google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad);
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعدد الزوجات في الإسلام
شبهة : البعض ممن يطعن في الإسلام يرى أن الإسلام قد أهان المرأة لأنه سمح للرجل أن يتزوج بأربع زوجات
نقول لهؤلاء الطاعنين : إن الإسلام قد أباح للرجل تعدد الزوجات لحكمة إلهية ربانية عظيمة شرعها لنا الله تبارك وتعالى العليم الخبير بعباده الذي خلقنا وأوجدنا من العدم وأعطانا من النعم ما لا تعد ولا تحصى يقول سبحانه وتعالى :
{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (14) سورة الملك
ومن هذا المنطلق نوضح فيما يلي لماذا أباح الله تبارك وتعالى تعدد الزوجات .
* أولاً : تعدد الزوجات في الإسلام أمر (مباح) وليس فرضاً .
ومعنى مباح : أي يمكن فعله ويمكن تركه حسب الحاجة إليه ، مع الأخذ في الاعتبار أن له شروطاً وضوابط سنوضحها فيما بعد .
* ثانياً : تعدد الزوجات في الإسلام له حكمة عظيمة فهو يحل مشكلة كبيرة في المجتمع عامة.
فالمجتمع بوجه عام قد يتعرض لزيادة عدد الإناث على الذكور بشكل كبير نتيجة للحروب أو لزيادة إنجاب الإناث أكثر من الذكور فعلى سبيل المثال :
لو افترضنا أن هناك مجتمع يحتوى على 200 امرأة 100 رجل بسبب الحروب مثلاً وتزوج الـ100 رجل بـ 100 امرأة فيتبقى في المجتمع 100 امرأة متبقيات بدون زواج .
1- فإما أن لا يتزوجن حتى الموت .
2- وإما أن يزنين ويصبحن خليلات لهؤلاء الرجال .
3- وإما أن يكن زوجات شرعيات لهؤلاء الرجال .
فأيهما أفضل الحلول ؟ أن لا تتزوج أبداً ؟ أو تكون زانية ويكون الرجل خائناً لزوجته لأن له خليلة وينجبا أبناء غير شرعيين ؟ أو أن تكون زوجة شرعية دون خيانة لهذه الزوجة ويكون لها حقوقاً شرعية ويكون لها أبناءً شرعيين منتسبين شرعاً وقانوناً لزوجها ؟
فلاشك أن أفضل الحلول هو الزواج لمصلحة الزوجة ولمصلحة الزوج ولمصلحة الأبناء ولأن الإسلام قد حرم الزنا لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب فلا ندرى من هو أب الأبناء فيكون الأبناء غير شرعيين لا يعرفون لهم أباً بالإضافة إلى ضياع النساء وضياع حقوقهن وإهانتهن ولذلك قال الله تبارك وتعالى : {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} (32) سورة الإسراء . ولقد حدث ذلك بالفعل بعد غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث ترملت الكثير من النساء وتيتم الأبناء فأقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - والكثير من الصحابة على الزواج من الأرامل للسعي عليهن وقضاء مصالحهن وكفالة أيتامهن حتى يظل المجتمع متعاوناً متكافلاً ولأن الإسلام وعد بالأجر العظيم لمن يسعى على الأرملة والمسكين واليتيم •وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالقائم بالليل والصائم بالنهار . والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين " وجمع بين إصبعيه . ولذلك قام الصحابة بالزواج بالأرامل للسعي عليهن وعلى أبنائهن .
إلى هذا الحد قد اهتم الإسلام برعاية الأرامل واليتامى فهل هذه الرعاية تعتبر إهانة للمرأة ? أم هو التعصب الأعمى ضد الإسلام .
