كتب الصوفية في الميزان
أئمة الزهد المرضيـون
حــــــوارات
عقائد وعبادات صوفية
الهـدي النبـــوي
أبحـاث ومقــالات
أعـلام التصـــوف
قالوا في التصـــوف
مكتبـة الموقــــع
شبهـات وبيـــان
الطرق الصوفيـــة
صوتيات ومرئيــات
بلوتوث الصوفيـــة
الراصـــــــد
مطويــــــات
مجلة الصوفية
...بحث متقدم
البريد الإلكتروني غير مدخل أدخل البريد بشكل صحيح
اشتراك
انسحاب
الصوفية مجلة الصوفيةالعدد السادس
من جهود علماء اليمن في الرد على الصوفية
أكرم مبارك عصبان
لسنا بحاجة داعية للخوض في جماعة ابن عربي الصوفي الذي تسللت أفكاره إلى التصوف لواذاً، فقد جردت فيه وفي أتباعه الأسفار العظيمة التي تنوء بحملها العصبة من الرجال، وإنما نريد في مقامنا هذا أن نستخرج من بطون هذه الكتب دور علماء اليمن في مطلع القرن التاسع للتصدي لهذه الجماعة، ونستنبط منها الجانب المشرق حين أدلوا بدلوهم في هذا الباب، ولأن مضى ابن عربي غير رشيد فإن آثاره لم تزل تخفت عند قوم وتسطع عند آخرين من جديد.
وإن مما بعثني على التعريج على هذا المبحث نقلان استوقفني اختلافهما في الورود، واتفاقهما في الصدور، يقضيان بالبحث في موضوع التصوف أسردهما، ثم نفيض في دور العلماء للتصدي لفكر ابن عربي.
أحدهما: ما نقله البقاعي في كتاب (مصرع التصوف) المسمى (تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي) نقلا عن الفاسي في سياق حديثه عن مكفري ابن عربي قال: (ومنهم الإمامان رضي الدين أبو بكر بن محمد بن صالح الجبلي المعروف بابن الخياط الشافعي مدرس العينية بتعز ومفتي تلك النواحي، والقاضي شهاب الدين أحمد بن علي الناشري الشافعي مفتي زبيد، وفاضل اليمن شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقري الشافعي، وبين من حال ابن عربي ما لم يبينه غيره).
وفي موضع آخر ذكر العلامة بدر الدين حسين بن عبد الرحمن الأهدل صاحب (كشف الغطاء) وما أشار إليه بأن في اليمن شخصاً من أكابر أتباع ابن عربي يقال له: الكرماني حصلت به في اليمن فتن كبيرة، وحصل بينه وبين ابن المقري خطوب([1]).
الثاني: ما ورد في رسالة السيوطي الموسومة (تنبئة الغبي بتبرئة ابن عربي) قال في سياق حديثه عن معتقدي ابن عربي، ومنهم إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي قال ابن حجر: تعانى الاشتغال ثم التصوف وكان خيراً عابدا حسن السمت محباً في مقالة ابن عربي مات سنة 806 هـ، ومنهم مجد الدين الشيرازي صاحب القاموس قال ابن حجر: لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي ودعا إليها الشيخ إسماعيل الجبرتي وغلبت على علماء تلك البلاد صار الشيخ مجد الدين يدخل في شرح البخاري من كلام ابن عربي........) ([2]) وفي كلام ابن حجر سقط سنعرض له في محله.
هذان هما الموقفان المختلفان في الغاية المتفقان في أهمية القضية، بحيث أصبح الفريقان ـ المؤيد والمعارض ـ يرتشفان من أقوال علماء اليمن، حيث صاروا أهلاً للأخذ عنهم في هذا الباب بسبب الفتنة التي هبت ريحها العاتية بأرضهم، وهاجت بها زروع العلم بعدما ازينت بها بلادهم، ونسلط الضوء على تفصيل ما ورد مجملاً في النقلين السابقين في الحديث عن فتنة ابن عربي باليمن، التي يرجع الافتتان بها إلى زمن يعقب ظهوره، وقد تصدى لأفكاره عدد من العلماء، غير أننا هنا نذكر الأسباب التي جعلت هذه الفتنة تغلب ويذكى نارها في الانتشار وعموم البلوى بها، وشيوع ولايته حتى عده بعضهم من أكابر العارفين، ومضى التعصب لمقالاته تعصباً شديداً، ويبدو لنا أربعة أسباب أشاعتها وطارت بها في تلك الآفاق هي:
أولاً: اعتقاد بعض الفقهاء ولاية ابن عربي:
ممن ورد ذكره في مصرع التصوف وكان يعتقد اعتقاداً يفضي إلى التعصب الشديد:
ـ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي ت 806 هـ، قال الأهدل في تحفة الزمن: (وقد عمت البلوى في اليمن باعتقاد ولاية ابن عربي، خصوصاً صوفية زبيد تبعاً لشيخهم إسماعيل الجبرتي وصاحبه أحمد الرداد) وسبق ما ذكره ابن حجر بأن الجبرتي هو الداعي إلى مقالة ابن عربي باليمن، وأنها غلبت على علماء تلك البلاد ومما غفل عن نقله السيوطي من تتمة كلام ابن حجر بعد ثنائه على عبادته وسمته، (وكنت أظن أنه لا يفهم الاتحاد حتى اجتمعت به فرأيته يفهمه ويقرره ويدعو إليه، حتى صار من لم يحصل كتاب الفصوص من أصحابه لا يلتفت إليه) ([3]).
