خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الأعمال الصالحة لا تنقطع بعد انتهاء رمضان !

    عاصم محمود
    عاصم محمود
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 55
    العمر : 44
    البلد : سلطنة عمان
    العمل : موظف
    شكر : 0
    تاريخ التسجيل : 11/04/2009

    الملفات الصوتية الأعمال الصالحة لا تنقطع بعد انتهاء رمضان !

    مُساهمة من طرف عاصم محمود 24.09.09 15:23

    الأعمال الصالحة لا تنقطع بعد انتهاء رمضان !
    المحرر : عبد الله بن زيد الخالدي - التاريخ : 2009-09-19 19:23:18 - مشاهدة ( 1208 )
    فضيلة العلامة محمد بن صالح العثيمين : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ، فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد :

    أيها الإخوة : فمن المناسب أن نتكلم عن موضوعين :

    - الموضوع الأول : هل انقضى عمل الإنسان بانقضاء شهر رمضان !؟

    والجواب على هذا السؤال : لا . إن عمل الإنسان لا ينقطع إلا بالموت ، لقول الله تبارك وتعالى : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) . [ الحجر : 99 ] . أي : حتى يأتيك الموت ، ولقوله تعالى عن يعقوب : ( يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) . [ البقرة : 132 ] . ولقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ) . فلم يجعل النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أمدًا لانقطاع العمل إلا بالموت .

    ثم هل العمل الذي يؤدى في رمضان ؛ كالصوم ، والقيام ، والصدقة هل انقطع بانتهاء رمضان !؟

    لا ، هناك صيام أيام مشروعة غير رمضان ، منها : صيام الأيام الست من شوال ، فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر ) . وهذه الأيام الستة ينبغي أن تلي شهر رمضان ، أي : أن يشرع فيها الإنسان من اليوم الثاني من شوال ، ويتابعها لما في ذلك من السبق إلى الخيرات ، ولأن هذا أسهل ؛ لأن الإنسان قد اعتاد الصوم في رمضان فيسهل عليه الاستمرار فيه ، ولأن الإنسان إذا أخرها ربما يحصل له التسويف فيقول : غدًا أصوم . غدًا أصوم حتى تنقضي الأيام ، وهذه الأيام الستة تابعة لرمضان ، فمن صامها قبل أن يقضي ما عليه من رمضان فإنه لا ينال ثوابها ؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال : ( من صام رمضان ثم أتبعه ) . ولو صامها قبل القضاء لكانت متبوعة لا تابعة .

    فإن قال قائل : ربما يكون هناك عذر ، ربما ترك صوم رمضان لمرض ، واستمر به المرض إلى آخر شوال ، ثم شفاه الله وشرع في القضاء وخرج شوال ، فنقول حينئذٍ : يصومها تابعة لرمضان ولو في ذي القعدة ، ولو خرج شهر شوال ؛ وذلك لأنه ترك صومها في شوال لعذر فقضاها من بعده ؛ كما أن رمضان يترك للعذر ويقضى بعده .

    ومن الصيام المشروع : أن يصوم الإنسان يوم عرفة ، فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : ( أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ) . إلا الحاج فلا يسن له أن يصوم يوم عرفة ؛ من أجل أن يكون قويًا متفرغًا للدعاء في ذلك اليوم .

    ومن الصيام المشروع : صوم يوم عاشوراء ، وهو اليوم العاشر من شهر محرم ؛ لأنه اليوم الذي أنجى الله موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه ، ولكن يصوم قبله اليوم التاسع ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) .

    ومن الصيام المشروع : صوم عشر ذي الحجة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ) . والصوم من العمل الصالح .

    ومن الصيام المشروع : أن يصوم الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر ، سواء من أول الشهر أو وسطه أو آخره ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره ، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض ، أي : في اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر .

    ومن الصيام المشروع : أن يصوم يوم الإثنين والخميس ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يصومهما ويقول : ( إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله ، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ) .

    ومن الصيام المشروع : أن يصوم يومًا ويفطر يومًا ، وهذا أفضل الصيام ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو بن العاص : ( صم يومًا وأفطر يومًا فذلك صيام داوود وهو أفضل الصيام ) .

    إذًا : الصيام هل انقطع بانتهاء رمضان أم لا !؟ لا .