وإذا انتقلنا إلى الحالات الخاصة التي قد يبتلي الله تبارك وتعالى بها بعض الناس مثل مرض الزوجة الشديد الذي يمنع زوجها من جِماعها – أو أن تكون الزوجة عقيماً ويكون لدى الزوج رغبة ملحة في الولد – أو أن يكون لدى الزوج رغبة زائدة في الجماع تفوق طاقة الزوجة .. أو ما شابه ذلك • فهذا ابتلاء واختبار من الله تبارك وتعالى • فللزوج أن يصبر على هذا الابتلاء وله الأجر العظيم قال تعالى : { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} (20) سورة الفرقان . وجزاء الصبر عظيم جداً من عند الله تبارك وتعالى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (10) سورة الزمر . ولكن قد لا يستطيع الرجل الصبر وحاجته الملحة إلى الولد – أو إلى جماع زوجته ، وعدم قدرتها على ذلك قد يدفعه إلى الزنا – ولذلك أباح الله تعالى له الزواج بأخرى حتى لا يقع في الزنا . على أن يحتفظ بزوجته الأولى التي يحبها ويعتني بها ويرعاها – ويؤدى لكل واحدة من الزوجتين حقها .
فأيهما أفضل زوجة أم خليلة ? وأبناء شرعيين أم لقطاء ? ومجتمع نظيف يقوم على المودة والرحمة ورعاية مصلحة الأفراد وتحمل كل فرد لمسؤوليته – أم مجتمع يقوم على الزنا حتى تصل نسبة الأبناء غير الشرعيين فيه إلى درجة مساوية للأبناء الشرعيين دون أي ضابط أو رابط .
* ثالثاً : تعدد الزوجات في الإسلام ليس بالأمر اليسير
لأنه يقوم على شروط وضوابط يقول الله تبارك وتعالى : {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} (3) سورة النساء ومعنى تقسطوا : تعدلوا
فانكحوا : تزوجوا
تعولوا : تظلموا وتميلوا عن الحق
ومعنى هذه الآية : فكما خفتم في اليتامى ( الموجودين تحت وصايتكم ) أن تظلموهم فكذلك خافوا في النساء أن تزانوا بهن ولكن تزوجوا ما طاب لكم منهن مثنى وثلاث ورباع إذا تأكدتم من تحقيق العدل بينهن فإن خفتم من عدم العدل بينهن فتزوجوا واحدة فقط أو ما ملكت أيمانكم .
ونخرج من هذه الآية بضوابط للتعدد :
1- أقصى عدد للزوجات اللاتي يجمع بينهن هو: أربع زوجات .
2- وهذا التقييد في العدد مع إعطاء كل واحدة منهن حقها والعدل بينهن لا يجعله أمراً سهلاً .
3- العدل بين الزوجات شرط أساسي للتعدد
4- فإذا لم يتأكد الرجل من قدرته على ذلك فلا يقدم عليه ويكتفي بزوجة واحدة .
والعدل يشمل كل شيء
فالعدل في أن يكون للزوجة الثانية مهراً مناسباً ومسكناً وأن يساوى بينهن في النفقة والمبيت وحتى في البشاشة لهن والتسرية عليهن والتسوية بين الأبناء في كل شيء ولذلك قال رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - ( اتقوا الله في الضعيفين : اليتيم والمرأة ) " صحيح البخاري" ولذلك حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عدم العدل بين الزوجات في هذا الحديث " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط " " رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة " .
فكم سيعاني هذا الرجل المسكين إذا وقف بين يدي الله تبارك وتعالى ونصفه ساقط أو مائل لأنه مال إلى إحدى زوجتيه بإعطائها حقوقها على حساب الزوجة الأخرى فلم يعدل بينهما ولذلك قال الله تبارك وتعالى : {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} (129) سورة النساء
" ولن تستطيعوا أن تعدلوا " : المراد بها : العدل القلبي – لأنه من الطبيعي أن يميل الرجل بقلبه إلى إحدى زوجاته دون الأخرى وهذا أمر لا يستطيع أن يتحكم فيه ولن يحاسبه الله عليه – ولكن المهم أن لا يدفعه هذا الميل القلبي إلى أن يميل إلى هذه الزوجة على حساب الأخرى فيعطيها كامل حقوقها ويترك الأخرى كالمعلقة لا تنال منه حقوق الزوجة من زوجها ولا هو تركها وطلقها لكي تتزوج غيره لأن هذا فيه ظلم شديد لا يُرضي الله تبارك وتعالى ، وسيحاسبه الله تبارك وتعالى أشد الحساب على تضييع هذه الأمانة .
