من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 10.09.08 0:56
مسألة : في بيان من يقيم الحجة ؟
قال الشيخ سليمان بن سحمان - رحمه الله تعالى "الذي يظهر لي - والله أعلم- أنها لا تقوم الحجة إلا بمن يحسن إقامتها، وأما من لا يحسن إقامتها كالجاهل الذي لا يعرف أحكام دينه ولا ما ذكره العلماء في ذلك، فإنه لا تقوم به الحجة فيما أعلم، والله أعلم" "منهاج أهل الحق والاتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع"ص(85)وقد سئلت :" اللجنة الدائمة للبحوث العملية والإفتاء " (2/12) السؤال الثاني من الفتوي رقم (3419) ط – دار العاصمة الثالثة 1419 هـ ما نصه:" أسكن في منزل فيه يسكن إنسانيطلق لحيته حيناً ويحلقها حيناً، ويكذب، ويعصي والديه، ويسبّ هذا الدين وخالص الأمر : أنه يظهر فيه جملة من علامات النفاق أعاذنا الله وقد حدث أن سبّ لي الدين في عشر دقائق سبع أو ثمان مرات ، فهل يلقى على مثل ذلك السلام ؟ وأنا ابغضه . وإذا ألقى على السلام ، فهل أراده ؟ أفيدونا .فأجابت اللجنة الموقرة :" سبّ الدين والعياذ بالله كفر بواح بالنص والإجماع(2) لقوله سبحانه:" أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانك "سورة "التوبة"الآيتان (65،66) وما ورد في معناهاويجب أن ينصح وينكر عليه ذلك فإن استجاب فالحمد لله وإلافلا يجوز أن يبدأ من يسب الدين بالسلام، ولا يرد عليه إن بدأ، ولا تجاب دعوتهويجب هجرة هجراً كاملاً حتى يتوبأو ينفذ فيه حكم الله بالقتل من جهة ولي الأمر ..." إلخ المشايخ: بن قعود، ابن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن بازنعم ، فالمخاطب بالبيان هم أهله ، سيما المسائل العظام فلا يحكم فيها إلا الخواص الكبار ، ولا ريب بأن إخراج المسلم من رياض الإسلام إلى الجحيم والنيران أمرٌ عظيم يحتاج إلى نظر واستدلال قبل إصدار الأحكام.
مسألة : في بيان من يقيم الحدود
وها هنا أمر أخر يجب اعتباره أيضاً : وهو لوازم إنزال الحكم على معين بالتكفير تحتاج إلى قوة وسلطان للقيام بها وعليها، ولكيلا يكون ذلك الأمر الخطير سائمة لكل مدعي، فتهراق الدماء المعصومة المحترمة." اتفق الفقهاء على أن الحاكم أو من ينيبه عنه، هو الذي يقيم الحدود، وأنه ليس للأفراد أن يتولوا هذا العمل من تلقاء أنفسهم .روى الإمام الطحاوي عن مسلم بن يسار أنه قال : " كان رجل من الصحابة يقول : الزكاة، والحدود، والفيء، والجمعة إلى السلطان .قال الإمام الصحاوي- رحمه الله تعالى : " لا نعلم له مخالف من الصحابة .وروى البيهقي- رحمه الله تعالى-عن خارجة بن زيد عن أبيه، وأخرجه أيضاً عن أبي الزناد عن أبيه، عن الفقهاء الذين ينتهي إلى أقوالهم من أهل المدينة أنهم كانوا يقولون : لا ينبغي لأحد أن يقيم شيئاً من الحدود دون السلطان، إلا أن للرجل أن يقيم حدّ الزنا على عبده أو أمته" "البيهقي "كتاب الحدود" باب حدّ الرجل أمته إذا زنت (8/245) و" عبد الرزاق"(7/394)وذهب جماعة من السلف، منهم الإمام الشافعي- رحمه الله تعالى- إلى أن السيد يقيم الحد على مملوكه واستدلوا بما روي عن أمير المؤمنين علي - رضي الله تعالى عنه-أن خادمة للنبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-أحدثت، فأمرني النبي-صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-أن أقيم عليها الحد، فأتيتها فوجدتها لم تجف من دمها، فأتيته فأخبرته، فقال:"إذا جفت من دمها، فأقم عليها الحد، أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم" رواه الإمام مسلم بمعناه كتاب الحدود"باب تأخير الحد على النفساء إذا زنت برقم(34) وكذا رواه الائمة: أبو داود والترمذي وغيرهم . انظر"فقه السنة"(3/115-116) دار الفتح للإعلام العربي ط. الثانية 1419هـ قال العلامة السندي-رحمه الله تعالى: في شرحه على سنن النسائي لحديث النبي-صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-وإهداره دم المرأة التي كانت تسبّه، وإقراره لسيدها في قتلها:" لعل النبي-صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-علم بالوحي صدق قوله لبيان إلا يجوز لأحد الناس فعل هذا الرجل الأعمي؛ لأن هذا من وظائف أمام المسلمين".وقال الإمام القرطبي-رحمه الله تعالى-في"جامعه" تحت تفسير آية النور"رقم(2) :" لا خلاف أن المخاطب بهذا الأمر : الإمام زمن ناب منابه . وزاد ( الإمام) مالك-رحمه الله تعالى: السادة في العبيد . قال ( الإمام) الشافعي-رحمه الله تعالى: في كل جلد وقطع... الحدّ الذي أوجب الله تعالى في الزنى والخمر والقذف وغير ذلك ينبغي أن يقام بين أيدي الحكام، ولا يقيمه إلا فضلاء الناس وخيارهم.يختارهم الإمام لذلك، وكذلك كانت الصحابة تفعل كلما وقع لهم شيء من ذلك،-رضي الله تعالى عنهم- وسبب ذلك أنه قيام بقاعدة شرعية وقربة تعبدية تجب المحافظة على فعلها وقدرها ومحلها وحالها، بحيث لا يتعدى شيء من شروطها ولا أحكامها؛ فإن دم المسلم وحرمته عظيمة فيجب مراعاته بكل ما أمكن""الجامع لأحكام القرآن"للإمام القرطبي(6/12/144) مكتبة الرشد . هذا ما تيسر إيراده، والله تعالى الهادي، وهو سبحانه الموفق إلى سواء السبيل .وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين .
كتبه
الراجي عفو ربه
أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
في 7/8/1424هـ الموافق 3/10/2003م
_______________________(2) وهذه المسألة من مسائل القوم التي رموا بسببها أهل الحق بالأرجاء، وفيها قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى– في "الصارم المسلول علي شاتم الرسول" (2/461) سب الرسل والطعن فهم ينبوع جميع أنواع الكفر وجماع جميع الضلالات وكل كفر ففرع عنه، كما أن تصديق الرسل أصل جميع شعب الإيمان وجماع مجموع أسباب الهدي "
قلت هذا الحكم الشرعي ، وإما إنزاله على معين : فلا .. إلا بعد مراعاة ثبوت الشروط في حقه, وانتفاء الموانع عنه .
يقول الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى – ثم هنا شيئان، أحدهما : الحكم على هذا الشيء أنه كفر .
والثاني : الحكم على الشخص بعينه شيء أخر .. انظر فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (12/191)
نعم : فمما يشكل علي البعض عدم تفريقهم بين حكم السب وحكم الساب ، وسأنقل لك هنا كلام أئمة الفتوى في هذا الزمان إنزالا لهذه القاعدة الشرعية وتأويلاً لها : لما عرض الشيخ علي بن حسن الحلبي على العلامة الألباني فتوى اللجنة الدائمة (2/14) في مسألة ساب الدين وقولهم :" وينبغي أن يبين له أن هذا كفر فإن أصر بعد العلم : فهم كافر " قال : وعرضت عليه كذلك فتوى فضيلة أستاذنا الشيخ أبي عبد الله محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله – ضمن " مجموع فتاويه" (2/154) واشتراطه " الأرادة والقصد للحكم بتكفير المعين للفعل بذلك ثم سألته بعد : هل ترون غير هذا الحكم ؟ فكان جوابه حاسماً حازماً جازماً " بل هذا عين ما نقول به" انظر التعريب والتنبئة " ص(44)
وسئل الشيخ عبد الرازق عفيفي في فتاويه ص(372) ما حكم المستهزي بالدين أو ساب الدين أو الرسول e أو القرآن العظيم، هل يكفر ولو كان جاهلا ؟
فقال الشيخ – رحمه الله تعالى– هذا الباب كغيرة من أبواب الكفر، يعلّم ويؤدّب، فإن علم وعائد بعد التعليم والبيان : كفر .
وإذا قيل : لا يعذب بالجهل، فمعناه يعلم ويؤدب، وليس معناه أنه يكفر .
وتأويلا لما تقدم هذه فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم كما في فتاويه (12/186-178) قال فيها : ونفيدكم اننا بطلاعنا علي أوراق المعاملة، وعلي كتابه فضيلة رئيس المحكمة : لم يظهر لنا ما يوجب علي (سعد) إقامة حد الردة، إذ إنه لم يصرح بسبب الإسلام وإنما سب دين الرجل، وهذه تحتمل أنه اراد أن تدين الرجل ردئ والحدود تدرا بالشبهات .
وبهذا تكون إحالة المذكور إلي قاضي المحكمة المستعجلة لتقرير التعزيز اللازم عليه وجيها .
أما سجنه، فإنه يكتفي بما مضى له في السجن والله يحفظكم .
وأنظر فتوى له أخري كذلك في (12/187) وفيها قال " ونظر لما ذكرته عنه أنه جاهل بمدلول ما صدر منه، فيكتفي بما قررتموه عليه تعزيزا وفقكم الله، والسلام عليكم "
فلا غرو – بعد ذكر ما تقدم – أن يقول الشيخ العلامة بان عثيمين عن هؤلاء المخالفين ... لكن الذين يريدون أن يكفروا الناس يقولون عنه – أي : الشيخ الإمام الألباني– وعن أمثاله – وهم هنا : السادة السلفيون– شرفهم الله ورفع أقدارهم– أنهم مرجئه فهو من باب التلقيب بألقاب السوء ( ديباجة التعريب والتنبئة ) للشيخ علي الحلبي– زاده الله توفيقا .
والسؤال الملحّ هنا : ما هو قولكم– وأنتم أهل الغيرة على المحارم– بزعمكم – في تكرار سبّ أئمتكم– أعني: سيد قطب والمودودي – الأنبياء- تصريحا وتلويحا– فهل نعتبر سكوتكم- بل وثنائكم عليهم وربط الشباب الطيب الغض الطري هم ، ودعوتكم لهم بأن ينهلوا من كتاباتهم، ومنها هذا الخلق العفن– إقراراً بهذا الذي وصفه شيخ الإسلام بأنه ينبوع جميع أنواع الكفر، وجماع جميع الضلالات، وكل كفر ففرغ عنه " فإن كان جوابكم، لا. قلنا أين اهتزازكم للمنابر في إنكاره وقد كدتم تحطمونها في إنكار ما هو دونه بكثير ؟!!!