( و مثال السلطان القاهر لرعيته و رعية بلا سلطان مثال بيت فيه سراج منير ، و حوله قيام من الناس يعالجون صنائعهم ، فبينما هم كذلك إذ طفئ السراج فقبضوا أيديهم في الوقت و تعطل جميع ما كانوا فيه، فتحرك الحيوان الشرير و تخشخش الهوام الخسيس ، فذبت العقرب من مكمنها و فسقت الفأرة من حجرها و خرجت الحية من معدنها ، و جاء اللص بحيلته و هاج البرغوث مع حقارته ، فتعطلت المنافع و استطالت فيهم المضار . كذلك السلطان إذا كان قاهراً لرعيته و كانت المنفعة به عامة، و كانت الدماء به في أهبها محقونة و الحرم في خدورهن مصونة ، و الأسواق عامرة و الأموال محروسة ، و الحيوان الفاضل ظاهر و المرافق حاصلة ، و الحيوان الشرير من أهل الفسوق و الدعارة خامل ، فإذا اختل أمر السلطان دخل الفساد على الجميع ، و لو جعل ظلم السلطان حولاً في كفة كان هرج الناس ساعة أرجح و أعظم من ظلم السلطان حولاً ، و كيف لا و في زوال السلطان أو ضعف شوكته سوق أهل الشر و مكسب الأجناد ، و نفاق أهل العيارة و السوقة و اللصوص و المناهبة ؟ قال الفضيل: جور ستين سنة خير من هرج ساعة ، فلا يتمنى زوال السلطان إلا جاهل مغرور أو فاسق يتمنى كل محذور ، فحقيق على كل رعية أن ترغب إلى الله تعالى في إصلاح السلطان ، و أن تبذل له نصحها و تخصه بصالح دعائها ، فإن في صلاحه صلاح العباد و البلاد، و في فساده فساد العباد و البلاد . و كان العلماء يقولون : إن استقامت لكم أمور السلطان فأكثر و احمد الله تعالى و اشكره ، و إن جاءكم منه ما تكرهون وجهوه إلى ما تستوجبونه منه بذنوبكم و تستحقونه بآثامكم ، فأقيموا عذر السلطان بانتشار الأمور عليه ، و كثرة ما يكابده من ضبط جوانب المملكة و استئلاف الأعداء و رضاء الأولياء ، و قلة الناصح و كثرة المدلس و الفاضح ." (سراج الملوك 82) .
صلاح العباد و البلاد
خالد بن إبراهيم الشرقاوي- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 77
العمر : 55
البلد : مصر
العمل : مصر
شكر : 0
تاريخ التسجيل : 16/07/2009
- مساهمة رقم 1