هل صحيح أن الصوفية كان لهم دور في انتشار الإسلام في افريقية؟!!!
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله في كتابه الإسلام في افريقيا عبر العصور أن انتشار الاسلام مر فيها عبر أدوار
أما الدور الأول فكان على أيدي الصحابة و هم الذين فهموا الدين كما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم و أدوه كما فهموه بكل أمانة و كان ذالك عبر فترتين
الفترة الأولى و هي الفترة التي أقام فيها الصحابة عند النجاشي رحمه الله في الحبشة
والفترة الثانية و هي الفترة التي غزت فيها الجيوش الإسلامية بقيادة الصحابة شمال افريقيا حتى فتحوا تونس في غزوة العبادلة المعروفة فحملوا اليها العقيدة الصحيحة و التوحيد الخالص
و أما الدور الثاني فلم يكن على أيدي علماء يستطيعون أن يميزوا بين الأصيل و الدخيل و أن يفرقوا بين الغث و السمين
فكان هؤلاء هم التجار العرب الذين دخلوا شرق افريقيا عبر الحبشة و الصومال و السودان فحملوا معهم اسلاما ضعيفا و ذالك لضعفهم في العلوم الشرعية و هؤلاء كما قال الشيخ رحمه الله كانوا حريصين أن يعلموا الناس كل ما علموه صوابا أو خطأ وليسوا باستغلاليين أو نفعيين فجزاهم الله خير الجزاء على حسن نيتهم ومجهودهم.
ثم ظهر صنف آخر دخل مجال الدعوة الى الاسلام حسب زعمهم و هم المتصوفة
قال الشيخ رحمه الله
لننتقل إلى الحديث عن صنف أخر من الدعاة- في زعمهم- وهم المتصوفة.
وقد قام هؤلاء بالعمل باسم الإسلام في أفريقيا شرقا وغربا وشمالا.
وقبل أن أخوض في الحديث عنهم ذكرني موقفهم وتصرفهم عنوان كتاب لبعض الكتاب المعاصرين, "الإسلام المفترى عليه" ثم أقول يمكن أن نوجز عمل مشايخ الصوفية فنقول، إنهم دعوا إلى كل شيء غير الإسلام بالمفهوم الصحيح.
أما الإسلام النزيه الذي جاء به رسول الإسلام وسيد الأنام فلا صلة لدعوتهم به ولعلي لا أشق عليكم أو لا أحرج أحدا لو استطردت حديثا غير طويل لنعرف شيئا عن دعوة المتصوفة لأن المشاع على ألسنة بعض الناس أن لمشايخ الصوفية دورا بارزا وهاما في ميدان الدعوة إلى الإسلام. ويزعمون أن الإسلام دخل بعض المناطق في أفريقيا وغيرها على أيديهم.
التحقيق
الواقع أن لمشايخ الصوفية أعمالا ومجهودا ملموسا في القارة وأنهم دعوا الناس إلى شيء إلا أن ذلك الشيء غير الإسلام في حقيقته وجوهره وهم يعلمون في الغالب الكثير هذه الحقيقة من أنفسهم وإن كان يوجد فيهم من يجهلون هذه الحقيقة ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.
يعرف تفاصيل ما أجملت كل من خالط القوم، بل قد صرح بذلك بعض من تاب الله عليهم فتابوا وصرحوا بأنهم ليسوا على شيء قبل التوبة، فنسأل الله لنا ولكم العافية وأما بعض العبادات التي يؤدونها وفق تعاليم الإسلام وبعض الأوراد التي يترنمون بها في حضراتهم وتنطلي على السذج وما قد يتظاهرون به مما ظاهره الإسلام أمام العوام فكل ذلك ملعقة عسل في كوب من السم القاتل فاحذروها لعلكم تسلمون. وقديما قيل: "اسأل مجربا ولا تسأل طبيبا".
