(ا
(الطرائق في الحجاز)..ضمن سلسلة:( الرد على الصوفية في تراثها الوثني لا الوطني)[3]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا إلى
يوم الدين.
أما بعد: فإن هذه المقالات المهمة بعنوان (الطرائق في الحجاز) من مقال
العلامة الشيخ محمد تقي الهلالي المغربي- رحمه الله تعالى، اخترتها
للموضوع الثالث ضمن سلسلة: ( الرد على الصوفية في تراثها الوثني لا
الوطني)، وأهميتها تأتي بمعرفة أسلوب الحكمة في الدعوة إلى توحيد العبادة
و الرد على ضلال الطرقية، وحال الموحّدين في الحجاز- علماء و ولاة أمر-،
وحال الناس وأقسامهم في الطرق الصوفية، وكيفية علاجها، وما إلى ذلك..
أسأل الله تعالى أن ينفع بما نقلت و أن يكتب لي أجر الدلالة على الخير ولكل من ساهم في ذلك، آمين.
(الطرائق في الحجاز)
للشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله تعالى
الحلقة الأولى
الطرائق المبتدعة في الإسلام من الطوام العظيمة و الأدواء الوخيمة بل هي
الداء العضال و السم القتال بالأبدان و العقول و الأموال و الأعراض و
المروءات فلا يبقى المصابين به غير أجسام كأنها خشب مسندة و عمد ممددة
ولابد من الدليل بل البرهان فالدعوى بلا برهان باطلة.
سرح طرف في أنحاء البسيطة و اختبر الأمم اختبار الألمعي الذي يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمع.
فكيف إذا رأى بعينه؟ هل رأيت امة انتشلت فيها علل الطرائق ولم ترها منحطة
في دينها و دنياها و عقول أهلها و شجاعتهم و مروءتهم وسائر أخلاقهم بقدر
تمكن الداء الطرقي فيهم إن قليلا فقليل و إن كثيرا فكثير فأمعن بربك في
تاريخ الطرائق في أهل الهند الوثنيين الذين هم أول من اخترع للناس التصوف
غير الشرعي الذي تولدت منه هذه الطرائق كما هو معلوم عند من له إلمام في
تاريخ التصوف و طرائقه المبنية على الأوهام و الخيالات التي لا خلاق لها
من العقل و الحس واختبر أحوالهم تشاهد ما قدمت لك يقينا و لو لم يكن عندنا
معشر المحمديين دليل على بطلان الطرائق القدد إلاَّ البرهان المذكور لكفى
فكيف و البراهين الشرعية الصريحة الصحيحة أكثر من أن تحصى والناس في الطرق
فريقان:
[الفريق الأول] فريق مغتبط بها مؤيد لها جهده-وهذا الفريق أقسام:
الأول قوم نبتوا في دمنة الخرافات ولم يتفقوا إلى الاطلاع على شيء من
العلم الصحيح ولا ساعدهم الحظ بلقيا مصلح ينقذهم من جهلهم أو هاد يخرجهم
من عمههم فاعتقدوا بحكم النشأة و تقليد الىباء ولو كانوا لا يعقلون أن
الطرائق هي أبواب الفتوح الربانية و مناهج السعادة البدية وهذا القسم هو
أقل الأقسام تبعة.
القسم الثاني قوم صحاح العقول علماء القلوب خبثاء السرائرعرفوا بطلان
الطرائق و آفاتها و لطنهم اخلدوا إلى ارض شهواتهم النفسية الخسيسية و راو
أن جاههم و مالهم و استعبادهم للاحرار مبني على قواعد هي الطرائق فمتى
تطرق البلى و التهري إلى الطرائق صارت نعمتهم و بغيتهم على شفا جرف هار
وهم موقنون أنهم في عملهم خائنون لله خائنون للناس خائنون لانفسهم
بتعريضها لعذاب الله و لكن غلبت عليهم شقوتهم و شهوتهم فلبسوا الحق
بالباطل و كتموا الحق و هم يعلمون.
