وصايا الآباء الى أولادهم ...عبرة وخلاصة تجربة ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
فإن الوصية والنصيحة من الرجل العاقل الصالح مهمة ولها فائدة عظيمة
فهي خلاصة تجربة وثمرة من ثمرات العمر
فلهذا ذكرها الله عزوجل في القرآن العظيم حيث ذكر وصية إبراهيم الخليل لبنيه ويعقوب عليهم الصلاة والسلام
ووصية لقمان الرجل الصالح لابنه وموعظته البليغة الجامعة لخير الدنيا والآخرة فينبغي لكل مسلم أن يوصي بها ابنه أو ابنته .
ووصايا الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة المطهرة جامعة للخير كله .
-------------------------------------------------------------------
وسأذكر هنا بعض وصايا الآباء لابنائهم لأنها تصدر في الغالب حين يستشعر قائلها دنو أجله واقتراب رحيله
فهي تفوح بالصدق وعمق التجربة تشوبها مسحة من الحزن .
********************
وصية الصحابي الجليل عمير بن حبيب لبنيه :
قال رضي الله عنه :
(( يابني إياكم ومخالطة السفهاء فإن مجالستهم داء
وإن من يحلم عن السفيه يسر بحلمه ومن يجبه يندم
ومن لايقر بقليل مايأتي به السفيه يقر بالكثير
وإذا أراد احدكم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فليوطن قبل ذلك على الأذى
وليوقن بالثواب من الله عزوجل إنه من يوقن بالثواب من الله عزوجل لايجد مس الأذى ))
( وصايا الآباء لأبنائهم ص76)
************************
وصية عمربن هبيرة لبعض بنيه :
قال :
(( لاتكونن أو مشير وإياك والرأي الفطير
وتجنب إرتجال الكلام
ولاتشر على مستبد ولاعلى وغد ولاعلى متلون ولاعلى لجوج
وخف الله في موافقة هوى المستشير
فإن التماس موافقته لؤم وسوء الإستماع خيانة )) ( ص90)
وقال المهلب ابن أبي صفرة لابنه عبد الملك :
(( إياك والسرعة عن المسألة بنعم
فإن أولها سهل في مخرجها وآخرها ثقيل في فعلها
واعلم أن ( لا) وإن قبحت فربما روحت
وإن سئلت أمراً فقدرت عليه فأجب وإن عرفت ان لاسبيل إليه فاعتذر منه
فإنه من لم يعد معتذراً فقد ظلم ))
( وصايا الآباء إلى أولادهم ص 9)
************************
قال ابو الأسود الدؤلي يوصي ابنه :
(( يابني إن كنت في قوم
فلاتتكلم بكلام من هو فوقك فيمقتوك
ولابكلام من هو دونك فيزدروك ))
************************
وأوصى عبد الله بن شداد ابنه محمداً :
((ارى داعي الموت لايقلع وأرى من مضى لايرجع
عليك بتقوى الله وليكن أولى الأمور بك شكر الله وحسن النية في السر والعلانية فإن الشكور يزداد
والتقوى خير زاد
ولاتزهدن في معروف فإن الدهر ذو صروف
والأيام ذات نوائب على الشاهد والغائب
فكم من راغب قد كان مرغوباً إليه وطالب أصبح مطلوباً مالديه
واعلم ان الزمان ذو ألوان ومن يصحب الزمان يرى الهوان
وكن جواداً بالمال في موضع الحق بخيلاً بالأسرار عن جميع الخلق
فإن أحمد جود المرء الإنفاق في وجه البر وإنه أحمد بخل الحر الضن بمكتوم السر.
وإن غلبت يوماً على المال فلاتدع الحيلة على حال فإن الكريم يحتال والدنيء عيال
وكن أحسن ماتكون في الظاهر حالاً أقل ماتكون في الباطن مالاً فإن الكريم من من كرمت طبيعته وظهرت عند الإنفاذ نعمته .
وإن سمعت كلمة من حاسد فكن كأنك لست بالشاهد
فإنك إن أمضيتها حيالها رجع العيب على من قالها
وكان يقال الأريب العاقل هو الفطن المتغافل
ولاتواخ إمرأً حتى تعاشره وتتفد موارده ومصادره
فإذا استطبت العشرة ورضيت الخبرة
فواخه على إقالة العثرة والمواساة على العسرة
وإذا أحببت فلاتفرط وإذا أبغضت فلاتشطط فإنه قد كان يقال :
أحبب حبيبك هوناً ما عسى ان يكون بغيضك يوماً ما
وأبغض بغيظك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما
وعليك بصحبة الأخيار وصدق الحديث
وإياك وصحبة الأشرار فإنه عــــــــــــــــــــــار )) ا.هـــ (أمالي القالي ص25)
فهذه نصيحة نفيسة من إمام من أئمة التابعين رحمه الله .