خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:31

    القطبية
    هي الفتنة فاعرفوها

    بقلم
    أبي إبراهيم ابن سلطان العدناني




    ***




    وشهد شاهد من أهلها


    قال الصاوي: <أمّا القطبيون... فقد قام منهجهم ابتداءً على بلورة قضية التشريع وبيان صلتها بأصل الدين أن الخلل الذي يغشى ظمة الحكم في مجتمعاتنا المعاصرة ناقض لعقد الإسلام وهادم لأصل التوحيد..

    ومعلوم أنّ الكتب التي تمثّل هذا الاتجاه وتعبّر عن منهجه هي كتب الأستاذ سيّد قطب رحمه الله في مجال الدعوة والمخاطبة العامّة، وكتاب حدّ الإسلام للأستاذ عبد المجيد الشاذلي في مجال التأصيل والتنظير..>.

    [مدى شرعية الانتماء إلى الأحزاب والجماعات الإسلامية (ص 171)].
    القطبية
    هي الفتنة فاعرفوها



    U

    مقدمة الطبعة الثانية



    الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد. وبعد:

    فإنّه لَمّا صدر كتابي: <القطبية هي الفتنة فاعرفوها> شرّق وغرّب ـ ولله الحمد والمنّة ـ فوصل إلى كثير من العامّة والخاصّة من أهل العلم وطلبته، فأقبلوا عليه قراءة وتوزيعًا ـ لاقتناعهم بإفادته ـ حتى نفد ما طُبِعَ منه، فأشار عليّ بعض إخواني وأحبّتي بإعادة طبعه مرّة أخرى، ليعمّ النفع به، فأجبتهم إلى طلبهم، فحرّرت عباراته، زائدًا في مادّته العلمية، ليخرج للناس مرّة أخرى في صورة بهية نقية ـ إن شاء الله تعالى ـ.

    هذا ولا يفوتني أن أشكر كلّ من نصح لي حين أهدى إليّ ملاحظاته على ما كتبت، فله منّي الشكر والثناء والدعاء الصالح في ظهر الغيب.

    وأودّ هنا ـ بالمناسبة ـ أن أزف البشرى لِمَن أراد الزيادة في معرفة هذه الجماعة أكثر فأكثر، بأنّه سيصدر قريبًا ـ إن شاء الله تعالى ـ بعض المؤلّفات لبعض العلماء والفضلاء والفاضلات، والتي تبين مناهج وأفكار تلك الجماعة، مناقشة إيّاها بالحجّة والبرهان.

    اللهمّ أرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين.
    تمّ الفراغ من مراجعته وكتابة مقدّمته
    يوم السبت غرة شهر ذي القعدة من عام 1415ﻫ
    المؤلّف:
    أبو إبراهيم ابن سلطان العدناني
    !!!




    الحمد لله القائل في كتابه: }اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا{ [المائدة، آية: 6].



    والقائل: }فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكٍِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{ [النساء، آية: 65].

    والقائل أيضًا: }وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ{ [التوبة، آية: 100].

    والصلاة والسلام على خليله ومصطفاه محمّد بن عبد الله القائل: <تَرَكْتُكُمْ عَلَى البَيْضَاءِ، لَيْلِهَا كَنَهَارِهَا، لاَ يَزِيغُ عَنْهَا إِلاَّ هَالِكٌ...>. أحمد في مسنده (4/126)، والقائل أيضًا: <مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ>. البخاري (8/156).

    وعلى آله وصحبه الذين قال لهم الرسول الكريم r: <أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بعدي اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتُ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ>. أحمد في المسند (4/126).

    والقائل: <وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّة وَاحِدَة، فقيل له: ما الواحدة ؟ قال: مَا أَنَا عَلَيْهِ اليَوْمَ وَأَصْحَابِي > الحاكم (1/128 ـ 129)([1]). وبعد:
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:32

    فإنّه قد كثر الكلام في هذه الأيام حول ما يسمّى ﺑ <الجماعات الإسلامية>، وانقسم غالبية المتكلّمين فيها إلى قسمين: قادح، ومادح؛ لاختلاف غايات النقد، ولذا أحببت أن أتكلّم حول جماعتين منها، لأبيّن ما أعتقد أنّه الصواب، ولأبيّن بعض الإشكالات التي يستشكلها بعض الإخوة الفضلاء، ولأجيب على بعض التساؤلات التي تدور في أذهان كثير من الشباب، رابطًا الفروع بالأصول التي تنطلق منها تلك الجماعات، فأقول وبالله التوفيق:
    تمهيد:



    اعلم أخي ـ وفّقني الله وإيّاك لكلّ خير ـ بأنّ الدعوة الحقّ هي الدعوة المتمسّكة بالكتاب والسنّة على فهم السلف الصالح، وأنّ أيّ دعوة تركت شيئًا ممّا سبق فهي دعوة منحرفة عن طريق الحقّ والصواب بقدر ما تركت من ذلك.
    الفروق بين الدعوات الباطلة والدعوة الحقّ:



    واعلم ـ أيضًا ـ بأنّ كلّ الدعوات تدَّعي التمسّك بالكتاب والسنّة، فيا تُرى ما هي الفروق بين هذه الدعوات والدعوة الحقّ ؟

    الفروق كثيرة جدًّا، أهمّها:

    أوّلاً: أنّ الدعوة الحقّ هي المتمسّكة بالكتاب والسنّة على فهم السلف الصالح.

    أمّا الدعوات الأخرى، فهي متمسّكة بفهم مَن أنشأها ـ وقد يدَّعي هو أو تدّعي لنفسها أنّها بذلك تتمسّك بالكتاب والسنّة ـ فالجهمية متمسّكة بفهم الجعد بن درهم، وجهم بن صفوان.

    والأشعرية متمسّكة بفهم أئمّتهم المنتسبين لأبي الحسن الأشعري([2])، والتبليغية متمسّكة بفهم مؤسّسها محمّد إلياس، والإخوانية بفصائلها ـ ومنها القطبية ـ متمسّكة بفهم مؤسّسها <حسن البنّا> و<سيّد قطب> و<الهضيبي> وغيرهم.

    ثانيًا: أنّ الدعوة الحقّ أصحابها يأخذون علمهم عن أئمّة الدعوة السلفية في كلّ عصر، ويتتلمذون على أيدي الأحياء منهم، ويقرأون للميّت منهم ـ جيلاً بعد جيل ـ بخلاف أصحاب الدعوات الباطلة؛ فإنّهم أعداء لأئمّة السلف، الأحياء منهم والأموات، بل هم خلف كلّ مخالف لأولئك، وإن ادَّعوا ظاهرًا بأنَّهم متّبعون لهم.

    ثالثًا: أصحاب الدعوة الحقّ يهتمّون بالكتب السلفية، وذلك بقراءتها وحفظها وفهمها وتحقيقها ونشرها([3]) والذبّ عنها، بخلاف أصحاب الدعوات الباطلة، فإنّهم مبغضون لتلك الكتب، بل ومحاربون لها، ولنشرها، وهم ساعون ـ أيضًا ـ لربط أتباعهم بكتب مؤسسي تلك الجماعات.

    وبعد: فقد يقول قائل: مَن هم السلف ؟ وما هي مؤلّفاتهم ؟

    فالجواب: السلف هم الصحابة والتابعون وتابعو التابعين. فهؤلاء هم سلفنا، ومَن سار على نهجهم فهو سلفي.

    وأمّا مؤلّفات السلف فكثيرة جدًّا، أذكر بعضًا منها:

    مسند الإمام أحمد، صحيح البخاري، صحيح مسلم، السنن الأربعة، تفسير ابن جرير الطبري، تفسير البغوي، تفسير ابن كثير، ردّ الإمام الدارمي على بشر المريسي، ردّ الإمام أحمد على الجهمية، خلق أفعال العباد للبخاري، الشريعة للآجري، الإيمان لابن منده، التوحيد لابن خزيمة، السنّة للإمام أحمد بن حنبل، السنّة للخلال، السنّة لعبد الله بن أحمد بن حنبل، الإبانة لابن بطة، السنّة للبربهاري، شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة للآلكائي، كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ، كلّها بلا استثناء، وكذا كتب تلميذه ابن القيّم ـ رحمه الله تعالى ـ، وكتب أئمّة الدعوة النجدية السلفية، ككتاب التوحيد للإمام محمّد بن عبد الوهاب، وشروحه مثل: تيسير العزيز الحميد، وفتح المجيد، وقرّة عيون الموحّدين، والدرر السنّية، وغيرها كثير، ممّا كتب على منهج أولئك الكرام من السابقين واللاّحقين.

    إذا علمت هذا، فاعلم بأنّي سأتكلّم عن جماعتين ـ كما أشرت لك سابقًا ـ من تلك الجماعات، جاعلاً إحداهما فرعًا، والأخرى أصلاً، أو بعبارة أخرى، جاعلاً إحداهما أصلاً ليفهم القارئ من خلاله الجماعة الأخرى، وإليك البيان وعلى الله التكلان:



    ([1]) انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/356 ـ 367)، رقم الحديث: (203، 204).


    ([2]) لقد مرّ أبو الحسن بثلاثة أطوار؛ الأوّل: طور الاعتزال، والثاني: طور الكلابية، والطور الثالث: رجوعه إلى مذهب السلف. فالأشاعرة ينتسبون لطوره الثاني.


    ([3]) قد ينشر بعضهم كتب السلف، مع تحريف لها، ولا يُرى عليه أي أثر لتلك الكتب، ولا على دعوته وأتباعه.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:36

    الجماعة الأولى: جماعة التبليغ([1]):



    لهذه الجماعة منهج تسير عليه، وأصول ترجع إليها، تسمّى بالأصول الستّة، وهي كالآتي:

    1 ـ تحقيق الكلمة الطيّبة <لا إله إلاّ الله محمّدًا رسول الله r>.

    2 ـ الصلاة ذات الخشوع الخضوع.

    3 ـ العلم مع الذكر.

    4 ـ إكرام المسلمين.

    5 ـ تصحيح النية وإخلاصها.

    6 ـ الخروج في سبيل الله.

    انتبه أخي القارئ الكريم لهذه الأصول الستة، وانظر فيها، وتفكّر في معنى كلّ أصل، ثمّ تعال معي لآخُذ لك بعض هذه الأصول؛ لأبيّن لك ما الذي يعنونه بها، ثمّ ننظر بعد ذلك، هل هم على طريقة السلف في فهمهم لهذه الأصول وتطبيقها والدعوة إليها أوْ لا ؟
    كلمة السر في منهج جماعة التبليغ:



    وقبل المناقشة، لا بدّ أن تفهم أُخَيَّ أنّ لهذه الأصول الستة كلمة سرٍّ، إذا فهمتها استطعت ـ بإذن الله تعالى ـ أن تفهم جميع أقوال وأفعال هذه الجماعة، عندما ترجع بتلك الأقوال والأفعال إلى كلمة السر التي قامت عليها أصولهم الستَّة.

    فإن كنت على استعداد لتفهم تلك الأصول وكذا كلمة السر، فهَلُمَّ إليّ ـ وفّقني الله وإيَّاك لكلّ خير وصَرَف عنِّي وعنك كلّ شر ـ:

    كلمة السرِّ يا أخي هي: أنّ كلّ شيء يسبب النُّفرَة، أو الفُرقَة، أو الاختلاف بين اثنين ـ ولو كان حقًّا ـ؛ فهو مبتور، مقطوع، ملغى من منهج الجماعة.

    هل فهمت كلمة السر ؟ أرجو منك تَكرار النظر مع الفهم الجيّد. كرّر مرّة أخرى. هل كرّرت ؟ إذًا تعال معي لنأخذ الأصل الأوّل من أصول هذه الجماعة وهو: تحقيق الكلمة الطيبة <لا إله إلاّ الله>. هل تدري ما معنى تحقيق الكلمة الطيبة <لا إله إلاّ الله> ؟

    تحقيق الكلمة الطيبة <لا إله إلاّ الله> معناها: تحقيق التوحيد بأنواعه الثلاثة، توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.

    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ رحمة الله عليه ـ في فتح المجيد (ص 48): <قوله: <باب مَن حقّق التوحيد دخل الجنّة بغير حساب> أي: ولا عذاب. قلت: تحقيقه؛ تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي> انتهى كلامه رحمه الله.

    وقد يتبادر إلى ذهنك ـ أخي القارئ ـ سؤال، وهو: إذا كان هذا هو معنى تحقيق الكلمة الطيبة، فلماذا نختلف معهم إذًا ؟

    اسمع الجواب ـ بعد أن تتذكّر كلمة السرّ ـ تذكّرت ؟ فاسمع الآن: نعم.. هم قالوا: الأصل الأوّل: تحقيق الكلمة الطيبة<لا إله إلاّ الله>، ولكن ما مرادهم بتحقيقها ؟ مرادهم بتحقيقها هو الكلام حول توحيد الربوبية ! لماذا ؟ لأنّه لا يسبّب النفرة، ولا الفرقة، ولا الاختلاف بين اثنين من المسلمين. وذلك حينما لا ينظر إلى لازمه من استحقاق الله سبحانه للعبادة دون سواه.

    أمّا الكلام في توحيد الأسماء والصفات؛ فإنّه يسبّب الفرقة، والنفرة، والاختلاف، لأنّ هناك أشعرية، وماتريدية، وجهمية، حلولية، واتحادية، وهؤلاء كلّهم مختلفون في هذا الباب، ومخالفون لعقيدة السلف فيه، والأصل الذي تسير عليه الجماعة ـ كلمة السر ـ: أنّ أيّ شيء يسبّب النفرة، أو الفرقة، أو الاختلاف بين اثنين، فحكمه البتر والإلغاء من منهج الجماعة.

    وكذا القسم الثالث من أقسام التوحيد، وهو توحيد الألوهية، فإنّ الكلام فيه ممنوع ـ أيضًا ـ وحكمه في منهج الجماعة البتر والقطع والإلغاء، لأنّه يسبّب الفرقة والاختلاف والنفرة، فهذا سلفي، وهذا خلفي قبوري، فالأوّل لا يجيز شدّ الرحال للقبور، ولا الصلاة عندها، ولا إليها، ولا الطواف بها، ولا التوسّل بالصالحين من أصحابها، ولا الاستغاثة بهم، ولا.. ولا..، بخلاف الثاني، فكلّ ذلك جائز عنده، بل كلّ ما ذكرت لك إنَّما هو من صلب الدين عنده.

    ولهذا ـ يا أخي الكريم ـ إذا قام قائمهم ليبيّن هذا الأصل لا يقول إلاّ: الحمد لله الذي خلقنا ورزقنا وأنعم علينا.. و.. و..، ممّا يتعلّق بتوحيد الربوبية فقط.

    قال أخي: هلاَّ طبّقت كلمة السرّ على أصل آخر لهم ؟

    قلت له بكلّ سرور: نعم. وهل أردت لك إلاّ الخير ؟!

    تعال نأخذ الأصل الثالث: العلم مع الذكر.

    أنا وإيَّاك نعلم بأنّ العلم هو: قال الله، قال رسوله، قال الصحابة، سواء في العقائد، أو العبادات، أو المعاملات، أو الأخلاق.. الخ، فما مرادهم بالعلم ؟
    .[/size]
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:37

    يقولون: إنّ العلم نوعان: علم فضائل، وعلم مسائل.

    هل تذكّرت كلمة السرّ ؟ أُذكِّرك: <أي شيء يسبّب النفرة، أو الفرقة، أو الاختلاف بين اثنين؛ فإنّ حكمه في منهج الجماعة البتر والقطع والإلغاء>.

    إذًا لنعد إلى تقسيمهم العلم نوعان: علم فضائل، وهذا لنا (أي للجماعة). وعلم مسائل، فهذا لأهل العلم، كلّ منكم ـ أي الخارجين معهم ـ يطلبه عند علماء بلده.

    هل انتبهت لهذا التقسيم ؟ ولماذا أجازوا الكلام في علم الفضائل، ومنعوه في علم المسائل، بل يطلبون من الذين يخرجون معهم ـ كما تقدّم ـ أن يأخذوه عن علماء بلدهم ؟ لأنّ الأوّل لا يسبّب الفرقة، ولا اختلافًا، بخلاف الثاني.

    أخي القارئ: هل تسمح لي بطرح سؤال آخر اختباري؛ لأعلم هل فهمت كلمة سرّهم أو لا ؟

    السؤال هو: هل سيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ؟

    سيكون الجواب على ضوء كلمة السرِّ: لا. لماذا؟ لأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يسبّب النفرة، والوحشة ـ في زعمهم ـ بين الآمر والمأمور، إذن حكمه البتر من منهج الجماعة.

    سؤال آخر: إذن كيف سيأمرون وينهون ؟

    الجواب: يَعرضون الأحاديث والآيات المرغبة في الفعل أو الترك، غير متطرّقين للجانب العقدي، فيقولون لتارك الصلاة مثلاً: }قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ...{ ويقولون قال رسول الله r: <ما من عبد مسلم يُصلِّي لله تعالى في كلّ يوم ثِنْتَيْ عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة، إلاّ بنى الله له بيتًا في الجنّة>. هذا فضل التطوع، فكيف بفضل الفريضة ؟ وهكذا.

    ولهذا فإنّ من منهجهم: عدم الإنكار على متعاطي المعصية المجاهر بها بينهم، فلا ينكرون على شارب الدخان ونحوه، بل ربّما أعانوه على الحصول عليه أو اشتروه له، وكذا شارب الخمر، ورُبّما حملوا له زجاجته !! وإذا أراد حلق لحيته أعطوه الموسى ! أو ذهبوا به إلى الحلاق !! وهكذا. قد تقول يا أخي هذه مبالغة.

    فأقول ـ هداني الله وإيَّاك ـ: <ليس الخبر كالمعاينة>، فارجع إلى الكتب التي انتقدتهم تَرَ العجب العجاب.

