خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تيسير الأحكام المتعلقة بالميت (الدرس الثالث)

    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية تيسير الأحكام المتعلقة بالميت (الدرس الثالث)

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 17.11.08 12:06

    س5: ما يجب على أقارب الميت ؟
    الجواب:
    (1) يجب على أقارب الميت حين يبلغهم خبر وفاته أمران:
    الأول:الصبر والرضا بالقدر:
    لقوله تعالى:﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)[البقرة:155– 157]ولحديث أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ t :((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e أَتَى عَلَى امْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا، فَقَالَ: " لَهَا اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي" فَقَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي! قَالَ:وَلَمْ تَعْرِفْهُ!فَلَمَّا ذَهَبَ قِيلَ لَهَا: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ e! فَأَخَذَهَا مِثْلُ الْمَوْتِ، فَأَتَتْ بَابَهُ فَلَمْ تَجِدْ عَلَى بَابِهِ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ:" إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ أَوَّلِ الصَّدْمَةِ"))([1]).
    والصبر على وفاة الأولاد له أجر عظيم، وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة أذكر بعضها:
    (1) ((ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله وأبويهم الجنة بفضل رحمته، قال: ويكونون على باب من أبواب الجنة، فيقال لهم : ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يجيء أبوانا، فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم بفضل رحمة الله))([2]).
    (2) ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ كَانُوا حِجَابًا مِنْ النَّارِ)).قَالَتْ:امْرَأَةٌ:وَاثْنَانِ؟ قَالَ:(وَاثْنَانِ) ([3]).
    الثاني: الاسترجاع، وهو أن يقول (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) للآية المتقدمة، ويزيد عليه قوله:
    ((اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا))؛ لحديث أُمِّ سَلَمَةَ-رضي الله عنها-في صحيح مسلم وغيره([4]).
    (1) ولا ينافي الصبر أن تمتنع المرأة من الزينة كلها:
    ولا ينافي الصبر أن تمتنع المرأة من الزينة كلها حداداً على وفاة ولدها أو غيره، إذا لم تزد على ثلاثة أيام؛ إلا على زوجها، فتحدّ أربعة أشهر وعشراً، لحديث زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ:((دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ e فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَقُولُ:((لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)).
    ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ بِهِ ثُمَّ قَالَتْ: مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e: ... )). فذكرت الحديث([5]).
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1])) أخرجه البخاري (3/ 115- 116) ومسلم(3/40-41)والبيهقي (4/65)والسياق له .
    [2])) أخرجه النسائي (1/ 265) والبيهقي (4/68) وغيرهما عنه ، وسنده صحيح على شرط الشيخين من حديث أبي هريرة t.
    [3])) أخرجه البخاري (3/94) ومسلم والبيهقي (4/67) عن أبي سعيد الخدري t.
    [4])) أخرجه مسلم (3/37) والبيهقي (4/65) وأحمد (6/309).
    [5])) أخرجه البخاري (3 / 114، 9 400/400- 401).
    avatar
    الشيخ أبو مريم العابديني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 173
    العمر : 49
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 06/08/2008

    الملفات الصوتية رد: تيسير الأحكام المتعلقة بالميت (الدرس الثالث)

