، أو رأوا وسمعوا أموراً من الخوارق فظنوها من جنس آيات الأنبياء والصالحين وكانت من أفعال الشياطين كما أضل النصارى وأهل البدع بمثل ذلك، فمنهم من يتبعون المتشابه ويدعون المحكم، وكذلك يتبعون المتشابه من الحجج العقلية والحسية فيسمع ويرى أموراً فيظن أنه رحماني وإنما هو شيطاني ويدعون البين الحق الذي لا إجمال فيه.
وكذلك لم يطمع الشيطان أن يتمثل في صورته ويغيث من استغاث به، أو أن يحمل إليهم صوتاً يشبه صوته، لأن الذين رأوه علموا أن هذا شرك لا يحل.
ولهذا أيضاً لم يطمع فيهم أن يقول أحد منهم لأصحابه : إذا كانت لكم حاجة فتعالوا إلى قبري واستغيثوا بي لا في محياه ولا في مماته، كما جرى مثل هذا لكثير من المتأخرين.
ولا طمع الشيطان أن يأتي أحدهم فيقول : أنا رسول الله أو يخاطبه عند القبر، كما وقع لكثير ممن بعدهم عند قبره وقبر غيره، وعند غير القبور، كما وقع كثير من ذلك للمشركين وأهل الكتاب، يرون بعد الموت من يعظمونه من شيوخهم.
فأهل الهند يرون من يعظمونه من شيوخهم الكفار وغيرهم.
والنصارى يرون من يعظمونه من الأنبياء والحواريين وغيرهم
والضلال من أهل القبلة يرون من يعظمونه : إما النبي- صلى الله عليه وسلم- وإما غيره من الأنبياء يقظة ويخاطبهم ويخاطبونه وقد يستفتونه ويسألونه عن أحاديث فيجيبهم
ومنهم من يخيل إليه أن الحجرة قد انشقت وخرج منها النبي- صلى الله عليه وسلم- وعانقه هو وصاحباه.
ومنهم من يخيل إليه أنه رفع صوته بالسلام حتى وصل مسيرة أيام وإلى مكان بعيد وهذا وأمثاله أعرف ممن وقع له هذا وأشباهه عددا كثيراً
وقد حدثني بما وقع له في ذلك وبما أخبر به غيره من الصادقين من يطول هذا الموضع بذكرهم.
وهذا موجود عند خلق كثير كما هو موجود عند النصارى والمشركين، لكن كثير من الناس يكذب بهذا، وكثير منهم إذا صدق به يظن أنه من الآيات الإلهية، وأن الذي رأى ذلك رآه لصلاحه ودينه، ولم يعلم أنه من الشيطان، وأنه بحسب قلة علم الرجل يضله الشيطان…
ولهذا لم يقل قط أحد من الصحابة: إن الخضر أتاه، ولا موسى ولا عيسى، ولا أنه سمع رد النبي-صلى الله عليه وسلم-عليه.
وابن عمر كان يسلم إذا قدم من سفر ولم يقل قط إنه يسمع الرد، وكذلك التابعون وتابعوهم، وإنما حدث هذا في بعض المتأخرين.
وكذلك لم يكن أحد من الصحابة- رضوان الله عليهم- يأتيه فيسأله عند القبر عن بعض ما تنازعوا فيه وأشكل عليهم من العلم، لا خلفاؤه الأربعة ولا غيرهم.
مع أنهم أخص الناس به- صلى الله عليه وسلم- حتى ابنته فاطمة- رضي الله عنها- لم يطمع الشيطان أن يقول لها : اذهبي إلى قبره فسليه هل يورث أم لا يورث.
كما أنهم أيضاً لم يطمع الشيطان فيهم أن يقول لهم اطلبوا منه أن يدعوا لكم بالمطر لما أجدبوا . ولا قال : اطلبوا منه أن يستنصر لكم . ولا أن يستغفر كما كانوا في حياته يطلبون منه أن يستسقي لهم وأن يستنصر لهم.
فلم يطمع الشيطان فيهم بعد موته- صلى الله عليه وسلم- أن يطلبوا منه ذلك . ولا طمع بذلك في القرون الثلاثة، وإنما ظهرت هذه الضلالات ممن قل علمه بالتوحيد والسنة، فأضله الشيطان كما أضل النصارى في أمور لقلة علمهم بما جاء به المسيح ومن قبله من الأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم.
وكذلك لم يطمع الشيطان أن يطير بأحدهم في الهواء، ولا أن يقطع به الأرض البعيدة في مدة قريبة، كما يقع مثل هذا لكثير من المتأخرين…
لكن المقصود أن يعرف أن الصحابة خير القرون وأفضل الخلق بعد الأنبياء، فما ظهر فيمن بعدهم مما يظن أنها فضيلة للمتأخرين ولم تكن فيهم فإنها من الشيطان، وهي نقيصة لا فضيلة، سواء كانت من جنس العلوم، أو من جنس العبادات، أو من جنس الخوارق والآيات، أو من جنس السياسة والملك، بل خير الناس بعدهم أتبعهم لهم
قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه : " من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد أبرّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم" "مجموع فتاوى شيخ الإسلام"(27/ 328-395) بتصرف يسير.
قلت : وهذا البيان الكافي الشافي جمع فيه شيخ الإسلام- رحمه الله تعالى- جملة من البيان يأتي على أركان التصوف ورأس الخرافة، بالهدم والنقض، لا بل بالنسف والتدمير، فيجعلها أثراً سيئاً بعد عين آثمة فاجرة كاذبة
هذا وقد شارك شيخَ الإسلام في الإنكار شيخُهم الغزالي أوليس هو القائل عن مس القبر وتقبيله أنه من عادة أهل الكتاب في"الإحياء" (4/419) : " إن ذلك من عادة النصارى "
قال العلامة الألباني - رحمه الله تعالى : " وقال في مكان آخر منه(1/232) : " وليس ذلك من السنة" "الآيات البينات" (93-94) المتن والحاشية بتصرف
وكذا أحمد الرفاعي حيث قال : " قال بعض صوفية خراسان : إن روحانية ابن شهريار تتصرف في ترتيب جموع الصوفية!!! ذلك لم يكن إلا لله الوهاب الفعال، إن تصرف الروح لا يصلح لمخلوق " "الكليات الأحمدية"ص (117) و"الرفاعية"ص(62)
وزيادة على ذلك فقد كان الرفاعي يرى العكوف على قبور المشايخ والتبرك بها من الوثنية، وسمى القبر في مثل هذه الحالة "صنماً"
فقال الرفاعي : " يا سادة : لا تجعلوا رواقي حرماً، ولا قبري بعد موتي صنماً، عليكم به سبحانه، لا يضر ولا ينفع ويضل ويقطع ويفرق ويجمع ويعطي ويمنع إلا هو" "البرهان المؤيد" ص(52) و"حكم الرفاعي"ص(12) و"الكليات الأحمدية"ص(115)
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 19
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
((( ثانيا : الناحية الأمنية )))
- بعد الإيمانية للصلة بينهما قوة وضعفا .
