كشف النقاب على من هاجم الحجاب
بِسْـــــــــــمِ اللَّـــــــــهِ الرَّحْمَـــــــنِ الرَّحِيـــــــــمِ
وبه نستعين والصلاة والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لقد كثر الهراء والمراء , وعلا النباح والعواء , هجوما محموما محجوبا تارة , علنيا أخرى ؛ كما أن بين الفينة والفينة تطل علينا رؤوس بباطل منكوس , وبجهل مرجوس , تعلن وترعن بلا وازع أو رادع على الحجاب وأصحاب النقاب , فيا أيها الشرازم القوادم , ومن العقل عوادم نوادم , مهلا بعد مهلا أو رويدا يردفه رويدا , فلا تصدعوا بعقيرتكم البغيضة أوتسلوا أقلامكم العقيمة بجهل فاضح وعوار كالح , فالرد عليكم يسير ليس بعسير لمن يسره الله عليه ووفقه لذلك , وأنا بدوري أسأل الله التوفيق والسداد كما أدعوا لكم بالهداية والرشاد والرد لدين الله الرد الجميل فهو ولي ذلك والقادر عليه .
فأول المبتدأ والمرفأ في حواري معكم لن أتكلم بأدلة شرعية ونصوص قطعية , فقد كفانا هذا علماؤنا الأفاضل , كما أعلم أن صدوركم تضيق عند الحديث عن بسط الدليل جنب الدليل , والقال مع القيل من شرح علماء نابهين بالحق معلنين .
ولذلك سيكون كلامي معكم من المنبع الذي تنهلون منه , وتتبجحون به , والعجيب أنه عليكم ليس لكم , لأن الدين والخلق هما لله وبما أن فعل الله كامل لذلك لا يتناقض أي دليل كان مع شرع الله وإن كان العقل والذي تصرخون وتعولون عليه , وتقولون نحن العقلانيين أو العِلمانيين أو العَلمانيين أو حتى غيره لأنهم جميعا مردهم لله , ولكن العيب والتعويل على العقول المريضة , الحبيسة الهوى , والأسيرة النفس , وألعوبة الشيطان , والتي يضعها حيث شاء , متى شاء .
لذلك هدفي من حواري رفع النقاب عن هذه العقول الأسيرة والحسيرة وتعريتها وبيان زيغها , وإبراز بهتانها وتجلية ضلالها .
فمنذ فترة قصير خرجت علينا إمرأة منكم في حديث متلفز سافرة مسفرة ضاحكة مستنشرة وفي السن طاعنة وقد أحاطت عنقها بقطعة قماش ( الكوفية ) لم تواري نحرها أو عنقها و بعد أن سألها المذيع عن آية الحجاب الواردة في القرآن فقالت: ( وهي تشير إلى قطعة القماش وقد غطت القليل وأظهرت الكثير أنا هكذا محجبة ونفذت ما نادى به الدين ألم يقل وليضربن بخمرهن على جيوبهن فأنا بذلك ضربت بخمري على جيبي ).... إنتهى
تقول ذلك تلك المرأة وهي رئيسة تحرير سابقة لمجلة نسائية شهيرة , وقد ظهرت في كامل زينتها , وقد عرت شعرها وجعلته كأسنمة البخت المائلة , فأي سخرية من العقول في هذا الكلام ؛ أهو الجهل في أبهى صوره وأبرزها وضوحا ؟ أم هو الهوى المتمكن من النفوس ؟ أم شيطان يلعب بالرؤس ؟ أم إجتمعوا ثلاثتهم بعقل منكوس وفي الوحل محبوس ؟
نعود فنقول : أن هؤلاء تطاولوا على النصوص فلوا أعناقها حتى يقودوا وينقادوا لهواهم ومبتغاهم , ولذلك سيكون حديثنا معهم بالمنطق الذي يصدعون به بعيدا عن نصوص شرعية , بعدا لا نريده , لأنه صعب علينا أن نتكلم بعيدا عن الشرع , ولكن نتكلم بلسانهم , ونثبت من أفواههم خطئهم وعدم صوابهم فيما راموا إليه وعزوا عليه .
