تاسعا: جدال لقلب الحقائق
هذه العبادة التي لم تثبت في السنة، والتي هي معتقد إمامهم، والتي خبرها باطل
قد يأتي الشاويش بالتهويش ليثبت هذا الباطل ويجادل بالباطل ليدحض به الحق
الثابت في قول النبي صلى الله عليه وسلم : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد». متفق عليه
من حديث عائشة.
وقال تعالى:
أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم
يأذن به الله
[الشورى: 21].
قلت: ولكن الطرقية - كما بينا آنفا - يقلبون الحقائق في الاعتقاد والحديث.
{{ عاشرا: مجمع البحوث الإسلامية وهزيمة الشاويش والطريقة العزمية {{
لقد بين مجمع البحوث الإسلامية، وهو أكبر مؤسسة علمية في الأزهر الشريف أن
قصة شرب بول النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك به مرفوضة جملة وتفصيلا، ولقد نشرت ذلك جريدة
«الأهرام في عددها (44008) حيث جاء فيها: «أكد مجمع البحوث الإسلامية في جلسته
رفضه الفتوى جملة وتفصيلا مما دعا الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية إلى سحب
جميع نسخ كتابه المتضمنة تلك الفتوى وغيرها من الأسواق ؛ حيث سيقوم بحذف هذه
الفتوى ومراجعته مرة أخرى». اهـ.
ثم نشرت جريدة «الجمهورية» في عددها (19520): «أكد الدكتور علي جمعة مفتي
الجمهور أمس إصراره على فتوى البول رغم مناقشات مجمع البحوث الإسلامية معه على
مدى جلستين ساخنتين انتهت بإعلان المجمع اعتذار المفتي وسحب الكتاب المتضمن
الفتوى من الأسواق».
{{ الحادي عشر: جدال بغير علم لقلب الحقائق {{
لقد بينت آنفا تعبد العزمية بخبر موضوع واه مكذوب وخدمة لفتوى إمامهم ممكن أن
يقوم الشاويش بعملية تهويش حتى يخيل للمفاليس أنه حديث، وهذا ما فعله مع قصة
شرب بول النبي صلى الله عليه وسلم على مدى حلقتين كاملتين في مجلة الطرقية - المسماة بالعزمية -
التي تتعبد لله بالأحاديث الواهية في عدد رجب وشعبان 1428هـ، ومن إفكهم جعلهم
عنوان الحلقتين: «الشيخ الشاويش ينصف (فضيلة المفتي) ويفحم علي حشيش»، وأنا
أتساءل: لماذا لم تكتب الطرقية العنوان: «الشيخ الشاويش ينصف (فضيلة المفتي)
ويفحم مجمع البحوث الإسلامية»!!
إنهم من إفكهم يريدون بفتنتهم أن يجعلوها قضية أشخاص، والقضية قضية قصة واهية
منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، ألا وهي قصة شرب بول النبي صلى الله عليه وسلم والتي بينا على مدى حلقتين في
جمادى الآخرة ورجب 1428هـ عوارها وفساد طرقها، وبينت عللها من سقط في أسانيدها
وطعن في رواتها من متروكين ومجهولين، وهذا برهان لرفض مجمع البحوث الإسلامية في
قصة شرب بول النبي صلى الله عليه وسلم جملة وتفصيلا، ولكن هؤلاء الطرقية كما بينا آنفا يجادلون
بغير علم لقلب حقائق الاعتقاد، كذلك يجادلون بغير علم لقلب حقائق الإسناد، وإلى
القارئ الكريم جدال الشاويش للتهويش:
1- كتب الشاويش في مجلة العزمية عدد شعبان 1428هـ (ص54، 55) تسعة وخمسين سطرا
تحت عنوان: «الحافظ الهيثمي عمدة في التصحيح والتضعيف عند معاصريه ومتأخريه».
2- قلت: وهذا العنوان لا يسمن ولا يغني عند أصحاب علم الحديث التطبيقي الذين
لهم دراية بالرجال والعلل للأسباب التالية:
1- أن الهيثمي أورد قصة «شرب أم أيمن بول النبي صلى الله عليه وسلم » في «المجمع» (8/271) وقال:
«رواه الطبراني وفيه أبو مالك النخعي وهو ضعيف». اهـ. ونسأله: هل هذه العبارة
من الهيثمي تجعل الباحث يجزم بدرجة الحديث.
2- قول الهيثمي: «وفيه أبو مالك النخعي وهو ضعيف».
قلت: لم يبين الهيثمي درجة هذا الضعف، هل هو ضعف خفيف يصلح للمتابعات والشواهد
أم هو ضعف شديد لا يصلح للمتابعات والشواهد، وبغير الوقوف على درجة الضعف لا
يستطيع الباحث أن يجزم بدرجة الحديث.
