خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.03.10 11:46

    لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟

    لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟ 470674


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أنقل لكم هذه الأسطر التي لا تعبر حتما عن رأيي الخاص

    معلوم أن الأصل في النهي أنه للتحريم حتى تأتي قرينة تصرفه عن التحريم إلى الكراهة

    قال ابن عبد البرـ رحمه الله:النهي حكمه إذا ورد أنيتلقى باستعمال ترك ما نهى عنه والامتناع منه، وأن النهي محمول على الحظروالتحريم والمنع حتى يصحبه دليل من فحوى القصة والخطاب، أو دليل من غيرذلك يخرجه من هذا الباب إلى باب الإرشاد والندب.انتهى.

    وقد جعل كثير من العلماء كون النهي في باب الأدب قرينة صارفة له من التحريم إلى الكراهة

    وذلك لأن كثيرا من النواهي في هذا الباب قد انعقد الإجماع على أنها ليست للتحريم

    وكثير منها حمله الجمهورعلى التنزيه، فطردهذا الفريق من العلماء القاعدة وأجروا النهي في هذا الباب مجرى واحدا فحملوه على الكراهة والتنزيه، وعللوا ذلك بأن :

    ما كان من باب حسن العشرة

    و

    المخالقة بالتي هي أحسن

    أو

    من باب التصرف فيما يملكه الإنسان

    أو

    من باب حسن الهيئة

    ونحو ذلك ممّا ليس حكمه تعبديا محضا يناسب حمله على الكراهة


    وممّن رجح هذا القول العلامة ابن عثيمين،

    فقد قال ـ رحمه الله: سلك بعض العلماء مسلكا جيدا وهو أن الأوامر تنقسم إلى قسمين:

    أوامر تعبدية.

    وأوامر تأديبية، من باب الآداب ومكارم الأخلاق.

    فماقصد به التعبد فالأمر فيه للوجوب، والنهي للتحريم، لأن الله خلقنالعبادته، وما قصد به التأدب فإن الأمر فيها أمر إرشاد لا إلزام، والنهيفيها للكراهة لا للتحريم، إلا إذا ورد مايدل على الوجوب فهو للوجوب.انتهى.


    وقد نص كثير من العلماء على مثل هذا في ثنايا كلامهم
    ممّا يدل على أن هذه القاعدة مستعملة بكثرة وأنها ممّا قد يتبين به وجه التفريق بين أنواع النواهي،

    ومن ذلك قول الحافظ في الفتح: في كلامه على باب النهي عن الاستنجاء باليمين، قوله: باب النهي عن الاستنجاء باليمين أي باليد اليمني وعبر بالنهي إشارة إلى أنه لميظهرله، هل هو للتحريم أو للتنزيه؟ أو أن القرينة الصارفه للنهي عن التحريم لمتظهر له وهي أن ذلك أدب من الآداب، وبكونه للتنزيه قال الجمهور، وذهب أهل الظاهر إلى أنه للتحريم. انتهى.

    وقال النوويـ رحمه الله ـ في كلامه على حكم القران بين التمرتين: واختلفوافى أن هذا النهى على التحريم أو على الكراهة والأدب، فنقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنه للتحريم، وعن غيرهم أنه للكراهة والأدب

    والصواب التفصيل، فإن كان الطعام مشتركا بينهم فالقران حرام إلا برضاهم، وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به، فلا يحرم عليه القران، ثم إن كان فى الطعام قلة فحسن ألا يقرن لتساويهم، وإن كان كثيرا بحيث يفضل عنهم فلا بأسبقرانه، لكن الأدب مطلقا التأدب فى الأكل وترك الشره.انتهى.

    وهو واضح جدا في التفريق بين نوعي النهي، وأن ما كان للأدب فإنه يحمل علىالكراهة، وأن وجه ذلك ما فيه من حسن العشرة والإحسان إلى الأصحاب، ونرىحافظ المغرب وهوأبو عمر ابن عبد البرـ والذي قدمنا كلامه في أن النهي ظاهر في التحريم حتى تأتي القرينة ـ يفرق بين ما كان من باب الآداب وغيره، ويبين وجه الفرق

    فقال ـ رحمه الله: ونهيه صلى الله عليه وسلم عن المشي في نعل واحدة نهيأدب لا نهي تحريم، والأصل في هذا الباب أن كل ما كان في ملكك فنهيت عن شيء من تصرفهوالعمل به فإنما هو نهي أدب، لأنه ملكك تتصرف فيه كيف شئت ولكن التصرف على سنته لاتتعدى، وهذا باب مطرد ما لم يكن ملكك حيوانا، فتنهى عن أذاه، فإن أذى المسلم في غيرحقه حرام، وأما النهي عما ليس في ملكك إذا نهيت عن تملكه أواستباحته إلا على صفة مافي نكاح أو بيع أو صيد أو نحو ذلك، فالنهي عنه نهي تحريم فافهم. انتهى.

