أين يوجد هذا الحديث
أين يوجد زيادة : ونحن نصلي مع رسول الله .....
لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما نرى لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني اسرائيل ونحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر في مروطنا ما يعرف بعضنا وجوه بعض.
كتاب الإيماء الى أطراف أحاديث كتاب الموطأ (4/133) لأبي العباس أحمد بن طاهر الداني الأندلسي ، تحقيق عبد الباري عبد الحميد ، الناشر : مكتبة المعارف ، الرياض.
=======
والنقل
فضل خروج المرأة من بيتها إلى المسجد
قال الإمام ابن حزم الأندلسي في المحلى (4\198):
«والآثار في حضور النساء صلاة الجماعة مع رسول الله r متواترة في غاية الصحة، لا ينكر ذلك إلا جاهل».
وسرد بعض تلك الأحاديث ومنها ما اتفق عليه الشيخان.
ثم قال: «فما كان –عليه السلام– ليدعهنّ يتكلّفن الخروج في الليل والغلس يحمِلن صغارهنّ، ويفرد لهنّ باباً، ويأمر بخروج الأبكار وغير الأبكار ومن لا جلباب لها فتستعير جلباباً إلى المصلى، فيتركهن يتكلّفن من ذلك ما يحطّ أجورهن، ويكون الفضل لهن في تركه؟!
هذا لا يظنه بناصح للمسلمين إلا عديم عقلٍ، فكيف برسول الله صلى الله عليه وسلم؟
الذي أخبر تعالى أنه {عزيزٌ عليه ما عَنِتّم، حريصٌ عليكم، بالمؤمنين رءوفٌ رحيم}».
وقد أخرج مسلم في صحيحه (3\1472) قوله r: « إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم».
وقال كذلك في المحلى (3\132): «لو كانت صلاتهن في بيوتهن أفضل، لما تركهن رسول الله r يتعنين بتعب لا يجدي عليهن زيادة فضل أو يحطهن من الفضل. وهذا ليس نصحاً، وهو عليه السلام يقول: "الدين النصيحة"، وحاشا له عليه السلام من ذلك. بل هو أنصح الخلق لأمته. ولو كان ذلك، لما افترض عليه السلام أن لا يمنعهن، ولما أمرهنّ بالخروج تفلات. وأقل هذا أن يكون أمر ندبٍ وحض».
أما من يرى تحريم خروج المرأة للصلاة في المسجد فيستدلّ بما أخرجه مسلم عن أمنا عائشة t قالت: «لو أن رسول الله r رأى ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل».
قال الإمام ابن حزم: «وهذا لا حجة فيه لوجوه ثمانية:
أولها: أن الله تعالى باعث محمد r بالحق موجب دينه إلى يوم القيامة الموحي إليه بأن لا يمنع النساء –حرائرهن وإماءهن، ذوات الأزواج وغيرهن– من المساجد ليلاً ونهاراً.
قد عَلِمَ ما يُحدِث النساء، فلم يُحدِث تعالى لذلك منعاً لهن، ولا قال له: "إذا أحدثن فامنعوهن".
والثاني: أنه –عليه السلام–، لو صحّ أنه لو أدرك أحداثهن لمنعهن، لما كان ذلك مبيحاً منعهن.
لأنه –عليه السلام– لم يدرك فلم يمنع، فلا يحل المنع، إذ لم يأمر به –عليه السلام–.
والثالث: أن من الكبائر نسخ شريعة مات –عليه السلام– ولم ينسخها، بل هو كفرٌ مجرَّد.
والرابع: أنه لا حجة في قول أحد بعده –عليه السلام–.
والخامس: أن عائشة r لم تقل: "إن منعهن لكم مباح"، بل منعت منه (قلت: ليس في كلامها أصلاً أنها منعت منه، وإنما ظنت أنه قد كن سيمنعن).
وإنما أخبرت ظناً منها بأمرٍ لم يكن ولا تم.
فهم مخالفون لها في ذلك.
والسادس: أنه لا حدث منهنّ أعظم من الزنى.
