خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كيف تكون مِنْ دُعاة التوحيد

    avatar
    أبوعبيدة الأثري الفلسطيني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 50
    البلد : فلسطين
    العمل : موظف حكومي
    شكر : 3
    تاريخ التسجيل : 02/07/2008

    الملفات الصوتية كيف تكون مِنْ دُعاة التوحيد

    مُساهمة من طرف أبوعبيدة الأثري الفلسطيني 09.07.10 14:32


    كيف تكون
    مِنْ دُعاة التوحيد








    الحمد لله ربِّ
    العالمين , و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .




    الدعوة إلى
    التوحيد كانت من أوليات مهام الأنبياء و الرسل , و ذلك لأهميته , و مكانته
    في نفوس
    الناس , و هو الأصل الذي تُبنى عليه الأقوال و الأفعال , و لا يَقبل الله
    أي قول
    أو عمل إلا على أساس التوحيد الخالص ,وهذا منهج رباني .
    فمَن
    أراد الفلاح و النجاح في دعوته ,و الفوز بجنات النعيم , عليه أن يسير على
    هذا
    المنهج ,و هو تقرير العقيدة الصحيحة , عقيد الأنبياء و الرسل , و بمنهاج
    واحد , و
    هو منهج السلف الصالح , بعيد كل البعد عن المناهج الكلامية , الفلسفية ,
    لأنها
    عقيدة ربانية , و لم يتركها الله – عز و جل – للعقل البشري يستنتجها و يخوض
    فيها
    تلقائيا , بل هي عقيدة تخاطب القلب و الحس و العقل و الفرد و المجتمع .




    فهذه العقيدة لابد
    مِنْ غرسها في النفوس بأسلوب علمي مِن الكتاب و
    السنة الصحيحة , و
    بأسلوب يؤثر في العقل و القلب , و هذا يحتاج مِن الداعية إلى العلم النافع ,
    و
    الفهم السليم , و الإيمان العميق , حتى يستطيع أن يؤدي وظيفته و مهمته , و
    التي هي
    في الأصل وظيفة ومهمة أنبياء الله و رسله .




    قال تعالى
    :" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ
    إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
    وَالْمُؤْمِنَاتِ
    وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ"




    (19سورة محمد)



    * و هذه الدعوة
    لابد أن تكون على بصيرة , و علم بما يدعو إليه , قال تعالى :" قُلْ هَذِهِ
    سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي
    وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين" (108سورة
    يوسف).




    فأتْباع
    الرسول , هم الدعاة إلى سبيله على بصيرة
    .




    و البصيرة :
    هي
    العلم بما يدعو إليه , و ما ينهى عنه , و أحوج الناس إلى هذه
    البصيـرة هم العلمـاء و الدعــاة , فهم ينفعون
    أنفسهم بالعلم , و ينفعون غيرهم
    بالدعوة , و هو أهم سلاح يتسلح به العلماء و الدعاة .








    * فإذا تحقق
    هذا العلم , و تمكَّن منه الداعية ,
    قام بواجبه الدعوي , المَنوط به .




    قال تعالى
    :" ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ
    بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ
    أَحْسَنُ
    إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ
    بِالْمُهْتَدِينَ"
    (125 سورة النحل)




    و الحكمة هي الأدلة المقنعة الواضحة الكاشفة للحق , و
    الداحضة للباطل
    .








    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله:" الحكمة هي
    معرفة الحق
    و العمل به , فالقلوب التي لها فهم و قصد تُدعى بالحكمة , فيُبَيَّنُ لها
    الحق
    علماً , و عملاً , فتُبلّغه و تعمل به , و آخرون يعترفون بالحق , لكن لهم
    أهواء
    تصدهم عن اتِّباعه , فهؤلاء يُدعَوْن بالموعظة الحسنة المشتملة على الترغيب
    في
    الحق , و الترهيب مِن الباطل .




    و الدعوة بهذين الطريقين لمَن قَبِل الحق , و مَنْ لم
    يقبله , فإنَّه
    يُجادَل بالتي هي أحسن "




    ( مجموع
    الفتاوى 19 / 164 )




    و بهذا يُعلم أنّ الأسلوب الحكيم , و الطريق المستقيم
    في الدعوة , أن
    يكون الداعية حليماً في دعوته , حكيماً فيما يأمر و ينهى , بصيراً بأسلوبها
    .




    قال تعالى :"يُؤتِي
    الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا
    كَثِيرًا
    وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ"




    (269
    سورة البقرة)




    فالعلم و الفقه في الدين , و الورع , كله من الحكمة ,
    و مَن ضلَ طريق
    الحكمة , فقد أخطأ الطريق , و لم يُحسِن دعوته , فحينئذًٍ لا ثمرة لجهوده
    الدعوية.








    *و الداعية إلى التوحيد الخالص , لابد أنْ يتيقن أنَّ
    هذه العقيدة ,
    هي عقيدة الحق , وما عداها باطل , لا يحتاج إلى نقاش أو جدال أو شك .




    قال تعالى :" قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ
    الْهُدَى " (120
    سورة
    البقرة )




    و قال تعالى :" فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ
    فَمَاذَا
    بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ" (32سورة
    يونس)




    و قال تعالى :" قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ
    الَّذِينَ
    تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ
    إِذًا
    وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ" (56
    سورة
    الأنعام)




    هذا الإيمان العميق بهذه العقيدة , قائم على العلم
    القطعي , الذي لا شك فيه , فلا يتأثر أو يضـعف أو يزول , لأي مؤثر خارجي , بل هو ثابت لا
    يتزعزع . مهما تعرض المؤمن للمحن و الفتن و الشدائد و المصائب , و مهما
    كانت حالته
    مِن ضعف أو قلة بالنسبة لقوة و كثرة أهل الباطل .