    وإلى هذا المذهب يشير كلام الشافعيـ رحمه الله ـ وهو واضع علم الأصول، فقد قال في رسالته ما لفظه:
    ولم يكن أمْرُه أن يأكل مِن بين يديه ولا يأكل من رأس الطعام إذا كان مباحاً له أن يأكل ما بين يديه وجميعَ الطعام: إلاَّ أدَبًا فيالأكل من بين يديه، لأنه أجملُ به عند مُوَاكِلِه وأبعَدُ له من قُبْح الطَّعْمَة والنَّهَم وأَمَره ألا يأكل من رأس الطعام، لأن البركة تنزل منه له على النظر له فيأن يُبارَك له بَرَكَةً دائِمة يدوم نزولها له وهو يبيحُ له إذا أكل ما حوْلَ رأسالطعام أن يأكل رأسه.

    وإذا أباح له المَمَرَّ على ظهر الطريق فالممرُّعليه إذْكان مُباحاً، لأنه لا مالِكَ له يمنع الممر عليه فيحرُم بمنعه: فإنما نهاه لمعنىيُثْبِت نظراً له فإنه قال: فَإِنَّهَا مَأْوَى الهَوَامِّ وَطُرُقُ الحَيَّاتِ.
    على النظر له لا على أن التعريس محرَّم وقد ينهى عنه إذا كانت الطريق مُتَضايقاًمسْلوكا.

    وبهذا يتبين لك أن هذا التفريق بين النوعين من النواهي جار في كلام كثير منالعلماء وأن وجه هذا التفريق هو ما عرفناك سابقا من المعنى الذي اقتضى حملكثير من النواهي الواردة في باب الأدب على الكراهة.
    والله أعلم.

    والنقل
    لطفا من هنا
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=205758
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.03.10 12:19

    ما حكم الأكل باليمين ! أليس هذا من باب الآداب وهو بلا شك للوجوب



    قال الشيخ وليد السعيدان حفظه الله في ( تحرير القواعد ) :
    القاعــدة الثالثــة
    ( الأمر المجرد عن القرائن يفيد الوجوب، وبالقرينـة يفيـد ما تفيـده القرينـة )


    وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى وهو الذي دلت عليه الأدلة الكثيرة كما سترى طرفاً من ذلك إن شاء الله تعالى ، قولنا
    (الأمر) عرف العلماء الأمر بأنه استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه .
    فقولهم : استدعاء : أي طلب الفعل وخرج به النهي لأنه استدعاء الترك .
    وقولنا (بالقول) أي بالنطق وبه يخرج الأمر بالإشارة ونحوها فإنها ليست أمراً حقيقة ولكن مجاز .
    وقولنا (ممن هو دونه) أي في الرتبة والمنـزلة ، وبه يخرج الدعاء والالتماس ، فأما الدعاء فهو طلب شيء ممن هو فوقه كقولك : رب اغفر لي ، فهذا لا يسمى أمراً وإنما دعاء لأنك تطلب شيئاً ممن هو فوقك
    وأما الالتماس فهو طلب الفعل ممن هو في منـزلتك كقول بعض الملوك لبعض افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا
    وقولك لمن هو في مرتبتك أعطني ماءً وهذا لا يسمى أمراً ولكن يسمى التماساً أي أنك تلتمس منه أن يفعل لك هذا لكن لا تأمره ، وإن سمي ذلك أمراً في اللغة فإنه ليس بأمرٍ عند الأصوليين


    ثم اعلم أن مذهب أهل السنة والجماعة أن الأمر له صيغة تخصه والأصل فيها (افعل) وما تصرف منها ، خلافاً للمبتدعة الذين يقولون لا صيغة له فإن هذا القول بدعة وضلالة لأنه فرع من فروع إنكار الكلام أصلاً كقول المعتزلة ، أو إثبات للكلام النفسي كقول الأشاعرة

    فاحذر من هذا المذهب الخبيث ، فالله متكلم متى شاء كيف شاء بما شاء وكلامه بحرفٍ وصوتٍ تسمعه الآذان وإن كلامه قديم النوع حادث الآحاد ، كذا قال أهل السنة ولذلك قالوا : للأمر صيغة تخصه وهي (افعل) وما تصرف منها .

    إذا علمت هذا فاعلم أن هذه الصيغة لا تخلو إما أن ترد مجردة عن القرائن وإما أن تكون مقرونة بقرينة ، فإن كانت مقرونة بقرينة فإنها تفيد ما أفادت هذه القرينة ، فإن اقترنت بها قرينة الندب فهي ندب نحوه قوله ] فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [ فهذا أمر ندب لأنها لما نـزلت لم يكاتب النبي r رقيقه وكذلك كثير من الصحابة لم يكاتبوهم مما يدل على أن الأمر فيها للندب .

    ولذلك تجد أن الأصوليين يبحثون معاني هذه الصيغة في باب الأمر ، فيقولون : من معانيها الندب وتقدم

    والإباحة كقوله تعالى : ]فَاصْطَادُوا[ ، والتعجيز كقوله تعالى : ]قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا[

    والتسخير كقوله تعالى : ]كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ[

    والإهانة كقوله تعالى : ]ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ[

    والتسوية كقوله تعالى : ]فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ[

    والتهديد كقوله تعالى : ]اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ[ ونحوها كالدعاء والإكرام والخبر .

    فصيغة (افعل) فيما مضى لا تدخل في بحثنا لأنه قد اقترنت قرائن أخرجتها إلى غير بابها الأصلي فإذا اقترن بهذه الصيغة قرائن فإنها تدل على ما دلت عليه القرينة وليس هذا هو مجال بحثنا .

    الحالة الثانية : أن تأتي مجردة عن القرائن فإذا وردت مجردة عن القرائن فماذا تفيد ؟
    وما هو الأصل فيها حتى نبقى عليه فلا ننتقل عنه حتى يأتينا الناقل ؟

    هذا هو ما تفيده هذه القاعدة .

    وقبل ذلك أقول : اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في صيغة الأمر إذا وردت مجردة عن القرائن ماذا تفيد ؟

    فقال بعضهم : هي تفيد الوجوب وهو قول جمهور الأصوليين
    وقيل : بل تفيد الندب
    وقيل : بل تفيد الإباحة
    وقيل : بل يتوقف فيها إلى ورود القرينة الصارفة لها إلى معنىً من المعاني ، لأنها حقيقة مشتركة بين معانٍ كثيرة .

    والصواب هو القول الأول وما عداه فباطل

    فالقول الصحيح هو أن صيغة الأمر إذا وردت مجردة عن القرائن فإنها تفيد الوجوب ، وهو ما تفيده قاعدتنا هذه

    والدليل على أن هذا القول هو الراجح عدة أمور :

    منها : قوله تعالى : ]فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ فحذر الله تعالى الذين يخالفون أمر النبي r بهذه العقوبة الشديدة وهي إصابتهم بالفتن والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة ، فهذا يدل على وجوب القيام بأمره وتنفيذه ، وذلك لأن الواجب هو ما يذم تاركه مطلقاً ، أو هو ما توعد بالعقاب على تركه ، فلما توعد الله من خالف الأمر بالعقاب الشديد دل ذلك على وجوب هذا الأمر وأن الأصل فيه الوجوب وهذا هو المطلوب إذ لو لم يكن واجباً لما عاقبهم على مخالفته لكن لما عاقبهم على مخالفته فهذا دليل وجوبه .

    ومن الأدلة : قوله تعالى : ] وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ[ ، وقال تعالى في آية أخرى: ]فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ[ ، وفي أخرى : ]قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ[ .

    ووجه الدلالة من ذلك : أن الله تعالى لما أمر الملائكة بالسجود سارعوا إلى ذلك وامتنع إبليس عن السجود وعارض النص برأيه فوبخه الله وذمه وعاقبه بالطرد واللعنة والإهباط من الجنة فهذه العقوبة بين الله أنها على ترك الأمر فهذا يدل على أن الأمر في قوله : ]اسْجُدُوا[ يفيد الوجوب ولذلك لما خالفه نال ما ناله من التوبيخ والذم والعقوبة ولو كان الأمر الموجه للملائكة لا يفيد الوجوب لقال إبليس : لم تعاقبني على ما لم يجب عليَّ لكن لما لم يقل ذلك دل على أنه كان يفهم منه الوجوب

    ولا يقال : إن إبليس لم يسجد لأنه ليس من الملائكة لأننا نقول : هو من الملائكة بوصفه، ومن الجن بأصله . كما هو اختيار أبي العباس ابن تيمية وهو الراجح .

    فلما أمر الله الملائكة بالسجود دخل إبليس في ضمنهم بوصفه ومثاله لكنه خالف الأمر برجوعه إلى أصله ولذلك قال تعالى : ] إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ …[ فقرن الحكم بالفاء بعيد وصفٍ مما يدل على أن سبب فسقه هو لأنه من الجن وطبعهم الفسق والمخالفة .

    وخلاصة الأمر

    أن إبليس من الملائكة بوصفه ومثاله لكنه من الجن بأصله ، فيكون داخلاً في ضمن الأمر للملائكة بالسجود فلما خالف الأمر وأبى واستكبر لُعِن وطُرِد ومُسِخ على أقبح صورة مما يدل على أن الأمر المطلق يفيد الوجوب ، والله أعلم .

    ومن الأدلة أيضاً : قوله تعالى : ]وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ[ فذمهم الله تعالى وتوعدهم بالويل على عدم امتثالهم للأمر مما يدل على أن الأمر يفيد الوجوب لأن علامة الوجوب أن يذم التارك له وهنا ذمهم الله على مخالفة الأمر فدل على أنه للوجوب .

    ومن الأدلة أيضاً : قوله تعالى : ]وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً[ فالله تعالى هنا أخبر أنه إذا قضى أمراً لم يكن لأحدٍ أن يتخير فيه وجعل مخالفته معصيةً وضلالاً وإذا كانت مخالفة الأمر عصياناً وضلالاً فإن ذلك دليل على أن الأمر يفيد الوجوب لأنه لو لم يفد الوجوب لما كانت مخالفته معصية وضلالاً وهذا واضح .

    ومن الأدلة على ذلك : أن النبي r مَرَّ برجل يصلي فدعاه فلم يجبه فلما فرغ من الصلاة قال : (( ما منعك أن تجيبني ؟ )) ، قال : يا رسول الله كنت في الصلاة ، فقال: (( أما سمعت الله يقول : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [ )) وهذا ظاهر فإنه r عاتبه على مخالفة أمر الله ، والمعاتبة واللوم لا تكون إلا على ترك واجب فدل ذلك على أن قوله تعالى : ]اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِب إذ لو كان لا يفيد الوجوب لما استحق ذلك الصحابي العتاب ولا اللوم وهذا دليل على أن الأمر المطلق يفيد الوجوب .

    [color=red]ومن الأدلة أيضاً : حديث أبي هريرة مرفوعاً : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " متفق عليه ، فدل ذلك على أن المشقة تحصل بالأمر للزوم الامتثال حينئذٍ لكنه ترك الأمر ، لوجود المشقة ، فدل ذلك على أن الأمر يفيد الوجوب لأنه لو لم يفد الوجوب لما حصلت المشقة ، لكن لما كان الأمر يفيد الوجوب والوجوب فيه مشقة ترك الأمر به ، والله أعلم .


    ومن الأدلة على ذلك : حديث بريرة بعد أن أعتقتها عائشة وكان زوجها عبداً فخيرها النبي r بين مفارقة زوجها وعدمه فاختارت فراقه وكان زوجها مغيث يحبها وكان يمشي خلفها في الأسواق يبكي فلما رأى النبي r ذلك ذهب إلى بريرة فقال لها : (( لو راجعتيه فإنه أبو أولادك )) فقالت : أتأمرني يا رسول الله ، فقال : (( لا إنما أنا شافع )) ، فقالت : لا حاجة لي فيه . فدل ذلك أنه لو كان أمراً للزمها الطاعة والانقياد ولذلك استفسرت من كلامه هذا : أهو أمر فتمتثل أو لا ؟ فأخبرها أنه إنما هو شافع ، فدل ذلك على أن الأمر يفيد الوجوب ، والله أعلم .

    ومن الأدلة التي ذكرها القاضي أبو يعلى في كتابه العظيم العدة على ذلك - أي أن الأمر المطلق يفيد الوجوب – إجماع الصحابة y على ذلك حيث إنهم كانوا يرجعون إلى مجرد الأوامر في الفعل أو الامتناع من غير توقفٍ فكل أمرٍ كانوا يسمعونه من الكتاب والسنة يحملونه على الوجوب ولذلك لم يرد عنهم أنهم كانوا يسألون النبي r عن المراد بهذا الأمر بل كانوا يمتثلون الأمر ويحملونه على الوجوب إلا إذا اقترن به قرينة تصرفه إلى غيره ولم يعرف منهم منكر لذلك فكان إجماعاً وهذا ثبت في وقائع كثيرة :

    منها : أنهم استدلوا على وجوب الصلاة عند ذكرها بالأمر المطلق في حديث أنس مرفوعاً " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " .

    ومنها : أنهم أجمعوا على وجوب غسل الإناء من ولوغ الكلب بقوله r : " إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبعاً " .

    ومنها : أن أبا بكر t استدل على وجوب قتال مانعي الزكاة بقوله تعالى : ]وَآتُوا الزَّكَاةَ[ وقال : " والزكاة من حقها " يقصد : أن الزكاة من جملة حقوق لا إله إلا الله ، ووافقه عمر . ذكره القاضي في العدة .

    ومنها : أن عمر t أخذ الجزية من المجوس بقوله r : (( سنوا بهم سنة أهل الكتاب )) ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعاً . فدلت هذه الوقائع على ما ادعيناه من إجماع الصحابة على أن الأمر المطلق يفيد الوجوب .

    ومن الأدلة أيضاً : قوله تعالى ]عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ[ فدل على أن مخالفة الأمر معصية وما ذلك إلا لوجوبه وهو المطلوب .

    ويدل على أن الأمر المجرد عن القرائن للوجوب من النظر : أن السيد لو قال لعبده : اسقني ماء ، فامتثل العبد فإنه يستحق المدح والثناء ، وإن لم يمتثل فإنه يستحق الذم والعقوبة ، فرآه العقلاء وهو يعاقبه فقالوا له : لم تعاقبه ؟ فقال : إني أمرته أنه يسقيني ماءً فعصاني ولم يفعل ، فإن هؤلاء يتفقون معه على حسن لومه وعقابه نظراً لمخالفته الأمر فدل ذلك على أنه ما استحق الذم والعقوبة إلا لأنه ترك واجباً لأن الواجب هو الذي يذم على تركه مطلقاً وهذا متقرر في أذهان العقلاء .

    فهذه الأدلة تفيدك أيها الطالب إفادةً صريحة أن صيغة الأمر المطلقة أي المتجردة عن القرائن تفيد الوجوب ، فإذا تقرر لك ذلك فاعلم أن

    هذه القاعدة مطردة في جميع الفروع فكل أمرٍ يمر عليك في الكتاب أو السنة فاحمله على الوجوب إلا إذا ورد الصارف له عن بابه إلى

    باب آخر ، من غير فرق بين باب العبادات وباب الآداب ذلك لأن بعض العلماء قال : إذا كان الأمر في باب العبادات فهو للوجوب وإذا كان في الآداب فهو للاستحباب ولا دليل على هذا التفريق بل الأدلة السابقة عامة في جميع الأوامر من غير فرقٍ بين أمرٍ وأمر ، بل نحن نجد في الآداب ما هو واجب بمجرد الأمر به كالأكل باليمين والتسمية على الطعام ونحوها .
    والمراد : أن هذا التفريق لا وجه له ، والأصل أن تبقى هذه الأدلة على عمومها حتى يرد المخصص ولا مخصص هنا ، فالأوامر كلها

    وفي جميع الأبواب تفيد الوجوب عند تجردها عن القرائن ، هذا هو الصواب الذي دلت عليه الأدلة ، والله أعلم .
    إذا علمت هذا فلم يبق إلا الفروع وهي كثيرة لكن أذكر ما تيسر منها فأقول :

    منها : قوله r للغلام الذي رآه تطيش يده في الطعام : (( يا غُلام سَمِّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك )) فهذه ثلاثة أوامر :

    الأول : (سم الله) فهو أمر بالتسمية فالأصل فيه الوجوب إذ لا قرينة هنا تصرفه عن بابه ، فنقول : التسمية عند الطعام واجبة وقد دلت أدلة أخرى على هذا الحكم وأكدته بأن ترك التسمية سبب لاستحلال الشيطان للطعام .

    الثاني : قوله (وكل بيمينك) فهذا أمر فالأصل فيه الوجوب ، فنقول : الأكل باليمين واجب وقد دلت أدلة أخرى على ذلك وأكدته بأن الشيطان يأكل بشماله .

    الثالث : (وكل مما يليك) فهذا أمر والأمر يفيد الوجوب ، فنقول : يجب على الإنسان أن لا يأكل إلا مما يليه ، لكن عندنا حديث أنس أن النبي r كان يتتبع الدباء من القصعة ، فظن بعض العلماء أنه صارف للأمر عن الوجوب إلى الندب وهذا ليس بصحيح

    بل الصواب أن يقال : إذا كان الطعام واحداً أي نوع واحد فيجب على الإنسان أن يأكل مما يليه ، وإذا كان الطعام أصنافاً متنوعة فللإنسان حق الاختيار ويأكل مما شاء فالأمر في قوله : (وكل مما يليك) على بابه وهو الوجوب لكن فيما إذا كان الطعام واحداً ، والله أعلم .

    ومنها : قوله r (( أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما )) رواه الأربعة ، ولأبي داود : (( إذا توضأت فمضمض )) .

    فها هنا عدة أوامر :

    الأول : قوله : (اسبغ الوضوء) أمر بالإسباغ فيكون واجباً والإسباغ هو تعميم العضو بالماء مع الإسالة وهذا صحيح فالأمر فيه يفيد الوجوب .

    الثاني : قوله : (وخلل بين الأصابع) أمر والأصل أنه يفيد الوجوب لكن نظرنا فوجدنا قرينة تصرفه إلى الندب وهو أن جميع الذين وصفوا وضوءه r لم يذكروا أنه كان يخلل أصابعه مما يدل على أنه لم يكن يواظب عليه إذ لو كان مما يواظب عليه لنقله هؤلاء فلما لم ينقلوه دل على أن قوله : (وخلل بين الأصابع) ليس على بابه الذي هو الوجوب وإنما هو للندب فيكون التخليل مندوباً .

    الثالث : قوله : (وبالغ في الاستنشاق) هنا أمران : أمر بالاستنشاق ، وأمر بالمبالغة، فأما الأمر بالاستنشاق فهو على بابه وهو الوجوب ويتأيد ذلك بقوله r : (( إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً )) ، وفي رواية : (( ومن توضأ فليستنشق )) ، وفي رواية : (( فليستنشق بمنخريه من الماء )) ، فالأمر بالاستنشاق على بابه وهو الوجوب . فنقول : من واجبات الوضوء الاستنشاق ،

    وأما المبالغة فأمر بها هنا في حديث لقيط بن صبرة ولكنه لم يأمر بها في حديث أبي هريرة وجميع الواصفين لوضوئه لم يذكروا أنه كان يبالغ في الاستنشاق فدل ذلك على أن المبالغة فيه سنة لورود القرينة الصارفة .

    الرابع : قوله : (إذا توضأت فمضمض) وهذا أمر بالمضمضة والأصل في الأمر المطلق الوجوب ، فنقول : المضمضة واجبة ولم تأت قرينة تصرفه عن بابه بل تأيد ذلك بأحاديث أخرى تفيد أن الأمر بها يراد به الوجوب ، والله أعلم .

    ومنها : حديث أبي هريرة مرفوعاً : " إذا صلى أحدكم الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على شقه الأيمن " فهذا أمر بالاضطجاع بعد سنة الفجر ، والأصل أنه للوجوب ، لكن ورد له ما يصرفه عن بابه إلى الندب وذلك في حديث أبي قتادة عند مسلم في قصة نومهم عن صلاة الفجر قال : " فأذن بلال فصلى النبي r ركعتي الفجر ثم أقيمت الصلاة فصنع كما كان يصنع كل يوم " فهنا لم يضطجع r بعد ركعتي الفجر ففعله هذا صرف الأمر عن بابه إلى الندب ، فنقول : الاضطجاع على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر سنة .

    ومنها : قوله r : (( صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب )) ثم قال : (( لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة )) رواه البخاري ، فقد أمر r بالصلاة قبل المغرب فالأصل في أمره الوجوب لكنه قال (لمن شاء) وهذه قرينة تصرف الأمر عن الوجوب إلى الندب ولو لم ترد هذه اللفظة لقلنا إن الصلاة قبل المغرب واجبة لكن لما وردت القرينة الصارفة للأمر إلى الندب قلنا بها .

    ومنها : قوله r : (( توضؤوا من لحوم الإبل )) فهذا أمر بالوضوء من لحمها والأصل في الأمر أنه للوجوب ، ولا أعلم قرينة تصرف الأمر عن بابه فالبقاء عليه هو المتعين ، فنقول : الوضوء من أكل لحم الإبل واجب للأمر به وهذا هو الراجح وهو من مفردات الإمام أحمد .

    ومنها : قوله r : (( من غسل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ )) على التسليم بأنه يحتج به فإن الأمرين فيه للاستحباب لا للوجوب بدليل قوله في الحديث الآخر (( ليس عليكم من غسل ميتكم غسل فإن ميتكم يموت طاهراً ))، ومثله أن أم عطية تولت هي وبعض النساء غسل بنت رسول الله r وذكرت أنه دخل عليهن وأمرهن أن يغسلوها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك وأنه أعطاهن حقوه ولم تذكر أنه أمرهن بعد الفراغ من غسلها أن يغتسلن أو يتوضأن ولو أمرهن لنقلته لنا فلما لم يأمرهن بالاغتسال دل ذلك على عدم وجوبه لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، وغسلت أسماء بنت عميس رضي الله عنها أبا بكر t وخرجت وسألت الصحابة هل عليها غسل ؟ فقالـوا : لا ، فهـذا يُعَدُّ صـارفاً للأمـر في الحديـث ، فنقول : مـن غسـل مـيـتًا فليغتسل استحباباً ومن حمله فليتوضأ استحباباً هذا إذا سلمنا سلامة الحديث للاحتجاج وإلا فقد قال أحمد : لا يصح في هذا الباب شيء ، والله أعلم .

    ومنها : قوله r في المذي : (( توضأ واغسل ذكرك )) فهذا أمر وهو للوجوب ولا نعلم له صارفاً ، فنقول : من خرج منه مذي فيجب عليه أن يغسل ذكره ويتوضأ للأمر به ، والله أعلم .

    ومنها : قوله r : (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن )) فهذا أمر والأصل فيه الوجوب ، وبه قال بعض أهل العلم ، لكن ورد ما يصرفه عن بابه وهو ما رواه مسلم في صحيحه أن النبي r سمع مؤذناً يؤذن فقال : الله أكبر الله أكبر ، فقال : على الفطرة ، ثم قال المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله ، فقال : خرجت من النار … فلو كانت الإجابة واجبة لأجابه النبي r .

    ومنها : قوله r : (( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً )) رواه مسلم ، وزاد الحاكم : (( فإنه أنشط للعود )) فهذا أمر والأصل فيه الوجوب ، لكن وردت قرينة تصرفه عن بابه إلى الندب وهي أنه r ثبت عنه أنه طاف على نسائه بغسل واحد ولم ينقل عنه أنه توضأ . فلو كان الوضوء واجباً لتوضأ فلما لم يتوضأ دل ذلك على أن الأمر به في الحديث أمر ندب لا أمر وجوب ، ولأنه قال أيضاً في رواية الحاكم : (( فإنه أنشط للعود )) فهو أمر معلل فمن كان نشيطاً للعود أصلاً لقوته وشدة رغبته فلا يتوضأ وهذا ما يفهم من الحديث ، فهذا الأمر إذاً يراد به الندب لورود القرينة الصارفة ولو لم ترد لقلنا بالوجوب لهذه القاعدة .

    ومنها : تحية المسجد ، فقد قال r : (( إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس )) متفق عليه ، فقد أمر بتحية المسجد ، والأصل في الأمر الوجوب ، وقال به بعض العلماء لكن هناك قرينة تصرف الأمر عن بابه وهو حديث طلحة بن عبيد الله لما سأل النبي r عن الإسلام فقال : (( خمس صلوات في اليوم والليلة )) قال : هل عليّ غيرها ، قال : (( لا ، إلا أن تطوع )) فوصف ما عدا الصلوات الخمس بأنها تطوع ، وكذلك لما دخل رجل المسجد يوم الجمعة وتخطى رقاب الناس قال له النبي r : (( اجلس فقد آذيت وآنيت )) ولم يأمره أن يصلي ركعتين فلو كانت واجبة لأمره بها ، فهاتان القرينتان تصرفان الأمر عن بابه إلى الاستحباب وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، ولو لم يردا ، لقلنا بالوجوب لأن الأمر المطلق عن القرائن يفيد الوجوب.

    ومنها : أن النبي r أمر الجنب إذا أراد أن ينام أن يتوضأ والحديث صحيح ، فهذا أمر والأمر يفيد الوجوب لكن بحثنا فوجدنا أن له صارفاً وهو حديث عائشة رضي الله عنها : " أن النبي r كان ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءً " رواه الأربعة بسندٍ حسن ، فهذه القرينة صرفت الأمر عن بابه إلى الندب وهو الصواب ولو لم ترد لقلنا بالوجوب لأن الأمر المطلق عن القرائن يفيد الوجوب .

    ومنها : حديث أبي هريرة مرفوعاً : " إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينتثر " فهذا أمر بالانتثار وهو للوجوب ولا أعلم له صارفاً عن بابه إلى الندب بل تأيد الأمر القولي بالفعل الدائم ، فنقول : الاسـتننثار واجب من واجبات الوضوء لأنه أمر به والأمر يفيد الوجوب إذا خلا عن القرينة .

    وهكذا فقس ، فأي أمرٍ وجدته فاحمله على الوجوب إلا إذا وردت القرائن الصارفة له عن بابه فاحمله على ما دلت عليه القرينة ، والله أعلم وأعلى. __________________

    المصدر عاليه
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.03.10 12:30

    اقتباس:

    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سلمى رشيد لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟ Viewpost
    قصة تطليق مغيث لبريرة
    قال البخاري - رحمه الله - باب ( شفاعة النبي لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟ Sallah ) : " حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
    أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعبَّاسٍ يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ رَاجَعْتِهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي قَالَ إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ قَالَتْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ".
    وجه الدلالة : استفسارها - رضي الله عنها - من النبي لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟ Sallah ان كان يأمر أم يشفع ؛ يدل على ان القاعدة كانت مستقرة بين الصحابة - رضي الله عنهم - .

    ما رأيكم ؟


    وفقتَ أخي الفاضل أبا سلمى
    قوله لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟ Sallah : ((لو راجعته)) يظهر من الجملة العرض والترغيب، وربما ظهر لبريرة لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟ Radia حاله لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟ Sallah، فحال الآمر الجازم لا كحال النادب المحبّب، وهذا أحد صوارف الأمر إلى الندب.

