قاعدة
(مراعاة مآلات الأقوال والأفعال...)
و بعض صورها الفقهية والمنهجية
إعداد: رائد بن عبد الجبار المهداوي(مراعاة مآلات الأقوال والأفعال...)
و بعض صورها الفقهية والمنهجية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإنَّ من أهم ما يتعيّن على الفقيه المصلح ـ الداعية إلى منهج السلف ـ إدراكه وفهمه؛ قواعد الدين الكلية، ومقاصد التشريع العامة، التي يتوقف فهم الأحكام عليها، ويُحتاج في تنزيلها ـ الأحكام ـ على الوقائع إليها. ومن ذلك معرفة الفقيه بأحوال الناس وأعرافهم وعاداتهم وواقعهم.
وكم ممن تصدَّر للفتيا والتعليم أغفل هذا الباب، وأصدر أحكاماً مجرّدة، فوقع ـ وأوقع ـ بخلاف الحق في مسائل عديدة، وكان من أضرِّ الخلق على أديان الناس، وجنايته أعظم من جناية الطبيب الغافل على أبدانهم.
فليس من الفقه والبصيرة في الدين إجابة المستفتي بحكم شرعي ـ وإن كان حقاً ـ دون تقدير لمآل تلك الفتوى وما يترتب عليها من المصالح والمفاسد.
وليس من الفقه والبصيرة في الدين إغفال ما يتعلق بمآلات الأفعال من قواعد؛ كقاعدة سد الذرائع، وإن كان الحكم متعلقاً ـ في أصله ـ بمباح بيّن الإباحة.
وليس من الفقه والبصيرة في الدين الجمود على ما كتبه الفقهاء ـ قديماً ـ في بعض المسائل ـ مراعاة لوقائع معينة، أو أعراف ـ صحيحة ـ متبدلة، أو عوائد متغيّرة، ومن ثم تنزيل تلك الأحكام على وقائع غيرِ تلك الوقائع، وأعرافٍ وعوائدَ تغيرت واختلفت.
وعليه فواجب على المفتي والفقيه والمعلم وغيرهم ممن تصدر للدعوة والتربية على منهج السلف الصالح "النظر إلى مآلات الأقوال والأفعال في عموم التصرفات، وعليه أن يقدر مآلات الأفعال التي هي محل حكمة وإفتائه، وأن يقدر عواقب حكمه وفتواه، ولا يعتقد أن مهمته تنحصر في إعطاء الحكم الشرعي، بل عليه أن يستحضر مآلات ما يفتي به وآثارَه وعواقبَه""الأصول العامة والقواعد الجامعة للفتاوى الشرعية" د. حسين آل الشيخ .
هذا ما سأوضحه ـ إن شاء الله ـ من خلال عرض هذه القاعدة العظيمة، وأدلتها، وبعض تطبيقاتها؛ الفقهية والمنهجية.
فإنَّ من أهم ما يتعيّن على الفقيه المصلح ـ الداعية إلى منهج السلف ـ إدراكه وفهمه؛ قواعد الدين الكلية، ومقاصد التشريع العامة، التي يتوقف فهم الأحكام عليها، ويُحتاج في تنزيلها ـ الأحكام ـ على الوقائع إليها. ومن ذلك معرفة الفقيه بأحوال الناس وأعرافهم وعاداتهم وواقعهم.
وكم ممن تصدَّر للفتيا والتعليم أغفل هذا الباب، وأصدر أحكاماً مجرّدة، فوقع ـ وأوقع ـ بخلاف الحق في مسائل عديدة، وكان من أضرِّ الخلق على أديان الناس، وجنايته أعظم من جناية الطبيب الغافل على أبدانهم.
فليس من الفقه والبصيرة في الدين إجابة المستفتي بحكم شرعي ـ وإن كان حقاً ـ دون تقدير لمآل تلك الفتوى وما يترتب عليها من المصالح والمفاسد.
وليس من الفقه والبصيرة في الدين إغفال ما يتعلق بمآلات الأفعال من قواعد؛ كقاعدة سد الذرائع، وإن كان الحكم متعلقاً ـ في أصله ـ بمباح بيّن الإباحة.
وليس من الفقه والبصيرة في الدين الجمود على ما كتبه الفقهاء ـ قديماً ـ في بعض المسائل ـ مراعاة لوقائع معينة، أو أعراف ـ صحيحة ـ متبدلة، أو عوائد متغيّرة، ومن ثم تنزيل تلك الأحكام على وقائع غيرِ تلك الوقائع، وأعرافٍ وعوائدَ تغيرت واختلفت.