أهداف مشايخ الصوفية في دعوتهم
يهدف القوم في الغالب الكثير باسم الدعوة إلى الإسلام يهدفون إلى الأمور الآتية:
1- تسخير العوام واستخدامهم في مصالحهم الخاصة بدعوى أنهم أهل الله وخاصته فيجب على الناس جميعا أن يخضعوا لهم ويكونوا طوع أمرهم مهما كلفهم الأمر وإن لم يكونوا كذلك فهم مهددون بسلب إيمانهم وسوء الخاتمة.
وتفاديا لهذا الخطر الجسيم يبالغ عوام المسلمين في الخضوع لهم إلى حد العبادة وهذا أحد مفاهيم الدعوة إلى الإسلام عند القوم فما رأى القاريء الكريم؟
وانطلاقا من هذا المفهوم تقول قاعدة صوفية معروفة:
يجب على المريد أن يكون بين يدي الشيخ كالميت بين يدي الغاسل، مسلوب الحرية والاختيار، فاقد الإرادة والحركة حتى حركة الضمير وحديث النفس لأن من صفات الشيخ معرفة ما في الضمائر، ومن خرج على هذه القاعدة يكون عرضة لغضب الشيخ ومن يحلل عليه غضبه فقد هلك.
2- تزهيد الناس في علماء الشريعة وطلاب علم الكتاب والسنة بدعوى أنهم أهل الحقيقة والعلماء أهل الشريعة أو هم أهل الباطن والعلماء أهل الظاهر وعلوم الشريعة قشور غير نافعة ما لم يكن في داخلها اللب الذي عند الصوفية وهو ما يسمونه بالعلم الباطن أو العلم اللدني. وهذا كما ترى محاربة سافرة لما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام من علم الكتاب والسنة ومحادة لله ولرسوله من حيث لا يشعرون أومن حيث يشعرون أحيانا.
3- أنهم يسعون مشمرين عن ساعد الجد للوصول إلى ما يسمونه بالحرية المطلقة وهى التحلل الكلى من جميع التكاليف وهو دين وحدة الوجود ويعدون بعض الملاحدة كابن عربي وابن الفارض من أقطابهم ويحاولون الوصول إلى ما وصلوا إليه من الزندقة والخروج على الكتاب والسنة ويلقبون هؤلاء، الزنادقة بالألقاب الآتية:
الواصلون العارفون بالله. الأقطاب وأخيرا الغوث الأعظم.
ما أعظم الفرية؟ وكأن الغوث لا يجمع في اصطلاح القوم ولا مشاحة في الاصطلاح.
وبعد فهل يجوز والحال كما وصفت اعتبار مشايخ الصوفية من دعاة الإسلام كما يحلوا لبعضهم اعتبارهم من الدعاة ومن الممثلين للمسلمين لدى الأجانب كما يسميهم بعض المخدوعين بهم؟ إن هذا الاعتبار والتمثيل قد شوه جمال الإسلام لدى غير المسلمين وقضى على سماحته لأنهم أصروا الإسلام بمظهر طقوس وثنية واستغلالية. ومكنوا بذلك لأعداء الإسلام أن ينالوا من الإسلام أيما نيل. لهذا كله لا أبيح لنفسي ولا لمن يسمع نصحيتي القول بأنهم من دعاة الإسلام بل الذي يجب أن يقال لبيان الواقع ولكشف الحقائق إنهم دعوا الناس إلى عبادة مشايخهم وأقطابهم وصرفوا الناس عن المفهوم الصحيح للإسلام وقد يقول قائل منهم إنهم قد أدخلوا كثيرا من الوثنيين في الإسلام.
الجواب حقا أنهم أخرجوهم من الوثنية السافرة وأدخلوهم في الوثنية المقنعة بعد أن أطلقوا عليها اسم الإسلام لتقبل وتستساغ
أما الإسلام بمفهومه الصحيح فهم في معزل عنه فضلا عن أن يدخلوا غيرهم في صميمه وأنى لهم ذلك. إذ "فاقد الشيء لا يعطيه ".