ـ أحمد بن أبي بكر الرداد ت 821 هـ وقد قام بالمناضلة عن الصوفية واعتقاد ولاية ابن عربي بعد شيخه الجبرتي، وانتهى تعصبه لابن عربي إلى حد لم تبلغه أكبر الفتن المتقدمة، له مؤلفات منها (الخرقة الصوفية) كما أن له شعراً قال فيه ابن حجر (وشعر ابن الرداد ينعق بالاتحاد، وأنه أفسد عقائد كثير من الناس) ([4]).
ـ محمد بن محمد المزجاجي ت 829 هـ وقد قام بالدفاع عن معتقد ابن عربي وجماعته بعد ابن، الرداد وتصدى للمخالفين هو والكرماني واستعانا بالناصر، له تأليف بعنوان (هداية السالك إلى أسنى المسالك) وله مؤلفات أخرى في الباب([5]).
ثانياً: تحصيل كتب ابن عربي:
لا سيما الفصوص والفتوحات وراج سوقها رواجاً كبيراً حتى صارت تباع في الأسواق، وكان الجبرتي لا يلتفت إلى من لم يحصل كتاب الفصوص من أصحابه، وتم الاشتغال بها قراءة وإقراء حتى وضع السلطان الأشرف سؤالاً للفقهاء في حكم تحصيلها وقراءتها، وربما اقتنى الناصر من كتب ابن عربي ما يعود نسخها إلى خط المؤلف، قال المزجاجي: وكنت قد حصلت نسخة كاملة من كتاب الفتوحات وجدتها عند الفقيه الفاسي، كما أولعوا أيضا بتائية ابن الفارض([6]).
ثالثاً: ميل ملوك الدولة الرسولية إلى الصوفية:
قد آثر كثير من سلاطين الدولة الرسولية الوقوف في صف الصوفية؛ لما يرون لهم من كثرة أتباع وقد كانوا يكرمون مثواهم ويعتقدون فيهم، فالجبرتي يحظى بالكلمة عند الأشرف والأفضل، وابن الرداد كان مقرباً من الناصر الذي ولاه القضاء وأوذي الفقهاء بسببه، فكانوا يؤيدون ما هم عليه وينعمون عليهم بالعطايا([7]).
رابعاً: المروجون لبضاعة ابن عربي من الوافدين:
نقف عند اثنين هما:
ـ عبد الكريم الجيلي صاحب نظرية الإنسان الكامل في التصوف، وقد ورد اليمن وأذكى نار الفتنة، قال في كتابه الذي يحمل اسم نظريته: إنه اجتمع بالإنسان الكامل والقطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود في صورة شيخه شرف الدين إسماعيل الجبرتي، قال: وهذا من جملة مشاهد شاهدتها بزبيد سنة 796هـ.
وذكر في كتابه أيضاً عناية شيخه الجبرتي به وحفظه من تلبيس إبليس على الصديقين وقال فيه:
دار بها إسماعيل أسمى من سما أسماء أسمى راحة ونسيبه
ملك الصفات وكامل الذات الذي فاح الشمال بعطره وجنوبه
يا ابن إبراهيم يا بحر الندى يا ذا الجبرتي الجبور طبيبه
ألعبدك الجيلي منك عناية صباغة صبغ المحب حبيبه
أنت الكريم بغير شك وهو ذا عبد الكريم ومنك يرجى طيبه([8])
قلت: ولا شك أن الشيطان قد لعب بفكره مرات عديدة، وأجب عليه بتلبيساته ذكر أن شيخه خلصه من واحدة منها؟ فمن الضمين بغيرها يا ترى؟
قال الأهدل فيه: (هو أهلكهم في ذلك البحر ـ (وحدة الوجود) ـ وقد اجتمعت به قبل أن أعرف مذهبه بأبيات حسين حكى لي عنه فقيه صادق أنه صحبه في بعض أسفاره فسمع منه الثناء العظيم على ابن عربي وعلومه، وسمع منه التصريح بربوبية كل من يلقاه في الطريق من إنسان أو طائر أو شجر !!).