ومما سبق يتضح لنا أن التعدد له شروطً صعبة ترتبط بالعدل فمن لم يجد في نفسه القدرة على تنفيذها فعليه أن يكتفي بزوجة واحدة مهما كانت الظروف .
* رابعاً : قد يتهم البعض الإسلام بعدم المساواة بين الرجل والمرأة لأنه جعل التعدد مباح للرجال دون النساء أي أن الإسلام لم يشرع تعدد الأزواج كما شرع تعدد الزوجات .
ببساطة شديدة : لأن تعدد الزوجات بشروطه وضوابطه السابقة يضمن وجود أسرة لها كيان محترم يعرف الأبناء فيها من هم آباؤهم – أما العكس وهو تعدد الأزواج معناه وجود عدد هائل من الأبناء لا يعلمون من هم آباؤهم ؟ ولنا أن نتصور مدى التعاسة التي سيعيش فيها هؤلاء الأبناء – ومدى التعاسة التي سيعيشها المجتمع بالكامل .
على أن القول بتعدد الأزواج بالنسبة للمرأة الواحدة أمر ينافى الفطرة التي فطر الله عليها كلا من الذكر والأنثى . فطبيعة تكوين الرجل غير طبيعة تكوين المرأة . ونحن نعلم – مثلاً- أن قاطرة السكك الحديدية صممت لتستطيع جر عدد من العربات ؟ أما العربة فتصميمها يرفض أن تجر عدداً من القاطرات • فتأمل .
والشريعة الإسلامية لم تحرم المرأة من حقوقها أو حاجتها الإنسانية في المتعة الحلال المباحة ولذلك إذا افترضنا العكس وأن المرأة هي التي تتعرض لظروف مرض زوجها أو عدم إنجابه أو ما شابه ذلك • فلها أن تصبر وتنال أجر الصابرين بأن تنال الأجر العظيم من الله تبارك وتعالى .
ولها أن تطلب فراق هذا الزوج وتبحث عن زوج آخر تنال معه حقوقها ورغباتها الحلال المباحة دون إخلال في المجتمع أو إفساده .
وأخيراً وبعد كل ما سبق فلم تكن الشريعة الإسلامية هي الوحيدة التي أباحت للرجل تعدد الزوجات • فهناك الكثير من الشرائع السابقة التي أباحت ذلك ولمصلحة الفرد والمجتمع كان التعدد • فياليت من يهاجم الإسلام بتدبر الحكم من وراء شرائعه ويعرف أن حكمة الله تفوق حكمة البشر فيسلم بها ويستجيب بها • قال تعالى : {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} (17) سورة النحل
وخلاصة القول أن الإسلام لم يهن المرأة بأي لون من ألوان الإهانة كما يتصور قصار النظر بل كرمها ورفع شأنها . فإن كانت أماً فالجنة تحت قدميها . وإن كانت بنتاً فتربيتها ورعايتها وقاية من النار . وإن كانت زوجة فالخير كل الخير في حسن معاشرتها وصيانة حقوقها فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " خيركم خيركم لأهله (يعنى زوجته) وأنا خيركم لأهلي .. " وإن كانت أختاً أو عمة أو خالة فصلتهن والبر بهن يطيل العمر ويوسع الرزق .
