خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    "الهاوية لطاعن معاوية" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية "الهاوية لطاعن معاوية" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 22.10.10 14:14


    "الهاوية لطاعن معاوية" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى 17921210


    للتحميل : اضغط هنا

    "الهاوية لطاعن معاوية" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى 80483150

    وقال الربيع بن نافع الحلبي ( ت: 241 هـ ) رحمه الله تعالى :
    "معاوية ستر لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه" "البداية والنهاية" (8/139)

    بعد البسملة والحمدلة والحوقلة، أقول :

    "الهاوية لطاعن معاوية" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى Image002wi

    صدا لعدوان المعتدين عن شريعة رب العالمين، أقول :

    قال الرافضي : "ولمن يردوها بعد وفاة الرسول الاعظم روحي له الفدى هل هو معاويه مثلا الذي سبب الحروب والقتل في المسلمين عندما خرج على الخليفه وعصى امر الشورى والذي اخبر عنه الرسول عندما قال لعمار ابن ياسر ستقتلك الفئه الباغيه وقتله جيش معاويه"

    أقول مستعينا بالله تعالى متوكلا، دفعاً ورفعاً لقول الرافضي : المقصود – أيا مغمم – بولاة الأمر هنا العلماء الربانيين، الذين يعملون وفق الوحي ومقتضى الدليل، هذا أولاً .

    ثانياً : وفيها الدلالة على جهل أو كذب الرافضي، دليل ذلك كفره بما عدّوه ضرورة من ضروريات المذهب الشيعي، بل وانتسبوا إليه "الإمامية" ولطالما طنطنوا به، وملؤوا الدنا تكفيراً وإفساداً بسببه، أعنى التنصيص – ولا نص- بالوصية لأبي تراب – رضي الله تعالى عنه- وكفرهم بالشورى، وذلك قوله : " وعصى امر الشورى "

    ثالثا :
    والعجب – ولا عجب- من موافقة هذا التخبط والخلط بل الخطل والخبل لقول الجاحظ المعتزلي – عفا الله تعالى عنه- في إحدى رسائله، إذ قال : " عندها استوى معاوية على الملك، واستبد على بقية الشورى، وعلى جماعة المسلمين؛ من الأنصار والمهاجرين في العام الذي سموه عام الجماعة، وما كان عام جماعة، بل كان عام فرقة وقهر وجبرية وغلبة، والعام الذي تحولت فيه الإمامة مُلكًا كسرويًا، والخلافة غصبًا قيصريًا ..." الخ هرائه "رسالة في النابتة" مطبوعة ضمن "رسائل الجاحظ" (1/10-12) تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون – رحمه الله .

    فتأمل منازعة هذا المعتزلي المتهتك([1]) لجماعة المسلمين الذين فرحوا بالصلح بين معاوية والحسن – رضي الله عنهما- الذي أخبر عنه صلى الله عليه وسلم بقوله عن الحسن – رضي الله عنه - : " إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يُصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" أخرجه الإمام البخاري . وسمّوا العام الذي حدث فيه عام الجماعة .

    رابعاً – وهي القاصمة : وأستدل هنا بكلامكم : كاظم الإحسائي النجفي يقول : "إن الجيش الذي خرج لحرب الإمام الحسين ثلاثمائة ألف كلهم من أهل الكوفة ليس فيهم شامي ولا حجازي ولا هندي ولا سوداني ولا مصري([2]) ولا أفريقي بل كلهم من أهل الكوفة" "عاشوراء" ص(89)

    مرتضى المطهري : "الكوفة كانوا من شيعة علي وأن الذين قتلوا الإمام الحسين هم شيعته" "الملحمة الحسينية"(1/129) وهذا مقرر ثابت، وقد ترادفت فيه أبحاث وتضافرت .

    خامساً : أما استدلالك بالبغي على تكفير محارب علي والحسين – رضي الله عنهما- فهذا من دائكم - الجهل والحمق- وإلا فماذا أنتم صانعون مع قول الله تعالى : "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" سورة "الحجرات" الآيتان(9-10) فأثبتت الآيات لهم مع اقتتالهم إيماناً، وأنت من جهلكم وجوركم وحنقكم كفرتموهم .

    سادساً : أما القول في الذبّ عن المهدي الهادي، كاتب الوحي، خال المؤمنين، أفضل ملوك هذه الأمة، بل ملك الإسلام، معاوية ابن أبي سفيان – رضي الله تعالى عنهما- فقد ذكروا في صفته الخَلقية والخُلقية

    كان معاوية طويلاً، أبيضَ، جميلاً ، يصفر لحيته كأنها الذهب‏، وكان حليماً وقوراً رئيساً سيداً في الناس، كريماً عادلاً شهماً‏ .‏

    قال المدائني عن صالح بن كيسان قال ‏:‏ رأى بعض متفرسي العرب معاوية وهو صبي صغير، فقال ‏:‏ إني لأظن هذا الغلام سيسود قومه‏، فقالت هند ‏:‏ ثكلته إن كان لا يسود إلا قومه‏.‏

    وقال محمد بن سعد‏ :‏ أنبأنا علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف قال ‏:‏ نظر أبو سفيان يوماً إلى معاوية وهو غلام فقال لهند ‏:‏ إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه، فقالت هند ‏:‏ قومه فقط ، ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة‏.‏

    وكانت هند تحمله وهو صغير وتقول‏:‏
    إنّ بني معرقٍ كريمٌ *** محببٌ في أهله حليم
    ليس بفاحشٍ ولا لئيمٌ *** ولا ضجورٌ ولا سؤوم
    صخر بني فهرٍ به زعيمٌ *** لا يخلف الظن ولا يخيم

    وقالت هند – رضي الله تعالى عنها- لمعاوية فيما كتبت به إليه ‏:‏ والله يا بني إنه قل أن تلد حرة مثلك، وإن هذا الرجل قد استنهضك في هذا الأمر، فاعمل بطاعته فيما أحببت وكرهت‏.‏

    وقال له أبوه – رضي الله تعالى عنه ‏:‏ يا بني إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا فرفعهم سبقهم وقدمهم عند الله وعند رسوله، وقصر بنا تأخيرنا فصاروا قادة وسادة، وصرنا أتباعاً... فلم يزل معاوية نائباً على الشام في الدولة العمرية والعثمانية مدة خلافة عثمان‏.


    هذا .. و " قد جاءت في فضله أدلة من الكتاب والسنة وهي تنقسم إلى قسمين :

    أولاً : أدلة عامة : وهي التي جاءت في فضائل الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - ولا شك أن معاوية - رضي الله عنه- داخل في هذا الفضل .

    قال العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى : " فيما صح في مناقب الصحاب على العموم ومناقب قريش فمعاوية - رضي الله عنه - داخل فيه" "المنار المنيف"ص(93)

    ثانياً : أدلة خاصة : وقد جاءت تصريحا وتلويحا، وإليك هذه الأدلة التي تدل على فضله رضي الله عنه وبعض آثار السلف رحمهم الله تعالى .
    * ومن فضائله دخوله في خير القرون : معاوية - رضي الله تعالى عنه- صحابي بالإجماع، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" قال عمران : فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا" رواه الإمامان البخاري و مسلم
    * قال عمير بن سعد - رضي الله عنه : " لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اللهم أجعله هادياً مهدياً وأهد به" رواه الأئمة : البخاري في « التاريخ الكبير » (5/240) ، وأحمد في « المسند » (17929) ، والترمذي في « جامعه » (3843) ، والطبراني في « المعجم الأوسط » (656) ، وفي « مسند الشاميين » (2198) ، وابن أبي عاصم في « الآحاد والمثاني » (3129) ، والأجري في « الشريعة » (1915،1914) ، والخطيب في « تاريخه » (1/207) ، وأبو نعيم في « الحلية » (8/358) ، وفي « أخبار أصبهان » (1/180) ، والخلال في « السنة » (676) وصححه العلامة الألباني في "السلسلة الصحيحة"(4/615) برقم(1969).

