المراجعات الثانية لتنظيم الجهاد «الحلقة الثالثة» سيد إمام مفتى «الجهاد» يرد على «تبرئةالظواهرى»: الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة «مخادع»
كتب أحمد الخطيب ٢١/ ١١/ ٢٠٠٨
كتب أحمد الخطيب ٢١/ ١١/ ٢٠٠٨
يرفض الشيخ سيد إمام مفتى ومؤسس تنظيم الجهاد فى مصر كلام أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، وأيمن الظواهرى، الرجل الثانى فى التنظيم، عن أن أمريكا سبب مصائبنا، ويحملهما مسؤولية ضياع «أفغانستان والعراق»، وسقوط مئات الآلاف من القتلى والجرحى، فضلا عن الخراب الذى عم الدولتين. ويتحدث إمام فى الحلقة الثالثة من وثيقته الجديدة «التعرية لكتاب التبرئة» عن الخيارات المشروعة للمسلمين مع أعدائهم وشروط الجهاد وموانعه التى يستنكرها الظواهرى، بحصره هذه الخيارات فى استعمال القوة فقط، وهو ما يجعله حسب إمام كالطبيب الجاهل الذى لا يعرف من العلاج إلا دواء واحداً. وهنا يصف الشيخ إمام الظواهرى بأنه رجل كذاب ومخادع عندما يدفع إخوانه للصدام مع أمريكا وشيخه بن لادن يعرض عليها الهدنة، وهو ما يكشف أنه يتبع أدوية أخرى فى السر. فى هذه الحلقة أيضًا يتحدث الشيخ إمام عن بدعة الإمارة المحلية والبدء بقتال العدو البعيد قبل العدو القريب فى فكر القاعدة وإلى التفاصيل.. مصائب المسلمين بسببهم لا بسبب أمريكا كما يروج الظواهرى لهوى ابن لادن، وإصلاح المسلمين يجب أن يبدأ منهم، هذا كلام الله من أنكره فقد كفر. أما جهاد العدو المعتدى فواجب عند الاستطاعة، وأما أن تعبر المحيط وتذهب إلى عدوك فى داره وتهدم له عمارة فيدمر لك دولة «طالبان» وتزعم أنك مجاهد، فهذا لا يفعله إلا الحمقى. قال الشاعر: لا يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه ولكن ابن لادن والظواهرى يصران على أن أمريكا سبب مصائبنا، والويل ثم الويل لمن يخالفهم ولو كان يحتج بكلام الله: هو يخدم المخططات الصليبية اليهودية، والمخابرات الأمريكية تشرف على وثيقته. ولما كان ابن لادن يرى أن قضيته هى قضية الأمة الإسلامية فقد هرب هو والظواهرى وتركا الأمة تدفع الثمن بضياع دولتين «أفغانستان والعراق» وبسقوط مئات آلاف القتلى والأسرى مع الخراب الواسع، وكله فى رقابهم ولا شك، فالقاعدة الفقهية تنص على أن «إتلاف المتسبب كإتلاف المباشر فى أصل الضمان» من «إعلام الموقعين» ٢/٦٥. وذكرها ابن القيم أيضًا فى «الطرق الحكمية» صـ٥٨، ط المدنى. ■ اعتراض الظواهرى على الخيارات المشروعة للمسلمين مع أعدائهم، واعتراضه على أن للجهاد شروطًا وموانع: أما الخيارات المشروعة: كالجهاد والصلح والهدنة والعزلة وكتمان الإيمان والصبر وغيرها فقد ذكرتها بأدلتها من الكتاب والسنة فى البند الخامس بالوثيقة. وأما شروط الجهاد وموانعه: فقد ذكرتها بأدلتها فى الوثيقة فى البنود من الثانى إلى الخامس والثانى عشر وبالتنبيه الثانى بآخر الوثيقة. والشروط والموانع هى الفاصل بين العلم بوجوب الشىء «وهو الوجوب المطلق» وبين القدرة على القيام به «وهو وجوبه على المعين»، فقد يكون الشىء واجبًا بأصل الشرع ولا يجب على بعض المسلمين لانتفاء شروطه أو لقيام موانعه فى حقهم. وأما الظواهرى: فاستنكر الشروط والموانع، ولا خيار عنده إلا استعمال القوة كما قال «فقد كان واضحًا ولايزال لكل منصف ذى عينين أن هذا الواقع الفاسد لن يتغير باللين والمسالمة، ولن يتغير