خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    هل من مستجيب للشيخ سمير المبحوح

    avatar
    أبوعبيدة الأثري الفلسطيني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 50
    البلد : فلسطين
    العمل : موظف حكومي
    شكر : 3
    تاريخ التسجيل : 02/07/2008

    الملفات الصوتية هل من مستجيب للشيخ سمير المبحوح

    مُساهمة من طرف أبوعبيدة الأثري الفلسطيني 27.05.10 14:41




    بسم الله الرحمن الرحيم
    هَـلْ مِنْ مُسـتجـيـب

    الحمد لله ربّ العالمين , و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
    مِن أبرز و أهم صفات المسلم الصادق مع ربِّه, والمخلص لدينه , المتّبع لهدي نبيِّه – صلى الله عليه وسلم- حبه لإخوانه , وصدقه معهم , وإيثارهم على نفسه , وكل هذه الصفات لابدّ أنْ تكون مِن أجل الله عزّ و جلّ- مجردة عن كل منفعة دنيوية , بريئة مِن كل غرض دنيوي, فهذه الرابطة الأخوية,هي رابطة الإيمان بالله .
    قال تعالى :"{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ " (10 سورة الحجرات)

    وأخّوة الإيمان أوثق روابط النفوس , وأمتن عُرى القلوب , وأسمى صلات العقول والأرواح,فبهذه الرابطة تتحقق حلاوة الإيمان .
    قال - صلى الله عليه وسلم- :" ثلاث مَنْ كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان,أنْ يكون الله ورسوله أحبُّ إليه مما سواهما , وأنْ يحبَّ المرء لا يحبه إلا لله وأنْ يكره أنْ يعود في الكفر بعد أنْ أنقذه الله منه كما يكره أنْ يُقذف في النار "
    ( متفق عليه)
    ومِنْ ثمرة هذه المحبة الإيمانية , أنها ترفع مِن مقام المتحابين في الله, وتظلهم تحت عرش الرحمن,قال - صلى الله عليه وسلم-:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .... ورجلان تحابّا في الله فاجتمعا على ذلك وافترقا عليه...." ( متفق عليه )
    وكفاهم شرفاً أنَّ ربَّ العزة يحفل بهم يوم الحشر فيقول:"أين المتحابون بجلالي؟اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " ( رواه مسلم)
    ويقول:" المتحابون في جلالي لهم منابر مِن نور يَغبِطهم النبيون والشهداء"
    ( رواه مسلم )
    وهذه المحبة لا تتحقق إلا مَنْ صفت نفوسهم , وسمت أرواحهم , وهانت عليهم الدنيا بجانب مرضاة الله, وارتفاعهم عن مشاغل الدنيا وحطامها,وما أعظم هذه المحبة إذا كانت مِن اجل الله , بل قرر النبي – صلى الله عليه وسلم- أنّ أفضل الأخويَن المتحابيْن في الله مِن أشد حباً لأخيه, فقال :" ما تحابَّ رجلان إلا كان أفضلهما أشدُّ حباً لصحابه " ( رواه الحاكم و الحديث صحيح )
    و مِن حرصه – صلى الله عليه وسلم على هذه المحبة أنّه كان لا يَدَعْ مناسبة إلا و يدعُو المسلمين إلى التحابب , و يأمرهم أن يعلنوا هذا التحابب , لتنفتح مغاليق القلوب , و تشيع المودة و الألفة و المحبة و الصفاء بين الصفوف , فعن أنس – رضي الله عنه – أنّ رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه و سلم – فمر به رجل فـقال : يا رسول الله , إني لأحب هذا فقال له النبي – صلى الله عليه و سلم – " أأعلمتَه ؟ قال : لا " قال أَعلِمْهُ " فلحـقه فقال : إني لأحبك في الله , فقال : أَحبَّك الله الذي أحببتني مِن أجله "
    ( رواه أبو داود و الحديث حسن صحيح )
    و كان – صلى الله عليه و سلم - يفعل ذلك بنفسه معـلـماً و مرشـداً المسلمين , حتى يتحقق التوادّ و التـآخي , و ذلك عندما أخذ بيد معاذ و قال له : و الله إني لأحبك ... "
    ( رواه أحمد بإسناد صحيح )
    و جعل النبي – صلى الله عليه و سلم – المحبة مِن أسباب دخول الجنة , فقال :" و الذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا , و لا تؤمنوا حتى تحابّوا ,أوَ لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم "
    ( رواه مسلم )
    و كل هذا مِن أجل انتزاع الحسد مِن النفوس و الحقد مِن الصدور , حتى ينتفي منها الكيد و الغل و التباغض , ولذلك دعا إلى إفشاء السلام بين الإخوة لتتلاقى القلوب , على الخير و المحبة.
    و بهذه المحبة الصادقة استطاع المسلمون الأوائل التماسك و الثبات على دين الله , و بنى بها النبي – صلى الله عليه و سلم – جيل الإسلام الأول الذي بلغ الرسالة و نشر تعاليمها في الخافقين .
    و المسلم الحق الواعي أحكام دينه , يعلم أن الإسلام الذي دعا إلى المحبة , والتواصل و التـعـاطـف و التراحـم و التواصي , هو الذي حرّم التباغض و القطيعة و الهجر بين المتحابين الصادقين , و ذلك لأنّ عروة الحب في الله أوثق و أقوى مِن أنْ تنقطع مِنْ أول ذنب أو خطأ يقترفه أحدهما .
    قال – صلى الله عليه و سلم - :" ما توادّ اثنان في الله جلّ و عزّ – أو في الإسلام , فيفرق بينها أول ذنب يحدثه أحدهما " ( رواه البخاري في الأدب المفرد و الحديث صحيح )