    فإنْ أبيت إلاّ، فسأذكر لك القليل من قصصهم ـ علمًا بأنَّ تعليمهم لمبادئهم إنَّما هو بطريق القصة ـ مبيِّنًا تأويلاتهم:

    حينما قسَّموا العلم إلى علم فضائل، وعلم مسائل، وقالوا للخارجين معهم إنّ طلب علم المسائل إنَّما يكون عند علماء بلدة كلّ خارج، خشوا وخافوا أن يدخل هذا الكلام إلى عقول وقلوب أولئك، لأنَّهم إن تعلَّموا تركوا الجماعة، ولهذا جعلوا بعض العوائق التي تعيقهم عن طلب علم المسائل، وتعينهم على طلب علم الفضائل، حتى لو سمعوا آية أو حديثًا فيه للعلم وفضله نزّلوه على علم الفضائل.

    اعلم ـ رحمك الله ـ بأنّ لهم جلستين: جلسة ليلة الثلاثاء، وجلسة ليلة الأربعاء.

    الجلسة الأولى: للعائدين من الخروج، يُحضر لهم مَن يريدون تشجيعه للخروج معهم، أو التأثير عليه.والجلسة الثانية: الترتيب للخروج عصر الأربعاء؛ فيقول أمير تلك الجلسة لأحد الخارجين ـ ليُعْلِمَ الجددَ من المستمعين ـ: كم يومًا خرجت ؟ فيجيبه الخارج: خرجت أربعة أشهر في سبيل الله. فيقول له: ما شاء الله، أين قضيتها ؟ فيقول له الخارج: قضيت عشرة أيام في الدول الخليجية، وعشرين يومًا في أدغال إفريقيا، وشهرًا في أوروبا، وشهرًا في أمريكا الجنوبية، وشهرًا في شرق آسيا والهند وباكستان، فيقول له أمير الجلسة ـ وانتبه ـ: ما شاء الله أنت داعية، والداعية مثل السحاب يَمرُّ على الناس في أرضهم فيسقيهم، بخلاف العلماء، فإنَّهم أشبه بالآبار





    ([1]) لمعرفة أقوال العلماء في هذه الجماعة انظر لزامًا كتاب: [size=21]<القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ>، للشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله رحمة واسعة
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:38

    إذا أصابك الظمأ على بعد مسافة ميل، قد يقتلك العطش قبل أن تأتي تلك الآبار، بل قد لا تشرب؛ لأنَّ الدلو التي تلقى فيها غير موجودة، فإذا أردت الشرب فلابدّ من الحضور عند حافة البئر، ثمّ تلقي الدلو، ثمّ تجذب حتى تشرب.

    هل انتبهت لِمَا انقدح في نفسك ـ كما انقدح في نفوس السامعين له ـ من تفضيل الداعية على العالم ؟

    فإذا أراد أحدهم أن يجلس لطلب العلم تذكّر تلك القصّة؛ فأراد أن يكون سحابًا لا أن يكون بئرًا من الآبار.

    وحتى لا أجعلك في حيرة من هذه القصة، فلابدّ من بيان زيفها، فأقول وبالله التوفيق: اعلم ـ أرشدني الله وإياك لكلّ خير وحقّ ـ أنّ السحاب لا يُنبِت إلاّ كلأ البهائم غالبًا، ولا ينبت إلاّ الكلأ الموسمي، بل إنّه إن نزل بأرض سبخة أو نزل في غير وقته لم ينفع، وقد يكون في ذلك السحاب الدمار والهلاك.

    بخلاف مياه الآبار فإنَّه يسقى منها، ويزرع، والمنطقة التي فيها آبار تكون الحياة فيها مستقرّة غالبًا، لأنّ أهلها سيزرعون، ومن ثَمَّ يسقون، ومن ثَمَّ يحصدون، وهكذا، ولأنَّ الآبار ينتفع منها القاطن والعابر سواءً لأنفسهم، أو لدوابهم، أو لزروعهم، أو للتزوّد منها عن طريق حملها معهم في قِربهم وآنيتهم.

    ولأنّ الآبار كلّما نُزِحَ منها، كلّما حسن ماؤها، وصفي لونها، وطاب ريحها، فهل فطنت للفرق ؟

    ولا يَرِدُ على ما قلت: تشبيه النبي r ما بعثه الله به من الهدى والعلم بالغيث، لأنّ ما جاء به هو من عند الله، وهو دينه الذي ارتضاه للناس كافة، فهو خير وحقّ محض وغيث نافع، بخلاف تلك الجماعة، فإنّه خليط من الحقّ والباطل، والخير والشرّ، بل باطله وشرّه والجهل الذي فيه أكثر وأعظم من الحقّ والخير الذي فيه. فشتَّان ما بين الغيثين: غيث الوحي وغيث أولئك.

    وإليك ـ أيضًا ـ قصة أخرى، لعلّك تزداد بهم بصيرة:

    يقول أحدهم ـ بحضور المبتدئين ـ لرجل يريد طلب العلم الشرعي: إلى أين تذهب يا فلان ؟ قال له الآخر: سأذهب لطلب العلم. فيجيبه الأوّل: لماذا ؟ فيقول الآخر: لأعرف الحلال من الحرام. فيقول الأوّل: سبحان الله، أنت لا تعرف الحلال من الحرام ؟! ألم تسمع قول النبي r: <استفت قلبك وإن أفتاك المفتون>. سبحان الله ! إلى الآن لا تعرف الحلال من الحرام وكثير من الدواب يعرف ذلك ؟! ألا ترى إلى أنّ القطة حينما تضع طعامك في مكان ثمّ تذهب عنه ثمّ تعود إليه بعد حين، فترى القطة تأكل منه فإنَّها ما إن تراك إلاّ وتهرب، بخلاف ما إن جلست على مائدة طعامك ثمّ وضعت لها بجوارك شيئًا من الطعام فإنّها ستأتي حتى تأكله عندك.

    فالأولى علِمَت أنَّها وقعت في حرام، فلذا هربت منك، والثانية علِمت أنَّها وقعت في حلال، ولذا أكلت معك. يا أخي العقول المؤمنة تميّز بين الحلال والحرام، <استفت قلبك وإن أفتاك المُفتون>. فيا أُخَيَّ: هل يرضيك هذا التمثيل وهذه النظرة ؟!!

    أقول إذا كانت الحيوانات تعلم الحلال من الحرام ـ كما يزعمه هؤلاء ـ فلا حاجة إذن للبشرية من إرسال الرسل وإنزال الكتب.

    خذ قصّة ثالثة:

    يقول المتحدّث عنهم لِمَن يستمع إليه: حينما يريد الترغيب في الخروج معهم، وترك الأوطان، والأهل، والأولاد، والمال، وغير ذلك: يا أخي إنَّك إذا وضعت في كأس الشاهي سكرًا، ثمّ صببت عليه الشاهي، ثمّ قمت بشربه، من غير تحريك السكر؛ لم تذق حلاوة السكر، فإذا حرَّكته ذُقْت حلاوته، فكذا الإيمان في قلب كلّ إنسان هو موجود لا يمكن أن يذوق حلاوته صاحبه إلاّ بعد تحريكه بالخروج مع الجماعة.

    وإنِّي أظنُّك يا أخي الكريم ستبادر بإنكار هذه القصة، وهذا المثل: قائلاً: سبحان الله ! الإيمان موجود في قلب كلّ إنسان ! حتى في قلوب المنافقين والكفار والمرتدين ؟!

    وستقول أيضًا: سبحان الله ! إذن مَن لم يخرج من العلماء وطلبة العلم، والدعاة، والعامَّة من الرجال والنساء لم يذق حلاوة الإيمان.

    وستقول ـ أيضًا ـ: سبحان الله ! ألم يقل النبي r: <ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ>. [مسلم (1/66)].

    وأخيرًا وليس آخرًا، أختم لك أخي الحبيب بهذه القصة، لتنظر فيها ولتعجب من تلاعبهم بالشرع وعقل المستمع معًا:

    يقوم أمير الخروج صباح يوم الخميس بتقسيم الخارجين معه إلى مجموعتين:

    المجموعة الأولى: تلزم المسجد بتكوين حلقة ذكر مستمر حتى تعود جميع مجموعات المجموعة الثانية.

    والمجموعة الثانية: تنقسم بدورها إلى مجموعات صغيرة، مكوّنة من ثلاثة أشخاص فأكثر، مهمّتها طرق أبوب البيوت المجاورة للمسجد، يدعونهم للحضور والمشاركة في برنامج الجماعة، وليحضروا البيان الذي بعد المغرب إلى العشاء.

    وقبل تفرُّق الجميع يحكي الأمير لهم قصة تعليمية؛ فيقول: في إحدى المرَّات خرجت جماعة إلى منطقة كذا وكذا، وبعد تقسيمهم إلى مجموعتين، مكثت المجموعة الأولى في المسجد، وخرجت المجموعة الثانية بعد تقسيمها إلى مجموعات إلى البيوت المجاورة للمسجد، وكلَّما طرق الخارجون بابًا من الأبواب لم يجدوا الجواب المناسب، ولا الاستجابة الطيبة، فما زالوا يطرقون الأبواب ولا يُستجاب لهم، فقال بعضهم لبعض: تفقَّدوا إيمانكم يا أحبَّة، فتفقّد كلٌّ منهم إيمانه فلم يجد به بأسًا!! فتفطّن أحدهم وقال: لعلّ إخواننا الذين تركناهم في المسجد غفلوا عن ذكر الله، فقالوا بأجمعهم: دَعُونَا نذهب ونرى، فلمّا دخلوا عليهم المسجد، وجدوهم قد غفلوا عن ذكر الله.

    أخي: هل انقدح في قلبك وعقلك ـ كما انقدح في قلب وعقل مستمعيه ـ بأنَّك لو كنت خارجًا معهم، ثمّ جعلوك في حلقة المسجد، هل كنت حين سماعك لهذه القصة ستغفل عن ذكر الله ؟ أم أنَّك ستجتهد فيه، لعلَّ الله أن يوفِّق إخوانك الذين في الخارج من المجموعة الثانية، حتى تعود بأسرها ؟

    لا شكّ أنّ هذا هو الذي سيكون، لا سيما إذا أسند ذلك بقوله بعد تلك القصة: قال رسول الله r: <مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ>. [مسلم (4/2074)].

    فأهل المسجد أشبه بمولِّد الكهرباء، والجماعة الثانية أشبه بالمصباح في آخر السلك، إذا اشتغل مولّد الكهرباء أنار ذلك المصباح، وإذا انطفأ، انطفأ.

    بل قد يكلّفون بذلك واحدًا ـ من غير الخارجين في الجولة ـ بعينه يُسمُّونه <الدينمو>.

    هل سمعت يا أخي الكريم بمثل هذا المثل ؟ وهل رأيت استدلالاً ـ مثل هذا الاستدلال ـ ؟!!
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:38

    وما ذكرت ذلك لك إلاّ بُغيَة تنبيهك وتحذيرك من مثل هذه التُّرَّهات والخرافات، فانتبه يا مريد الحقّ والصواب والخير والسداد.

    وقد أخبرتك من قبل بأنِّي لا أريد دراسة هذه الجماعة دراسة موسعة، بل جئت بها لكي تفهم الجماعة الأخرى، فإنَّها أدقّ وأخفى من تلك، فهيّء نفسك لفهمها فهمًا حسنًا، وإن شئت فاسترح برهة، ثمّ تعال معي لأطوف بك على غاية هذه الجماعة، والوسائل المحقّقة لها، مبيّنًا كلمة سرّها ومفتاح رمزها، مناقشًا لأفكارها معتمدًا في ذلك كلّه على الله تعالى أوّلاً، ثمّ على كتب القوم ومقالاتهم وأشرطتهم ثانيًا، وعلى أقوال الذين تركوهم بعد أن كانوا معهم ثالثًا. فأقول وبالله التوفيق:
    !!!





    تمهيد



    لَمَّا اعتدى طاغية العراق القومي البعثي عميل روسيا على دولة الكويت وشعبها، وتشريد أهلها، وغَصْبِ أموالها وأموالهم، وهتك أعراض نسائهم، وقتل رجالهم وسجنهم، لجأ أهل الكويت إلى الله أوّلاً، ثمّ إلى دولة التوحيد، طالبين منهم الإعانة والنصرة لرفع الظلم النازل بهم، فاستجاب حكامها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين ـ وفَّقه الله ـ وعلماؤها، وعلى رأسهم هيئة كبار العلماء ـ حفظهم الله ـ وعامة أهلها ـ تبعًا لقادتهم ـ لنجدة إخوانهم، قائلين لهم: إنّ العقل والشرع، وأصحاب العقول الراجحة والضمائر النبيلة الحية، يجيزون لكم الاستعانة بِمَن فيه القدرة على صدّ عدوان هذا الملحد الظالم الغاشم ـ رفعًا لِمَا نزل بكم، وحماية لنا من أن ينزل بنا ما نزل بكم ـ ولو كان من المشركين.

    فانبرى بعض السياسيين فقهاء الواقع إلى اتخاذ موقف مغاير لِمَا عليه هذا البلد وحكامه وعلماؤه وعامة أهله، قائلين:

    لا يجوز الاستعانة بالمشركين، لأنّ هؤلاء القادمين محتلون، لا مناصرون مؤيدون.

    ثمّ لم يكفهم ذلك، بل روّجوا الأشرطة المختلفة، ووزّعوا منها أعدادًا لا تحصى، لتأييد موقفهم، ولبيان خطأ أهل العلم ـ بزعمهم ـ في فتواهم، وقد صحب ذلك كله توتر شديد بين الشباب أنفسهم، ووجدت فجوة بينهم وبين أهل العلم، بسعي أولئك في التشكيك في مواقف بعض العلماء، قائلين: بأنَّ فلانًا لم يعلم، والآخر لم يحضر، والثالث تراجع، والرابع توقَّف. وهكذا حتى جعلوا الشباب في حيرة من صحة فتوى العلماء، ومن بقائهم عليها، بل ظهر أولئك السياسيون بثوب الحريص على سلامة البلد وأهله، وأنَّهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وأنَّهم الكاشفون لخطط الأعداء، وألاعيبهم، ومكرهم، وكيدهم بالإسلام وأهله، فارتقى هؤلاء مرتقًا صعبًا.

    ولم أزل في حيرة من هول الأزمة، وموقف هؤلاء، ومن ورائهم الشباب الذين لم يبلغوا من العلم الشرعي إلاّ القليل القليل، يدفعهم إلى ذلك الموقف حسن ظنّهم بأولئك القوم، وحماس الشباب وعنفوانه، وما يرونه ويشاهدونه من وجود القوَّات الأجنبية، إلاّ أنَّه كما قد قيل: <رُبَّ ضارَّة نافعة>. إذ قد كشفت هذه الأزمة عن كذب دعاوى القوميين، والبعثيين، والعلمانيين من العرب، حيث انقسم هؤلاء إلى فريقين: فريق يؤيِّد الطاغية، وفريق يؤيِّد أهل الحقّ.

    وكشفت ـ أيضًا ـ عن عداء كثير من الجامعات لحكام هذا البلد وعلمائه، الذين هم على المنهج السلفي.

    وكشفت ـ أيضًا ـ عن أنَّ هاهنا جماعة قائمة مباينة لِمَا عليه علماء هذا البلد، لها غاية ولها وسائل تحقِّق بها تلك الغاية.

    وبعد هذه المقدمة التذكيرية أبدأ معك أخي الكريم بتوضيح ما ألّفت هذا الكتاب من أجله، وما دفعك إلى قراءته، وأسأل الله التوفيق والسداد والرشاد، فأقول:


    فصل
    في اسم هذه الجماعة




    إن سألت عن اسم هذه الجماعة، فإنَّهم يُسمَّون ﺑ <أهل السنَّة والجماعة>، كما جاء ذلك في مقال محمَّد محمَّد بدري في مجلّة: <البيان> في عددها رقم: (28) لشهر شوال عام 1410ﻫ. حيث قال في ص (15): <وهي هي الجماعة التي ندعوا فصائل الحركة الإسلامية إلى الالتزام بها، <جماعة أهل السنة>، الجماعة العامة الواسعة.

    ويقول في ص (18): <... ولِنَسِيرَ جميعًا إلى أهدافنا تحت راية أهل السنَّة والجماعة>. وانظر أيضًا السلسلة التي تصدرها دار الوطن للنشر تحت عنوان: <رسائل ودراسات في منهج أهل السنَّة>، وأحيانًا <الجماعة>.

    ولا يفوتك النظر إلى كتابهم العمدة: <أهل السنَّة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى>، لمحمّد عبد الهادي المصري.

    وإلى ما قاله عايض القرني في شريطه: <فِرَّ من الحزبية فرارك من الأسد>، حيث قال: <بل نحن أهل السنّة ليس لنا اسم إلاّ أهل السنّة... ولا يجوز امتحان الناس، هل أنت إخوانيًّا، أو سلفيًّا، أو سروريًّا، أو تبليغيًّا، وما هي جماعتك التي تنتسب ؟ ولابدّ لك من جماعة، بل جماعتك أهل السنّة والجماعة...>. اﻫهذا هو اسمها التي تنتسب إليه، وسأرى معك ـ إن شاء الله ـ هل هذا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:43

    الاسم مطابق لمسمَّاه، أم أنّه مُفرَغ من أعظم محتواه ؟! وأنّ هذه إنَّما هي دعوى عريضة لا واقع لها في الحقيقة ـ وفّق الله الجميع لطاعته ـ.

    فصل
    في غاية هذه الجماعة


    غاية هذه الجماعة: هي إيجاد جماعة المسلمين، ومن ثَمَّ إمامهم ودولتهم !