في خروج لخارجية خانقة، وحُمّى رافضية حارقة، ترادفت دعوة الكاتب الكريهة للتهييج والخروج على الحكام ومجاهدتهم ومحاربتهم، في تنوع في التحضيض، وشراسة في التهييج، شملت أرجاء كتابه، وربت مع أمشاجه، برهان ذلك :
( شطح ) في التقديم ص(8) قال : "أما بالنسبة للحرية فقد لاحظ سيادة الانصياع لأوامر الشيخ وقوانين الدولة، ويرى الباحث أن الطرق الصوفية ساهمت في تكريس الاستبداد بسبب القهر الموجود في تنظيماتها"
( شطح ) وفي مقدمة الطبعة الثانية ص(9) قال : "هناك فارق كبير بين طرق صوفية تواكب الحداثة وتنخرط في العمل العام حتى تتمكن من دفع رموزها إلى قمة الهرم السياسي ... فالصوفية المصرية إن كانت قد أفرزت في عصور غابرة، ولمرات قليلة، شيوخاً ناطحوا السلاطين باستنادهم إلى التفاف جماهيري منقطع النظير ينساق حول أعمال باراسيكولوجية وأسطورية ومنافع مادية فإنها تحولت في الوقت المعاصر إلى مجرد خادم للحكام"
( شطح ) وفي مقدمة الطبعة الأولى ص(14) قال : " ... وهذا يتطلب فحص القيم والمعارف التي تغرسها الطريق الصوفية! في نفوس وعقول أتباعها من معرفة ما إذا كانت تدعو إلى الانخراط والمشاركة أم للسلبية والانسحاب! وهل تقود إلى التغيير أم ترتكن إلى تكريس الوضع القائم... فإن الحكم الديموقراطي يتطلب ثقافة ديمقراطية تؤكد على حرية الفرد وذاتيته وكرامته وصيانة حقوقه حتى لا يمكن لسلطة الحاكم أن تنال منها... وفي إطار سعي المثقفين لبناء مشروع نهضوي لحل المشكلات الراهنة التي تواجه المجتمع المصري... فإذا كان الاستبداد المصري قد فصل من عدة زوايا..." وسيأتي .
( شطح ) وفي غلو الكاتب ومن على شاكلته في نشر ما أسموه بالوعي السياسي كذبا وزورا، مكرا وخداعا، إذ في حقيقته المنهج الخارجي التدميري التخريبي للديانة والبناية، للصدور والدور، تكلم في ص(26) عن "فلسفة جان بودان عن علاقة نمط تربية الأطفال بتشكيل رؤيتهم للسلطة "
بل وفي ص(36) نقل عن أبحاث ورسائل تحضّ على نشر الفكر السياسي في المرحلة الجامعية! بل والثانوية!! بل والأساسية !!!
فعن الأول : بحث موسوم بـ "الجامعة ودورها في الثقافة والتنشئة السياسية" د/ أحمد علي بيلي .
وعن الثاني : بحث موسوم بـ "دور التنشئة في تنمية الوعي السياسي لدى طلاب المرحلة الثانوية" د/ عرفات زيدان فريد .
وأما الثالث : فبحث موسوم بـ "دور المدرسة في التنشئة السياسية مرحلة التعليم الأساسي" لإيمان نورالدين الشامي .
بل وفي ص(37) ينقل بحثاً موسوماً بـ "الثقافة السياسية للفلاحين المصريين" د/ كمال المنوفي!!
وكأن الناس ما خلقوا إلا لأجل السياسة!!
كأنها عوضاً عن التوحيد الذي هو أول واجب على العبيد!!
كأنها كلأً مباحاً، وحماً مستباحاً ، لكلّ من هبّ ودبّ ودرج !!
( شطح ) وفي ص(27) تكلم عن مستويات التنشئة السياسية، فذكر "التنشئة التقويمية، وهي العملية التي يستمد الفرد من خلالها أحكامه على النظام السياسي" إهـ
قلت : ما شاء الله! الفرد، وأتي بـ ( الـ ) الاستغراقية، في عموم يأباه مع الشرع العقل والعرف والواقع!
كيف والمقام سام، والأمر هام ذو شأن عام؟!
فيه .. قال الله تعالى : { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْر مِنْ الْأَمْن أَوْ الْخَوْف أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الْأَمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } الآية
وتحتها .. قال شيخ المفسرين الإمام أبو جعفر ابن جرير الطبري – رحمه الله تعالى : " يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : ( وَلَوْ رَدُّوهُ ) الْأَمْر الَّذِي نَالَهُمْ مِنْ عَدُوّهُمْ وَالْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِلَى أُولِي أَمْرهمْ, يَعْنِي : وَإِلَى أُمَرَائِهِمْ, وَسَكَتُوا فَلَمْ يُذِيعُوا مَا جَاءَهُمْ مِنْ الْخَبَر, حَتَّى يَكُون رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ذَوُو أَمْرهمْ هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْخَبَر عَنْ ذَلِكَ, بَعْد أَنْ ثَبَتَتْ عِنْدهمْ صِحَّته أَوْ بِطُولِهِ, فَيُصَحِّحُوهُ إِنْ كَانَ صَحِيحًا, أَوْ يُبْطِلُوهُ إِنْ كَانَ بَاطِلًا " إهـ المقصود .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 20
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
( شطح ) في ص(31) ذكر السياسة و"لعبها القذرة" – هذا وصفه!- ثم قال : "دفع البعض إلى تفضيل العزلة عن الاندفاع في تيار الحياة المليئة بالمخاطر وعلى رأسها مواجهة سلطة مستبدة ومجتمع فاسد" إهـ
قلت : ولازم هذا الوصف أن الكاتب يدعو إلى القذارة! هذه الأولى .
والثانية : أن الذين اتخذوا العزلة، محسنون أطهار، وهذا ما شغّب عليه واستهجنه الكاتب؛ الفرّار في طول بحثه وعرضه، ووصف أربابه بـ "الصوفية الانكفائية" تشغيبا وتشنيعا! - لا لكونها باطل بل لكون فكرها عن الخروج عاطل- ودعاهم إلى الانخراط في السياسة، وجهد - من باب عنز ولو طارت- في إيراد أوجه الشبه بين التنظيم الطرقي والسياسي، والشبه بين علاقة الشيخ والمريد، والزعيم وحزبه، وجال وطاف بين كتب التاريخ - بغض النظر عن تاريخ من، وراقمه من - لبيان أن المتصوفة أهل سياسة وجهاد للاستبداد والمستبدين - كما زعم .