    القيام : هل انقطع بانتهاء رمضان !؟ لا ، القيام مشروع في كل ليلة ، والأفضل بعد منتصف الليل إلى أن يبقى سدس الليل فتنام ، الأفضل أن تنام النصف الأول من الليل ، ثم تقوم الثلث ، ثم تنام السدس ، هكذا أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقال : ( إن هذا قيام داوود وهو أفضل القيام ) . فإن لم يتيسر لك ذلك فقم ولو قليلاً في آخر الليل ، لأن الرب - عز وجل - ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : ( من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ) .

    واختم صلاتك بركعة التي هي الوتر ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صلاة الليل !؟ فقال : ( مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت ما قد صلى ) .

    أما الصدقة ؛ فهي أيضًا لم تنقطع ، الصدقة مشروعة كل وقت ، بل إن الإنسان الموفق يجعل أكله وشربه ونفقة عياله من الصدقة ، إنفاقك على نفسك صدقة ، وعلى أهلك صدقة ، بل إن الإنفاق على الأهل أفضل من الصدقة على غيرهم ، فلو كان معك عشرة ريالات ، وتقول : هل أتصدق بها على فقير ، أم أنفق بها على أهلي لأنهم محتاجون !؟

    نقول : أنفقها على أهلك .

    ثم قراءة القرآن لم تنقطع بانتهاء رمضان ، قراءة القرآن مشروعة كل وقت ، وينبغي للإنسان أن يجعل له حزبًا معينًا يحافظ عليه كل يوم حتى لا تضيع عليه الأيام بدون قراءة القرآن .

    أما الأمر الثاني مما أريد أن أتكلم عليه فهو : أن من حكمة الله - عز وجل - أنه لما انقضى زمن ركن من أركان الإسلام دخل زمن ركن آخر ، انقضى رمضان وهو وقت أداء ركن من أركان الإسلام وهو الصيام ، وفي تلك اللحظة التي خرج فيها رمضان دخلت شهور الحج ، نحن الآن في أشهر الحج ، لأن أشهر الحج تدخل بغروب شمس آخر يوم من رمضان ، وهذه من حكمة الله ، حتى نشعر بأن أوقاتنا كلها معمورة بطاعة الله - عز وجل - ، انقضى فرض الصيام جاء فرض الحج .

    والحج واجب على كل مسلم ، لكن من رحمة الله ولطفه أنه لا يجب في العمر إلا مرة واحدة ، ولو كان الإنسان من أغنى عباد الله فإنه لا يلزمه أن يحج إلا مرة واحدة ، لقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ( الحج مرة فما زاد فهو تطوع ) .

    ولا يجب الحج إلا على القادر ، العاجز لا يجب عليه الحج ، فإذا قدرنا أن إنسانًا فقيرًا ليس عنده شيء ، فهل يلزمه أن يحج !؟ أي : هل يلزم أن يقترض ليحج !؟

    الجواب : لا . ولو لاقى ربه قبل أن يحج للاقى ربه وقد تمت أركان إسلامه ؛ لأن الركن الخامس الذي هو الحج لا يجب عليه حين يعجز عنه .

    وهل يجب على الإنسان إذا كان مريضًا أن يحج !؟

    الجواب : لا ، ولو كان عنده مال ، لكن إن كان مرضه يُرجى زواله فلينتظر حتى يشفى ويحج بنفسه ، وإن كان مرضه لا يُرجى زواله وعنده مال فليوكل من يحج عنه ، لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : ( أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقالت : يا رسول الله ! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه !؟ قال : نعم ) . فصار العاجز عن الحج لمرض إن كان يرجو زوال مرضه انتظر ، وإلا وكل من يحج عنه إذا كان عنده مال ، أما من لا مال عنده فليس عليه حج .

    امرأة عندها مال ، لكنها لم تجد محرمًا يحج بها ، هل عليها الحج !؟

    لا . حتى لو كانت من أغنى النساء ، ولكن ليس لها محرم فلا تحج . أما إذا كان لها محرم وقالت له : حج بي وأنا أكفيك النفقة كلها ، هل يلزمه أن يحج معها !؟

    الجواب : لا يلزمه ، اللهم إلا إذا كان لم يؤدِ الفريضة وأعطته مالاً يكفيه للحج ، فهنا نقول : يجب عليه الحج من أجل أنه لم يأتِ بالفريضة لا من أجل أن يكون محرمًا لها ، وتصحبه في هذه الحالة .

