الرد البرهاني على التشبيه النصراني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد النبي الأمي وعلى اله وصحبه والتابعين ومن استن بسنته وسار على نهجه الى يوم الدين
اما بعد:
فقد طال الجدال حول مسألة رضاع الكبير، التي اصبحت الحبل الوحيد الذي يستخدمه اعداء
الحنيفية السمحه ، ليثيروا الغبار حول الباحثين المتقصين للحقائق ، الناظرين في حقيقة المبطلين
فأذا اعترض الباحث على مسأله عقديه منحرفه عند القوم ، قام قائمهم ليعمي على المعترض
قائلا: (كيف يجيز نبيكم لسهله ان ترضع سالم مولاها بأن تلقمه ثديها ) دون ان يجيب الثائر عن الاعتراضات التي اوردها الباحث، وسبب ذلك لا بضاعه علميه لدى القوم ليجيبوا على الطوام العقديه المتناثره في كتبهم .
الله المستعان) المهم في بحثنا هذا ان نجيب على اشكالية رضاع الكبير التي فهم منها المشبهون انها تعني لقم الثدي
نقول وبالله التوفيق: ان حديث سهله الذي اخرجه الامام مسلم في صحيحه ثابت -عن النبي صلى الله عليه وسلم- ونصه أن سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم فأتت تعني ابنة سهيل النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة فرجعت فقالت إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة -مسلم برقم2637
وفي روايه قالت وكيف ارضعه وهو رجل كبيرفتبسم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وقال قد علمت انه رجل كبير
هذا هو تمام ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسأله
قالوا: هذا الحديث من اكبر الادله على ان النبي -صلى الله عليه وسلم- اجاز لسهله ان تلقم ثديها لسالم
قلنا: ان الحديث ليس بصريح في ان سهله القمت ثديها لسالم
قالوا: ولكنه يؤخذ من قول النبي ( ارضعيه) والرضاعه في المعجم تعني لقم الثدي
قلنا :الرضاعه تعريفها شرعي وماجئتمونا به لايتفق مع اصولنا وخصوصا ان التعريف اللغوي
قد يكون اضيق من التعريف الشرعي او قد يكون اوسع
ولذلك قال الفقهاء: اذا حكم الشارع في شي وحده -اي عرفه- وجب الرجوع به الى الشرع
واذا حكم الشارع بشئ ولم يحده وجب الرجوع به الى اللغه
واذا حكم الشارع بشئ ولم يحده ولم يضع اللغويون له حد وجب الرجوع به الى العرف
ولو جئنا الى لغوي وقلنا له مارئيك في من شرب خمس شربات حليب من امرأه هل يسمى
راضع على الاصول اللغويه ؟ فان كان الجواب نعم يسمى راضع .. سقط قولكم ان الرضاع هي لقم الثدي فقط
وان كان الجواب لا يكون رضاعا
قلنا: هذا مخالف لاتفاق الفقهاء على انه يسمى راضع وهو محرم بلا شك
هذا على فرض تنازلنا ان الرضاعه هي لقم الثدي مطلقا والا فان بعض اللغويين قد قيده بما في الحولين
واليك التعريفات الشرعيه للرضاع من أئمة هذا الشأن لاكما يزعمه اهل الافك والعصبيه
عرفه الحنفيه بأنه: مص لبن آدميه في وقت مخصوص
وعرفه المالكيه بأنه: وصول لبن المرأه وأن كانت ميته أو صغيره لم تطق لجوف رضيع وان بسعوط او حقنه تغذي أو خلط بغيره الا ان يغلب عليه في الحولين او بزيادة شهرين الا ان يستغني ولو فيها
وعرفه الشافعيه بأنه: اسم لحصول لبن امرأه وحصل منه في معدة طفل او دماغه
وعرفه الحنابله بأنه:مص لبن من له دون الحولين لبنا او شربه كالسعوط ثاب من حمل من ثدي أمرأه
انظر: تبيين الحقائق 3/181، اللباب31 ، مغني المحتاج 3/314،الشرح الصغير 327/كشف القناع 5/442
بهذه التعريفات الواضحه التي نعتمدها من المصادر المعتبره في الفقه يتبين ان الرضاع الشرعي الذي يصح ان يكون رضاعا ليس فقط لقم ثدي وانما لقم وشرب الا الحنفيه فقد عرفوا الرضاع بانه مص لبن ...الخ وهذا مقيد بالطفل فقط وهذا معنى قولهم في وقت مخصوص
قالوا: لماذا لم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم- لسهله اسقيه من حليبك
قلنا: ولماذا لايقل لها ارضعيه ؟
ولفظ الرضاع هنا وصف نسبي بالنسبه لما يعرف عن الرضاع بأنه عادة لا يكون الا للصغير
ولنا ان نسأل سؤال اذا جائكم طفل قد شرب من سعوط او وجورمن حليب امرأه هل ستسموه مسقي ام راضع ؟؟
اترك الاختيار لكم
قالوا: ان سهله استغربت بصيغة الاستفهام في قولها وكيف ارضعه وهو رجل كبير
بمعنى كيف ارضعه من ثديي وهو رجل كبير