وهكذا يعجب القارئ من صنيع الكاتب، هل هو يدعو للسياسة، أم يرفضها ؟ هل هو يثني على التصوف أم يذمه ؟ هل هو ناصح أم ناطح ؟ لأجل ذلك قلت في المقدمة أن كتابه هذا من الكتب المملة المرهقة .
بقي التعليق في تقديمه لموضوع الإمامة وفاقاً للرافضة الإمامية! ( وعلى رأسها مواجهة سلطة مستبدة ...) وقدحه في الراعي والرعية ( سلطة مستبدة، ومجتمع فاسد ) والثاني تابع للأول! نذكره ونتذكر معه منهج التكفيريين وصنيعهم، ونذكر معه قول نبينا - صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم" "صحيح الجامع" برقم(712).
ونذكره بقول العامة "كلٌ يرى الناس بعين طبعه" بل وبقول علماء الاجتماع "كن جميلا ترى الكون جميلا".
( شطح ) في ص(32) قال زاعما أن التدين عند البعض لأجل قهر السلطة!!! : "قد يكون التدين لدى بعض الناس رد فعل لواقع اجتماعي مرفوض من قبل الفرد فالتدين العصابي ينشأ لدى الإنسان كميكانزم دفاعي ضد قهر السلطة... وإما صراع يجعل كل منهما تقف من الأخرى موقف التضاد والمعارضة بل والتربص الذي قد يصل إلى حد السعي للإفناء والاستئصال وكلا النموذجين في حقيقة الأمر تعبير عن علاقة الاهتمام وتأكيد لأزلية الظاهرة الدينية حتى لو فهمت على أنها خلفية لتبرير الفساد السياسي والاستغلال الطبقي ... إن الدين يلعب دوراً بارزا كمحرك لعملية التغيير الاجتماعي والسياسي في المجتمع العربي عن طريق الحركات الدينية المسيسة
في نفس الوقت الذي يرى فيه البعض أن تفسير الدين كان له بصمة واضحة في عملية التمويه الأيدلوجي والوعي الزائف، والهروب من الواقع من خلال تسويغه للتمايز الطبقي وإضفاء الشرعية على نظم مستبدة "إهـ
قلت : أعوذ بالله تعالى من الزيغ وأهله! مَن الذين يزعمون : ( أن تفسير الدين كان له بصمة واضحة في عملية التمويه الأيدلوجي والوعي الزائف، والهروب من الواقع ) أوليس هم الملاحدة المخابيل، وغلاة الفلاسفة دعاة التخييل؟!
وهل حكامنا كذلك أيا أعمى البصر كما البصيرة ؟ حكامنا - كآحادنا - مسلمون يعتزون بإسلامهم ويستعلون بإيمانهم، فـ ( موتوا بغيظكم ) ولتكن لهذا على ذكر، و"عشك فادرجي" .
( شطح ) وفي ص(48) يأمل ولادة عمل جماعي - غير شرعي - بعد طول حمل أثقله الغلّ والدّغل، إذ قال وقد ترجم : المعرفة السياسية للصوفي : " ... تكريس قيم الخضوع والاستسلام للسلطة نظراً لصعوبة إمكانية القيام بعمل جماعي ضدها"
( شطح ) وفي ص(49) قال خالطا بين الزهد بالمعنى الشرعي وبين الآخر الصوفي، إذ جهل أن حقيقة زهد التصوف هو الزهد في الدنيا – ومنها المجتمع والسياسة- بل والآخرة : "وعلى النقيض من ذلك: فإن الزهد قد يخلف قيماً سياسية إيجابية في اتجاه الانخراط والمشاركة ومقاومة التسلط والفساد فالزهد في الماديات من ثروة أو منصب يعني عدم الخضوع للسلطة التي تقوم بتوزيع الموارد والمناصب" إهـ
قلت : وقد علم كما علم غيره، أن الزهد الصوفي - مع كونه رهبنة كفرية - هو الخروج حفاة عراة، نكرا فجرا، إلى الفيافي والقفار، والكفور والقبور، إلى الوديان والغيران، يهيمون مع الهوام والوحوش، وحوشا موحشة غير مستوحشة، فأي أثر يخلفوه، وأي خير يعقبوه ؟
وفي ذلك يزعم الهالك ابن عربي - أخمد الله تعالى ذكره : " ولما رأت عقول أهل الإيمان بالله تعالى أن الله قد طلب منها أن تعرفه بعد أن عرفته بأدلتها النظرية علمت أن ثم علماً آخر بالله تعالى لا تصل إليه من طريق الفكر، فاستعملت الرياضات والخلوات والمجاهدات ... والانفراد والجلوس مع الله، بتفريغ المحل وتقديس القلب عن شوائب الأفكار" "الفتوحات المكية"(4/121) نقلاً عن "مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية، وأثرها السيئ على الأمة الإسلامية"لأبي عبد العزيز إدريس بن محمود إدريس(1/90) مكتبة الرشد ط. الأولى 1421هـ
ويزعم الغزالي – عفا الله تعالى عنه- أن : " الأنبياء والأولياء انكشف لهم الأمر، وفاض على صدورهم النور، لا بالتعلم والدراسة والكتابة للكتب، بل بالزهد في الدنيا، والتبري من علائقها، وتفريغ القلب من شواغلها، والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى، والاختلاء في زاوية، مع الاقتصار على الفرائض والرواتب، ويجلس فارغ القلب، مجموع الهم، ولا يفرق فكره بقراءة قرآن ولا بالتأمل في تفسير ولا بكتب حديث ولا غيره ... وهكذا يصبح متعرضاً لنفحات رحمة ربه، فلا يبقى إلا الانتظار لما يفتح الله من الرحمة كما فتحها على الأنبياء والأولياء" "الإحياء"(3/21) نقلاً عن "مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية..."(1/90)
( شطح ) ص(50) قال حزيناً حال حديثه عن العقلية الصوفية الانكفائية - كما زعم : "تحرص هذه العقلية على استيعاب المتغيرات بشكل يقلص من فاعليتها في التثوير والتشديد والتجديد" .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 21
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
( شطح ) ص(55) ينقل قبحا، ويذكر كفرا، ويرجو جورا، ويزين الفجورا، وذلك قوله - باعتبار استدعائه مع عدم إنكاره : "إن البيئة قد تؤثر في أهلها فتلونهم بلونها، وتصبغهم بصبغتها، ولكن هناك من يشق عصا الطاعة ويتمرد على هذه القوانين إذا كان معاناً بسرّ إلهي ومحفوظ بروح قدسي وله من فطرته السليمة ومزاجه المستقيم تفكير غير تفكير الناس، وطبيعة غير طبيعتهم" .
