س6:ما المانع الشرعي من تواجد هذه الفرق والأحزاب الأخرى لتعمل جنباً إلي جنب مع المنهج السلفي؟
أقول والله المستعان وعليه التكلان، هذا السؤال يحتاج إلي تفصيل وبيان وإليكموه:
أولاً: تعريف الفرقة :
كلمة ( الفرقة ) من حيث مدلوها اللغوي غالباً ما تدل على الاختلاف والافتراق ، قال ابن منظور : (( مصدر الافتراق ... وفارق الشيء مفارقة وفراقاً : باينه ، والاسم الفرقة وتفارق القوم : فارق بعضهم بعضاً ، وفارق فلان امرأته مفارقة باينها ، والفرق والفرقة والفريق الطائفة من الشيء المتفرق والفرقة طائفة من الناس ، والفريق أكثر منه ))([1]). فمن حيث اللغة فإن ( الفرقة ) تعني طائفة من الناس ، ولا بد أن يكون هناك شيئاً يجب أن يميز هذه الطائفة حتى دعيت به ، كأن تكون مقالة أو مذهب أو رأي .
أما من حيث الاصطلاح فالفرقة تعني كل طائفة من الناس دعيت إلى معتقد معين([2])، بحيث عرفت به وتميزت عن غيرها ، ويمكن القول إن هذا المصطلح من حيث مدلوله الاصطلاحي ألصق بأصول العقيدة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار تفرق الناس فيه ، ولا يدل في معظم الأحيان على الافتراق في فروع الدين ، ولذلك نقول : فرقة الخوارج أو فرقة المعتزلة ؛ لأن خلاف أهل السنة مع هذه الفرق كان بالمعتقد ، في حين أننا نطلق مصطلح ( مذهب ) على الشافعية أو الحنفية ، ولا يصح أن نقول ( فرقة الشافعية ) أو ( فرقة الحنفية ) ؛ لأن الخلاف بين المذاهب كان في فروع الدين لا في أصوله .
من هنا يمكن القول إن تعريف العلماء لمصطلح ( الفرقة ) له علاقة بالمغزى الاعتقادي لهذه الطائفة المتعينة ، وقد كان الإمام ابن حزم-رحمه الله- أكثر دقة من غيره عندما فرّق بين مصطلح ( الفرقة ) الذي يشمل المسلمين وغيرهم ، وبين مصطلح ( النحلة ) إذ أنه استعمل المصطلح الأخير للدلالة على فرق المسلمين – أو بتعبيره – نحلهم ، في أكثر دقة وموضوعية ؛ لأن فيها دلالة على الانتحال : وهو نسبة القول إلى غير قائله ، ومنه انتحل فلان شعر فلان ، وكأن هذا الشيء يعني اعتقاد الشيء والتمسك به وهو على غير هدى([3])، وقد تبع الشهرستاني-رحمه الله- الإمام ابن حزم-رحمه الله- في استعمال هذا المصطلح للتفريق أيضاً بين المسلمين وغيرهم، فسمى كتابه ( الملل والنحل )
أما عبد القاهر البغدادي-رحمه الله- فقد تمسك بمصطلح الفرقة وإليه يشير كتابه ( الفَرْق بين الفِرق ) لتعميمه على فرق المسلمين ، وقد يكون عذر البغدادي في ذلك هو أنه لم يضمن كتابه مقالات لغير المسلمين ، فاكتفى بإطلاق هذه التسمية على كتابه ، وفي فعل البغدادي موضوعية يحمد عليها ، وجمع محمد بن عمر الرازي ( ت 544هـ ) بين فرق المسلمين والمشركين ، فسمي كتابه ( اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ) .
ويمكن القول أخيراً إن مؤلفات المسلمين في حقل الفرق والملل يعطينا تصوراً متبايناً عند هؤلاء العلماء في تحديد الإطار الدقيق لهذه الكلمة ، لكن يمكن القول إنها من حيث المضمون لها معنى مشترك متفق عليه ، يعتمد على البعد العقائدي للكلمة من جهة ، وعلى الغلو في تعميمها من جهة أخرى ([4]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] لسان العرب ، مادة فرق : 10/300 .
[2] ينظر : ابن حزم ، الفصل في الملل والأهواء والنحل : 2/263 ؛ ابن الجوزي ، تلبيس إبليس : ص 28 .
[3])) مجيد الخليفة ، ابن حزم الأندلسي ومنهجه في دراسة العقائد والفرق الإسلامية : ص 109 .