ـ الكرماني وقد ورد ذكره عند البقاعي وأنه حصلت به في اليمن فتن عظيمة وجرت بينه وبين ابن المقري مراجعات، من أفحش ما ذكره الكرماني فيها: (إنا حيث قلنا المخلوق فمرادنا الخالق وحيث قلنا الحجر فمرادنا الله) نسأل الله السلامة، وقد عرض ابن المقري بعض أفكاره في الرد عليه شعراً من ذلك:
وحقرتم من عظم الله قدره وعظمتم ما حقر الله من قدر
كقولكم موسى عجول ووصفكم لفرعون بالرأي المرجح والحجر
ورؤيا الخليل الذبيح قلتم ببغيكم لرؤياه تأويل ولكن ما تدري
وقلتم بأن الله جل جلاله على حال محتاج إلى الخلق مضطر
وشبهته بالخلق جهلا وقلتم عبادته مثل العبادة للصخر
قلت: وهذا ترديد ونعيق بأفكار ابن عربي كما ورد في الفصوص مثل: فص حكمة إمامية في كلمة هارونية حين ذكر غضب موسى عليه السلام وأخذه بلحية أخيه، وتصحيحه قوله: فرعون ((أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى))[النازعات:24]، وزعم ابن عربي أن الحق مفتقر إلى الخلق قال: (ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود) فالكل مفتقر ما الكل مستغن، هذا هو الحق قد قلنا لا نكني. إلى غير ذلك من كفرياته، وقد أهين الكرماني بموت الناصر وأخرج من زبيد وهجم على بيته([9]).
والجدير ذكره انتشار معتقدات القول بوحدة الوجود، ودعوى صحة إيمان فرعون، وأن عذاب الكفار هو نعيم لهم، واتصاف المخلوق بصفات الحق، وتصويب عبادة الأصنام وغيرها من القبائح، وقد وصل أثر هذه الفتنة حداً من الانحطاط الذي جعل الفسقة والأراذل يرددون أقوال الوحدة التي خرجت من العلم المضنون به على غير أهله وسامه كل أحد، ومن ذلك أن جماعة يتعاطون كأس الخمر ويقول أحدهم للآخر: وعزتي لئن لم تعطني الكأس لأرسلنك إلى خلقي. فكان لا بد من موقف صارم يوقف هذا العبث.
دور العلماء في التصدي لجماعة ابن عربي:
بعد أن قطعنا السير عند الأسباب الأربعة التي أججت هذه الفتنة، نأتي الآن إلى ذكر أبرز العلماء الذين ناضلوا عن الحق، ووجهوا سهامهم في وجه هذه الأفكار بالكر والفر حتى دحضت وباءت بالخسارة في نهاية السجال فممن سبق ذكره:
ـ أبو بكر بن محمد الخياط ت 811 هـ:
قال السخاوي: (انتهت إليه رئاسة الفقه وجرت بينه وبين المجد الشيرازي مراجعات بسبب إنكاره على المشتغلين بكتب ابن عربي) وكان أجاب على سؤال السلطان عن تحصيل كتب ابن عربي بقوله (قد آن لابن الخياط ألا تأخذه في الله لومة لائم، لا يجوز ولا يحل تحصيل كتب ابن عربي لا قراءتها ولا إقراؤها فإنها مردودة على مصنفها) وذلك رد على فتوى الشيرازي صاحب القاموس الذي رد على فتوى الخياط في رسالة (الاغتباط لمعالجة ابن الخياط).
ـ أحمد بن أبي بكر الناشري ت 815 هـ:
قاضي زبيد ومدرس الصلاحية كان ينكر على صوفية زبيد كثرة الإمعان في السماع وكثرة الدعاوى في الشطح واشتغالهم بكتب ابن عربي، وكان للصوفية قبول عند السلطان في عصر الأشرف وولده الناصر كما سبق، فأخرج الناشري أياماً يسيرة بسبب ذلك، له كتاب (بيان فساد مذهب ابن عربي).
ـ إسماعيل بن أبي بكر ابن المقري ت 837 هـ:
صاحب (الروض والإرشاد) و (عنوان الشرف الوافي) وغيرهما، أوذي بسبب موقفه وهجم عليه أعوان الناصر بمنزله بالنخل من وادي زبيد، وقبض على بعض الطلبة وسلم من أذاهم، وبعد موت الناصر ووقوف المنصور في صف المناوئين للصوفية جمع فتاوى بردَّةِ الكرماني، وكتب بذلك سجلاً فاستحضره فأحضر فاستتابوه من كل دين يخالف الإسلام، وقرئ ذلك السجل على منبر زبيد يوم الجمعة، له كتاب بعنوان (الرد على الطائفة الصوفية الغوية) وله شعر في الديوان يرد على أفكار أهل الوحدة، وهو أيضاً يتولى الصوفية القائمة على الزهد ويمثل عليهم بالجنيد والسري السقطي ومن سار بسيرهما قبل أن يتلوث التصوف في الفلسفة ويغرق في وحلها، قال شعراً:
وخذ نهج سهل والجنيد وصالح وقوم مضوا مثل النجوم الزواهر
على الشرع كانوا ليس فيهم لوحدة ولا لحلول الحق ذكر لذاكر
وممن أبلي في هذا الميدان أحمد بن إبراهيم العسلقي المحدث الفقيه ت 806 هـ، كان ينكر على الصوفية بزبيد كابن الرداد وأتباعه، وربما هموا بمكروه لينالوا منه فيمنعه الله، له قصيدة في الرد على من يبيح السماع.