ولا شك أن هذا التخبط نتيجة إهمال دعاة الإسلام واجبهم وتقصيرهم في أداء واجب الدعوة الإسلامية كما يجب. لذا فهم يتحملون تبعة ذلك كله لأنهم مع فهمهم وقدرتهم تركوا المجال لغيرهم حتى خلا الجو لمشايخ الصوفية ومن تبعهم بغير إحسان.
خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري
وخشية أن يقول قائل- ولو في نفسه- إن كل ما ذكرته من أوصاف القوم وأحوالهم نعتبره دعوى. وهل لديك دليل على ما زعمت؟ خشية أن يرد هذا النوع من التعليق لنسمع معا بيتين لبعض أقطابهم أحدهما لابن الفارض حيث يزعم انه اتحد مع الله بحيث لو صلى فإنما يصلى لنفسه فسجوده لنفسه وركوعه له وهكذا، وذلك إذ يقول:
لها صلواتي بالمقام أقيمها واشهد فيها أنها لي صلت
والبيت من تائيته المشهورة التي يطرب مشايخ الصوفية عند قراءتها, فأنت ترى إنه يزعم أنه صار ربا وعبدا يصلي وربما يصلى له .وقد صرح بهذا المعنى أحد رؤسائهم- أحسبه ابن عربي- إذ يقول:
الرب عبد والعبد رب فياليت شعري من المكلف
هذه هي المنزلة التي يشمر لها كل شيخ من مشايخ الصوفية كما يعرف ذلك كل من له اتصال بالقوم. وهل يمكن إدخال هذا المعنى في مفهوم الدعوة الإسلامية؟.
وأما البيت الثالث فقد قاله الكولخى الأفريقي وهو يدعوا الناس إلى تقديس نفسه والغلو فيه إلى حد العبادات زاعما أن محبته ورؤيته توجبان للمرء دخول الجنة ولا محالة حيث يقول:
ومن أحبني ومن رآني في جنة الخلد بلا بهتان
وأكتفى بهذا النموذج من كلام القوم كشاهد وكدليل على صفاتهم ومن أراد المزيد فعليه بكتب القوم وهي منشورة في مناطقها والله المستعان.
من هذا الشرح الموجز نتبين أن الإسلام دخل القارة أول مادخل بمفهومه الصحيح وخالطت بشاشته القلوب وذاقت حلاوته، ثم بعد فترة غير قصيرة أخذ ينتشر على أيدي جماعة تتمتع بحب الإسلام ولا الخير والهداية للمسلمين ولكنها لم تهضم الإسلام ولم تفهمه حق فهمه وهم التجار.
ولما رأى مشايخ الصوفية خلو الميدان وتقاعس دعاة الحق عن واجبهم نزلوا الميدان ولقبوا أنفسه بما سبق أن سمعناه من الألقاب الخداعة فنزلوا ميدان الدعوة إلى الإسلام ليتاجروا بالدين وليجعلوا الإسلام واجهة لدعوتهم الوثنية أو الإلحادية أحيانا على ما تقدم. فأفسدوها حتى صار أتباعهم ومريدوهم يخشونهم كخشية الله أو أشد خشية ويراقبونهم أشد من مراقبتهم لله، هل هذا هو الدين؟ وهل هذه كل الدعوة إلى الإسلام وأي إسلام هذا يا سبحان الله.
وللأسف الشديد هذا هو مفهوم الدين الإسلامى عند جمهور المسلمين الذين تلقو الإسلام على أيدى مشايخ الطرق ولدى كثير من الذين يحسنون الظن بهم والذي يُؤسف له أن يكون هذا موقف بعض علماء المسلمين الذين درسوا ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ولكنهم لم يرزقوا الفقه في الدين ومن يرد الله به خيرا يفقه في الدين والدراسة شىء والفقه شىء آخر.
