قصص لا تثبت وشبه والرد عليها فيما يتعلق بنقض الوضوء من أكل لحوم الإبل ومسائل أخرى
قصة تُذكر في بيان سبب الوضوء من أكل لحوم الإبل .
" قال فضيلة الشيخ أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ـ حفظه الله ـ في كتابه قصص لا تثبت ( الجزء الثاني / ص 59-63 ) .
* شهرة القصة : هذه القصة مشهورة عند العوام , ويستدلون بها على عدم إحراج
رسول الله :P الناس , وأنه كان يراعي مشاعرهم !! وكثيراً ما يرددونها عندما
يتباحثون فيما بينهم ـ أو يسمعون من عالمٍ أو طالب علم ـ حكم الشرع في
الوضوء من أكل لحم الإبل .
ذكر القصة : أخرج أبو عبيد في (( الطهور )) ( رقم 400-بتحقيقي ) : حدثنا
محمد بن كثير , وابن عساكر في (( تاريخ دمشق )) (17/360/2) من طريق يحيى
بن عبد الله البابلتي . وعبد الرزاق في (( المصنَّف )) (1/140 ) ( رقم :
531 ) ثلاثتهم عن الأوزاعي عن واصل بن أبي جميل عن مجاهد قال : كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم في نفر من أصحابه فوجد ريحاً فقال : (( ليقم
صاحب هذا الريح , فليتوضأ )) فلم يقم أحد حتى قال ذلك ثلاث مرات ثم قال :
(( إن الله لا يستحي من الحق )) فقال العباس بن عبد المطلب : أوَ نقوم
كلنا يا رسول الله فنتوضأ ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( قوموا
كلكم فتوضأوا )) هذا لفظ أبي عبيد .
* ضعف هذه القصة :
وهذه القصة ضعيفة من حيث الإسناد , وفيها نكارة من حيث المتن . فهي من
إرسال مجاهد , وفيها واصل بن أبي جميل وهو ضعيف , قال البخاري في ((
التاريخ الكبير )) ( 8 / رقم : 2596 ) في ترجمته : (( عن مجاهد ومكحول ,
روى عنه الأوزاعي , أحاديثه مرسلة )) وقال ابن معين عنه : (( لا شيء )) ,
كذا في (( الميزان )) ( 4/328 ) . قال شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ في ((
السلسلة الضعيفة )) ( رقم : 1132 ) بعد عزوه لابن عساكر فقط : (( قلت :
وهذا سند ضعيف , مسلسل بالعلل : الإرسال من مجاهد , وهو ابن جبير , وضعف
واصل بن أبي جميل والبابلتي )) ثم بين رحمه الله ـ النُّكارة التي في
متنها , فقال : (( ويشبه هذا الحديث ما يتداوله كثير من العامة وبعض
أشباههم من الخاصة , زعموا : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يخطب ذات
يوم , فخرج من أحدهم ريح , فاستحيا أن يقوم من بين الناس , وكان قد أكل
لحم جزور , فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ستراً عليه : (( من أكل
لحم جزور فليتوضأ )) فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه , فتوضأوا !!! وهذه
القصة مع أنه لا أصل لها في شيء من كتب السنة ولا في غيرها من كتب الفقه
والتفسير فيما علمت , فإن أثرها سيء جداً في الذين يروونها , فإنها تصرفهم
عن العمل بأمر النبي صلى الله عليه و سلم لكل من أكل من لحم الإبل أن
يتوضأ , كما ثبت في (( صحيح مسلم )) وغيره . فهم يدفعون هذا الأمر الصحيح
الصريح بأنه إنَّما كان ستراً على ذلك الرجل , لا تشريعاً !! وليت شعري !
