للتحميل اضغط هنا
المقدمة وفيها الباعث على الطرح
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } سـورة " آل عمران " الآيـة (102) .
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } سـورة " النسـاء " الآيـة (1) . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } سـورة "الأحزاب" الآيـة (70 - 71) .
،،، أما بعد ،،،
ابتداءً ينبغي أن نقرر ها هنا حقيقة لا تخفى على بصير، هذه الحقيقة متمثلة في فقر أمة الإجابة - فضلاً عن الأخرى- الآن من العلماء، وكان لغيابهم في بعض الأقطار الأثر البالغ في انحراف أهله؛ مما ولّد من الشرور الكثير وأسفر عن شبهات، تناثرت هنا وهناك، باحثة عمن يردّها إلى مهدها، أو يهدمها على أهلها، كما أسفر غيابهم عن شهوات مسعورة وأهواء محمومة، تلتهم كل فضيلة، وتهتك كل ستر وخبيئة .
وليت الأمر وقف عند هذا الحدّ بل وجد عندهم ممن ينتسبون إلى العلم، وحظهم منه النزر اليسير، لم يأخذوا منه بنصيب، ولم يتفننوا في علومه ويغوصوا في بحوره وينقبوا عن كنوزه، فضلاً عن الوقوف على أصوله، زيّنوا للمبطلين باطلهم، وشجعوا الضلال على ضلالهم وأمدوهم في غيهم .
هذا كله مع طغيان إلف العادة، وتعظيم إرث الآباء والأجداد، مع ما شاب ذلك من تشويه صورة الأخيار الأطهار وتسلط السقطة الأغمار .
فنتج عن هذا الخليط الفاسد، ضلال أفهام، وتشتت أذهان، وتخبط من بعض الأحداث، وتولد عن ذلك فتن صماء بكماء عمياء .
فكان لزاماً أن يقوم سادة الناس –العلماء الربانيين - في أسقاع المبسوطة بما حباهم الله من نور العلم والمعرفة، وبصّرهم بكتابه وسنة نبيه، وسددهم ووفقهم وكتب لهم القبول في قلوب عباده، فرفعوا ألوية العلم خفّاقة، بسواعد قوية فتّاكة، وقطعوا بأسنة الحجج ألسن كل عنيد، وأخرصوا كل خصيم، واستولوا على معاقلهم - مجالسهم - بعد أن خلت من آثارهم، فصاروا أثراً سيئاً بعد عين خائنة، وقاموا بغرس كل طيب من علم وعمل في أرض طيبة فانتفعت، وانتفع الناس بهم، كان الله لهم، وسدد قولهم، وقبل أعمالهم .. آمين
وفي هذه النصيحة نورد كوكبة من الأدلة، دالة على المراد من غير إطالة أو إسهاب، طمعاً في الإفادة، بعد تكرر النظر لها والإعادة، مما يورث اعتقاد ما حوته، وإدراك ما بثته .
أقول :إن إيراد هذه النقولات هو في حقيقة الأمر إيراد لمسلّمات، صارت في زماننا إيراد لمتعجبات بل – وعند بعضهم- ومنكورات!!
ولا غرو أن يحدث ذلك في زمان قلّ فيه العلم وفشا فيه الجهل، وتحدث الرويبضة، بل وصار له أتباع يهرفون بما لا يعلمون، وينعقون بالباطل ويتشدقون، ويهيمون به في كل واد سحيق، والعاقبة للتقوى .