3- الهيثمي رحمه الله من الحفاظ المتأخرين (735هـ- 807)، ولا ينبغي لمن تصدى
لهذا العلم الشريف الاقتصار على كلام الحفاظ المتأخرين ضاربا بأقوال الأئمة
المتقدمين عرض الحائط، ذاهلا عن البحث في تصانيفهم، بل يجب العناية بكتب
الأصول وأمهات كتب التراجم لأئمتنا المتقدمين فإنهم كانوا بالعهد النبوي أقرب
من غيرهم، ولطرق الحديث وعلله، ومشافهة المشايخ وسبر أحوالهم أعلم ممن جاءوا من
بعدهم.
4- لقد بينا في عدد جمادى الآخرة أن علة قصة شرب أم أيمن بول النبي صلى الله عليه وسلم هي عبد
الله بن الحسين أبو مالك النخعي.
وأبو مالك النخعي قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (2/468) من السابعة. قلت:
والسابعة من طبقة أتباع التابعين، فأين الهيثمي من هذه الطبقة فبينه وبينها
مفاوز وقرون.
5- وطبقة أتباع التابعين الذي شافهها وسبر حالها يكون من نفس الطبقة أو من طبقة
الآخذين عن تبع الأتباع ومنهم الإمام النسائي الذي ولد سنة (215هـ)، وبالمقارنة
بين الإمام النسائي والحافظ الهيثمي نجد أن بينهما أكثر من خمسمائة سنة.
6- لذلك نجد الإمام النسائي سبر حال أبي مالك النخعي ويعرف حاله جيدا، فقال في
كتابه «الضعفاء والمتروكين» ترجمة (383): «عبد الملك بن الحسين أبو مالك
النخعي: متروك». اهـ.
7- الحافظ ابن حجر في مقدمة كتابه «التقريب» بين منهجه فيه فقال: «إني أحكم على
كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ما قيل فيه، وأعدل ما وصف به بألخص عبارة
وأخلص إشارة بحيث لا تزيد كل ترجمة عن سطر واحد غالبا، يجمع اسم الرجل
واسم أبيه وجده ومنتهى أشهر نسبته ونسبه وكنيته ولقبه مع ضبط ما يشكل من ذلك
الحروف ثم صفته التي يختص بها من جرح وتعديل، ثم التعريف بعصر كل راو منهم».
اهـ.
8- التطبيق في «التقريب» (2/468) قال الحافظ ابن حجر: «أبو مالك النخعي الواسطي
اسمه عبد الملك... متروك من السابعة». اهـ.
قلت من (7، 8) يتبين أن أصح ما قيل في أبي مالك النخعي أنه متروك كما قال من
سبر حاله الإمام النسائي بأنه متروك.
9- وهذا المصطلح عند الإمام النسائي له معناه، ولقد بينه الحافظ ابن حجر في
«شرح النخبة» (ص191) حيث قال: «ولهذا كان مذهب النسائي ألا يترك حديث الرجل حتى
يجتمع الجميع على تركه». اهـ.
10- فإذا قال الهيثمي في أبي مالك النخعي «ضعيف» فالمرجع للإمام النسائي في
معرفة درجة الضعف بأنه ضعف شديد لقول الإمام النسائي متروك.
11- ولكن الشاويش أكثر من التهويش في تسعة وخمسين سطرا لم يذكر فيها دقة هذا
التحقيق بأن أبا مالك النخعي ضعيف ضعفا شديدا لا يصلح للمتابعات والشواهد،
وأكثر الجدال ليقلب حقائق الرجال ولم يذكر قول الإمام النسائي الذي سبر حال أبي
مالك النخعي ووقف أمام قول الهيثمي ظنا منه أنه سيجد لقصة أم أيمن شاهدا أو
متابعا.
12- ثم ذهب ليجادل مرة أخرى بغير علم في قول يحيى بن معين في أبي مالك النخعي:
«ليس بشيء»، وقال: الشاويش معناه: «لم يرو حديثا كثيرا».
قلت: وهذا أيضا من الغش والتدليس ؛ لأن «ليس بشيء» لم تكن له حالة واحدة، فمن
تتبع «تاريخ ابن معين» والكتب التي نقلت من «التاريخ» يجد أن قول ابن معين في
الراوي «ليس بشيء» يستعمل على ست حالات:
الأولى: يقول ذلك في الكذابين والمتروكين كما في القاسم بن عبد الله بن عمر
العمري، قال مرة: «ليس بشيء»، وقال مرة: «كذاب» (3/371) «الميزان».
الثانية: يطلق قوله: «ليس بشيء على أهل الغفلة والاضطراب.
الثالثة: يقول ذلك على المبتدعة: كما قال في محمد بن ميسرة الجعفي كان جهميا
وليس هو بشيء كان شيطانا من الشياطين.
الرابعة: وقد يقول هذا على من هو مقل في روايته.
الخامسة: وقد يقول ذلك يعني بعض حديث الرجل.
السادسة: ويقول هذا على من لا يعرفه.