القسم الثالث قوم مكرة كائدون يتربصون بعدوهم الدوائر فلا تسنح لهم فرصة
لكيده وصيده إلاَّ اعتنموها وهؤلاء قد وضعوا على أعينهم المنظار المكبر و
صاروا ينظرون بإمعان إلى الأمة التي يريدون كيدها إما ثأرا و إما طمعا
وصيدا و الطرائق من احسن الفرص لهؤلاء فمتى رأو لها منبتا في أمة يريدون
إهلاكها زرعوها على قاعدة:
صلى وصام لأمر كان يطلبه..لما قضى الأمر ما صلى ولا صام
وأول من برع في هذا الفن وحاز فيه قصب السبق الفرس المجوس وخلوفهم من
الباطنية الملاحدة فإنه لهم أعمالا في هذا المضمار مدهشة استطاعوا بها أن
يجعلوا الأمة الإسلامية شيعا يضرب بعضها بعض وصار باسها بينها فمن دهائهم
أنهم كانوا يظهرون الإسلام ويتقنون علومه و يظهرونه من الزهد و العبادة ما
يصير عامة المسلمين بين أيديهم سامعين مطيعين و يمكنهم من إيقاد نيران
الحروب بينهم حتى يفشلوا و تذهب ريحهم و ذلك ما قصد أعداؤهم الذئاب
اللابسة جلود الضأن.
القسم الرابع قوم ضعفت مداركهم وهم الهمج الرعاع أتباع كل ناعق و آلة بيد
كل منافق و هؤلاء كالأنعام بل هم أضل سبيلا ينصرون الطرائق و يجاهدون في
سبيلها بأموالهم و أنفسهم ولا يعلمون لماذا نصروها و إنما هم آلات حركت
فتحركت وما أجدر هؤلاء ان يسموا غنم الشيطان.
الفريق الثاني هم العلماء المصلحون ورثة النبياء و عباد الله المخلصون
أولو البصائر النيرة و القلوب المبصرة كما قال غمامهم احمد بن حنبل رحمه
الله في فاتحة كتابه الرد على الجهمية ((الحمد لله الذي جعل في كل زمن
فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى و يصبرون منهم
على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى. ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم
قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما
أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، و انتحال
المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة و أطلقوا عنان
الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب،
يقولون على الله و في الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من
الكلام و يخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتنة المضلين
)).
يتبع..
محمد تقي الهلالي بالمسجد النبوي
مجلة "الشهاب" العدد:150/السنة الرابعة.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا إلى
يوم الدين.
أما بعد: فإن هذه المقالات المهمة بعنوان (الطرائق في الحجاز) من مقال
العلامة الشيخ محمد تقي الهلالي المغربي- رحمه الله تعالى، اخترتها
للموضوع الثالث ضمن سلسلة: ( الرد على الصوفية في تراثها الوثني لا
الوطني)، وأهميتها تأتي بمعرفة أسلوب الحكمة في الدعوة إلى توحيد العبادة
و الرد على ضلال الطرقية، وحال الموحّدين في الحجاز- علماء و ولاة أمر-،
وحال الناس وأقسامهم في الطرق الصوفية، وكيفية علاجها، وما إلى ذلك..
أسأل الله تعالى أن ينفع بما نقلت و أن يكتب لي أجر الدلالة على الخير ولكل من ساهم في ذلك، آمين.
(الطرائق في الحجاز)
للشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله تعالى
الحلقة الأولى
الطرائق المبتدعة في الإسلام من الطوام العظيمة و الأدواء الوخيمة بل هي
الداء العضال و السم القتال بالأبدان و العقول و الأموال و الأعراض و
المروءات فلا يبقى المصابين به غير أجسام كأنها خشب مسندة و عمد ممددة
ولابد من الدليل بل البرهان فالدعوى بلا برهان باطلة.
سرح طرف في أنحاء البسيطة و اختبر الأمم اختبار الألمعي الذي يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمع.
