هل قاعدة : (القول مقدّم على الفعل) قاعدة مطّردة؟
0
[size=21]السؤال :
هل قاعدة: ( القول مقدّم على الفعل ) قاعدة مطّردة؟ أفيدونا.
الجواب :
الحمد لله ، و الصلاة و السَّلام على رسول الله ، و على آله و أصحابه ومن والاه، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله
أمّا بعد :
فهذه المسألة قد خُصَّت بتأليف؛ لكن آسف أنّني لا أذكر اسم الكاتب ولا المؤلِّف (1)، أمَّا الجمع فجزاه الله خيرًا؛ حيث جمع أقوال أهل العلم ، و الصّحيح الذي تقتضيه الأدلة أنّ الفعل ربّما يكون صارفا للقول من الوجوب إلى النّدب، ومن التحريم إلى الكراهة ، مثل الأمر بالقيام للجنازة، فالنبي صلى الله عليه و سلم جلس(2) كما في حديث علي –فيما أذكر- فيكون جلوسه صارفًا للأمر إلى النّدب .
ومثله أنَّ النبيَّ صلى الله عليه و سلم نهى عن الشُّرب قائمًا(3)، ثمَّ شرب من زَمْزم قائمًا(4)، و شرب من قربة أمِّ سليم و هو قائم (5)، من أجل هذا صرف النهي من التحريم إلى الكراهة.
و أمّا قوله صلى الله عليه و سلم : ( إذا شرِبَ أحدٌ قائِمًا فَلْيَسْتَقِيءْ )، فإنَّه حديث ضعيف، و إن أخرجه مسلم، فالذي أذكر أنَّه من طريق عمر بن حمزة (6).
هذا أمر ، بقي حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال، و قد رأى رجلاً يشرب مَعَك مَنْ هوشَرٌّ مَِنْهُ، الشَّيطانُ، قِهْ) (7).
هذا الأمر الذي أمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يتقيّأ، يُحمل أيضًا على الندب، كما أنّه حُمل النّهي عن الشرب قائما على الكراهة، و لقد أحسن ابن أبي جمرة إذ يقول:
إذا ما شربْتَ فاجلس تفُزْ = بسُّنّة صفوة أهل الحجازْ
و قـد قرَّروا شربه قائمًا = و ذلك لــبيـان الـجـوازْ(8)
و ننصح بقراءة ذلك الكتاب القيِّم؛ فإنَّ من أهل العلم المُتقدِّمين من قال (إن القول يكون صارفًا للفعل و مقدّمًا عليه)؛ و لكن الصَّحيح هو ما سمعتم
الحواشي:
(1) للأسف، و أنا كذلك، لم أقف على اسم الكتاب ولا على اسم مؤلِّفه، و الله المستعان، و لعلّه يشير إلى كتاب (المحقَّق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول صلى الله عليه و سلم) لأبي شامة المقدسي و الكتاب مطبوع فلعل الشيخ يعني هذا الكتاب و الله أعلم.
(2) أخرجه مسلمٌ (962) من طريق محمد بن المندكر قال: سمعت مسعود بن الحكم يحدث عن علي قال : (رأينا رسول الله صلى الله عليه و سلم قام فقمنا و قعد فقعدنا، يعني في الجنازة؛ و أخرج أحمدٌ (624) من طريق واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال : شهدت جنازة في بني سلمة فقمت، فقال لي نافع بن جبير: اجلس، فإنّي سأخبرك في هذا بحديث حدّثني مسعود بن الحكم الزرقي أنّه سمع عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه برحبة الكوفة، و هو يقول : (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لأمرنا بالقيام قي الجنازة، ثم جلس بعد ذلك، و أمرنا بالجلوس).
(3) إشارة إلى حديث أبي سعيد رضي الله عنه: (أن رسول الله نهى عن الشرب قائمًا)، أخرجه مسلم برقم (2025).
(4) إشارة إلى حديث ابن عبّاس قال : (شرب النبيُّ صلى الله عليه و سلم قائما من زمزم)، أخرجه البخاري، رقم (1637) و مسلم، رقم (2027).