فأروني أي نظام اجتماعي في العالم يكرم المرأة كما كرمها الإسلام ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعدد الزوجات في الإسلام
شبهة : البعض ممن يطعن في الإسلام يرى أن الإسلام قد أهان المرأة لأنه سمح للرجل أن يتزوج بأربع زوجات
نقول لهؤلاء الطاعنين : إن الإسلام قد أباح للرجل تعدد الزوجات لحكمة إلهية ربانية عظيمة شرعها لنا الله تبارك وتعالى العليم الخبير بعباده الذي خلقنا وأوجدنا من العدم وأعطانا من النعم ما لا تعد ولا تحصى يقول سبحانه وتعالى :
{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (14) سورة الملك
ومن هذا المنطلق نوضح فيما يلي لماذا أباح الله تبارك وتعالى تعدد الزوجات .
* أولاً : تعدد الزوجات في الإسلام أمر (مباح) وليس فرضاً .
ومعنى مباح : أي يمكن فعله ويمكن تركه حسب الحاجة إليه ، مع الأخذ في الاعتبار أن له شروطاً وضوابط سنوضحها فيما بعد .
* ثانياً : تعدد الزوجات في الإسلام له حكمة عظيمة فهو يحل مشكلة كبيرة في المجتمع عامة.
فالمجتمع بوجه عام قد يتعرض لزيادة عدد الإناث على الذكور بشكل كبير نتيجة للحروب أو لزيادة إنجاب الإناث أكثر من الذكور فعلى سبيل المثال :
لو افترضنا أن هناك مجتمع يحتوى على 200 امرأة 100 رجل بسبب الحروب مثلاً وتزوج الـ100 رجل بـ 100 امرأة فيتبقى في المجتمع 100 امرأة متبقيات بدون زواج .
1- فإما أن لا يتزوجن حتى الموت .
2- وإما أن يزنين ويصبحن خليلات لهؤلاء الرجال .
3- وإما أن يكن زوجات شرعيات لهؤلاء الرجال .
فأيهما أفضل الحلول ؟ أن لا تتزوج أبداً ؟ أو تكون زانية ويكون الرجل خائناً لزوجته لأن له خليلة وينجبا أبناء غير شرعيين ؟ أو أن تكون زوجة شرعية دون خيانة لهذه الزوجة ويكون لها حقوقاً شرعية ويكون لها أبناءً شرعيين منتسبين شرعاً وقانوناً لزوجها ؟
فلاشك أن أفضل الحلول هو الزواج لمصلحة الزوجة ولمصلحة الزوج ولمصلحة الأبناء ولأن الإسلام قد حرم الزنا لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب فلا ندرى من هو أب الأبناء فيكون الأبناء غير شرعيين لا يعرفون لهم أباً بالإضافة إلى ضياع النساء وضياع حقوقهن وإهانتهن ولذلك قال الله تبارك وتعالى : {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} (32) سورة الإسراء . ولقد حدث ذلك بالفعل بعد غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث ترملت الكثير من النساء وتيتم الأبناء فأقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - والكثير من الصحابة على الزواج من الأرامل للسعي عليهن وقضاء مصالحهن وكفالة أيتامهن حتى يظل المجتمع متعاوناً متكافلاً ولأن الإسلام وعد بالأجر العظيم لمن يسعى على الأرملة والمسكين واليتيم •وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالقائم بالليل والصائم بالنهار . والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين " وجمع بين إصبعيه . ولذلك قام الصحابة بالزواج بالأرامل للسعي عليهن وعلى أبنائهن .
إلى هذا الحد قد اهتم الإسلام برعاية الأرامل واليتامى فهل هذه الرعاية تعتبر إهانة للمرأة ? أم هو التعصب الأعمى ضد الإسلام .