وعليه فواجب على المفتي والفقيه والمعلم وغيرهم ممن تصدر للدعوة والتربية على منهج السلف الصالح "النظر إلى مآلات الأقوال والأفعال في عموم التصرفات، وعليه أن يقدر مآلات الأفعال التي هي محل حكمة وإفتائه، وأن يقدر عواقب حكمه وفتواه، ولا يعتقد أن مهمته تنحصر في إعطاء الحكم الشرعي، بل عليه أن يستحضر مآلات ما يفتي به وآثارَه وعواقبَه""الأصول العامة والقواعد الجامعة للفتاوى الشرعية" د. حسين آل الشيخ .
هذا ما سأوضحه ـ إن شاء الله ـ من خلال عرض هذه القاعدة العظيمة، وأدلتها، وبعض تطبيقاتها؛ الفقهية والمنهجية.
قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (5/177):
"النظر فى مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً؛ كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، مشروعاً لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه، وقد يكون غير مشروع؛ لمفسدة تنشأ عنه، أومصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوى المصلحة أو تزيد عليها؛ فيكون هذا مانعاً من إطلاق القول بالمشروعية، وكذلك إذا أطلق القول فى الثاني بعدم المشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد، فلا يصحإطلاق القول بعدم المشروعية،وهو مجالٌ للمجتهد صعبُ المورد؛ إلا أنه عذبُ المذاق، محمودُ الغبِ، جارٍ على مقاصد الشريعة" ا.هـالأدلة على صحة هذه القاعدة:
أولاً: من الكتاب والسنة الصحيحة:
(1) قوله ـ تعالى ـ:" وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ" الآية. [الأنعام: 108]
قال الإمام البغوي ـ رحمه الله ـ:"فظاهر الآية، وإن كان نهيا عن سب الأصنام، فحقيقته النهي عن سب الله؛ لأنه سبب لذلك." ا.هـ
وقال الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـ: " نهى سبحانه المؤمنين أن يسبوا أوثانهم ـ أي: الكفار ـ؛ لأنه علم إذا سبوها نفر الكفار وازدادوا كفرا... قال العلماء: حكمها باق في هذه الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة، وخيف أن يسب الإسلام أو النبي ـ عليه السلام ـ أو الله ـ عز وجل ـ، فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم، ولا دينهم، ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك؛ لأنه بمنزلة البعث على المعصية... وفي الآية دليل على وجوب الحكم بسد الذرائع، وفيها دليل على أن المحق قد يكف عن حق له إذا أدى إلى ضرر يكون في الدين." ا.هـ
وقال الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ:"يقول تعالى ناهيا لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين، وهو الله لا إله إلا هو." ا.هـ
وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ـ رحمه الله ـ في "تفسيره": " وفي هذه الآية الكريمة دليل للقاعدة الشرعية وهو: أن الوسائل تعتبر بالأمور التي توصل إليها، وأن وسائل المحرم - ولو كانت جائزة - تكون محرمة، إذا كانت تفضي إلى الشر." ا.هـ
(2) عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ ـ قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فِي جَيْشٍ ـ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَار،ِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ!" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ". فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ: فَعَلُوهَا! أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: "دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ"
أخرجه البخاري في "التفسير" برقم (4905)، ومسلم في "البر والصلة" برقم(63/2584)، والترمذي في" التفسير" برقم(3315).
فترَك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قتل المنافقين ـ مع استحقاقهم له ـ لما يترتب عليه من مفسدة أعظم من مفسدة وجودهم وإفسادهم، وتتمثل تلك المفسدة الأعظم بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ"، فخشية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أن يتحدث الناس بما يصدهم عن الدخول في دين الله ـ تعالى ـ وهو القتل بتهمة النفاق منعته من تطبيق حكم جائز ـ شرعاً ـ في أصله. وتَرْكُهُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذاك ـ يندرج تحت قاعدة مراعاة مآلات الأفعال والأقوال.
قال النووي ـ رحمه الله ـ:" وفيه ـ أي الحديث السابق ـ ترك بعض الأمور المختارة، والصبر على بعض المفاسد؛ خوفاً من أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم". "شرح صحيح مسلم" كتاب البر والصلة(45)، باب: نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً(16). (8/191).
(3) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: "يَا عَائِشَةُ لَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ، فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ؛ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتْ الْكَعْبَةَ". أخرجه البخاري برقم(126، 1583ـ1586) ومواضع أخرى،ومالك في "الحج" (33) باب ما جاء في بناء الكعبة برقم(104)، ومسلم في"الحج" برقم (1333) واللفظ له، والترمذي في"الحج" برقم (875)، والنسائي في "المناسك" برقم (2901ـ2902)، وابن حبان في "صحيحه" برقم (3817ـ3818)، وابن خزيمة في "صحيحه" برقم (3022)، وغيرهم.
