ما حكمُ تغييرِ لونِ شعرِ الرأس بالحناء وغيرها من الأصباغ الأخرى بالنسبة للنساء؟
الجـواب :
الحمدُ لله ربِّ العالمين
والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين
أمّا بعد:
فيجوز للمرأة خضابُ شعرها بالأحمر والأصفر والأسود غيرِ الخالص الـمَشُوبِ بِحُمْرَةٍ إذا كان مُشَوَّهًا بشيب أو غيره
سواء لغرض مخالفة أهل الكتاب، أو لتنظيف الشعر،
ومِمّا يتعلَّق به -كما نصَّ عليه الإمام النووي رحمه الله- تزيينُ نفسِها لزوجها
غير أنّه
لا يجوز لها أن تصبغه بالأسود الخالص
و
لا أن تَخضِبَهُ على طريقة الكافرات أو العاهرات
كما
لا يجوز أن تصبغ بعضَه وتتركَ بعضَه، على هيئة القزع في الحلق المنهي عنه
ويشهد على هذا قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبِغُونَ؛ فَخَالِفُوهُمْ»
(١- متّفق عليه: البخاري في «اللباس»: (5559)، ومسلم في «اللباس والزينة»: (5510)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)
وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم حين جيء بأبي قُحافة يومَ الفتح: «اِذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ؛ فَلْيُغَيِّرْهُ بِشَيْءٍ، وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ»
(٢- أخرجه مسلم في «اللباس والزينة»: (5508)، وأبو داود في «الترجل»: (4204)، والنسائي في «الزينة»: (5076)، وأحمد: (13993)
من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما)
وقد كان رأسُه يومئذ كأنّه ثَغَامة
وفي رواية أخرى:
«فَأَسْلَمَ وَلِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «غَيِّرُوهُمَا، وَجَنِّبُوهُمَا السَّوَادَ»
(٣- أخرجه ابن حبان في «صحيحه»: (5375)، وأحمد: (12224)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: (5/285): «ورجال أحمد رجال الصحيح». وصحّحه الألباني في «الصحيحة»: (1/895)).
وكَانَ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يأمر بالاختضاب بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ، وكان يقول: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ هَذَا الشِّيبُ الحِنَّاءُ وَالكَتَمُ»
(٤- أخرجه أبو داود في «الترجل»: (4205)، والترمذي في «اللباس»: (1753)، والنسائي في «الزينة»: (5077)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (4/14))
أمّا تحريمه للسواد الخالص في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ…»
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ، كَحَوَاصِلِ الحَمَامِ، لاَ يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ»(٥- أخرجه أبو داود في «الترجل»: (4212)، والنسائي في «الزينة»: (5075)، وأحمد: (2466)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وجوّد إسناده العراقي في «تخريج الإحياء»: (1/196)، وصحَّحه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (6/137)، والألباني في «صحيح الجامع» (8153))
وفي حديث آخر: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»
(٦- أخرجه أبو داود في «اللبـاس»: (4033)، وأحمد: (5232)، والطحاوي في «مشكل الآثار»: (198)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وصحَّحه العراقي في «تخريج الإحياء»: (1/359)، والألباني في «الإرواء»: (1269). وحسَّنه ابن حجر في «فتح الباري»: (10/282)).
هذه الأحاديث الآمرة بصَبغِ الشَّعر لمخالفة أهل الكتاب، تشمل –أيضًا- النساء
وكذلك الأحاديث الواردة في تغيير لون الشيب بخضابه؛ لأنّ المعلوم أنّ «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»
(٧- أخرجه أبو داود في «الطهارة»: (236)، والترمذي في «أبواب الطهارة»: (113)، وأحمد: (25663)، وأبو يعلى: (4694)، والبيهقي: (818)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (2333)، وفي «السلسلة الصحيحة»: (2863)).
أمّا إذا كان الشعر طبيعيًّا لم يَتعرَّض لأيِّ تشويهٍ، أو لَم يدخله الشيب، فإنّه لا مجال لتغييره، ولا حاجة إلى صبغه بل يترك على ما هو عليه في أصل طبيعته.
والعلمُ عند اللهِ تعالى
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر
في 18 صفر 1428ﻫ
الموافق ﻟ: 07 مارس 2007م
www.farcous .com
والنقل
لطفـــــاً .. من هنـــــــــــا