وقد كان فيهن على عهد رسول الله r. وقد نهاهن الله تعالى: عن التبرج، وأن {يَضرِبنَ بأرجُلِهنّ ليُعلم ما يخفين من زينتهن}. وأنذر –عليه السلام– بنساءٍ كاسياتٍ عارياتٍ مائلاتٍ مميلاتٍ رءوسهنّ كأسنِمة البخت لا يرحن رائحة الجنة. وعلم أنهنّ سيكنّ بعده، فما منعهن من أجل ذلك.
والسابع: أنه لا يحلّ عِقابُ من لم يُحدِث من أجل من أحدث! فمن الباطل أن يمنع من لم يحدث من أجل من أحدث، والله تعالى يقول: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
والثامن: أنهم لا يختلفون في أنه لا يحل منعهنّ من التزاور، ومن الصفق في الأسواق، والخروج في حاجاتهن.
وليس في الضلال والباطل أكثر من إطلاقهن على كل ذلك –وقد أحدث منهن من أحدث–، وتخصّ صلاتهن في المسجد الذي هو أفضل الأعمال بعد التوحيد بالمنع.
حاشا لله من هذا.
وما ندري كيف ينطلق لسان من يعقل بالاحتجاج بمثل هذا في خلاف السنن الثابتة المتواترة».
وقال أيضاً: «أما ما حدثت به عائشة فلا حجة فيه لوجوه:
أولها: أنه –عليه السلام– لم يدرك ما أحدثن، فلم يمنعهن، فإذ لم يمنعهن فمنعهن بدعة وخطأ.
وهذا كما قال تعالى: {يا نساء النبي من يأت منكنّ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ يضاعَف لها العذابُ ضِعفين}: فما أتين قط بفاحشةٍ ولا ضوعف لهن العذاب، والحمد لله رب العالمين.
وكقوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}: فلم يؤمنوا، فلم يفتح عليهم. وما نعلم احتجاجاً أسخف من احتجاج من يحتج بقول قائل: "لو كان كذا: لكان كذا"، على إيجاب ما لم يكن.
الشيء الذي لو كان لكان ذلك الآخر؟
ووجه ثان: وهو أن الله تعالى قد علم ما يحدث النساء، ومن أنكر هذا فقد كفر
. فلم يوحِ قطّ إلى نبيه r بمنعهنّ من أجل ما استحدثنه، ولا أوحى تعالى قط إليه: أخبر الناس إذا أحدث النساء فامنعوهن من المساجد. فإذ لم يفعل الله تعالى هذا، فالتعلق بمثل هذا القول هجنة وخطأ.
ووجه ثالث: وهو أننا ما ندري ما أحدث النساء، مما لم يحدثن في عهد رسول الله r.
ولا شيء أعظم في إحداثهن من الزنى، فقد كان ذلك على عهد رسول الله r ورَجَمَ فيه وجَلَد.
فما منع النساء من أجل ذلك قط.
وتحريم الزنى على الرجال كتحريمه على النساء ولا فرق.
فما الذي جعل الزنى سبباً يمنعهنّ من المساجد؟ ولم يجعله سبباً إلى منع الرجال من المساجد؟ هذا تعليلٌ ما رضيه الله تعالى قط، ولا رسوله r.
ووجهٌ رابع: وهو أن الإحداث إنما هو لبعض النساء –بلا شك– دون بعض. ومن المحال منع الخير عمن لم يُحدِث من أجل من أحدث، إلا أن يأتي بذلك نصٌّ من الله تعالى على لسان رسوله r، فيُسمَعُ له ويطاع. وقد قال تعالى: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزِرُ وازرةٌ وِزرَ أُخرى}.
ووجهٌ خامسٌ: وهو أنه إن كان الإحداث سبباً إلى منعهنّ من المسجد، فالأَولى أن يكون سبباً إلى منعهن من السوق، ومن كل طريق بلا شك. فلِمَ خصّ –هؤلاء القوم– منعهنّ من المسجد من أجل إحداثهن، دون منعهن من سائر الطرق؟ بل قد أباح لها أبو حنيفة السفر وحدها، والمسير في الفيافي والفلوات مسافة يومين ونصف، ولم يكره لها ذلك. وهكذا فليكن التخليط.
ووجه سادس: وهو أن عائشة t لم تر منعهن من أجل ذلك، ولا قالت: "امنعوهنّ لما أحدَثن".
