المرأة الغربية بين المطرقة والسندان
محمود المختار الشنقيطي - 15/6/2009
http://www.lojainiat.com/index.php?action=...qal&id=8677
لعل السؤال الذي يرمي بنفسه أمام هذا العنوان هو : ما لنا وللمرأة الغربية؟! لا يخفى أنني لو لم أكن أملك الإجابة –أو قناعتي الخاصة – لما طرحت السؤال. نعلم جميعا – أو هكذا يُفترض – أن ما يتعلق بقضية المرأة،و بتحرر النساء – تلك العبارة المخادعة – إنما جاء كله بعد احتكاكنا بالغرب،وخصوصا إبان سعينا الدائب لاستلهام نهضته،ومن هنالك سعت المرأة العربية المسلمة – وغير المسلمة وإن كانت الأخيرة هي التي تهمنا في هذا المقام – لتلحق بالمرأة الغربية،وتقلدها وتستنسخ تجربتها.
إن المرء ليشعر بالغضب إذ يجد المرأة المسلمة تسعى لتقليد المرأة الغربية دون أن تميز بين الفوارق الكثيرة بين وضع المرأة في الإسلام ووضع المرأة في الثقافة المسيحية،والنظرة الدونية التي تعامل بها المرأة هناك!!
إننا حين ننظر – نظرة خاطفة – إلى مكانة المرأة في الثقافة المسيحية فسوف نجد التالي :
(وفي المسيحية غلا رجال الكنيسة في إهدار شأن المرأة،وهم دعاة شريعة الحب والرحمة،فكانوا يقولون للنساء قولا له وزن الشرع المقدس :
"إنه أولى لهن أن يخجلن من أنهن نساء،وأن يعشن في ندم متصل جراء ما جلبن على الأرض من لعنات"،(..) وقد ذهب البعض إلى أبعد من هذا،فزعموا أن أجسامهن من عمل الشيطان .. وأنه يجب أن يُلعن النساء لأنهن سبب الغواية،وكان يقال : إن الشيطان مولع في الظهور في شكل أنثى .. غلا رجال الكنيسة إلى هذا الحد حتى كان من موضوعاتهم التي يتدارسونها :
هل للمرأة أن تعبد الله كما يفعل الرجل؟ هل تدخل الجنة وملكوت الآخرة؟ هل هي إنسان له روح يسري عليه الخلود ؟ أو هي نسمة فانية لا خلود لها؟.) { ص 14 ( الإسلام والمرأة المعاصرة) / ألبهي الخولي / الكويت / دار القلم / الطبعة الرابعة / 1403هـ - 1983م}.
وفي عام 586م عُقد مؤتمر لبحث إنسانية المرأة،ثم قرر المؤتمر بأغلبية صوت واحد بأن المرأة إنسان خلق لخدمة الرجل!!
وانطوت السنين،ومرت الحقب،حتى خرجت أوربا من ظلامها،ثم بدأت تتملص من سطوة الدين،ولكن ذلك لم يغير النظرة الدونية للمرأة كثيرا. وجاءت ثورة علم النفس،والتطلع إلى أغوار النفس البشرية ..إلخ فهل أنصف ذلك العلم – على افتراض أنه علم – الحديث جدا المرأة؟ لم يتساءل (إدلر) إن كان للمرأة روح مثل الرجل،ولكنه رأى أن المرأة :
(منذ الطفولة – وباسم أفكار التمييز والتدني التي كانت من بين أكثر الأفكار أهمية – تُمنع الفتاة من القفز عاليا وتسلق الأشجار،وتتعلم أن السماء فوق الأرض،وأن الجحيم تحت،وأن الفشل يؤدي إلى السقوط إلى أسفل،وأن النجاح يعني الصعود إلى أعلى،وفي الصراع فإن دفعك كتفي خصمك إلى أن يلامسا الأرض هو الفوز،وهكذا فإن (تحت) تعني دائما الفشل والهزيمة والخضوع والاستسلام والضعة والهوان،والمرأة هي دائما تحت الرجل،تنام في وضع المنهزم (..) كما لو كانت حيوانا يقبض على شكيمتها أو لجامها ويوجهها كيفما يرى) { ص 220 ( اغتصاب الإناث في المجتمعات القديمة والمعاصرة)/ د. أحمد علي المجذوب / القاهرة / الدار المصرية اللبنانية / الطبعة الأولى/ 1993م}. أما كبيرهم سيجموند فرويد فإن رأيه في المرأة أسوأ،وإني أعتذر مرتين – أعتذر مرة حين أنقل كلاما "خارجا" من جريدة يومية،و أعتذر مرتين حين أنقل ذلك من كتاب - قبل أن أنقل كلامه. يقول الأستاذ عباس عبد الهادي:
( وجاء ((فرويد)) و بنا نظريته الجنسية على تحليلات استنتجها من شعور المرأة في ذلك الزمن بما تلاقيه من احتقار ذاتي كونها امرأة،فافترض أن كل امرأة من ولادتها حتى موتها ترغب بصورة لاشعورية في أن تكون رجلا،وعليه فإن الحاجة إلى أن تكون لها ((علامة القوة)) لدى الرجل العضو المذكر تعذبها،وثمة نتيجة أخرى،أن المرأة الناشئة من اعتقادها أنها مخصية من الناحية البيولوجية تنهشها بلا رحمة،والنتائج التي رتبها على ذلك هي في رأيه :
ب – العضو الجنسي الأصيل هو العضو المذكر،أما عند المرأة فإنه (..) ضرب من العضو المذكر المصغر.