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتد لولا أن هدانا الله ولله الحمد والمنة وحده ربنا لا نحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله في كتابه الإسلام في افريقيا عبر العصور أن انتشار الاسلام مر فيها عبر أدوار
أما الدور الأول فكان على أيدي الصحابة و هم الذين فهموا الدين كما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم و أدوه كما فهموه بكل أمانة و كان ذالك عبر فترتين
الفترة الأولى و هي الفترة التي أقام فيها الصحابة عند النجاشي رحمه الله في الحبشة
والفترة الثانية و هي الفترة التي غزت فيها الجيوش الإسلامية بقيادة الصحابة شمال افريقيا حتى فتحوا تونس في غزوة العبادلة المعروفة فحملوا اليها العقيدة الصحيحة و التوحيد الخالص
و أما الدور الثاني فلم يكن على أيدي علماء يستطيعون أن يميزوا بين الأصيل و الدخيل و أن يفرقوا بين الغث و السمين
فكان هؤلاء هم التجار العرب الذين دخلوا شرق افريقيا عبر الحبشة و الصومال و السودان فحملوا معهم اسلاما ضعيفا و ذالك لضعفهم في العلوم الشرعية و هؤلاء كما قال الشيخ رحمه الله كانوا حريصين أن يعلموا الناس كل ما علموه صوابا أو خطأ وليسوا باستغلاليين أو نفعيين فجزاهم الله خير الجزاء على حسن نيتهم ومجهودهم.
ثم ظهر صنف آخر دخل مجال الدعوة الى الاسلام حسب زعمهم و هم المتصوفة
قال الشيخ رحمه الله
لننتقل إلى الحديث عن صنف أخر من الدعاة- في زعمهم- وهم المتصوفة.
وقد قام هؤلاء بالعمل باسم الإسلام في أفريقيا شرقا وغربا وشمالا.
وقبل أن أخوض في الحديث عنهم ذكرني موقفهم وتصرفهم عنوان كتاب لبعض الكتاب المعاصرين, "الإسلام المفترى عليه" ثم أقول يمكن أن نوجز عمل مشايخ الصوفية فنقول، إنهم دعوا إلى كل شيء غير الإسلام بالمفهوم الصحيح.
أما الإسلام النزيه الذي جاء به رسول الإسلام وسيد الأنام فلا صلة لدعوتهم به ولعلي لا أشق عليكم أو لا أحرج أحدا لو استطردت حديثا غير طويل لنعرف شيئا عن دعوة المتصوفة لأن المشاع على ألسنة بعض الناس أن لمشايخ الصوفية دورا بارزا وهاما في ميدان الدعوة إلى الإسلام. ويزعمون أن الإسلام دخل بعض المناطق في أفريقيا وغيرها على أيديهم.
التحقيق
الواقع أن لمشايخ الصوفية أعمالا ومجهودا ملموسا في القارة وأنهم دعوا الناس إلى شيء إلا أن ذلك الشيء غير الإسلام في حقيقته وجوهره وهم يعلمون في الغالب الكثير هذه الحقيقة من أنفسهم وإن كان يوجد فيهم من يجهلون هذه الحقيقة ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.
يعرف تفاصيل ما أجملت كل من خالط القوم، بل قد صرح بذلك بعض من تاب الله عليهم فتابوا وصرحوا بأنهم ليسوا على شيء قبل التوبة، فنسأل الله لنا ولكم العافية وأما بعض العبادات التي يؤدونها وفق تعاليم الإسلام وبعض الأوراد التي يترنمون بها في حضراتهم وتنطلي على السذج وما قد يتظاهرون به مما ظاهره الإسلام أمام العوام فكل ذلك ملعقة عسل في كوب من السم القاتل فاحذروها لعلكم تسلمون. وقديما قيل: "اسأل مجربا ولا تسأل طبيبا".