أقول : وهذا النسناس المذكور الذي يشبه الناس من جهة خلقته ويغايرهم تفكيرا - كما زعم - كيف يَسُوس الناس ؟ كيف يُقاد ؟ ومن يَقود ؟ وكيف تتحقق القدوة ؟ بل كيف يكون اجتماعيا ؟ كيف يؤثر نفسيا ؟
خلط وخطل وخبل !!!
( شطح ) وفي ص(55) ينحطّ الهائج فيذكر مذكّرا عن التنظيم الصوفي العسكري فيقول مهيّجاً : "وقد أخذت مراتب الصوفية في هذا العصر شكل التنظيم العسكري متوافقاً مع طبيعة الدولة المملوكية التي كانت دائماً مستنفرة"
( شطح ) وفي ص(69) يستعدي الصوفية الدهماء على الأمراء ويجلي منهج الخوارج والرافضة والإباضية وبعض الأشاعرة والحركات التكفيرية المعاصرة فيقول : " ولقد بلغ الجارحي شأناً عظيمة في هذه الفترة لدرجة أن الشكوى كانت ترفع إليه وكان الأمراء يقفون بين يديه فلا يأذن لهم بالجلوس، وقد حملوا الطوب والتراب في بناء زاويته" ولم يقتصر الأمر على ترفع المشايخ على الأمراء بل امتد في هذا العهد إلى السلطان ذاته، فعندما ضاق السلطان الغوري بالشيخ الصوفي شمس الدين الديروطي الذي اتهمه بالتقصير في حمل الأمة على الجهاد وذهب الديروطي إلى السلطان فحياه لكن السلطان الغوري استقبل التحية بالصمت فزجره الديروطي قائلاً إن لم ترد السلام فسقت وعزلت..."إهـ
أقول : وفي هذه الفقرة الفاجرة عدة مخالفات :
المخالفة الأولى : الافتيات على السلطان . وذلك نقله ( أن الشكوى كانت ترفع إليه )
المخالفة الثانية : إذلال السلطان، وقد قضي أن الواجب الإعزاز لا الاستفزاز، المناصحة لا المناطحة .
المخالفة الثالثة : مخالفة الأدلة الشرعية في باب الإمارة القاضية بالصبر على جور الولاة مع النصح والصبر والدعاء كذا الكفّ - اللسان والبنان .
( شطح ) وفي همجية بعيدة عن المنهجية يقول ص(79) : " يبدو أن الأحزاب المصرية قد وقّعت فيما بينها عقداً ضمنياً غير مكتوب على أن تترك القطاع الصوفي رغم ما يموج به من جماهير غفيرة من دون أن تحاول بذل جهد في تعبئتهم وتجنيدهم وتثويرهم"
أقول : لا يا أخي لا يُتركون! بل الواجب نصحهم وتعليمهم وردّهم أولاً إلى الودود - سبحانه وتعالى- وما بعده من إصلاح تابع للصلاح .
( شطح ) وفي ص(80) قال : " وشهد التأريخ رجالاً للصوفية انتصروا للجماهير ضد الحكام ... الشعراني نفسه فيقول : "ومما وقع لي من كراهيتي للظلمة مع شدة اعتقادهم بأن شخصاً منهم شرع في ظلمة أهل مصر وأرسل يأخذ بخاطره، فجردت له سيف المقاطعة ورتبت الفقراء للدعاء عليه..." .
قلت – تنبيها للكاتب : هذا هو أقصى ما يمكن أن يفرزه منهج صوفي ( فجردت له سيف المقاطعة ورتبت الفقراء للدعاء عليه ) مع انحرافه وانجرافه للباطل بالباطل .
ولا يخفى رجمه لدعوى الكاتب عموما، وفي نقله هنا - والذي لا يوافقه!! - خصوصا .
( شطح ) وفي ص(81) قال : " كما قد تمثل الطريقة الصوفية جماعة ضاغطة في اتجاه السلطة، لها نفوذها بفعل تضامن عشرات الآلاف من المضويين تحت لوائها...
وينقل عن أحمد صادق سعد " ... فهؤلاء الدراويش والمجاذيب الذين ارتدوا الملابس المنافية وعاشروا الحرافيش والمعجمين باسم الدين كانوا في الحقيقة يدعون إلى التحرر من القواعد الاجتماعية الصادرة عن السلطة، وينتزعون من المعممين الرسميين قسماً واسعاً من الطبقات الشعبية التي تحترمهم لما يظهرونه من احتقار لحياة الرافهية والترف التي تكون المحرك الفعلي للطبقة الحاكمة الطامعة" .
لا إله إلا الله، ما أجرأ هؤلاء! ما أجهلهم! لقد دعونا من قبل ورجونا : احترام عقول المخاطبين، وعلى كل حال ففي هذا النقل :
أولاً : اعتباره أن الكثرة سبب للضغط على السلطة - غاضا الطرف عن المهية والكيفية - في تنكر للعقل والفكر كما الشرع .
ثانياً : استغفال المتصوفين والمصريين : وذلك زعمه أن المجاذيب كانوا يتنكرون وراء زيّهم البذيء تنكرا للمجتمع ومكرا لاستقطابه لمواجهة السلطة .
ثالثاً : الطعن في المجتمع المصري وذلك أنه انساق وراء الدراويس والمجاذيب ومعاشري الحرافيش والمعجمين، وهموا هموا، بل ويحترمهم! .
رابعاً : الطعن في العلماء وعلمهم إذ المجاذيب كانوا أكثر منهم إقناعا للعامة فقنعوا بهم وقمعوا لهم .
خامساً : الطعن في المتصوفة أنفسهم ووصفه لهم بالمجاذيب، بعد النفاق، ولبسهم لباس الذل تصنعا، وسعيهم وراء الكذب والمكر، وذلك قوله ( ... المجاذيب الذين ارتدوا الملابس المنافية وعاشروا الحرافيش والمعجمين باسم الدين كانوا في الحقيقة يدعون إلى التحرر من القواعد الاجتماعية الصادرة عن السلطة ) .
هذا يا هذا ما فهمناه من قولك ونقلك السابق، فهل هو صادق في شيء ناصح ؟
وهل هو للمصريين وولاة أمرهم – علماء وأمراء- بل وللمتصوفة مادح أم قادح ؟
وهل هذه عُدتك وخطتك التي تستقوي بها في مواجهة من زعمت ؟
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 22
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
( شطح ) وفي ص(82) يقول : "وهذه المؤسسات الصوفية تعد تجمعات إنسانية تحمل بين جوانبها العديد من الفقراء والمحتاجين والهاربين من بطش السلطة وقسوة المجتمع... خاصة في ظل غيبة أو عدم فاعلية المؤسسات الرسمية" إهـ
قلت : إذاً هي جمعيات وتجمعات – طرق- صوفية ظاهرا، وباطنيتها تنظيمات سريّة سامّة تسعى لقلب نظام الحكم! فليردّ عليك المتصوفة! أيا صوفي!! ( ضرب أخماس لأسداس ) .
