فمن دعاء المؤمن : [ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب ] .
لماذا نرى كثيراً من الناس لا يثبتون على الصراط المستقيم ولا يتمسكون بالمنهج القويم ، هذا ينحرف لشبهة ، وهذا ينحرف لشهوة ..
روى الإمام مسلم رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم : [ إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء ].
ومن حديث أنس رضي الله عنه عند أحمد والترمذي والحاكم قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم : [ إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها ](حاشية صححه الألباني . ).
وقال الله تعالى : [ فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ] ، قال الحافظ ابن كثير
رحمه الله عند تفسير هذه الآية : أي فلما عدلوا عن إتباع الحق مع علمهم به
أزاغ الله قلوبهم عن الهدى وأسكنها الشك والحيرة والخذلان ، كما قال تعالى
: [ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ].
وقال تعالى : [ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل
المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ]. ولهذا قال تعالى في هذه الآية : [ والله لا يهدي القوم الفاسقين ].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وعلى آله وسلم : [ اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ].
رواه مسلم رحمه الله ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
يكثر من هذا الدعاء : [ يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ] (حاشية من
حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما – انظر تفسير ابن كثير رحمه الله – سورة آل عمران. )
قال الإمام سفيان بن عيينه رحمه الله : ( من انحرف من علمائنا ففيه شبه باليهود ومن انحرف من عُبــادنا ففيه شبه بالنصارى).
فما أكثر المفتونين في عصرنا هذا ، الذين زاغوا عن منهج أهل السنة
والجماعة ، ولكن بحمد الله تعالى لا تزال بقية من الناس مستقيمين على
الجادة ، وهذا مصداق لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لا تزال
طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي
أمر الله وهم ظاهرون على الناس ) . رواه أحمد والبخاري ومسلم من حديث
معاوية رضي الله عنه ، وجاء من رواية عدة من الصحابة رضي الله عنهم عن عمر وثوبان والمغيرة وأبي هريرة وغيرهم.
وعند التأمل نجد أن السبب هو الميل إلى الدنيا وذلك لما ضعف الإخلاص في
القلوب مالوا إلى الدنيا فظهر منهم اتباع الهوى واحتقار الناس .. الخ .
فعن كعب بن عياض قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ لكل أمة فتنة ، وفتنة أمتي المال ] رواه الترمذي.
وقال الترمذي رحمه الله حدثنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن
زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن ابن كعب بن
مالك عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما ذئبان جائعان
أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه ) ، هذا حديث
حسن صحيح ، قال شيخنا أبو عبد الرحمن : هو صحيح كما في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين.
وعن محمود بن لبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (
إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول
الله ؟ قال : الرياء ... الحديث ) . قال المنذري رواه احمد بإسناد جيد ، وصححه الألباني .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
قال : ( إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان ) رواه الإمام
أحمد . وجاء عن عمران بلفظ : ( حذرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
وسلم كل منافق عليم اللسان ). رواه البزار وصححه شيخنا رحمه الله .
وقال الله تعالى : ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه و أضله الله على علم وختم
على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ).
وقال تعالى : ( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل
الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) . وفي صحيح مسلم وجامع الترمذي
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى
آله وسلم : ( بحسب أمرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) .
وروى مسلم رحمه الله من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة
من كبر ، قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً و نعله حسنة ، قال :
إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ، وغمط الناس ) .
نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى ومن الحور بعد الكون . وبعد هذه المقدمة ، فهذه نبذة مختصرة حول فتنة أبي الحسن المصري .
فقد أراد الله بهذه الأمة خيراً فأقبل الناس بحمد الله على الكتاب والسنة
تعلماً وعملاً ودعوة ، وقيض الله علماء أجلاء جدد الله بهم الدين ، من
هؤلاء المجددين في هذا القرن الإمام ابن باز والألباني وابن عثيمين والوادعي رحمهم الله .
وكان أهل السنة في وقتهم على خير كلما ظهر زائغ قمعه أهل السنة فانحسر
خاسئاً مذموماً مدحوراَ وتركه الناس ، ولكن بعد موت هؤلاء الأئمة ظن أبو
الحسن المصري نزيل مأرب من بلاد اليمن أن قد خلا له الجو ليقول ما يشاء ،
فهو القائل : ( ذهب زمن الخوف ) ولم يدر أن الله قد تكفل بحفظ دينه وحفظ سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .
أظهر هذا الزائغ بعض مقالاته – وقد كان مكّن لنفسه في أوساط أهل السنة من
قبل وكان أمره مستوراً – فأخذ يدافع عن أهل البدع والتحزب ويحارب السلفيين
. فلم يكن مؤدباً مع العلماء ولم يتربَّ على أيديهم ولم يكن معروفاً
بالطلب عندهم ، لذلك لم وفق فقد أصابه الغرور والكبر والتيه ، ولعلها
أيضاً أصابته دعوة مظلوم . فهو يريد هدم أهل السنة وعلى رأسهم علماؤهم مع
أنه يصيح : ( نصحح ولا نهدم ) وهو يسعى جاداً في هدم أهل النسة ورفع أهل
البدع ، فقد اراد الإطاحة بمركز دماج الذي بناه إمام أهل النسة في اليمن
أكثر من عشرين سنة ، وفيه من الرجال الصادقين الذين اختارهم الله لحمل
كتابه وسنة رسوله العدد الكثير ، حين رماهم بأنهم حدادية وقد أراد من
مشائخ اليمن أن يوافقوه على هذا الإفتراء فلم يوافقوه ، وقد قيل له : ما
برهانك أنهم حدادية ؟ فوعد علماء المدينة آنذاك أنه سيأتي بالأدلة أنهم
حدادية ، ثم لم يأت ببرهان فتراجع عن كلمة حدادية بعد أن أشار عليه أصحابه
أن يتراجع عن كلمة حدادية إلى كلمة ( غـــلاة ) فتبعهم على ذلك فغشهم
وغشوه ، ولم ينصح بعضهم بعضاً ، وتمالؤا على الإثم والعدوان والبهتان .
خدعوك حين أطعتهم وخدعتهم إذ طاوعوك وتلك منزلة العمى .
وكما هي عادة أهل السنة أنهم يفرحون بالرجل يكون على السنة ويعز عليهم
خروج أخ في الله عن السنة ، فقاموا ينصحونه بالرفق واللين واللطف ، كل هذا
لئلا يخسروا أخاً لهم من أهل السنة ، ولكن الرجل زائغ من قديم إلا أنه
يتظاهر بالسلفية لمآرب دنيوية ، فقد كان من جماعة التوقف والتبين التي هي
فرقة من فرق الخوارج ، فأخفى هذا المعتقد وتظاهر بالسلفية حتى عُرف عند
المشائخ أنه من أهل السنة ولكن صدق الشاعر إذ يقول : ومهما تكن عند امرئ
من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم .
لم يقبل نصائح الناصحين بل أخذته العزة بالإثم وأخرج سبعة أشرطة رمى فيها
بعض أهل النسة بالحدادية وفيها من السب الشئ الكثير، وفتح باب فتنة يوم أن
أراد أن يدخل في معركة كبيرة مع إمام أهل عصره حامل لواء الجرح والتعديل
الشيخ / ربيع حفظه الله ، الذي ذب َّ عن السنة ضد أهل البدع والزيغ والإنحراف .
هذه المعركة استخدم فيها سلاح الجدل والمكر والكذب والإفتراء ، والمقصد من
وراء ذلك هو إسقاط العلماء – علماء المنهج السلفي – وعلى رأسهم حامل لواء
الجرح والتعديل الشيخ / ربيع حفظه الله ، الذي كان له من الناصحين ، وقد
كان هذا الرجل يهاب الشيخ مقبلاً رحمه الله فلما مات أراد أن يتصدر الدعوة
السلفية في اليمن ، ولكن على منهجه في الدفاع عن أهل البدع والأهواء ،
وأبى الله إلا أن يجعل الفضل لأهله ولمن يستحقه من الرجال المخلصين الصادقين .
يا أيها المدافع عن أهل البدع والأهواء بقواعدك وتأصيلاتك ، يا أبا الفتن
أتدري من عاديت ومن خاصمت ..؟ إنك عاديت أهل السنة كلهم يوم أن تكلمت في
أئمة السنة وعلماء الملة في اليمن وغير اليمن الذين نصحوك وأرادوا لك
الخير . وصدق أبو حاتم الرازي رحمه الله : ( علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ) .
وقد صرح أنه مستعد لهذه المعركة الشرسة من قبل سنوات ، وما ألفَّ السراج
الوهاج إلا رداً على فكر الشيخ ربيع . خِبت َوخسِرتَ ، قد ضللتَ إذن وما
أنت من المهتدين . نعوذ بالله من الزيغ والإنحراف ومن الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن .
[يتبع]