    فمَن منا لا يخطئ , و مَن منا لا يذنب , و هذه طبيعة النفس البشرية , و أنها عرضة لنزوات الغضب, و تقلّبات العاطفة في لحظات الضعف , فلا نجعل هذا مِن أسباب الفُرقة و الاختلاف, و المسلم الصادق لا يصبر على هجر أخيه و مخاصمته , مهما تكن الأسباب , بل يسارع إلى مصافحته و التسليم عليه , لأنّ خيرهما الذي يبدأ بالسلام , فإنْ ردّ عليه السلام اشتركا الاثنان في أجر المصالحة , و إن لم يردّ عليه فقد بريء المسلم مِن إثم القطيعة و الهجر , و باء الممتنع عن رد السلام وحده بالإثم .
    قال – صلى الله عليه و سلم - :" لا يحلّ لأحد أن يهجر أخاه فوق ثـلاث ليـال , يلتقيان , فيصدّ هذا و يصدّ هذا , و خيرهما الذي بدأ بالسلام " ( متفق عليه )
    و كلما زادت مدة القطيعة و الهجر زاد الإثم و اشتد الوعيد للمتخاصمين المتنازعين .
    كما قال – صلى الله عليه و سلم - :" مَن هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه "
    ( رواه أبو داود و الحديث صحيح )
    و لهذا جاء الوعيد شديداً لأولئك أصحاب القلوب القاسية , الملتوين عن جادة الإسلام الخُلُقية , المحجوبين عن بشاشته و سماحته , بإصرارهم على الهجر و القطيعة , و يحجب عنهم رحمته و مغفرته , و يغلق دونهم أبواب الجنة , لقوله صلى الله عليه و سلم -:" تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين و يوم الخميس , فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا , إلا رجلاً كانت بينه و بين أخيه شحناء , فيُقال أَنظروا هذين حتى يصطلحا , أَنظروا هذين حتى يصطلحا, أَنظروا هذين حتى يصطلحا" ( رواه مسلم )
    و المسلم الحق إذا مسّه الغيظ مِن أخيه , كظمه و ما أسرعه إلى العفو عنه و التغاضي عن زلته , و لا يرى في صفحه عن أخيه ذلاً يحيق به , و لا عاراً يلبسه , بل يرى فيه إحسانا يقرّبه مِن الله زُلفى , و يكسبه محبته التي خصّ بها المحسنين مِن عباده .
    قال تعالى :"الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (134سورة آل عمران)
    و تواضع المسلم لأخيه المسلم و عفوه عنه,مبتغياً بذلك مِن الله العزة,والرفعة ,كما قال – صلى الله عليه و سلم- :
    " ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزاً , و ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله "
    ( رواه مسلم )
    إن الحقد لا مكان له في قلب العبد المسلم , الواعي توجيهات دينه , ذلك أنّه يدرك قيمة العفو , و صفـاء القلـب في مغفرة الله له .
    و أنّه لحريٌّ بنا نحن طلبة العلم بعد هذا كله أنْ نكون مِمـَّن تخلّقـوا بأخـلاق النـبي – صلى الله عليه و سلم – , و أن نواجه بعضنا بعضا , ببشاشة الوجه , مبتسمين فرحين , بما أكرمنا الله – عز و جل – به مِن المحبة الصادقة.
    فبشاشة الوجه خليقة حسنة حضَّ عليها الإسلام و جعلها مِن الأعمال الصالحة التي تُكسـب صاحـبها المـثوبة , و الأجر لأن الوجه الطليق الصافي , مرآة القلب النظيـف الصافي , و هذا الصفاء لابدّ أن يـظهر على أخـلاقنـا و محبتنا , كما قال – صلى الله عليه و سلم - :" تبسمك في وجه أخيك لك صدقة "
    ( رواه الترمذي و الحديث صحيح )
    و هكذا النبي – صلى الله عليه و سلم - ,ما كان يقع بصره على أحد مِن صحابته إلا ابتسم له ,و هذا ما حصل مع الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي , قال :"ما حجبني رسول الله – صلى الله عليه و سلم – منذ أسلـمـت , و لا رآني إلا ابتسم " ( متفق عليه )
    لقد حبّب الإسلام إفشاء السلام , و المصافحة و المعانقة عند تلاقي الإخوة , إذا قدموا مِن سفر , لتبقى أسباب الودِّ بين القلوب , و المحبة بين النفوس , فـهـل مـن مسـتـجـيـب .
    و آخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين

    كتبه
    سمير المبحوح
    13 / جمادى الآخر / 1431 هـ

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 0:33