    * وروى الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث ابن عباس – رضي الله تعالى عنهما- قال : كنت ألعب مع الصبيان، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فتواريت خلف باب، فجاء فحطأني حطاة وقال : « اذهب وادع لي معاوية » قال : فجئت فقلت : هو يأكل، قال : ثم قال لي : « أذهب فادع لي معاوية» قال : فجئت، فقلت : هو يأكل، فقال : « لا أشبع الله بطنه» .


    قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى- في "شرحه على مسلم" : " قد فهم مسلم - رحمه الله - من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه؛ فلهذا أدخله في هذا الباب، وجعله من مناقب معاوية لأنه في الحقيقة يصير دعاء له" "شرح صحيح مسلم" (16/156) .

    وقال الحافظ الذهبي – رحمه الله تعالى- : " لعل هذه منقبة لمعاوية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة" « تذكرة الحفاظ » (2/699) و« سير أعلام النبلاء » (14/130) .

    * أخرج الإمامان البخاري ومسلم - رحمهما الله تعالى- عن أنس بن مالك عن خالته أم حرام بنت ملحان – رضي الله تعالى عنهما- قالت : نام النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً قريباً مني ثم أستيقظ يبتسم فقلت : ما أضحكك ؟ قال : « أناس من أمتي عرضوا علي يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة » قالت : فادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها ثم نام الثانية ففعل مثلها فقالت قولها، فأجابها مثلها، فقالت : أدع الله أن يجعلني منهم، فقال : « أنت من الأولين » فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازياً أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية، فلما انصرفوا من غزوتهم قافلين فنزلوا الشام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت" "صحيح الإمام البخاري"(2636) و"صحيح الإمام مسلم"(5925)


    وفي رواية الإمام البخاري – رحمه الله تعالى : " أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا" قالت أم حرام : قلت : يا رسول الله أنا فيهم؟ قال : "أنت فيهم" ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم : " أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر – أي القسطنطينية – مغفور لهم" فقلت : أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال : لا " "صحيح الإمام البخاري" (2766) .

    قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى : " قال المهلب في هذا الحديث : منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر » « الفتح » (6/120).

    وقال ابن حجر – رحمه الله تعالى : " ومعنى أوجبوا : أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة" "الفتح" (6/121).

    وقال المناوي – عفا الله تعالى عنه : « أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة أو أوجبوا لأنفسهم المغفرة والرحمة" " فيض القدير"(3/84)

    قال حافظ المغرب ابن عبد البر – رحمه الله تعالى : " وفيه فضل لمعاوية - رحمه الله تعالى - إذ جعل من غزا تحت رايته من الأولين، ورؤيا الأنبياء - صلوات الله عليهم– وحي" « التمهيد » (1/235).

    وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى : " قوله : « ناس من أمتي عرضوا علي غزاة ... » يشعر بأن ضحكه كان إعجاباً بهم، وفرحاً لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة" « الفتح » (11/3).

    ومن مناقبه – رضي الله تعالى عنه- أنه أحد كتاب الوحي :

    في "صحيح الإمام مسلم" عن ابن عباس – رضي الله تعالى عنهما- قال : كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم : يا نبي الله ثلاث أعطنيهن : قال : نعم .

    قال : عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها، قال : نعم .
    قال : ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك، قال : نعم .
    قال : وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، قال : نعم" « صحيح مسلم » (2501) .

    قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى : معاوية - رضي الله عنه – كاتبه، وصاحبه، وصهره، وأمينه على وحيه - عز وجل .

    وقد علق شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- على زعم ابن ( المنجس، لا ) المطهر الرافضي عن أهل السنة « وسموه كاتب الوحي ولم يكتب له كلمة من الوحي »

    فقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى : " فهذا قول بلا حجة, فما الدليل على أنه لم يكتب له كلمة واحدة من الوحي, وإنما كان يكتب له الرسائل" "منهاج السنة النبوية"(4/427)

    وقال - رحمه الله تعالى- عن معاوية – رضي الله تعالى عنه : "هو واحد من كتاب الوحي" "منهاج السنة..." (4/442)

    وفي كتاب "السنة" للخلال (2/434) قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - فيمن قال : لا أقول أن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول أنه خال المؤمنين, فإنه أخذها بالسيف غصباً ؟!
    قال أبو عبد الله : هذا قول سوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ونبين أمرهم للناس" "السنة" للخلال (2/434) .

    * ومن مناقبه – رضي الله تعالى عنه- أنه خال المؤمنين :


    يقول الموفق ابن قدامة المقدسي – رحمه الله تعالى : "ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، وأحد خلفاء المسلمين – رضي الله تعالى عنهم" "لمعة الاعتقاد" ص(33)

    وقال القاضي أبو يعلى – رحمه الله تعالى- في "تنزيه خال المؤمنين" : " ويسمى إخوة أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخوال المؤمنين, ولسنا نريد بذلك أنهم أخوال في الحقيقة, كأخوال الأمهات من النسب, وإنما نريد أنهم في حكم الأخوال في بعض الأحكام, وهو التعظيم لهم" "تنزيه خال المؤمنين" ص(106)

    وروى الخلال في السنة (3/434) بسند صحيح قال أبو بكر المروذي : سمعت هارون بن عبد الله يقول لأبي عبد الله : " جاءني كتاب من الرَّقة أن قوماً قالوا : لا تقول معاوية خال المؤمنين فغضب وقال : ما اعتراضهم في هذا الموضع ؟ يُجفون حتى يتوبوا" .

    وقال الإمام أحمد في السنة (2/433) : « أقول : معاوية خال المؤمنين, وابن عمر خال المؤمنين ؟ قال : نعم معاوية أخو أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورحمهما, وابن عمر أخو حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورحمهما » .

    وذكر ابن العربي – رحمه الله تعالى- في كتابه "العواصم" أنه دخل بغداد وأقام فيها زمن العباسيين والمعروف أن بين بني العباس وبني أمية ما لا يخفى على الناس، فوجد مكتوباً على أبواب مساجدها "خير الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم معاوية خال المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين" .

    * ومن مناقبه – رضي الله تعالى عنه- حسن سياسته حال خلافته :


    ذلك أن عمر - رضي الله عنه - ولاه على الشام، وأقره عثمان - رضي الله عليه- أيضا مدة خلافته كلها، وحسبك بمن يوليه عمر وعثمان - رضي الله عنهما - على الشام نحوا من عشرين سنة فيضبطه ولا يعرف عنه عجز ولا خيانة .

    قال الهيتمي – عفا الله تعالى عنه : "اتفاق كل من عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما- وهما من هما في الفضل والصحبة ولهما المكان الأعلى والمثل من الورع والدين والتقى وسداد الرأي وحسن الفكر وتمام النظر، على تأمير معاوية - رضي الله عنه - على الشام لهو اكبر دليل على فضل معاوية واستحقاقه لهذه المنزلة . فأي فضل بعد هذا؟!

    ومنها أن عمر- رضي الله عنه- مدحه وأثنى عليه، وولاه دمشق الشام مدة خلافة عمر، وكذلك عثمان - رضي الله عنه- وناهيك بهذه منقبة عظيمة من مناقب معاوية ومن الذين كان عمر يرضى به لهذه الولاية الواسعة المستمرة .
    وإذا تأملت عزل عمر لسعد بن أبي وقاص الأفضل من معاوية بمراتب وإبقائه لمعاوية على عمله من غير عزل له؛ علمت بذلك أن هذه ينبئ عن رفعة كبيرة لمعاوية وانه لم يكن ولا طرأ فيه قادح من قوادح الولاية وإلا لما ولاه عمر أو لعزله .