( شطح ) وفي ص(89) قال : "وهناك أيضاً حالة نادرة لتكوين نواة عسكرية صوفية منظمة تدافع عن أمن الوطن ضد أعدائه متمثلة في جماعة أنصار الحق التي أسسها الشيخ الصادق محمود أبو العزايم شيخ الطريقة العزايمية بالتعاون مع كل من اللواء محمد صالح حرب رئيس جمعية الشبان المسلمين وأحمد حسين رئيس حزب مصر الفتاة" .
قلت : وللاحظ أن يلحظ كيف أضمر هنا ما أظهره – مرارا- هناك، فقال ( الوطن ضد أعدائه ) ولم يقل ضد الكفار المستعمرين انسجاماً وتمشياً مع السياق! وقد علمتم من أعداء الكاتب الحقيقيين ( سلطة مستبدة، ومجتمع فاسد ) وعدّ – متأسفا - هذا التجييش ( حالة نادرة )
والحق .. أنه هو ( حالة نادرة ) ونحن بدورنا نحمد الله تعالى على ذلك .
( شطح ) ص(89) قال متأسفاً : " ومن هنا نجد أن تاريخ الخضوع للحكام والانسحاب من ساحة المواجهة الحقيقية وقت الحسم كان سمة غالبة للمتصوفة لا يقطعها سوى ومضات متفرقة وفردية لمقاومة سلطة غاشمة أو مواجهة احتلال"
قلت : وهنا - استمرارا في مسلسل الإثارة والتهييج والتحريض والتحريش- اعتبرها ( ومضات ) كما عدّ سابقتها ( حالة نادرة ) وما هي في حقيقتها إلا ظلمات وجهالات تجرّ عليه وعلينا والأمة الويلات، ولا يكون وراؤها خيرات، لمخالفتها الآيات البينات، والسنن الواضحات، وأقوال السلف المُبيّنات .
ومن ثم نقول لذا الثائر : إن السعيد من وعظ بغيره! فإذا كان الأمر كما ذكرت ( الانسحاب من ساحة المواجهة الحقيقية وقت الحسم ) مع ما تقرر من كونهم ينفرون من السياسة والسياسين؛ لكونهم جهمية جبرية اتكالية فمن الحمق الاستقواء بهم واستعدائهم، الأمر الذي فيه مع حتفك هلاكهم، وفي وقت الحسم يكون القصم .
( شطح ) ص(134) إبان ذكر الأسئلة الاستبيانية نفر معه القلم وهاج سؤال: في أي عام تمرد الأمن المركزي على السلطة ؟
وتمرد هذا السؤال ظاهر، غير أننا نستنطق الكاتب - وهو السياسي - بما أسفر ذا التمرد؟ مع كون أربابه ذوي قدرة قتالية وعتاد حربي! فكيف لو استنفرتَ مَن دعوت وهموا هموا، وأنت أنت؟! إيهٍ يا سياسي!!
( شطح ) وفي ص(149) ينقل : "إن العدل شرط أساسي لوجود الدولة فإذا وجد فنحن أمام دولة وإن غاب فنحن أمام أي شكل مجتمعي آخر لكنه ليس الدولة"
قلت : نذكر هذا ونذكّر بنعيقه المؤذي الصاخب الصارخ بفساد السلطة وضرورة مجاهدتها لتغييرها !!!
ويُسأل : من الذي اشترط هذا الشرط ؟ هذا أولا .
ثانياً : سمي لنا دويلة فضلاً عن دولة - قديمة أوحديثة - بل شخص – خلا نبي- خلا من ظلم ؟
غفر الله تعالى للمتنبي إذ قال :
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعلة من يظلم .
وابن الوردي – رحمه الله تعالى- إذ قال :
والناس أعداء لمن ... ولي الحكم هذا إن عدل .
ثالثاً : يقال للكاتب لقد كان مناط دعوتك لتهييج المصريين عموما والمتصوفة خصوصا فساد السلطة، وقد تقدم حكمك بالمجتمع أيضاً بالفساد كما السلطة، وعليه فمن يخرج على من ؟
هذا مع اعتبار أن التفريق بين المتلازمين والجمع بين المتناقضين قادح في الضرورة العقلية !
نذكر هذا مبرزين دعوة الكاتب التكفيرية الغالية والتي لا يسلم من شرها وشررها حاكم ولا محكوم، ونذكر معه حديث "والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل" صححه العلامة الألباني في الإيمان لابن تيمية
( شطح ) ص(154) ومن طريف ما يذكر أن الكاتب الثوري ومن كثرة طنطنته حول الثورة والتثوير، وقد جاء الحديث عن الثروة فأبى إلا أن تكون ثورة!
إذ قال وهو يتكلم عن الغنى والفقر : "أما الغالبية فقد اختارت الأصلح بغض النظر عن الثورة" وأراد الثروة
( شطح ) وفي ص(169) قال معرضاً بفساد السلطة وسوء سياستها، محرشاً كإبليس "والقاهرة بالنسبة لمصر هي الرأس الكاسح، وبقية الأقاليم هي الجسد الكسيح"
( شطح ) ص(172) قال : "إن الشخص الذي يملك قدراً من المعلومات السياسية من دون أن يترجم ذلك في اتجاهات عملية ملموسة، أي : يتخذ سلوكاً إيجابياً تجاه الدولة والمجتمع يكون وضعه أكثر حرجاً ومدعاة للنقض والقدح من أولئك السلبيين الذين يفتقدون أي معلومات عن السياسة وشئونها"
قلت : وقد تقدمت دعوته إلى وجوب – ولا وجوب- السياسة على الجميع، كما قد تقدم قصره السياسة على مجالدة بل ومجاهدة الحكام المسلمين؛ لفسادهم واستبدادهم – زعم- ومن ثم تبرز لنا حقيقة الإيجابيّة المرجوة، ومهيّة السلبية المأبيّة .
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 23
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
( شطح ) ص(174) ذكر امتناع البعض عن الانتخابات بسبب ما "يكلفهم هذا عناء الملاحقة الأمنية أو المسائلة" في إيماءة إلى الفساد الأمني، كتخصيص بعد تعميم قوله بفساد مؤسسات الدولة الرسمية .
( شطح ) وفي ص(173) تكلم عن العدالة الاجتماعية - كما هو حديث الحركيين التكفيريين بقضه وقضيضه - ثم قال مستدركاً : "ولكن الانحياز للعدل الاجتماعي يبقى حبيس الصدور ولا يترجم إلى محاولة في الواقع لإحقاق هذا العدل أو الدفاع عنه ... إلخ " .