إلا بالقوة» من كتابه «التبرئة» صـ١٩٣ واعتبر الظواهرى أن أى خيارات غير القوة هى «سموم العجز والشلل التى تبثها أمثال تلك الوثائق بإشراف أمن الدولة ومن فوقهم سادتهم الأمريكان» من كتابه «التبرئة» صـ٧٤. وكلامه هذا يؤول به إلى الكفر لأنه إهانة لكلام الله وكلام النبى ، فمؤمن آل فرعون الذى كتم إيمانه وأثنى الله عليه، وأصحاب الكهف الذين اعتزلوا قومهم الكفار فامتدحهم الله، وقول الله تعالى: {وَإن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا...} «الأنفال: ٦١»، وأمر الله للمسيح عليه السلام بعدم قتال يأجوج ومأجوج: كل هذه سموم وعجز وشلل عند الظواهرى. وكذلك إقدام النبى [ على صلح الحديبية ومدحه لخالد لما انسحب بالجيش، كل هذه سموم وعجز وشلل عند الشيخ المجاهد الكذاب الظواهرى. وقد قال الله تعالى: {.. قُلَ أَبِالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم...} «التوبة: ٦٥-٦٦»، هذا يا معشر المسلمين هو مبلغ علم شيوخ الجبال والثغور الذين يريدون حصر الفتوى فيهم. الظواهرى بحصره الخيارات المشروعة للمسلمين مع أعدائهم فى خيار واحد وهو استعمال القوة لا غير، هو كالطبيب الجاهل الذى لا يعرف من العلاجات إلا دواءً واحدًا يصفه لجميع المرضى دون مراعاة لاختلاف أحوالهم فلا بد من سقوط كثير من الضحايا بين يديه، فإذا رأى هذا الطبيب الجاهل طبيبًا آخر يصف أدوية مختلفة بحسب اختلاف حالات المرضى شنّع عليه بجهله واتهمه بأنه يروج أدوية أمريكية من إنتاج المخابرات الأمريكية، كالخيارات المشروعة التى أظهرتها «الوثيقة» للمسلمين فاعتبرها الظواهرى دعاية أمريكية لمجرد أنها تخالف رأيه المناقض للكتاب والسنة. بقى أن يعلم القارئ أن الظواهرى رجل كذاب ومخادع، وهو يستعمل أدوية أخرى فى السر غير الدواء الوحيد الذى يصفه للناس «وهو القوة مع العدو ولا غيرها» فقد دفع إخوانه للصدام فى مصر عام ١٩٩٣م بأموال المخابرات السودانية ثم هرب هو من السودان عام ١٩٩٥م ولم يقبل أن ينزل مصر كما فعل بإخوانه بعدما وعدهم بأنه سيقاتل فى مصر إلى آخر رجل فيهم وإلى آخر دولار، والظواهرى يأمر الناس اليوم بقتال أمريكا وشيخه ابن لادن عرض الهدنة على أمريكا «صحيفة الحياة ٢٠/١/٢٠٠٦م»، والظواهرى عرض التفاوض عليها «صحيفة الحياة ٢١/١٢/٢٠٠٦م». إذن هناك خيارات أخرى مشروعة غير الصدام، ولكل منها موضعه، وهذا ما فى «الوثيقة»، هل عندما انسحب خالد بن الوليد ] بالجيش فى «مؤتة» ومَدَحه النبى [، هل كان هذا برعاية أمريكية؟، وهل عندما قال عُمر بن الخطاب ] «رحم الله أبا عبيد لو كان تحيّز لى لكنت له فئة»، هل كان هذا برعاية أمريكية؟. يا معشر المسلمين هذه كلها خيارات مشروعة، والاختيار منها بحسب العلم والقدرة، وابن لادن والظواهرى ليسا من أهل العلم والفتوى ولا من أهل التقوى، الذى يتقى الله لا يتسلق الجدران كاللصوص كى يصل إلى هدفه فيخون أميره ويغدر بعدوه ويجلب الكوارث على المسلمين، من فعل ذلك كهؤلاء لا يكون من أهل البر والتقوى، وهذا حكم ربنا فيهم لمن كان مؤمنًا به، قال تعالى: {وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} «البقرة: ١٩٠». وأنا أعرفهم منذ عشرات السنين، فلا تغتروا بكلامهم وشبهاتهم. هل يفهمان فى الفقه والجهاد مثل عُمر بن الخطاب وخالد بن الوليد رضى الله عنهما؟ لا تدعوهم يستخفوا عقولكم. إنهم جُهال يستغلون العاطفة الإسلامية لدى الشباب مع قلة إلمامهم بالعلوم الشرعية، ولهذا تجد الظواهرى من أشد الناس كراهية للكلام فى الشروط والموانع وإظهارها للناس، مع أنها من أركان الحكم الشرعى كما فى قاعدة «يترتب الحكم على السبب إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع»، إلا أن الظواهرى لا يريد أن يعرف الشباب هذه العلوم الشرعية ليسهل عليه اصطيادهم وتحريضهم بخطبه الحماسية. والنظر فى الشروط والموانع هو الفرق بين العالم وبين الجاهل، كما أنه الفرق بين الفقيه وبين المغامر. وعهدى بالظواهرى أنه من كبار المغامرين الذين لا ينظرون فى عواقب الأمور، ولكنه مغامر غير عادى، فالمغامر عادة ما يغامر بما يملكه: إما بنفسه أو بماله وما يقدر عليه، أما الظواهرى فإنه يغامر بما لا يملكه: فقد غامر فى مصر بالمئات من إخوانه دفع بهم إلى القبور والسجون فقط بخطبه الحماسية ثم هرب هو ولم ينفذ ما وعدهم به من أنه سيقاتل فى مصر إلى آخر رجل، ثم غامر بدولة طالبان وبالشعب الأفغانى، ثم غامر بالشعب العراقى، فالظواهرى دائمًا يغامر بما لا يملكه ثم يهرب ويترك غيره يدفع ثمن مغامراته، وكل هذا بدون إنجاز حقيقى على أرض الواقع بل خسائر بالجملة، ولهذا فهو لا يريد أن يعرف الشباب المسلم أن هناك شروطًا وموانع للجهاد، وبالنظر فيها والعمل بها يؤتى الجهاد ثماره بأقل الخسائر الممكنة، بخلاف حصيلة المغامرين: خسائر جسيمة ودون مصلحة. ومن يدقق فى أسباب فشل الحركات الإسلامية فى التمكين فى الأرض، بل فى تحقيق نتائج سلبية كضياع طالبان سيجد أن هذا يرجع إلى إهمالها النظر فى شروط الجهاد وموانعه. ■ بدعة «محلية الإمارة»: بدأ الإعداد لتفجيرات ١١/٩/٢٠٠١م قبل سنتين من وقوعها، ولما اكتملت التجهيزات أعلن ابن لادن فى ٦/٢٠٠١ أن هناك عملية كبرى ستقع ضد أمريكا بدون تحديد لمكانها أو تفاصيلها. فاعترض عليه بعض أتباعه خاصة من لجنته الشرعية بأن أميرهم الملا محمد عُمر نهاهم عن الصدام مع أمريكا وأنه لا طاقة له ولا لدولته بذلك، فاخترع ابن لادن هذه البدعة «محلية الإمارة» للرد على منتقديه من أتباعه، وقال لهم إن محمد عُمر أميرهم داخل أفغانستان ولا دخل له بما يفعلونه خارجها. والرد على ذلك من وجوه: إن الأمر الشرعى بطاعة الأمير لم يقيد ذلك بمكان «داخل أو خارج» كقول الله تعالى: {... أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم...} «النساء: ٥٩»، وكقول النبى [: «من أطاعنى فقد أطاع الله، ومن عصانى فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعنى، ومن يعص الأمير فقد عصانى» متفق عليه. وكذلك نصوص الوعيد لمن عصى أميره غير مقيدة بمكان، كقول النبى [: «من خلع يدًا من طاعة لقى الله يوم القيامة ولا حُجة له» رواه مسلم. إن فهم الصحابة رضى الله عنهم وهم خير الأمة لطاعة الأمير مخالف لفهم ابن لادن وبدعته، فلما عزل عُمر بن الخطاب خالدًا من إمارة الجيوش، قال خالد «سمعًا وطاعة لأمير المؤمنين» ولم يقل «إن عُمر له الطاعة ونحن بالمدينة وليست له طاعة عَلَىّ وأنا بأرض الروم»، وكان ذلك وقت موقعة اليرموك عام ١٣هـ. فمن أين لابن لادن هذا القيد الذى حصر به طاعة أميره فى داخل البلد فقط؟، إنه من وسوسة الشيطان له. يقيد نصوص الكتاب والسنة برأيه وهواه، ويغلّف هواه بهذه البدعة «محلية الإمارة» لخداع الجهال، وبهذا يضيع الدين والدول. |