    وكذا عثمان وقد شكا أهل الأقطار كثيراً من ولاتهم على عمر وعثمان فعزلا عنهم من شكوهم وإن جلت مراتبهم، وأما معاوية فأقام في إمارته على دمشق الشام هذه المدة الطويلة، فلم يشك أحد منه، ولا اتهمه بجور ولا مظلمة، فتأمل ذلك ليزداد اعتقادك أو لتسلم من الغباوة والعناد والبهتان""تطهير الجنان".

    قال الحافظ الذهبي – رحمه الله تعالى : "حسبك بمن يؤمره عمر ثم عثمان على إقليم – وهو ثغر – فيضبطه ويقوم به أتم قيام، ويرضى الناس بسخائه وحلمه، وإن كان بعضهم تألم مرة منه، وكذلك فليكن الملك وإن كان غيره من أصحاب رسول الله؟ خيراً منه بكثير، وأفضل وأصلح، فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله وفرط حلمه، وسعة نفسه، وقوة دهائه، ورأيه، وله هنات وأمور، والله الموعد .

    وكان محبباً على رعيته، عمل نيابة الشام عشرين سنة والخلافة عشرين سنة ولم يهجه أحد في دولته، بل دانت له الأمم وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين ومصر والشام والعراق وخراسان وفارس والجزيرة واليمن والمغرب وغير ذلك" "سير أعلام النبلاء" (3/132) .

    بل تراه – رضي الله تعالى عنه – يقول : "إني لست بخيركم، أن فيكم من هو خير مني : ابن عمر، وعبد الله ابن عمرو، وغيرهم، ولكني عسيت أن أكون أنكاكم في عدوكم، و أنعمكم لكم ولاية، و أحسنكم خلقاً" "سير أعلام النبلاء" (3/150).


    * ومن مناقبه – رضي الله تعالى عنه- أنه خير الملوك :

    * روى اللالكائي في « شرح أصول اعتقاد أهل السنة » (2781) ، والخلال في « السنة » (2/442) رقم (680) وابن عساكر في « تاريخ دمشق » (59/173) بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية، فقيل : ولا أبوك ؟ قال : أبي عمر رحمه الله خير من معاوية، وكان معاوية أسود منه" وجاء ما يقويه فرواه أيضاً الخلال في «السنة» (2/442-443) وبرقم (679و681) بنحوه، وابن عساكر في « تاريخه » (59/174) والبخاري في «التاريخ الكبير» (7/327) مختصراً من طريق نافع عن ابن عمر . وانظر«سير أعلام النبلاء» (3/153) فهو حسن .

    * وروى معمر في جامعه ( برقم : 20985) والخلال في « السنة » (2/440) برقم (677) وابن عساكر في « تاريخ دمشق » (59/175) من طريق وهب بن منبه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما قال : ما رأيت رجلاً كان أخلق للملك من معاوية، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب ولم يكن بالضيق الحصر العُصعُص المتغضب" ورواه أيضاً البلاذري في أنساب الأشراف (5/54) من طريق أبي عبدالله الحنفي عن رجل عن ابن عباس - رضي الله عنهما .


    لأجل ذلك : قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : "لم يكن من ملوك الإسلام ملك خير من معاوية..." "منهاج السنة"

    وقال – رحمه الله تعالى : " ولم يتولّ أحدٌ من الملوك خيراً من معاوية، فهو خير ملوك الإسلام، و سيرته خيرٌ من سيرة سائر الملوك بعده" "منهاج السنة النبوية" (7/453).

    وقال مؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين الذهبي – رحمه الله تعالى- في ترجمته : " أمير المؤمنين، ملك الإسلام" "سير أعلام النبلاء" (3/120).

    وقال – رحمه الله تعالى : "ومعاوية من خيار الملوك، الذين غلب عدلهم على ظلمهم" "سير أعلام النبلاء" (3/159) .


    وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي – رحمه الله تعالى : "وأول ملوك المسلمين معاوية - رضي الله عنه- وهو خير ملوك المسلمين" « شرحه على الطحاوية » (2/302) وانظر « البداية والنهاية » (8/93) و"تفسير القرآن العظيم" للحافظ ابن كثير (2/15).

    ونقل الاتفاق على ما تقدم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى : "واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة، وهو أول الملوك، كان ملكه ملكاً ورحمة" "مجموع الفتاوى"(4/478).

    ثناء السلف على سيدنا معاوية - رضي الله تعالى عنه

    * في "صحيح البخاري" : " قيل لابن عباس : هل لك في أمير معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال : إنه فقيه" "صحيح البخاري" (3765) .

    * روى الطبراني في "مسند الشاميين"(283) ، وأبو نعيم في « الحلية » (8/275) بسنده عن أبي الدرداء قال : ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله من أميركم هذا - يعني معاوية - .


    قيل لقيس : أين صلاته من صلاة عمر . قال : لا أخالها إلا مثلها" قال الهيثمي في «المجمع» (9/357) : « ورواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير قيس بن الحارث المذحجي وهو ثقة » .

    وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه – قال : "ما رأيت أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم- من أميركم هذا - يعني معاوية" "تاريخ دمشق"(52/235) والذهبي في السير (3/135)

    * روى ابن عساكر في « تاريخ دمشق » (59/211) وبنحوه الآجري في « كتاب الشريعة » (5/2466) عن عبدالله بن المبارك أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان أم عمر بن عبدالعزيز ؟ فقال : والله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربنا ولك الحمد فما بعد هذا؟" وذكره كذلك ابن خلكان في "وفيات الأعيان"(3/131)

    * وأخرج الآجري « كتاب الشريعة » (5/2466) واللالكائي في « شرح السنة » (2785) والخطيب البغدادي في « تاريخه » (1/233) وابن عساكر في « تاريخ دمشق » (59/208) بسند صحيح عن الجراح الموصلي قال : سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود، أين عمر بن عبدالعزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟! فرأيته غضب غضباً شديداً وقال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد، معاوية رضي الله عنه كاتبه وصاحبه وصهره وأمينه على وحيه عز وجل .. الحديث .

    * وأخرج الآجري في « كتاب الشريعة » (5/2465) ، وابن عبد البر في « جامع بيان العلم وفضله » (2/185) ، والخلال في « السنة » (2/434) ورقم (666) بإسناد صحيح عن أبي أسامة حماد بن أسامة ، قيل له : أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز، فقال لا يقاس بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحداً, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : « خير الناس قرني » .

    * روى الخلال في « السنة » بسند صحيح (2/434) ورقم (660) عن أبي بكر المروذي قال : قلت لأبي عبد الله أيهما أفضل : معاوية أو عمر بن عبدالعزيز ؟ فقال : معاوية أفضل، لسنا نقيس بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أحداً، قال النبي - صلى الله عليه وسلم : « خير الناس قرني الذي بعثت فيهم » .

    * وروى الخلال في « السنة » بسند صحيح (2/435) ورقم (664) سئل المعافي بن عمران الأزدي : معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال : كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز .



    وفي "تاريخ دمشق" : "... تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز"
    و"... لتراب في منخري معاوية مع رسول الله خير أو أفضل من عمر بن عبد العزيز"
    "... يقول سمعت المعافى بن عمران وسأله رجل وأنا حاضر أيما أفضل معاوية بن أبي سفيان أو عمر بن عبد العزيز ؟ فرأيته كأنه غضب وقال: يوم من معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز ثم التفت إليه فقال: تجعل رجلا من أصحاب محمد مثل رجل من التابعين؟! "
    و"... فغضب من ذلك غضبا شديدا وقال: لا يقاس بأصحاب رسول الله أحد معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله عز وجل وقد قال رسول الله دعوا لي أصحابي وأصهاري فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" "تاريخ دمشق"(59/207)

    ذكر الخلال في كتاب "السنة (666) أخبرني محمد بن يزيد بن سعيد النهرواني قال وجدت في كتاب أبي بخطة قال حدثني الفضل بن جعفر قال يا أبا عبدالله أيش تقول في حديث قبيصة عن عباد السماك عن سفيان : أئمة العدل خمسة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز؟ فقال: هذا باطل ـ يعني ما ادعي على سفيان ـ ثم قال أصحاب رسول الله لا يدانيهم أحد أصحاب رسول الله لا يقاربهم أحد" .