أهداف مشايخ الصوفية في دعوتهم
يهدف القوم في الغالب الكثير باسم الدعوة إلى الإسلام يهدفون إلى الأمور الآتية:
1- تسخير العوام واستخدامهم في مصالحهم الخاصة بدعوى أنهم أهل الله وخاصته فيجب على الناس جميعا أن يخضعوا لهم ويكونوا طوع أمرهم مهما كلفهم الأمر وإن لم يكونوا كذلك فهم مهددون بسلب إيمانهم وسوء الخاتمة.
وتفاديا لهذا الخطر الجسيم يبالغ عوام المسلمين في الخضوع لهم إلى حد العبادة وهذا أحد مفاهيم الدعوة إلى الإسلام عند القوم فما رأى القاريء الكريم؟
وانطلاقا من هذا المفهوم تقول قاعدة صوفية معروفة:
يجب على المريد أن يكون بين يدي الشيخ كالميت بين يدي الغاسل، مسلوب الحرية والاختيار، فاقد الإرادة والحركة حتى حركة الضمير وحديث النفس لأن من صفات الشيخ معرفة ما في الضمائر، ومن خرج على هذه القاعدة يكون عرضة لغضب الشيخ ومن يحلل عليه غضبه فقد هلك.
2- تزهيد الناس في علماء الشريعة وطلاب علم الكتاب والسنة بدعوى أنهم أهل الحقيقة والعلماء أهل الشريعة أو هم أهل الباطن والعلماء أهل الظاهر وعلوم الشريعة قشور غير نافعة ما لم يكن في داخلها اللب الذي عند الصوفية وهو ما يسمونه بالعلم الباطن أو العلم اللدني. وهذا كما ترى محاربة سافرة لما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام من علم الكتاب والسنة ومحادة لله ولرسوله من حيث لا يشعرون أومن حيث يشعرون أحيانا.
3- أنهم يسعون مشمرين عن ساعد الجد للوصول إلى ما يسمونه بالحرية المطلقة وهى التحلل الكلى من جميع التكاليف وهو دين وحدة الوجود ويعدون بعض الملاحدة كابن عربي وابن الفارض من أقطابهم ويحاولون الوصول إلى ما وصلوا إليه من الزندقة والخروج على الكتاب والسنة ويلقبون هؤلاء، الزنادقة بالألقاب الآتية:
الواصلون العارفون بالله. الأقطاب وأخيرا الغوث الأعظم.
ما أعظم الفرية؟ وكأن الغوث لا يجمع في اصطلاح القوم ولا مشاحة في الاصطلاح.
وبعد فهل يجوز والحال كما وصفت اعتبار مشايخ الصوفية من دعاة الإسلام كما يحلوا لبعضهم اعتبارهم من الدعاة ومن الممثلين للمسلمين لدى الأجانب كما يسميهم بعض المخدوعين بهم؟ إن هذا الاعتبار والتمثيل قد شوه جمال الإسلام لدى غير المسلمين وقضى على سماحته لأنهم أصروا الإسلام بمظهر طقوس وثنية واستغلالية. ومكنوا بذلك لأعداء الإسلام أن ينالوا من الإسلام أيما نيل. لهذا كله لا أبيح لنفسي ولا لمن يسمع نصحيتي القول بأنهم من دعاة الإسلام بل الذي يجب أن يقال لبيان الواقع ولكشف الحقائق إنهم دعوا الناس إلى عبادة مشايخهم وأقطابهم وصرفوا الناس عن المفهوم الصحيح للإسلام وقد يقول قائل منهم إنهم قد أدخلوا كثيرا من الوثنيين في الإسلام.
الجواب حقا أنهم أخرجوهم من الوثنية السافرة وأدخلوهم في الوثنية المقنعة بعد أن أطلقوا عليها اسم الإسلام لتقبل وتستساغ
أما الإسلام بمفهومه الصحيح فهم في معزل عنه فضلا عن أن يدخلوا غيرهم في صميمه وأنى لهم ذلك. إذ "فاقد الشيء لا يعطيه ".
