خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الكروم و الجود يا طلاب العلم لدرة فلسطين وعالمها الشيخ سمير المبحوح حفظه الله

    avatar
    أبوعبيدة الأثري الفلسطيني
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 84
    العمر : 50
    البلد : فلسطين
    العمل : موظف حكومي
    شكر : 3
    تاريخ التسجيل : 02/07/2008

    الملفات الصوتية الكروم و الجود يا طلاب العلم لدرة فلسطين وعالمها الشيخ سمير المبحوح حفظه الله

    مُساهمة من طرف أبوعبيدة الأثري الفلسطيني 06.05.10 14:04


















    بسم
    اللهالرحمن الرحيم







    الكرم و الجود يا طلاب العلم




    الحمد لله ربّالعالمين , و الصلاة و
    السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
    الكرم صفة مِنصفات الكمال لله – تعالى
    – تليق بجلاله و عظمته , و هي صفة مِن صفاتالأنـبياء
    و الـرسل , قال تعالى:" وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ
    بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء
    بِعِجْلٍ حَنِيذٍ"



    (69 سورة هود)



    قال
    الإمام القرطبيرحمه الله - :" في
    هذه الآية أدب الضيف أنْ ُيَعجَّل قِراه , فيقدمالموجود
    الميسر في الحال , ثم يتبعه بغيره إنْ كان له جدة , و لا يتكلف ما
    يضر به , و الضيافة مِن مكارم الأخـلاق , و من آداب الإسـلام , و من
    خُلقالنبيّين الصالحين " ( تفسير
    القرطبي 9 / 66 )
    و هذا هو النبيصلى الله عليه و سلم –
    عندما نزل عليهجبريل – عليه السلام –
    باِقرأ , وحصل ما حصل معه , قالت
    له خديجة – رضي الله عنها - :" كلاأبشر
    , فواللهلا يخزيك الله أبداً,
    إنك تصل الرحم , و تصدق الحديث , و تحمل الكلّ , وتقوّي
    الضعيف , و تعين على نوائب الحق ... "



    ( متفق عليه )



    و
    كان – صلى اللهعليه و سلم – أجود الناس
    بالخير , و كان أجود ما يكون في شهر رمضان , حتىينسلخ
    , فيأتيه جبريل فيعرض عليه القرآن , فإذا لقيه جبريل , كان
    رسولالله – صلى الله عليه و
    سلم – أجود بالخـير مِن الريح المرسلة " ( متفق عليه )
    و عن عبد اللهبن عمرو بن العاص – رضـي
    الله عنـهما – أن رجلاً سأل رسول الله – صلى اللهعليه
    و سلم –أيُّ الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام , و تقرأ السلام على مَن
    عرفتَ و مَن لم تعرف "



    ( متفق عليه )



    و
    الإسلام دين يقوم علىالبذل و العطاء, فهو دين
    الكرم و الجود , و لهذا حث معتنقيه أنْ تكوننفوسهم
    سخية , ووصّاهم بالمسارعة إلى دواعي الإحسان ووجوه البر, و أن
    يجعلوا تقديم الخير إلى الناس مِن شغلهم الشاغل , فقال – صلى الله
    عليه وسلم -:" اليد
    العليا خير من اليد السفلى"



    ( رواه مسلم )



    و
    حـث النبي – صلى اللهعليه و سلم- على الإكرام
    فقال :" من كان يؤمـن بالله و اليـوم الآخـرفليكرم
    جاره , و من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليكرم ضيفه ... "



    ( متفق عليه )



    و
    هذا الكرم يحتاج مِنالمسلم أن يروِّض
    ويعوِّد نفسه عليه,حتى تألفه النفس ويسهل عليه ممارستهوالمسارعة
    إليه
    فيا طالب العلم : إذا كنت طرّاقاً
    للأبواب, مُلبياً للدعوات , فلا بد أن تكون فتّاحاًللأبواب
    , كريماً للإخوان والأصحاب والأحباب , وهذا ما يندب إليه الإسلام , ويرغّب
    فيه , حتى تكون مِن السباقين للخير.
    و الكرموالجود,يؤلّفان القلوب
    الضعيفة,ويرغّبان في التآلف والتحابب,ويوطّدانالعلاقة
    الأخوية وطالب العلم أحق الناس بالكرم والجود,حتى يكون قدوة صالحة
    للآخرين,وأبعد الناس عن الشح والبخل, حتى لا يكون قدوة سيئة لهم.
    واعلم أنّ البخلوالشح
    معرّتان إذا لصقتا بالإنسان أخرجته من كرامته التي فضله الله بها
    على سائر الخلق , ولهذا حذّر النبي – صلى الله عليه وسلم- من هذه
    الخصالالقبيحة فقال :-"
    اتقوا الظلم فإنّ الظلم ظلمات يوم القيـامة , واتقوا الشح , فإنّ
    الشح أهلك مَن كان قبلكم حملهم على أنْ سفكوا دماءهم واستحلّوا
    محارمهم "



    ( رواه مسلم)



    وقال-
    صلى الله عليهوسلم - :" لا يجتمع
    الشح والإيمان في قلب عبد أبدا"



    ( رواه النسائي
    والحديثصحيح )



    والبخل من الأخلاق المذمومة الممقوتة, لما فيه مِن الشح في الإنفاق والحرص على كنز الأموال وجمعها , وقد
    يقودالفرد إلى عدم
    إكرام الضيف , والنفقة على الأبناء ,وهذا نابع من حب الماللذاته, وعدم
    العلم بأهمية الإنفاق والكرم , وانه ينمِّي المال ويزيد بركته , كما جاء في الحديث القدسي : قال تعالى: " يا ابن آدم أنفق ,
    أُُنفق عليك"



    (متفق عليه)



    وقال
    –صلى الله عليهوسلم-ما نقصت صدقة من
    مال "



    ( رواه مسلم)



    وليعلم
    أنّ البخل مضرللبخيل في دينه وخلقه,
    وهو من خصال أهل الكتاب , قال تعالى :" الَّذِينَيَبْخَلُونَ
    وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَاآتَاهُمُ
    اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا
    مُّهِينًا"



    (37 سورة النساء)



    قال
    ابن كثير – رحمهالله - :" و قد حمل
    بعض السلف هذه الآية على بخل اليهود بإظهار العلم الذيعندهم
    من صفة محمد – صلى الله عليه و سلم – و كتمانهم ذلك "
    و قال :" و لاشك
    أنّ الآية محتمِلة لذلك , و الظاهر أنّ السياق في البخل و المال , و إن
    كان البخل بالعلم داخـلاً في ذلك بطريق الأوْلى , فإنّ السياق في
    الإنفاقعلى الأقارب و الضعفاء "



    ( تفسير ابن
    كثير 1 / 750 – 751 )



    و قد كان النبي – صلى الله عليه و سلميتعوذ من البخل و هو أجود الناس و أكرمهم , فيقول :" اللهم إني
    أعوذ بك منالهم و الحزَن
    , و العجز و الكسل , والبخل و الجبن , وضلع الدين و غلبةالرجال "



    ( متفق عليه )



    و
    الإنسان بطبعه مجبولعلى حب المال و الحرص
    على اقتنائه , قال تعالى :"قُل لَّوْ أَنتُمْتَمْلِكُونَ
    خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ
    الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا"



    (100سورة الإسراء)



    و
    هذا المال الذي أنعمهالله عليك , فيه حق
    للسائل و المحروم , و الفقير و المسكين , و الضعيف والجار
    , فلابد أن تنجح في قمع دوافع البخل عن نفسك حتى تعودها على الكرم و
    الجود .

    فيا طالب العلم : إذا نجحت في إزاحة عوائق
    البخل التي تعترض طرق الخير , فقد نجحت في فضيلةكاملة
    من فضائل الإسلام , و خاصية من خصوصيات طالب العلم , و قتلت وساوس
    الشيطان الذي يعدك الفقر , قال تعالى "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ
    الْفَقْرَوَيَأْمُرُكُم
    بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُوَفَضْلاً
    وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"



    (268 سورة البقرة)



    و
    هكذا شأن العلماء فيالكرم و الجود , فهذا
    الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – كان جواداًسخياً
    لا يرد سائلاً , و لا يخيب أبداً , فقد كان كثير العطايا , و يقوم
    باستقبال و إكرام الوفود و الضيوف , و يتحمل الإنفاق عليهم من ماله
    الخاص , و قد يضطر أحياناً أن يستدين المال لهذا الغرض .
    و هذا أبوالمساكين سماحة الشيخ
    ابن باز – رحمه الله – كان يطلب من والدته أن تزيد فيالغداء
    و العشاء ثم يأخذه معه لطلبة العلم مع ضعف حالهم و فقرهم , وكان
    يحضر درس الشيخ محمد بن إبراهيم , فإذا انصرف من الدرس و هو في
    الطريق يأخذمعه مَن لقيه مِن طلبة
    العلم الغرباء و الفقراء و المساكين , ثم يذهب بهمإلى
    البيت , و ما وجد قدمه لهم , و كان لا يأكل طعامه لوحده أبداً , و كان
    يفتح أبوابه للناس و يكثر مِن قوله حيّاكم الله اليوم و كل يوم .
    و هذا المحدِّثالشيخ الألباني – رحمه
    الله – كان كثير الإكرام لطلابه , فكنا نخرج معه وأهلنا
    و أولادنا في رحلاته العلمية , فيقدم لنا الطعام و الشراب من ماله
    الخاص , و كثيراً ما كان يقدم المساعدات المادية و العينية للطلبة
    المحتاجين من الغرباء و غيرهم.
    و هذا العلامةالشيخ ابن عثيمين – رحمه
    الله – كان يفتح بيته و يجلس مع طلابه على مائدةالإفطار
    في رمضان , بل كان يخدمهم بنفسه , و كان رحمه الله مكرماً للناس , مكرماً
    للضيوف.
    و هذا محدثالديار اليمنية , الشيخ
    مقبل الوادعي -رحمه الله – كان متحلياً
    بالسخاءوالكرم رغم قلة ذات اليد
    , فهو ينفق ما رزقه الله في وجوه الخير , و كانيقدم
    طلبة العلم في الإكرام على من سواهم , لأنهم أحق في نظره من الآخرين .
    و كنتُ زرتُه فيمرضه
    الذي توفي فيه في مكة , فاستقبلنا أحسن استقبال , وأكرمنا أحسن كرم
    بالعلم و الشراب .
    و هذا حامل لواءالجرح
    و التعديل , شيخنا و أستأذنا ربيع المدخلي – حفظه الله – كان أحب
    إليه إكرام طلبة العلم , و هذا ما شاهدته في زيارتي العلمية المتكررة
    إليه, فكان يشاركنا في طعام الإفطار و غيره على
    مائدته في بيته مع عشرات الطلاب , بل كان يصرُّ على
    مشاركتي معه و بجانبه لتناول الطعام و الشراب .
    فيا طالب العلم , ها هم سلفك الصالح ,
    وهذه صفاتهم , فكن على ما هم عليه من الخصال الحميدة , و الأخلاق الكريمة في
    القول و العمل .



    و آخر دعوانا أن الحمد لله ربِّالعالمين



    كتبه



    سمير
    المبحوح



    21 / جمادى الأولى / 1431 هـ




      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 0:56