خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    البيان والإيضاح لأحكام الأضاح (هذا الموضوع نشر لكاتبه في مجلة التوحيد في شهر ذى الحجة 1428هـ)

    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية البيان والإيضاح لأحكام الأضاح (هذا الموضوع نشر لكاتبه في مجلة التوحيد في شهر ذى الحجة 1428هـ)

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 21.10.08 13:25

    ثالثاً : الإجماع : ضحى e وضحى أصحابه y ، وأخبر أن الأضحية سنة المسلمين يعني طريقتهم، ولهذا أجمع المسلمون على مشروعيتها، كما نقله غير واحد من أهل العلم .(1) .

    قال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ : ((أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ )) (2) .

    وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ: ((قَالَ الإمام اِبْن حَزْم ـ رحمه الله ـ:" وَلَا خِلَاف فِي كَوْنهَا مِنْ شَرَائِع الدِّين " )) (3).

    حكمها : مع إجماعهم على مشروعية الأضحية اختلفوا هل هي سنة مؤكدة، أو واجبة لا يجوز تركها ؟ على قولين :

    الأول : أنها واجبة : قَالَه الأئمة رَبِيعَةُ ، وَمَالِكٌ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَاللَّيْثُ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ـ رحمهم الله ـ وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وقال: هو أحد القولين في مذهب الإمام مالك ـ رحمه الله ـ، أو ظاهر مذهب مالك .ثم قال ـ رحمه الله ـ : ((وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُهَا أَيْضًا فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ النُّسُكُ الْعَامُّ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالنُّسُكُ مَقْرُونٌ بِالصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ : { إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } فَأَمَرَ بِالنَّحْرِ كَمَا أَمَرَ بِالصَّلَاةِ . وَهِيَ مِنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ الَّذِي أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ مِلَّتِهِ .

    وفي بقبة كلامه ـ رحمه الله ـ : على الأضحية قال : " وَوُجُوبُهَا حِينَئِذٍ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ . كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ " (4) .

    الثاني : أنها سنة مؤكدة وهو الراجح وعليه الفتوى(5): رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (6) وَبِلَالٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ y ، وَبِهِ قَالَ سُوَيْد بْنُ غَفَلَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ ـ رحمهم الله ـ ومالك، وأحمد في المشهور عنهما وهو ما ذهب إليه الْجُمْهُور .(7) .

    قلت :وقد بوب الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " باب (سُنَّةِ الْأُضْحِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ)،قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : " وَكَأَنَّهُ تَرْجَمَ بِالسُّنَّةِ إِشَارَة إِلَى مُخَالَفَة مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا " ، قَالَ : الإمام اِبْن حَزْم ـ رحمه الله ـ :" لَا يَصِحّ عَنْ أَحَد مِنْ الصَّحَابَة أَنَّهَا وَاجِبَة ، وَصَحَّ أَنَّهَا غَيْر وَاجِبَة عَنْ الْجُمْهُور ، وَلَا خِلَاف فِي كَوْنهَا مِنْ شَرَائِع الدِّين ، وَهِيَ عِنْد الشَّافِعِيَّة وَالْجُمْهُور سُنَّة مُؤَكَّدَة عَلَى الْكِفَايَة ، وَفِي وَجْه لِلشَّافِعِيَّةِ مِنْ فُرُوض الْكِفَايَة "، وَقَالَ : الإمام أَحْمَد ـ رحمه الله ـ:" يُكْرَه تَرْكهَا مَعَ الْقُدْرَة " ، وَعَنْ مُحَمَّد بْن الْحَسَن ـ رحمه الله ـ : " هِيَ سُنَّة غَيْر مُرَخَّص فِي تَرَكَهَا " .

    ـــــــــــــــــ

    (1) " أحكام الأضحية والذكاة " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (صـ2) .
    (2) " المغني " ( 10/542) .
    (3) " فتح الباري " ( 10/5 ) .
    (4) " مجموع الفتاوى " ملخصاً (5/298) ، " فتح الباري " ( 10/5 ) .، " المغني " ( 10/542) ، " أحكام الأضحية والذكاة " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (صـ2) .
    (5) " فتاوى اللجنة الدائمة "(السؤال الأول من الفتوى رقم (5993)(9/413)،والسؤال الثاني من الفتوى رقم (10809) (13/465) ، والفتوى رقم (1490) (13/472)، والسؤال الأول والثاني والرابع من الفتوى رقم (4382) (13/476) ، والفتوى رقم (1765)(13/490) ) .
    (6) قلت : " روي عن أبي بكر وعمر أنهما كانا لا يضحيان عن أهلهما مخافة أن يرى ذلك واجبا " في " السنن الكبرى للبيهقي " ، وصححه العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في " الإرواء " ح ( 1139) .
    (7) " المغني " ( 10/542) مَسْأَلَةٌ رقم : ( 7851 ) ، " أحكام الأضحية والذكاة " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (صـ2) ،" الشرح الممتع " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ(7/517 ـ 520).
    *******************************************************************************************************تابع