وترجم الإمام البخاري في "صحيحه" كتاب (3)العلم، (48)باب:
"من ترك بعض الاختيار؛ مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه"، ثم أورد حديث رقم(126) مختصراً بلفظ" يا عائشة! لولا قومك حديثٌ عهدُهم ـ قال ابن الزبير ـ بكفر، لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين؛ باب يدخل الناس، وباب يخرجون".
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ: "وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِقَوَاعِد مِنْ الأحْكَام مِنْهَا : إِذَا تَعَارَضَتْ الْمَصَالِح، أَوْ تَعَارَضَتْ مَصْلَحَة وَمَفْسَدَة وَتَعَذَّرَ الْجَمْع بَيْن فِعْل الْمَصْلَحَة وَتَرْك الْمَفْسَدَة بُدِئَ بِالْأَهَمِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيّ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَخْبَرَ أَنَّ نَقْضَ الْكَعْبَة وَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَوَاعِد إِبْرَاهِيم ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَصْلَحَة، وَلَكِنْ تُعَارِضهُ مَفْسَدَة أَعْظَم مِنْهُ، وَهِيَ خَوْف فِتْنَة بَعْض مَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا، وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ فَضْل الْكَعْبَة، فَيَرَوْنَ تَغْيِيرهَا عَظِيمًا، فَتَرَكَهَا ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ. وَمِنْهَا فِكْر وَلِي الأمْر فِي مَصَالِح رَعِيَّته، وَاجْتِنَابه مَا يَخَاف مِنْهُ تَوَلُّد ضَرَر عَلَيْهِمْ فِي دِينَ أَوْ دُنْيَا، إِلاَّ الأمور الشَّرْعِيَّة؛ كَأَخْذِ الزَّكَاة، وَإِقَامَة الْحُدُود، وَنَحْو ذَلِكَ" "شرح صحيح مسلم" (5/222) تحت حديث رقم(1333)
قال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ: " يدل هذا الحديث:أن القيام بالإصلاح إذا ترتب عليه مفسدة أكبر منه وجب تأجيله، و منه أخذ الفقهاء قاعدتهم المشهورة " دفع المفسدة ، قبل جلب المصلحة ". " سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/106).
(4) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس([1])، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " دعوه وأهريقوا على بوله سَجْلاً([2]) ـ أو ذنوباً ـ من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين"أخرجه البخاري برقم(220)، وأبو داود برقم(380)، والترمذي برقم(147)، والنسائي برقم(56) وابن ماجه(529).
وأخرجه البخاري(222)، ومسلم(285)، وغيرهما عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ "بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: مَهْ مَهْ!([3]) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " لَا تُزْرِمُوهُ([4])، دَعُوهُ." فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: "إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَالصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، ـ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ.
فَتَرْكُ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأعرابيَّ حتى فرغ من بوله فيه مراعاة لما يترتب على زجره وقطع بوله من المفاسد؛ " كتلويث بدنه، وثيابه، وانتشار بوله في مواضع أُخَرَ من المسجد، وما يحدث من ضرر في بدنه، خاصة المسالك البولية ""توضيح الأحكام من بلوغ المرام" للشيخ عبد الله البسام (1/142) بتصرف يسير.
ثانياً: من الآثار السلفية:
(1) عن سعد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: ألمن قتل مؤمناً متعمداً توبة ؟ قال: لا،إلا النار. قال:فلما ذهب قال له جلساؤه: أهكذا كنت تفتينا؟ كنت تفتينا أنَّ لمن قتل توبةً مقبولةً، قال: إني لأحسبه رجلاً مغضباً يريد أن يقتل مؤمناً.قال: فبعثوا في إثره فوجدوه كذلك.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/401)، وذكره القرطبي في "تفسيره"(5/333)، وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (4/343) برقم(2574-17): "رجاله ثقات".
(2) قال : سفيان بن عيينة: كان أهل العلم إذا سئلوا([5]) قالوا : لا توبة له ، فإذا ابتلي رجل ، قالوا له : تب.
أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" باب: تفسير سورة النساء(4/1347) برقم(675). ومن طريقه البيهقي في"سننه" كتاب الجنايات، جماع أبواب تحريم القتل...، (8/16).
(3) عن حبيب بن أبي ثابت قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن مُغَفّل، فسألته عن امرأة فَجرت فَحبِلت، فلما ولدتْ قتلت ولدها؟ فقال ابن مغَفّل: ما لها؟ لها النار! فانصرفت وهي تبكي، فدعاها ثم قال: ما أرى أمرَك إلا أحدَ أمرين:"وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً"[النساء : 110] قال: فَمَسحت عينها ثم مضت.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9/195 ط:شاكر) وعنه ابن كثير في "تفسيره" (4/267 ط:مكتبة أولاد الشيخ)
قال الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على "تفسير الطبري":
"وهذا الخبر من محاسن الأخبار الدالة على عقل الفقيه، وبصره بأمر دينه، ونصيحته للناس في أمور دنياهم".
