إجــمــــاع عـــزيـــــز يـنــقــلـــه شـــيـــخ الإســـلام ابــن تــيــمــيـــة
قـــال شـيـخ الإسـلام ابـن تـيـمـيـة ـ رحمه الله تعالى ـ :
ففي الجملة أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان كما قال تعالى :{ فاتقواالله ما استطعتم } [سورة التغابن : 16 ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إذاأمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم} ، ويعلمون أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بصلاح العباد في المعاش والمعاد ، وأنه أمر بالصلاح ونهى عن الفساد ، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما ، فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله ، وإن كان فساده أكثر من صلاحه رجحوا تركه .
فإن الله تعالى بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها .
فإذا تولى خليفة من الخلفاء كيزيد وعبد الملك والمنصور وغيرهم ، فإما أن يقال يجب منعه من الولاية وقتاله حتى يولى غيره كما يفعله من يرى السيف ، فهذا رأىفاسد ، فإن مفسدة هذا أعظم من مصلحته .
وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير ،كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة ، وكابن الأشعث الذي خرج على عبدالملك بالعراق ، وكابن المهلب الذي خرج على ابنه بخراسان ، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان أيضا ، وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة ،وأمثال هؤلاء .
وغاية هؤلاء إما أن يُغلبوا ، وإما أن يَغلبوا ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة ؛ فإن عبد الله بن علي وأبا مسلم هما اللذان قتلا خلقا كثيرا ، وكلاهما قتله أبو جعفر المنصور .
وأما أهل الحرة وابن الأشعث وابن المهلب وغيرهم فهُزموا وهُزِم أصحابهم ، فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا .
والله تعالى لا يأمر بأمرلا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا ، وإن كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقينومن أهل الجنة ، فليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم ، ومع هذا لميحمدوا ما فعلوه من القتال ، وهم أعظم قدرا عند الله وأحسن نية من غيرهم .
وكذلك أهل الحرة كان فيهم من أهل العلم والدين خلق . وكذلك أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خَلْق من أهل العلم والدين ، والله يغفر لهم كلهم .
وقد قيل للشعبي في فتنة ابن الأشعث : أين كنت يا عامر ؟ قال : كنت حيث يقول الشاعر :
عَـوَى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِإذ عـَوَى *** وصَـوَّتَ إنـسـانٌ فـكـدتُ أطـيـرُ
أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ، ولا فجرة أقوياء .
وكان الحسن البصري يقول : إن الحجاج عذاب الله ، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع ، فإن الله تعالى يقول : { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم ومايتضرعون } [ سورة المؤمنون : 76 ] ، وكان طلق بن حبيب يقول : اتقوا الفتنة بالتقوى . فقيل له : أجمل لنا التقوى . فقال : أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ، ترجو رحمة الله ، وأن تترك معصية الله على نور من الله ، تخاف عذاب الله . رواه أحمد وابن أبي الدنيا .
وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة ، كما كان عبد الله ابن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحِرّة عن الخروج على يزيد ، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث . ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم ، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين .
[منهاج السنة النبوية ج 4 ص 527 ـ 530]
و النقل من هنا
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?p=80183#post80183
قـــال شـيـخ الإسـلام ابـن تـيـمـيـة ـ رحمه الله تعالى ـ :
ففي الجملة أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان كما قال تعالى :{ فاتقواالله ما استطعتم } [سورة التغابن : 16 ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إذاأمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم} ، ويعلمون أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بصلاح العباد في المعاش والمعاد ، وأنه أمر بالصلاح ونهى عن الفساد ، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما ، فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله ، وإن كان فساده أكثر من صلاحه رجحوا تركه .
فإن الله تعالى بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها .
فإذا تولى خليفة من الخلفاء كيزيد وعبد الملك والمنصور وغيرهم ، فإما أن يقال يجب منعه من الولاية وقتاله حتى يولى غيره كما يفعله من يرى السيف ، فهذا رأىفاسد ، فإن مفسدة هذا أعظم من مصلحته .
وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير ،كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة ، وكابن الأشعث الذي خرج على عبدالملك بالعراق ، وكابن المهلب الذي خرج على ابنه بخراسان ، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان أيضا ، وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة ،وأمثال هؤلاء .
وغاية هؤلاء إما أن يُغلبوا ، وإما أن يَغلبوا ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة ؛ فإن عبد الله بن علي وأبا مسلم هما اللذان قتلا خلقا كثيرا ، وكلاهما قتله أبو جعفر المنصور .
وأما أهل الحرة وابن الأشعث وابن المهلب وغيرهم فهُزموا وهُزِم أصحابهم ، فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا .
والله تعالى لا يأمر بأمرلا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا ، وإن كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقينومن أهل الجنة ، فليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم ، ومع هذا لميحمدوا ما فعلوه من القتال ، وهم أعظم قدرا عند الله وأحسن نية من غيرهم .
وكذلك أهل الحرة كان فيهم من أهل العلم والدين خلق . وكذلك أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خَلْق من أهل العلم والدين ، والله يغفر لهم كلهم .
وقد قيل للشعبي في فتنة ابن الأشعث : أين كنت يا عامر ؟ قال : كنت حيث يقول الشاعر :
عَـوَى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِإذ عـَوَى *** وصَـوَّتَ إنـسـانٌ فـكـدتُ أطـيـرُ
أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ، ولا فجرة أقوياء .
وكان الحسن البصري يقول : إن الحجاج عذاب الله ، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع ، فإن الله تعالى يقول : { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم ومايتضرعون } [ سورة المؤمنون : 76 ] ، وكان طلق بن حبيب يقول : اتقوا الفتنة بالتقوى . فقيل له : أجمل لنا التقوى . فقال : أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ، ترجو رحمة الله ، وأن تترك معصية الله على نور من الله ، تخاف عذاب الله . رواه أحمد وابن أبي الدنيا .
وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة ، كما كان عبد الله ابن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحِرّة عن الخروج على يزيد ، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث . ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم ، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين .
[منهاج السنة النبوية ج 4 ص 527 ـ 530]
و النقل من هنا
http://www.albaidha.net/vb/showthread.php?p=80183#post80183