فكيف إذا رأى بعينه؟ هل رأيت امة انتشلت فيها علل الطرائق ولم ترها منحطة
في دينها و دنياها و عقول أهلها و شجاعتهم و مروءتهم وسائر أخلاقهم بقدر
تمكن الداء الطرقي فيهم إن قليلا فقليل و إن كثيرا فكثير فأمعن بربك في
تاريخ الطرائق في أهل الهند الوثنيين الذين هم أول من اخترع للناس التصوف
غير الشرعي الذي تولدت منه هذه الطرائق كما هو معلوم عند من له إلمام في
تاريخ التصوف و طرائقه المبنية على الأوهام و الخيالات التي لا خلاق لها
من العقل و الحس واختبر أحوالهم تشاهد ما قدمت لك يقينا و لو لم يكن عندنا
معشر المحمديين دليل على بطلان الطرائق القدد إلاَّ البرهان المذكور لكفى
فكيف و البراهين الشرعية الصريحة الصحيحة أكثر من أن تحصى والناس في الطرق
فريقان:
[الفريق الأول] فريق مغتبط بها مؤيد لها جهده-وهذا الفريق أقسام:
الأول قوم نبتوا في دمنة الخرافات ولم يتفقوا إلى الاطلاع على شيء من
العلم الصحيح ولا ساعدهم الحظ بلقيا مصلح ينقذهم من جهلهم أو هاد يخرجهم
من عمههم فاعتقدوا بحكم النشأة و تقليد الىباء ولو كانوا لا يعقلون أن
الطرائق هي أبواب الفتوح الربانية و مناهج السعادة البدية وهذا القسم هو
أقل الأقسام تبعة.
القسم الثاني قوم صحاح العقول علماء القلوب خبثاء السرائرعرفوا بطلان
الطرائق و آفاتها و لطنهم اخلدوا إلى ارض شهواتهم النفسية الخسيسية و راو
أن جاههم و مالهم و استعبادهم للاحرار مبني على قواعد هي الطرائق فمتى
تطرق البلى و التهري إلى الطرائق صارت نعمتهم و بغيتهم على شفا جرف هار
وهم موقنون أنهم في عملهم خائنون لله خائنون للناس خائنون لانفسهم
بتعريضها لعذاب الله و لكن غلبت عليهم شقوتهم و شهوتهم فلبسوا الحق
بالباطل و كتموا الحق و هم يعلمون.
القسم الثالث قوم مكرة كائدون يتربصون بعدوهم الدوائر فلا تسنح لهم فرصة
لكيده وصيده إلاَّ اعتنموها وهؤلاء قد وضعوا على أعينهم المنظار المكبر و
صاروا ينظرون بإمعان إلى الأمة التي يريدون كيدها إما ثأرا و إما طمعا
وصيدا و الطرائق من احسن الفرص لهؤلاء فمتى رأو لها منبتا في أمة يريدون
إهلاكها زرعوها على قاعدة:
صلى وصام لأمر كان يطلبه..لما قضى الأمر ما صلى ولا صام
وأول من برع في هذا الفن وحاز فيه قصب السبق الفرس المجوس وخلوفهم من
الباطنية الملاحدة فإنه لهم أعمالا في هذا المضمار مدهشة استطاعوا بها أن
يجعلوا الأمة الإسلامية شيعا يضرب بعضها بعض وصار باسها بينها فمن دهائهم
أنهم كانوا يظهرون الإسلام ويتقنون علومه و يظهرونه من الزهد و العبادة ما
يصير عامة المسلمين بين أيديهم سامعين مطيعين و يمكنهم من إيقاد نيران
الحروب بينهم حتى يفشلوا و تذهب ريحهم و ذلك ما قصد أعداؤهم الذئاب
اللابسة جلود الضأن.
القسم الرابع قوم ضعفت مداركهم وهم الهمج الرعاع أتباع كل ناعق و آلة بيد
كل منافق و هؤلاء كالأنعام بل هم أضل سبيلا ينصرون الطرائق و يجاهدون في
سبيلها بأموالهم و أنفسهم ولا يعلمون لماذا نصروها و إنما هم آلات حركت
فتحركت وما أجدر هؤلاء ان يسموا غنم الشيطان.
الفريق الثاني هم العلماء المصلحون ورثة النبياء و عباد الله المخلصون
أولو البصائر النيرة و القلوب المبصرة كما قال غمامهم احمد بن حنبل رحمه
الله في فاتحة كتابه الرد على الجهمية ((الحمد لله الذي جعل في كل زمن
فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى و يصبرون منهم
على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى. ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم
قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما
أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، و انتحال
المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة و أطلقوا عنان
الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب،
يقولون على الله و في الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من
الكلام و يخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتنة المضلين
)).
يتبع..