    * روى الخلال في « السنة » (2/432) ورقم (654) واللالكائي في « شرح أصول اعتقاد أهل السنة » (8/1532) عن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال : قلت لأحمد بن حنبل : أليس قال النبي - صلى الله عليه وسلم : " كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسبي" ؟ قال : بلى ، قلت : وهذه لمعاوية ؟ قال : نعم، له صهر ونسب, قال : وسمعت ابن حنبل يقول : ما لهم ولمعاوية نسأل الله العافية" .

    وعن الأعمش أنه ذكر عنده عمر بن عبد العزيز وعدله، فقال : فكيف لو أدركتم معاوية ؟ قالوا : يا أبا محمد يعني في حلمه ؟ قال : لا والله بل في عدله" "السنة" للخلال (1/437) .

    * روى الخلال في «كتاب السنة» (2/438) ورقم (669) والآجري في «الشريعة» (5/2465) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (59/172) عن مجاهد قال : " لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي" .


    وقال قتادة – رحمه الله تعالى : " لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم : هذا المهدي" "منهاج السنة" (6/232) .

    * روى الخلال في « كتاب السنة » (2/444) ورقم (683) عن الزهري قال : عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً"

    * وروى الخلال في « السنة » (2/438) ورقم (670) من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق السبيعي : "ما رأيت بعده مثله يعني معاوية" .

    وما أجمل ما رواه الخطيب البغدادي في « تاريخ بغداد » (1/208) وابن عساكر في « تاريخ دمشق » (58/168) من طريق ابن شهاب حدثني عروة بن الزبير إن مسور بن مخرمة قدم وافداً إلى معاوية بن أبي سفيان فقضى حاجته ثم دعاه، فأخلاه، فقال : يا مسور ما فعل طعنك على الأئمة .

    قال المسور : دعنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له .
    فقال معاوية : لا والله لتكلمن بذات نفسك والذي نقمت علي .
    قال المسور : فلم أترك شيئاً أعيبه عليه إلا بينته له .
    فقال معاوية : لا أبرأ من ذنب، فهل تعد لنا يا مسور مما نلي من الإصلاح في أمر العامة فإن الحسنة بعشر أمثالها أم تعد الذنوب .
    فقال معاوية : فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنباه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلك إن لم يعفو الله لك ؟ .
    فقال المسور : نعم .
    فقال معاوية : فما جعلك برجاء المغفرة أحق مني فو الله لما آلي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكن والله لا أخير بين أمرين أمر لله وغيره إلا اخترت أمر الله على ما سواه، وإني لعلى دين يقبل فيه العمل ويجزى فيه بالحسنات والذنوب إلا أن يعفو الله عنها فإني أحسب كل حسنة عملتها بأضعافها من الأجر وآلي أموراً عظاماً لا أحصيها ولا يحصيها من عمل بها لله في إقامة الصلوات للمسلمين والجهاد في سبيل الله والحكم بما أنزل الله والأمور التي لست أحصيها وإن عددتها فتكفي في ذلك .
    قال مسور : فعرفت أن معاوية قد خصمني حين ذكر ما ذكر .
    قال عروة بن الزبير : لم أسمع المسور بعد يذكر معاوية إلا صلى عليه" ورواه عبدالرزاق في « مصنفه » (7/207) بنحوه من طريق معمر عن الزهري عن حميد بن عبدالرحمن عن المسور وإسناده صحيح . قال ابن عبدالبر في « الاستيعاب » (671) : « وهذا الخبر من أصح ما يروى من حديث ابن شهاب رواه عنه معمر وجماعة من أصحابه » ورواه أيضاً شعيب عن الزهري عن عروة عن المسور بنحوه (13) . ورواه بنحوه البلاذري في أنساب الأشراف (5/53) من طريق عبدالحميد بن جعفر عن عبدالرحمن بن المسور بن مخرمه عن أبيه (14) ورواه أيضاً البلاذري (5/42) بنحوه من طريق آخر"([3])


    عظيم حلمه وكمال سؤدده :

    " قال قبيصة بن جابر – رحمه الله تعالى : ما رأيت أحداً أعظم حلماً ولا أكثر سؤدداً ولا أبعد أناة ولا ألين مخرجاً، ولا أرحب باعاً بالمعروف من معاوية.


    وقال بعضهم: أسمع رجل معاوية كلاماً سيئاً شديداً، فقيل له لو سطوت عليه؟ فقال : إني لأستحي من الله أن يضيقَ حلمي عن ذنب أحد رعيتي .

    وفي رواية قال له رجل : يا أمير المؤمنين ما أحلمك؟ فقال : إني لأستحي أن يكون جرم أحد أعظم من حلمي"

    وعن جعفر بن برقان قال: قال معاوية – رضي الله تعالى عنه : لا يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله، وصبره شهوته، ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحلم" "تاريخ دمشق"(62/127)

    وقد أفرد ابن أبي الدنيا وأبو بكر بن أبي عاصم تصنيفاً في حلم معاوية - رضي الله عنه -ولعل هذا من بركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاوية" انظر "تاريخ الإسلام" للذهبي ص(315) .




    عدل سابقا من قبل أبو محمد عبدالحميد الأثري في 22.10.10 14:17 عدل 1 مرات
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية رد: "الهاوية لطاعن معاوية" لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة -حفظه الله تعالى

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 22.10.10 14:16

    محبته للآل ورضاهم عنه :

    جاء في مسند الإمام أحمد "مسند الشامين" حديث معاوية
    بن أبي سفيان- رضي الله تعالى- بسنده عن معاوِيَةَ قَال : رأَيت رسول اللَّه - صلَّى اللَّه علَيه وسلَّم- يَمُصُّ لسانه أَو قَال :شفَتَه يعني الْحسن بن عليٍّ - صَلوات اللَّه عليه - وإِنَّه لَن يعذَّب لسان أَو شفَتان مصَّهما رسول اللَّه - صَلَّى اللَّه علَيه وسلَّمَ" "مسند الإمام أحمد" برقم(16245) وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي فقد روى له أبو داود والنسائي وهو ثقة.

    وهذا من عدل هذا الصحابي الجليل، وغلبة الحق على قلبه ونفسه فها هو يقول عمن كان ينافسه الخلافة ليبين أن من الدين والإيمان حب آل بيت النبوة .

    وكذلك ما نقله صاحب "العقد الفريد" من أن معاوية – رضي الله تعالى عنه- أخذ بيد الحسن بن علي – رضي الله تعالى عنهما- في مجلس له، ثم قال لجلسائه : من أكرم الناس أباً وأماً وجداً وجدة ؟
    فقالوا : أمير المؤمنين أعلم . فأخذ بيد الحسن و قال : هذا أبوه علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم- و جده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجدته خديجة - رضي الله عنها .

    وأخرج الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى- أن معاوية - رضي الله عنه- كان إذا لقي الحسن بن علي - رضي الله عنهما - قال : مرحباً بابن رسول الله وأهلاً، ويأمر له بثلاثمائة ألف، و يلقى ابن الزبير - رضي الله عنه - فيقول : مرحباً بابن عمة رسول الله وابن حواريه، ويأمر له بمئة ألف" "البداية والنهاية".

    وأخرج الإمام الآجري عن الزهري– رحمهما الله تعالى- قال : لما قتل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- وجاء الحسن بن علي - رضي الله عنهما- إلى معاوية، فقال له معاوية : لو لم يكن لك فضل على يزيد إلا أن أمك من قريش وأمه امرأة من كلب، لكان لك عليه فضل، فكيف وأمك فاطمة بنت رسول صلى الله عليه وسلم ؟!"