قلت: والذي يرجح هذه الحالات هو القرائن، وبتطبيق هذه الحالات على أبي مالك
النخعي تنطبق عليه الحالة الأولى للقرينة من قول الإمام النسائي متروك، ومعنى
مصطلح متروك عند النسائي بيناه آنفا، وبهذا تظهر شدة ضعف القصة من كتب الأصول
وأمهات كتب التراجم لأئمتنا المتقدمين، وهذا الضعف الشديد لا يصلح معه متابعات
ولا شواهد.
وجادل الشاويش بالباطل ليدحض به الحق في قول الأئمة المتقدمين، والذي به تظهر
أن قصة شرب أم أيمن لبول النبي صلى الله عليه وسلم واهية منكرة.
13- جدال الشاويش بغير علم حول قصة شرب بركة لبول النبي صلى الله عليه وسلم وهي قصة غريبة غرابة
مطلقة كما بينا آنفا لم يروها إلا أميمة بنت رقيقة ولم يروها عن أمية إلا
ابنتها حكيمة تفرد عنها ابن جريج.
وقال الذهبي في «الميزان» (4/606): «حكيمة عن أمها أميمة بنت رقيقة تفرد عنها
ابن جريج». اهـ.
وليراجع قول الحافظ في «المقدمة» لبيان منهجه وقد ذكرناه آنفا، بهذا يتبين أن
حكيمة بنت أميمة لم يرو عنها إلا راو واحد ولم توثق وبعلم المصطلح التطبيقي
تكون «مجهولة العين» كما فصلناه آنفا وأنها لا تصلح للمتابعات والشواهد.
فالقصة أيضا واهية لا تصلح لها قصة أم أيمن لأنها تزيدها ضعفا على ضعف.
14- تدليسه وغشه وجداله حول قصة وضع قدح البول تحت سرير النبي صلى الله عليه وسلم ، وبينا أن
الحديث الثابت هو حديث عبد الله بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينقع بول في طست
في البيت، فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول ينقع». اهـ.
وبهذا الحديث الثابت تصبح قصة وضع بول النبي صلى الله عليه وسلم وشربه قصة منكرة كما بينا آنفا.
15- ومن تهويش الشاويش وقلبه للحقائق ومن إفكه قوله: «أسماء الحفاظ الأعلام من
فقهاء الأمة ومحدثيها القائلين بالشواهد والمتابعات لقصة شرب بول النبي صلى الله عليه وسلم ممن
صححوا القصة قال:
أ- الإمام أبو داود وهذا كذب على الإمام أبي داود.
ب- الإمام النسائي، وهذا كذب على الإمام النسائي.
جـ- الإمام الذهبي في «التلخيص»، وهذا كذب على الإمام الذهبي. إلى غير ذلك ممن
ذكر أسماءهم ليدلس على الناس ويقلب الحقائق التي استبانت لمجمع البحوث
الإسلامية فرفض فتوى قصة شرب بول النبي صلى الله عليه وسلم جملة وتفصيلا كما بينا آنفا.
16- وآخر تهويش الشاويش ما كتبه في السطر (290): «وأخيرا أقول لهم: «إذا كان
المسجد الحرام قبلة المسلمين في الصلاة فإن الجامع الأزهر وعلماءه الكرام قبلة
المسلمين في العلم رغم أنف كل مكابر». اهـ.
نقول للشاويش ما هذا الغش والتهويش، إن أعلى هيئة في الجامع الأزهر وعلمائه
الكرام هو «مجمع البحوث الإسلامية» الذي رفض فتوى قصة شرب بول النبي صلى الله عليه وسلم جملة
وتفصيلا، كما بينا آنفا، وبينت الصحف التي ذكرناها آنفا.
إن الدكتور علي جمعة مفتي الجمهور أكد أمس إصراره على فتوى البول رغم مناقشات
مجمع البحوث الإسلامية معه على مدى جلستين ساخنتين انتهت بإعلان المجمع اعتذار
المفتي وسحب الكتاب المتضمن للفتوى من الأسواق... جدد المفتي مفاجأة الإصرار
على الفتوى وقال: «إن الرسول بشر لكن جسمه ليس كأجساد البشر، وكذلك فضلاته فهو
سوبرمان». اهـ. جريدة الجمهورية 22 جمادى الأولى 1428هـ.
قلت: فأين قول الشاويش: «الجامع الأزهر وعلماؤه الكرام قبلة المسلمين في العالم
رغم أنف كل مكابر».
فمن المكابر الذي لا يرضى بمجمع البحوث الإسلامية؟ ومن الذي كتب عنوانا على
غلاف مجلة «الإسلام وطن» يقول فيه: «الشيخ الشاويش ينصف فضيلة المفتي ويفحم علي
حشيش». ومن الذي خرج على أعلى مؤسسة بالأزهر الشريف ألا وهي «مجمع البحوث
الإسلامية»، وما قدمناه من بحوث علمية حديثية فهو إنصاف لمجمع البحوث
الإسلامية وهزيمة الشاويش والعزمية.
كفاكم قلب للحقائق في الاعتقاد والإسناد.
هذا ما وفقني الله إليه وهو وحده من وراء القصد.
نقلاً عن
http://www.altawhed.com/Detail.asp?InNewsItemID=238220