قلنا: هذا غير وارد فان استفهام سهله ليس لانها فهمت من قوله( ارضعيه) هي لقم الثدي وانما معنى قولها
كيف ارضعه والرضاعه المحرمه للاطفال؟؟ وسالم كبير وفي روايه ذو لحيه
لانها كانت عالمه ان اصل الرضاع للاطفال وليس للكبار
قالوا :ان قولكم هذا محتمل وليس قطعي لانه لايدل عليه دلالة منطوق
قلنا: وقولكم كذلك الا ان قولنا يدل عليه المفهوم ويعضده قول سهله كيف ارضعه وهو رجل كبير والذي يقابل الكبر الصغر فالمفهوم صحيح عندنا
واقل الاحوال ان نقول ان قولكم وقولنا متردد ومحتمل تنزلا منا والاحتمال لا يقوم به الاستدلال فأعتراضكم علينا ساقط من اساسه !! فتعلموا تهتدوا
قالوا: هذه اشياء لا تقنعنا لاحتمال ان سهله قد القمت سالم ثديها دون ان ترجع الى التعريف اللغوي والتعريف الشرعي لعدم وجود هذه التعاريف على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-
قلنا : هذا احتمال ويحتاج الى دليل!! فمارأيكم بان نفصل الموضوع وننهي النزاع بأن نرجع الى فهم سهله
في لفظ أرضعيه بان نروي لكم كيفية ارضاع سهله لسلم
أخرج ابن سعد في طبقاته عن محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري عن ابيه قال: كانت سهله تحلب في مسعط أو اناء قدر رضعته فيشربه سالم في كل يوم حتى مضت خمسة أيام فكان بعد ذلك يدخل عليها وهي حاسرة رخصه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لسهله
الطبقات الكبرى 8/271 الاصابه لابن حجر7/716 فانتبه لهذا فانه الفيصل في الموضوع
قالوا: كبف تقولون انها حلبت له في أناء وبعض علمائكم قد قال انها القمته وافتوا بالقم
قلنا : اولا قولكم ان علمائنا هؤلاء افتوا بذلك هذا ظاهره انكم صرتم تستدلون بالنص معضدين ذلك بالقوال عالم او عالمين لايخرج عددهم عن اصابع اليد الواحده اقرار بالمفهوم انكم لم تستدلوا بأدله قواطع وهذا اول الدحض انشاء الله
واستدلالكم باقوال بعض علمائنا هذا غير لازم لانكم لم تاتوا باجماع وقول العالم اذا خولف يحتاج الى دليل لتقوم دعواه ويعمل به ثم ان استدلالكم باقوال علماء تحتمل الخطا والصواب غير مستقيم
وصدق الامام مالك حين قال (كل يؤخذ من قوله ويرد ألا صاحب هذا القبر ) يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم
اليك بعض اقوال العلماء في كيفية رضاع الكبير
قال القاضي: لعله حلبته ثم شربه دون ان يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما اذ لا يجوزرؤية الثدي ولا مسه ببعض الاعضاء
واستحسن النووي هذا الكلام شرح صحيح مسلم للنووي 10/ 31
وقال ابو عمر:صفة رضاع الكبيران يحلب له اللبن ويسقاه فأما ان تلقمه المرأه ثديها فلا ينبغي عند احد من العلماء شرح الزرقاني 3/316
انظر لهذا الكلام فكيف ينسب للمسلمين قول لا يقرون به ان هذا لشئ عجاب
قال ابن قتيبه الفقيه النحوي: فأراد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بمحلها عنده وما احب من أئتلافهما ونفي الوحشه عنهما أن يزيل عن ابي حذيفه هذه الكراهه ويطيب نفسه بدخوله فقال لها ارضعيه ولم يرد ضعي ثديك في فيه كما يفعل بالاطفال ولكن اراد احلبي له من لبنك شيأ ثم ادفيه اليه ليشربه ليس يجوز غير هذا لأنه لايحل لسالم أن ينظر لثدييها الى ان يقع الرضاع فكيف يبيح له مالا يحل له وما لايؤمن معه من الشهوه ؟
تأويل مختلف الحديث ص 308 -309
واخيرا وليس اخرا ان العلماء الاعلام الذين ذهبوا الى فتوى امنا عائشه - رضي الله عنها- لا يجوزون لقم الثدي للكبير لان هذا مصادم لضروريات الدين من الا حتشام والتستروما ذكر من فتوى ابن حزم والالباني خطأ ظاهر ولايلزم المسلمين بأي حال ولنا عقلا انه لايمكن بديهيا
الزام الخصم بما لا يقر به ويخطؤه
وأليك مارواه عبد الرزاق عن ابن جريج قال : سمعت عطاء يسأل قال له رجل سقتني أمرأه من لبنها بعد ما كنت رجلا كبيرا أأنكحها ؟ قال : لا قلت وذلك رأيئك ؟ قال: نعم كانت عائشه تأمر بذلك بنات أخيها
يتضح من هذا الاثر ان السلف العاملين بفتوى امنا عائشه يفتون بتناول اللبن من الاناء لا لقم الثدي كما يزعمه الزاعمون
والله تعالى أعلم
حرره
ابي حذيفه سنان بن سعد ال جراح
abuhothifaalselfi@yahoo.com
والنقل
لطفـــــــــاً .. من هنـــــــــــــــــا