محمد تقي الهلالي بالمسجد النبوي
مجلة "الشهاب" العدد:150/السنة الرابعة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا إلى
يوم الدين.
أما بعد: فإن هذه المقالات المهمة بعنوان (الطرائق في الحجاز) من مقال
العلامة الشيخ محمد تقي الهلالي المغربي- رحمه الله تعالى، اخترتها
للموضوع الثالث ضمن سلسلة: ( الرد على الصوفية في تراثها الوثني لا
الوطني)، وأهميتها تأتي بمعرفة أسلوب الحكمة في الدعوة إلى توحيد العبادة
و الرد على ضلال الطرقية، وحال الموحّدين في الحجاز- علماء و ولاة أمر-،
وحال الناس وأقسامهم في الطرق الصوفية، وكيفية علاجها، وما إلى ذلك..
أسأل الله تعالى أن ينفع بما نقلت و أن يكتب لي أجر الدلالة على الخير ولكل من ساهم في ذلك، آمين.
(الطرائق في الحجاز)
للشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله تعالى
الحلقة الأولى
الطرائق المبتدعة في الإسلام من الطوام العظيمة و الأدواء الوخيمة بل هي
الداء العضال و السم القتال بالأبدان و العقول و الأموال و الأعراض و
المروءات فلا يبقى المصابين به غير أجسام كأنها خشب مسندة و عمد ممددة
ولابد من الدليل بل البرهان فالدعوى بلا برهان باطلة.
سرح طرف في أنحاء البسيطة و اختبر الأمم اختبار الألمعي الذي يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمع.
فكيف إذا رأى بعينه؟ هل رأيت امة انتشلت فيها علل الطرائق ولم ترها منحطة
في دينها و دنياها و عقول أهلها و شجاعتهم و مروءتهم وسائر أخلاقهم بقدر
تمكن الداء الطرقي فيهم إن قليلا فقليل و إن كثيرا فكثير فأمعن بربك في
تاريخ الطرائق في أهل الهند الوثنيين الذين هم أول من اخترع للناس التصوف
غير الشرعي الذي تولدت منه هذه الطرائق كما هو معلوم عند من له إلمام في
تاريخ التصوف و طرائقه المبنية على الأوهام و الخيالات التي لا خلاق لها
من العقل و الحس واختبر أحوالهم تشاهد ما قدمت لك يقينا و لو لم يكن عندنا
معشر المحمديين دليل على بطلان الطرائق القدد إلاَّ البرهان المذكور لكفى
فكيف و البراهين الشرعية الصريحة الصحيحة أكثر من أن تحصى والناس في الطرق
فريقان:
[الفريق الأول] فريق مغتبط بها مؤيد لها جهده-وهذا الفريق أقسام:
الأول قوم نبتوا في دمنة الخرافات ولم يتفقوا إلى الاطلاع على شيء من
العلم الصحيح ولا ساعدهم الحظ بلقيا مصلح ينقذهم من جهلهم أو هاد يخرجهم
من عمههم فاعتقدوا بحكم النشأة و تقليد الىباء ولو كانوا لا يعقلون أن
الطرائق هي أبواب الفتوح الربانية و مناهج السعادة البدية وهذا القسم هو
أقل الأقسام تبعة.
القسم الثاني قوم صحاح العقول علماء القلوب خبثاء السرائرعرفوا بطلان
الطرائق و آفاتها و لطنهم اخلدوا إلى ارض شهواتهم النفسية الخسيسية و راو
أن جاههم و مالهم و استعبادهم للاحرار مبني على قواعد هي الطرائق فمتى
تطرق البلى و التهري إلى الطرائق صارت نعمتهم و بغيتهم على شفا جرف هار
وهم موقنون أنهم في عملهم خائنون لله خائنون للناس خائنون لانفسهم
بتعريضها لعذاب الله و لكن غلبت عليهم شقوتهم و شهوتهم فلبسوا الحق
بالباطل و كتموا الحق و هم يعلمون.