بل أخبرت أنه –عليه السلام– لو عاش لمنعهن. وهذا هو نَصُّ قولنا.
ونحن نقول: لو منعهن –عليه السلام– لمنعناهن. فإذ لم يمنعهن فلا نمنعهن. فما حصلوا إلا على خلاف السنن، وخلاف عائشة r، والكذب بإيهامهم من يقلدهم: أنها منعت من خروج النساء بكلامها ذلك، وهي لم تفعل. نعوذ بالله من الخذلان».
وأدلة فضل صلاة الجماعة للمرأة في المسجد على صلاتها في البيت، كثيرة متواترة صحيحة مشهورة، منها:
أخرج البخاري صحيحه (1\305): عن ابن عمر قال: كانت امرأةٌ لعُمَر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد. فقيل لها: لِمَ تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني؟ قال: يمنعه قول رسول الله r: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله».
وأخرج مسلم في صحيحه (#442) عن سالم أن عبد الله بن عمر t قال: سمعت رسول الله r يقول: «لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها». فقال (ابنه) بلال بن عبد الله: «والله لنمنعهن». قال: فأقبل عليه عبد الله فسبه سبَّاً سيّئاً ما سمعته سَبّه مثله قط (وفي رواية أخرى أنه ضربه في صدره أيضاً)، وقال: «أخبرك عن رسول الله r، وتقول: والله لنمنعهن؟!».
وأخرج مسلم في صحيحه عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت: «أمرنا رسول الله r أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق والحيض وذوات الخدور (أي سائر أصناف النساء). فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين». قلت: «يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب». قال: «لتلبسها أختها من جلبابها». وقد أخرج البخاري في صحيحه عن حفصة بنت سيرين قالت: «كنا نمنع جوارينا أن يخرجن يوم العيد...». ثم ذكرت قصة فيها أنها سألت أم عطية t فأجابتها بالحديث السابق.
فكلمة "أَمَرَنا" صريحةٌ في أن خروج النساء لصلاة العيد فرضٌ واجبٌ لا ريب فيه. وهو صريحٌ في عدم جواز منع الشابات من أن يخرجن يوم العيد كما حدث مع حفصة بنت سيرين.
والأمر صريحٌ واضحٌ بأن لا يمنع الزوج امرأته من الخروج إلى المساجد.
فمن منعهن فهو مبتدعٌ عاصٍ لله، يستحق الشتم والسبَّ الشديد والضرب، كما فعل ابن عمر t مع ابنه.
وقول البعض أن الخروج هذا خاصٌ بالعجائز باطل مردود، لم يأت عليه أي دليل من كتاب ولا سنة ولا قول صحابي. بل إن قول حفصة «كنا نمنع جوارينا...» صريحٌ في أنها تقصد الشابات الصغيرات، فأخبرتها الصحابية الجليلة أم عطية بنهي رسول الله r عن ذلك.
قال ابن حزم في المحلى (3\134): «وقال بعضهم (يقصد الطحاوي): لعل أمر رسول الله r بخروجهن يوم العيد إنما كان إرهابا للعدو لقلة المسلمين يومئذ ليكثروا في عين من يراهم. قال ابن حزم: وهذه عظيمة، لأنها كذبة على رسول الله r وقولٌ بلا علم. وهو –عليه السلام– قد بيّن أنّ أمْرَهُ بخروجهن، ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى. فأفٍّ لمن كَذَّبَ قول النبي r وافترى كذبة برأيه. ثم إن هذا القول –مع كونه كذباً بحتاً– فهو باردٌ سخيفٌ جداً. لأنه –عليه السلام– لم يكن بحضرة عسكر فيُرهب عليهم، ولم يكن معه عدو إلا المنافقون ويهود المدينة، الذين يدرون أنهنّ نساء. فاعجبوا لهذا التخليط».