جــ - ليس للمرأة جنسية حقيقية.
د – المرأة موجود مخصي ومثقوب : شبيه بالعدم) { ص 85 جــ 1( المرأة والأسرة في حضارات الشعوب وأنظمتها) / المحامي : عبد الهادي عباس / دمشق / دار طلاس / الطبعة الأولى / 1987م}.
هذا ليس تحليلا،هذه شتائم – وقذف – كان يُفترض بقائلها أن يؤخذ إلى المحكمة،أو إلى مصحة نفسية!!
الحقيقة أن الذي ينهش المرأة الغربية دون رحمة،هو احتقارها،والنظرة الدونية التي يُنظر بها إليها،إضافة إلى (كلمة حق أريد بها باطل) إن صح التعبير،وأعني جعل الثقافة المسيحية سيدتنا مريم العذراء عليها السلام رمزا للطهر – وهي كذلك قطعا – وبالتالي فإن مقاربة المرأة لمتعة الجسد – حتى في الحلال – تبعدها عن (الطهر)!
لقد ناضلت المرأة الغربية لتحصل على بعض حقوقها – مثل حق التملك،والذي حصلت عليه المرأة المسلمة منذ أن بزغ فجر الإسلام – يقول الأستاذ خالد القشطيني :
(.. ولكن أول طلقة نحو تحرير المرأة دوت ليس في فرنسا وإنما من إنجلترا بصدور كتاب ( أحقية حقوق المرأة) لماري ولستنكرافت عام 1792 . من هذا الكتاب تفرعت سلسلة من الكتب والرسائل والكراريس في الدعوة لتحرير المرأة،وتبنى الموضوع كثير من رجال الفكر وعلى رأسهم جون ستيوارت ميل) { جريدة الشرق الأوسط العدد 6925 في 13/11/14997م}.
كانت فرنسا سباقة فقد نشرت أوليمب دو غانج سنة 1791 إعلان حقوق المرأة والمواطنة { النسخة العربية من لوموند دبلوماتك عدد يوم الجمعة 16/11/1429هـ / 14/11/2008م}.
رغم نضال المرأة الغربية للحصول على بعض حقوقها،إلا أن سطوة علم النفس – فيما يبدو – كانت طاغية ومسيطرة على عقول الجميع حتى النساء المثقفات،ولعل ذلك يبرر قول سيمون ديبفوار – شخصيا لا أعرف عنها إلا أنها اشتهرت بعيشها،دون زواج مع فيلسوف الوجودية سارتر – عن المرأة :
(إن الذكر والأنثى المراهقين يحرزان اهتماما بجسديهما بطريقين مختلفتين،فالذكر يرى أن جسده سهل وغير معقد،أما الأنثى فإنها فضلا عن نرجسيتها إلا أن جسدها غريب وحمل ثقيل،كذلك فإن عضو التناسل لدى الذكر بسيط ودقيق،ونظيف مثل الإصبع،في حين أن عضو التناسل لدى الأنثى على خلاف ذلك،فهو غامض،حتى بالنسبة لها،خفي ورطب،فضلا عن أنه يدمى كل شهر وهو في الغالب يفرز سائلا يجعله مبللا وأن له حياته الخاصة به،السرية والمحفوفة بالمخاطر){ ص 221 – 222 ( اغتصاب الإناث في المجتمعات القديمة والمعاصرة) }.
