انْقِبَاضُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَّقِينَ مِنْ إتْيَانِ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ
رَبِّ يَسِّرْ وَأَعِنْ يَا كَرِيمُ
رَبِّ يَسِّرْ وَأَعِنْ يَا كَرِيمُ
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَقْضَى الْقُضَاةِ ، شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُفْلِحٍ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ وَأَثَابَهُ الْجَنَّةَ :
فَهَذَا كِتَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى جُمْلَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَالْمِنَحِ الْمَرْعِيَّةِ
يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ أَوْ مَعْرِفَةِ كَثِيرٍ مِنْهُ كُلُّ عَالِمٍ أَوْ عَابِدٍ وَكُلُّ مُسْلِمٍ
وَقَدْ اشْتَمَلَ هَذَا الْكِتَابُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْمُصَنَّفَاتُ مِنْ الْمَسَائِلِ أَوْ عَلَى أَكْثَرِهَا ، وَتَضَمَّنَ مَعَ ذَلِكَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً نَافِعَةً حَسَنَةً غَرِيبَةً مِنْ أَمَاكِنَ مُتَفَرِّقَةٍ ،
فَمَنْ عَلِمَهُ عَلِمَ قَدْرَهُ ، وَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنْ الْفَوَائِدِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ لِاشْتِغَالِهِمْ بِغَيْرِهِ ، وَعِزَّةِ الْكُتُبِ الْجَامِعَةِ لِهَذَا الْفَنِّ .
فَصْلٌ ( انْقِبَاضُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَّقِينَ مِنْ إتْيَانِ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ ) .
كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَأْتِي الْخُلَفَاءَ وَلَا الْوُلَاةَ وَالْأُمَرَاءَ وَيَمْتَنِعُ مِنْ الْكِتَابَةِ إلَيْهِمْ ، وَيَنْهَى أَصْحَابَهُ عَنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا نَقَلَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ ، وَكَلَامُهُ فِيهِ مَشْهُورٌ
وَقَالَ مُهَنَّا : سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْهَرَوِيِّ فَقَالَ : رَجُلٌ وَسِخٌ ،
فَقُلْت مَا قَوْلُك إنَّهُ وَسِخٌ
قَالَ : مَنْ يَتْبَعُ الْوُلَاةَ وَالْقُضَاةَ فَهُوَ وَسِخٌ
وَكَانَ هَذَا رَأْيَ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ ،
وَكَلَامُهُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ مِنْهُمْ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَطَاوُسٌ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَازِمٍ الْأَعْرَجُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَدَاوُد الطَّائِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ وَبِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْحَافِي وَغَيْرُهُمْ .
وَقَدْ سَبَقَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَتَى أَبْوَابَ السُّلْطَانِ اُفْتُتِنَ } ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَتَاهُ لِطَلَبِ الدُّنْيَا ، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ظَالِمًا جَائِرًا ،
أَوْ عَلَى مَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ فَإِنَّهُ يُخَافُ عَلَيْهِ الِافْتِتَانُ وَالْعُجْبُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ { وَمَنْ لَزِمَ السُّلْطَانَ اُفْتُتِنَ } .
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وَالزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُمْ .
وَمِنْ الْعَجَبِ
أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيَّ ذَكَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى فِي كِتَابِهِ فِي الضُّعَفَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ إلَّا قَوْلَ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ كَانَ صَاحِبَ أُمَرَاءَ ،
وَعَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا مَعْنَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ .
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ : وَمِنْ صِفَاتِ عُلَمَاءِ الْآخِرَةِ أَنْ يَكُونُوا مُنْقَبِضِينَ عَنْ السَّلَاطِينِ ، مُحْتَرِزِينَ عَنْ مُخَالَطَتِهِمْ
قَالَ حُذَيْفَةُ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إيَّاكُمْ وَمَوَاقِفَ الْفِتَنِ
قِيلَ : وَمَا هِيَ ؟
قَالَ : أَبْوَابُ الْأُمَرَاءِ يَدْخُلُ أَحَدُكُمْ عَلَى الْأَمِيرِ فَيُصَدِّقُهُ بِالْكَذِبِ وَيَقُولُ : مَا لَيْسَ فِيهِ .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : إذَا رَأَيْتُمْ الْعَالِمَ يَغْشَى الْأُمَرَاءَ فَاحْذَرُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ لِصٌّ
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : إنَّك لَنْ تُصِيبَ مِنْ دُنْيَاهُمْ شَيْئًا إلَّا أَصَابُوا مِنْ دِينِك أَفْضَلَ مِنْهُ ، انْتَهَى كَلَامُهُ .
والنقل
لطفـاً .. من هنــــــا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=127797
لطفـاً .. من هنــــــا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=127797