القسم الثالث قوم مكرة كائدون يتربصون بعدوهم الدوائر فلا تسنح لهم فرصة
لكيده وصيده إلاَّ اعتنموها وهؤلاء قد وضعوا على أعينهم المنظار المكبر و
صاروا ينظرون بإمعان إلى الأمة التي يريدون كيدها إما ثأرا و إما طمعا
وصيدا و الطرائق من احسن الفرص لهؤلاء فمتى رأو لها منبتا في أمة يريدون
إهلاكها زرعوها على قاعدة:
صلى وصام لأمر كان يطلبه..لما قضى الأمر ما صلى ولا صام
وأول من برع في هذا الفن وحاز فيه قصب السبق الفرس المجوس وخلوفهم من
الباطنية الملاحدة فإنه لهم أعمالا في هذا المضمار مدهشة استطاعوا بها أن
يجعلوا الأمة الإسلامية شيعا يضرب بعضها بعض وصار باسها بينها فمن دهائهم
أنهم كانوا يظهرون الإسلام ويتقنون علومه و يظهرونه من الزهد و العبادة ما
يصير عامة المسلمين بين أيديهم سامعين مطيعين و يمكنهم من إيقاد نيران
الحروب بينهم حتى يفشلوا و تذهب ريحهم و ذلك ما قصد أعداؤهم الذئاب
اللابسة جلود الضأن.
القسم الرابع قوم ضعفت مداركهم وهم الهمج الرعاع أتباع كل ناعق و آلة بيد
كل منافق و هؤلاء كالأنعام بل هم أضل سبيلا ينصرون الطرائق و يجاهدون في
سبيلها بأموالهم و أنفسهم ولا يعلمون لماذا نصروها و إنما هم آلات حركت
فتحركت وما أجدر هؤلاء ان يسموا غنم الشيطان.
الفريق الثاني هم العلماء المصلحون ورثة النبياء و عباد الله المخلصون
أولو البصائر النيرة و القلوب المبصرة كما قال غمامهم احمد بن حنبل رحمه
الله في فاتحة كتابه الرد على الجهمية ((الحمد لله الذي جعل في كل زمن
فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى و يصبرون منهم
على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى. ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم
قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما
أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، و انتحال
المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة و أطلقوا عنان
الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب،
يقولون على الله و في الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من
الكلام و يخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتنة المضلين
)).
يتبع..
محمد تقي الهلالي بالمسجد النبوي
مجلة "الشهاب" العدد:150/السنة الرابعة.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا إلى
يوم الدين.
أما بعد: فإن هذه المقالات المهمة بعنوان (الطرائق في الحجاز) من مقال
العلامة الشيخ محمد تقي الهلالي المغربي- رحمه الله تعالى، اخترتها
للموضوع الثالث ضمن سلسلة: ( الرد على الصوفية في تراثها الوثني لا
الوطني)، وأهميتها تأتي بمعرفة أسلوب الحكمة في الدعوة إلى توحيد العبادة
و الرد على ضلال الطرقية، وحال الموحّدين في الحجاز- علماء و ولاة أمر-،
وحال الناس وأقسامهم في الطرق الصوفية، وكيفية علاجها، وما إلى ذلك..
أسأل الله تعالى أن ينفع بما نقلت و أن يكتب لي أجر الدلالة على الخير ولكل من ساهم في ذلك، آمين.
(الطرائق في الحجاز)
للشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله تعالى
الحلقة الأولى
الطرائق المبتدعة في الإسلام من الطوام العظيمة و الأدواء الوخيمة بل هي
الداء العضال و السم القتال بالأبدان و العقول و الأموال و الأعراض و
المروءات فلا يبقى المصابين به غير أجسام كأنها خشب مسندة و عمد ممددة
ولابد من الدليل بل البرهان فالدعوى بلا برهان باطلة.
سرح طرف في أنحاء البسيطة و اختبر الأمم اختبار الألمعي الذي يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمع.