يقال له وشبهه : إن سلمت من الإحن والدغل ورجوتم الخير كل الخير، فعليكم بالنصح، اطرقوا قلوب وعقول ولاة الأمر بصدق ومصداقية فيما تطرحونه، وليس وراء ذلك هَدي ولا هُدى، للخبر الصادق عن الصادق في الباب()
( شطح ) ص(180) الحديث عن شرك القصور لا القبور() إذ قال : " وكان للطريقة القادرية دور مهم على درب الجهاد سواء في غرب القارة أم شمالها، وفي الغرب حول الشيخ عثمان بن فودي (1754-1817)م أتباع هذه الطريقة من السلبية إلى الإيجابية بإحياء روح الجهاد والاستشهاد فيهم ضد الملوك والسلاطين المستبدين... وأول خطوة للجهاد لدى ابن فودي كانت مواجهة التقاليد القبلية والعقائد الوثنية الجامدة التي انعكس تصورها السياسي في اعتقاد أن الملوك والسلاطين لهم أماكن خاصة يجب تقديم القرابين لها مثل الغابات والصخور والبحر، وأن تواجدهم في الحكم هو استمرار لإرادة الأسلاف التي وضعتهم في هذه المكانة والتي تتصل بهم من دون غيرهم على الدوام وتمدهم بالعزم وتبرر بقائهم في الحكم ولم تكن القلة التي تعتنق الإسلام في تلك المنطقة بمنأى عن الذوبان في هذا التصور السياسي المريض إذ ظهر من بين المسلمين فقهاء للسلاطين يستخدمون ما في عقولهم وما في أفئدتهم من يقين لتبرير سلوك الحكام ويمزجون في سلوكهم بين الإسلام والمعتقدات الوثنية"
( شطح ) ص(202) قال متأسفاً : "وإذا كان بعض مشايخ الصوفية قد أغضبهم ظلم السلاطين للرعية ودعوا لمقاومة الجور وانتصروا للجماهير فإن هذا لم يحدث سوى مرات نادرة وكان يتم بشكل فردي ومنقطع، ولم يكن أبداً يمثل سياسة متواصلة تنم عن إصرار على انتزاع الحقوق والتعامل مع الدين بوصفه ثورة على الظلم والتجبر والفساد"
قلت : لا .. إنه دين الرفض، لا دين الله تعالى! الإسلام قام على مراعاة الحقوق وحفظها، وأولها وأعظمها : حق الله تعالى : وهو التوحيد . والكلام ذو شجون، وفيه طول .
( شطح ) وفي الوقت الذي يسعى الكاتب لتجييش جيوش الحقد والحنق على ولاة الأمر والسلطة المستبدة بزعمه، ويسعى تصريحا وتلويحا للتثوير والخروج، بل ويرفع عقيرته بالطعن في المجتمع المصري ويرميه بالفساد، يفجأك قوله ويفجعك، في ص(137) : " أما طرابلس فهي عاصمة دولة مجاورة لمصر، ومفتوحة أمام المصريين وقت إعداد الدراسة، ويحكمها رئيس له صوت عال في التعليق على قضايا الأمة، وله أراؤه الجريئة ومواقفه غير المتوقعة..." إهـ
قلت : ويعدّ هذا تهييجا خارجيا على مصرنا كما هيّج داخليا، وفيه كذلك دعوى لتهجير المصريين!!!
فما وراء ذلك إلا التكفير العام فالتقتيل والتفجير؟ هذا ونشير إلى أن الكاتب أومأ إلى ذلك()!
ثم يلتفت للكاتب فيقال له قولا مختصرا :
فإذا كانت مصرنا ليبيا ورئيسها كما ذكرت، فلما لا تفارقنا إليها وهي كما ذُكر مفتوحة ؟
ما هذا الجحود الشرعي والعرفي أيا كنود ؟
بل لما نشرت كتابك في مكتبة الأسرة التي تدعمها الدولة؟! تقبل إعانتها وتسبّها ؟!!
ألم تنقل لنا مُقراً ومُستقوياً!! عن كتاب لعلج! وسم بـ "ينبغي أن نحب الدولة"
أيا عربي! تقول العرب " لا تبل في قليب شربت منه"
أعود فأقول : نحن خبرنا هؤلاء وأشكالهم، يعشقون التلون والتقلب مع المواقف وحسب الأحوال، هؤلاء لا يؤمنون إلا بأفكارهم، ولا يرضون إلا على أشكالهم، فما أتعس مجاوريهم، وما أشقى متابعيهم، بل ما أضيق صدورهم؟ ! نذكرهم، حامدين لله تعالى شاكرين على نعمة الإسلام والسُّنة .
( شطح ) قال في ص(149) : " والمفكر السياسي "جين بيك" يقول في كتابه : " ينبغي أن نحب الدولة " " : إن العدل شرط أساسي لوجود الدولة، فإذا وجد؛ فنحن أمام دولة، وإذا غاب فنحن أمام أي شكل مجتمعي آخر، لكنه ليس الدولة" إهـ
قلت : وبناءًا على ما تقدم .. أوجبوا تجييش الجيوش وإعداد العدة، واتخاذ حكومات داخل الحكومة، ومحاربة نظمها واستحلال مخالفتها، حتى تأتي الحكومة المعصومة؟!! تباً .. تبا، سحقاً .. سحقا .
أقول : وتأويلاً لنقله عن ذاك العلج الذي وسم كتابه ( ينبغي أن نحب الدولة ) وقوله الذي أقرّه الكاتب ( إن العدل شرط أساسي لوجود الدولة..." مع تقرير الكاتب فساد دولتنا حكاما ومحكومين – وحاشاها وحاشاهم- في الوقت نفسه الذي أثنى على دولة مجاورة!
وعليه .. كان الواجب أن يسمي كتابه ( ينبغي أن نحب لبييا ) أو ( ينبغي أن نحب إيران ) لا ( الصوفية والسياسة في مصر )
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 24
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
((( فصول متممة )))
((( فصل : التدليل على تلوث الكاتب بالمنهج الرافضي المرفوض )))
وتحته نقول : مع ما تقدم من بيان حال إيرادنا لانحرافات الكتاب الإيمانية والأمنية، نذكر هنا قرائن آخرى دالة على ما أشرنا إليه في صدر نقدنا من كون كاتبه رافضي – هوى أو انتماءا – مرفوض كمنهجه .
