الجزء الثالث :
ومن فضائلها ومكانتها حسن معاشرته لها :
ومن حسن المعاشرة معها كان قول لها : كما ففي صحيح البخاري برقم [5189] باب حسن المعاشرة قالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ ». َصحيح مسلم [ 6458]
ومن حسن معاشرته لها كان يسابقها :
ففي سنن أبي دواد برقم[ 2323]- عن عائشة رضي الله عنها:أنها كانت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، قالت: فسابقته، فسبقتُهُ على رِجْلَيَّ. فلما حملت اللَحْمَ؛ سابقته فسبقني، فقال:" هذه بتلك السبْقَةِ ".(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) .
إسناده: حدثنا أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق- يعني: الفَزَارِي- عن هشام بن عروة عن أبيه وعن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الأنطاكي، وهو ثقة. وهما إسنادان عن عائشة:
أحدهما: عن هشام عن أبيه عنها... وقد جاء عنه من طرق. والآخر: عن هشام عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها.
أخرجهما أحمد وغيره مفصولاً أحدهما عن الآخر، وقد خرجته في " الإرواء "(1502) ، و "آداب الزفاف ".ورواه النسائي في " الكبرى" (5/303- 305) ... بالإسنادين.
ومن حسن معاشرته أنه كان يضع فمه على المكان الذي وضعته من الأكل والشرب.
فعن مسعر، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العظم فأتعرقه، ثم يأخذه، فيديره حتى يضع فاه على موضع فمي.رواه شعبة والناس عن المقدام، وأخرجه مسلم رقم (300) .
قلت : سبحان فهذه أخف الأموركان يمازحها فيها؛ وينبسط إليها ويعاشرها باللطف ، فكيف في الأمور العظيمة التي تحفظ شرفها وعرضها ؟
ومن حسن معاشرته لها كان يبادرها بالهو واللعب : وفي البحاري 5190 حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : كان الحبش يلعبون بحرابهم فسترني رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا أنظر فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن تسمع اللهو.
وهو في الصحيحة للشيخ الألباني برقم [ 3277] (يا حُمَيراءُ! أتحبِّينَ أن تنظُرِي إليهم؟! يعني: إلى لعِبِ الحبشةِ ورقصِهم في المسجدِ).
أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (5/307/ 8951)، والطحاوي في"مشكل الآثار" (1/117) قالا: أنا يونس بن عبدالأعلى قال: أنا ابن وهب قال: أخبرني بكر بن مُضر عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: دخل الحبشةُ المسجدَ يلعبون، فقال لي: (فذكره)... >>.
قلت: [ أي الشيخ الألباني ] وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يونس بن عبد الأعلى، فهو على شرط مسلم وحده.
ومن حسن معاشرتها كان يسرّب إليها الجواري يرسلهن يلعبن معها ويتستر بإزاره حتى لايقطعها من لعبها .
ففي صحيح مسلم [6440 ]- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ وَكَانَتْ تَأْتِينِى صَوَاحِبِى فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُسَرِّبُهُنَّ إِلَىَّ.
وأخرجه البخاريفي: 78 كتاب الأدب: 81 باب الانبساط إلى الناس [6130].
ومن حسن معاشرته لها أنها كانت تلعب باللعب وهي عنده زوجة.
ففي صحيح مسلم برقم 2440- حَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ وَقَالَ فِى حَدِيثِ جَرِيرٍ كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فِى بَيْتِهِ وَهُنَّ اللُّعَبُ.
وقال أبو نعيم: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن النعمان بن بشير، قال: استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا عائشة ترفع صوتها عليه، فقال: يا بنت فلانة، ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها.
ثم خرج أبو بكر، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يترضاها، وقال: " ألم تريني حلت بين الرجل وبينك ".ثم استأذن أبو بكر مرة أخرى، فسمع تضاحكهما، فقال: أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما.أخرجه أبو داود رقم (4999) في الادب: باب ما جاء في المزاح ، والنسائي من طريق حجاج بن محمد، عن يونس نحوه.قلت : وإسناده قوي. وأخرجه أحمد ( 4 / 271 - 272 ) بلفظ :[[ ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه ، فوجده يضاحكها..]] وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة "[ 6 / 944 ][برقم[ 2901].
ومن فضائلها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره أن يُؤذى فيها :
ففي صحيح اليخاري كتاب الشهادات[ 2661] – في حديث الإفك عنها رضي الله عنها
قالت فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم من يومه فاستعذر من عبد الله ابن أبي وهو على المنبر فقال ( يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي والله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي ) وطرفه[ 4141] ومسلم [ح 2770].