    بل .. ومع ما حصل من فتنة إلا أن معاوية – رضي الله تعالى عنه- كان يكن لعلي الحب الاحترام، وقد ألح معاوية على ضرار بن ضمرة بأن يصف له علياً - رضي الله عنه - وما أن وصفه واسترسل في الوصف ذرفت دموع معاوية - رضي الله عنه - حتى خرت على لحيته فما يملكها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء، ثم قال معاوية : رحم الله أبا الحسن! كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار . قال : حزن من ذبح ولدها في حجرها؛ فلا ترقا عبرتها ولا يسكن حزنها" "صفوة الصفوة".

    وعن مغيرة قال : لما جاء قتل علي إلى معاوية - رضي الله عنه- جعل يبكي ويسترجع فقالتْ له امرأته : تبكي عليه، وقد كنتَ تقاتله؟ فقال لها ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم" "تاريخ دمشق"(62/99)


    وعن جابر - رضي الله عنه – قال : كنا عند معاوية رضي الله عنه، فذكر عليـا فأحسن ذكره ثم قال: وكيف لا أقول هذا لهم؟ وهم خيار خلق الله وعنده عتره نبيه، أخيار أبناء أخيار" "تاريخ دمشق"(45/318)

    وهذا جعفر بن محمد عن أبيه : أن الحسن والحسين رضي الله عنهما كانا يقبلان جوائز معاوية - رضي الله عنه - وهذا دليل على تعظيم معاوية لأهل بيت النبوة وإكرامه إياهم" الآجري في "الشريعة" (1963) اللالكائي (2782) .

    وعندما ولي معاوية الشام كانت سياسته مع رعيته من أفضل السياسات وكانت رعيته تحبه ويحبُّهم .

    وللمؤرخ العلامة ابن خلدون – رحمه الله تعالى- في اعتبار معاوية من الخلفاء الراشدين فقد قال : " إن دولة معاوية وأخباره كان ينبغي أن تلحق بدول الخلفاء الراشدين وأخبارهم، فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة" .

    أجل .. كانت سيرة كاتب الوحي، خال المؤمنين، أفضل ملوك هذه الأمة، بل ملك الإسلام، معاوية – رضي الله تعالى عنه- مع رعيته من خيرة سيرة الولاة، وقد كانت رعيته يحبونه؛ وقد ثبت في "الصحيحين" عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال : خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنوكم"


    زهده وتأله، ومحنته ومنيته :

    روى الإمام أحمد – رحمه الله تعالى- بسنده إلى علي بن أبي حملة عن أبيه قال : رأيت معاوية على المنبر بدمشق يخطب الناس وعليه ثوب مرقوع .

    وأخرج ابن كثير عن يونس بن ميسر الزاهد - و هو أحد شيوخ الإمام الأوزاعي - قال : رأيت معاوية في سوق دمشق وهو مردف وراءه وصيفاً، وعليه قميص مرقوع الجيب ويسير في أسواق دمشق .


    وأخرج أبو داود والبخاري في "الأدب المفرد" من طريق أبي مجلز قال : خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير، فقال معاوية لابن عامر : اجلس فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار"

    وهذا يدل على مدى حرص معاوية على اتباع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- وتواضعه - رضي الله عنه - وخوفه من عذاب الله - عز وجل .

    وقد أوردت هذه الأمثلة ليعلم الناس أن الصورة الحقيقية لمعاوية تخالف الصورة المكذوبة التي كان أعداؤه من الرافضة يصورونه بها .

    وقال عبد الله بن المبارك - رحمه الله تعالى : معاوية عندنا محنة، فمن رأيناه ينظر إليه شزراً اتهمناه على القوم، يعني الصحابة" انظر "البداية والنهاية" لابن كثير (8/139) .

    وقال الربيع بن نافع الحلبي ( ت: 241 هـ ) رحمه الله تعالى : "معاوية ستر لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه ([4])"
    "البداية والنهاية" (8/139)

    وقال الحافظ ابن كثير– رحمه الله تعالى- في ترجمة معاوية – رضي الله تعالى عنه : "وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين ... فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل، وصفح وعفو" "البداية والنهاية" (8/122)

    وعن صفوان بن عمرو أن عبد الملك مر بقبر معاوية فوقف عليه فترحم، فقال له رجل من قريش قبر من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال : قبر رجل كان والله ما علمته، ينطق عن علم، ويسكت عن حلم،إذا أعطى أغنى، وإذا حارب أفنى، ثم عجل له الدهر ما أخره لغيره ممن بعده، هذا قبر أبي عبد الرحمن معاوية يرحمه الله" "انساب الأشراف"(5/165)

    رضي الله عنك يا خالنا معاوية، وعن جميع صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم .


    رفع شبهة لعن علي على المنابر بأمر من معاوية - رضي الله عنهما .

    والجواب : إن هذه فرية بلا مرية على معاوية - رضي الله عنه- بل من الأباطيل التي روج لها الرافضة، ذلك أنها دعوى تحتاج إلى دليل، كما أنها مفتقرة إلى صحة النقل، وأغلب الرافضة ومن أشرب قلبه ببغض الصحابة – رضي الله تعالى عنهم- عموما، ومعاوية - رضي الله عنه – خصوصا، لا يسندون فضلا عن يتثبتون فيما ينقلون، وإنما يكتفون بزعمهم : ( كما ذكر ذلك المؤرخون ) أو ( وكتب التواريخ طافحة بذلك ) فلا يحيلون إلى أي مصدر متصل موثوق، وكما هو معلوم مدى أهمية الإحالة والتوثيق لمثل هذه الدعاوى عند المحققين والباحثين([5]) .

    ونقول :

    أولاً : نحيل الناظر الباصر إلى عاليه، إلى تلكم الفضائل وثناءات الرسول – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- والصحب العدول– رضي الله تعالى عنهم أجمعين- وأئمة السلف والخلف - رحمهم الله تعالى- على معاوية - رضي الله عنه : إذا ثبت هذا في حق معاوية - رضي الله تعالى عنه- فإنه من أبعد المحال على من كانت هذه سيرته أن يحمل الناس على لعن علي - رضي الله عنه - على المنابر وهو من هو في الفضل .

    أجل .. ومن علم سيرة معاوية - رضي الله عنه- في الملك وما اشتهر به من الحلم والصفح وحسن السياسة للرعية، ظهر له أن ذلك من أكبر الكذب عليه

    ثانياً : من اللوازم الباطلة له : إتهام سلفنا الصالح وأهل العلم من بعدهم الذين أثنوا عليه ذلك الثناء البالغ، قد مالؤوه على الظلم والبغي واتفقوا على الضلال!! وحاشهم، إذ هذا مما نزهت الأمة عنه بنص حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم : "إن أمتي لا تجتمع على ضلالة" "السنة لابن أبي عاصم برقم (82–84) وضعفه جدا العلامة الألباني .[/b]

    ثالثاً : كيف يسمح معاوية - رضي الله عنه- بذلك؟! وهو الذي لم يصحّ عنه أبداً أنه سبّ علياً أو لعنه مرة واحدة، فضلاً عن التشهير به على المنابر!! .


    وقد علق الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى- في على قصة لعن علي - رضي الله عنه - على المنابر بعد القنوت، بقوله : "ولا يصح هذا" "البداية والنهاية" (7/284)

    رابعاً : ثم لنا أن نتساءل أيضاً : لماذا يُلعن بنو أمية بسب علي - رضي الله عنه - وهم الغالبون المنتصرون ؟

    خامساً : وأما ما قيل من أن علياً كان يلعن في قنوته معاوية و أصحابه، وأن معاوية إذا قنت لعن علياً وابن عباس والحسن والحسين، فهو غير صحيح؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أكثر حرصاً من غيرهم على التقيّد بأوامر الشارع الذي نهى عن سباب المسلم و لعنه .