(1) قوله ـ تعالى ـ:" وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ" الآية. [الأنعام: 108]
قال الإمام البغوي ـ رحمه الله ـ:"فظاهر الآية، وإن كان نهيا عن سب الأصنام، فحقيقته النهي عن سب الله؛ لأنه سبب لذلك." ا.هـ
وقال الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـ: " نهى سبحانه المؤمنين أن يسبوا أوثانهم ـ أي: الكفار ـ؛ لأنه علم إذا سبوها نفر الكفار وازدادوا كفرا... قال العلماء: حكمها باق في هذه الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة، وخيف أن يسب الإسلام أو النبي ـ عليه السلام ـ أو الله ـ عز وجل ـ، فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم، ولا دينهم، ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك؛ لأنه بمنزلة البعث على المعصية... وفي الآية دليل على وجوب الحكم بسد الذرائع، وفيها دليل على أن المحق قد يكف عن حق له إذا أدى إلى ضرر يكون في الدين." ا.هـ
وقال الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ:"يقول تعالى ناهيا لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين، وهو الله لا إله إلا هو." ا.هـ
وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ـ رحمه الله ـ في "تفسيره": " وفي هذه الآية الكريمة دليل للقاعدة الشرعية وهو: أن الوسائل تعتبر بالأمور التي توصل إليها، وأن وسائل المحرم - ولو كانت جائزة - تكون محرمة، إذا كانت تفضي إلى الشر." ا.هـ
(2) عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ ـ قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فِي جَيْشٍ ـ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَار،ِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ!" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ". فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ: فَعَلُوهَا! أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: "دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ"
أخرجه البخاري في "التفسير" برقم (4905)، ومسلم في "البر والصلة" برقم(63/2584)، والترمذي في" التفسير" برقم(3315).
فترَك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قتل المنافقين ـ مع استحقاقهم له ـ لما يترتب عليه من مفسدة أعظم من مفسدة وجودهم وإفسادهم، وتتمثل تلك المفسدة الأعظم بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ"، فخشية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أن يتحدث الناس بما يصدهم عن الدخول في دين الله ـ تعالى ـ وهو القتل بتهمة النفاق منعته من تطبيق حكم جائز ـ شرعاً ـ في أصله. وتَرْكُهُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذاك ـ يندرج تحت قاعدة مراعاة مآلات الأفعال والأقوال.
قال النووي ـ رحمه الله ـ:" وفيه ـ أي الحديث السابق ـ ترك بعض الأمور المختارة، والصبر على بعض المفاسد؛ خوفاً من أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم". "شرح صحيح مسلم" كتاب البر والصلة(45)، باب: نصر الأخ ظالماً أو مظلوماً(16). (8/191).
(3) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: "يَا عَائِشَةُ لَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ، فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ؛ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتْ الْكَعْبَةَ". أخرجه البخاري برقم(126، 1583ـ1586) ومواضع أخرى،ومالك في "الحج" (33) باب ما جاء في بناء الكعبة برقم(104)، ومسلم في"الحج" برقم (1333) واللفظ له، والترمذي في"الحج" برقم (875)، والنسائي في "المناسك" برقم (2901ـ2902)، وابن حبان في "صحيحه" برقم (3817ـ3818)، وابن خزيمة في "صحيحه" برقم (3022)، وغيرهم.
وترجم الإمام البخاري في "صحيحه" كتاب (3)العلم، (48)باب:
"من ترك بعض الاختيار؛ مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه"، ثم أورد حديث رقم(126) مختصراً بلفظ" يا عائشة! لولا قومك حديثٌ عهدُهم ـ قال ابن الزبير ـ بكفر، لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين؛ باب يدخل الناس، وباب يخرجون".
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ: "وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِقَوَاعِد مِنْ الأحْكَام مِنْهَا : إِذَا تَعَارَضَتْ الْمَصَالِح، أَوْ تَعَارَضَتْ مَصْلَحَة وَمَفْسَدَة وَتَعَذَّرَ الْجَمْع بَيْن فِعْل الْمَصْلَحَة وَتَرْك الْمَفْسَدَة بُدِئَ بِالْأَهَمِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيّ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَخْبَرَ أَنَّ نَقْضَ الْكَعْبَة وَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَوَاعِد إِبْرَاهِيم ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَصْلَحَة، وَلَكِنْ تُعَارِضهُ مَفْسَدَة أَعْظَم مِنْهُ، وَهِيَ خَوْف فِتْنَة بَعْض مَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا، وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ فَضْل الْكَعْبَة، فَيَرَوْنَ تَغْيِيرهَا عَظِيمًا، فَتَرَكَهَا ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ. وَمِنْهَا فِكْر وَلِي الأمْر فِي مَصَالِح رَعِيَّته، وَاجْتِنَابه مَا يَخَاف مِنْهُ تَوَلُّد ضَرَر عَلَيْهِمْ فِي دِينَ أَوْ دُنْيَا، إِلاَّ الأمور الشَّرْعِيَّة؛ كَأَخْذِ الزَّكَاة، وَإِقَامَة الْحُدُود، وَنَحْو ذَلِكَ" "شرح صحيح مسلم" (5/222) تحت حديث رقم(1333)
قال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ: " يدل هذا الحديث:أن القيام بالإصلاح إذا ترتب عليه مفسدة أكبر منه وجب تأجيله، و منه أخذ الفقهاء قاعدتهم المشهورة " دفع المفسدة ، قبل جلب المصلحة ". " سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/106).