    يوضّح ذلك ما جاء في نشرة مركز بحوث تطبيق الشريعة الإسلامية، العدد رقم (4)، والمعنونة ﺑ <شرعية الانتماء إلى الأحزاب والجماعات الإسلامية>، حيث جاء في ص (34)، عنوان هو: <الجماعات الإسلامية خطوات مرحلية في الطريق إلى جماعة المسلمين>.

    وفي الصفحة نفسها قوله: <إنّ الجهاد لنصبة الإمام، وإقامة الدين، وتحكيم الشريعة، فرض على الكافة في هذه الحالة... في هذه المرحلة يأتي دور الجماعات الإسلامية باعتبارها تجمُّعات مرحلية في الطريق إلى جماعة المسلمين... وغاية هذه الجماعات أن تتولَّى إعداد الطليعة المجاهدة والقاعدة الإيمانية الصلبة... لقد سبق أنّ الأصل عن([1]) انعدام السلطة الشرعية، هو انتقال هذه السلطة إلى الأمّة، ممثلة في أهل الحلّ والعقد منها، وأنَّ على هؤلاء أن يجمعوا كلمة الأمَّة حول متبوع مطاع، تنتظم به الكلمة، وتتوحّد به الراية، ويبدأ من خلاله الجهاد في سبيل الله...>. اﻫ

    وجاء في العدد رقم (12) من نفس السلسلة السابقة والمعنون ﺑ <مدخل إلى ترشيد العمل الإسلامي في مسيرة الجماعات الإسلامية> في ص (116) قولهم: <والأصل في ذلك كلّه أنَّ الحركات الإسلامية اليوم بمثابة الجيوش، التي ينبغي أن تنتظم بها الأمّة كلّها على اختلاف مذاهبها([2]) ومشاربها، لدفع فتنة الكفر وردّ خطره عن دار الإسلام؛ فهي البديل عن الدولة الإسلامية، التي كانت تجنّد كافّة المسلمين إذا داهم العدوّ دار الإسلام، ولا تحجب أحدًا ممّن ثبت له عقد الإسلام من الاشتراك في هذا الجهاد، ولا تمنعه منه الغنيمة والفيء ما دامت يده مع المسلمين>. اﻫ

    وقال حسين بن محمّد بن علي جابر في كتابه <الطريق إلى جماعة المسلمين> ص (11): <هدف البحث أن أبيّن للأمّة الإسلامية أنّ جماعة المسلمين غير موجودة.

    وأنّه واجب على المسلمين كافّة إقامتها، وأنّ هذا الواجب هو فرض العصر على كلّ الأمّة، حتى تقوم دولة الإسلام وتترعرع>.

    وقال في ص (15 ـ 17): <من الحوافز التي دفعتني لاختيار هذا الموضوع ما يلي:

    أ ـ غياب جماعة المسلمين عن حياة الأمّة الإسلامية، ووجوب إقامتها...

    ج ـ لإقصاء الإسلام وأحكامه عن حياة البشرية، بل عن حياة الأمّة الإسلامية...

    ـ جهل عامّة الأمّة الإسلامية بوجوب إقامة جماعة المسلمين...

    ز ـ الفتنة أو الشقاء، والضياع، التي تعيشها البشرية كافّة لغياب الدولة الإسلامية>.

    وقال ـ أيضًا ـ في (ص 32): <هل في الأرض جماعة المسلمين؟! والجواب ليس في الأرض جماعة المسلمين بمفهومها الشرعي>.

    والذي يمكن أن نقول بوجوده بهذا المفهوم، وعلى وجه الحقيقة، والواقع هي جماعة من المسلمين، ودولة لبعض المسلمين، وليس جماعة المسلمين ولا دولة المسلمين.

    وقال ـ أيضًا ـ في ص (35): <هذه الأدلّة تدلّ على عدم وجود جماعة المسلمين في حياة الأمّة الإسلامية، وعليه فواجب الأمّة الإسلامية كافة أن تسعى لإيجاد هذه الجماعة ـ أهل الحلّ والعقد في الأمّة يتفقون على أمير لهم ـ فتكون الحكومة الإسلامية والخلافة الإسلامية...>.

    وقال مناع قطان([3]) في مقابلته في مرآة الجامعة عدد (175) الصادرة في يوم الاثنين 9 من شوال 1414ﻫ حيث جاء فيها: <شبابنا إلى متى سيبقى حالهم هكذا ؟

    ـ إلى أن يأذن الله بقيادة إسلامية رشيدة تضمُّه بين جناحيها.

    أمنية تتمنَّونها ؟

    ـ أن تقوم دولة الإسلام العالمية وتستعيد ماضيها وتقود البشرية، مؤدية رسالتها، حتى يكون الدين كلُّه لله...>.

    ويقول سلمان العودة في شريطه <الأمَّة الغائبة>: <فالشعوب الإسلامية تعيش في وادٍ، وحكامها يعيشون في وادٍ آخر، لأنَّهم لا يعبرون عن حقيقة مشاعرها التي في قلبها، ولا يمثلون حقيقة الدين الذي تنتسب إليه... ويؤسفني جدًّا أن أقول في مقابلة ذلك: هناك دول قامت على أساس قناعة الناس بها، فكانت راسخة عميقة ممكَّنة.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:43

    أمَّا دولة الإسلام التي تحكم المسلمين منذ عهد الخلافة الراشدة، فهذا أمر واضح لا يحتاج إلى بيان.

    فقد ظلَّت دولة الخلافة قائمة قرونًا تزيد على ثلاثة عشر قرنًا من الزمان، تحميها القلوب قبل الأيدي، وتحميها الدعوات قبل المعارك والضربات.

    أمّا في واقعنا اليوم، فالمؤسف أنَّ الأمثلة التي تتَّجه إليها الأنظار غالبًا هي أمثلة غير إسلامية>. اﻫ

    ألم تر أخي كيف سَمَّى هذه الأمَّة ﺑ <الغائبة> ـ والغائبة ضدّ الحاضرة والموجودة ـ إذن فهي أمَّة لم تأت بعد.


    ([1]) كذا بالأصل، والصواب: عند.
    ([2]) في الأصل: مذاهبا.
    ([3]) اعلم ـ أخي القارئ ـ بأنّ علي عشماوي <آخر قادة التنظيم الخاص> قال في كتابه <التاريخ السرِّي لجماعة الإخوان المسلمين> ص (62) عن مناع القطان: <قيادات المهجر>: وبعد أن سمعت قصته عن حال الإخوان فأجاب: إنّ الإخوان في السعودية قد اختاروا الشيخ <مناع قطاع> ـ كذا في الأصل ـ مسئولاً عنهم ـ والإخوان في إمارات الخليج اختاروا <سعد الدين إبراهيم> مسئولاً... ويجدر بنا أن نُعرِّف بكلّ شخصية من هذه الشخصيات التي ذكرتها.

    الشيخ مناع القطان هو أحد إخوان المنوفية، وقد هاجر وقيل إنّه أوّل مصري يجرأ على تجنيد سعوديين في دعوة الإخوان بالسعودية، دون استشارة أحد، حتى أنّني حينما عدت من السعودية بعد زيارة لها عام 1964م، استقبلني الأخ محمّد هلال في المطار وسألني: من المسئول هنا ؟
    فقلت له: إنّه الشيخ مناع القطان...
    <الأخ سعد الدين إبراهيم>: أحد الإخوان الذين هربوا من مصر عام 1954م، إلى ليبيا، واستقرّ بها بعض الوقت، ثمّ اتجه بعد ذلك إلى الخليج، حيث عاش مدّة طويلة هناك وانتخبه الإخوان مسئولاً عنهم...>.
    وقال ـ أيضًا ـ في (ص 104): <...خاصَّة أنَّه ـ في هذه الفترة ـ قد صدر قرار من الأخ <مناع القطان> المسئول عن الإخوان في السعودية ـ بفصل الأستاذ <سعيد رمضان> من الجماعة، وكانت هناك محاولات من الأستاذ <عبد البديع صقر>، لإعادته مرة أخرى، وكان حوله الكثير من اللغط، والأقاويل التي كان الأولى البعد عنها، والتزام الحذر>. اﻫ
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:45

    وكيف قال: <إنّ دولة الخلافة استمرّت أكثر من ثلاثة عشر قرنًا من الزمان>، ويعني بذلك: <الخلافة العثمانية>، وبعدها زالت الخلافة والإمامة العامّة.

    وانظر ـ أيضًا ـ إلى جواب سلمان العودة في شريطه <لماذا يخافون من الإسلام>، حيث سئل: لا يخفى عليكم نظام الحكم في ليبيا، وما فيها من محاربة للإسلام والمسلمين، فما هو واجب المسلمين هناك؟ أَوَ يَفرُّون بدينهم ؟

    فأجاب بقوله: <هذا في كلّ بلد...>. اﻫ

    وانظر إلى ما قاله سفر الحوالي في شرح الطحاوية رقم (266/2): <فشوقنا كبير أن تكون أفغانستان النواة واللَبِنَة الأولى للدولة الإسلامية، وما ذلك على الله بعزيز>. اﻫ

    وإلى ما قـاله سلمـان ـ أيضًا ـ في شريطه <يـا لجراحات المسلمين>: <...الرايات المرفوعة اليوم في طول العالم وعرضه إنَّما هي رايات علمانية...>. اﻫ

    وإلى ما قاله عبد العزيز الجليل في رسالته الرابعة <إنّ ربَّك حكيم عليم>، ص (43)، وكتابه <وقفات تربوية> ص (116)، حيث قال فيهما: <أي أنَّنا نريد منهجًا دعويًّا يقوم على سلفية المنهج وعصرية المواجهة... حيث لا نقصد بالسلفية الوقوف فحسب عند القضايا العقدية، التي واجه بها سلفنا الصالح انحرافات عصرهم، وكانت فريضة الوقت يومئذ، ثمّ نتخلى عن المعارك الطاحنة التي تديرها الجاهلية في المجتمعات المعاصرة، حيث ضاعت إسلامية الراية وإسلامية النُّظُم>. اﻫ


    فصل


    في وسائل هذه الجماعة للوصول إلى غايتها


    بعد أن أوقفتك ـ أخي الكريم ـ على اسم هذه الجماعة وغايتها، فإنّك قد تقول: هل لهذه الجماعة من وسائل لتحقيق ما تصبو إليه ؟

    فسأجيبك واثقًا هادئًا ﺑ <نعم>.

    وسأذكر لك هذه الوسائل مختصرًا أولاً، ثمّ أعود عليها ـ بعون الله وتوفيقه ـ بالتفصيل الشافي الرافع الدافع لكلّ لبس في نفسك ـ إن شاء الله تعالى ـ ثانيًا، فهل أنت على استعداد لأن تسمع ؟

    إذن استمع لِمَا يُلقَى إليك من الحقائق والبراهين.
    بيان الوسائل على وجه الاختصار:



    من خلال قراءتي لرسائل هؤلاء، واستماعي لأشرطتهم، والتقائي بكثير مِمَّن تركهم، وقراءتي للردود عليهم، خلصت إلى أنّ لهذه الجماعة ثلاث وسائل رئيسية لتحقيق غايتهم، وهي:

    <العدل والإنصاف>، و<فقه الواقع>، و<التثبُّت>.

    علمًا بأنّ هذه الوسائل تُعرَض على المدعويين والقراء بثوب مُجْمَل، في غاية من الإجمال ـ وهذه هي كلمة السرِّ عندهم، كما بيّنت لك من قبل كلمة السرّ عند جماعة التبليغ، فتنبّه ! حتى يتسنّى لهم التوفيق والجمع بين الموافق والمخالف، فإذا حصل ذلك تكوّنت لهم جماعة المسلمين.

    فالوسيلة الأولى: لإدخال الجماعة الإسلامية في جماعة واحدة، أطلقوا عليها <أهل السنَّة الجماعة>، وأَطلَق عليها غيرُهم <القطبية>.

    والوسيلة الثانية: لرفع مَنْزلة دعاتهم إلى مصاف الأئمَّة والعلماء، والحطّ من شأن العلماء، لأنَّهم لا يفقهون الواقع...

    والثالثة: لترويج ما يقولونه من شائعات، وتقريرات، وتصّورات لأنَّهم أوهموا الناس بأنَّهم أهل التثبُّت، وفي الوقت نفسه للدفع عن جماعتهم وأفرادهم ودعاتهم، كلّ ردّ ونقد ـ ولو كان حقًّا محضًا ـ إذا وُجِّه إليهم.

    إلاّ أنّه قبل الكلام على تلك الوسائل مفصَّلاً، يحسن بنا أن نتبيّن موقف السلف من الألفاظ المجملة؛ حتى تتسنَّى لنا المقارنة بين الموقفين منها: موقف السلف، وموقف السياسيين.


    فصل
    في بيان موقف السلف من الألفاظ المجملة




    قال الإمام ابن القيم الجوزية ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه: <الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطِّلة> (3/925 ـ 928): <إنّ هؤلاء المعارضين للكتاب والسنَّة بعقلياتهم، التي هي في الحقيقة جهليات، إنَّما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة محتملة، تحتمل معاني متعدّدة، ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى، والإجمال في اللفظ يوجب تناولها بحقّ وباطل، فبما فيها من الحقّ يَقبَل ـ مَن لم يُحِط بها علمًا ـ ما فيها من الباطل، لأجل الاشتباه والالتباس، ثمّ يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء، وهذا منشأ ضلال مَن ضلّ من الأمم قبلنا، وهو منشأ البدع كلّها، فإنَّ البدعة لو كانت باطلاً محضًا لَمَا قبلت، ولبادر كلّ أحد إلى ردّها وإنكارها، ولو كانت حقًّا محضًا لم تكن بدعة، وكانت موافقة للسنَّة، ولكنّها تشتمل على حقّ وباطل، ويلتبس فيها الحقّ بالباطل، كما قال تعالى: }وَلاَ تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ{ [البقرة: 42].فنهى عن لبس الحقّ بالباطل وكتمانه، ولبسه به خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر، ومنه التلبيس، وهو التدليس والغشّ، الذي يكون باطنه خلاف ظاهره، فكذلك الحقّ إذا لبس بالباطل يكون فاعله قد أظهر الباطل في صورة الحقّ، وتكلّم بلفظ له معنيان: معنى صحيح، ومعنى باطل، فيتوهَّم السامع أنَّه أراد
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:46

    المعنى الصحيح، ومراده الباطل،فهذا من الإجمال في اللفظ.

    وأمّا الاشتباه في المعنى فيكون له وجهان، هو حقّ من أحدهما، وباطل من الآخر، فيوهم إرادة الوجه الصحيح، ويكون مراده الباطل، فأصل ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة، والمعاني المشتبهة، ولا سيما إذا صادفت أذهانًا مخبطة، فكيف إذا انضاف إلى ذلك هوى وتعصُّب ؟ فسَلْ مثبّت القلوب أن يثبّت قلبك على دينه، وأن لا يوقعك في هذه الظلمات. قال الإمام أحمد في خطبة كتابه في الردّ على الجهمية: <الحمد لله الذي جعل في كلّ زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون مَن ضلّ إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بكتاب الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من تائه ضالّ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن الكتاب تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب متفقون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جُهَّال الناس بِمَا يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلِّين>. وهذه الخطبة تلقاها الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب، أو وافقه فيها>. اﻫ
    بيان تلك الوسائل على وجه التفصيل:



    إذا تبيّن لك أخي الكريم ما ذكرته آنفًا، فلا بأس من أن نمضي سويًّا قُدُمًا للوقوف على تفصيل القول في كلّ وسيلة بالحجّة والبرهان، لكن بعد أن نتذكّر سويًّا بأنّ كلمة سرّهم هي: <أنّ أيّ وسيلة أو فكرة أو مقولة يراد لها أن تُروَّج بين الناس؛ فلابدّ من عرضها بثوب مُجْمَل ليقف منها الجميعـالموافقوالمخالف ـ موقف الحياد على أقل تقدير>.
    فالوسيلة الأولى: العدل والإنصاف.



    قد ذكرت لك أنَّهم سلكوا هذه الوسيلة، ونادوا بها كي يُدْخِلوا الجماعات الإسلامية في جماعتهم المقترح إنشاؤها، مع بقاء كلّ فرد ضمن جماعته، ولكن يتعاون الجميع في المصالح المشتركة العامَّة، والأمور التي تحقّق الخير؛ فإذا حصل ذلك تكوّنت الجماعة العامَّة أو الجماعة الأمّ.

    فهم ينظرون إلى الخلاف بين الجماعات الإسلامية على أنّه خلاف تنوُّع، لا خلاف تضاد، خلاف في الجزئيات والفرعيات، لا في الكلّيات والأصول.

    وهذا لا شكّ جهل بواقع الجماعات الإسلامية القائمة ومناهجها ـ علمًا بأنّهم يزعمون أنّهم فقهاء واقع !

    هذا إذا لم يكونوا يعلمون، أمّا إن كانوا عالمين بفساد مناهج تلك الجماعات، ومع ذلك أدخلوا خلافهم ضمن الخلاف السائغ، فهذه خيانة عظمى، وغشّ لعامّة المسلمين، والله المستعان.

    واعلم ـ هديتُ وإيّاك للرشد ـ بأنّه قد تكلّم عن هذا المبدأ كثير من الكُتَّاب، والخطباء، والمحاضرين، في رسائل عديدة، وأشرطة كثيرة.

    فمن الرسائل: رسالة أحمد بن عبد الرحمن الصويان بعنوان: <منهج أهل السنَّة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلّفاتهم>، وهشام بن إسماعيل الصيني في رسالة بعنوان: <منهج أهل السنَّة والجماعة في النقد والحكم على الآخرين>. وسلمان العودة في كتابه وشريطه: <من أخلاق الداعية>، وزيد الزيد في رسالته: <ضوابط رئيسة في تقويم الجماعات الإسلامية>، والمقطري في: <قواعد الاعتدال لِمَن أراد تقويم الجماعات والرجال>، وغيرها كثير.