    وقد قال - صلى الله عليه وسلم : "من لعن مؤمناً فهو كقتله" "صحيح البخاري مع الفتح" (10/479) .

    وقوله - صلى الله عليه وسلم : " لا يكون اللعانون شفعاء و لا شهداء يوم القيامة" "صحيح الجامع" (2/1283) .

    ثم إن هذا الأثر – قصة لعن علي على منابر بني أمية - مروي من طريق علي بن محمد وهو شيخ ابن سعد وهو المدائني فيه ضعف .
    و شيخه لوط بن يحي ( أبو مخنف ) ليس بثقة متروك الحديث وإخباري تالف لا يوثق به وعامة روايته عن الضعفاء والهلكى و المجاهيل . انظر : السير (7/302 ) والميزان (3/419 ) . وفي سندها أيضاً أبو جناب الكلبي، ضعيف . راجع هذه الرواية الملفقة في "تاريخ الطبري"(5/71) .

    وهذا الأثر هو الوحيد الذي ورد فيه التصريح المباشر بقصة اللعن، وهو الذي يتمسك به عامة أهل البدع والجهل، يشير إلى أن علياً - رضي الله عنه- كان يلعن معاوية وعمرو بن العاص وغيرهم !! فلماذا لم يتحدثوا عن هذه؟!!

    وأما ما سوى هذه الرواية، فهي شبهات واهية، ليس فيها أي دليل على ما يتشدق به أهل البدع والأهواء .

    وما أجمل وأدلّ أن يقال هنا ما قاله الأعمش – رحمه الله تعالى : " حدثناهم بغضب أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- فاتخذوه دينًا " "سير أعلام النبلاء" (2/394) .

    الشبهة الأولى :

    ما جاء في صحيح الإمام مسلم – رحمه الله تعالى- عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه – رضي الله تعالى عنه- قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال : أما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم .
    سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول له : خلفه في مغازيه فقال له علي : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي
    وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال : فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي علياً، فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه .
    ولما نزلت هذه الآية { قل تعالوا ندعُ أبناءكم .. } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهم هؤلاء أهلي" "صحيح الإمام مسلم" برقم(2404) .

    الجواب : هذا الحديث لا يفيد أن معاوية أمر سعداً بسب علي، ولكنه كما هو ظاهر فإن معاوية أراد أن يستفسر عن المانع من سب علي، فأجابه سعداً عن السبب، ولم نعلم أن معاوية عندما سمع رد سعد غضب منه ولا عاقبه .

    كما أن سكوت معاوية هنا، تصويب لرأي سعد، ولو كان معاوية ظالماً يجبر الناس على سب علي كما يدعون، لما سكت عن سعد ولأجبره على سبه، ولكن لم يحدث من ذلك شيء، فعُلم أنه لم يأمر بسبه ولا رضي بذلك .

    يقول النووي - رحمه الله تعالى - في ذلك : قول معاوية هذا، ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب، كأنه يقول : هل امتنعت تورعاً أو خوفاً أو غير ذلك . فإن كان تورعاً وإجلالاً له عن السب، فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر، ولعل سعداً قد كان في طائفة يسبون، فلم يسب معهم، وعجز عن الإنكار، أو أنكر عليهم، فسأله هذا السؤال، قالوا : ويحتمل تأويلاً آخر أن معناه : ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده، وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ" "شرح صحيح مسلم" ( 15 / 175 ) .

    وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله تعالى : " وهذا ليس بتصريح بالسب، وإنما هو سؤال عن سبب امتناعه ليستخرج من عنده من ذلك، أو من نقيضه، كما قد ظهر من جوابه، ولما سمع ذلك معاوية سكت وأذعن، وعرف الحق لمستحقه" "المفهم" (6/278).

    والذي يظهر لي في هذا والله أعلم : أن معاوية - رضي الله عنه- إنما قال ذلك على سبيل المداعبة لسعد، وأراد من ذلك استظهار بعض فضائل علي - رضي الله عنه- فإن معاوية - رضي الله عنه- كان رجلاً فطناً ذكياً يحب مطارحة الرجال واستخراج ما عندهم، فأراد أن يعرف ما عند سعد في علي - رضي الله عنهما - فألقى سؤاله بهذا الأسلوب المثير .

    وهذا مثل قوله - رضي الله عنه - لابن عباس : أنت على ملة علي؟ فقال له ابن عباس : ولا على ملة عثمان، أنا على ملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم" "الإبانة الكبرى" لابن بطة (1/ 355) .

    وظاهر قول معاوية هنا لابن عباس – رضي الله تعالى عنهم- جاء على سبيل المداعبة، فكذلك قوله لسعد – رضي الله تعالى عنه- هو من هذا الباب، وأما ما ادعى الرافضة من الأمر بالسب، فحاشا معاوية - رضي الله عنه - أن يصدر منه مثل ذلك .

    والمانع من هذا عدة أمور :

    المانع الأول : أن معاوية نفسه ما كان يسب علياً - رضي الله عنه - فكيف يأمر غيره بسبه ؟
    بل كان معظماً له معترفاً له بالفضل والسبق إلى الإسلام، كما دلت على ذلك أقواله الثابتة عنه .

    قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى : "وقد ورد من غير وجه أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له : هل تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال : والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل، وأحق بالأمر مني" "البداية والنهاية" (8/132).


    و" لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته : أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال : ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم" "البداية والنهاية" (8/133)

    المانع الثاني : أنه لا يعرف بنقل صحيح أن معاوية - رضي الله عنه- تعرض لعلي - رضي الله عنه - بسب أو شتم أثناء حربه له في حياته، فهل من المعقول أن يسبه بعد انتهاء حربه معه ووفاته؟!!!
    فهذا من أبعد ما يكون عند أهل العقول وأبعد منه أن يحمل الناس على سبه وشتمه .

    المانع الثالث : أن معاوية - رضي الله عنه- كان رجلاً ذكياً، مشهور بالعقل والفطانة، فلو أراد حمل الناس على سب علي، وحاشاه من ذلك، أفكان يطلب ذلك من مثل سعد بن أبي وقاص، وهو من هو في الفضل والورع، مع عدم دخوله في الفتنة أصلاً !!
    فهذا لا يفعله أقل الناس عقلاً وتدبيراً، فكيف بمعاوية؟!!

    المانع الرابع : أن معاوية - رضي الله عنه - انفرد بالخلافة بعد تنازل الحسن بن علي - رضي الله عنهما - له واجتمعت عليه الكلمة والقلوب، ودانت له الأمصار بالملك، فأي نفع له في سب علي؟!

    بل الحكمة وحسن السياسة تقتضي عدم ذلك، لما فيه من تهدئة النفوس وتسكين الأمور ومثل هذا لا يخفى على معاوية - رضي الله عنه- الذي شهدت له الأمة بحسن السياسة والتدبير

    المانع الخامس : أنه كان بين معاوية - رضي الله عنه- بعد استقلاله بالخلافة وأبناء علي من الألفة والتقارب ما هو مشهور وفي كتب السير والتاريخ .

    ومن ذلك : أن الحسن والحسين وفدا على معاوية فأجازهما بمائتي ألف، وقال لهما : ما أجاز بهما أحد قبلي، فقال له الحسن : ولم تعط أحد أفضل منا" "البداية والنهاية" (8/139) .

    ودخل مرة الحسن على معاوية فقال له : مرحباً وأهلاً بابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأمر له بثلاثمائة ألف" "البداية والنهاية" (8/140) .

    وهذا مما يقطع بكذب ما ادعي في حق معاوية ([6]) - رضي الله عنه - من حمله الناس على سب علي - رضي الله عنه - إذ كيف يحصل هذا مع ما بينه وبين أولاده من هذه الألفة والمودة والاحتفاء والتكريم .