(5) أخرجه أحمد (26709) و الدارمي (2125) من طريق عبد الكريم عن البراء بن بنت أنس عن أنس عن أم سليم: (أن النبي صلى الله عليه و سلم شرب من فم قربة قائمًا)، قال الشيخ الألباني رحمه الله في (مختصر الشمائل المحمدية) ص 116: (و فيه البراء بن يزيد بنت أنس و هو مجهول، لكن تابعه حميد عند أبي الشيخ برقم 226 ) إلى أن قال: (ثم وجدت له شاهدا من حديث عائشة فهو به صحيح، أخرجه أحمد 6 /161).اهـ قلت –أبورواحة- : و أصحُّ منه ا أخرجه الترمذي (1893) عن ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان عن يزيد ابن جابر عن عبد الرحمان بن أبي عمرة عن جدّته كبشة، قالت: (دخل عليّ رسول الله فشرب من فِي قربة معلقة قائمًا، فقمت إلى فيها فقطعته)؛ قال أبو عيسى : (هذا حديث حسن صحيح غريب، و يزيد هو أخو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر و هو أقدم منه موتًا).اهـ ؛ قلت –أبو رواحة- و هذا الحديث في صحيح المُسْند ممّا ليس في الصّحيحين (3 /514 لشيخنا الوادعي رحمه الله.
(6) إشارة إلى حديث أبي هريرة مرفوعًا : (لا يشربنَّ أحدٌ منكم قئمًا، فمن نسيَ فليستقيئ) أخرجه مسلم رقم (2026) من طريق عمر بن حمزة ، قال عنه عبد الله بن أحمد عن أبيه : (أحاديثه مناكير).اهـ، و قال عنه النَّسائي : (ضعيف). اهـ، من(تهذيب التهذيب).
(7) إشارة إلى ما أخرجه أحمد (7961) بإسناد صحيح و هو في الصحيح المسند، 2 / 344، 345 ، قال الشيخ الحجوري: (وقد أُعلَّ).
(8) و الذي رأيته في (شرح الزرقاني) 4 / 295 أنّه ينسبها للحافظ ابن حجر، غير أنّه ذكرهما بسياق غير هذا.
من رسالة "الرد الوجيه على أسئلة أهل بيت الفقيه السؤال الأول" العلامة مقبل الوادعي رحمه الله تعالى.
0
[size=21]السؤال :
هل قاعدة: ( القول مقدّم على الفعل ) قاعدة مطّردة؟ أفيدونا.
الجواب :
الحمد لله ، و الصلاة و السَّلام على رسول الله ، و على آله و أصحابه ومن والاه، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله
أمّا بعد :
فهذه المسألة قد خُصَّت بتأليف؛ لكن آسف أنّني لا أذكر اسم الكاتب ولا المؤلِّف (1)، أمَّا الجمع فجزاه الله خيرًا؛ حيث جمع أقوال أهل العلم ، و الصّحيح الذي تقتضيه الأدلة أنّ الفعل ربّما يكون صارفا للقول من الوجوب إلى النّدب، ومن التحريم إلى الكراهة ، مثل الأمر بالقيام للجنازة، فالنبي صلى الله عليه و سلم جلس(2) كما في حديث علي –فيما أذكر- فيكون جلوسه صارفًا للأمر إلى النّدب .
ومثله أنَّ النبيَّ صلى الله عليه و سلم نهى عن الشُّرب قائمًا(3)، ثمَّ شرب من زَمْزم قائمًا(4)، و شرب من قربة أمِّ سليم و هو قائم (5)، من أجل هذا صرف النهي من التحريم إلى الكراهة.
و أمّا قوله صلى الله عليه و سلم : ( إذا شرِبَ أحدٌ قائِمًا فَلْيَسْتَقِيءْ )، فإنَّه حديث ضعيف، و إن أخرجه مسلم، فالذي أذكر أنَّه من طريق عمر بن حمزة (6).
هذا أمر ، بقي حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال، و قد رأى رجلاً يشرب مَعَك مَنْ هوشَرٌّ مَِنْهُ، الشَّيطانُ، قِهْ) (7).
هذا الأمر الذي أمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يتقيّأ، يُحمل أيضًا على الندب، كما أنّه حُمل النّهي عن الشرب قائما على الكراهة، و لقد أحسن ابن أبي جمرة إذ يقول:
إذا ما شربْتَ فاجلس تفُزْ = بسُّنّة صفوة أهل الحجازْ
و قـد قرَّروا شربه قائمًا = و ذلك لــبيـان الـجـوازْ(8)
و ننصح بقراءة ذلك الكتاب القيِّم؛ فإنَّ من أهل العلم المُتقدِّمين من قال (إن القول يكون صارفًا للفعل و مقدّمًا عليه)؛ و لكن الصَّحيح هو ما سمعتم
و الله المستعان..