أولا : هم يهاجمون المحجبة والحجاب ومن ينادي بالحجاب , ولماذا هو خاص بالنساء دون الرجال ؟
فنقول لهم :
السنة الكونية والطبيعة البشرية إتفقت في كل وقت وحين على إختلاف الزمان وشقة المكان , أن الشئ كلما غلا ثمنه حجب عن العيون , ولا يكون عندنا أغلا من أمنا أو أختنا أو زوجتنا أو بنتنا , فهؤلاء هم الدرر المصونة واليواقيت المكنونة , إن جاز التعبير لأنهم والله هم أغلى وأعظم وللقلب أحب وأقرب .
ثانيا : هم ينظرون إلى الحجاب أو النقاب يعوق المرأة عن العلم والعمل .
فنقول لهم :
أن الأصل للمرأة هو المكوث في بيتها وهذا هو الحاصل والواصل , وإن عاندتم أو أبيتم , نطالبكم بإحصائية عن عدد النساء الذين خرجوا للعمل في البلاد الأوربية المتحررة ( على حد تعبيركم ) , فستتضح لكم الحقيقة بنورها الساطع اللامع , بأن المرأة لا تتساوى مع الرجل في عدد الوظائف أو قيمة الراتب , وسأنوه إلى شئ واضح البيان كم رئيسة لدولة أوربية وكم رئيس , فلن تجدوها تزيد عن إثنين بالمائة , وكم وزيرة وكم وزير فالنسبة أيضا كذلك , بل كم سفيرة وكم سفير وكم ثم كم , فلن تجدوا أن نسبة المرأة العاملة للرجل نسبة تزيد عن ذلك , هذا في تلك البلاد التي تريدون أن نسير وراءها كقطيع الخراف ؛ المهم أن في تلك البلاد أن الأصل هو مكوث المرأة في بيتها , بل خرجت دعاوى بتلك البلاد تنادي بعودة الأم إلى وليدها في بيتها وإلى زوجها في عرينها بدلا من خروجها وولوجها وإنحدارها فسقوطها .
ثم نأتي ماذا بعد أن خرجت النساء للعمل , وزاحمت الرجال فكانت البِطَالة البَطَّالة للقدرات والكفاءات , والتي ترمي بالعديد بالشباب يتسكعون في الشوارع والطرقات , فيتحرشون بمن خرجت وبجسدها عرت , أو يدمنون المخدرات أو الكحوليات , أوينخرطون في جماعات متطرفة ذات فكر هدام , وهذا كله سببه الفراغ والإحباط من عدم وجود فرصة عمل بعد أن إقتنصتها المرأة الولاجة الخراجة .
ثم انظروا إلى المحاكم وقد إكتظت بقضايا الطلاق لتروا أغلبها بل معظمها البطل فيها المرأة العاملة والتي من بيتها خارجة والجة .
ثالثا : تقولون أن المرأة هي عنوان للجمال , ويجب أن يظهر هذا الجمال , ومن ينادي بهذا يسمى بمحب للجمال .
فنقول لكم :
هل الجمال يكون بتعرية المستور , وإظهار الفجور , أم الجمال له معنى واسع , وفي النفوس الزكية قابع , بعيدا عن ماتنادون به وتحثون عليه
ثم تشجعون وتحفزون النساء للإستعانة بالمساحيق والألوان المتعددة للدهان , فهل الجمال في الدهان أم في سلوك الإنسان .
ثم نعود ونرد الكرَّة للعقول ــ لماذا المساحيق والدهان , وكثرة الألوان للمرأة دون الرجل ؟ كما تقولون أنتم ــ لماذا الحجاب للمرأة دون الرجل ؟ هذه واحدة .