    الشبهة الثانية :


    ما جاء في صحيح الإمام مسلم – رحمه الله تعالى- عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : استُعمل على المدينة رجل من آل مروان قال : فدعا سهل بن سعد فأمر أن يشتم علياً رضي الله عنه ، فأبى سهل، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب، فقال سهل : ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب ..." "صحيح الإمام مسلم" برقم(2409) ثم ذكر الحديث وسبب تسميته بذلك .

    الجواب : في نقاط :

    أولاً : هذا الادعاء لا أساس له من الصحة، بل إن استشهاد هؤلاء وأمثالهم بهذا الحديث لا حجة فيه .

    ثانياً " أين التصريح باسم معاوية – رضي الله تعالى عنه- فيه ؟

    ثالثاً : ثم إن الرجل من آل مروان، ومن المعروف لدى الجاهل قبل العالم أن معاوية - رضي الله عنه – سفياني، وليس مرواني ..

    رابعاً : ومن الغرائب أن هؤلاء المبتدعة ينكرون سبّ علي، ولم يتورعوا عن سبّ خير البرية بعد الأنبياء أبي بكر وعمر وعثمان!! وكتبهم طافحة بذلك .

    خامساً : ولنستمع في إبطاله إلى ما رواه الحافظ أبو نعيم في "الحلية" عن أبي صالح قال : دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية فقال له معاوية : صف لي علياً .
    فقال ضرار : أو تعفيني يا أمير المؤمنين؟
    قال معاوية : لا أعفيك .
    قال ضرار : أما إذ لا بدّ، فإنه كان و الله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، ويتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، و يستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب – غليظ، أو بلا إدام - كان و الله كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا و قربه منا لا نكلمه هيبة له، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، و يحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، يميل في محرابه قابضاً على لحيته، يتململ تململ السليم– اللديغ- ويبكي بكاء الحزين ، فكأني أسمعه الآن و هو يقول : يا ربنا، يا ربنا، يتضرع إليه، ثم يقول للدنيا : إلىّ تغررت؟ إلىّ تشوفت؟ هيهات، هيهات، غري غيري، قد بَتَتّكِ ثلاثاً، فعمرك قصير، ومجلسك حقير، وخطرك كبير، آهٍ آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق .
    فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء .
    فقال - أي : معاوية : كذا كان أبو الحسن رحمه الله، كيف وَجْدُكَ عليه يا ضرار؟
    قال ضرار : وَجْدُ من ذبح واحِدُها في حِجْرِها، لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها، ثم قام فخرج" "الحلية" (1/84 - 85)

    قال القرطبي معلقاً على وصف ضرار لعلي - رضي الله عنه - وثنائه عليه بحضور معاوية، وبكاء معاوية من ذلك، وتصديقه لضرار فيما قال : "وهذا الحديث يدل على معرفة معاوية بفضل علي - رضي الله عنه - ومنزلته، وعظم حقه ومكانته، وعند ذلك يبعد على معاوية أن يصرح بلعنه وسبه، لما كان معاوية موصوفاً به من العقل والدين والحلم وكرم الأخلاق وما يروى عنه من ذلك فأكثره كذب لا يصح..." "المفهم" للقرطبي ( 6 / 278 ) .

    وبعد هذا الموقف، هل يتصور من معاوية - رضي الله عنه- أن يصرح بلعن علي - رضي الله عنه - على المنابر؟!

    وهل يعقل أن يسع حلم معاوية - رضي الله عنه - الذي بلغ مضرب الأمثال([7]) سفهاء الناس وعامتهم وهو أمير المؤمنين، ثم يأمر بعد ذلك بلعن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب على المنابر، ويأمر ولاته بذلك في سائر الأمصار والبلدان؟!! والحكم في هذا لكل صاحب عقل وفهم ودين" منقول بتصرف .

    وعلى عاليه : قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى : " وأما الصحابة والتابعون، فقال غير واحد من الائمة : إن كل من صحب النبى أفضل ممن لم يصحبه مطلقاً، وعينوا ذلك في مثل معاوية، وعمر بن عبد العزيز، مع أنهم معترفون بأن سيرة عمر بن عبد العزيز أعدل من سيرة معاوية، قالوا : لكن ما حصل لهم بالصحبة من الدرجة أمر لا يساويه ما يحصل لغيرهم بعلمه.
    واحتجوا بما في "الصحيحين" أنه قال: " لا تسبوا أصحابي، فوا الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحدٍ ذهبا لما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصِيفَة "
    قالوا : فإذا كان جبل أحد ذهبا لا يبلغ نصف مد أحدهم، كان في هذا من التفاضل ما يبين أنه لم يبلغ أحد مثل منازلهم التي أدركوها بصحبة النبى - صلى الله عليه وسلم- وفى المسالة بسط وبيان لا يحتمله هذا المكان" "مجموع الفتاوى"(4/527) .


    ونقل الحافظ عن الإمام أبو المظفَّر السمعاني (489هـ) رحمه الله أَنَّه قَالَ : " التعرُّض إِلَى جانب الصحابة علامةٌ علَى خذلان فاعله، بل هُوَ بدعةٌ وضلالةٌ" "الفتح" (4/365).

    إذا علمت هذا وأيقنته، فقهت حال من ينبح بالطعن في معاوية - رضي الله تعالى عنه- ناسياً أو متناسياً أنه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم- وأن الأمة قد أجمعت على تعديلهم دون استثناء من لابس الفتن منهم ومن قعد، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة .

    بغضوه الرافضة وكفّروه، جهلوا، بل قبروا ما له من الفضائل، فهو أحد الأمناء على الوحي فكيف لا يستأمن على ما دونه؟!! وهو كذلك خال المؤمنين، فكيف؟!!!


    رضي الله تعالى عن معاوية وأبيه وأمه، فقد دعا له النبي عليه الصلاة والسلام فقال : "اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به" وقال عليه الصلاة السلام : "اللهم علّم معاوية الحساب، وقه العذاب" "السلسلة الصحيحة" برقم(3227) فماذا بعد؟!!!



    الخاتمة

    قال مؤرخ الإسلام الحافظ شمس الدين الذهبي – رحمه الله تعالى : "فهذَا ما تَيسَّر من سيرة العشرة، وهم أَفْضل قريش، وأَفْضل السَّابِقين المهاجرِين، وأَفْضل البدرِيِّين، وأَفْضل أَصحاب الشَّجرة، وسادة هذه الأُمَّة في الدُّنيا والآخرة .

    فَأَبعد اللهُ الرَّافضةَ؛ ما أَغواهم، وأَشدَّ هواهم !

    كيف اعترفوا بِفَضْلِ واحد منهم، وبخسوا التسعةَ حقَّهم، وافْتروا علَيهم بِأنَّهم كتموا النصَّ في عليٍّ أَنَّه الخليفَة؟!

    فَواللهِ ما جرى من ذَلك شيء ... وأَنَّهم زوَّروا الأَمر عنه بِزعمهم، وخالَفوا نبِيَّهم، وبادروا إِلَى بيعَة رجل من بني تيم ( وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه) يتَّجِر ويتَكسَّب؛ لا لرغبة في أَمواله، ولا لرهبة من عشيرته ورِجاله!

    ويْحكَ .. أَيفعل هذَا من لَه مسكَة عقْل؟!

    ولَو جاز هذَا علَى واحد لَما جاز علَى جماعة، ولَو جاز وقُوعُه من جماعة، لاستَحال وقوعه والحالَة هذِه من أُلُوف من سادة المهاجرِين والأَنصار، وفرسان الأُمَّة، وأَبطَالِ الإِسلام

    لَكن لاَ حيلَةَ في بُرْء الرَّفْضِ؛ فَإِنَّه داء مزمن، والهدى نُور يقذفه اللهُ في قَلب من يشاء؛
    فَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِالله" "سير أعلام النبلاء" (1/140 - 141) ما أروعه وأورعه من بيان، لله درك .