واحتج خصومنا بأحاديث ضعيفة وموضوعة يريدون أن يعارضوا بها الأحاديث الصحيح المتواترة. فمن بعض تلك المناكير التي احتجوا بها:
· أخرج البيهقي وابن أبي شيبة عن عبد الحميد بن المنذر بن أبي حميد الساعدي عن أبيه (مجهول) عن جدته أم حميد أنها قالت: «يا رسول الله. إنا نحب الصلاة (أي النافلة) –تعني معك– فيمنعنا أزواجنا». فقال رسول الله r: «صلاتكن في بيوتكن خير من صلاتكن في دوركن. وصلاتكن في دوركن أفضل من صلاتكن في مسجد الجماعة». والحديث قال عنه الإمام ابن حزم: «خبرٌ موضوع».
· أخرج أحمد وأبو داود وابن خزيمة والحاكم عن الوليد بن عبد الله بن جُميع (ضعيف)، عن َجًدته ليلى بنت مالك (مجهولة) وعن عبد الرحمان بن خلاد الأنصاري (مجهول)، عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث: «أن رسول الله (ص) جعل لها مؤذناً يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها (زاد ابن خزيمة والحاكم:) في الفريضة». قال ابن القطان: جدة الوليد بن جميع وعبد الرحمن بن خلاد لا يعرف حالهما. وقال ابن حجر عن ليلى: لا تعرف.
وقال عن ابن خلاد: مجهول الحال. قلت: بل مجهول العين، إذ لم يرو عنه ثقة، ولا يعرف إلا بغير هذا الحديث.
والخبر موضوع بلا ريب، لثبوت الإجماع على بطلان إمامة المرأة للرجال في الفرائض.
جاء في مراتب الإجماع (ص27) وفي الإقناع في مسائل الإجماع (1|406): واتفقوا أن المرأة لا تؤُمُّ الرجالَ وهم يعلمون أنها امرأة. وإن فعلوا فصلاتُهم فاسدةٌ بإجماع.
أين يوجد زيادة : ونحن نصلي مع رسول الله .....
لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما نرى لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني اسرائيل ونحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر في مروطنا ما يعرف بعضنا وجوه بعض.
كتاب الإيماء الى أطراف أحاديث كتاب الموطأ (4/133) لأبي العباس أحمد بن طاهر الداني الأندلسي ، تحقيق عبد الباري عبد الحميد ، الناشر : مكتبة المعارف ، الرياض.
=======
لقد كتبت المشاركة السابقة على عجالة من الذاكرة لأنني كت أكتب من مكان عام .
والأثر رواه مالك في " الموطأ " ( ص 269 - تنوير ) ، وأحمد ( 6 / 91 و 235 ) ، والبخاري ( 2 / 406 / 869 - فتح ) ، ومسلم ( 2 / 399 / 445 - نووي ) ، وأبوداود ( 569 ) ، وغيرهم .
من طرق عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة بنت عبدالرحمن ، عن عائشة ، به .
والأثر رواه مالك في " الموطأ " ( ص 269 - تنوير ) ، وأحمد ( 6 / 91 و 235 ) ، والبخاري ( 2 / 406 / 869 - فتح ) ، ومسلم ( 2 / 399 / 445 - نووي ) ، وأبوداود ( 569 ) ، وغيرهم .
من طرق عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة بنت عبدالرحمن ، عن عائشة ، به .
والنقل
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=20277
فضل خروج المرأة من بيتها إلى المسجد
قال الإمام ابن حزم الأندلسي في المحلى (4\198):
«والآثار في حضور النساء صلاة الجماعة مع رسول الله r متواترة في غاية الصحة، لا ينكر ذلك إلا جاهل».
وسرد بعض تلك الأحاديث ومنها ما اتفق عليه الشيخان.
ثم قال: «فما كان –عليه السلام– ليدعهنّ يتكلّفن الخروج في الليل والغلس يحمِلن صغارهنّ، ويفرد لهنّ باباً، ويأمر بخروج الأبكار وغير الأبكار ومن لا جلباب لها فتستعير جلباباً إلى المصلى، فيتركهن يتكلّفن من ذلك ما يحطّ أجورهن، ويكون الفضل لهن في تركه؟!
هذا لا يظنه بناصح للمسلمين إلا عديم عقلٍ، فكيف برسول الله صلى الله عليه وسلم؟
الذي أخبر تعالى أنه {عزيزٌ عليه ما عَنِتّم، حريصٌ عليكم، بالمؤمنين رءوفٌ رحيم}».
