بعد البسملة والحمدلة والحوقلة، أقول :
نسأل الله تعالى العافية، جملة دعائية جامعة أمرنا بالتزامها حال الشدة والاستقرار، والدعاء بها طرفي الليل كما النهار، وصلتها بالحفظ والنصرة والخير: جبار .
وسؤال الله تعالى العافية مأمور به، محبوب لله العزيز الغفار، لذا أمر بها- أمرا عاماً-الأبرار
بل وسؤال الله تعالى العافية ذات تعلق بالسلامة في القبر، بل والنجاة من النار .
والدليل على ما تقدم نقول :
نسأل الله تعالى العافية في الشدة : جاء في "الصحيح" عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله- يعني بن معمر وكان كاتبا له- قال كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى حين خرج إلى الحرورية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو قال: يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله تعالى العافية؛ فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قال: اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم" "صحيح سنن أبي داود" برقم(2631)
نسأل الله تعالى العافية في الليل : عن ابن عمر رضي الله عنهما- أنه أمر رجلا إذا أخذ مضجعه أن يقول : " اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها، اللهم إني أسألك العافية" قال ابن عمر : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم" "صحيح الكلم الطيب" ص(79) برقم(39)
نسأل الله تعالى العافية في النهار : عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنه- يقول : " لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي" وقال عثمان "عوراتي وآمن روعاتي اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي" قال أبو داود، قال وكيع: يعني الخسف" "صحيح سنن أبي داود" (4/381) برقم(5074)
نسأل الله تعالى العافية، وخيريتها : وعن أبي بكر- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : "سلوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية" "صحيح الجامع..." برقم(3632)
وأصله : أن معاذ بن رفاعة أخبره عن أبيه قال: قام أبو بكر الصديق على المنبر ثم بكى فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر، ثم بكى، فقال: اسألوا الله العفو والعافية؛ فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية" "صحيح الجامع الترمذي" (5/557) برقم(3558)
نسأل الله تعالى العافية للمعافاة : عن أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد رجلا قد جهد حتى صار مثل الفرخ، فقال له: أما كنت تدعو؟ أما كنت تسأل ربك العافية؟ قال: كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله إنك لا تطيقه أو لا تستطيعه، أفلا كنت تقول اللهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" "صحيح جامع الترمذي"(5/521) برقم(3487)
نسأل الله تعالى العافية محبوبة لله العزيز الغفار : عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئا يعطى أحب إليه من أن يسأل العافية .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء قال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي وهو ضعيف في الحديث ضعفه بعض أهل العلم من قبل حفظه وقد روى إسرائيل هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "ما سئل الله شيئا أحب إليه من العافية" "صحيح الجامع الترمذي"(5/552) برقم(3548)
نسأل الله تعالى العافية والأمر بها أمراً عاماً : وعن العباس- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله تعالى عليه وخوانه وآله وسلم : "يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة" "صحيح الجامع" برقم (7938)
وأصله : عن العباس بن عبد المطلب- رضي الله تعالى عنه- قال قلت : يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله عز وجل قال: سل الله العافية! فمكثت أياماً ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، فقال لي: يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة" "صحيح جامع الترمذي" (5/534) برقم(3514)
نسأل الله تعالى العافية للقبر : قال بريدة- رضي الله عنه- كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم: "يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم : " السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية" "صحيح الكلم الطيب"(132) برقم(151)
نسأل الله تعالى العافية للحشر : عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم : " ليودّن أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالمقاريض مما يرون من ثواب أهل البلاء" "صحيح الجامع..." برقم(5484)
فنسأل الله تعالى العافية
وبعد
الحمد لله تعالى على كل حال
وقع ما كنا نحذر ونحذّر، ولا أزيد، ولا أقول إلا قدر الله وما شاء فعل، غير أننا ولما تقدم أدعوكم ونفسي لاستصحاب وملازمة سؤال الله تعالى العافية .
فاللهم منزّل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب : اهزم شرور أنفسنا، ونجنا من سيئات أعمالنا، وانصرنا عليها، وأسبل علينا سحائب عفوك، وأسدل علينا أستار معافاتك، واغفر لنا ربنا، حبب إلينا الإيمان، وزيّن إلينا الإتباع :
الإتباع الآمر : بالصبر على طاعة الحكام والدعاء لهم ولنا بالمعافاة مع بذل النصح السري.
الإتباع الآمر : بالكفّ– كف اليد واللسان- وعدم التجاوز بالخروج- بالقول والفعل- ووصف أهله- كائن من كان- بأنهم "كلاب أهل النار"
الإتباع الآمر: بتحريم مع تجريم المظاهرات والإضرابات للأثر الناجم([1]) .
عباد الله أيها المسلمون : إن الخوارج لا لخير سعوا، ولا بحق قضوا، ولا أخضر أبقوا، إنما هي عواطف عواصف :
عواصف: لكمال إيمانهم، ونعمة أمنهم، وعقد أيمانهم- البيعة- فنسأل الله تعالى العافية .
عواصف: بأبدانهم وأبدان إخوانهم – وهي أمانة، معصومة مسؤولة- فنسأل الله تعالى العافية .
عواصف: بأثمن بل وعموم ممتلكاتهم حسيّة كانت أو معنويّة . فنسأل الله تعالى العافية .
عواصف: هوجاء شمطاء عمياء صماء بكماء حالقة، فالاصتبار والاستبصار . فنسأل الله تعالى العافية .
يا عباد الله! فاسمعوا واعوا : السكينة .. السكينة .
يا عباد الله! الذكر .. الذكر، الله .. الله .
يا عباد الله! حكّموا الشرع القاضي بالانتهاء، قبل الانتهاء .
يا عباد اللهّ! تذكروا الآخرة .. الآخرة، واحذروا النار .. النار .
وفي الأخير : لا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا والله لما يحدث لمصرنا خصوصاً وعموم بلاد المسلمين لمحزنون .
وإنا لله وإنا إليه راجعون .
كتبه
الفقير إلى عفو مولاه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
عامله الله تعالى بلطفه وواسع فضله
في 25/2/1432هـ 30/1/2011م
------------------------------------------------
([1]) ولا تغتروا عباد الله بإطلاقهم "المظاهرات السلمية" فالسلامة في الإتباع، ولو كان خيرا لسبقنا إليه ؟!!!
عدل سابقا من قبل أبو محمد عبدالحميد الأثري في 08.02.11 16:38 عدل 1 مرات