ففي البخاري [ 3775 ]- حدثنا عبد اله بن عبد الوهاب حدثنا حماد حدثنا هشام عن أبيه قال عن عائشة رضي الله عنها :<< ...قالت: فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال ( يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها ) ومسلم [2435 ].
وهكذا كان الصحابة يكرهون أن يؤذيها أحدٌ لأنها زوجة حبيب الله وحبيبهم ، وهي أمهم ؛ فكما أنه لا أحد يحب أن يؤذى في أمه التي ولدته فكذلك لاأحد من المؤمنين يحب ويرضى أن يؤذى في واحدة من أمهات المؤمنين ، وخاصة من نزل القرآن ببراءتها ، وكانت سببا في نزوله ، بل إن أمومة الإيمان مقدمة على أمومة النسب .
لقوله صلى الله عليه وسلم :<< لايؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما >> ومن حب الرسول حب أزواجه : لقوله لابنته فاطمة ألا تحبيتن ما يحب أبوك ؟ قالت : بلى . قال :فأحبي هذه .
فأخرج الترمذي من طريق الثوري عن أبي إسحاق عن عمرو بن غالب أن رجلا نال من عائشة عند عمار بن ياسر فقال: أغرب مقبوحا أتؤذي محبوبة رسول الله صلى الله عليه و سلم.
وأخرجه بن سعد من وجه آخر عن أبي إسحاق عن حميد بن عريب نحوه وقال:" مقبوحا منبوحا" وزاد : أنها لزوجته في الجنة .وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي.
ومن فضائلها أنها مبشرة بالجنة ، فهي زوجته فيها :
وأخرجه بن سعد من وجه آخر عن أبي إسحاق عن حميد بن عريب نحوه وقال:" مقبوحا منبوحا" وزاد : أنها لزوجته في الجنة .
وعن مسلم البطين قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:<< عائشة زوجتي في الجنة >>.وصححه الشيخ الألباني .. ومن طريق أبي محمد مولى الغفاريين أن عائشة قالت: يا رسول الله من أزواجك في الجنة؟ قال: أنت منهن .
ففي صحيح البخاري [ 3772] حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن الحكم سمعت أبا وائل قال : لما بعث علي عمارا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها وطرفه :[7100-7101].
وفيه من طريق أبي حصين، عن عبد الله بن زياد، عن عمار بن ياسر، سمعه على المنبر يقول: إنها لزوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة .يعني عائشة.
وفي لفظ ثابت: أشهد بالله إنها لزوجته. أخرجه البخاري في الفتن [ج13 / 58/ 7100- والترمذي (3889) في المناقب.
قال الحافظ بن حجر : في شرحه للحديث : قال ابن التين: " فيه أنه قطع لها بالجنة إذا لا يقول ذلك إلا بتوقيف " .
وقد قال الامام أحمد: حدثنا وكيع عن إسماعيل عن مصعب بن إسحاق بن طلحة عن عائشة عن النبي صلى الله عليهوسلم: قال: " إنه ليهون علي أني رأيت بياض كف عائشة في الجنة " تفرد بهأحمد.قلت : وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة [6 / 867 ] برقم[ 2867 ] .
ومن فضائلها في الجملة ما أخبرت به هي : وقال ابن سعد أخبرنا هشام هو بن عبد الملك الطيالسي حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن عائشة قالت : أعطيت خلالا ما أعطيتها امرأة ، ملكني رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا بنت سبع وأتاه الملك بصورتي في كفه لينظر إليها وبني بي لتسع ورأيت جبرائيل ، وكنت أحب نسائه إليه ؛ ومرضته فقبض ولم يشهده غيري والملائكة.
وأورد من وجه آخر فيه عيسى بن ميمون وهو واهٍ. قالت عائشة: فضلت بعشر فذكرت مجيء جبريل بصورتها. قالت : ولم ينكح بكرا غيري ولا امرأة أبواها مهاجران غيري ، وأنزل الله براءتي من السماء ، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ، وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد ، وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه ، وقبض بين سحري ونحري في بيتي وفي ليلتي ودفن في بيتي .الإصابة ..
قلت :وإن كان سند هذين الأثرين ضعيفا فإن كل فضيلة من هذه الفضائل الواردة في هذه الجمل جاءت فيها أحاديث ثابتة وآثار صحيحة ، وقد ذكرت طرفا منها فيما مضى من بحثنا هذا والحمد لله رب العالمين .
