مطلب الكرامة
في بيان بوائق دعوة
المساواة
تأليف/
محمد بن عبد الله الإمام
دار الحديث بمعبر حرسها الله
المقـــدمـة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه
أما بعد:
في بيان بوائق دعوة
المساواة
تأليف/
محمد بن عبد الله الإمام
دار الحديث بمعبر حرسها الله
المقـــدمـة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه
أما بعد:
لقد أخبر الرسول r بخبر فيه نبأ عظيم، وهو قوله: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه. قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟» رواه البخاري رقم (3456) واللفظ له، ومسلم رقم (2669) من حديث أبي سعيد.
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r:«لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلهما، شبراً بشبر وذراعا بذراع. فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ فقال: ومن الناس إلا أولئك» رواه البخاري رقم (7319)
فهذان الحديثان العظيمان فيهما معجزة للرسول r لأنه أخبر عن شيء سيقع فوقع كما أخبر، فالمشاهد أن كثيراً من المسلمين قد فتنوا بما عند اليهود والنصارى من ضلالات، وقد حصل في النصف الثاني من القرن الرابع عشر توجه بعض أبناء المسلمين إلى الدراسة على أيدي الكفار في بلادهم، وكانت هذه الدراسة الشرارة الأولى لنقل ما عند الكفار من انحلال عقائدي وفساد أخلاقي إلى بلاد المسلمين، فرجع من رجع منهم إلى بلدانهم وهم يحملون الدعوة التي في بلاد الكفار بكل سمومها وآفاتها، مقتنعين بأنها البديلة عما عند المسلمين، فقاموا بتأسيس الأحزاب الإلحادية والعلمانية، وجندوا معهم من قدروا عليه من جهال المسلمين، وأقاموا دعوتهم على طراز الدعوة في بلاد الشرق والغرب إلى الحرية المطلقة، والمساواة العامة، غير مبالين بمنابذتهم الإسلام، ووقوعهم في الانسلاخ منه، ولما رأى أعداء الإسلام من يهود ونصارى أن هذه الأحزاب قد قطعت شوطاً في نشر ما يريدون؛ أعانتها ومدتها بما يزيد في تقوية الباطل ونشره، ولما رأت الدول الغربية أن ممن تتلمذ على أيديهم قد صارت زمام أمور المسلمين بأيديهم كالرؤساء والوزراء؛ جندوهم لفرض قوانينهم على المسلمين، ونشر ما يريدون من فجور وفساد متسلطين عليهم بالترغيب والترهيب، ثم نشطت الدول الغربية فأرسلت بمنظماتها لتباشر الدعوة إلى ما تريد، وكما تريد، وزودت منظماتها بالخطط الإجرامية من تجسس وترقب لأحوال المسلمين وتعرف على الثغرات، ومتابعة حكام المسلمين في تنفيذ ما يطلب منهم، وبهذا قام سوق الدعوة إلى الحرية والمساواة في بلاد المسلمين، فقد صارت تنشر عبر وسائل الإعلام المسموع والمقروء والمرئي، وصارت النساء المخدوعات بهذه الدعوة يدعين إليها كما يدعو الرجال، وأسست الأحزاب والجمعيات النسوية وغير ذلك على غرار ما قد تحقق في بلاد الغرب الكافر، وأوحى أعداء الإسلام إلى هؤلاء النسوة أن المرأة في بلادهم قد نجحت نجاحاً باهراً، وحطمت القيود التي تحُوْل دون المساواة بينها وبين الرجل، ولم يتحقق هذا إلا عندما قامت المرأة بنفسها تدافع وتطالب بالمساواة المذكورة، فإن أردت اللحاق بها فاسلكي سبيلها واقتفي أثرها، فأخذت المرأة المسلمة المفتونة بهذا الباطل تعبر القارات للوصول إلى المؤتمرات العالمية في بلاد الكفار وغيرها، وترجع وقد امتلأت تأثراً وحنقاً على مجتمعها شعباً ودولة، وأولياء وأقرباء ممن يخالفون ما تدعو إليه، ومعلوم أن دعوة المساواة هي إحدى شعارات الديمقراطية، وقد اخترت أن تكون رسالتي هذه فيها لأمور:
1- لذة الأسماع بشعار (المساواة) لأنها كلمة تعطي السامع أنك ستعطى مثل ما أعطي من فاقك بالمال أو الجاه، أو القوة، أو حقوق أخرى، والنفوس تتطلع إلى هذا خصوصاً من كان يريد النكاية بمن فاقه أو الترفع عليه.