    ولنأخذ منها رسالة تكون هي مدار البحث والمناقشة، مع تطبيق <كلمة السرّ> على النقاط المبحوثة، ولتكن رسالة: <ضوابط رئيسة في تقويم الجماعات الإسلامية> للزيد([1])، إذ هي خلاصة تلك الرسائل.

    قال ـ وفّقه الله لكلّ خير ـ: <الضابط الأول: المرجع الأول لكلّ اختلاف كتاب الله وسنّة رسوله r >.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:47

    ثمّ ذكر الآيات والأحاديث الدالّة على وجوب إرجاع أيّ اختلاف وتنازع إلى كتاب الله وسنّة رسوله r.

    وهذا الكلام فيه إجمال، لأنّ كلّ الجماعات الإسلامية تنادي بذلك، وتدّعي كلٌّ منها أنّها متمسّكة بالكتاب والسنّة، ومرجعة كلّ خلافها واختلافها إليهما.

    فالواجب أن يقال: <المرجع الأول لكلّ اختلاف؛ كتاب الله وسنّة رسوله r على فهم السلف الصالح>.

    وإلاّ فالأشاعرة ـ بزعمهم ـ يرجعون إلى الكتاب والسنّة لكن بفهم أئمّتهم الأشعرية، وكذا الماتريدية، والجهمية، والمعتزلة، بل والرافضة ـ هذه دعواهم ـ كلّ يرجع إليهما، لكن بفهم شيخه وأصحاب طريقته، والجماعات الإسلامية كذلك يفعلون، لكن لَمّا أراد إدخال الجميع رفع هذا القيد، ولو أنّه صرّح به لخرجت جميع الطوائف، وبقيت الدعوة الصحيحة، لكنّه أجمل حتى يوافقه الجميع.

    قال الزيد: <الضابط الثاني: الاعتماد في التقويم على نصوص الجماعة وأنظمتها، لا على أقوال المنتسبين إليها...إنّ دراسة الجماعة والحكم عليها وتقويمها ينبغي أن يستند إلى نصوص




    ([1]) قرأت مقالة نشرها الدكتور: زيد بن عبد الكريم الزيد بعنوان <الوسطية في الإسلام> في جريدة الرياض عدد (9688) وقد قال في آخرها: <وقفة مهمّة: صدر لي منذ عدّة سنوات كتيب حول ضوابط في تقويم الجماعات الإسلامية ضمَّنته خمسة ضوابط موجزة، وقد جدَّت لديَّ معلومات، وطرأت أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها، بل إعادة النظر في فكرة الكتاب جملة. والله الموفق>.

    فقلت: يا زيد لم تصنع شيئًا، إذ هي توبة ورجوع منك عن أخطاء وَقَعْتَ فيها فيما كتبت بألفاظ مجملة ـ على المنهج السابق ـ فهلاَّ فصَّلتها لتُحذَر. وعلى كلٍّ فرجوع شخص عن مقالة معيَّنة أو منهج معيّن، لا يستلزم بالضرورة زوال ذلك المنهج واندثار تلك المقولة، لا سيما إذا انتشر وانتشرت، واشتهر واشتهرت عن طريق الكتب والأشرطة والأشخاص الداعين إليهما، كما أنّ رجوع أبي الحسن الأشعري عن مذهب المعتزلة والكلابية إلى مذهب أهل السنّة والجماعة لم يمحُ مذهب المعتزلة والكلابية من الوجود، بل بقيا إلى يومنا هذا ـ لأنّ المقالة لا تموت بموت صاحبها ولا برجوعه عنها، لا سيما بعد انتشارها فكذا هنا. هذا أوّلاً.

    وثانيا: إنّ رجوع الشخص عن منهج قائم منتشر لا يمنع من الردِّ على ذلك المنهج وتلك المقولات، ولو كانت بعض المقولات لذلك الكاتب التائب، لأنّ الباطل لا يُردُّ إلاّ بذلك. وهذا كما لم تمنع بعض أهل السنَّة والجماعة كابن تيمية وابن القيم وغيرهما ـ توبة بعض علماء الكلام ـ كالرازي والجويني والغزالي وغيرهم ـ من الردّ عليهم.

    وثالثًا: ليعلم أنّ منهج السلف الصالح منهج كامل متكامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وفي الوقت نفسه هو منهج واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار، لكثرة الأدلة المتضافرة من الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة والأئمّة على توضيحه، فهو منهج واضح مستقرّ غير خاضع للتجربة والتجريب، كالمناهج الدنيوية ـ كالطب والهندسة والجيولوجيا والفيزياء والكيمياء ونحوها ـ فعلى هذا لا يصح قول الزيد ـ وفقه الله ـ: <وقد جدَّت لدي معلومات، وطرأت =

    = أحداث توجب إعادة النظر في العديد منها، بل إعادة النظر في فكرة الكتاب جملة>.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:48

    نظامها ومستنداتها الرسمية فحسب.

    وليس من العدل والإنصاف أن تنتقص من جماعة لخطأ وقع فيه أحد أفرادها.

    وفرق كبير جدًّا بين رأي الفرد المنتسب إلى الجماعة، ورأي الجماعة، بل هناك فرق كبير بين رأي قائد الجماعة بصفته الشخصية، وصفته الرسمية، فما قاله بصفته الشخصية لا ينسب إلى الجماعة بحال من الأحوال.

    أليس الرسول r يقول: ما روى ذلك أنس t أنّه مرّ بقوم يلقحون، فقال: <لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلَحَ>. قال: فخرج شيصًا، فمرّ بهم فقال: <مَا لِنَخْلِكُمْ ؟>، قالوا: قلت: كذا وكذا، قال: <أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ>.

    فهذا قول الرسول r وقد قاله بصفته الشخصية فقط، ونحن متعبّدين([1]) بما قاله بصفته: <بشرًا رسولاً> يُبلِّغ عن الله سبحانه وتعالى، ولذلك جاء في الرواية الأخرى، فقال: <إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ>. ا

    ولنا مع هذا الكلام وقفات:

    الأولى: هذا الكلام أعطى لكلّ مبطل شبهة يدفع بها النقد الموجّه لجماعته ـ ولو كان النقد حقًّا ـ إذ لا يعسر عليه أن يقول: يا أخي هذا الكلام لم تقل به الجماعة، وليس هو من منهجها، بل هو قول ذلك الشخص وذلك القائد، لأنّه إنّما تكلّم بصفته الشخصية، لا الرسمية.

    فإذا قالوا ذلك، قلنا: فَلِمَ لم تأمر الجماعة ذلك الشخص بالمعروف وتنهه عن المنكر ؟ بل يجب على تلك الجماعة أن تتبرأ من تلك الأقوال المخالفة للشرع، وإلاّ كانت مقرَّة لها معتقدة إيَّاها.

    الثانية: هذا القول أشبه بقول بعض التبليغيين حينما قلت لهم: إنّ في كتابكم <تبليغي نصاب> من الشركيات والبدع والأحاديث الموضوعة ما الله به عليم، فلماذا تعتمدونه، وتروِّجونه بينكم وبين غيركم ؟

    فقال لي أحدهم: يا أخي هذا الكتاب كتبه رجل محبّ للجماعة، لا أنّه من الجماعة.

    فقلت لهم: أرأيتم لو أنَّ دار الإفتاء قامت بطبع ونشر كتب علوي مالكي الخبيثة، أكان يغني في الذبّ عن فساد منهج الدار القول بأنّ كاتب هذه الكتب محبٌّ للدار، لا أنّه من أهلها ؟! الجواب: لا. فكذا فيما قلتم.

    وبالمناسبة، ينبغي أن تعلم أخي الكريم أنّ عند جماعة التبليغ مصطلحًا يميِّزون به بين الخارجين معهم، لا سيما إذا كان بينهم مَن هو مخالف لهم في المنهج، والأفكار، فإنّهم يقولون عنه حينما تسنح فرصة للتعارف: فلان محبٌّ للجماعة.

    ويقولون لِمَن كان منهم: فلان من الجماعة.

    ولهذا إذا أطلق المصطلح الأول على شخص ما، فإنّ صافرات الإنذار ـ غير المرئية وغير المسموعة ـ تنطلق، فيعامَل هذا الشخص معاملة معيَّنة، ومن أشخاص معيّنين، حتى تنتهي فترة خروجه، حفاظًا على الذين خرجوا معهم من أن يفسد عليهم عقولهم !!!

    الثالثة: قوله: <فهذا قول الرسول r، وقد قاله بصفته الشخصية فقط، ونحن متعبدين ـ هكذا ـ بما قاله بصفته بشرًا رسولاً>. اﻫ كلام باطل. إذ نحن متعبدون بكلّ ما قاله أو فعله أو أقرّه، إلاّ ما استثناه الدليل، ولهذا فإنّ الصحابة y حينما سمعوا قوله: <لو لم تفعلوا لصلح>، لم يقولوا له: هل قلت هذا الكلام يا رسول الله بصفتك الشخصية ـ فنحن في حلّ ـ أو بصفتك الرسالية ـ إن صحّ التعبير ـ فنحن ممتثلون لك. بل بمجرّد سماعهم له تركوا التأبير، واستمرّوا على هذا الأمر حتى جاءهم البيان، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: <أنتم أعلم بأمر دنياكم>.

    الرابعة: أنّ هذا القياس إمّا فاسد، أو لا يؤدّي إلى ما يريد.

    توضيحه: أنّ الأصل في أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام وأفعاله وتقريراته: التشريع، لا ينتقل من هذا الأصل إلاّ بدليل ـ كما أوضحنا أدلّته ـ؛ فإذا كان ذلك كذلك، فقياس أيّ قائد جماعة على الرسول r يجعل الأصل فيه أنّه إذا تكلّم أو فعل أو قرّر يُحمَل على صفته الرسمية، لا ينتقل من ذلك الأصل إلى صفته الشخصية إلاّ ببيان.

    وهذا القياس لا يؤدّي إلى ما يريد الزيد، لأنّه لم يلحق تلك الأقوال والأفعال ما ينقلها إلى الصفة الشخصية أي بيان، بخلاف قول المصطفى r: <لو لم تفعلوا لصلح>، فإنّه لحقه البيان، وهو قوله: <أنتم أعلم بأمر دنياكم>.

    فَإِنْ جعل الأصل في الأمير الصفة الشخصية، فسد عليه القياس؛ لاختلاف الأصلين، إذ الأصل في الرسول عليه الصلاة والسلام الصفة التشريعية الرسالية، والأصل في الأمير الصفة الشخصية عنده.الوقفة الخامسة: هب أنَّا سلَّمنا لكم ذلك، فلماذا تتعلَّقون بشخص قال الباطل ودعا إليه وأمر به ؟ ولماذا لا نتَّحد وإيّاكم في ردعه ؟ ببيان فساد مقولته، والأخذ على يده وتحذير الناس من الاغترار به وبباطله، وذلك بتوجيههم إلى الحقّ وأهله، أمّا أن يسكت عنه، بل يعلِّق الشباب به، وذلك بتلميعه، وتمجيده، وتبرير



    ([1]) كذا بالأصل، وصوابه: متعبِّدون.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:48

    أخطائه، فهذا موقف لا يحمده الشرع ولا العقل، لكونه غشًّا وخيانة.

    الوقفة السادسة: أنّ هذا قياس مع الفارق، إذ الحادثة التي قال فيها الرسول r: <لو لم تفعلوا لصلح>، حادثة دنيوية، لا دينية، بخلاف زعمائكم، فإنَّهم لا يتكلّمون في أمر الدنيا، بل في أمر الدين، فافترقا، فلم يصحّ القياس، فتنبَّه !!!

    الوقفة السابعة: إذا قارن القارئ بين ما حكاه عن النووي ـ رحمه الله ـ في هذه الرسالة، وبين ما ذكره النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه لصحيح مسلم (15/166)، يجد فرقًا بين الكلامين، لا يدلّ على ما ذكره الزيد، فليُرجَع إليه.

    قال الزيد:<الضابط الثالث: لا تتعرض للنقد إلاّ إذا كان يحقّق مصلحة راجحة>. اﻫ

    اعلم ـ أخي الكريم ـ أنّ الخلاف بين الجماعات الإسلامية ليس من باب الخلاف السائغ، أو خلاف الفروع، إنَّما هو من خلاف التضاد والخلاف في الأصول.

    إذن ليس الخلاف بيننا وبين الجماعات من باب نقل الشخص من المنزلة المفضولة إلى المنزلة الفاضلة، وكذا العكس، بل نحن نحاول نقله من الضلالة إلى الهدى، ومن البدعة إلى السنّة، ومن الشرك والكفر إلى التوحيد والإيمان.

    فهل بعد هذا يصح أن يقال: لا تتعرّض للنقد إلاّ إذا كان يحقّق مصلحة راجحة ؟ فأين المصلحة الراجحة إذا تعارضت الضلالة مع الهدى، والبدعة مع السنَّة، والشرك مع التوحيد ؟

    لكن لَمَّا كان عرض أفكار هذه الجماعة بألفاظ مجملة، وجب التفصيل ليتضح الحقّ والصواب ـ بإذن الله تعالى ـ.

    إذا اتَّضح ذلك، فاعلم ـ أخي الكريم ـ أنّ ما نقله الزيد عن شيخ الإسلام لا يدلّ على ما يريد، إذا كان الخلاف من باب الخلاف في الأصول، لا الخلاف في الفروع، لكن لَمّا جعل الزيد كلامه مجملاً تسنّى له أن ينقل كلام شيخ الإسلام، لكنّك إذا أنزلته على واقع الجماعات الإسلامية اليوم، اتضح ما قلت لك سابقًا.

    فكلام شيخ الإسلام مُنْصَبٌّ على مَن نقل شخصًا من طريقة مفضولة إلى طريقة فاضلة، يوضّح ذلك قوله رحمه الله: <...فإنّ بعض المتفقّهة يدعون الرجل إلى ما هو أفضل من طريقته عندهم، وقد يكونون مخطئين، فلا سلك الأول، ولا الثاني، وبعض المتصوفة المريد يعتقد أنّ شيخه أكمل شيخ على وجه الأرض، وطريقته أفضل الطرق وكلاهما انحراف، بل يؤمر كلّ رجل أن يأتي من طاعة الله ورسوله بما استطاعه، ولا ينقل (تنبّه) من طاعة الله ورسوله بطريقته، وإن كان فيها نوع نقص أو خطأ، ولا يبيِّن (تنبّه) له نقصها، إلاّ إذا نقل إلى ما هو أفضل منهما، وإلاّ فقد ينفر قلبه عن الأولى (المفضولة وإن كانت حقًّا) بالكلّية، حتى يترك الحقّ الذي لا يجوز تركه، ولا يتمسّك بشيء آخر>. اﻫ [مجموع الفتاوى (14/433)].

    واعلم ـ أيضًا ـ أنّ ما نقله عن العزّ بن عبد السلام لا يدلّ على ما يريد، لأنّ الخلاف بين الجماعات خلاف في الأصول، لا في الفروع، وما ذكره العزّ إنّما هو من باب المسائل الفرعية، حيث قال: <الكذب مفسدة محرّمة، إلاّ أن يكون فيه جلب مصلحة أو درء مفسدة، فيجوز تارة ويجب أخرى، وله أمثلة:

    أحدها: أن يكذب لزوجته لإصلاحها، وحسن عشرتها، فيجوز...

    الثاني: أن يختبئ عنده معصوم من ظالم يريد قطع يده، فيسأله عنه، فيقول: ما رأيته: فهذا الكذب أفضل من الصدق...>.

    واعلم أنّ ما نقله عن ابن القيم ـ رحمه الله ـ قد حذف منه كلامًا هامًّا، يخلّ حذفه بمعنى المنقول، لأنَّه لو ذكره لفسد عليه ما يريد إثباته، فتعال معي ـ أخي الكريم ـ لتقف على حقيقة الأمر بنفسك.

    قال الزيد: <يقول ابن القيم الجوزية ـ يرحمه الله تعالى ـ إنّ النبي r شرع لأمّته إيجاب إنكار المنكر، ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبُّه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله: فإنّه لا يسوغ إنكاره، وإن كان يبغضه ويمقت أهله...>. إلى أن قال: <ومَن تأمّل ما جرى على الإسلام من الفتن الكبار والصغار، رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على المنكر، فطلب إزالته، فتولّد منه ما هو أكبر منه...>. ثمّ قال: <فإنكار المنكر أربع درجات:

    الأولى: أن يزول ويخلفه ضدّه.

    الثانية: أن يَقِلَّ وإن لم يزل بجملته.

    الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله.

    الرابعة: أن يخلفه ما هو شرٌّ منه.

    فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرّمة.

    فإذا رأيت أهل الفجور والفسوق يلعبون بالشطرنج، كان إنكارك من عدم الفقه والبصيرة، إلاّ إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحبّ إلى الله ورسوله، كرمي النشاب وسباق الخيل ونحو ذلك.وإذا رأيت الفسَّاق قد اجتمعوا على لهو ولعب، أو سماع مكاء وتصدية، فإن نقلتهم عنه إلى طاعة الله، فهو المراد، وإلاّ كان تركهم فيه شاغلاً، خيرًا من أن تفرغهم لِمَا هو أعظم من ذلك، فكان ما هم فيه شاغلاً لهم عن ذلك. وكما
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:49

    إذا كان الرجل مشتغلاً بكتب المجون ونحوها، وخِفت من نقله عنها انتقاله إلى كتب البدع والضلال والسحر، فدعه وكتبه الأولى>.

    ولي معه في هذا النقل وقفتان:

    الأولى: حذفه لكلام هام جدًّا من كلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ كما أسلفت ـ حيث حذف بعد قوله: <فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنَّه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله> قوله: <وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم، فإنّه أساس كلّ شرّ وفتنة إلى آخر الدهر، وقد استأذن الصحابة رسول الله r في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وقالوا: أفلا نقاتلهم ؟ فقال: <لاَ، مَا أَقَامُوا الصَّلاَةَ> وقال: <وَمَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ مَا يَكْرَهُ، فَلْيَصْبِرْ، وَلاَ يَنْزِعنَّ يَدًا مِنْ طَاعَتِهِ>.