وإذا انتقلنا إلى الحالات الخاصة التي قد يبتلي الله تبارك وتعالى بها بعض الناس مثل مرض الزوجة الشديد الذي يمنع زوجها من جِماعها – أو أن تكون الزوجة عقيماً ويكون لدى الزوج رغبة ملحة في الولد – أو أن يكون لدى الزوج رغبة زائدة في الجماع تفوق طاقة الزوجة .. أو ما شابه ذلك • فهذا ابتلاء واختبار من الله تبارك وتعالى • فللزوج أن يصبر على هذا الابتلاء وله الأجر العظيم قال تعالى : { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} (20) سورة الفرقان . وجزاء الصبر عظيم جداً من عند الله تبارك وتعالى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (10) سورة الزمر . ولكن قد لا يستطيع الرجل الصبر وحاجته الملحة إلى الولد – أو إلى جماع زوجته ، وعدم قدرتها على ذلك قد يدفعه إلى الزنا – ولذلك أباح الله تعالى له الزواج بأخرى حتى لا يقع في الزنا . على أن يحتفظ بزوجته الأولى التي يحبها ويعتني بها ويرعاها – ويؤدى لكل واحدة من الزوجتين حقها .
فأيهما أفضل زوجة أم خليلة ? وأبناء شرعيين أم لقطاء ? ومجتمع نظيف يقوم على المودة والرحمة ورعاية مصلحة الأفراد وتحمل كل فرد لمسؤوليته – أم مجتمع يقوم على الزنا حتى تصل نسبة الأبناء غير الشرعيين فيه إلى درجة مساوية للأبناء الشرعيين دون أي ضابط أو رابط .
* ثالثاً : تعدد الزوجات في الإسلام ليس بالأمر اليسير
لأنه يقوم على شروط وضوابط يقول الله تبارك وتعالى : {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} (3) سورة النساء ومعنى تقسطوا : تعدلوا
فانكحوا : تزوجوا
تعولوا : تظلموا وتميلوا عن الحق
ومعنى هذه الآية : فكما خفتم في اليتامى ( الموجودين تحت وصايتكم ) أن تظلموهم فكذلك خافوا في النساء أن تزانوا بهن ولكن تزوجوا ما طاب لكم منهن مثنى وثلاث ورباع إذا تأكدتم من تحقيق العدل بينهن فإن خفتم من عدم العدل بينهن فتزوجوا واحدة فقط أو ما ملكت أيمانكم .
ونخرج من هذه الآية بضوابط للتعدد :
1- أقصى عدد للزوجات اللاتي يجمع بينهن هو: أربع زوجات .
2- وهذا التقييد في العدد مع إعطاء كل واحدة منهن حقها والعدل بينهن لا يجعله أمراً سهلاً .
3- العدل بين الزوجات شرط أساسي للتعدد
4- فإذا لم يتأكد الرجل من قدرته على ذلك فلا يقدم عليه ويكتفي بزوجة واحدة .
والعدل يشمل كل شيء
فالعدل في أن يكون للزوجة الثانية مهراً مناسباً ومسكناً وأن يساوى بينهن في النفقة والمبيت وحتى في البشاشة لهن والتسرية عليهن والتسوية بين الأبناء في كل شيء ولذلك قال رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - ( اتقوا الله في الضعيفين : اليتيم والمرأة ) " صحيح البخاري" ولذلك حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عدم العدل بين الزوجات في هذا الحديث " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط " " رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة " .
فكم سيعاني هذا الرجل المسكين إذا وقف بين يدي الله تبارك وتعالى ونصفه ساقط أو مائل لأنه مال إلى إحدى زوجتيه بإعطائها حقوقها على حساب الزوجة الأخرى فلم يعدل بينهما ولذلك قال الله تبارك وتعالى : {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} (129) سورة النساء
" ولن تستطيعوا أن تعدلوا " : المراد بها : العدل القلبي – لأنه من الطبيعي أن يميل الرجل بقلبه إلى إحدى زوجاته دون الأخرى وهذا أمر لا يستطيع أن يتحكم فيه ولن يحاسبه الله عليه – ولكن المهم أن لا يدفعه هذا الميل القلبي إلى أن يميل إلى هذه الزوجة على حساب الأخرى فيعطيها كامل حقوقها ويترك الأخرى كالمعلقة لا تنال منه حقوق الزوجة من زوجها ولا هو تركها وطلقها لكي تتزوج غيره لأن هذا فيه ظلم شديد لا يُرضي الله تبارك وتعالى ، وسيحاسبه الله تبارك وتعالى أشد الحساب على تضييع هذه الأمانة .