( دليل ) نقل الكاتب القدح في الصحابة – رضي الله تعالى عنهم أجمعين : في ص54 قال : "وقد حرص أتباع الطرق الصوفية الراهنة على ربط مشايخهم وأوليائهم بالرسول - صلى الله عليه وسلم- والإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه- وبعض الصحابة ومن هنا يستمد المشايخ والأولياء شرعيتهم في قيادة الطرق وجمع الأتباع ومواجهة المنتقدين لهم، من هذه الصلة المقدسة ... وأعدّ بعض مشايخ الطرق الصوفية الذي ينتسبون للأشراف شجرة النسب التي تتفرع منها الأسماء عبر الزمان والمكان لتقف عند بعض أقطاب الصوفية مثل البدوي والشاذلي والرفاعي والدسوقي في منتصف الطريق وتنتهي الرحلة دائماً عند الرسول - صلى الله عليه وسلم- ومروراً بالإمام علي بن أبي طالب وأولاده الحسن والحسين وأحفاده ... أما أتباع الطريقة الحامدية الشاذلية فيقولون في هذا الشأن : كان شيخنا رضي الله عنه منحدر من سلالة هاشمية وذرية نبوية إذ ينتمي جده الأعلى إلى سيدنا الحسين بن علي - رضي الله عنهما- ومعنى ذلك ان الدماء المحمدية تسلسلت في أصلاب أبنائه وجدوده حتى وصلت إليه واستلزم ذلك أن يكون القبس النوري قد خالط تلك الدماء المتنقلة من بطن إلى بطن في هذه السلسلة" .
قلت : لك أن تلحظ :
أولاً : المغايرة بين العنوان والمضمون، فالأول التصوف والثاني التشيع، تمشيا مع أصولهما – الكذب والمكر- وموافقة لقولنا أنهما وجهان كريهان كئيبان لدعوة واحدة زائفة زائغة.
ثانياً : الشركة في الاتباع بين الرسول – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- وأمير المؤمنين علي – رضي الله تعالى- في حصر وقصر، بل – وبعد ذلك- قصر النسب الشريف على أبنائه وأحفادة وفاقا للمنهج الرافضي الغالي الغابن الغائر في الغواية .
ثالثاً : قدحه الظاهر في الوحي – قرآن وسنة- القاضي بتعديل جميع الصحابة – رضي الله تعالى عنهم أجمعين- المستلزم اتباعهم، وفي مقدمتهم العمرين وذي النوريين وهم خير من أبي الحسنين – رضي الله تعالى عنهم أجمعين- ثلة مباركة، وذلك قوله ( بعض الصحابة ) ()
رابعاً : المخالفة العقدية وذلك في قوله بعدما تقدم (... ومن هنا يستمد المشايخ والأولياء شرعيتهم في قيادة الطرق وجمع الأتباع ومواجهة المنتقدين لهم ) وقد اتُفق أن النجاة مترتبة على الإيمان والعمل الصالح، لا مجرد الاتكاء على النسب ولو كان شريفا، فإذا ما انضم ذا إلى ذا، كان نورا على نور .
خامساً : ومع ما تقدم – من إثبات صلاح ونسب- فلا يمنعن هذا من تعليم وتوجيه بل والإنكار على ذي النسب الشريف إذا ما خالف نصح صحيح، إذ النص قاض على كل أحد، وأمامه يظعن كل أحد .
سادساً : بيان أن المتصوفه وإخوانهم الرافضة كم كذبوا وكذبوا في الانتحال والانتساب خداعا وتغريرا ولا سيما من ذكر عاليه – البدوي والشاذلي والرفاعي والدسوقي – مع اعتبار ما تقدم من أصول في الاعتقاد والعمل والسلوك .
سابعاً : إبطال الغلو في دعوى ( أن الدماء المحمدية تسلسلت في أصلاب أبنائه وجدوده حتى وصلت إليه واستلزم ذلك أن يكون القبس النوري قد خالط تلك الدماء المتنقلة من بطن إلى بطن في هذه السلسلة )
قلت : هذا إلزام غير صحيح تردّه – مع الواقع – النصوص فكيف يكون ملزما ؟
فنبينا – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- بشر، خلق مما خلق منه البشر، عبد لا يعبد، غير أنه رسول لا يكذب، واختصارا ندعو القارئ لقراءة بحث "الظلمة والنور في فرية خلق النبي من نور" للمؤلف وفيه الكفاية .
( دليل ) وفي ص(64) يقول : "يرجع البعض بالتصوف إلى صدر الإسلام حين انتهى الجيل الفريد الذي أحاط بالرسول - صلى الله عليه وسلم- وفي هذا يقول أبو حامد الغزالي : " بعد انقضاء عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وانقطاع الوحي، وتواري النور المصطفوي اختلفت الآراء وتنوعت الأنحاء وتفرد كل ذي رأي برأيه، وكدر شرب العلوم شرب الأهوية وتزعزعت أبنية المتقين واضطربت عزائم الزاهدين وغلبت الجهالات ... " إهـ
قلت : الجهالات أنت بل أنتم أربابها، لا الصحابة الكرام – رضي الله تعالى عنهما- أئمة الهدى وسادات الأولياء والمتقين، هذا أولا وثانياً وآخرا .
ثانياً : من الجهالات قوله "صدر الإسلام" ثم إردافه بقوله "حين انتهى الجيل الفريد" مع ما فيه – تضميناً- من الاستغناء عن التصوف والرفض وكل الفرق الحادثة في القديم والحديث، فما لم يكن في الجيل الفريد صدر الإسلام دينا، فليس بدينا، والفلاح والنجاح والرباح، كما النصرة والنجاة في اتباعهم لقول النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ( حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك ) وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة ما أنا عليه وأصحابي" "صحيح الجامع" برقم(5343) من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله تعالى عنهما .
ثالثاً : التأكيد والتوكيد على أن النبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- بشر خلق مما خلق منه البشر، كلّف وسيسأل شأنه شأن العبيد، غير أنه سيدهم، فليخنس الغلو وليخسأ أهله .
وأن السنة ( النور المصطفوي ) قائمة وستظل، ولكن ما الحيلة في الخفافيش ؟! العيب فيها لا في النور !
أبو محمد عبدالحميد الأثري- المدير العام .. وفقه الله تعالى
- عدد الرسائل : 3581
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 25/04/2008
- مساهمة رقم 25
رد: إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة ( للقراءة )
( دليل ) طعنه في العهد الأموي : وفي ص((80 يظهر البخر الرافضي من فم قلمه إذ قال : " وكما سبقت الإشارة فإن التصوف كان رد فعل للظلم السياسي والتفاوت الاجتماعي الذي وجد في العصرين الأموي والعباسي"
وكرره في ص(93) قائلا : " وعن الخلل الذي حدث في توزيع الثروة في العهد الأموي وحتى مجيء الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز"إهـ
قلت : هل يصحّ هذا الإطلاق وعلى رأس العهد الأموي : الخليفة الراشد أمير المؤمنين ذي النورين عثمان ابن عفان – رضي الله تعالى عنه- وكان فيه ما فيه من الصحابة العظام – وكلهم كذلك- بل ومنهم أبو الحسنين!!