    إذًا : هل تحزن المرأة إذا كان عندها مال ولم تجد محرمًا على أنه فاتها الحج !؟

    الجواب : لا تحزن ولا تخشى العقوبة ؛ لأنه لم يجب عليها الحج ، ولو لاقت الله - عز وجل - للاقته بغير ذنب فيما يتعلق بالحج .

    إنسان عنده مال ، لكن عليه دين يطالبه به صاحبه ، عنده - مثلاً - خمسة آلاف يمكن أن يحج بها ، لكن صاحب الدين يقول : أعطني ، هل يجب عليه الحج !؟

    لا . لأن عليه دينًا ، ولا حج عى الإنسان إذا كان عليه دين وليس عنده ما يفضل عن الدين ؛ لأن الله تعالى قال : ( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) . [ آل عمران : 97 ] .

    وكثير من الناس ربما يستدينون من أجل الحج ، وهذا غلط ، ليس هذا من الشرع أن تستدين من أجل الحج ، الحج ليس واجبًا عليك ، أرأيت لو كان إنسان فقيرًا هل تجب عليه الزكاة !؟

    الجواب : لا تجب ، أنت الآن لا يجب عليك الحج ؛ لأنك لا تستطيع ، فلماذا تندم !؟ ولماذا تحزن !؟ ولماذا تتكدر !؟ لا تتكدر يا أخي ليس عليك شيء . إذا كان على الإنسان دين وفي يده مال ، ويغلب على ظنه أنه إذا حلَّ الدين كان عنده ما يوفي به ، مثلاً : صندوق التنمية العقارية ، كثير من الناس عليهم ديون لصندوق التنمية ، لكنهم واثقون من أنفسهم أنهم إذا حل القسط سوف يوفونه ، وعندهم الآن مال يستطيعون الحج به ، هل يجب عليهم الحج !؟

    الجواب : نعم . يجب عليهم الحج ؛ لأنهم مستطيعون ، أما إذا قال : أنا لست واثقًا أن أوفي إذا حل القسط ، وأنا الآن أجمع ، فهذا ليس عليه حج ؛ لأنه مدين .

    كثير من الناس يقول : أرأيت إذا سمح لي صاحب الدين أأحج !؟

    نقول : لا . ولو سمح لك صاحب الدين ؛ لأنه إذا سمح لك لم يسقط عنك شيئًا . أما لو قال : حج وأنا أسقط عنك مقدار نفقة الحج فحينئذٍ نقول : حج ، وأما إذا قال : أنا أطالبك ولكني أرخص لك أن تحج ما الفائدة !؟ لا فائدة ، ولهذا كثير من الناس يسأل ويقول : إن صاحب الدين قد أذن لي ، نقول : ليست العلة أن يأذن أو لا يأذن ، العلة أن ذمتك مشغولة ، وشغل الذمة بالدين أمر عظيم .

    لو أحدثكم أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قدمت إليه جنازة ، صحابي من الأنصار ، فلما خطا خطوات سأل : ( هل عليه دين !؟ قالوا : نعم . يا رسول الله ! قال : إذًا صلوا على صاحبكم - ولم يصل عليه ، تأخر - حتى قام أبو قتادة - رضي الله عنه - وقال : يا رسول الله ! الديناران عليَّ ، قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : حق الغريم وبرأت ذمة الميت !؟ - أي : تلتزم للغريم تبرأ ذمة الميت - قال : نعم . فتقدم وصلى ) .

    يعني : الدين إلى هذا الحد يمتنع الرسول - عليه الصلاة والسلام - من الصلاة على المدين إذا لم يكن له وفاء ، ونحن نتساهل به الآن ، يعتمر الإنسان وعليه دين ، يحج وعليه دين ، يفرش بيته بفراش فاخر وعليه دين ، يشتري سيارة فاخرة وعليه دين ، تجده يشتري سيارة بأربعين ألف ريال ، وهو يمكن أن يجد سيارة تكفيه بعشرة آلاف ، أليس كذلك !؟ بل إني سمعت بعض الناس يشتري بأكثر من أربعين ألف سيارة ويكفيه عشرة آلاف ، هذا من السفه في العقل ، لا تستهن بالدين أبدًا ، الدين صعب ، ولهذا يقال : إن الدين ذل في النهار وسهر في الليل ، لكن للإنسان العاقل ، أما الذي لا يبالي فهذا لا يبالي .

    ونسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحبه ويرضاه إنه على كل شيء قدير .

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 0:10