والثانية لماذا تستعين المرأة بالمساحيق , أليس هذا إعتراف بالضعف وأنها تحتاج لقوة تزيدها قوة لأن الإنسان يستعين بالأشياء في حالة الضعف والهوان , فإستعمال العصا عند الضعف , وإستعمال الأبنية للحماية وهكذا فأليس إقتصار التجميل على المرأة دون الرجل هو إعتراف بضعفها , وأن جمالها لا يكفي , بل تحتاج لزخرفة وزركشة ودهان بالألوان .
ثم أكرر وأقول لماذا هذا الوسخ والمسخ للمرأة منفردة , وأقول لكم لأنكم تعاملتم معها كبضاعة وضاعة , تبحث عن من يتناولها ويستخدمها , ولم يُنظر إليها على أنها إنسانة , وأن أعلى مافيها عقلها , وما دون العقل فهو دون له ــ فهل جملتم عقلها ؟ وأقول لكم : لا ! بل جنبتموه ! وعلى الرفوف وضعتموه ! وسقتوها لتزين نفسها كالبائع الذي يزين بضاعته بألوان وزخارف , ويضعها في الأمام والمشارف , لكل مشاهد شايف .
فقولوا بالله عليكم هل هناك فرق بين تلك البضاعة المزخرفة وتلك المرأة المزركشة , وأقول لكم : نعم هناك فرق , إن حتى البضاعة تباع وتستخدم بدفع الثمن , وقيمتها تعلوا حسب حالتها , كما أنها ليست لكل أحد بلا قيمة أو ثمن , أما بناتكم ونساؤكم فهم بضاعة لكل أحد بلا قيمة أو ثمن .
فبناتكم لم يكونوا على مستوى بضاعتكم ؛ أما نسائنا وبناتنا , فهم كالدرر المكنونة واليواقيت المصونة , التي لا يطلع عليها سوى صاحبها وتزداد قيمتها كلما حفظت وحجبت عن أي ضرر أو شرر أو حتى شطط .
رابعا : تقولون أن الحجاب رجعية وتخلف وعودة للوراء .
وأقول لكم :
بل الحجاب هو التقدم , والعري والسفور هو التخلف , بل هو التخلف كله , أترون ماذا قال الأوربيون عندما غزو أواسط أفريقيا ووجدوا النساء يسيرون عرايا والرجال أيضا ماذا قالوا ؟ أقول لكم : إكشفوا عن كتب التاريخ وأسفاره سيحدثكم بأنه شبهوا العري في هذا الوقت بأنه قمة التخلف والجهل التي كانت قابعة فيه بعض الأماكن بأفريقيا , ثم قولوا بالله عليكم هل الستر سبق العُري أم العُري سبق الستر ؟ فمن المتخلف إذن ثم قولوا بالله عليكم ماهي أول مهنة إمتهنتها المرأة في التاريخ وأذكركم بأنها الدعارة .
فالتخلف في العري التخلف في السفور التخلف في الفجور
خامسا : تتشدقون بحقوق الإنسان , والتي تنادون بها , وحولها تدندنون , إذا كانت تحقق مأربكم وتوصلكم لهدفكم , وإذا كانت عليكم فتنكرونها وتمقتونها وسأثبت ذلك .
إذا كنتم تقولون من حق من تريد أن تتعرى تتعرى ـ أقول لكم على مبدأكم أن من حق من تريد أن تستتر فالتستتر .
فلماذا الهجوم بعد الجوم على المرأة المحجبة العفيفة الطاهرة ـ فهل لكونها عفيفة طاهرة ؟ !! كما قال كفار قوم لوط عن سيدنا لوط وأتباعه ,
فيبدوا من كلامكم ذلك .
وإذا كان ذلك كذلك فيجب علينا إعلان الحرب وعلى الرؤس الضرب .
وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله المصطفى ، ورسوله المجتبى: محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه الراجي عفو ربه
أبو الحسن حافظ بن غريب