    وحذف: ـ أيضًا ـ بعد قوله: <فطلب إزالته فتولّد منه ما هو أكبر منه>، قوله: <فقد كان رسول الله r يرى بمكة أكبر المنكرات، ولا يستطيع تغييرها، بل لَمّا فتح الله مكة وصارت دار إسلام عزم على تغيير البيت، وردِّه على قواعد إبراهيم، ومنعه من ذلك ـ مع قدرته عليه ـ خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك، لقرب عهدهم بالإسلام، وكونهم حديثي عهد بكفر، ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد، لِمَا يترتّب عليه من وقوع ما هو أعظم منه، كما وجد سواء>.

    والداعي في نظري ـ والله أعلم ـ لحذفه هذا الكلام المهمّ جدًّا هو أنّه لو نقله لفسدت عليه قاعدته التي ذكر، لأنّ مفسدة الإنكار على الجماعات الإسلامية، ليست كمفسدة الإنكار على الحكام والولاة، بل الأخيرة أعظم، لأنّ الإنكار على الجماعات الإسلامية يحقّق مصلحة لا مفسدة فيها، إذ ليس فيها إراقة دماء، ولا ذهاب مال وولد وبلد، وليس فيها فتنة في الدين والدنيا، بل فيها ردّ لهؤلاء من الضلالة إلى الهدى، ومن البدعة إلى السنّة، ومن الشرك إلى التوحيد، فأيُّ مفسدة في ذلك ؟ بخلاف الإنكار على الولاة بالخروج عليهم، ففيه فساد وإفساد للدين والدنيا، وذهاب الأمن والأمان، وفيه انتشار الهرج والمرج، فكانت مفسدته أعظم من مصلحته؛ فلذا لم يشرعه الشارع.

    وانظر في كلام ابن القيم حيث قال: <وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم، فإنّه أساس كلّ شرّ وفتنة إلى آخر الدهر>.

    ومن أسباب حذفه لهذا الكلام ـ أيضًا ـ هو: أنّه لو نقله لرآه وقرأه الشباب، ومن ثَمَّ وقر في قلوبهم عدم الخروج على الولاة، فإثباته لا يتناسب مع منهج مَن يريد إيجاد جماعة المسلمين وإمامهم ودولتهم، فوجب حينئذ حذفه.

    الوقفة الثانية: أنّ ما أثبته من كلام ابن القيم لا يؤدِّي إلى ما يريده، بل يؤدِّي إلى ضدّه.

    انظر إلى قوله ـ رحمه الله ـ: <فإذا رأيت أهل الفجور والفسوق يلعبون بالشطرنج...>. اﻫ، فهل ترى ـ أخي الكريم ـ الجماعات الإسلامية لاعبة بالشطرنج فقط، كالفسَّاق الذين ذكرهم الإمام ابن القيم ؟ أو أنَّهم واقعون في البدع والضلالة ـ لا سيّما كبراءهم ـ كالقول بالحلول، والاتحاد، والتصوف، والدعوة إلى بعض أنواع الشرك، والدعوة إلى وحدة الصف مع الرافضة، بل مع الأديان السماوية ـ هكذا يزعمون ـ وبعضهم يدعو لترك الجهاد، والجهاد عنده عبارة عن الخروج والسياحة في الأرض، وآخرون منهم يرون الخروج على كلّ حاكم مسلم، أو غير مسلم، وأغلب الجماعات الإسلامية معادية لأهل التوحيد في هذه البلاد وفي غيرها.

    وما جرى لأهل كُنَر وأنصار السنَّة في السودان ليس منّا ببعيد بل ما جرى لنا في أزمة الخليج من وقوف الجماعات الإسلامية بأجمعها في الداخل والخارج مع طاغية العراق ـ أيضًا ـ ما هو منّا ببعيد.

    واسمح لي ـ أخي العزيز ـ بهمسة صادقة في أذنك؛ لعلَّنا نفيق ممّا نحن فيه:

    اعلم ـ أخي الكريم ـ بأنّ هذه الجماعات قد فشلت في تصحيح الأوضاع في بلادها التي انطلقت منها، فإذا كان ذلك كذلك، فليس لنا حاجة في تلك الدعوات الفاشلة، لا سيّما وقد أغنانا الله عنها بدعوة سلفية صحيحة، قامت على يد أئمّة صادقين، صالحين، مصلحين ـ ولا زالت ولله الحمد والمنَّة ـ تحميها دولة إسلامية، رافعة لراية التوحيد منذ وجدت إلى الآن، وبعده ـ إن شاء الله ـ؛ فما بالنا أُخَيَّ نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟!

    وإن أردت أَصْرَح من ذلك، فاعلم أنّه حينما قامت دولة التوحيد والدعوة السلفية التي سَمَّاها خصومنا في ذلك الوقت ﺑ <الدعوة النجدية> أو ﺑ <الدعوة الوهابية>، لينفِرُّوا عنها المسلمين، وحينما فشل التحذير العلني من تلك الدعوة، أنشأوا طرقًا وجماعات دعوية، ليسهل لهم نقل فسادهم المنهجي والعقدي إلى هذه الدعوة وأهلها، مطبِّقين المقولة الفارسية الخبيثة: <أشغلوا هذا الرجل في عقر داره>.فجاءوا متسلِّلين، ومتسترين، متخفين، متمسّكنين، حتى إذا تمكّنوا، رفعوا عقيرتهم ورؤوسهم، عن طريق أبنائنا، وإخواننا، وآبائنا، الذين هم من بني جلدتنا، فدبَّ إلينا الخلاف، والشقاق، والفرقة، فأصبحنا جماعات وفرقًا وأحزابًا، بعد أن كنّا أمّة واحدة، على منهج سواء، فيا لِهول المصيبة وعِظم الخطب، فالله
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:50

    المستعان، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

    إذا علمت هذا فاعلم ـ أيضًا ـ بأنّ كلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ: <وإذا رأيت الفسَّاق قد اجتمعوا على لهو ولعب أو سماع مكاء وتصدية...>. اﻫ، لا يدلّ على ما يريده الزيد ـ هدانا الله وإيَّاه ـ.

    أمّا كلام ابن القيم: <وكما إذا كان الرجل مشتغلاً بكتب المجون ونحوها، وخِفْت من نقله عنها انتقاله إلى كتب البدع والضلال والسحر، فدعه وكتبه الأولى>. اﻫ. فهو مؤدّ لضدّ ما يريده الزيد، بل هذا الكلام صادق على موقفنا حينما ننكر على الجماعات الإسلامية، إذ نحن ننكر عليهم الاشتغال بالكتب البدعية، والشركية، والضالَّة، ونريد أن ننقلهم منها إلى كتب السنّة، والتوحيد، والهدى.

    أمّا هم، فإنّهم ساعون في نقل فسَّاقنا ممّا هم عليه من المجون إلى البدع والضلالة، بل هم ناقلون صالحينا إلى ذلك.

    فالواجب عليهم حينئذ تجاه فسَّاقنا وصالحينا؛ تركهم على ما هم عليه، لا نقلهم إلى كتب الشرك، والبدع، والضلالة، والشعوذة.

    فتنبّه جيّدًا أخي الكريم، ولا تغرّنّك الشعارات البرَّاقة الجوفاء !!

    قال الزيد: <الضابط الرابع: بيان الحقّ دون التعرض للمخطئ>. اﻫ

    تذكَّر ـ أخي الكريم ـ بأنّ هذا المنهج قائم على الإجمال، حين إرادة عرض منهجه ووسائله وأساليبه.

    إذا تذكّرت ذلك، فإنّه ينبغي أن تعلم بأنّ منهج السلف الصالح في الإنكار على المخالف له طريقتان:

    الطريقة الأولى: التصريح باسم المخطئ.

    الطريقة الثانية: التلميح.

    فليس منهج السلف التصريح بإطلاق، ولا التلميح بإطلاق، بل بحسَب الحاجة، فأحيانًا يكفي التلميح، وأخرى لابدّ من التصريح، فمنهج السلف شامل للنوعين والطرقيتين، وهؤلاء القوم يأخذون ما يخدم منهجهم من طريق السلف، فيعمّمون أو يخصّصون على نحو ما يريدون.

    وهذه الجماعة ـ كما أخبرتك ـ طرقها خفية جليّة، خفيّة على الجاهل، وصاحب النظرة السطحية ومحسن الظنّ، جلية على مَن عرف منهج السلف معرفة جيّدة، وعرف الطرق المخالفة له.

    ولأنّ هذه الجماعة تدَّعي أنَّها هي <جماعة أهل السنّة والجماعة>، وفي الوقت نفسه تذكر بعض أقوال السلف وتتمسّك بها، فهي أشبه بالأشاعرة في خفائها على بعض الناس، وعدم التمييز بينها وبين أهل السنَّة والجماعة من جهة، وعدم بعدها عن الحقّ ـ في الظاهر ـ على خلاف الفرق الواضحة، فلذا التبس أمرهم على كثير من الشباب.

    قال الزيد: <الضابط الخامس: العدل في النقد، بذكر الحسنات والسيئات...

    فالعدل حينئذ يقتضي أن يذكر الحسنات والسيّئات معًا.

    فليس من الإنصاف في شيء لِمَن ينصح جماعة من الجماعات الإسلامية، ومن ثمّ سائر الأمّة الإسلامية، أن يذكر الأخطاء والانحرافات والمساوئ فحسب، إنّ هذا كما هو مجاوز للعدل، فهو عرض مضلِّل لحقيقة الجماعة...>. اﻫ

    وهذا الضابط ـ أخي الكريم ـ قلت لك من قبل: إنّهم نادوا به ورفعوه ليتسنَّى لهم الجمع بين الجماعات الإسلامية في جماعتهم المزعومة، قائلين للشباب الغر: <إنّ مبدأ الموازنة بين الحسنات والسيئات هو عين العدل والإنصاف، وهو منهج السلف الصالح> ـ هكذا زعموا ـ.

    وقد انبرى العالِم الفاضل والشيخ المجاهد: ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ لبيان فساد تلك الدعوى، رادًّا على قائليها بالحجَّة والبرهان، في كتابه: <منهج أهل السنَّة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف>، فكفاني وكفى غيري ـ جزاه الله عنّا خير الجزاء ـ الردَّ على هذا المبدأ وقائليه.

    بل خصّص له ـ لخطورته ـ كتابًا مستقلاًّ أسماه: <المحجَّة البيضاء في حماية السنّة الغراء من زلات أهل الأخطاء وزيغ أهل الأهواء>.

    فقول زيد: <العدل([1]) حينئذ يقتضي أن يذكر الحسنات والسيّئات معًا، فليس من الإنصاف في شيء لِمَن ينصح جماعة من الجماعات الإسلامية ومن ثَمَّ لسائر الأمّة الإسلامية؛ أن يذكر الأخطاء، والانحرافات والمساوئ فحسب، إنّ هذا كما هو مجاوز للعدل فهو عرض مضلِّل لحقيقة الجماعة...>. اﻫ

    ولي معه في قوله هذا وقفات:

    الأولى: أنّ قوله: <يقتضي>، يعني يلزم، يوضِّح ذلك قوله: <فليس من الإنصاف في شيء... الخ>.وعلى هذا يكون مَن اقتصر على ذكر السيّئة ـ وهي سيّئة في نفس الأمر ـ لشخص أو جماعة أو شريط... الخ، لم يعدل، بل جار في حكمه، بل يلزم على



    ([1]) عرَّف كثير مِمَّن كتب من هؤلاء عن العدل بنحو ما عرَّفه به الزيد. انظر مثلاً: <منهج أهل السنَّة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلَّفاتهم> للصويان ص (27)، و<منهج أهل السنّة والجماعة في النقد والحكم على الآخرين> للصيني ص (27)، و<قواعد الاعتدال> للمقطري ص (33).
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:51

    هذا القول بأنَّ مَن اقتصر على ذكر الحسنة هو جائر ـ أيضًا ـ وهذه لوازم فاسدة، ولوازم القول إذا فسدت، دلّت على فساد القول نفسه، يوضّح ذلك قوله تعالى: }لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ...{ [المائدة، آية 73].

    حيث ذكر سيّئتهم ولم يقرنها بأيِّ حسنة لهم، فهل هذا عدل، أم جور ؟! لكنَّ الجماعة حينما كان من منهجهم الإجمال، أجمل، ليَنْفُقَ ما يريد.

    الثانية: أنّ أهل الحقّ خاضعون للحقّ منقادون له، يدورون مع الحقّ أينما دار، سواءً كان ذلك الحقّ كتابًا أو سنّة، أو آثارًا سلفية، بخلاف أهل الباطل، والزيغ والضلال، فإنّهم يعتقدون أوّلاً أشياء فاسدة ـ يزعمون أنّها الحقّ ـ ثمّ يبحثون بعدئذٍ عن أيّ شيء يؤيّد ما يقولون، من الكتاب أو السنّة أو أقوال السلف، فإذا عثروا عليه، تمسّكوا به، فإذا جاءهم ما يبيِّن فساد ما هم عليه، وقفوا في صدره بالردّ إن استطاعوا، وبالتأويل الفاسد إن لم يستطيعوا، فضلّوا وأضلّوا.

    وسأوضّح ما قلت لك، بأمثلة تبيّن لك ما أريد، ثمّ أعود بعد ذلك لِمَا ذكره الزيد.

    لَمَّا كان من عقيدة المعتزلة ومَن سار على منهجهم أنّ العقيدة وما شابهها لا تَثبُت إلاّ بقطع، نتج عن ذلك عدم قَبولهم لأخبار الآحاد في هذا الباب، فذهبوا ينقبون ويبحثون لعلّهم يجدون ما يؤيّد مذهبهم، قالوا: الله أكبر، النبي r هو إمامنا في ذلك، ألم يقل له ذو اليدين في شأن الصلاة: يا رسول أقصرت الصلاة أم نسيت ؟... فقال الرسول r: <مَا يَقُولُ ذُو اليَدَيْنِ ؟> قالوا: صدق، لم تصلِّ إلاّ ركعتين... الحديث([1]).

    قال المعتزلة: فها هو رسول الله r لم يقبل خبره فيما يجب فيه القطع، ونحن لأثره مقتفون متَّبِعون.

    أرأيت ـ أخي الكريم ـ هذا الموقف، مع أنّ هذا الحديث عليهم وليس لهم، لأنّه r بعد أن سأل أبا بكر وعمر، فأقرَّا مقولة ذي اليدين، لم يخرجه ذلك عن كونه خبر آحاد، وعلى فرض خروجه فأين هم من قبول الرسول r شهادة ابن عمر برؤية هلال رمضان([2]) ؟ وأين هم من بعثه معاذ بن جبل إلى اليمن ليعلّمهم الدين أجمعه([3]) ؟ لكنَّهم قوم لا يعقلون، لأنَّهم اعتقدوا أوّلاً، ثمّ بحثوا ثانيًا، عن أيِّ شيء يؤيّد ما يعتقدونه، على قاعدة <أَسِّسْ ثمّ استدل>، ولو أنَّهم استسلموا وسلَّموا لله ورسوله r وداروا حيثما دار الحقّ، لأصابوا.

    ولَمَّا اعتقد الخوارج أنّ مَن فعل كبيرة من الكبائر، ثمّ مات عليها قبل أن يتوب منها، فإنَّه كافر، خالد في نار جهنّم، ذهبوا يبحثون عن أيِّ شيء يؤيّد مقولتهم، فقالوا: قلنا بقول الله تعالى: }وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ...{ [النساء، آية: 93].

    وغفلوا أو تغافلوا عن قوله سبحانه: }..فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيِْهِ بِإِحْسَانٍ..{ [البقرة، آية: 178]، فسمَّى الله تعالى القاتل والمقتول وأولياءهما إخوة. وعن قوله تعالى: }إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ..{ [النساء، آية: 48].

    ولولا خشية الإطالة لتوسَّعت في هذه الأمثلة، مع مناقشة المخالفين فيها بتوسُّع، ولكنَّ المقام مقام إشارة، واللبيب بالإشارة يفهم.

    ولهذا ـ أخي الكريم ـ قد يقع حدثٌ ما في زمان سابق أو لاحق، فتفسّره كلّ طائفة بحسَب ما تعتقده، لتؤيّد به معتقدها.

    إذا فهمت ذلك فهمًا جيّدًا، فسأعود معك ـ بإذن الله ـ إلى ما ذكره الزيد وغيره ـ هدانا الله وإيَّاهم جميعًا ـ.

    وذلك أنَّهم حينما وجدوا كتب الجرح والتعديل ذَكَرَتْ بعضًا من الرواة الذين اختُلِف في تعديلهم وتجريحهم، أو الرواة المبتدعة، وأنَّها قرنت بين تعديلهم وجرحهم، طاروا بذلك فرحًا معمّمين الحكم، قائلين: <إنّ منهج السلف يقتضي ذكر الحسنات والسيّئات>، ففسّروا ذلك الفعل بما يوافق هواهم، ويؤيّد مذهبهم.

    والجواب عن هذا أتركه للشيخ الفاضل ربيع بن هادي ـ حفظه الله ـ حيث قال في كتابه «منهج أهل السنّة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف» ص (28 ـ 30): <خامسًا: الرواة والشهود إذا كانوا مجروحين، جاز جرحهم بإجماع المسلمين، بل هو واجب، قـال ذلك وحكاه النووي وابن تيمية ـ رحمهما الله ـ.