(4) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس([1])، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " دعوه وأهريقوا على بوله سَجْلاً([2]) ـ أو ذنوباً ـ من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين"أخرجه البخاري برقم(220)، وأبو داود برقم(380)، والترمذي برقم(147)، والنسائي برقم(56) وابن ماجه(529).
وأخرجه البخاري(222)، ومسلم(285)، وغيرهما عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ "بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: مَهْ مَهْ!([3]) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " لَا تُزْرِمُوهُ([4])، دَعُوهُ." فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: "إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَالصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، ـ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ.
فَتَرْكُ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأعرابيَّ حتى فرغ من بوله فيه مراعاة لما يترتب على زجره وقطع بوله من المفاسد؛ " كتلويث بدنه، وثيابه، وانتشار بوله في مواضع أُخَرَ من المسجد، وما يحدث من ضرر في بدنه، خاصة المسالك البولية ""توضيح الأحكام من بلوغ المرام" للشيخ عبد الله البسام (1/142) بتصرف يسير.
ثانياً: من الآثار السلفية:
(1) عن سعد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: ألمن قتل مؤمناً متعمداً توبة ؟ قال: لا،إلا النار. قال:فلما ذهب قال له جلساؤه: أهكذا كنت تفتينا؟ كنت تفتينا أنَّ لمن قتل توبةً مقبولةً، قال: إني لأحسبه رجلاً مغضباً يريد أن يقتل مؤمناً.قال: فبعثوا في إثره فوجدوه كذلك.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/401)، وذكره القرطبي في "تفسيره"(5/333)، وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (4/343) برقم(2574-17): "رجاله ثقات".
(2) قال : سفيان بن عيينة: كان أهل العلم إذا سئلوا([5]) قالوا : لا توبة له ، فإذا ابتلي رجل ، قالوا له : تب.
أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" باب: تفسير سورة النساء(4/1347) برقم(675). ومن طريقه البيهقي في"سننه" كتاب الجنايات، جماع أبواب تحريم القتل...، (8/16).
(3) عن حبيب بن أبي ثابت قال: جاءت امرأة إلى عبد الله بن مُغَفّل، فسألته عن امرأة فَجرت فَحبِلت، فلما ولدتْ قتلت ولدها؟ فقال ابن مغَفّل: ما لها؟ لها النار! فانصرفت وهي تبكي، فدعاها ثم قال: ما أرى أمرَك إلا أحدَ أمرين:"وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً"[النساء : 110] قال: فَمَسحت عينها ثم مضت.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9/195 ط:شاكر) وعنه ابن كثير في "تفسيره" (4/267 ط:مكتبة أولاد الشيخ)
قال الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على "تفسير الطبري":
"وهذا الخبر من محاسن الأخبار الدالة على عقل الفقيه، وبصره بأمر دينه، ونصيحته للناس في أمور دنياهم".
بعض التطبيقات الفقهية على قاعدة "مراعاة مآلات الأفعال والأقوال":
(1) جواز الأكل والشرب مما حرمته الشريعة ـ كالميتة والخمر ـ إذا اضطر الإنسان إلى أكلها أو شربها لعدم وجود غيرها، وخاف الهلاك على نفسه، فإنه يتناول القدر الذي يدفع به الضرر والهلاك.
وهذا الأمر مبني على مراعاة مآلات الأفعال؛ فإن المفسدة بهلاك النفس أعظم من المفسدة بأكل المحرم أو شربه، والمصلحة بحفظ النفس أعظم منها بترك أكل المحرم وشربه.
وهذا الأمر مبني على مراعاة مآلات الأفعال؛ فإن المفسدة بهلاك النفس أعظم من المفسدة بأكل المحرم أو شربه، والمصلحة بحفظ النفس أعظم منها بترك أكل المحرم وشربه.
(2) النهي عن التطوّع المطلق ـ لغير سبب ـ عند طلوع الشمس وعند غروبها؛ سداً لذريعة مشابهة المشركين في سجودهم للشمس عند شروقها وغروبها. ودرء مفسدة مشابهة المشركين أوْلى من تحصيل فضيلة التطوع ببضع ركيعات.