وقد أخرج مسلم في صحيحه (3\1472) قوله r: « إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم».
وقال كذلك في المحلى (3\132): «لو كانت صلاتهن في بيوتهن أفضل، لما تركهن رسول الله r يتعنين بتعب لا يجدي عليهن زيادة فضل أو يحطهن من الفضل. وهذا ليس نصحاً، وهو عليه السلام يقول: "الدين النصيحة"، وحاشا له عليه السلام من ذلك. بل هو أنصح الخلق لأمته. ولو كان ذلك، لما افترض عليه السلام أن لا يمنعهن، ولما أمرهنّ بالخروج تفلات. وأقل هذا أن يكون أمر ندبٍ وحض».
أما من يرى تحريم خروج المرأة للصلاة في المسجد فيستدلّ بما أخرجه مسلم عن أمنا عائشة t قالت: «لو أن رسول الله r رأى ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل».
قال الإمام ابن حزم: «وهذا لا حجة فيه لوجوه ثمانية:
أولها: أن الله تعالى باعث محمد r بالحق موجب دينه إلى يوم القيامة الموحي إليه بأن لا يمنع النساء –حرائرهن وإماءهن، ذوات الأزواج وغيرهن– من المساجد ليلاً ونهاراً.
قد عَلِمَ ما يُحدِث النساء، فلم يُحدِث تعالى لذلك منعاً لهن، ولا قال له: "إذا أحدثن فامنعوهن".
والثاني: أنه –عليه السلام–، لو صحّ أنه لو أدرك أحداثهن لمنعهن، لما كان ذلك مبيحاً منعهن.
لأنه –عليه السلام– لم يدرك فلم يمنع، فلا يحل المنع، إذ لم يأمر به –عليه السلام–.
والثالث: أن من الكبائر نسخ شريعة مات –عليه السلام– ولم ينسخها، بل هو كفرٌ مجرَّد.
والرابع: أنه لا حجة في قول أحد بعده –عليه السلام–.
والخامس: أن عائشة r لم تقل: "إن منعهن لكم مباح"، بل منعت منه (قلت: ليس في كلامها أصلاً أنها منعت منه، وإنما ظنت أنه قد كن سيمنعن).
وإنما أخبرت ظناً منها بأمرٍ لم يكن ولا تم.
فهم مخالفون لها في ذلك.
والسادس: أنه لا حدث منهنّ أعظم من الزنى.
وقد كان فيهن على عهد رسول الله r. وقد نهاهن الله تعالى: عن التبرج، وأن {يَضرِبنَ بأرجُلِهنّ ليُعلم ما يخفين من زينتهن}. وأنذر –عليه السلام– بنساءٍ كاسياتٍ عارياتٍ مائلاتٍ مميلاتٍ رءوسهنّ كأسنِمة البخت لا يرحن رائحة الجنة. وعلم أنهنّ سيكنّ بعده، فما منعهن من أجل ذلك.
والسابع: أنه لا يحلّ عِقابُ من لم يُحدِث من أجل من أحدث! فمن الباطل أن يمنع من لم يحدث من أجل من أحدث، والله تعالى يقول: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
والثامن: أنهم لا يختلفون في أنه لا يحل منعهنّ من التزاور، ومن الصفق في الأسواق، والخروج في حاجاتهن.
وليس في الضلال والباطل أكثر من إطلاقهن على كل ذلك –وقد أحدث منهن من أحدث–، وتخصّ صلاتهن في المسجد الذي هو أفضل الأعمال بعد التوحيد بالمنع.
حاشا لله من هذا.
وما ندري كيف ينطلق لسان من يعقل بالاحتجاج بمثل هذا في خلاف السنن الثابتة المتواترة».
وقال أيضاً: «أما ما حدثت به عائشة فلا حجة فيه لوجوه:
أولها: أنه –عليه السلام– لم يدرك ما أحدثن، فلم يمنعهن، فإذ لم يمنعهن فمنعهن بدعة وخطأ.
وهذا كما قال تعالى: {يا نساء النبي من يأت منكنّ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ يضاعَف لها العذابُ ضِعفين}: فما أتين قط بفاحشةٍ ولا ضوعف لهن العذاب، والحمد لله رب العالمين.
وكقوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}: فلم يؤمنوا، فلم يفتح عليهم. وما نعلم احتجاجاً أسخف من احتجاج من يحتج بقول قائل: "لو كان كذا: لكان كذا"، على إيجاب ما لم يكن.
الشيء الذي لو كان لكان ذلك الآخر؟
ووجه ثان: وهو أن الله تعالى قد علم ما يحدث النساء، ومن أنكر هذا فقد كفر
. فلم يوحِ قطّ إلى نبيه r بمنعهنّ من أجل ما استحدثنه، ولا أوحى تعالى قط إليه: أخبر الناس إذا أحدث النساء فامنعوهن من المساجد. فإذ لم يفعل الله تعالى هذا، فالتعلق بمثل هذا القول هجنة وخطأ.
ووجه ثالث: وهو أننا ما ندري ما أحدث النساء، مما لم يحدثن في عهد رسول الله r.
ولا شيء أعظم في إحداثهن من الزنى، فقد كان ذلك على عهد رسول الله r ورَجَمَ فيه وجَلَد.
فما منع النساء من أجل ذلك قط.
وتحريم الزنى على الرجال كتحريمه على النساء ولا فرق.
فما الذي جعل الزنى سبباً يمنعهنّ من المساجد؟ ولم يجعله سبباً إلى منع الرجال من المساجد؟ هذا تعليلٌ ما رضيه الله تعالى قط، ولا رسوله r.
ووجهٌ رابع: وهو أن الإحداث إنما هو لبعض النساء –بلا شك– دون بعض. ومن المحال منع الخير عمن لم يُحدِث من أجل من أحدث، إلا أن يأتي بذلك نصٌّ من الله تعالى على لسان رسوله r، فيُسمَعُ له ويطاع. وقد قال تعالى: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزِرُ وازرةٌ وِزرَ أُخرى}.
ووجهٌ خامسٌ: وهو أنه إن كان الإحداث سبباً إلى منعهنّ من المسجد، فالأَولى أن يكون سبباً إلى منعهن من السوق، ومن كل طريق بلا شك. فلِمَ خصّ –هؤلاء القوم– منعهنّ من المسجد من أجل إحداثهن، دون منعهن من سائر الطرق؟ بل قد أباح لها أبو حنيفة السفر وحدها، والمسير في الفيافي والفلوات مسافة يومين ونصف، ولم يكره لها ذلك. وهكذا فليكن التخليط.
ووجه سادس: وهو أن عائشة t لم تر منعهن من أجل ذلك، ولا قالت: "امنعوهنّ لما أحدَثن".
بل أخبرت أنه –عليه السلام– لو عاش لمنعهن. وهذا هو نَصُّ قولنا.
ونحن نقول: لو منعهن –عليه السلام– لمنعناهن. فإذ لم يمنعهن فلا نمنعهن. فما حصلوا إلا على خلاف السنن، وخلاف عائشة r، والكذب بإيهامهم من يقلدهم: أنها منعت من خروج النساء بكلامها ذلك، وهي لم تفعل. نعوذ بالله من الخذلان».
وأدلة فضل صلاة الجماعة للمرأة في المسجد على صلاتها في البيت، كثيرة متواترة صحيحة مشهورة، منها:
أخرج البخاري صحيحه (1\305): عن ابن عمر قال: كانت امرأةٌ لعُمَر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد. فقيل لها: لِمَ تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني؟ قال: يمنعه قول رسول الله r: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله».
وأخرج مسلم في صحيحه (#442) عن سالم أن عبد الله بن عمر t قال: سمعت رسول الله r يقول: «لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها». فقال (ابنه) بلال بن عبد الله: «والله لنمنعهن». قال: فأقبل عليه عبد الله فسبه سبَّاً سيّئاً ما سمعته سَبّه مثله قط (وفي رواية أخرى أنه ضربه في صدره أيضاً)، وقال: «أخبرك عن رسول الله r، وتقول: والله لنمنعهن؟!».