[4])) نقلاً بواسطة " مفهوم الفرقة عند العلماء المسلمين"لدكتور مجيد الخليفة (ص2، 3).
أقول والله المستعان وعليه التكلان، هذا السؤال يحتاج إلي تفصيل وبيان وإليكموه:
أولاً: تعريف الفرقة :
كلمة ( الفرقة ) من حيث مدلوها اللغوي غالباً ما تدل على الاختلاف والافتراق ، قال ابن منظور : (( مصدر الافتراق ... وفارق الشيء مفارقة وفراقاً : باينه ، والاسم الفرقة وتفارق القوم : فارق بعضهم بعضاً ، وفارق فلان امرأته مفارقة باينها ، والفرق والفرقة والفريق الطائفة من الشيء المتفرق والفرقة طائفة من الناس ، والفريق أكثر منه ))([1]). فمن حيث اللغة فإن ( الفرقة ) تعني طائفة من الناس ، ولا بد أن يكون هناك شيئاً يجب أن يميز هذه الطائفة حتى دعيت به ، كأن تكون مقالة أو مذهب أو رأي .
أما من حيث الاصطلاح فالفرقة تعني كل طائفة من الناس دعيت إلى معتقد معين([2])، بحيث عرفت به وتميزت عن غيرها ، ويمكن القول إن هذا المصطلح من حيث مدلوله الاصطلاحي ألصق بأصول العقيدة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار تفرق الناس فيه ، ولا يدل في معظم الأحيان على الافتراق في فروع الدين ، ولذلك نقول : فرقة الخوارج أو فرقة المعتزلة ؛ لأن خلاف أهل السنة مع هذه الفرق كان بالمعتقد ، في حين أننا نطلق مصطلح ( مذهب ) على الشافعية أو الحنفية ، ولا يصح أن نقول ( فرقة الشافعية ) أو ( فرقة الحنفية ) ؛ لأن الخلاف بين المذاهب كان في فروع الدين لا في أصوله .
من هنا يمكن القول إن تعريف العلماء لمصطلح ( الفرقة ) له علاقة بالمغزى الاعتقادي لهذه الطائفة المتعينة ، وقد كان الإمام ابن حزم-رحمه الله- أكثر دقة من غيره عندما فرّق بين مصطلح ( الفرقة ) الذي يشمل المسلمين وغيرهم ، وبين مصطلح ( النحلة ) إذ أنه استعمل المصطلح الأخير للدلالة على فرق المسلمين – أو بتعبيره – نحلهم ، في أكثر دقة وموضوعية ؛ لأن فيها دلالة على الانتحال : وهو نسبة القول إلى غير قائله ، ومنه انتحل فلان شعر فلان ، وكأن هذا الشيء يعني اعتقاد الشيء والتمسك به وهو على غير هدى([3])، وقد تبع الشهرستاني-رحمه الله- الإمام ابن حزم-رحمه الله- في استعمال هذا المصطلح للتفريق أيضاً بين المسلمين وغيرهم، فسمى كتابه ( الملل والنحل )
أما عبد القاهر البغدادي-رحمه الله- فقد تمسك بمصطلح الفرقة وإليه يشير كتابه ( الفَرْق بين الفِرق ) لتعميمه على فرق المسلمين ، وقد يكون عذر البغدادي في ذلك هو أنه لم يضمن كتابه مقالات لغير المسلمين ، فاكتفى بإطلاق هذه التسمية على كتابه ، وفي فعل البغدادي موضوعية يحمد عليها ، وجمع محمد بن عمر الرازي ( ت 544هـ ) بين فرق المسلمين والمشركين ، فسمي كتابه ( اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ) .
ويمكن القول أخيراً إن مؤلفات المسلمين في حقل الفرق والملل يعطينا تصوراً متبايناً عند هؤلاء العلماء في تحديد الإطار الدقيق لهذه الكلمة ، لكن يمكن القول إنها من حيث المضمون لها معنى مشترك متفق عليه ، يعتمد على البعد العقائدي للكلمة من جهة ، وعلى الغلو في تعميمها من جهة أخرى ([4]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] لسان العرب ، مادة فرق : 10/300 .
[2] ينظر : ابن حزم ، الفصل في الملل والأهواء والنحل : 2/263 ؛ ابن الجوزي ، تلبيس إبليس : ص 28 .
[3])) مجيد الخليفة ، ابن حزم الأندلسي ومنهجه في دراسة العقائد والفرق الإسلامية : ص 109 .
[4])) نقلاً بواسطة " مفهوم الفرقة عند العلماء المسلمين"لدكتور مجيد الخليفة (ص2، 3).