كيف يعقل هؤلاء مثل هذه القصة ويؤمنون بها , مع بعدها عن العقل السليم ,
والشرع القويم ؟! فإنهم لو تفكروا فيها قليلاً , لتبين لهم ما قلناه بوضوح
, فإنه مما لا يليق به صلى الله عليه و سلم أن يأمر بأمر لعلَّة زمنية ,
ثم لا يبين للناس تلك العلة , حتى يصير الأمر شريعة أبدية , كما وقع في
هذا الأمر , فقد عمل به جماهير من أئمة الحديث والفقه , فلو أنه صلى الله
عليه و سلم كان أمر به لتلك العلَّة المزعومة لبيَّنها أتمَّ البيان , حتى
لا يضل هؤلاء الجماهير باتباعهم للأمر المطلق !! ولكن قبَّح الله
الوضَّاعين في كل عصر وفي كل مصر , فإنهم من أعظم الأسباب التي أبعدت
كثيراً من المسلمين عن العمل بسنة نبيهم صلى الله عليه و سلم ورضي الله عن
جماهير العاملين بهذا الأمر الكريم ووفق الآخرين للإقتداء بهم في ذلك ,
وفي اتباع كل سنّة صحيحة , والله وليّ التوفيق )) انتهى .
وورد نحو هذه القصة عن عمر موقوفاً , عند الطبراني في (( الكبير )) (
2/292 ) ( رقم : 2213 ) : حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا يحيى عن مجالد عن
جرير : أنَّ عمر ـ رضي الله عنه ـ صلى بالناس , فخرج من إنسان شيء فقال :
عزمتُ على صاحب هذه إلا توضأ و أعاد صلاته . فقال جرير : أو تعزم على كل
من سمعها أن يتوضأ وأن يعيد الصلاة ؟ قال : نِعِمَّا قلتَ , جزاك الله
خيراً , فأمرهم بذلك . قال الهيثمي في (( مجمع الزوائد )) ( 1/244 ) ((
رجاله رجال الصحيح )) !! قلت : مجالد ليس بقوي , وتغيّر في آخر عمره .
ولهذا قال البوصيري (1) : (( في إسناده مجالد )) .
(1) – كذلك في التعليق على (( المطالب العالية )) ( 1/37 ) وبه أعلّه شيخنا في (( الضعيفة )) ( رقم : 1132 ) ""
(( انظر قصص لا تثبت ( الجزء الثاني / ص 59-63 / للشيخ مشهور حفظه الله )) .
باب ما جاء في وجوب الوضوء من لحوم الإبل
1- عن جابر بن سمرة أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أنتوضأ من
لحوم الغنم ؟ قال : " إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ " . قال أنتوضأ من
لحوم الإبل ؟ قال : " نعم فتوضأ من لحوم الإبل " قال : أصلي في مرابض
الغنم ؟ قال : " نعم " قال : أصلي في مبارك الإبل ؟ قال : " لا " . رواه
مسلم
2- وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه و
سلم أن نتوضأ من لحوم الإبل ولا نتوضأ من لحوم الغنم ) صححه الشيخ العلامة
الألباني رحمه الله في سنن ابن ماجه ( حديث رقم 495 ) .
3- وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ((
توضؤوا من لحوم الإبل و لا تتوضؤوا من لحوم الغنم و صلوا في مرابض الغنم و
لا تصلوا في مبارك الإبل )) . ( صحيح ) انظر حديث رقم : 3006 في صحيح
الجامع للشيخ الألباني .
4-وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : (( كنا نتوضأ من لحوم الإبل ولا
نتوضأ من لحوم الغنم )) رواه ابن أبي شيبة في ( المصنَّف ) ( 1/46 ) بسند
صحيح عنه . كما في تمام المنة ( ص 106 ) .
5- وعن البراء بن عازب , قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
الوضوء من لحوم الإبل ؟ فقال : (( تَوضَؤا منها )) وسئل عن الوضوء من لحوم
الغنم ؟ فقال : (( لا تتوضؤا منها )) صححه الشيخ العلامة الألباني رحمه
الله في سنن الترمذي ( حديث رقم 81 ) .
6- وعن البراء بن عازب , قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
الوضوء من لحوم الإبل ؟ فقال : (( توضؤوا منها )) صححه الشيخ العلامة
الألباني رحمه الله في سنن ابن ماجه ( حديث رقم 494 ) .
7- عن عطاء بن السائب , قال : سمعت محارب بن دثار يقول : سمعت عبد الله بن
عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (( توضؤوا من لحوم
الإبل , ولا توضؤوا من لحوم الغنم )) صححه الشيخ العلامة الألباني رحمه
الله في سنن ابن ماجه ( حديث رقم 497 ) .