    (أ) فإذا اتَّفق أئمّة الجرح والتعديل على جرح راوٍ بالكذب، أو فحش في الغلط، أو قالوا: متروك الحديث، واهي الحديث، وما شاكل ذلك، جاز لكلّ باحث وناقل أن ينقل ذلك ويرويه ولا يلزمه ـ من قريب ولا من بعيد ـ ذكر شيء من محاسنه، فضلاً عن البحث عن كلّ محاسنه ثمّ ذكرها.

    (ب) وأمّا الرواة المختلف في تعديلهم وتجريحهم، أو الرواة المبتدعون.فالنوع الأول يترتَّب على تقديم جرحه والأخذ به، دون التفات إلى قول مَن عدّله؛ إسقاط شيء من الدين، ومِمَّا ثبت عن سيّد المرسلين



    ([1]) رواه مسلم (1/403).


    ([2]) صحيح سنن أبي داود (2/446).


    ([3]) صحيح مسلم (1/50).
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:51

    وهذا إفساد عظيم، وتضييع شيء من الدين يجب علينا حفظه، وهو أمانة في أعناق العلماء، فيجب حينئذ لمصلحة الدين وحفظه، ولأجل المصلحة العامَّة للمسلمين، أن نتحرَّى الحقيقة، ونوازن بين أقوال أئمّة الجرح والتعديل، ونأخذ بالراجح من الجرح أو التعديل كلُّ ذلك لأجل هذه المصلحة، لا من أجل وجوب الموازنة لذات ذلك الرجل المجروح، فإذا ثبت جرحه بعد الدراسة جاز حكاية جرحه دون موازنة، ولا يقول عالم بوجوبها.

    وأمَّا المبتدع: فإذا كنّا في مقام التحذير من البدع، حذّرنا منه، ذاكرين بدعته فقط، ولا يجب علينا ذكر شيء من محاسنه، وإذا كنّا في باب الرواية فيجب ذكر عدالته وصدقه إذا كان عدلاً صادقًا، لأجل مصلحة الرواية وتحصيلها، والحفاظ عليها لا من أجل شيء آخر، كوجوب ذكر جوده، وعلمه، وشجاعته، وجهاده، وأخلاقه، وغير ذلك مِمّا لا علاقة له بالرواية.

    ولقد كان من السلف مَن يجانب الرواية عن أهل البدع وعن أهل التهم، قال ابن عباس B: <إنَّا كنَّا مرَّة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله r، ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه آذاننا، فلمَّا ركب الناس الصعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلاّ ما نعرف>.

    وقال ابن سيرين: <لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلمَّا وقعت الفتنة، قالوا: سَمُّوا لنا رجالكم، فيُنظَر إلى أهل السنّة، فيؤخذ حديثهم، ويُنظَر إلى أهل البدع، فلا يؤخذ حديثهم>.

    وكلام ابن عباس وابن سيرين يحتمل أنّ هذا كان مذهبًا عامًّا للسلف في عهد بقية الصحابة ومَن بعدهم من التابعين.

    ولعلّ هذا كان منهم بسبب إدراكهم بأنّهم في غُنْيَةٍ عن الرواية عن المبتدعين، فوقفوا منهم هذا الموقف الحازم الحاسم، فلمّا اضطرّ من بعدهم إلى الرواية عن الصادقين من أهل البدع، أخذوها عنهم بشروط وتحفّظات، تضمن أخذ السوي منها، وردِّ معوجّها ومدسوسها.

    قال الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ـ رحمه الله ـ: <ومنهم زائغ عن الحقّ صادق اللهجة، قد جرى في الناس حديثه، إذ كان مخذولاً في بدعته، مأمونًا في روايته، فهؤلاء عندي ليس فيهم حيلة إلاّ أن يؤخذ من حديثهم ما يُعرَف إذا لم يُقوِّ به بدعته>. انتهى

    وبعد ذلك، اعلم ـ أخي القارئ ـ بأنّ الزيد ومَن وافقه ـ هدانا الله وإيَّاهم ـ قد استدلّوا ببعض الأحاديث، وببعض الآثار السلفية على صحّة دعواهم، من أنّ العدل يقتضي ذكر الحسنات والسيّئات، وسأذكر بعضًا من أدلّتهم، مع ذكر وجه الاستدلال الذي ذكروه، ومن ثَمَّ مناقشتهم فيما استدلّوا به، معرضًا عن بعض أدلّتهم الأخرى، لأنِّي قد اعتبرت ما ناقشتهم فيه أصلاً ومثالاً يُحتذَى به، في سائر ما تركت من أدلّتهم، وذلك خشية الإطالة، فإنّ الطريق ما زال طويلاً وعرًا، فالصبر الصبر.

    قال الزيد: <ولقد علّمَنا القرآن الكريم، والسنّة النبوية هذا المنهج، ومن ذلك: قوله تعالى: }وَمِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَ يُؤَدِّهِ إِلَيْك إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا{ [آل عمران، آية: 75].

    فالذمُّ هنا مقرون، بل مسبوق بالمدح، وبيان حقيقة بعض أهل الكتاب واعتراف بوفاء بعضهم بالأمانة>. اﻫ

    فالجواب عن وجه الاستدلال هنا، هو أن يقال:

    على فرض التسليم لك بأنّ هذه الآية قد دلّت على ضرورة ذكر الحسنة والسيّئة معًا، فما قولك في قوله تعالى: }لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ{ [المائدة، آية: 78]. إذ لعنهم الله، وحكم بكفرهم، ولم يذكر لهم حسنة، فهل هذا عدل أو جور ؟!!

    كيف وما ذكرته ـ يا زيد ـ هنا لا يدلّ على ما تريد، بل يدلّ على ضدّ ما أردت، فاستمع إلى بيان ذلك:

    إنّ قوله تعالى: }وَمِنْ أَهْلِ الكِتَابِ{، أي: بعض أهل الكتاب، وقوله تعالى: }وَمِنْهُمْ{، أي: بعضهم الآخر.

    وإذا كان ذلك كذلك، فإنّ الله حينما ذكر البعض ـ أو الصنف الأول ـ ذكر حسنتهم، ولم يذكر سيّئة لهم، وحينما ذكر البعض الآخر ـ أو الصنف الثاني ـ ذكر سيّئتهم، ولم يذكر حسنةً واحدةً لهم.

    فكيف حَمَّلْتَ كتاب الله ما لم يحتمل ؟ وقوَّلته ما لم يقل به ؟ أليس في ذلك ترك للكتاب نفسه، وترك لفهم السلف الصالح ؟! إذ لو كنت تعتمد فهم السلف الصالح مطلقًا، لَمَا وقعت في هذا الخطأ، وسيأتي مثله بعد قليل.

    قال الصويان: <وقال الله تعالى: }وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ، قُلْ فِيهِماَ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا{ [البقرة، آية: 219].

    فالله سبحانه وتعالى أثبت النفع في الخمر والميسر، ولكنَّه حرَّمهما لغلبة المفاسد على المحاسن>. اﻫ

    فالجواب هو قولي:

    أوّلاً: سبحان الله !وثانيًا: مَن ذا الذي نازعك في أنّ في الخمر نفعًا وضرًّا، خيرًا وشرًّا، بل مَن نازعك في أنّه لا يوجد في الدنيا شيء إلاّ وفيه خير وشرّ، فإنّ الخير المحض لا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:52

    يكون إلاّ في الجنّة، والشرّ المحض لا يكون إلاّ في النار، وأمّا دار الابتلاء ففيها الخير والشرّ ممتزجان، والحكم للغالب منهما.

    ولكن أُخَيَّ: إنّما نازعتك في أنّ الخير الذي عند الجماعات الإسلامية ـ لا سيما ما كان في مناهجها أو عقائدها أو مؤلَّفاتها ـ أهو خير اختصَّت به دون منهج السلف الصالح، وأئمَّة الدعوة السلفية، القدامى منهم والمحدثين ؟ أم هو موروث عنهم ؟

    فإن قلت بالأوّل، فتلك ضلالة وبدعة، إذ لو كان خيرًا، لكان السلف أسبق الناس إليه.

    وإن قلت بالثانية ـ وهذا أملي فيك ـ فلا حاجة بنا إلى خير امتزج بشرٍّ كثير، فعندنا منهج مستقيم، وأئمّة مهتدون، وكتب صحيحة سليمة مصفاة، فلماذا لا ننهل من العذب الصافي، ونترك الكدر ؟!!

    وهنا نقطة لابدّ من توضيحها، لأنّ أصحاب الإجمال والتلميع والتصنيع يسلكون فيها مسالك ملتوية، قد لا يفهمها كثير من الشباب؛ فوجب النصح لهم:

    قال الزيد([1]): <وأنّ مَن يعيب جماعة من الجماعات الإسلامية لخطأ بعض أفرادها، فمثله كمثل مَن يعيب الإسلام بخطأ بعض المسلمين...>. اﻫ

    قلت: سبحان الله ! أرأيت ـ يا أخي ـ كيف ساوى بين مناهج الجماعات الإسلامية، والإسلام، إنّ هذا لشيء عجيب حقًّا !!

    يريد الزيد أن يقول: <هناك فرق بين المنهج، والقائم على المنهج، كما أنّ هناك فرقًا بين الإسلام والمسلم، فخطأ المسلم لا يدلّ على فساد الإسلام كمنهج ربّاني، فكذا خطأ التبليغي ـ مثلاً ـ لا يدلّ على فساد المنهج التبليغي، وخطأ الفرد الإخواني لا يدلّ بالضرورة على فساد المنهج الإخواني، وخطأ الفرد الأشعري لا يدلّ بالضرورة على فساد المنهج الأشعري، وخطأ المعتزلي لا يدلّ على فساد المنهج المعتزلي... الخ>.

    فهل يقول بذلك مَن يعلم حال الجماعات والفرق الإسلامية ؟!

    فإن كان لا يعلم فتلك مصيبة، وإن كان يعلم فالمصيبة أعظم.

    اعلم ـ أُخَيَّ ـ بأنّ المنهج السلفي حقّ محض لا باطل فيه، إذ هو الإسلام، والشخص السلفي أو المسلم قد يحسن وقد يسيء، فإذا أحسن ولم يقع منه خلل ولا زلل، فحسنه واستقامته إنّما هي مستمدّة من منهجه السلفي، الذي هو الإسلام، بخلاف المناهج البدعية الأخرى، فإنَّها منحرفة، فيها حقّ، وفيها باطل، فإذا أخذ شخص من تلك المناهج أو أحدها، فإنّه بلا شكّ سينحرف بقدر ما في ذلك من انحراف؛ لأنّ تلك المناهج منحرفة من أصلها، و<فاقد الشيء لا يعطيه>، كما أنّهم لا ينازعون في فساد المنهج الأشعري، والجهمي، والمعتزلي ـ أيضًا إن شاء الله ـ لا ينازعون في أنّ مَن سلك أي منهج منها فإنّه سيضلّ بقدر سلوكه على ذلك المنهج؛ فإذا كان ذلك كذلك، فلماذا لا يجرون ذلك على مناهج الجماعات الإسلامية ؟ هل لأنّها تَسَمَّتْ بالجماعات الإسلامية دون الفرق؟ أو لأنَّها قالت: نحن جماعات إسلامية ؟! فتلك فِرَق إسلامية ـ أيضًا ـ أو أنَّهم يقولون: إنَّها متَّفقة من حيث المنهج العام، كما هو حال الأئمَّة الأربعة، مختلفون في الفروع فقط ؟

    فأقول لهم: ما قولكم ـ أيُّها الإخوة ـ في منهج جماعة كجماعة الإخوان المسلمين، والتي تضمّ تحت كنفها الفرق الإسلامية كلّها، فتجد فيهم الجهمي، والمعتزلي، والأشعري، والماتريدي، والصوفي، والقبوري، والرافضي... الخ ؟

    أو ما قولكم في منهج جماعة كجماعة التبليغ، والتي تقول عن نفسها: نحن نبايع على أربع طرق صوفية، الجشتية، والنقشبندية، والقادرية، والسهروردية ؟

    فإن كنتم لا تعلمون ذلك، فلستم بأهل لقيادة الأمّة إلى عليائها ورفعتها، لأنّ <فاقد الشيء لا يعطيه>، لا سيّما مع دعواكم العريضة بأنّكم فقهاء الواقع !!

    وإن كنتم تعلمون ذلك، فتلك خيانة عظمى، وغِشٌّ كبير، لا يجوز لكم كتمه عن شباب الأمّة خاصّة، وعن الناس عامّة.

    لكنَّكم ـ يا إخوتاه ـ إنَّما تدعون في الحقيقة شباب هذا البلد الطيب ـ ومَن كان على شاكلته في البلدان الأخرى ـ فتنقلونهم عمّا هم عليه، وفيه من المنهج السليم القويم، إلى مناهج وطرق تلك الجماعات المنحرفة، التي فشلت في إصلاح نفسها، وإصلاح مجتمعاتها التي انطلقت منها، فهلاَّ سعيتم يا إخوتاه في نقل أصحاب تلك الجماعات إلى المنهج السلفي، بدلاً من العكس ؟

    سبحان الله ! ما أشبه هذا الفعل بعملية التقريب بين السنّة والشيعة، والتي تولَّى كِبْرَها جماعة <الإخوان المسلمون> !!

    وبعد هذا التطواف الطويل الممتع، أعود وإيَّاك ـ أخي الكريم ـ إلى مناقشة ما ذكره الصويان. فأقول: ـ وبالله التوفيق ـ:

    إنَّه حينما ذكر تلك الآية الكريمة، إنَّما أراد منها أن يقول: إذا أثبت الله النفع في الخمر والميسر مع وجود الضرِّ، فالدعاة والجماعات الإسلامية أطيب وأشرف من الخمر، فلماذا لا يثبت لهم الخير والشرّ ؟!



    ([1]) وكذا قال عايض القرني في شريطه: <فِرَّ من الحزبية فرارك من الأسد>، حيث قال: <ومَن أوجب على أحد من الناس من العباد أن يكون إخوانيًّا أو سلفيًّا ـ انظر ـ أو تبليغيًّا أو سروريًّا يوجبه وجوبًا فإنَّه يستتاب، فإن تاب وإلاّ قتل... هذه الجماعات فيها خير ونصر بها الحقّ، لكن لا يجوز لأحد أن يقول: الحقّ في هذه الجماعة كلّ الحقّ، وغيرها باطلة... الخ>. اﻫ
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:52

    قلت: أنا أوافقك ـ أُخَيَّ ـ على أنّ الجماعات الإسلامية فيها خير وفيها شرّ، وأنت قد قست الجماعات الإسلامية ودعاتها على الخمر، وأنت تعلم أنَّ الفرع يأخذ حكم الأصل إذا اتَّحدا في العلة، وقد اتَّحدا هنا، فحكم الخمر التحريم، فكذا حكم الانتماء إلى الجماعات الإسلامية واتباع دعاتها التحريم؛ لأنّ هذا هو ما يؤدِّي إليه القياس.

    فإن أبيت إلاّ التمادي، فسأقول لك: ألم تعلم بأنّ هذه الآية التي استدللت بها منسوخة ؟ فكيف تستدلّ بآية منسوخة الحكم، على إثباته بالآية الأخرى، وهي قوله تعالى: }إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ{ ؟ [المائدة، آية: 90].

    فإذا كان الخمر رجسًا، وحكمه وجوب اجتنابه، فقياسك الجماعات ودعاتها عليه يقتضي أن تأخذ حكم الخمر الذي هو وجوب الاجتناب، فإذن وجب اجتناب تلك الجماعات ودعاتها كاجتناب الخمر، وهذا هو موقف السلف من المبتدعة.

    وأظنّ أنّ هذه المناقشة كافية لِمَن ألقى السمع وهو شهيد، وإلاّ ففيه إلزامات أخرى تركتها خشية الإطالة.

    قال الزيد: <إنّ النبي r قال لأبي هريرة t في حديث فضل آية الكرسي، في شأن الشيطان الذي جاءه يحثو من الصدقة، ويمسكه أبو هريرة ثمّ يطلقه، وفي الثالثة أطلقه بعد أن علّمه فضل آية الكرسي، قال الرسول t عنه: <أَمَا إِنَّهُ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ>. اﻫ

    فقد ذكر الرسول r الحسنات ـ هكذا يا زيد !! ـ وأثبت له الصدق، وإن كانت صفة الكذب ملازمة له، ولم يمنعه r كثرة كذب الشيطان من ذكر صدقه في هذه المرَّة>.

    قال الصويان: <فالنبي r أثبت الصدق للشيطان الذي ديدنه الكذب، فلم يمنع ذلك من تقبُّل الخير الذي دلّ عليه>. اﻫ

    إخوتاه: أسألكم بالله مَن مِن الناس نازعكم في أنّ الكذّاب قد يصدق، كما صدق إبليس ؟

    ومَن مِن الناس نازعكم في أنّ الجماعات الإسلامية فيها خير وفيها شرّ ؟

    أم أنَّكم تريدون منَّا ومن الشباب العائد إلى الله أن يجثو على رُكَبِه بين يدي الكذَّابين، والشياطين، والدجَّالين، والمبتدعين، والضالِّين المضلِّين، لينهل من علمهم الكدر النكد ؟!

    علمًا بأنّ رواية الشياطين والكفار والكذابين لا تُقبَل! فكيف تطالبوننا بأخذ الدين عنهم ؟!! بل كيف للغرّ أن يميِّز بين الحقّ والباطل، وبين الصحيح والسقيم ؟!! إنّ هذا لشيء عجاب.

    وهل خلت الأرض من الصالحين والمصلحين، الثقات الأثبات، أهل السنّة والجماعة، أتباع السلف الصالح، حتى يطلب العلم عند المبتدعة، والمخرفين، والمنحرفين ؟!!! <سبحانك اللهمَّ وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك>.

    يا إخوتاه: نحن في بلد طيّب، رايته سلفية، وعلماؤه سلفيون، أمثال الشيخ العامل العالم: عبد العزيز بن باز، والشيخ: محمّد بن عثيمين، والشيخ ابن غديان، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ: ابن غصون، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وغيرهم كثير من داخل البلاد وخارجها، أمدّ الله في أعمارهم، وبارك في أعمالهم، وجعلهم ذخرًا للعباد والبلاد، اللهمَّ آمين.

    فلماذا يا إخوتاه نلتفت إلى النطيحة والمتردية، وما أكل السبع ؟!!

    ولكن لحاجة في نفوس هؤلاء، والله المستعان على ما يصفون.

    وبعد هذا، فلنعد ـ أخي الكريم ـ إلى ما كتبه الزيد والصويان لننظر معك فيما قالاه، أهو صواب أم خطأ ؟

    قال الزيد: <فقد ذكر الرسول r الحسنات، وأثبت له الصدق، وإن كانت صفة الكذب ملازمة له...>. اﻫ

    فقوله: <الحسنات>، خطأ، لأنّه لم يذكر له إلاّ حسنة واحدة، وهو صدقه في هذه المرّة.

    وأمّا الصويان، فقد قال: <فالنبيُّ r أثبت الصدق للشيطان الذي ديدنه الكذب، فلم يمنع ذلك من تقبّل الخير الذي دلّ عليه>. اﻫ

    فقوله: <أثبت الصدق للشيطان>، فهل <أل> التي في <الصدقلاستغراق الجنس، أو ماذا ؟

    وقوله: <فلم يمنع ذلك من تقبُّل الخير الذي دلّ عليه>.

    فأقول: أرأيت يا أخي لو أنّ أبا هريرة t لم يلق النبي r حتى قبض، فهل سيروي أبو هريرة تلك الحادثة على أنّها شرع يتقرب به إلى الله، ونتقرّب به إليه أو لا ؟!! لا شكّ أنّ الجواب هو الأخير، علمًا بأنّ أبا هريرة t لم يعلم بأنّه شيطان، إلاّ بعد إخبار الرسول r.

    فإذا كان ذلك كذلك، امتنع قبول ذلك الخير المزعوم، لأنّه ليس بخير والحال هذه.

    إذن، فمتى كان ذلك خيرًا ؟ كان ذلك خيرًا بعد قول الرسول r: <صدقك وهو كذوب>، بل في قوله r: <وهو كذوب> التحذير من قبول قوله.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:53

    وكما قلت لك، قد يصدق الكاذب والكافر، والدجال والمشعوذ، فهل إذا أخبرنا أحد من هؤلاء نقبل خبره ؟ أو أنّنا نتثبّت، ونمحّص، وندقّق تلك الأقوال المنقولة، وذلك بعرضها على الشرع، فإن خالَفَتْه رمينا بها ولا كرامة، وإن وافقَتْه، عملنا بها، لأنَّها من الشرع، لا على أنّ هؤلاء هم الذين أنشأوا ذلك وأتوا به من عند أنفسهم ؟

    فتنبه لهذه النكتة، تسلم ـ بإذن الله ـ من كثير من الخلط والتلبيس.

    إذن، فمعنى قول رسول الله r: <صدقك>: أي وافق الحقّ، لا أنّه أنشأه.

    يوضّح ذلك قول الرسول r عن الكاهن الذي يسترق السمع من السماء، قال: <تلك الكلمة الحقّ، يخطفها فيقذفها في أذن وليِّه، ويزيد فيها مئة كذبة> [مسلم 4/1750].

    فهذا الكاهن أو الساحر قال تلك الكلمة الحقّ، فصدق في مقولته تلك، لأنّه موافق للحقّ، لا أنّه أنشأه.

    كما لو قال لك رجل مشهور بالكذب: هذا الحديث رواه البخاري، فقلت له: أخرجه لي من صحيح البخاري، فقال لك: انظر هنا، فوجدته كما أخبرك، فإنّه في هذه الحال يكون صدقك وهو كذوب.

    وإنِّي هنا ـ أُخَيَّ ـ بصدد مناقشة طويلة لهذا المبدأ؛ لأنِّي كما أخبرتك أنّ غايتهم من هذا المبدأ هو صهر الجماعات الإسلامية في بوتقة ما أَسْمَوه ﺑ <جماعة أهل السنّة والجماعة>، لإقامة الخلافة الراشدة ـ بزعمهم ـ واستئناف الحياة الإسلامية.

    إنّ الوصول إلى هذا الهدف لا يمكن تحقيقه على يد جماعة واحدة، بل لابدّ من تجميع تلك الجماعات تحت راية واحدة، ومن خلالها تُوحَّد الصفوف والقُوى، وتُوجَّه إلى الهدف المنشود تحقيقه.

    وهذا الأمر بالطبع لن يتمّ لهم بهذه السهولة، ولهذا قاموا بإبراز هذا المبدأ، <مبدأ العدل والإنصاف>، وعرضوه عرضًا مجملاً غير مفصّل، لأنّ بالإجمال يحصل التجميع ـ أي بين المحقّ والمبطل ـ وبالتفصيل يحصل التفريق ـ أي الفرقان بين الحقّ والباطل ـ.

    ولهذا سَطَوْا على ما كان من باب الضرورة عند السلف، ألا وهو الجمع بين الجرح والتعديل في الرجل المختلَف فيه، والمبتدع، فعمّموه وجعلوه هو الأصل، وما كان هو الأصل عند السلف جعلوه بمثابة الضرورة، بل قالوا: ليس هذا من منهجهم.

    فسبحان الله !! ما أعظم جهلهم بمنهج السلف، وفِرْيَتِهم عليه في الوقت نفسه !!!

    ولهذا قالوا: العدل: يقتضي أن تذكر الحسنات مع السيّئات.

    فمَن لم يفعل فما عدل وأنصف، بل جار وخان !

    والغريب أنّ هؤلاء قد اعتمدوا في تقرير مذهب السلف ـ بزعمهم ـ على <سير أعلام النبلاء> للذهبي، مستخلصين منه مبدأ الموازنات، مع العلم بأنّ <سير أعلام النبلاء> هو أشبه بكتب التاريخ، فهو أشبه بكتاب <البداية والنهاية> لابن كثير ـ رحمهما الله تعالى ـ غافلين أو متغافلين عن كتب الذهبي التي سارت على منهج المحدّثين، في عدم الموازنة بين الحسنات والسيّئات، ﻛ <ميزان الاعتدال>، و<المغني>، و<الكاشف>، ونحوها.

    وعلى فرض التسليم الجدلي لهم بصحّة ما ذهبوا إليه، فإنّي أطالبهم بأن يذكروا لنا حسنات وسيّئات الجماعات الإسلامية، والكتب الفكرية، والأشرطة الإسلامية، والأعمال الدعوية الجماعية، والفردية، وكذا حسنات وسيّئات الدعاة إلى الله تعالى مفصّلة، لنكون على بصيرة، فنعرف ما نأخذ، ونعرف ما نذر.

    والدليل ـ أيضًا ـ على ما أقول هو:

    أنّه لا وجود للتفصيل عندهم، لا في كتبهم، ولا في رسائلهم، بل ولا في أشرطتهم، ولا في الأجوبة الصادرة عنهم، على بعض الأسئلة الموجّهة إليهم، بل نراهم يصرّحون بالضدّ.

    وهنا ـ أخي الكريم ـ سأنقل لك كثيرًا من أقوالهم في الثناء على الجماعات الإسلامية المختلفة، وعلى قادتها، ومؤسِّسيها، وسأنقل ـ أيضًا ـ عنهم أنّهم يرون أنّ الخلاف بين الجماعات الإسلامية إنّما هو من باب خلاف التنوع لا خلاف التضاد.

    وسأنقل ـ أيضًا، إن شاء الله ـ عنهم دعوة الجماعات الإسلامية إلى الانضمام إلى جماعتهم <جماعة الأمّ>، جماعة <أهل السنّة والجماعة>، أي: <القطبية>.. وإليك ذلك مفصّلاً:
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:54

    فصل
    في أقوال القطبية في الثناء على الجماعات الإسلامية المختلفة
    ودعوة تلك الجماعات للانضمام إلى جماعتهم




    قال المصري في <معالم الانطلاقة الكبرى> (ص 6): <.. إلى جميع المسلمين المخلصين.. أفردًا وجماعات، الذين يتطلّعون إلى ميلاد فجر صادق، وبدء مرحلة جديدة، وانطلاقة حقيقية تجاه الهدف الإسلامي المنشود، إلى جميع المسلمين الواعين.. أفرادًا.. وجماعات الذين يدركون أنّ إحياء الأمّة الإسلامية من سُباتِها العميق، والدفع بها إلى مكانها الطبيعي لتقود نفسها أوّلاً، وتقود البشرية جمعاء مرّة أخرى ـ بأمر الله ـ لن يتحقّق من خلال جهود أفراد مهما كثروا، أو تجمّعات صغيرة، أو كبيرة، مهما تعدّدت، طالما أنّ كلاًّ منها تغلق بابها، وتحيط نفسها بسياج من الأوهام، يمنعها من التعاون، والتشاور، وتبادل النصيحة مع الآخرين، وتحذر نفسها بدعوى مظنونة: أنّها هي وحدها على الحقّ، وهي وحدها الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، وما عداها باطل، وأنّ نصر الله لها وحدها آت... إلى جميع المسلمين من أهل السنّة والجماعة.. أفرادًا.. وجماعات...>. اﻫ

    وقال ـ أيضًا ـ في ص (187): <إنّ هذا يقودنا إلى موقف بعض الجماعات الإسلامية المنتشرة في البلاد، التي تنتسب إلى السنّة، ويدين أكثر أهلها على الجملة بعقائد أهل السنّة ـ وهي غالب الدول المنتشرة على طول العالم الإسلامي باستثناء إيران ـ. إنّ موقف هذه الجماعات لعجيب حقًّا، سواءً منها الجماعات التقليدية في الساحة، أو التجمعات الأخرى التي تنتشر في ميدان العمل الإسلامي. فالناظر في شعارات بعض هذه الجماعات تصدمه حقيقة أولية، وهي: عدم وجود أيَّة فوارق حقيقية بين شعارات بعض هذه الجماعات، تبرّر أن تهاجم كلّ منها الأخرى، وتُسفِّه أفكارها>. اﻫ

    وقال ـ أيضًا ـ في ص (188 ـ 189): <فلماذا لا يترك كلٌّ منهم الآخر يسير في طريقه ويقف منه موقفًا محايدًا ـ على أقل تقدير ـ بدلاً من أن يهاجم، ويفاصل، ويتَّهم ـ دون دليل من شرع أو أثارة من علم أو عقل، وما الضرر على دين كلٍّ منهم إذا تعاون مع أخيه ـ كلٌّ بجماعته ـ فيما يستطيعون فيه أن يتعاونوا، مع استقلال كلٍّ منهم بأسلوبه، وأدواته، وجماعته ؟

    إنّنا لا ننكر أنّ كلَّ جماعة ـ أو تجمّع ـ في الساحة الإسلامية لها اجتهادها الخاصّ في تقدير الواقع المحيط على الجملة، وفي تقدير الطرق والأساليب التي يمكن أن يبدأ منها الحلّ الإسلامي لمشكلات هذا الواقع، ـ وأيضًا ـ لا ننكر أنّ الاختلاف في هذه الاجتهادات الخاصّة لكلّ جماعة، تصبغ حركة الجماعة بصبغة حركية خاصّة ـ وليست فكرية أو سلوكية ـ بمعنى: أنّ الكلّ قد يكون متفقًا على الالتزام بفكر وسلوك <أهل السنّة والجماعة> ابتداءً، وأمام الاختلاف في تقدير مشكلات الواقع، وتقدير طريق المواجهة، يبدأ الاختلاف في أسلوب العمل:

    فهذه الجماعة تركز على جانب العقائد، ونشرها بين المسلمين.

    وهذه تركز على جانب التربية والإعداد.

    وهذه تركز على العمل السياسي، ونشر الوعي الحركي.

    وهذه تركز على الدعوة للسنّة، ومحاربة البدع، في السلوك والآداب.

    وهذه تركز على نشر المفاهيم الإسلامية بين عامّة الناس، ودعوتهم للالتزام بتعاليم الدين.

    وهذه تركز على جانب الإعداد العسكري والمواجهة مع الباطل..

    إلى آخر هذه الاجتهادات التي ترى أنّ الساحة الإسلامية في حاجة لها جميعًا، بل إنّها تكمّل بعضها بعضًا، وتصبُّ في النهاية في مصبٍّ واحد، وهو إيقاظ الأمَّة المسلمة من سباتها العميق، وتحريك هذا الجسد النائم، ليفيق من غفوته، ويفرز قيادته الحقيقية، التي تقوده نحو ممارسة دوره المطلوب منه في هذه الحياة الدنيا بأمر الله>. اﻫ

    وقال ـ أيضًا ـ في ص (190 ـ 191): <إنّ المرء قد يتساءل أمام هذه الحقائق إذا كان الأمر كذلك، فما هو المبرِّر الحقيقي لوجود مخاصمة بين كثير من هذه الجماعات، التي ترفع كلّها شعار <السنّة والجماعة> ؟...

    إنّ الفكرة السائدة بين كثير من هذه الجماعات: وهي اعتقاد كلّ منها أنّها هي وحدها <جماعة أهل السنّة..>. اﻫ

    وقال ـ أيضًا ـ في ص (193): <إنّ العمل للإسلام من خلال هذه الجماعات أمر لا غبار عليه، لا شرعًا، ولا عقلاً...>. اﻫ

    قلت: سبحان الله !! ما هذه التمويهات يا مصري حين جعلت الخلاف بين الجماعات الإسلامية خلاف تنوُّع لا خلاف تضادّ ؟! بل ليس بينهم اختلاف، إنّما الواقع بينهم إنّما هو اجتهاد !!فإن كنت تعلم حال الجماعات الإسلامية وحال مؤسِّسيها، فقد خنت الله ورسوله والمؤمنين عامّة، والعلماء وطلبة العلم خاصّة، بترويجك لتلك الأفكار
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:55

    وعدم الإنكار !! وإن كنت لا تعلم، فاعلم بأنّ جماعة التبليغ أسّسها أميرهم محمّد إلياس بن محمّد إسماعيل الحنفي، الديوبندي، الجشتي، الكاندهلوي، المولود سنة (1303ﻫ)، والمتوفى سنة (1363ﻫ)، ثمّ جاء من بعده ابنه محمّد يوسف بن محمّد إلياس، ثمّ جاء من بعده محمّد إنعام الحسن.

    وهذه الجماعة قائمة على أصول ستّة، كما ذكرت لك من قبل ص (11)، ولهم كتب معتمدة عندهم، منها: كتاب <تبليغي نصاب> <فضائل الأعمال>، لمحمّد زكريا الكاندهلوي، المجاز إجازة عامّة من قِبل شيخه المرشد <خليل أحمد السهارنفوري>، بالمبايعة، والإرشاد، على أربع طرق صوفية، وهي: الجشتية، والنقشبندية، والسهروردية، والقادرية.

    والكتاب السابق ذكره، قد ملأه مؤلفه بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، وحكايات ومنامات الصوفية، وإجلال مشائخها كابن عربي القائل بوحدة الوجود، وسأجعل في آخر البحث([1]) صورًا من هذا الكتاب باللغة الأُرْدِيَّة، وبجوارها ترجمتها باللغة العربية ليتَّضح للقارئ الكريم مدى ما فيه من الضلال، والله المستعان.

    والكتاب الثاني <حياة الصحابة>، لمحمّد يوسف الكاندهلوي، وهو كسابقه. وإن كنت في شكّ ممّا قلت لك ـ أخي الكريم ـ فعليك بقراءة الكتابين السابقين، و<سوانح محمّد يوسف> لمحمّد ثاني حسني، و<وقفات مع جماعة التبليغ> للجربوع، و<جماعة التبليغ: مفاهيم يجب أن تصحَّح> لحسن جناحي، و<جماعة التبليغ> لمحمّد أسلم، و<السراج المنير> لمحمّد تقي الدين الهلالي، و<نظرة عابرة اعتبارية حول الجماعة التبليغية>، لسيف الرحمن الدهلوي، و<القول البليغ في التحذير جماعة التبليغ> للشيخ حمود التويجري رحمه الله، و<حقيقة الدعوة إلى الله> للشيخ سعد الحصيّن.

    واعلم بأنّ جماعة الإخوان المسلمين أنشأها وأسّسها: حسن البنّا، الذي بايع شيخه: <بسيوني العبد> و<عبد الوهاب الحصافي> على الطريقة الصوفية الحصافية.

    وللإخوان المسلمين زعامات كثيرة جدًّا، فمن زعاماتهم: سيّد قطب، والهضيبي، والتلمساني، والسباعي، والغزالي، والقرضاوي، وفتحي يكن، والغنوشي، وقادة جبهة الإنقاذ الجزائرية، والترابي، وغيرهم كثير.

    وهذه الجماعة عبارة عن مزيج غريب الأفكار والأقوال والأفعال، وإليك نماذج على ما أقول:
    !!!





    فصل
    في ذكر بعض الأفكار والأقوال والأفعال الغريبة
    عند جماعة الإخوان المسلمين




    قال <حسن البنا> في مجموعة رسائله ص (498) مبيّنًا في جانب الأسماء والصفات: <ونحن نعتقد أنّ رأي السلف من السكوت وتفويض علم هذه المعاني إلى الله تبارك وتعالى أسلم وأولى بالاتباع..>. اﻫ

    قلت: هذا المذهب من أخبث المذاهب، إذ هو مذهب المفوضة، بل هذا المذهب أسوأ حالاً من مذهب المؤوّلة، وليس هذا مذهب السلف، بل مذهبهم هو معرفة معاني تلك الصفات، مثبتين حقائقها ـ لله جلّ وعلا ـ على الوجه اللائق به ـ سبحانه وتعالى ـ فهم يعلمون معنى تلك الصفات، ويفوّضون كيفياتها. فتنبّه.

    وقال محمود عبد الحليم في كتابه <الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ> (1/109): <وكنّا نذهب جميعًا كلّ ليلة إلى المسجد السيّدة زينب، فنؤدّي صلاة العشاء، ثمّ نخرج من المسجد ونصطفّ صفوفًا يتقدّمنا الأستاذ المرشد <البنا> ينشد من أناشيد المولد النبوي، ونحن نردّده من بعده في صوت جهوري جماعي يلفت النظر». اﻫوأمّا بالنسبة لموقف جماعة الإخوان المسلمين من الرافضة، فهو موقف موحَّد، قائم على التقريب بين السنّة والشيعة، وهذا الموقف هو موقف <البنا>



    ([1]) انظر ملحق الوثائق.
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:56

    و<شلتوت> و<أبي زهرة> و<الغزالي> و<التلمساني> و<فتحي يكن> و<أنور الجندي> و<عبد الكريم زيدان> و<الشكعة> و<خلاّف> و<البهنساوي> و<سعيد حوى> و<وافي الأعظمي> و<المودودي> و<الندوي> و<الغنوشي> و<حسن أيوب> و<الترابي> و<عز الدين إبراهيم> صاحب كتاب <علماء المسلمين وموقفهم من الثورة الشيعية>، وغيرهم.

    فمن ذلك قول التلمساني: <..وفي الأربعينات ـ على ما أذكر ـ كان السيد <القُمِّي>ـ وهو شيعي ـ يَنْزل ضيفًا على الإخوان في المركزالعام، ووقتها كان الإمام الشهيد يعمل جادًّا على التقريب بين المذاهب.. وسألناه يومًا عن مدى الخلاف بين أهل السنّة والشيعة ؟ فنهانا عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة.. فقال: اعلموا أنّ أهل السنّة والشيعة مسلمون، تجمعهم كلمة <لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّدًا رسول الله> ـ هكذا ـ..>. اﻫ انظر موقف علماء المسلمين ص (5 ـ 21).

    وقال الغزالي في كتابه الإسلام والاشتراكية ص (112): <إنّ الإسلام أخوّة في الدين واشتراكية في الدنيا>.

    وفي ص (183) قال: <إنّ عمر كان أعظم فقيه اشتراكي تولَّى الحكم>.

    وقال ـ أيضًا ـ في كتابه <الإسلام المفترى عليه> ص (103): <إنّ أبا ذرّ كان اشتراكيًّا، وإنّه استقى نزعته الاشتراكية من النبي عليه الصلاة والسلام>.

    فانظر أخي المسلم إلى هذا الكذب على الله وعلى رسول الله، وعلى صحابته رضي الله عنهم أجمعين، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله. فماذا سيصنع الغزالي بقوله تعالى: }فَـإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِنْـهُ نَفْسًا فَكُلُـوهُ هَنِيئًا مرِيئًا{ [سورة النساء، آية: 4].

    وبقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِنكُمْ{ [سورة النساء، آية: 29].

    وبقوله عليه الصلاة والسلام: <أَلاَ لاَ تَظْلِمُوا، أَلاَ لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ>، مشكاة المصابيح (2/889)، وصحيح الجامع الصغير وزيادته (2/1268). وبقوله ـ أيضًا ـ: <إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ..> مسلم (2/889).

    ويقول الغزالي: <نعم أنا كنت من المعنيين بالتقريب بين المذاهب الإسلامية، وكان لي عمل دؤوب ومتصل في القاهرة، وصادقت الشيخ: <محمّد تقي القمي>، كما صادقت الشيخ: <محمّد جواد مغنيه>، ولي أصدقاء من العلماء والأكابر من علماء الشيعة..>. اﻫ انظر موقف علماء المسلمين ص (21 ـ 23).

    وقال الغنوشي: <إنّ الاتجاه الإسلامي الحديث تبلور، وأخذ شكلاً واضحًا على يد <الإمام البنا> و<المودودي> و<قطب>، و<الخميني>، ممثلي أهمِّ الاتجاهات الإسلامية في الحركة الإسلامية المعاصرة>. اﻫ المصدر السابق (42 ـ 43).

    وقال المودودي: <إنّ ثورة الخميني ثورة إسلامية، والقائمون عليها هم جماعة إسلامية، وشباب تلقوا التربية الإسلامية في الحركات الإسلامية، وعلى جميع المسلمين عامة والحركات الإسلامية خاصة أن تؤيّد هذه الثورة كلّ التأييد، وتتعاون معها في جميع المجالات>. اﻫ انظر الشقيقان ص (3)، وموقف علماء المسلمين ص (48).

    وقال أمير الجماعة الإسلامية <المودودية> ميان طفيل محمد: <إنّ الخميني هو قائد المسلمين في العالم كلّه>. اﻫ انظر الشقيقان ص (3).

    وقال أسعد جيلاني ـ أمير الجماعة الإسلامية لمدينة لاهور ـ في مؤتمر إحياء الذكرى السنوية للثورة الإسلامية الإيرانية المنعقد في لاهور: <إنّ هذه الحكومة الإيرانية مثل حكومة النبي r وحكومة خلفائه..!!! > اﻫ
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:57

    وقال عمر عبد الرحمن في محاضرة ألقاها في أمريكا: <ولابد لكلِّ طاغية ظالم أن يُزال من الحياة كما أزيل الشاه، وكما أزيل أنور السادات، من هنا كانت الثورة الإسلامية في إيران مظهرًا من مظاهر العزِّ والقوة والمجد، وإنَّها لتبعث في روح المسلمين المجاهدين في كلّ مكان بعامَّة، وفي مصر بخاصّة، روح الأمل واليقين. هذه الثورة التي أزالت وما زالت تزيل طواغيت وجب علينا نحن المسلمين أن نزيلها، لقد مرغت أنفهم في التراب وجعلتهم يتحدّثون عن قوّة الإسلام ويرهبونها.هذه الثورة الإسلامية في إيران مشرق أمل ومبعث فرحة وسرور، وانطلاق للجهاد في سبيل الله، والمسلمون في كلّ مكان يترسَّمون خطاها ويفرحون بانتصاراتها العظيمة>. اﻫ

    وقال المودودي: <إنّ هذه لم تكن مطالبة لمنصب وزير المالية فقط، بل إنّها كانت مطالبة للدكتاتورية ونتيجة لذلك كان وضع سيّدنا يوسف عليه السلام يشبه جدًّا وضع موسوليني في إيطاليا الآن>. اﻫ [الشقيقان ص (20)].

    وقال: <إنّ سيّدنا يونس كانت قد صدرت منه بعض التقصيرات في تبليغ فريضة الرسالة>. اﻫ [الشقيقان ص (21)].

    وقال: <إنّ سيّدنا نوح عليه السلام أصبح مغلوبًا أمام نزواته وطغت عليه عاطفة الجاهلية>. اﻫ [الشقيقان ص (22)].


    وهذا هو إمامهم سيّد قطب يترك صلاة الجمعة، كما ذكره علي عشماوي في كتابه: <التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين> ص (112) حيث قال: <..وجاء وقت صلاة الجمعة، فقلت له: دعنا نقم ونصلي، وكانت المفاجأة أن علمت ـ ولأوّل مرّة ـ أنّه لا يصلي الجمعة. وقال: إنَّه يرى ـ فقهيًّا ـ أنّ صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة، وأنّه لا جمعة إلاّ بخلافة..>.

    وهذا ـ أخي الكريم ـ غيض من فيض. ومع تلك الطامَّات والانحرافات والضلالات من الكذب على الله والتحريف لشرعه وسبّ أنبيائه وتنقُّصهم والطعن في صحابة نبيِّنا عليه الصلاة والسلام، يبقى هؤلاء أئمَّة وقادة، ودعاة، وعلماء واقع، فكلّما ازدادوا ضلالاً، ازدادوا في أعين تابعيهم رفعةً وعلوًّا !!! فهل رأيت ـ أخي الكريم ـ انتكاس القوم في مفاهيمهم ؟!! إذن فاحمد الله على المعافاة والسلامة.
    !!!






    موقف جماعة الإخوان المسلمين من
    الأحزاب العلمانية وغيرها




    وأمّا موقف جماعة الإخوان المسلمين من الأحزاب العلمانية، والقومية، والبعثية، بل الأديان كاليهودية، والنصرانية، فهو موقف سلمي، بل أخوي.

    يدلّ على ذلك قول <البنا> أمام لجنة التحقيق البريطانية الأمريكية ـ لبحث قضية فلسطين ـ: <..إنّه لا يريد أن يتحدّث عن مشكلة فلسطين من النواحي السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، فقد طال فيها البحث، ولا حاجة إلى تكرار ما قيل.. والناحية التي سأتحدّث عنها؛ نقطة بسيطة من الوجهة الدينية.. فأقرّر أنّ خصومتنا لليهود ليست خصومة دينية، لأنّ القرآن الكريم حضّ على مصافاتهم، ومصادقتهم، والإسلام شريعة إنسانية قبل أن يكون شريعة قومية، وقد أثنى عليهم، وجعل بيننا وبينهم اتفاقًا..>. اﻫ انظر <الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ> (1/409 ـ 410).

    وقال <البنا> في أحد احتفالاتهم: <..وليست حركة الإخوان موجهة ضدّ عقيدة من العقائد، أو دين من الأديان، أو طائفة من الطوائف، ... ولا يكره الإخوان المسلمون الأجانب النُّزلاء في البلاد العربية والإسلامية، ولا يضمرون لهم سوءًا، حتى اليهود المواطنين لم يكن بيننا وبينهم إلاّ العلائق الطيِّبة>. اﻫ انظر <الطريق إلى الجماعة الأم> (ص 132).

    وقال يوسف القرضاوي في حديث لجريدة الراية ـ القطرية ـ عدد 4696: <إنّنا لا نقاتل اليهود من أجل العقيدة، وإنَّما من أجل الأرض..>. (انظر ملحق الوثائق).

    وقال <السباعي>: <فليس الإسلام دينًا معاديًا للنصرانية، بل هو معترف بها مقدّس لها.. والإسلام لا يفرق بين مسلم ومسيحي، ولا يعطي للمسلم حقًّا في الدولة أكثر من المسيحي، والدستور سينص على مساواة المواطنين جميعًا، في الحقوق والواجبات، ثمّ أقترح أربع مواد: (1) الإسلام دين الدولة الإسلامية، (2) الأديان السماوية محترمة ومقدسة، (3) الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية، (4) لا يحال بين مواطن وبين الوصول إلى أعلى مناصب الدولة بسبب الدين أو الجنس أو اللغة>. اﻫ [انظر: <الطريق إلى الجماعة الأم> ص (134)].

    قلت: سبحان الله ! أرأيت لو أنّ نصرانيًّا تولَّى سدَّة حكم المسلمين فإنّه والحال هذه سيكون حاكمًا شرعيًّا ـ في زعمهم ـ لا يجوز الخروج عليه، فما بالهم يجيزون الخروج على حكام المسلمين وهم لم يبلغوا مبلغ أولئك ؟!!

    وقال الغزالي في كتابه <ومن هنا نعلم> ص (150 ـ 153): <ومع ذلك التاريخ السابق فإنّنا نحبّ أن نمد أيدينا وأن نفتح آذاننا وقلوبنا إلى كلّ دعوة تؤاخي بين الأديان، وتقرب بين بنيها، وتَنْزِع من قلوب أتباعها أسباب الشقاق.
    إنَّنا نُقْبِل مرحبين على كلّ وحدة توجه قوى المتديِّنين إلى البناء لا الهدم، وتذكرهم بنسبهم السماوي الكريم، وتصرفهم إلى تكريس الجهود لمحاربة الإلحاد والفساد، وابتكار أفضل الوسائل لردّ البشر إلى دائرة الوحي بعد ما كادوا يفلتون منها إلى الأبد..، إننا نستريح من صميم قلوبنا إلى قيام اتحاد بين الصليب والهلال
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: القطبية هي الفتنة فاعرفوها

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 21.05.08 10:58

    بيد أنَّنا نريده تعاونًا بين المؤمنين بعيسى ومحمّد، لا بين الكافرين بالمسيحية والإسلام جميعًا>. اﻫ

    فهل سمعت ـ أخي الكريم ـ بهراء وحمق وسفه وضلال مثل هذا ؟!!

    ألم يقرأ هذا الأحمق قوله تعالى: }وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ{ [البقرة، آية: 120]. وقوله تعالى: }قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ{ [التوبة، آية: 29].

    وقوله عليه الصلاة والسلام: <أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ> مسلم (1/53)

    بل إنّ حكومة <الترابي> مطبقة لهذا المنهج حقّ التطبيق، إذ نائب الرئيس نصراني، وكثير من وزراء الدولة نصارى، وكذا كثير منهم في مجلس الشعب.

    واعلم ـ أيضًا ـ بأنّ قادة الجماعة من أئمة الدعاة إلى الاشتراكية، فما عليك إلاّ أن تقرأ <العدالة الاجتماعية> لسيّد قطب، و<الإسلام والاشتراكية> للغزالي، و<الإسلام المفترى عليه> له أيضًا، و<الاشتراكية الإسلامية> لمصطفى السباعي، وغيرها كثير.

    أمّا تكفير القطبيين للمجتمعات الإسلامية قاطبة، فهذا حدّث عنه ولا حرج، ويكفي شهادة أحدهم عليهم ألا وهو القرضاوي، حيث قال في كتابه <أولويات الحركة الإسلامية> ص (110): <في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد <سيّد قطب> التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، والتي تنضح بتكفير المجتمع، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي، والسخرية بفكرة تجديد الفقه، وتطويره، وإحياء الاجتهاد، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع، وقطع العلاقة مع الآخرين، وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافَّة..>. اﻫ

    ولقادة هذه الجماعات انحرافات كثيرة وكثيرة، ولو لا خشية الإطالة لنقلت لك ما سطّروه في كتبهم، ولكن أظنّ أنّ ما ذكرته هنا فيه كفاية لِمَن كان له قلب وعقل ودين، ليعلم فساد منهج هذه الجماعة، وكذا كثير من أفكار قادتها.

    فهل بعد هذا كلّه ـ أيها المصري ـ تجعل الخلاف بين الجماعات الإسلامية إنّما هو خلاف في الفروع، لا في الأصول ؟ بل تجعله من باب الاجتهادات السائغة ؟!!

    وانظر إلى ما قاله عبد العزيز بن ناصر الجليل، في كتابه <وقفات تربوية> ص (160 ـ 162)، بعد أن أخذ حسنة السلفيين، وهو منهجهم العقدي السليم، وحسنة الإخوان المسلمين ـ على فرض التسليم بأنَّها حسنة ـ وهو تنظيمهم، وسِرِّيَتهم، ومواجهتهم للمشاكل العصرية.

    ثمّّ بعد ذلك نصب منهجًا وهميًّا، جعله هدفًا له، أسماه ﺑ <المنهج السلفي> صبَّ عليه جام غضبه، مع العلم بأنّ ما ادعاه من النقص في ذلك المنهج، إنَّما هو في ذهنه فقط، ولا حقيقة له في الخارج، فسبحان الله وبحمده !!

    قال الجليل: <أي: أنَّنا نريد منهجًا دعويًّا، يقوم على سلفية المنهج وعصرية المواجهة. ونقصد بالسلفية: العودة بأصول الفهم والاستدلال إلى الكتاب والسنّة، وقواعد الفهم المعتبرة([1])، لدى أصحاب رسول الله r ومَن تبعهم بإحسان، وذلك لنتمكّن من خلال هذا المنهج من المواجهة السلفية المعاصرة لمشكلات عصرنا المتجدّدة، حيث لا نقصد بالسلفية: الوقوف فحسب عند القضايا العقدية، التي واجه بها سلفنا الصالح انحرافات عصرهم، وكانت فريضة الوقت يومئذ، ثمّ نتخلَّى عن المعارك الطاحنة التي تديرها الجاهلية في المجتمعات المعاصرة، حيث ضاعت إسلامية الراية وإسلامية النظم.

    إنّ السلفية الحقّة لا تقبل أن تستهدف الدعوة في بعض المواقع، تحرير العقائد من شرك الأموات، والتمائم، وتضرب صفحًا عن شرك الأحياء، والأوضاع، والنظم، والتي لا تقل عن شرك الأصنام، وكلا الشركين خطير.

    كما لا تقبل السلفية الحقّة أن تحارب التشبيه والتعطيل في صفات الله ـ عزّ وجلّ ـ وتقف عند ذلك ولا تعلن الحرب على تعطيل الشريعة، وتحكيم القوانين الوضعية، وفصل الدين عن الدولة.

    وإنّنا بهذا المنهج الشامل والسلفية المعاصرة، نسلم وتسلم عقيدتنا الثابتة من أيِّ خلط أو اهتزاز، كما هو الحاصل في هذه الأيام، ولكنّها الفتن نعوذ بالله منها ما ظهر منها وما بطن>. اﻫ

    وانظر إلى ما قاله محمّد محمّد بدري في مجلة <البيان> عدد (28) ص (15 ـ 18) بعنوان: <تحت راية أهل السنَّة والجماعة>: <وهي الجماعة التي ندعو فصائل الحركة الإسلامية إلى الالتزام بها، جماعة أهل السنّة، الجماعة العامَّة الواسعة.. ولا شكّ أنّ وجود هذا الصنف من الدعاة هو المقدّمة الصحيحة لتعميم مفاهيم <أهل السنّة والجماعة> في كلّ الحركة الإسلامية وإزالة الحواجز بين العاملين للإسلام، بحيث لا يتحرّج فرد من الانتساب إلى فصيل من فصائل الحركة الإسلامية والتعاون مع الآخر في الخير..إنّنا ندعوا كلّ إخواننا إلى العمل على تكامل فصائل الحركة الإسلامية



    ([1]) هل أفهم بأنّ هناك قواعد فهم لدى الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ غير معتبرة ؟!!

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 8:38