ومن فضائلها أنها كانت كريمة سخية ،زاهدة ، متواضعة :
وأخرج ابن سعد[ج/8/ 67] من طريق أم درة قالت : بعث ابن الزبير إلى عائشة بمال في غرارتين ، يكون بمائة ألف ؛ ففرقتها وهي يومئذ صائمة . فقلت لها أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه ؟ فقالت: لو كنت أذكرتني لفعلت .واخرجه ابو نعيم في الحلية ، ورجاله يقات .
قال الذهبي في السير [ج2/186-187] والصحيح رواية عروة بن الزبير : أن معاوية بعث مرة إلى عائشة بمائة ألف درهم ،فوالله ما امست حتى فرقتها ، فقالت لها مولاتها : لو اشتريت لنا منها بدرهم لحما ؟ فقال : ألا قلت لي .أخرجه الإمام أحمد في الزهد ، أبو نعيم في الحلية [2/ 47] والحاكم في المستدرك [ج4/ 12].
قال الذهبي رحمه الله في السير [ج2/198]: كانت أم المؤمنين من أكرم أهل زمانها ; ولها في السخاء أخبار، وكان ابن الزبير بخلاف ذلك.
وفضائلها في الكرم والجود أكثر من أن تحصى ، فقد كانت للدنيا قالية ، وعن سرورها لاهية، وعلى فقد حبيبها باكية؛ لاتدخر شيئا من هذه الدنيا الفانية ،ولا ترد سائلا ولو بثمرة تتقي بها النار الحامية .رضي الله عنها من طيبة مرضية .
ومنها أنها من أفقه الناس ، وأعلمهم وأحفظهم :
قال الذهبي رحمه الله : روت عنه [ أي عن النبي صلى الله عليه وسلم ] علماء كثيرا طيبا مباركا فيه.وعن أبيها.وعن عمر، وفاطمة، وسعد، وحمزة بن عمرو الاسلمي، وجدامة بنت وهب رضي الله عنهم .
حدث عنها إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلا، وإبراهيم بن يزيد التيمي كذلك، وإسحاق بن طلحة، وإسحاق بن عمر، والاسود بن يزيد، وأيمن المكي، وثمامة بن حزن، وجبير بن نفير، وجميع بن عمير. وغيرهم فقد روى عنها أكثر من مائة وثمانين نفسا .ذكرهم الذهبي في السير [2/135] وبين من روى عنها ولم يلقها .
قلت : ولقد استدركت رضي الله عنها على الصحابة أشياء لا بأس بها ، وانفردت عنهم بأشياء أخرى لم يشاركها أحد فيها، ومن الأمثلة على فقهها وعلمها :
ما جاء في البخاري برقم [3209 ]- حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عروة : أنه سأل عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه و سلم أرأيت قوله { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا } . أو كذبوا ؟ قالت بل كذبهم قومهم فقلت والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم وما هو بالظن .
فقالت يا عرية لقد استيقنوا بذلك قلت فلعلها أو كذبوا قالت معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها . وأما هذه الآية قالت هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأست ممن كذبهم من قومهم وظنوا أن أتباعهم كذبوهم جاءهم نصر الله .
قال أبو عبد الله { استيأسوا } افتعلوا من يئست { منه } من يوسف . { لا تيأسوا من روح الله } معناه الرجاء وطرفه [ 4252 ، 4418 ، 4419 ].
وفي صحيح مسلم من حديث عائشة أنها قالت منكرةعلى الصحابة لما استنكروا عليها : << ما أسرع نسيانكم والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد سهيلوأخيه >> << وفي رواية>> والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن بيضاء إلا فيالمسجد>>.
اللفظ الأول ، رواه مسلم أنظر صحيح سننأبي داود[ح 2731]. والثاني: رواه الجماعة إلا البخاري أنظر صحيح سنن أبي داود[ح2730] وصحيح سنن ابن ماجة [1518] .
وفي سنن الترمذي برقم [ 3884 ]- حدثنا القاسم بن دينار الكوفي حدثنا معاوية بن عمرو عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة قال : ما رأيت أحدا أفصح من عائشة . قال هذا حديث حسن صحيح غريب .
قال الشيخ الألباني : في صحيح الترمذي [ 3045 ] ( صحيح ) ( صحيح المشكاة 6186 )
وعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه، فقد أعظم الفرية على الله تعالى، ولكنه رأى جبريل مرتين في صورته، وخلقه سادا ما بين الافق .
أخرجه أحمد[ 6 / 241] من طريق ابن أبي عدي، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق قال: كنت عند عائشة ، قال: قلت: أليس الله يقول: {{ ولقد رآه بالافق المبين }}
{{ ولقد رآه نزلة أخرى }} قالت: أنا أول هذه الامة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما: فقال: إنما ذاك جبريل لم يره في صورته التي خلق عليها إلا مرتين، رآه منهبطا من السماء إلى الارض، سادا عظم خلقه ما بين السماء والارض.