ومما سبق يتضح لنا أن التعدد له شروطً صعبة ترتبط بالعدل فمن لم يجد في نفسه القدرة على تنفيذها فعليه أن يكتفي بزوجة واحدة مهما كانت الظروف .
* رابعاً : قد يتهم البعض الإسلام بعدم المساواة بين الرجل والمرأة لأنه جعل التعدد مباح للرجال دون النساء أي أن الإسلام لم يشرع تعدد الأزواج كما شرع تعدد الزوجات .
ببساطة شديدة : لأن تعدد الزوجات بشروطه وضوابطه السابقة يضمن وجود أسرة لها كيان محترم يعرف الأبناء فيها من هم آباؤهم – أما العكس وهو تعدد الأزواج معناه وجود عدد هائل من الأبناء لا يعلمون من هم آباؤهم ؟ ولنا أن نتصور مدى التعاسة التي سيعيش فيها هؤلاء الأبناء – ومدى التعاسة التي سيعيشها المجتمع بالكامل .
على أن القول بتعدد الأزواج بالنسبة للمرأة الواحدة أمر ينافى الفطرة التي فطر الله عليها كلا من الذكر والأنثى . فطبيعة تكوين الرجل غير طبيعة تكوين المرأة . ونحن نعلم – مثلاً- أن قاطرة السكك الحديدية صممت لتستطيع جر عدد من العربات ؟ أما العربة فتصميمها يرفض أن تجر عدداً من القاطرات • فتأمل .
والشريعة الإسلامية لم تحرم المرأة من حقوقها أو حاجتها الإنسانية في المتعة الحلال المباحة ولذلك إذا افترضنا العكس وأن المرأة هي التي تتعرض لظروف مرض زوجها أو عدم إنجابه أو ما شابه ذلك • فلها أن تصبر وتنال أجر الصابرين بأن تنال الأجر العظيم من الله تبارك وتعالى .
ولها أن تطلب فراق هذا الزوج وتبحث عن زوج آخر تنال معه حقوقها ورغباتها الحلال المباحة دون إخلال في المجتمع أو إفساده .
وأخيراً وبعد كل ما سبق فلم تكن الشريعة الإسلامية هي الوحيدة التي أباحت للرجل تعدد الزوجات • فهناك الكثير من الشرائع السابقة التي أباحت ذلك ولمصلحة الفرد والمجتمع كان التعدد • فياليت من يهاجم الإسلام بتدبر الحكم من وراء شرائعه ويعرف أن حكمة الله تفوق حكمة البشر فيسلم بها ويستجيب بها • قال تعالى : {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} (17) سورة النحل
وخلاصة القول أن الإسلام لم يهن المرأة بأي لون من ألوان الإهانة كما يتصور قصار النظر بل كرمها ورفع شأنها . فإن كانت أماً فالجنة تحت قدميها . وإن كانت بنتاً فتربيتها ورعايتها وقاية من النار . وإن كانت زوجة فالخير كل الخير في حسن معاشرتها وصيانة حقوقها فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " خيركم خيركم لأهله (يعنى زوجته) وأنا خيركم لأهلي .. " وإن كانت أختاً أو عمة أو خالة فصلتهن والبر بهن يطيل العمر ويوسع الرزق .
فأروني أي نظام اجتماعي في العالم يكرم المرأة كما كرمها الإسلام ؟