فكيف إذا رأى بعينه؟ هل رأيت امة انتشلت فيها علل الطرائق ولم ترها منحطة
في دينها و دنياها و عقول أهلها و شجاعتهم و مروءتهم وسائر أخلاقهم بقدر
تمكن الداء الطرقي فيهم إن قليلا فقليل و إن كثيرا فكثير فأمعن بربك في
تاريخ الطرائق في أهل الهند الوثنيين الذين هم أول من اخترع للناس التصوف
غير الشرعي الذي تولدت منه هذه الطرائق كما هو معلوم عند من له إلمام في
تاريخ التصوف و طرائقه المبنية على الأوهام و الخيالات التي لا خلاق لها
من العقل و الحس واختبر أحوالهم تشاهد ما قدمت لك يقينا و لو لم يكن عندنا
معشر المحمديين دليل على بطلان الطرائق القدد إلاَّ البرهان المذكور لكفى
فكيف و البراهين الشرعية الصريحة الصحيحة أكثر من أن تحصى والناس في الطرق
فريقان:
[الفريق الأول] فريق مغتبط بها مؤيد لها جهده-وهذا الفريق أقسام:
الأول قوم نبتوا في دمنة الخرافات ولم يتفقوا إلى الاطلاع على شيء من
العلم الصحيح ولا ساعدهم الحظ بلقيا مصلح ينقذهم من جهلهم أو هاد يخرجهم
من عمههم فاعتقدوا بحكم النشأة و تقليد الىباء ولو كانوا لا يعقلون أن
الطرائق هي أبواب الفتوح الربانية و مناهج السعادة البدية وهذا القسم هو
أقل الأقسام تبعة.
القسم الثاني قوم صحاح العقول علماء القلوب خبثاء السرائرعرفوا بطلان
الطرائق و آفاتها و لطنهم اخلدوا إلى ارض شهواتهم النفسية الخسيسية و راو
أن جاههم و مالهم و استعبادهم للاحرار مبني على قواعد هي الطرائق فمتى
تطرق البلى و التهري إلى الطرائق صارت نعمتهم و بغيتهم على شفا جرف هار
وهم موقنون أنهم في عملهم خائنون لله خائنون للناس خائنون لانفسهم
بتعريضها لعذاب الله و لكن غلبت عليهم شقوتهم و شهوتهم فلبسوا الحق
بالباطل و كتموا الحق و هم يعلمون.
القسم الثالث قوم مكرة كائدون يتربصون بعدوهم الدوائر فلا تسنح لهم فرصة
لكيده وصيده إلاَّ اعتنموها وهؤلاء قد وضعوا على أعينهم المنظار المكبر و
صاروا ينظرون بإمعان إلى الأمة التي يريدون كيدها إما ثأرا و إما طمعا
وصيدا و الطرائق من احسن الفرص لهؤلاء فمتى رأو لها منبتا في أمة يريدون
إهلاكها زرعوها على قاعدة:
صلى وصام لأمر كان يطلبه..لما قضى الأمر ما صلى ولا صام
وأول من برع في هذا الفن وحاز فيه قصب السبق الفرس المجوس وخلوفهم من
الباطنية الملاحدة فإنه لهم أعمالا في هذا المضمار مدهشة استطاعوا بها أن
يجعلوا الأمة الإسلامية شيعا يضرب بعضها بعض وصار باسها بينها فمن دهائهم
أنهم كانوا يظهرون الإسلام ويتقنون علومه و يظهرونه من الزهد و العبادة ما
يصير عامة المسلمين بين أيديهم سامعين مطيعين و يمكنهم من إيقاد نيران
الحروب بينهم حتى يفشلوا و تذهب ريحهم و ذلك ما قصد أعداؤهم الذئاب
اللابسة جلود الضأن.
القسم الرابع قوم ضعفت مداركهم وهم الهمج الرعاع أتباع كل ناعق و آلة بيد
كل منافق و هؤلاء كالأنعام بل هم أضل سبيلا ينصرون الطرائق و يجاهدون في
سبيلها بأموالهم و أنفسهم ولا يعلمون لماذا نصروها و إنما هم آلات حركت
فتحركت وما أجدر هؤلاء ان يسموا غنم الشيطان.
الفريق الثاني هم العلماء المصلحون ورثة النبياء و عباد الله المخلصون
أولو البصائر النيرة و القلوب المبصرة كما قال غمامهم احمد بن حنبل رحمه
الله في فاتحة كتابه الرد على الجهمية ((الحمد لله الذي جعل في كل زمن
فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى و يصبرون منهم
على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى. ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم
قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما
أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، و انتحال
المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة و أطلقوا عنان
الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب،
يقولون على الله و في الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من
الكلام و يخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتنة المضلين
)).
يتبع..
محمد تقي الهلالي بالمسجد النبوي
مجلة "الشهاب" العدد:150/السنة الرابعة.