ومحمد بن علي بن نور الدين 825 هـ مفتي موزع، كان ينكر على الصوفية اشتغالهم بكتب ابن عربي ويقول أن الفصوص أحق أن يسمى الغصوص وله كتاب (كشف الظلمة عن هذه الأمة) تكلم فيه على مقالات ابن عربي القبيحة، وبين أن مقالاته في الفصوص لا تخرج عن مذهب الفلاسفة إلا بما زاده عليهم من قوله بالاتحاد، فإنه مذهب النصارى لكنهم ادعوه في عيسى عليه السلام خاصة، وهذا زاد فادعى اتحاد الحق سبحانه بكل إنسان، ومن ثم صوب عبادة الأصنام، وقد ناظر الكرماني في مذهبه الردي.
ومنهم حسين بن عبد الرحمن الأهدل ت 855 ـ له كتاب (كشف الغطاء) وهو جامع في هذا الموضوع واستفاد منه العلماء من بعده، وذكر جملة من أخبار الصوفية وردود الفقهاء عليهم في كتاب (تحفة الزمن) ([10]).
ذكر من وفد إلى اليمن وأصابه من شررها:
- مجد الدين الفيروز أبادي ت 817 هـ:
صاحب القاموس كان كثير المجاورة بمكة ثم دخل اليمن وجعله الأشرف قاضياً (وكان مجد الدين متساهلاً في الروايات ويظهر أنه يعتقد ابن عربي وأمثاله) وذلك حين غلبت مقالته في تلك النواحي، حتى إنه ربما أدخل من مقالته وكلامه في الفتوحات في شرح البخاري ما كان سبباً لشين هذا الشرح كما قال ابن حجر، وقد أجاب على سؤال الأشرف عن تحصيل كتب ابن عربي لصالح الصوفية، ولما أفتى ابن الخياط بالرد عليه وحرمة ذلك رد عليه في (الاغتباط لمعالجة ابن الخياط) قال ابن حجر: ولم أكن أتهم الشيخ بالمقالة المذكورة إلا أنه يحب المداراة، وكان الناشري فاضل الفقهاء بزبيد يبالغ في الإنكار على إسماعيل، ولما اجتمعت بالشيخ مجد الدين أظهر لي إنكار مقالة ابن عربي وغض منها).
ـ محمد بن أحمد الفاسي المكي توفي بمكة 832 هـ:
قاضي المالكية بمكة كان يتردد إلى زبيد كل سنة غالباً وكان قد عمل ترجمة في ذم ابن عربي ثم عمل ترجمة في مدحه وقد قدمها للمزجاجي وأعطاه فيها عطية، وطلب منه ابن المقري الترجمة الأولى فتمنع مراعاة للصوفية.
ـ محمد بن محمد الجزري توفي بشيراز 833 هـ:
الفقيه المقري صاحب (طيبة النشر في القراءات العشر) كان كثير التنقل في البلاد دخل اليمن سنة 828 هـ، فأكرمه السلطان المنصور، سأله ابن المقري في أول قدومه عن ابن عربي فماطله في الجواب بسبب بعض أصحابه ممن يراعي الصوفية، فلما أزمع للرحيل أجاب جواباً شافياً بتكفيرهم وإتلاف كتبهم، وروى بإسناده عن ابن عبد السلام أنه قال في ابن عربي: شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاً ! وقال: لا يلتفت إلى من قال: إن لكلامه تأويلاً فإنه غلط من قائله، وأطال الرد عليه، ولا شك عند المحققين أنه مارق بمذهب الاتحاد نسأل الله العصمة إ - هـ.
وأخيراً فما أجمل السير في ركاب هؤلاء الأعلام الذين جعلوا من عرضهم وقاء للدفاع عن العقيدة الصحيحة، وإبراز جهدهم المشكور الذي سجلته لنا دواوين السير، وخلصنا في تفصيل ما أشار إليه البقاعي من ناحية تقذف بالحق، والسيوطي من الاعتذار لمن أشرب قلبه الفكر الفلسفي والله نسأل العافية.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) تنبيه الغبي ص 181.
([2]) تنبئة الغبي رسالة رد عليها إبراهيم بن محمد الحلبي ت 945 هـ وقد اعتنى بالرسالتين علي رضا في مجلة الحكمة 11 / 287.
([3]) تحفة الزمن 2 / 334 ـ أنباء الغمر 5 / 162.
([4]) تحفة الزمن 2 / 336 ـ أنباء الغمر 3 / 178.
([5]) تحفة الزمن 2 / 338 وكتاب هداية السالك مخطوط نقل عنه عبدالله الحبشي في كتابه الصوفية والفقهاء في اليمن الذي يكتسب أهمية بالغة في هذا الموضوع.
([6]) تحفة الزمن 2 / 334 ـ 338 ـ الصوفية والفقهاء في اليمن.
([7]) الإنسان الكامل 2 / 68 ـ تحفة الزمن 2 / 335.
([8]) تحفة الزمن 2 / 534 ـ الصوفية والفقهاء في اليمن.
([9]) انظر ما سبق من المراجع.
([10]) انظر ما سبق من المراجع وكذا مصرع التصوف 180 ـ 196.