[size=12]-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-
[size=12]-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-
الحواشي:
(1) للأسف، و أنا كذلك، لم أقف على اسم الكتاب ولا على اسم مؤلِّفه، و الله المستعان، و لعلّه يشير إلى كتاب (المحقَّق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول صلى الله عليه و سلم) لأبي شامة المقدسي و الكتاب مطبوع فلعل الشيخ يعني هذا الكتاب و الله أعلم.
(2) أخرجه مسلمٌ (962) من طريق محمد بن المندكر قال: سمعت مسعود بن الحكم يحدث عن علي قال : (رأينا رسول الله صلى الله عليه و سلم قام فقمنا و قعد فقعدنا، يعني في الجنازة؛ و أخرج أحمدٌ (624) من طريق واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال : شهدت جنازة في بني سلمة فقمت، فقال لي نافع بن جبير: اجلس، فإنّي سأخبرك في هذا بحديث حدّثني مسعود بن الحكم الزرقي أنّه سمع عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه برحبة الكوفة، و هو يقول : (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لأمرنا بالقيام قي الجنازة، ثم جلس بعد ذلك، و أمرنا بالجلوس).
(3) إشارة إلى حديث أبي سعيد رضي الله عنه: (أن رسول الله نهى عن الشرب قائمًا)، أخرجه مسلم برقم (2025).
(4) إشارة إلى حديث ابن عبّاس قال : (شرب النبيُّ صلى الله عليه و سلم قائما من زمزم)، أخرجه البخاري، رقم (1637) و مسلم، رقم (2027).
(5) أخرجه أحمد (26709) و الدارمي (2125) من طريق عبد الكريم عن البراء بن بنت أنس عن أنس عن أم سليم: (أن النبي صلى الله عليه و سلم شرب من فم قربة قائمًا)، قال الشيخ الألباني رحمه الله في (مختصر الشمائل المحمدية) ص 116: (و فيه البراء بن يزيد بنت أنس و هو مجهول، لكن تابعه حميد عند أبي الشيخ برقم 226 ) إلى أن قال: (ثم وجدت له شاهدا من حديث عائشة فهو به صحيح، أخرجه أحمد 6 /161).اهـ قلت –أبورواحة- : و أصحُّ منه ا أخرجه الترمذي (1893) عن ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان عن يزيد ابن جابر عن عبد الرحمان بن أبي عمرة عن جدّته كبشة، قالت: (دخل عليّ رسول الله فشرب من فِي قربة معلقة قائمًا، فقمت إلى فيها فقطعته)؛ قال أبو عيسى : (هذا حديث حسن صحيح غريب، و يزيد هو أخو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر و هو أقدم منه موتًا).اهـ ؛ قلت –أبو رواحة- و هذا الحديث في صحيح المُسْند ممّا ليس في الصّحيحين (3 /514 لشيخنا الوادعي رحمه الله.
(6) إشارة إلى حديث أبي هريرة مرفوعًا : (لا يشربنَّ أحدٌ منكم قئمًا، فمن نسيَ فليستقيئ) أخرجه مسلم رقم (2026) من طريق عمر بن حمزة ، قال عنه عبد الله بن أحمد عن أبيه : (أحاديثه مناكير).اهـ، و قال عنه النَّسائي : (ضعيف). اهـ، من(تهذيب التهذيب).
(7) إشارة إلى ما أخرجه أحمد (7961) بإسناد صحيح و هو في الصحيح المسند، 2 / 344، 345 ، قال الشيخ الحجوري: (وقد أُعلَّ).
(8) و الذي رأيته في (شرح الزرقاني) 4 / 295 أنّه ينسبها للحافظ ابن حجر، غير أنّه ذكرهما بسياق غير هذا.
==========
من رسالة "الرد الوجيه على أسئلة أهل بيت الفقيه السؤال الأول" العلامة مقبل الوادعي رحمه الله تعالى.
نقلاً عن
لطفــــــــاً .. من هنــــــــــا
[/size][/size]لطفــــــــاً .. من هنــــــــــا