وأخرج مسلم في صحيحه عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت: «أمرنا رسول الله r أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق والحيض وذوات الخدور (أي سائر أصناف النساء). فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين». قلت: «يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب». قال: «لتلبسها أختها من جلبابها». وقد أخرج البخاري في صحيحه عن حفصة بنت سيرين قالت: «كنا نمنع جوارينا أن يخرجن يوم العيد...». ثم ذكرت قصة فيها أنها سألت أم عطية t فأجابتها بالحديث السابق.
فكلمة "أَمَرَنا" صريحةٌ في أن خروج النساء لصلاة العيد فرضٌ واجبٌ لا ريب فيه. وهو صريحٌ في عدم جواز منع الشابات من أن يخرجن يوم العيد كما حدث مع حفصة بنت سيرين.
والأمر صريحٌ واضحٌ بأن لا يمنع الزوج امرأته من الخروج إلى المساجد.
فمن منعهن فهو مبتدعٌ عاصٍ لله، يستحق الشتم والسبَّ الشديد والضرب، كما فعل ابن عمر t مع ابنه.
وقول البعض أن الخروج هذا خاصٌ بالعجائز باطل مردود، لم يأت عليه أي دليل من كتاب ولا سنة ولا قول صحابي. بل إن قول حفصة «كنا نمنع جوارينا...» صريحٌ في أنها تقصد الشابات الصغيرات، فأخبرتها الصحابية الجليلة أم عطية بنهي رسول الله r عن ذلك.
قال ابن حزم في المحلى (3\134): «وقال بعضهم (يقصد الطحاوي): لعل أمر رسول الله r بخروجهن يوم العيد إنما كان إرهابا للعدو لقلة المسلمين يومئذ ليكثروا في عين من يراهم. قال ابن حزم: وهذه عظيمة، لأنها كذبة على رسول الله r وقولٌ بلا علم. وهو –عليه السلام– قد بيّن أنّ أمْرَهُ بخروجهن، ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى. فأفٍّ لمن كَذَّبَ قول النبي r وافترى كذبة برأيه. ثم إن هذا القول –مع كونه كذباً بحتاً– فهو باردٌ سخيفٌ جداً. لأنه –عليه السلام– لم يكن بحضرة عسكر فيُرهب عليهم، ولم يكن معه عدو إلا المنافقون ويهود المدينة، الذين يدرون أنهنّ نساء. فاعجبوا لهذا التخليط».
واحتج خصومنا بأحاديث ضعيفة وموضوعة يريدون أن يعارضوا بها الأحاديث الصحيح المتواترة. فمن بعض تلك المناكير التي احتجوا بها:
· أخرج البيهقي وابن أبي شيبة عن عبد الحميد بن المنذر بن أبي حميد الساعدي عن أبيه (مجهول) عن جدته أم حميد أنها قالت: «يا رسول الله. إنا نحب الصلاة (أي النافلة) –تعني معك– فيمنعنا أزواجنا». فقال رسول الله r: «صلاتكن في بيوتكن خير من صلاتكن في دوركن. وصلاتكن في دوركن أفضل من صلاتكن في مسجد الجماعة». والحديث قال عنه الإمام ابن حزم: «خبرٌ موضوع».
· أخرج أحمد وأبو داود وابن خزيمة والحاكم عن الوليد بن عبد الله بن جُميع (ضعيف)، عن َجًدته ليلى بنت مالك (مجهولة) وعن عبد الرحمان بن خلاد الأنصاري (مجهول)، عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث: «أن رسول الله (ص) جعل لها مؤذناً يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها (زاد ابن خزيمة والحاكم:) في الفريضة». قال ابن القطان: جدة الوليد بن جميع وعبد الرحمن بن خلاد لا يعرف حالهما. وقال ابن حجر عن ليلى: لا تعرف.
وقال عن ابن خلاد: مجهول الحال. قلت: بل مجهول العين، إذ لم يرو عنه ثقة، ولا يعرف إلا بغير هذا الحديث.
والخبر موضوع بلا ريب، لثبوت الإجماع على بطلان إمامة المرأة للرجال في الفرائض.
جاء في مراتب الإجماع (ص27) وفي الإقناع في مسائل الإجماع (1|406): واتفقوا أن المرأة لا تؤُمُّ الرجالَ وهم يعلمون أنها امرأة. وإن فعلوا فصلاتُهم فاسدةٌ بإجماع.