ولا شك أن هذا التخبط نتيجة إهمال دعاة الإسلام واجبهم وتقصيرهم في أداء واجب الدعوة الإسلامية كما يجب. لذا فهم يتحملون تبعة ذلك كله لأنهم مع فهمهم وقدرتهم تركوا المجال لغيرهم حتى خلا الجو لمشايخ الصوفية ومن تبعهم بغير إحسان.
خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري
وخشية أن يقول قائل- ولو في نفسه- إن كل ما ذكرته من أوصاف القوم وأحوالهم نعتبره دعوى. وهل لديك دليل على ما زعمت؟ خشية أن يرد هذا النوع من التعليق لنسمع معا بيتين لبعض أقطابهم أحدهما لابن الفارض حيث يزعم انه اتحد مع الله بحيث لو صلى فإنما يصلى لنفسه فسجوده لنفسه وركوعه له وهكذا، وذلك إذ يقول:
لها صلواتي بالمقام أقيمها واشهد فيها أنها لي صلت
والبيت من تائيته المشهورة التي يطرب مشايخ الصوفية عند قراءتها, فأنت ترى إنه يزعم أنه صار ربا وعبدا يصلي وربما يصلى له .وقد صرح بهذا المعنى أحد رؤسائهم- أحسبه ابن عربي- إذ يقول:
الرب عبد والعبد رب فياليت شعري من المكلف
هذه هي المنزلة التي يشمر لها كل شيخ من مشايخ الصوفية كما يعرف ذلك كل من له اتصال بالقوم. وهل يمكن إدخال هذا المعنى في مفهوم الدعوة الإسلامية؟.
وأما البيت الثالث فقد قاله الكولخى الأفريقي وهو يدعوا الناس إلى تقديس نفسه والغلو فيه إلى حد العبادات زاعما أن محبته ورؤيته توجبان للمرء دخول الجنة ولا محالة حيث يقول:
ومن أحبني ومن رآني في جنة الخلد بلا بهتان
وأكتفى بهذا النموذج من كلام القوم كشاهد وكدليل على صفاتهم ومن أراد المزيد فعليه بكتب القوم وهي منشورة في مناطقها والله المستعان.
من هذا الشرح الموجز نتبين أن الإسلام دخل القارة أول مادخل بمفهومه الصحيح وخالطت بشاشته القلوب وذاقت حلاوته، ثم بعد فترة غير قصيرة أخذ ينتشر على أيدي جماعة تتمتع بحب الإسلام ولا الخير والهداية للمسلمين ولكنها لم تهضم الإسلام ولم تفهمه حق فهمه وهم التجار.
ولما رأى مشايخ الصوفية خلو الميدان وتقاعس دعاة الحق عن واجبهم نزلوا الميدان ولقبوا أنفسه بما سبق أن سمعناه من الألقاب الخداعة فنزلوا ميدان الدعوة إلى الإسلام ليتاجروا بالدين وليجعلوا الإسلام واجهة لدعوتهم الوثنية أو الإلحادية أحيانا على ما تقدم. فأفسدوها حتى صار أتباعهم ومريدوهم يخشونهم كخشية الله أو أشد خشية ويراقبونهم أشد من مراقبتهم لله، هل هذا هو الدين؟ وهل هذه كل الدعوة إلى الإسلام وأي إسلام هذا يا سبحان الله.
وللأسف الشديد هذا هو مفهوم الدين الإسلامى عند جمهور المسلمين الذين تلقو الإسلام على أيدى مشايخ الطرق ولدى كثير من الذين يحسنون الظن بهم والذي يُؤسف له أن يكون هذا موقف بعض علماء المسلمين الذين درسوا ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ولكنهم لم يرزقوا الفقه في الدين ومن يرد الله به خيرا يفقه في الدين والدراسة شىء والفقه شىء آخر.
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتد لولا أن هدانا الله ولله الحمد والمنة وحده ربنا لا نحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.