خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تطهير الجنان والأركان عن أدران الشرك والكفران

    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    أبو محمد عبدالحميد الأثري
    المدير العام .. وفقه الله تعالى


    ذكر عدد الرسائل : 3581
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 25/04/2008

    الملفات الصوتية تطهير الجنان والأركان عن أدران الشرك والكفران

    مُساهمة من طرف أبو محمد عبدالحميد الأثري 24.05.08 16:41

    (1) تطهير الجنان والأركان
    عن أدران الشرك والكفران

    أحمد بن حجر آل بو طامي آل ابن علي
    قاضي المحكمة الشرعية بقطر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    خطبة الكتاب


    الحمد لله الذي أمرنا بالعبادة : بطاعته وطاعة رسوله ، ووعدنا بالحسنى مع الزيادة . والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، البالغ منتهى الشرف والسيادة ، وعلى آله وأصحابه الذين منحهم الله العزة والسعادة .

    أما بعد :

    فقد حورب الإسلام منذ أن بزغ فجره بمختلف الأسلحة . ومن أشدها فتكاً ، وأخبثها مكراً ، وأكثرها رواجاً : دعاية المُخرفين والقبوريين والصوفية المبطلين الذين لم يدخروا وسعاً في نشر البدع والضلالات باسم الدين ، والدين منها بريء . كما دعوا إلى عبادة القبور وحسَّنوها للجماهير بشتى الأساليب ، من بناء القباب والأضرحة عليها وتزويقها ، ووضع الستور النفيسة عليها ، وجعلوا السدنة حولها ليطوفوا بالزائرين حول الضرائح ، ويعلموهم كيف يدعون الأولياء ، وينزلون بهم حاجاتهم ، بدلًا من اللجوء إلى الحي الذي لا يموت ، ومَن بيده ملكوت كل شيء . واخترعوا حكايات وكرامات مختلفة لا تمتّ إلى الصحة بسبب ، وأنشدوا قصائد تطفح بالاستغاثات والنداءات التي لا تصلح إلا لخالق الأرض والسماوات .

    وألفوا كتبا تدعو إلى عبادة الأنبياء والصالحين ، سبكت في قالب حب الأنبياء والأولياء ، وأنهم هم الشفعاء لنا عند الله ، والواسطة بيننا وبينه تعالى . وعززوا أباطيلهم بأحاديث موضوعة ، وبأقيسة فاسدة ، وبما لا يدل على مطلبهم من آية أو حديث صحيح كما سترى في هذه الرسالة إِن شاء الله تعالى .

    وعم هذا الداء الوبيل سائر الأقطار الإسلامية ، ولم يسلم منه إلّا القليل من عباد الله الصالحين والعلماء العاملين الذين عرفوا التوحيد الذي جاء به الأنبياء والمرسلون . وصانوه من كل شبهة وبدعة ، وقد حفظ الله تعالى الأقطار الإسلامية في جزيرة العرب من أوثان الأضرحة والمقامات والمشاهد والمزارات لتكون قدوة للمسلمين . وانتشرت دعاية الشيطان للوثنية الجديدة ، ونشط لها المبشرون بالضلال وعبادة غير ذي الجلال ؛ فانخدع بها أكثر المسلمين كما انخدع بها مَنْ قبلهم ، وانصرفوا عن توحيد الإله العظيم خالق الأنام ومدبر أمورهم ، وأخذوا يتقربون إلى قبور الأنبياء والصالحين ، وإلى الأشجار والغيران المنسوبة إليهم بأنواع النذور والدعوات لكشف ضر نزل بهم ، أو طلب حاجة لهم ، مما ليس في قدرة أحد إلا رب العالمين ، وطافوا بالأوثان الجديدة والقديمة كما يطاف بالكعبة المعظمة ، وشدّوا الرحال من الأماكن الشاسعة بقصد الحج لتلك المزارات البدعية ، وأوقفوا الأموال الطائلة على تلك العتبات المقدسة عندهم حتى لتجتمع في خزائن بعض المقبورين أموال طائلة يتقاسمها القائمون عليها ، ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم ؛ لقد قال :