    وأختم بتأكيد حقيقة لا تخفى : وإنما أعني بها ما قاله شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى : " كل مؤمن آمن بالله؛ فللصحابة - رضي الله عنهم- عليه فضل إلى يوم القيامة، وكل خير فيه الشيعة وغيرهم فهو ببركة الصحابة" "مختصر منهاج السنة" (2/563) .

    وهنا ينشئ سؤال لأهل العرفان : فهل من الوفاء الطعن فيهم، أم من الجحود .

    " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" سورة "الحشر" الآية(9)

    وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى إخوانه وآله وصحبه أجمعين

    والحمد لله رب العالمين

    كتبه
    الفقير إلى رحمة مولاه
    أبو عبد الله
    محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
    في 14/11/1431هـ ـ 21/10/2010م


    --------------------- |[ الحاشية ]| ----------------------

    ([1]) قال الإمام أبو محمد ابن حزم – رحمه الله تعالى- عنه : "كان أحد الـمُجّان، ومن غلب عليه الهزل، وأحد الضُلاّل المضلين" "الفِصَل..."(5/39) .

    وقال خطيب أهل السنة الإمام ابن قتيبة – رحمه الله تعالى : "تجده يقصد في كتبه للمضاحيك والعبث، يريد بذلك استمالة الأحداث وشُراب النبيذ.. وهو مع هذا من أكذب الأمة، وأوضعهم لحديث، وأنصرهم لباطل" "مختلف الحديث" ص(59-60)

    ([2]) وهنا أنقل- آسفاً- عن مصري جاهل تلوث بنجس الرفض، أعني به رأس الطريقة العزمية الرافضية، إذ : " أبدى محمد علاء الدين ماضى أبو العزائم شيخ عموم الطريقة العزمية استعجابه ممن يطلقون على معاوية، ويزيد ابنه، وأبو سفيان، لقب سيدنا، قائلا : متى كانوا أسيادنا ؟ فهل قتلة سيدنا الحسين هم أسياد لنا ؟ مشيرا إلى أن بنى أمية موجودون إلى وقتنا هذا ويجب أن تفيق الأمة من غفوتها..." http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=255243&

    هذا .. ومما يذكر ليشكر : إنكار "مجمع البحوث الإسلامية" بالأزهر عليهم "ولا أدري هل لدى المتصوفة من يروض هذه ( الكلاب المسعورة ) التي بدأت تسير خلف أحفاد ابن العلقمي، فهم الآن ينقضون عروة من عرى الإسلام، ولئن عشتُ إلى قابل لسوف أرى ما يلوكونه في( معاوية) و ( أبي معاوية) - رضي الله عنهما – هوَ هوَ ما يقولونه في الصديق وشهيد المحراب وذي النورين" https://alrbanyon.yoo7.com/montada-f9/topic-
    t8565.htm?highlight=%e3%da%c7%e6%ed%c9 .


    ([3]) وقد اتكأت في سيري هنا على بحث للشيخ سعد بن ضيدان السبيعي- وبنيت عليه .

    ([4]) ومن هؤلاء كذلك المودوي في كتابه "الخلافة والملك" وفيه طعن على معاوية رضي الله عنه – وبني أمية، غرّه ما تناقله رواة الشيعة عنهم من أكاذيب انظر ص(66،78،84 ،113،205،219 ،233) الأمر الذي وقعه فيما هو أسوأ، عندما لمز عثمان – رضي الله تعالى عنه! انظر ص(64،70،71) كيف وقد طعن بعض الأنبياء – عليهم جميعاً وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم .
    وهذا البلاء نهديه بل نلقيه في وجه أتباعه الثوريين التهيجيين – هداهم الله تعالى .

    ([5]) وقال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى : " .. يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ قَدْ كَذَبَ عَلَى عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ؛ لَا سِيَّمَا عَلَى جَعْفَرٍ الصَّادِقِ مَا لَمْ يَكْذِبْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ حَتَّى إنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّة وَالْنُصَيْرِيَّة يُضِيفُونَ مَذْهَبَهُمْ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمُعْتَزِلَةُ" اهـ "مجموع الفتاوى" (13/244)

    وقال أيضا عن الروافض : "حتى لا يكاد يوثق برواية أحد منهم، أعرض عنهم أهل الصحيح فلا يروي البخاري ومسلم أحاديث علي إلا عن أهل بيته كأولاده مثل الحسن والحسين، ومثل محمد بن الحنفية، وكاتبه عبيد الله بن أبي رافع أو أصحاب ابن مسعود وغيرهم، مثل عبيدة السلماني، والحارث التيمي، وقيس بن عباد وأمثالهم، إذ هؤلاء صادقون فيما يروونه عن علي، فلهذا أخرج أصحاب الصحيح حديثهم" اهـ . "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (13/32)

    قال العلامة الألوسي – رحمه الله تعالى – في كتابه "صبّ العذاب على من سبّ الأصحاب" : " وما يذكره المؤرخون من أن معاوية - رضي الله تعالى- عنه كان يقع في الأمير كرم الله تعالى وجهه بعد وفاته، ويظهر ما يظهر في حقه، ويتكلم بما يتكلم في شأنه، مما لا ينبغي أن يعول عليه، أو يلتفت إليه؛ لأن المؤرخين ينقلون ما خبث وطاب، ولا يميزون بين الصحيح والموضوع والضعيف، وأكثرهم حاطب ليل، لا يدري ما يجمع، فالاعتماد على مثل ذلك في مثل هذا المقام الخطر والطريق الوعر والمَهمَه الذي تضل فيه القطا ويقصر دونه الخطا، مما لا يليق بشأن عاقل، فضلا عن فاضل " "صب العذاب على من سب الأصحاب" ص( 421) .

    وفي تخصيص تشويه العهد الأموي، يقول المؤرخ محمود شاكر – رحمه الله تعالى- عندما قال : "إن تاريخ بني أمية قد أصابه الكثير من التشويه" "التاريخ الإسلامي" (4/5) .


    ([6]) ومن ذلك كذلك : إبطال دعوى لعن الإمام الشوكاني – رحمه الله تعالى- لمعاوية – رضي الله تعالى عنه : "فقد دأب أهل البدع على الأستشهاد بكلام منسوب للشوكاني - رحمه الله - يلعن فيه الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - وابنه يزيد، ومع صدور الطبعة الجديدة من كتاب ( نيل الأوطار) بتحقيق محمد صبحي حلاق تبين أن الأمر بخلاف ذلك! فقد أبطل حلاق هذه التهمة، بالرجوع إلى صور المخطوطات المعتمدة في التحقيق ومنها نسخة كُتبت بخط الشوكاني نفسه، ونسخة أخرى كُتبت بخط أحد تلاميذه– الدلواني- فتبين عدم وجود ( اللعن ) في هذه النسخ .

    قلت : كيف وقد قال الإمام الشوكاني - رحمه الله تعالى – في كتابه "نيل الأوطار"(7/131) الناشر دار الجيل سنة النشر 1973 في "باب المرأة تنفق من مال الزوج بغير علمه إذا منعها الكفاية" عن عائشة أن هندا قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" رواه الجماعة إلا الترمذي
    قوله : "... وأيضا قد كان في أولادها في ذلك الوقت من هو مكلف كمعاوية رضي الله عنه "

    وقال أيضا - رحمه الله تعالى - في تفسيره "فتح القدير..."(5/214) : خرج عبد ابن حميد وابن المنذر وابن عدي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في الآية قال : كانت المودة التي جعل بينهم تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان فصارت أم المؤمنين فصار معاوية خال المؤمنين" .

    ([7]) أجل .. فقد بلغ معاوية – رضي الله تعالى عنه- في الحلم مضرب الأمثال، وقدوة الأجيال؛ قال عبد الملك بن مروان وقد ذُكر عنده معاوية : "ما رأيت مثله في حلمه واحتماله وكرمه" "البداية والنهاية" (8/138).

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 10:24