2- تحمل دول الغرب لدعوة المساواة مؤخراً دون غيرها، وجعل الأحزاب في بلاد المسلمين خصوصاً النسائية تندفع إلى ذلك أكثر، ولِما للدول الكافرة من منظمات في بلاد المسلمين تدعو إلى ذلك، ولِما لها _ أيضاً _ من هيمنة على حكام المسلمين وعلى الأحزاب العلمانية والأحزاب المبتدعة .
3- تَبَني الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل والعكس _ مطلقاً _ يعد جديداً على العالم، لأن الأمم المتحدة تبنته مؤخراً، وجندت نفسها لتنفيذه.
4- الدعوة إلى الحرية صارت شعاراً بالياً بسبب دعوة الشيوعية إليها، وإعلانها رفض الإسلام ورفض كل القيم، وتحطيم كل خير باسم الحرية، بخلاف المساواة، فلا تزال الدعوة إليها كالبكر، خصوصاً مساواة المرأة بالرجل، فإنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا من قبل خمسين سنة تقريباً، منذ أن تبنتها الأمم المتحدة.
فهذه البنود جعلتني أختار موضوع (المساواة) وأقدم للقراء الكرام بحثاً فيها، وبيان أبعاد مراميها، وسعة محتواها، فإنها لا تبقي ولا تذر، وقد حرصت في كتابة هذه الرسالة على النقل من الكتب التي نقلت أقوال الغرب وأعمالهم وأحوالهم، لأنها أدل دليل على حقيقة المساواة التي يريدون، وقد حرصت على بيان مفاسد المساواة في كل نوع من أنواعها مما ذكرته، وبيان ما جاءت به الشريعة الإسلامية من المصالح العظيمة والمنافع العميمة مما يخالف ذلك.
وكما هي طريقتي في التأليف: الحرص على الاستدلال بما صح من الأحاديث، وقد أسميت هذه الرسالة (مطلب الكرامة في بيان بوائق دعوة المساواة) وإني لأدعو علماء الإسلام وأتباع سيد الأنام _ عليه الصلاة والسلام _ أن يعطوا موضوع تشبه المسلمين واتباعهم اليهود والنصارى اهتماماً كبيراً، وأن يوضحوا للمسلمين أضرار الدعوات التي يتزعمها الغرب، ويصدرها للمسلمين، كالدعوة إلى حقوق الإنسان، ومساواة المرأة بالرجل، والعكس، وأن يكشفوا عن خبائث هذه الدعوات ومفاسدها الكثيرة، ولعل رسالتي هذه وأمثالها تكون دافعة إلى القيام بهذا.
فالله أسأل أن يرزقني السداد في القول والعمل، وأن ييسر طبعها ونشرها، والانتفاع بها.
ولا أنسى أن أدعو لكل أخ تعاون معي في إعداد وإخراج ونشر هذه الرسالة، فالله أسأل أن يبارك في جهود من تعاون معي فيها، وأن يرزقهم الصلاح في دينهم ودنياهم، وأن يرفع درجاتهم في الآخرة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وشكر الله لمن أهدى إلي عيوبي، وأحسن بي الظن، والتمس لي العذر فيما رأى من تقصير، والله المستعان.
تنبيه: كثيراً ما أعزو في الرسالة إلى كتاب "حقوق الإنسان" والمراد به "حقوق الإنسان بين الشريعة والقانون.. نصاً ومقارنة وتطبيقا" فليتنبه.
وكان الانتهاء من كتابة هذه الرسالة يوم السبت الخامس عشر من شهر ربيع الثاني عام 1427هـ
لتحميل الكتاب
مطلب الكرامة في بيان بوائق دعوة المساواة
لتحميل الكتاب
مطلب الكرامة في بيان بوائق دعوة المساواة