هذه الأفكار – وغيرها – ليس من الطبيعي أن تنتج شيئا غير إناث كارهات للأنوثة،ساخطات على الرجال،ومن هنا نجد جيرمين غرير تنشر كتابا تعلن فيه أن جنس النساء ليس لطيفا،وإنما هو عقبة ما تزال المرأة تحاول تجاوزها.. ويمتد الأمر وصولا إلا إنشاء (جمعية تقطيع أوصال الرجال) والتي جاء في بيانها، وكأنها ترد على فرويد :
(( أنه لما كان (الذكر) أنثى ناقصة فإنه يمضي حياته في محاولات يائسة ومستميتة لإكمال ذلك النقص عسى أن يصبح أنثى (..) ولكنه على الجانب الآخر يعمد إلى الإدعاء والتظاهر بأنه يمتلك كل الخصائص و المقومات الإيجابية التي هي في الحقيقة خصائص ومقومات أنثوية،فينسبها إلى نفسه،وأهم هذه الخصائص (التي تميز الأنثى عن الذكر) هي التكامل العاطفي،والاستقلال والإقدام الديناميكي والحزم والتماسك والموضوعية والاعتزاز بالذات والشجاعة والحيوية والقدرة على التركيز وقوة الخلق والمثابرة،فهذه كلها خصائص وصفات تنفرد بها الأنثى ويحاول الذكر أن ينسبها لنفسه،ويسقط على المرأة الخصائص والصفات (الذكرية) مثل الغرور والطيش والتفاهة والضعف وما إليها،ولكن لابد من الاعتراف – كما تقول فاليري سالونيس – بأن الرجل يتفوق على المرأة في مجال واحد هو مجال العلاقات العامة.)){ ص 22 – 23 عن مقال ماذا تريد المرأة .. هل تسعى إلى تقطيع أوصال الرجال) للدكتور أحمد أبو زيد / مجلة الهلال القاهرية / سبتمبر 1995م.}.
حين تكره المرأة نفسها – وخصائصها الأنثوية – فلابد أن تكره كل ما يذكرها بأنوثتها،ومن هناك بدأت المرأة الغربية تكره الإنجاب،حتى ذكر أحد التقارير : ( أن الأمومة أصبحت في نظر البريطانيات (موضة قديمة).كما أن نسبة كبيرة من النساء يرغبن في البقاء بدون أطفال){ جريدة الشرق الأوسط العدد 5978 في 11/11/1415هـ = 11/4/1995م}.
ووصل الأمر حد اعتباره : ( ظاهرة نسائية خطيرة بدأت تقلق خبراء علم النفس وعلماء الوراثة والمهتمين بشؤون البيئة وهي ظهور جيل عجيب من النساء الرافضات لإنجاب الأطفال وتروج لهذه الأفكار مجموعة من متزعمات الحركة النسوية الأمريكية ولم تلبث الأفكار أن رحلت عبر المحيط في سرعة البرق إلى أوربا كلها){ عن مقال : الملاك يغادر البيت،للأستاذة نفسية عابد / مجلة أكتوبر العدد 914 في 1/5/1994م}.
كراهية الذات،والأطفال،والعداوة مع الرجل،لم يكن لها إلا أن تقود المرأة الغربية إلى مستنقع تغوص فيه،وتصنع ساحة حرب تقاتل فيها الرجل. يقول الأستاذ القشطيني :
( من الثورة الجنسية للستينيات انتقلنا إلى الثورة الأنثوية في السبعينات،والتي قادتها جرمين جرير بكتابها الشهير (المخصية الأنثى) وفيه شنت حملة شعواء على الذكور والذكورية ودعت إلى الاكتفاء الذاتي للمرأة. وكانت جرمين جرير امرأة سحاقية وهو العنصر الجديد الذي دخل حركة تحرر المرأة (..)إتحاد الملاكمة البريطاني لا يسمح للإناث بالانضمام إليه،فجن جنون الأنثويات،وعلى ذلك جرى نقاش طويل حذر فيه الأطباء من قيام المرأة بالملاكمة لأن أي لكمة تصيب الثدي تؤدي إلى تشوه بالخلايا مشابه للسرطان وربما يكون ممهدا له ولكن من يسمع يا سيدي أصرت المرأة على حقها وجرت أول ملاكمة نسائية في الشهر الماضي وتهالك الرجال على شراء بطاقاتها،ومن يلومهم وهم يرون امرأة تكيل اللكمات لثدي امرأة أخرى والأخرى تأن وتتأوه من الكاسب الحقيقي؟ بالطبع الرجل هذه متعة جديدة قدمتها له امرأة غبية على طبق من فضة (..) والآن سمحت أمريكا وبريطانيا للمجندات بالقتال في الخطوط الأمامية تهانينا للرجال فما أعرفه عنهم في معظم الجيوش أنهم يصونون سلامتهم بالتهرب من الذهاب للخطوط الأمامية واستعمال شتى الواسطات لذلك. لا نهاية لحماقات دعاة الأنثوية) { جريدة الشرق الأوسط العدد 6925 في 13/11/14997م}.
والنقل
لطفا من هنا
http://aljame3.net/ib/index.php?s=7458d48101816d732728e12d72df5663&showtopic=7428