(3) تحريم تصوير ذوات الأرواح؛ بالنحت، أو النقش، أو الرسم، أو الأخذ بآلة التصوير الحديثة، وتحريم تعليق تلك الصور على الجدران؛ سداً لذريعة الوقوع في الشرك.
(4) هجر المبتدع المجاهر ببدعته، وكذا الفاسق المجاهر بفسقه، بترك السلام عليهما، وإجابة دعوتهما، يشرع بالنظر إلى مآل الهجر وعاقبته وما فيه من إصلاح لهما، وتنفير من فعلهما؛ فإنَّ المفسدة بالسكوت عنهما، والخلطة بهما ـ وهي استمرارهما على ما هم عليه، وتشجيع الآخرين على سلوك مسلكيهما ـ أعظم من المفسدة المترتبة على هجرهما، والمتمثلة بتفويت فضيلة السلام، وإجابة الدعوة. وكذلك، فإنَّ المصلحة المرجوة من الهجر أعظم من مصلحة تحصيل فضيلة السلام والخلطة وإجابة الدعوة.
(5) إقامة الحدود، والقصاص، والتعزير بالضرب والحبس والنفي والجلد؛ لما يترتب على ذلك من المصالح الشرعية الكثيرة؛ كحفظ الأمن، والنسل، وقطع دابر الشر والفساد وغيرها من المصالح.
فهذه العقوبات وإن كان فيها مفسدة على المجرمين بالضرب والقطع وغيره، إلا أنَّ مفسدة تركهم من غير عقوبة ـ على المجتمع وأمنه ـ أعظم.
فهذه العقوبات وإن كان فيها مفسدة على المجرمين بالضرب والقطع وغيره، إلا أنَّ مفسدة تركهم من غير عقوبة ـ على المجتمع وأمنه ـ أعظم.
(6) كثير من المباحات تحرم إذا اتخذت وسائل للمحرمات، وتحريمها ينبني على مراعاة ما تؤول إليه من مفاسد ومحرمات. وفروع ذلك كثيرة؛ كتحريم البيع ـ وهو مباح أصلاً ـ وقت النداء لصلاة الجمعة؛ لأنه وسيلة وذريعة للتشاغل عن حضور الذكر ـ الخطبة والصلاة ـ والسعي إليه.
وتحريم بيع المحرمات كالخمر والدخان، وتحريم السفر والمشي لمواقعة الفواحش والمنكرات، وتحريم بيع السلاح في الفتنة، وتحريم النظر إلى العورات، وإلى النساء الأجنبيات، وتحريم الاختلاط بين النساء والرجال، وتحريم سفر المرأة بغير محرم، وغيرها من الفروع التي تفوق الحصر.
وتحريم بيع المحرمات كالخمر والدخان، وتحريم السفر والمشي لمواقعة الفواحش والمنكرات، وتحريم بيع السلاح في الفتنة، وتحريم النظر إلى العورات، وإلى النساء الأجنبيات، وتحريم الاختلاط بين النساء والرجال، وتحريم سفر المرأة بغير محرم، وغيرها من الفروع التي تفوق الحصر.
بعض التطبيقات المنهجية على قاعدة "مراعاة مآلات الأفعال والأقوال ":
(1) السؤال عما لم يقع:
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ في جامع العلوم والحكم (1/245) طبعة الرسالة:
"كان كثير من الصحابة يكرهون السؤال عن الحوادث قبل وقوعها، ولا يجيبون عن ذلك، قال عمرو بن مُرة، خرج عمر على الناس فقال: أحرّج عليكم أن تسألونا عما لم يكن فإن لنا فيما كان شغلاً، وعن ابن ـ عمر رضي الله عنهما ـ قال: لا تسألوا عما لم يكن فإني سمعت عمر ـ رضي الله عنه ـ يقول: لُعن السائل عما لم يكن".
وقال الإمام مالك كما في "تفسير القرطبي" (6/336):
"أدركت أهل هذا البلد وما عندهم علم غير الكتاب والسنة، فإذا نزلت نازلة جمع الأمير لها من حضر من العلماء، فما اتفقوا عليه أنفذه، وأنتم تكثرون من المسائل وقد كرهها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ في جامع العلوم والحكم (1/245) طبعة الرسالة:
"كان كثير من الصحابة يكرهون السؤال عن الحوادث قبل وقوعها، ولا يجيبون عن ذلك، قال عمرو بن مُرة، خرج عمر على الناس فقال: أحرّج عليكم أن تسألونا عما لم يكن فإن لنا فيما كان شغلاً، وعن ابن ـ عمر رضي الله عنهما ـ قال: لا تسألوا عما لم يكن فإني سمعت عمر ـ رضي الله عنه ـ يقول: لُعن السائل عما لم يكن".