فهل يقرّ هؤلاء الظلم ويخضعوا له! حاشاهم، فما بقي غير الادعاء الرافضي بخطابه الكاذب العاطفي، استكثارا بالغوغاء وإلهابا لمشاعر الدهماء .
وكذلك يعدّ من أئمة ذاك العهد الميمون أحد سادات الجاهلية والإسلام العظيم زوج العظيمة والد العظماء أبو سفيان صخر بن حرب – رضي الله تعالى عنهم أجمعين .
كما تشرّف ذاك العهد بوجود - على رأسه - أفضل ملوك هذه الأمة بل ملك الإسلام، خال المؤمنين، كاتب الوحي معاوية بن أبي سفيان – رضي الله تعالى عنه - وتباً للرافضة .
( دليل ) طعن الكاتب في أحد سادات التابعين : أبو سعيد الحسن البصري – رحمه الله تعالى- والعلة الإمامة! :
وفي ص(66) قال : "وها هو الحسن البصري المتوفى 110هـ مبرر الاستسلام والخضوع والسلطة والانسحاب من ميدان مقاومتها ... أما الحسن البصري فإنه لم يكن قد ناصر الحجاج وقد ساهم في تدوين سلطته بشكل غير مباشر وذلك من خلال دعوته للصبر وعدم حضه على التمرد والثورة والخروج" .
( دليل ) ذكره الإمامية الشيعة دونما إنكار، فإذا انضم إلى سابقه ولاحقه ظهر برهان :
وفي ص((50 يقول وهو يتحدث عن الولاية وتشبيهها بالإمامة – وهما أصلا أصول منهجي التصوف والتشيع - واشتراكهما : " تأخذ الولاية عن الصوفية معناً اصطلاحيا خاصة تتميز به عما يفهمه الآخرون عنها فهي تنطوي على شكل رمزي يشبه فكرة الإمامة عن الشيعة، فالولي الصوفي والإمام الشيعي في نظر أتباعهما معصومان" .
وفي ص(201) وهو يتكلم عن المشيخة الخرافية والإمامة الشركية وإرث الولاية المتسلسل من نور المزعوم فيقول : "فالشيخ قائد مطاع يتكئ على شرعية مستمدة من الانتساب إلى آل البيت أو الأولياء الكبار مثلما يعتقد المتصوفة، وهو يرث المشيخة من أبيه..." .
( دليل ) الجمع بين التشيع والتصوف، وتقديم التشيع؛ وإظهاره كما هو شعاره في صورة المُغتصَب :
ففي ص(65) قال : "فالبعض يربط انتشار الحركات السياسية مثل حركة الزند 255هـ وحركة القرامطة التي بدأت عام 278هـ ضد الدولة العباسية للتشيع والتصوف() وامتد هذا الركض إلى دول إسلامية عدة منها الدولة الفاطمية التي تستر مؤسسها أبو عبد الله الشيعي في رداء الزهد لاستقطاب البربر في المغرب... وعلى غرار ذلك استغل بعض أعداء الشيعة الزهد في الثورة على الفاطميين، كما فعل أبو ركوة الذي ثار على الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله عام 317هـ كما استغل الشيعة التصوف عسكرياً من خلال حركة الصوفي الذي ثار على أحمد بن طولون عام 256هـ" .
وفي ص(67) قال : "وفي عهد العزيز بالله الفاطمي أنشأت مساكن لدارسي المذهب الشيعي بجوار الجامع الأزهر... وفي أواخر عهدهم أنشأ الفاطميون المشهد الحسيني عام 550هـ عندما شعروا بأن سلطتهم ضعفت ليجذبوا المصريين() وعهدوا إلى ابن مرزوق القرشي 564هـ تربية مريدي الصوفية فانتظم أتباعه في طوائف وطرق لنشر الدعوة الشيعية إلا أن هذه التنظيمات انهارت بانهيار الدولة الفاطمية وتحول المشهد الحسيني إلى ضريح صوفي" .
قلت : وعليه .. فالوثن المصري الشاخص باسم الحسين() مع كونه وثن لا حقيقة تحته، وكون الواجب هدمه – من قبل ولاة الأمر- فهو إرث شيعي، ومن ثم، فعليهم – مع الوزر – استرداده من المتصوفة!!
وهنا تشبّ ثورة المجانين وتضطرم! وعلى هذا المُهرِّج المهييج وزر إشعالها .
فالبدار .. البدار بإخمادها : إما بزجرهم جميعاً عن الشرك ووسائله؛ فتخرب() .
وإما بهدم هذا الوثن وكل الأوثان، احتسابا واتباعا، مع مرعاة المفاسد - الداخلية والخارجية- والباطل زاهق وأهله، ولا بدّ .
( دليل ) وصفه الخميني الهالك بالإمامة، والهوى المصري بأنه شيعي! وهيهات .. هيهات .
وفي ص(87) عن خروج التصوف ( من أديرته ) - هذا لفظه - قال : "... لدرجة أن البعض يقول إن مصر تحمل روحاً شيعية، وفي مقدمتهم الإمام الخميني الذي طالما ردد : " مصر سنية المذهب شيعية الهوى " .
قلت : إذاً الكاتب! متابع لذا الهالك متابع ! وهذه العبارة الخومينية خطأ وخلط كصنيع الكاتب المتابع!
فمن أصول السُنّة محبة صالحي آل البيت، وها هي أمات كتب الحديث ومقدم أسفار الاعتقاد حافلة بذا الأصل داعية إليه، وعليه فكل سني شيعي، وكل شيعي سنّي، وتباً للأدعياء .
كيف يغايرون بين السُنَّة والهوى الشيعي بالمعنى الشرعي لا البدعي؟ وعليه فمصرنا سنية هوى واتباعا، خلافا لدعوى كل دعي .
أما سُنَّة هؤلاء وهواهم، ومن ذكر الكاتب تخصيصاً، فإليك أنموذجاً واحداً وأراه كافيا : هذا إمامهم الخميني يفتيهم : " لا بأس بالتمتع بالرضيعة تقبيلاً وضماً وتفخيذاً" "تحرير الوسيلة"(2/241) و"كشف الجاني"ص(138)
» إنباء أبناء العصر بشطحات كتاب "الصوفية والسياسة في مصر" - لأول مرة على هيئة كتاب إلكتروني
» "التصوف والطهر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة
» "العزيز" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى
» "الناعق والتابع" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى
» "ليس هذا بعشك فادرجي" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى
» "التصوف والطهر" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة
» "العزيز" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى
» "الناعق والتابع" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى
» "ليس هذا بعشك فادرجي" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى