- حكم
- الجهاد المعاصر بين علماء السنة ودعاة الفتنة
- د. إبراهيم بن عبدالله المطلق
- لا خلاف في حكم الجهاد في سبيل الله تعالى وفضله
- وعلو درجة المجاهدين في سبيله تعالى، فقد تواترت النصوص في كتاب الله تعالى وسنة
- نبيه صلى الله عليه وسلم الفعلية والقولية والتقريرية، ومنهج سلف الأمة الصالح بين
- ظاهر في هذه المسألة، ولذا توارث أهل السنة والجماعة وضمن أصول معتقدهم أن الجهاد
- قائم إلى أن تقوم الساعة، يقول شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في رسالته
- إلى أهل القصيم: (والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أن
- يقاتل آخر هذه الأمة الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل).
- الخلاف في متى يجب الجهاد؟ ومتى لا يجب؟ ومتى
- يكون فرض عين؟ ومتى يكون واجباً عينياً في حق كل أحد، وهل يوجد جهاد على منهاج
- النبوة في عصرنا الحاضر؟ الحاجة ماسة جداً في عصرنا هذا لبيان هذه الأحكام حول
- مسائل الجهاد سيما وقد ظهر في الساحة الإسلامية وفي مجتمعاتنا من يصنفون بأنهم
- دعاة وعلماء ممن أفتى ولايزال يفتي الشباب ويغرر بهم في هذه المسألة ليزج بهم في
- فتن مدلهمة ومصائب عظيمة وأخطار جسيمة لا يعود ضررها وخطرها عليهم فحسب، وإنما
- يعود الضرر على الإسلام والمسلمين وهل جنى تنظيم القاعدة بجهاده المزعوم على أمة
- الإسلام إلا أصناف الفتن والشرور والمصائب.
- وبيان سماحته يستحق الإشادة والثناء وذكر فيشكر
- فسماحته هو الرجل الأول في المؤسسة الشرعية الرسمية في دولتنا المباركة وهو مكان
- ثقة ولاة الأمر حفظهم الله وهو من أهل الذكر الذين أمر الله جل في علاه بالرجوع
- إليهم وسؤالهم وأخذ العلم عنهم في قوله عز من قائل (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا
- تعلمون).
- نعم أود هنا أن أشيد ببيان سماحته - حفظه الله -
- لما تضمنه هذا البيان من القول الفصل والحق المبين في مسألة الجهاد الإسلامي
- المعاصر ولعلي استشهد دعماً لهذه الإشادة وتصديقاً لها بأقوال عدد من كبار علمائنا
- وأئمتنا أهل السنة ودعاة الحق من أمثال الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله
- تعالى والشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء حفظه الله تعالى وغيرهم كثير من
- دعاة الحق وممن بيّن الصواب في مسألة الجهاد المعاصر وحذروا من دعاة الفتنة
- وأوكارهم وأساليبهم في التغرير والتحريض.
- كلام الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في
- الصلح مع اليهود وأنه لا جهاد في هذا الزمن متضمناً رأيه في الجهاد المعاصر حيث
- يقول: (وهدنة غير مؤقتة يراها ولي الأمر ثم هو ولي الأمر ينظر بعد ذلك في قطعها
- وعدم قطعها كما قال ابن القيم - رحمه الله - وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من
- الشافعية والحنابلة وغيرهم وقال آخرون: لا تكون الهدنة إلا مؤقتة، كما فعل النبي
- صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة، والصواب إنها تجوز مطلقة إذا رؤي المصلحة.. وإذا
- رأى ولي أمر المسلمين في أي بلد - بالولي العام ولي أمر في الرياض، في مكة، في
- المغرب - إذا كان مسلماً يتقي الله - إذا رأى المصلحة في ذلك ودفع الشر عن
- المسلمين، هذا وتكون غير مؤقتة (ثم إذا أراد قطعها) نبذ إليهم.
- أحد الحضور: طيب إذا كانت - الله يغفر لك إذا
- كانت هذه المعاهدة وهذا السلام سيعطل الجهاد لا محالة..
- أجاب الشيخ ابن باز رحمه الله قائلاً: وين
- الجهاد وين الجهاد؟؟!! ويقول الشيخ محمد ابن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: (إنه
- في عصرنا الحاضر يتعذر القيام بالجهاد في سبيل الله بالسيف ونحوه، لضعف المسلمين
- مادياً ومعنوياً، وعدم إتيانهم بأسباب النصر الحقيقية، ولأجل دخولهم في المواثيق
- والعهود الدولية، فلم يبق إلا الجهاد بالدعوة إلى الله على بصيرة).
- ويقول أيضاً - رحمه الله - جواباً عن السؤال
- التالي: ما رأيكم فيمن أراد أن يذهب إلى البوسنة والهرسك؟ (أرى أنه في الوقت
- الحاضر لا يذهب إلى ذلك المكان، لأن الله عز وجل إنما شرع الجهاد مع القدرة: وفيما
- نعلم من الأخبار - والله أعلم - إن المسألة فيها اشتباه من حيث القدرة. صحيح أنهم
- صمدوا ولكن لا ندري حتى الآن كيف يكون الحال! فإذا تبين الجهاد واتضح، حينئذ نقول:
- إذهبوا).
- وقال أيضاً:
- (ولهذا لو قال لنا قائل الآن: لماذا لا نحارب
- أمريكا وروسيا وفرنسا وانجلترا؟! لماذا؟! لعدم القدرة. الأسلحة التي قد ذهب عصرها
- عندهم هي التي في أيدينا، وهي عند أسلحتهم بمنزلة سكاكين الموقد عند الصواريخ. ما
- تفيذ شيئاً. فكيف يمكن أن نقاتل هؤلاء؟)
- وقال أيضاً رحمه الله: (ولهذا أقول: إنه من
- الحمق أن يقول قائل إنه يجب علينا أن نقاتل أمريكا وفرنسا وإنجلترا وروسيا! كيف
- نقاتل؟ هذا تأباه حكمة الله عز وجل. ويأباه شرعه. لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر
- الله به عز وجل "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، هذا الواجب علينا أن
- نعد لهم ما استطعنا من قوة، وأهم قوة نعدها هي الإيمان والتقوى).
- وهذا مقتطف من بيان سماحة المفتي وفقه الله حيث
- يقول: من عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ إلى عموم إخوانه المسلمين:
- فإن الله قد أوجب على المسلمين التناصح فيما
- بينهم والتواصي بالحق، يقول الله تعالى "وتواصوا بالحق"، ويقول النبي
- صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
- وإني من باب الشفقة على شبابنا، والنصحية لأئمة
- المسلمين وعامتهم، رأيت أن أكتب هذه الكلمة بعدما لوحظ منذ سنوات خروج أبنائنا من
- البلاد السعودية إلى الخارج قاصدين الجهاد في سبيل الله، وهؤلاء الشباب لديهم
- حماسهم لدينهم وغيرة عليه، لكنهم لم يبلغوا في العلم مبلغاً يميزون به بين الحق
- والباطل، فكان هذا سبباً لاستدراجهم والإيقاع بهم من أطراف مشبوهة، فكانوا أداة في
- أيدي أجهزة خارجية تعبث بهم باسم الجهاد، يحققون بهم أهدافهم المشينة، وينفذون بهم
- مآربهم، في عمليات قذرة هي أبعد ما تكون عن الدين، حتى بات شبابنا سلعة تباع
- وتشترى لأطراف شرقية وغربية، لأهداف وغايات لا يعلم مدى ضررها على الإسلام وأهله
- إلا الله عز وجل.
- وقد سبق أن حذرنا وحذر غيرنا من الذهاب للخارج
- بهذه الحجة؛ لأن الأوضاع كانت مضطربة، والأحوال ملتبسة، والرايات غير واضحة، وقد
- ترتب على عصيان هؤلاء الشباب لولاتهم ولعلمائهم وخروجهم لما يسمى بالجهاد في
- الخارج مفاسد عظيمة.
- هذه جملة من أقوال المرجعية الشرعية لهذا البلد
- الكريم والذين كلهم معروفون بالرسوخ في العلم والفقه في الدين وسلامة المعتقد
- والمنهج وحسن الولاء لولاة الأمر.
- بعض من رموز دعاة الفتنة حينما يقترح شخص ما
- وجوب التحذير من مثل هذه الأفكار الوافدة والجماعات الحزبية ينبري مدافعاً بكل ما
- أوتي من قوة عن هذه الجماعات وتلكم الأفكار "هذه الجماعات نفع الله بها"
- ليقرر مباشرة وفي اقتراح بديل وجوب التصدي للمرجئة والرافضة وغيرهم - زعم - وهل
- معاناتنا طيلة سنوات المحنة التي عشناها مع من يسمون المرجئة أم مع الرافضة بل هل
- يوجد بيننا فرقة يعتقدون الارجاء علناً بمعنى يستحلون فعل الكبائر والمنكرات
- ويبيحون ذلك ويفتون به بدليل انه لا يضر مع الإيمان ذنب؟! لم اسمع بوجود مثل هذه
- الفرقة وأظن ذكرها ومحاولة التحذير منها في مقابل مواجهة الهجوم العنيف على فكر
- الحزبيين - الإخواني - وفضح أوكارهم ومحاضنهم ومؤسساتهم.
- هذا الداعية الكبير والعالم الجليل قدم له
- التنظيم الحزبي أعظم خدمة في التاريخ حيث أصبح علماً يشار إليه في صفوفهم ويتواصون
- بالرجوع إليه والصدور عن فتاواه وقد شوهد في عدد من معارض الكتاب يبحث عن كتب
- مؤسسي الفكر الحزبي في زوايا الادراج، كما شهد عليه بمواصلة التصدي للفتوى بوجوب
- الجهاد في العراق وغير العراق سراً حينما يستفتيه بعض من غلو بمحبته وتجاوزا الحد
- في ذلك كم شهد عليه أيضاً بالذهاب إلى أسر وعائلات من يفجرون أنفسهم في بعض
- البلدان والبلدان المجاورة وغير المجاورة ليواسيهم ويبشرهم بأن أبناءهم قد فازوا
- بدرجة الشهادة فهم أحياء عند ربهم يرزقون وكأنه تلقى هذه البشارة وحياً ربانياً أو
- خبراً سماوياَ!!.
- أصابع الاتهام ومن قبل عدد من الموقوفين أمنياً
- أدانت مثل هذا العالم بالاسم في التحريض والتغرير بالناشئة من خلال فتاواه وأشرطته
- ودروسه فلم لا يوقف على أقل الأحوال عن النشاط الدعوي والدروس ويكف شره عن
- الآخرين؟!!.
- كما يجب الإيقاف في حق كل من اشارت إليه تلكم
- الاصابع بالتورط في تغرير الناشئة وأؤكد انه ما زال يوجد عدد من المشاهير جادين في
- التغرير بالناشئة وتحريضهم على الخروج للجهاد في بلدان أخرى ولعل من أهدافهم تدريب
- الناشئة عسكرياً كما حصل لسابقيهم في معسكرات أفغانستان ليعودوا بفتنة جديدة على
- أوطانهم ومجتمعاتهم!!.
- شهدت بنفسي أحد كبار رموز التنظيم الحزبي في
- محاضرة له في موسم الحج والحضور بأمس الحاجة لفقه أحكام حجهم ومناسكهم أتدرون ما
- عنوان محاضرته حفظه الله؟!! انها عن الجهاز في العراق وفضله واحصائية بعدد قتلى
- العدو المحتل... إلخ فما تعليقكم الكريم؟!!.
- سؤال فرض نفسه هنا الكثير من دعاتنا وخطبائنا
- ومعلمينا وتربويينا وأساتذة جامعاتنا ما رأيهم في الجهاد الإسلامي المعاصر وما
- تعليقهم على بيان سماحته حفظه الله وفتاوى كبار العلماء؟!! وما دورهم في الاستفادة
- منه في منابرهم ومؤسساتهم وقاعاتهم الدراسية؟!!.
- وزارة الشؤون الإسلامية تشكر على تعميمها مباشرة
- على خطبائها وحثهم بالاشادة ببيان سماحته ومن امتثل من الخطباء واستجاب لتوجيه
- الوزارة فله كل الشكر والثناء على امتثاله وتجاوبه ومن لم يستجب فدلالة عدم قناعته
- بالبيان لمخالفته لفكره وتوجهاته وهنا يكون قد أدان نفسه وهنا يجب حماية المجتمع
- وبخاصة الشباب من فكره وآرائه كما تجب مساءلته عن رفضه لتوجيه الوزارة!!.
- اعتقد مع أهمية بيان سماحة المفتي حفظه الله إلا
- انه لم ينل حقاً وافياً من الاشادة والتأكيد والمتابعة وهنا يرد سؤال ملح أين جهود
- المؤسسات الرسمية الأخرى تعليمية أو اعلامية أو غيرها في المساهمة في تفعيل
- والاشادة بهذا البيان العظيم؟!! ألا يجب أن تعمم جميع مؤسساتنا الرسمية هذا البيان
- على جميع منسوبيها وافرادها لتصل فائدته إلى أكبر شريحة في مجتمعنا؟!! ولأن بعضاً
- من مؤسساتنا مخترقة فكرياً ممن قد لا يروق له البيان وما ورد فيه فيجب في نظري بعد
- التعميم المتابعة والمساءلة من جهات الاختصاص!!.
- بقي على ناشئتنا الامتثال السريع لمثل هذا
- التوجيه من عالم كبير ومراجعة النفس وتحكيم الشرع والعقل قبل الزج بالنفس في
- المهالك بحثاً عن الجنة وعشقاً للحور العين وكيف يتأتى ذلك مع معصية الله ورسوله
- فعلماؤنا هم المبلغون عن الله ورسوله وكيف يتأتى ذلك مع عقوق الوالدين وقد أمر
- الله ببرها ومنع نبي الهدى رجلاً من الجهاد في سبيل الله معه من أجلهما.
- فليحذر شبابنا عشاق الجنة من دعاة الفتنة الذين
- همهم الزج بأبناء الآخرين فقط ولأهداف ومصالح ذاتية في مثل هذه الفتن والمصائب ولو
- افتقد أحدهم ابنه أو وجد له رسالة توديعية بحثاً عن الشهادة لأقام الدنيا ولم
- يقعدها: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن
- تقولوا ما لا تفعلون) ثم يا معاشر شبابنا الغيور هل سأل أحدكم من أفتى له بوجود
- الجهاد المعاصر ليزج به في عملية انتحارية ما الذي أقعده هو عن الجهاد؟!! لماذا
- يفتي للآخرين ولا يعمل هو وأولاده وأقاربه بفتواه وما السر في ذلك؟!!
- والله من وراء القصد...
- جريدة الرياض - السبت 8 شوال 1428هـ - 20 أكتوبر
- 2007م - العدد 14362
حكم الجهاد المعاصر بين علماء السنة ودعاة الفتنة
أبو عبد الله أحمد بن نبيل- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 2798
العمر : 48
البلد : مصر السنية
العمل : طالب علم
شكر : 19
تاريخ التسجيل : 27/04/2008
- مساهمة رقم 1