    *فإذا تحقق هذا الإيمان العميق في قلب داعية التوحيد ,
    ازداد توكله
    على ربه في جميع أموره لاعتقاده بأنَّ الله تعالى هو المتفرد بالخلق و
    التدبير , ,
    و الضرر و النفع بيده , و المنع و العطاء بيده وحده ,و ما شاء الله كان , وما لم يشأ لم يَكن ,بل يزداد هذا
    التوكل على الله إذا أيقن أنَّ الخلق لا يملكون لأنفسهم و لا لغيرهم ضراً و
    لا
    نفعاً. قال تعالى :" وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
    إِنَّ
    اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (3سورة الطلاق)








    * و داعية التوحيد , يواجه
    في دعوته الجاهل , و المجادل , و المبتدع , و المشرك , و الضال , و المنحرف
    , ففي
    هذه الحالة لابد أن يستعين بالصبر , و أن يحبس نفسه عن ردة الفعل و التسخط ,
    و ترك
    الشكوى للناس .




    قال تعالى :" {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا
    الْعَزْمِ مِنَ
    الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ "
    (35 سورة الأحقاف)




    و قال تعالى :" وَجَعَلْنَا
    مِنْهُمْ
    أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا
    يُوقِنُونَ" (24 سورة
    السجدة) و قال – صلى الله عليه و سلم - :"عجبا لأمر المؤمن , إنّ أمره
    كله له خير , و ليس
    ذلك لأحد إلا للمؤمن , إنْ أصابته سراء
    شكر فكان خيراً له , و إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له "
    ( رواه مسلم )




    و أحق الناس بالصبر هم العلماء و الدعاة , لدورهم و حاجة الناس إليهم , إذ بدونه لا
    يستطيع بلوغ ما يريد , لأنّ المُراد لا يُنال
    غالبا إلا بتحمل المكاره و الشدائد , و حبس النفس عليها .








    *و حتى تكون دعوة التوحيد مؤثرة في نفوس دعاتها , لابد
    لهم مِن التواضع للناس , و عدم التكبّر
    عليهم , و هذا يرفع من مكانة الداعية , و يزداد به عزاً , لقوله – صلى الله
    عليه و
    سلم - : " ما نقصت صدقة من مال , و
    ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً , و ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " ( رواه مسلم )




    فلا يمكن لإنسان عرف ربه , و عرف قدر نفسه , أن يتكبر و لا يتواضع للناس , لأن المتكبر جـاهـل بربه , و المتواضع عارف
    بربه , فهو يخفض جناحه للناس , و يدعوهم إلى التوحيد , ثم إنّه مِن
    طبيعة
    الناس أنّهم لا يقبلون قول مَن يتكبر عليهم , و يحتقرهم , و يستضعفهم , و
    إن
    كان قولُه حقا , و هذا يؤدي إلى صدِّ
    الناس عن دعوة التوحيد .فعلى داعية التوحيد أن يتفطّن لهذا , و لا يكون
    سبباً لنُفرة
    الناس عن الدعوة.








    *فبهذه الطرق و الأساليب , الدعوية
    و الإخلاص لله , يتقيد داعية التوحيد بالمنهج الرباني في
    تقرير العقائد و تثبيتها , و الابتعاد عن
    التعقيدات الكلامية التي تثير الشبهات و المشكلات , مما وقع فيه مَن
    يعتقدون
    العقيدة الباطلة , المخالفة لعقيدة السلف الصالح , و العمل على تنقيح كتب
    العقيدة
    مِن تلك الأساليب , و الرجوع إلى أسلوب السلف الصالح في عرض العقيدة و
    توضيحها
    للناس , حتى يسهُل عليهم فهمها و اعتقادها .








    *و هذا يحتاج إلى جهد العلماء للكتابة بأساليب تناسب
    الجميع , ووضع
    القواعد السليمة و الأسس الصحيحة لفهم التوحيد .




    و أي دعوة لا
    تقوم
    على قواعد سليمة و أسس صحيحة ,
    لهي دعوة باطلة و هي دعوة على غير
    بصيرة , و هذا حال أصحاب العقائد الفاسدة و المناهج الدعوية المنحرفة , التي
    خالف أصحابها ما كان عليه الأنبياء و الرسل ,
    فيتخبطون في دعوتهم
    خبط عشواء , فلا نفعوا أنفسهم ,و لا نفعوا غيرهم , فهم بحاجة إلى تعلم
    العقيدة
    الصحيحة , حتى يحققوا التوحيد في أنفسهم , و ينقذوها من الشرك و الخرافات و
    البدع
    , و بهذا يستطيع الداعية منهم أن يرُدّ على أصحاب العقائد الباطلة , و
    يفنِّد
    شبهاتهم و يرد عليها , فحينئذٍ , تكون
    العقـيدة الصحيـحة ,




    -عقيدة السلف الصالح – هي العقيدة السائدة التي
    يعتقدها المجتمع , و هذا ما نسعى إليه ,و ندعو
    الناس إليه , وفق
    منهج الأنبياء و الرسل .








    و آخر
    دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين








    كتبه



    سمير
    المبحوح




    26 / رجب
    / 1431 هـ



      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 19:37