    مُساهمة من طرف الشيخ أبو مريم العابديني 17.11.08 12:09

    (3) ولكنها إذا لم تحد على غير زوجها، إرضاء للزوج وقضاء لوطره منها، فهو أفضل لها، ويرجى لهما من وراء ذلك خير كثير كما وقع لأم سليم وزوجها أبي طلحة الأنصاري-رضي الله عنهما-،عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ:((كَانَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ: أُمُّ سُلَيْمٍ هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ! فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ وَارُوا الصَّبِيَّ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ e فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا ..... الحديث))([1]).
    س6: ما يحرم على أقارب الميت؟
    الجواب: لقد حرم رسول الله eأموراً كان ولا يزال بعض الناس يرتكبونها إذا مات لهم ميت، فيجب معرفتها لاجتنابها، فلا بد من بيانها:
    (1) النياحة ([2]): وفيها أحاديث كثيرة، منها قوله e:((اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ))([3]).
    (2) ضرب الخدود، وشق الجيوب: لقوله e:((لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ))([4]).
    (3) حلق الشعر: لحديث أَبي بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى قَالَ:(( وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَصَاحَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ e، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ e بَرِئَ مِنْ الصَّالِقَةِ([5])، وَالْحَالِقَةِ، وَالشَّاقَّةِ))([6]).
    (4) نشر الشعر: لحديث امْرَأَةٍ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ قَالَتْ:((كَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ e فِي الْمَعْرُوفِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَعْصِيَهُ فِيهِ، أَنْ لَا نَخْمُشَ وَجْهًا، وَلَا نَدْعُوَ وَيْلًا، وَلَا نَشُقَّ جَيْبًا، وَأَنْ لَا نَنْشُرَ شَعَرًا))([7]).
    (5) إعفاء بعض الرجال اللحية أياماً قليلة حزناً لا سنة إيجاب: فإذا مضت عادوا إلى حلقها! فهذا الإعفاء في معنى نشر الشعر كما هو ظاهر، يضاف إلى ذلك أنه بدعة، وقد قال e:((كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ))([8])، علماً بأن التزين بحلقها كما يفعل الأكثرون معصية ظاهرة باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم لمخالفتها لأنواع من الأدلة الشرعية.
    (6) الإعلان عن موته على رؤوس المنائر ونحوها: لأنه من النعي([9])، وقد ثبت عَنْ حُذَيْفَةَ t أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَاتَ لَهُ مَيِّتٌ قَالَ:((لَا تُؤْذِنُوا بِهِ أَحَدًا، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْيًا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَنْهَى عَنْ النَّعْيِ))([10]ويجوز إعلان الوفاة إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية، وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ t:(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا.. )) الحديث([11]ويستحب للمخبر أن يطلب من الناس أن يستغفروا للميت لقوله e في قصة صلاته على النجاشي:((استغفروا لأخيكم)).
    قلت: (يعنى العلامة الألباني-رحمه الله- فقول الناس في بعض البلاد: ((الفاتحة على روح فلان، مخالف للسنة المذكورة، فهو بدعة بلا شك، لا سيما وأن القراءة لا تصل إلى الموتى على القول الصحيح كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1])) رواه البخاري (3/ 132- 133) ومسلم (6/ 174- 175 ) مختصرا مقتصرا على قصة وفاة الصبي .
    ([2]) هو أمر زائد على البكاء. قال ابن العربي: ((النوح ما كانت الجاهلية تفعل، كان النساء يقفن متقابلات يصحن، ويحثين التراب على رؤوسهن ويضربن وجوههن)) نقله الأبي على ((مسلم)).
    [3])) رواه مسلم (1/58) والبيهقي ( 4 / 63 ) وغيرهما من حديث هريرة t.
    [4])) رواه البخاري ( 3 / 127 - 128 ، 129 ) ومسلم ( 1 / 70 ) وابن الجارود ( 257 ) والبيهقي ( 4 / 63 - 64 ) وغيرهم من حديث ابن مسعود t .
    ([5]) هي التي ترفع صوتها عند الفجيعة بالموت.
    [6])) أخرجه البخاري (3/129) ومسلم (1/70) والنسائي (1/ 263) والبيهقي ( 4 / 64 ) .
    [7])) أخرجه أبو داود ( 2 / 59 ) ومن طريقه البيهقي ( 4 / 64 ) بسند صحيح .
    [8])) رواه النسائي والبيهقي في "الأسماء والصفات"بسند صحيح عن جابر t
    [9])) والنعي لغة : هو الإخبار بموت الميت ، فهو على هذا يشمل كل إخبار ،ولكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدل على جواز نوع من الإخبار ، وقيد العلماء بها مطلق النهي ، وقالوا : إن المراد بالنعي الإعلان الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من الصياح على أبواب البيوت والأسواق كما سيأتي.
    [10])) أخرجه الترمذي (2/ 129 ) وحسنه ، وابن ماجه ( 1 / 450 ) وأحمد ( 5 / 406 ) والسياق له والبيهقي ( 4 / 74 ) ، وأخرج المرفوع منه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 97 ) وإسناده حسن كما قال الحافظ في " الفتح " .
    [11])) أخرجه الشيخان وغيرهما.

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 5:49