وأخرجه مسلم (177) في الايمان، باب معنى قوله عزوجل : {{ ولقد رآه نزلة أخرى }} من طريق الشعبي به، وأخرجه البخاري [ 8 / 466، 469] من طريق الشعبي، عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: " يا أمتاه، هل رأى محمد ربه ؟
فقالت: لقد قف شعري (أي: قام من الفزع) مما قلت . أين أنت من ثلاث ؟ من حدثكهن فقد كذب، ثم قرأت.
{{ لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير}} و {{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب}} << ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب >> ثم قرأت: {{ وما تدري نفس ماذا تكسب غدا }} ومن حدثك أنه كتم شيئا فقد كذب، ثم قرأت: {{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك }} الآية.ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين.
وأخرجه الترمذي (3278) في التفسير، من طريق سفيان، عن مجالد، عن الشعبي.
3554- (قال الله تبارك وتعالى: إذا أحب عبدي لقائي أحببتُ لقاءه، وإذا كره لقائي كرهتُ لقاءه).
هو من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وله عنه طرق:
الأولى: عن الأعرج عنه.
أخرجه مالك، والنسائي (1835- أبو غدة) من طريقه وغيره، وأحمد (2/418).
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
الثانية: عن شريح بن هانئ عنه به قال:
فأتيت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين! سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثاً، إن كان كذلك فقد هلكنا، فقالت: إن الهالك من هلك في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما ذاك؟ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:... (فذكر الحديث).
وليس منا أحد إلا وهو يكره الموت؟! فقالت: قد قاله رسول الله؛ وليس بالذي تذهب إليه، ولكن إذا شخص البصر، وحشرج الصدر، واقشعر الجلد، وتشنجت الأصابع؛ فعند ذلك: "من أحب لقاء الله؛ أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله؛ كره الله لقاءه ".
أخرجه مسلم (8/66)، والنسائي (1834).
الثالثة: عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً به. أخرجه أحمد (2/ 451). وسنده حسن.
وقال أبو الضحى : عن مسروق رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم الأكابر يسألونها عن الفرائض .أخرجه الدارمي [2/342-343]وابن سعد في الطبقات [8/66]والحاكم في المستدرك [4/11].
وفي سنن الترمذي برقم [3883 ]- حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا زياد بن الربيع حدثنا خالد بن سلمة المخزومي عن أبي بردة عن أبي موسى قال : ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما. قال أبو عيسى وهذا حديث حسن صحيح .قال الشيخ الألباني : صحيح[ 3044 ].
وقال عطاء بن أبي رباح :كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة. الإصابة ، والاستيعاب ..وهو في سير أعلام النبلاء [2/185].
وقال هشام بن عروة : عن أبيه ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة .الإصابة ...
وفي السير[ج2/183] عن سعيد بن سليمان، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه، قال: لقد صحبت عائشة، فما رأيت أحدا قط كان أعلم بآية أنزلت، ولا بفريضة، ولا بسنة، ولا بشعر، ولا أروى له، ولا بيوم من أيام العرب، ولا بنسب، ولا بكذا، ولا بكذا، ولا بقضاء، ولا طب، منها. فقلت لها: يا خالة، الطب، من أين علمته ؟ فقالت: كنت أمرض فينعت لي الشئ ، ويمرض المريض فينعت له، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض، فأحفظه.
قال عروة : فلقد ذهب عامة علمها، لم أسأل عنه.قلت : رجاله ثقات، وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " [2 / 49 ] بنحوه من طريق جعفر الفريابي، عن منجاب بن الحارث، عن علي بن سهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله منهاج السنة النبوية منهاج [ جـ4/ 208] وعائشة صحبته في آخر النبوة ، وكمال الدين ، فحصل لها من العلم والإيمان ما لم يحصل لمن لم يدرك إلا أول النبوة؛ فإن الأمة انتفعت بها أكثر مما انتفعت بغيرها، وبلغت من العلم والسنن ما لم يبلغه غيرها.
قلت : حتى قال الزهري فيها : لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل . ذكره الهيثمي في المجمع [9/242]ونسبه للطبراني وقال: رجاله ثقات ، وهوفي المسبدرك للحاكم [ج4/11] والسير للذهبي [ج2/ 185] وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب والحافظ ابن حجر في الإصابة .
قال الذهبي في السير[2/140 ]: [[..ولا أعلمُ في أُمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - ـ بل ولا في النساءمطلقاً ـ امرأةً أعلمَ منها]].