    أحياؤنـــــا لا يرزقــــون بــــدرهم * وبــــألف ألـــفٍ تـــرزق الأمـــوات
    مَـنْ لـي بحـظ النـائمين بحـفرة * قــامت علــى أعتابهـا الصلـوات
    يسـعى الأنام لها ويجري حولها * بحــــر النــــذور وتُقــــرأ الآيــــات
    ويقال هذا الباب باب المصطفى * ووســيلة تقضــى بهـا الحاجـات


    وإنك لتجد الزحام حول تلك القبور واختلاط الرجال بالنساء ، وبكاء الكثيرين وصراخهم وعويلهم ودوي أدعيتهم .

    كما تجد كثيراً من مدعي العلم ومروجي الضلال يحسنون لهم تلك الأعمال ويحضونهم على تلك المنكرات يبتغون بذلك عرض الحياة الدنيا . وقد أتى العوام هذه الشركيات والبدع والضلالات ، باعتقاد أنها من صميم الدين ، وأنها تقربهم إلى رب العالمين ، لكونهم مخدوعين بدعايات أدعياء العلم ورؤساء الضلال ، وسدنة الضرائح . والويل كل الويل لمن أنكر عليهم وبين لهم أن هذه الأعمال ليست من الدين بشيء ، بل تنافيه ، والدين منها بريء ، وأن الواجب عليهم أن يُفردوا ربّهم بهذه العبادات التي يتقربون بها إلى هؤلاء الأموات ، الذين لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا حياةً ولا موتاً ولا نشوراً فضلًا عن أن يملكوا ذلك لغيرهم .

    فالعلماء إزاء هذه البدع والشركيات أصناف ثلاثة :

    صنف يؤيد تلك البدع والخزعبلات ويدعو إليها ، وقد يكتب وينشر في تأييد مذهبه ، جهلاً أو طلبا لمصلحة دنيوية .

    وصنف يعرف الحق ، وأن ما عليه جمهور الناس باطل وضلال ، لكنه يساير العامة وأشباههم ، خوفاً أو طمعاً .

    وصنف ينكر ذلك ويدعو الناس إلى ترك تلك المحدثات ويرشدهم إلى التوحيد والتمسك بالسنة المطهرة ، وقليل ما هم .

    وبالرغم من كثرة المؤلفات في هذا العصر ، وانتشار التعليم والثقافة وكثرة المتعلمين والدعاة ، فإن أكثرهم لم يهتموا بعلم التوحيد ، لا سيما توحيد الألوهية . لأن مقاومة النفس والشيطان لمنهج الحق أعظم منها لما دونه .

    لهذا رأيت أن الحاجة ماسة إلى وضع رسالة في بيان أقسام التوحيد ، وبسط الكلام على توحيد الألوهية معززاً بالأدلة من القرآن الكريم وأحاديث الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم الصحيحة أو الحسنة ودفع شبه المبتدعة ، لعل الله ينفع بها عباده ، وهذه هي دعوة الرسل سواء كثر المستجيبون أو قلّوا .

    ولكن كثرة الشواغل لم تقو العزم حتى زارنا الشيخ عبد الحميد البكري السيلاني ، الداعي لتوحيد الله وإفراده بالعبادة ، والتمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، والمحارب للبدع والمحدثات ، والزيادة في دين الإسلام .

    وقد ذكر لنا الأخ المذكور أنه يلاقي كثيراً من العناء في "سيلان" من الذين يدعوهم إلى نبذ الخرافات والبدع ، وعبادة غير الله ، وطلب مني أن أمضي فيما عزمت عليه من تأليف هذه الرسالة ففعلت ، وقد ترجمها إلى اللغة المليبارية أخونا الفاضل محمد سليم ميران المليباري .

    أسأل الله العظيم أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، وموجباً للفوز بجنات النعيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين .

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 0:21