أئمة الزهد المرضيـون
حــــــوارات
عقائد وعبادات صوفية
الهـدي النبـــوي
أبحـاث ومقــالات
أعـلام التصـــوف
قالوا في التصـــوف
مكتبـة الموقــــع
شبهـات وبيـــان
الطرق الصوفيـــة
صوتيات ومرئيــات
بلوتوث الصوفيـــة
الراصـــــــد
مطويــــــات
مجلة الصوفية
...بحث متقدم
البريد الإلكتروني غير مدخل أدخل البريد بشكل صحيح
اشتراك
انسحاب
الصوفية مجلة الصوفيةالعدد السادس
من جهود علماء اليمن في الرد على الصوفية
أكرم مبارك عصبان
لسنا بحاجة داعية للخوض في جماعة ابن عربي الصوفي الذي تسللت أفكاره إلى التصوف لواذاً، فقد جردت فيه وفي أتباعه الأسفار العظيمة التي تنوء بحملها العصبة من الرجال، وإنما نريد في مقامنا هذا أن نستخرج من بطون هذه الكتب دور علماء اليمن في مطلع القرن التاسع للتصدي لهذه الجماعة، ونستنبط منها الجانب المشرق حين أدلوا بدلوهم في هذا الباب، ولأن مضى ابن عربي غير رشيد فإن آثاره لم تزل تخفت عند قوم وتسطع عند آخرين من جديد.
وإن مما بعثني على التعريج على هذا المبحث نقلان استوقفني اختلافهما في الورود، واتفاقهما في الصدور، يقضيان بالبحث في موضوع التصوف أسردهما، ثم نفيض في دور العلماء للتصدي لفكر ابن عربي.
أحدهما: ما نقله البقاعي في كتاب (مصرع التصوف) المسمى (تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي) نقلا عن الفاسي في سياق حديثه عن مكفري ابن عربي قال: (ومنهم الإمامان رضي الدين أبو بكر بن محمد بن صالح الجبلي المعروف بابن الخياط الشافعي مدرس العينية بتعز ومفتي تلك النواحي، والقاضي شهاب الدين أحمد بن علي الناشري الشافعي مفتي زبيد، وفاضل اليمن شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقري الشافعي، وبين من حال ابن عربي ما لم يبينه غيره).
وفي موضع آخر ذكر العلامة بدر الدين حسين بن عبد الرحمن الأهدل صاحب (كشف الغطاء) وما أشار إليه بأن في اليمن شخصاً من أكابر أتباع ابن عربي يقال له: الكرماني حصلت به في اليمن فتن كبيرة، وحصل بينه وبين ابن المقري خطوب([1]).
الثاني: ما ورد في رسالة السيوطي الموسومة (تنبئة الغبي بتبرئة ابن عربي) قال في سياق حديثه عن معتقدي ابن عربي، ومنهم إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي قال ابن حجر: تعانى الاشتغال ثم التصوف وكان خيراً عابدا حسن السمت محباً في مقالة ابن عربي مات سنة 806 هـ، ومنهم مجد الدين الشيرازي صاحب القاموس قال ابن حجر: لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي ودعا إليها الشيخ إسماعيل الجبرتي وغلبت على علماء تلك البلاد صار الشيخ مجد الدين يدخل في شرح البخاري من كلام ابن عربي........) ([2]) وفي كلام ابن حجر سقط سنعرض له في محله.
هذان هما الموقفان المختلفان في الغاية المتفقان في أهمية القضية، بحيث أصبح الفريقان ـ المؤيد والمعارض ـ يرتشفان من أقوال علماء اليمن، حيث صاروا أهلاً للأخذ عنهم في هذا الباب بسبب الفتنة التي هبت ريحها العاتية بأرضهم، وهاجت بها زروع العلم بعدما ازينت بها بلادهم، ونسلط الضوء على تفصيل ما ورد مجملاً في النقلين السابقين في الحديث عن فتنة ابن عربي باليمن، التي يرجع الافتتان بها إلى زمن يعقب ظهوره، وقد تصدى لأفكاره عدد من العلماء، غير أننا هنا نذكر الأسباب التي جعلت هذه الفتنة تغلب ويذكى نارها في الانتشار وعموم البلوى بها، وشيوع ولايته حتى عده بعضهم من أكابر العارفين، ومضى التعصب لمقالاته تعصباً شديداً، ويبدو لنا أربعة أسباب أشاعتها وطارت بها في تلك الآفاق هي:
أولاً: اعتقاد بعض الفقهاء ولاية ابن عربي:
ممن ورد ذكره في مصرع التصوف وكان يعتقد اعتقاداً يفضي إلى التعصب الشديد:
ـ إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي ت 806 هـ، قال الأهدل في تحفة الزمن: (وقد عمت البلوى في اليمن باعتقاد ولاية ابن عربي، خصوصاً صوفية زبيد تبعاً لشيخهم إسماعيل الجبرتي وصاحبه أحمد الرداد) وسبق ما ذكره ابن حجر بأن الجبرتي هو الداعي إلى مقالة ابن عربي باليمن، وأنها غلبت على علماء تلك البلاد ومما غفل عن نقله السيوطي من تتمة كلام ابن حجر بعد ثنائه على عبادته وسمته، (وكنت أظن أنه لا يفهم الاتحاد حتى اجتمعت به فرأيته يفهمه ويقرره ويدعو إليه، حتى صار من لم يحصل كتاب الفصوص من أصحابه لا يلتفت إليه) ([3]).
ـ أحمد بن أبي بكر الرداد ت 821 هـ وقد قام بالمناضلة عن الصوفية واعتقاد ولاية ابن عربي بعد شيخه الجبرتي، وانتهى تعصبه لابن عربي إلى حد لم تبلغه أكبر الفتن المتقدمة، له مؤلفات منها (الخرقة الصوفية) كما أن له شعراً قال فيه ابن حجر (وشعر ابن الرداد ينعق بالاتحاد، وأنه أفسد عقائد كثير من الناس) ([4]).
ـ محمد بن محمد المزجاجي ت 829 هـ وقد قام بالدفاع عن معتقد ابن عربي وجماعته بعد ابن، الرداد وتصدى للمخالفين هو والكرماني واستعانا بالناصر، له تأليف بعنوان (هداية السالك إلى أسنى المسالك) وله مؤلفات أخرى في الباب([5]).
ثانياً: تحصيل كتب ابن عربي:
لا سيما الفصوص والفتوحات وراج سوقها رواجاً كبيراً حتى صارت تباع في الأسواق، وكان الجبرتي لا يلتفت إلى من لم يحصل كتاب الفصوص من أصحابه، وتم الاشتغال بها قراءة وإقراء حتى وضع السلطان الأشرف سؤالاً للفقهاء في حكم تحصيلها وقراءتها، وربما اقتنى الناصر من كتب ابن عربي ما يعود نسخها إلى خط المؤلف، قال المزجاجي: وكنت قد حصلت نسخة كاملة من كتاب الفتوحات وجدتها عند الفقيه الفاسي، كما أولعوا أيضا بتائية ابن الفارض([6]).
ثالثاً: ميل ملوك الدولة الرسولية إلى الصوفية:
قد آثر كثير من سلاطين الدولة الرسولية الوقوف في صف الصوفية؛ لما يرون لهم من كثرة أتباع وقد كانوا يكرمون مثواهم ويعتقدون فيهم، فالجبرتي يحظى بالكلمة عند الأشرف والأفضل، وابن الرداد كان مقرباً من الناصر الذي ولاه القضاء وأوذي الفقهاء بسببه، فكانوا يؤيدون ما هم عليه وينعمون عليهم بالعطايا([7]).
رابعاً: المروجون لبضاعة ابن عربي من الوافدين:
نقف عند اثنين هما:
ـ عبد الكريم الجيلي صاحب نظرية الإنسان الكامل في التصوف، وقد ورد اليمن وأذكى نار الفتنة، قال في كتابه الذي يحمل اسم نظريته: إنه اجتمع بالإنسان الكامل والقطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود في صورة شيخه شرف الدين إسماعيل الجبرتي، قال: وهذا من جملة مشاهد شاهدتها بزبيد سنة 796هـ.
وذكر في كتابه أيضاً عناية شيخه الجبرتي به وحفظه من تلبيس إبليس على الصديقين وقال فيه:
دار بها إسماعيل أسمى من سما أسماء أسمى راحة ونسيبه
ملك الصفات وكامل الذات الذي فاح الشمال بعطره وجنوبه
يا ابن إبراهيم يا بحر الندى يا ذا الجبرتي الجبور طبيبه
ألعبدك الجيلي منك عناية صباغة صبغ المحب حبيبه
أنت الكريم بغير شك وهو ذا عبد الكريم ومنك يرجى طيبه([8])
قلت: ولا شك أن الشيطان قد لعب بفكره مرات عديدة، وأجب عليه بتلبيساته ذكر أن شيخه خلصه من واحدة منها؟ فمن الضمين بغيرها يا ترى؟
قال الأهدل فيه: (هو أهلكهم في ذلك البحر ـ (وحدة الوجود) ـ وقد اجتمعت به قبل أن أعرف مذهبه بأبيات حسين حكى لي عنه فقيه صادق أنه صحبه في بعض أسفاره فسمع منه الثناء العظيم على ابن عربي وعلومه، وسمع منه التصريح بربوبية كل من يلقاه في الطريق من إنسان أو طائر أو شجر !!).
ـ الكرماني وقد ورد ذكره عند البقاعي وأنه حصلت به في اليمن فتن عظيمة وجرت بينه وبين ابن المقري مراجعات، من أفحش ما ذكره الكرماني فيها: (إنا حيث قلنا المخلوق فمرادنا الخالق وحيث قلنا الحجر فمرادنا الله) نسأل الله السلامة، وقد عرض ابن المقري بعض أفكاره في الرد عليه شعراً من ذلك:
وحقرتم من عظم الله قدره وعظمتم ما حقر الله من قدر
كقولكم موسى عجول ووصفكم لفرعون بالرأي المرجح والحجر
ورؤيا الخليل الذبيح قلتم ببغيكم لرؤياه تأويل ولكن ما تدري
وقلتم بأن الله جل جلاله على حال محتاج إلى الخلق مضطر
وشبهته بالخلق جهلا وقلتم عبادته مثل العبادة للصخر
قلت: وهذا ترديد ونعيق بأفكار ابن عربي كما ورد في الفصوص مثل: فص حكمة إمامية في كلمة هارونية حين ذكر غضب موسى عليه السلام وأخذه بلحية أخيه، وتصحيحه قوله: فرعون ((أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى))[النازعات:24]، وزعم ابن عربي أن الحق مفتقر إلى الخلق قال: (ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود) فالكل مفتقر ما الكل مستغن، هذا هو الحق قد قلنا لا نكني. إلى غير ذلك من كفرياته، وقد أهين الكرماني بموت الناصر وأخرج من زبيد وهجم على بيته([9]).
والجدير ذكره انتشار معتقدات القول بوحدة الوجود، ودعوى صحة إيمان فرعون، وأن عذاب الكفار هو نعيم لهم، واتصاف المخلوق بصفات الحق، وتصويب عبادة الأصنام وغيرها من القبائح، وقد وصل أثر هذه الفتنة حداً من الانحطاط الذي جعل الفسقة والأراذل يرددون أقوال الوحدة التي خرجت من العلم المضنون به على غير أهله وسامه كل أحد، ومن ذلك أن جماعة يتعاطون كأس الخمر ويقول أحدهم للآخر: وعزتي لئن لم تعطني الكأس لأرسلنك إلى خلقي. فكان لا بد من موقف صارم يوقف هذا العبث.
دور العلماء في التصدي لجماعة ابن عربي:
بعد أن قطعنا السير عند الأسباب الأربعة التي أججت هذه الفتنة، نأتي الآن إلى ذكر أبرز العلماء الذين ناضلوا عن الحق، ووجهوا سهامهم في وجه هذه الأفكار بالكر والفر حتى دحضت وباءت بالخسارة في نهاية السجال فممن سبق ذكره:
ـ أبو بكر بن محمد الخياط ت 811 هـ:
قال السخاوي: (انتهت إليه رئاسة الفقه وجرت بينه وبين المجد الشيرازي مراجعات بسبب إنكاره على المشتغلين بكتب ابن عربي) وكان أجاب على سؤال السلطان عن تحصيل كتب ابن عربي بقوله (قد آن لابن الخياط ألا تأخذه في الله لومة لائم، لا يجوز ولا يحل تحصيل كتب ابن عربي لا قراءتها ولا إقراؤها فإنها مردودة على مصنفها) وذلك رد على فتوى الشيرازي صاحب القاموس الذي رد على فتوى الخياط في رسالة (الاغتباط لمعالجة ابن الخياط).
ـ أحمد بن أبي بكر الناشري ت 815 هـ:
قاضي زبيد ومدرس الصلاحية كان ينكر على صوفية زبيد كثرة الإمعان في السماع وكثرة الدعاوى في الشطح واشتغالهم بكتب ابن عربي، وكان للصوفية قبول عند السلطان في عصر الأشرف وولده الناصر كما سبق، فأخرج الناشري أياماً يسيرة بسبب ذلك، له كتاب (بيان فساد مذهب ابن عربي).
ـ إسماعيل بن أبي بكر ابن المقري ت 837 هـ:
صاحب (الروض والإرشاد) و (عنوان الشرف الوافي) وغيرهما، أوذي بسبب موقفه وهجم عليه أعوان الناصر بمنزله بالنخل من وادي زبيد، وقبض على بعض الطلبة وسلم من أذاهم، وبعد موت الناصر ووقوف المنصور في صف المناوئين للصوفية جمع فتاوى بردَّةِ الكرماني، وكتب بذلك سجلاً فاستحضره فأحضر فاستتابوه من كل دين يخالف الإسلام، وقرئ ذلك السجل على منبر زبيد يوم الجمعة، له كتاب بعنوان (الرد على الطائفة الصوفية الغوية) وله شعر في الديوان يرد على أفكار أهل الوحدة، وهو أيضاً يتولى الصوفية القائمة على الزهد ويمثل عليهم بالجنيد والسري السقطي ومن سار بسيرهما قبل أن يتلوث التصوف في الفلسفة ويغرق في وحلها، قال شعراً:
وخذ نهج سهل والجنيد وصالح وقوم مضوا مثل النجوم الزواهر
على الشرع كانوا ليس فيهم لوحدة ولا لحلول الحق ذكر لذاكر
وممن أبلي في هذا الميدان أحمد بن إبراهيم العسلقي المحدث الفقيه ت 806 هـ، كان ينكر على الصوفية بزبيد كابن الرداد وأتباعه، وربما هموا بمكروه لينالوا منه فيمنعه الله، له قصيدة في الرد على من يبيح السماع.
ومحمد بن علي بن نور الدين 825 هـ مفتي موزع، كان ينكر على الصوفية اشتغالهم بكتب ابن عربي ويقول أن الفصوص أحق أن يسمى الغصوص وله كتاب (كشف الظلمة عن هذه الأمة) تكلم فيه على مقالات ابن عربي القبيحة، وبين أن مقالاته في الفصوص لا تخرج عن مذهب الفلاسفة إلا بما زاده عليهم من قوله بالاتحاد، فإنه مذهب النصارى لكنهم ادعوه في عيسى عليه السلام خاصة، وهذا زاد فادعى اتحاد الحق سبحانه بكل إنسان، ومن ثم صوب عبادة الأصنام، وقد ناظر الكرماني في مذهبه الردي.
ومنهم حسين بن عبد الرحمن الأهدل ت 855 ـ له كتاب (كشف الغطاء) وهو جامع في هذا الموضوع واستفاد منه العلماء من بعده، وذكر جملة من أخبار الصوفية وردود الفقهاء عليهم في كتاب (تحفة الزمن) ([10]).
ذكر من وفد إلى اليمن وأصابه من شررها:
- مجد الدين الفيروز أبادي ت 817 هـ:
صاحب القاموس كان كثير المجاورة بمكة ثم دخل اليمن وجعله الأشرف قاضياً (وكان مجد الدين متساهلاً في الروايات ويظهر أنه يعتقد ابن عربي وأمثاله) وذلك حين غلبت مقالته في تلك النواحي، حتى إنه ربما أدخل من مقالته وكلامه في الفتوحات في شرح البخاري ما كان سبباً لشين هذا الشرح كما قال ابن حجر، وقد أجاب على سؤال الأشرف عن تحصيل كتب ابن عربي لصالح الصوفية، ولما أفتى ابن الخياط بالرد عليه وحرمة ذلك رد عليه في (الاغتباط لمعالجة ابن الخياط) قال ابن حجر: ولم أكن أتهم الشيخ بالمقالة المذكورة إلا أنه يحب المداراة، وكان الناشري فاضل الفقهاء بزبيد يبالغ في الإنكار على إسماعيل، ولما اجتمعت بالشيخ مجد الدين أظهر لي إنكار مقالة ابن عربي وغض منها).
ـ محمد بن أحمد الفاسي المكي توفي بمكة 832 هـ:
قاضي المالكية بمكة كان يتردد إلى زبيد كل سنة غالباً وكان قد عمل ترجمة في ذم ابن عربي ثم عمل ترجمة في مدحه وقد قدمها للمزجاجي وأعطاه فيها عطية، وطلب منه ابن المقري الترجمة الأولى فتمنع مراعاة للصوفية.
ـ محمد بن محمد الجزري توفي بشيراز 833 هـ:
الفقيه المقري صاحب (طيبة النشر في القراءات العشر) كان كثير التنقل في البلاد دخل اليمن سنة 828 هـ، فأكرمه السلطان المنصور، سأله ابن المقري في أول قدومه عن ابن عربي فماطله في الجواب بسبب بعض أصحابه ممن يراعي الصوفية، فلما أزمع للرحيل أجاب جواباً شافياً بتكفيرهم وإتلاف كتبهم، وروى بإسناده عن ابن عبد السلام أنه قال في ابن عربي: شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاً ! وقال: لا يلتفت إلى من قال: إن لكلامه تأويلاً فإنه غلط من قائله، وأطال الرد عليه، ولا شك عند المحققين أنه مارق بمذهب الاتحاد نسأل الله العصمة إ - هـ.
وأخيراً فما أجمل السير في ركاب هؤلاء الأعلام الذين جعلوا من عرضهم وقاء للدفاع عن العقيدة الصحيحة، وإبراز جهدهم المشكور الذي سجلته لنا دواوين السير، وخلصنا في تفصيل ما أشار إليه البقاعي من ناحية تقذف بالحق، والسيوطي من الاعتذار لمن أشرب قلبه الفكر الفلسفي والله نسأل العافية.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) تنبيه الغبي ص 181.
([2]) تنبئة الغبي رسالة رد عليها إبراهيم بن محمد الحلبي ت 945 هـ وقد اعتنى بالرسالتين علي رضا في مجلة الحكمة 11 / 287.
([3]) تحفة الزمن 2 / 334 ـ أنباء الغمر 5 / 162.
([4]) تحفة الزمن 2 / 336 ـ أنباء الغمر 3 / 178.
([5]) تحفة الزمن 2 / 338 وكتاب هداية السالك مخطوط نقل عنه عبدالله الحبشي في كتابه الصوفية والفقهاء في اليمن الذي يكتسب أهمية بالغة في هذا الموضوع.
([6]) تحفة الزمن 2 / 334 ـ 338 ـ الصوفية والفقهاء في اليمن.
([7]) الإنسان الكامل 2 / 68 ـ تحفة الزمن 2 / 335.
([8]) تحفة الزمن 2 / 534 ـ الصوفية والفقهاء في اليمن.
([9]) انظر ما سبق من المراجع.
([10]) انظر ما سبق من المراجع وكذا مصرع التصوف 180 ـ 196.