وقال الإمام مالك كما في "تفسير القرطبي" (6/336):
"أدركت أهل هذا البلد وما عندهم علم غير الكتاب والسنة، فإذا نزلت نازلة جمع الأمير لها من حضر من العلماء، فما اتفقوا عليه أنفذه، وأنتم تكثرون من المسائل وقد كرهها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(2) الزلل في الفتيا والجواب في الفتنة:
ومن ذلك: الفتيا بجواز الخوض في القتال في الفتنة، أو تأييد أحد الفريقين المقتتلين ـ على الدنيا ـ دون الآخر، أو الفتيا بأن الحق ـ في الفتنة ـ مع جهة دون أخرى، وذلك ليس فيه مراعاةٌ لعواقب الأمور، ومآلات تلك الفتاوي الشنيعة، والنصوص الشرعية جاءت موضحة لموقف المسلم من الفتنة، والذي يتلخص فيمل يلي:
1. النأي بالنفس عنها، والفرار منها، وعدم استشرافها والتعرض لها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ"
2. عدم الخوض بالقتال فيها، أو الإعانة عليه، وكسر السلاح، والنجاء بالنفس لمن استطاع، وإن كان لابد فلتكن كخير ابني آدم.
قال أبو ذرٍّ ا: كنت خلف رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حين خرج من حاشي المدينة، فقال:"يا أبا ذر! أرأيت إن الناسُ قتلوا حتى يغرق حجارة الزيت من الدماء، كيف تصنع؟"قلت: الله ورسوله أعلم. قال:"تدخل بيتك" . قلت: يا رسول الله! فإن أنا دُخل عليَّ؟ قال: "تأتي من أنت منه". قلت: وأحمل السلاح؟ قال: "إذن شاركت". قلت: كيف أصنع يا رسول الله؟ قال:"إن خفت أن يبهرك شعاع السيف فألق طائفة من ردائك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه" أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وصححه الإمام الألباني.
وعن أَبي بَكْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ " إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ، أَلا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي فِيهَا، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا، أَلا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ. قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا أَرْضٌ؟ قَالَ: يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ، ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ ،اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ. قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ، أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي؟ قَالَ:يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ، وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" أخرجه مسلم(2887).
وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ:" إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ، وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَإِنْ دُخِلَ ـ يَعْنِي عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ ـ فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ " أخرجه أبو داود(4259)، والترمذي(2204)، وابن ماجة(3961)، وسنده صحيح كما في الإرواء(2451).
ومن ذلك: الفتيا بجواز الخوض في القتال في الفتنة، أو تأييد أحد الفريقين المقتتلين ـ على الدنيا ـ دون الآخر، أو الفتيا بأن الحق ـ في الفتنة ـ مع جهة دون أخرى، وذلك ليس فيه مراعاةٌ لعواقب الأمور، ومآلات تلك الفتاوي الشنيعة، والنصوص الشرعية جاءت موضحة لموقف المسلم من الفتنة، والذي يتلخص فيمل يلي:
1. النأي بالنفس عنها، والفرار منها، وعدم استشرافها والتعرض لها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ"
2. عدم الخوض بالقتال فيها، أو الإعانة عليه، وكسر السلاح، والنجاء بالنفس لمن استطاع، وإن كان لابد فلتكن كخير ابني آدم.
قال أبو ذرٍّ ا: كنت خلف رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حين خرج من حاشي المدينة، فقال:"يا أبا ذر! أرأيت إن الناسُ قتلوا حتى يغرق حجارة الزيت من الدماء، كيف تصنع؟"قلت: الله ورسوله أعلم. قال:"تدخل بيتك" . قلت: يا رسول الله! فإن أنا دُخل عليَّ؟ قال: "تأتي من أنت منه". قلت: وأحمل السلاح؟ قال: "إذن شاركت". قلت: كيف أصنع يا رسول الله؟ قال:"إن خفت أن يبهرك شعاع السيف فألق طائفة من ردائك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه" أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وصححه الإمام الألباني.
وعن أَبي بَكْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ " إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ، أَلا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي فِيهَا، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا، أَلا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ. قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا أَرْضٌ؟ قَالَ: يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ، ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ ،اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ. قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ، أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي؟ قَالَ:يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ، وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" أخرجه مسلم(2887).
وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ:" إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ، وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَإِنْ دُخِلَ ـ يَعْنِي عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ ـ فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ " أخرجه أبو داود(4259)، والترمذي(2204)، وابن ماجة(3961)، وسنده صحيح كما في الإرواء(2451).
3. المبادرة بالأعمال الصالحة؛ لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
" بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا "أخرجه مسلم(118)، والترمذي(2195) من حديث أبي هريرة.
" بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا "أخرجه مسلم(118)، والترمذي(2195) من حديث أبي هريرة.
4. التفقه في دين الله، والتسلح بالعقيدة الصحيحة، وقراءة أحاديث الفتن وأشراط الساعة وآثارها الصحيحة مع التدبر والتفهم، كما ثبت في الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه أنه كان يسأل عن الشر مخافة ان يدركه.
5. القيام على العبادة، والانقطاع إليها.
عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ ـ رضي الله عنه ـ عن النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ:" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ " أخرجه مسلم(2948)، والترمذي(2201)، وابن ماجة(3985).
عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ ـ رضي الله عنه ـ عن النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ:" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ " أخرجه مسلم(2948)، والترمذي(2201)، وابن ماجة(3985).
6. العمل بمقتضى قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما اخرجه أبو داود(4342) وهو في الصحيحة(205،206) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ:
"الزم بيتك، واملِك عليك لسانك، و خذ ما تعرف، و دع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، و دع عنك أمر العامة ".
"الزم بيتك، واملِك عليك لسانك، و خذ ما تعرف، و دع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، و دع عنك أمر العامة ".
7. الصبر على البلاء إن وقع.
عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: ايْمُ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ:"إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا" أخرجه أبو داود(4263)، وهو في الصحيحة(975).
عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: ايْمُ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ:"إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا" أخرجه أبو داود(4263)، وهو في الصحيحة(975).
8. الاستعاذة بالله من الفتن اقتداءٍ بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. . " أخرجه البخاري(832)، ومسلم(589).
عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. . " أخرجه البخاري(832)، ومسلم(589).
(3) خوض حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام في المسائل الكبار:
فهم يخوضون في تلك المسائل الكبار ـ التي لا يجوز أن يتكلم ويفتي بها إلا أهل العلم الكبار ـ دون مراعاة للعواقب، وتقدير للمصالح والمفاسد، كمسائل الولاية، والحكم، والجهاد، والخروج على الحكام، ومعاملة المستَأْمَنين ـ من الكفار ـ في بلاد المسلمين.
فجوّزوا الخروج على الحكام المسلمين، بعد أن مهّدوا لذلك بتكفيرهم وإقناع العامة بردتهم، فكان ماذا؟
كانت الفتن، والقلاقل، وانعدام الأمن، واستحلال للحرمات، وإزهاق للأنفس المحرمات.
وجوّزوا قتل المستأمنين ـ من الكفار ـ في بلاد المسلمين، فكانت المصائب والويلات.
وزعموا مشروعية القتال!! ـ وواقعه أنه لعصبية وحمية وتحت راية عُمِّيَّةٍ ـ فكانت النتيجة تسلط أكبر لأهل الكفر على بلاد المسلمين.
فهذا المنهج المنحرف ـ بأصله ـ يزيده انحرافاً خروجه عن قاعدة مراعاة مآلات الأقوال والأفعال، التي هي قاعدة عظيمة ينضوي تحتها عموم التصرفات والأقوال والأفعال. والله الموفق.
فهم يخوضون في تلك المسائل الكبار ـ التي لا يجوز أن يتكلم ويفتي بها إلا أهل العلم الكبار ـ دون مراعاة للعواقب، وتقدير للمصالح والمفاسد، كمسائل الولاية، والحكم، والجهاد، والخروج على الحكام، ومعاملة المستَأْمَنين ـ من الكفار ـ في بلاد المسلمين.
فجوّزوا الخروج على الحكام المسلمين، بعد أن مهّدوا لذلك بتكفيرهم وإقناع العامة بردتهم، فكان ماذا؟
كانت الفتن، والقلاقل، وانعدام الأمن، واستحلال للحرمات، وإزهاق للأنفس المحرمات.
وجوّزوا قتل المستأمنين ـ من الكفار ـ في بلاد المسلمين، فكانت المصائب والويلات.
وزعموا مشروعية القتال!! ـ وواقعه أنه لعصبية وحمية وتحت راية عُمِّيَّةٍ ـ فكانت النتيجة تسلط أكبر لأهل الكفر على بلاد المسلمين.
فهذا المنهج المنحرف ـ بأصله ـ يزيده انحرافاً خروجه عن قاعدة مراعاة مآلات الأقوال والأفعال، التي هي قاعدة عظيمة ينضوي تحتها عموم التصرفات والأقوال والأفعال. والله الموفق.
ـــــــــــــــــ
(1) أي بألسنتهم سباً وشتماً.
(2) دلواً.
(3) كلمة زجر وتعنيف
(4) لا تقطعوا عليه بوله. والإزرام: القطع.
(5) أي: عن القاتل.
والنقل
لطفا من هنا
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?s=c55bd6deb4dff8a2954977f04bef7a49&t=380143