    قَالَ : الإمام الطَّحَاوِيُّ ـ رحمه الله ـ : " وَبِهِ نَأْخُذ ، وَلَيْسَ فِي الْآثَار مَا يَدُلّ عَلَى وُجُوبهَا" ا هـ .(1) .

    قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : قَالَ الإمام التِّرْمِذِيّ ـ رحمه الله ـ:(( الْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْد أَهْل الْعِلْم أَنَّ الْأُضْحِيَّة لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ )) (2) .

    قلت: وقد صرح كثير من أرباب هذا القول بأنه " يُكْرَه تَرْكهَا مَعَ الْقُدْرَة " .(3) .

    وقتها: الأضحية عبادة مؤقتة لا تجزئ قبل وقتها على كل حال ، ولا تجزئ بعده إلا على سبيل القضاء إذا أخرها لعذر .

    أ ـ أول وقتها: بعد صلاة العيد لمن يصلون كأهل البلدان ، أو بعد قدرها ( أي : صلاة العيد ) من يوم العيد لمن لا يصلون ( العيد ) كالمسافرين وأهل البادية .(4) .

    فمن ذبح قبل الصلاة فشاته شَاةُ لَحْمٍ وليست بأضحية وعليه ذبح بدلها على صفتها بعد الصلاة لما روى الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ : في "صحيحه " ح ( 5545 ) من حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t قَالَ : أن النبي e قال : ((مَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ )) ، ولما في " الصحيحين " من حديث جُنْدَبَ بْنَ سُفْيَانَ الْبَجَلِيَّ قَالَ :((شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى)) (5).

    قلت:ولكن الأفضل أن يكون الذبح بعد الخطبة وبعد ذبح الإمام، وهذا إن فعل الإمام السنة في الذبح، وهو أن يخرج بأضحيته إلى مصلى العيد ويذبحها في مصلى العيد؛ لأن هذه هي السنة الثابتة عن النبي e ينحر ويذبح بالمصلى لما روى الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في " صحيحه " ح ( 5552 ) : من حديث ابْنَ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَذْبَحُ وَيَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى )) إظهاراً للشعيرة وتعميماً للنفع. (6) .

    ب ـ وينتهي وقتها: بغروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ، فيكون الذبح في أربعة أيام ، وثلاث ليال : هذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم .(6) .

    جنس ما يضحي به : أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاَْنْعَـمِ فَإِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }[الحج آية: (34)]وبهيمة الأنعام هي الإبل، والبقر، والغنم هذا هو المعروف عند العرب، وقاله الحسن وقتادة وغير واحد.(8) .

    وَأَفْضَلُ الْأَضَاحِيِّ: الْبَدَنَةُ ، ثُمَّ الْبَقَرَةُ ، ثُمَّ الضَّأْنُ ، ثُمَّ الْمَعْزُ ، ثُمَّ سُبْعُ الْبَدَنَةُ ، ثُمَّ سُبْعُ الْبَقَرَةُ .(9) .

    قلت : والأفضل من كل نوع أسمنه ، وأكثره لحماً ، وأكمله خلقاً ، وأحسنه منظراً .(10). لما في " الصحيحين " من حديث : أَنَسٍ

    ـــــــــــــ
    (1) " فتح الباري " ( 10/5 ) .
    (2) بواسطة حاشية " الشرح الممتع " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (7/519) .
    (3) " فتح الباري " ( 10/6 ) .
    (4) " المغني " ( 10/553) ، " الشرح الممتع " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (7/495) .
    (5) متفق عليه : الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ ح ( 6851 ) ، والإمام مسلم ـ رحمه الله ـ ح ( 6322) .
    (6) " الشرح الممتع " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (7/501) .
    (7) " الشرح الممتع " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (7/499) .
    (8) " أحكام الأضحية والذكاة " للعلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (صـ6) .
    (9) " المغني " ( 10/544) .
    (10) " الإنصاف " (4/73) .

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 2:48