    وصوارفه الأخرى التي تصدق على بريرة كالعلم من أدلة أخرى أن المطلقة لا يجب عليها الرجوع إلى زوجها، فاستيقنت من رسول الله لماذا يصرف النهي في الاداب من الحرمة الى الكراهية ؟ Sallah الأمر فوجدته على الأصل.

    وذكر العلماء للأمر ستة عشر معنى غير الوجوب تثبت له بصوارف متفرقة في كتب الأصول ؛

    وجعلوا باب الآداب كله صارفا للأمر عن الوجوب والنهي عن الحرمة إلا ما خصصه الشارع ....

    وإثبات هذه الكلية للآداب لا يشترط له صيغة تخصه، وإنما يفهمه العلماء من كلام الشرع استقراءً.

    قال أبو إسحاق الشاطبي (3/419) : "وأيضا فالأوامر والنواهي من جهة اللفظ على تساو في دلالة الاقتضاء والتفرقة بين ما هو منها أمر وجوب أو ندب وما هو نهي تحريم أو كراهة لا تعلم من النصوص، وإن علم منها بعض فالأكثر منها غير معلوم، وما حصل لنا الفرق بينها إلا باتباع المعانى والنظر إلى المصالح وفي أي مرتبة تقع، وبالاستقراء المعنوي، ولم نستند فيه لمجرد الصيغة وإلا لزم في الأمر أن لا يكون في الشريعة إلا على قسم واحد لا على أقسام متعددة والنهي كذلك أيضا، بل نقول كلام العرب على الإطلاق لا بد فيه من اعتبار معنى المساق في دلالة الصيغ وإلا صار ضحكة وهزءة".

    وقوله (4/57) : "العموم إذا ثبت فلا يلزم أن يثبت من جهة صيغ العموم فقط، بل له طريقان : أحدهما الصيغ إذا وردت وهو المشهور فى كلام أهل الأصول ؛ والثاني استقراء مواقع المعنى حتى يحصل منه في الذهن أمر كلي عام فيجرى في الحكم مجرى العموم المستفاد من الصيغ".

    وقال (4/65) : "ولهذه المسألة فوائد تنبني عليها أصلية وفرعية وذلك أنها إذا تقررت عند المجتهد ثم استقرى معنى عاما من أدلة خاصة واطرد له ذلك المعنى لم يفتقر بعد ذلك إلى دليل خاص على خصوص نازلة تعن بل يحكم عليها وإن كانت خاصة بالدخول تحت عموم المعنى المستقري من غير اعتبار بقياس أو غيره إذ صار ما استقرى من عموم المعنى كالمنصوص بصيغة عامة فكيف يحتاج مع ذلك إلى صيغة خاصة بمطلوبه".

    يبقى أن نثير بعض أفراد الاستقراء حتى يحصل العلم من أن الأمر والنهي في باب الآداب للندب والكراهة

    قد ذكر بعضها هنا ومنها ننقل :

    مسألة الاستنجاء باليمين (فتح الباري 1/253)،
    مسألة مسك الذكر حال البول (العدة على إحكام الأحكام 1/262)،
    مسألة النهي عن الغيلة (التمهيد 13/93)،
    مسألة النهي عن القران بين التمرتين (شرح النووي لصحيح مسلم 13/223)،
    مسألة الأكل أو الشرب بالشمال (فتح الباري 9/522 شرح النووي لصحيح مسلم 13/191، والآداب الشرعية لابن مفلح 3/168)،
    مسألة التسمية عند الأكل (المحلى 7/424)،
    مسألة السلام (شرح النووي لصحيح مسلم 14/140)،
    مسألة الابتداء باليمنى عند الانتعال وباليسرى عند الخلع (الفتح 10/321)،
    مسألة النهي عن المشي في نعل واحدة (طرح التثريب 8/134)،
    مسألة تغيير الشيب (شرح النووي لصحيح مسلم 14/80)،
    مسألة قراءة القرآن في أقل من ثلاث (لفتح 9/97)،
    مسألة الفرار من المجذوم (الفتح 10/162)،
    مسألة لعق اليد بعد الطعام، مسألة عيادة المريض (الإحكام مع العدة 4/490)،
    مسألة تشميت العاطس (الإحكام مع العدة 4/491)،
    مسألة إجابة الداعي (الإحكام مع العدة 4/493) ....


    قلت :

    ومن أعظم ما يصرف الأمر والنهي عن الوجوب والاستحباب اجتماع الأمر والنهي بالإقرار بالفعل أو الإباحة. والله أعلم.

    المصدر نفسه

      الوقت/التاريخ الآن هو 14.11.24 8:03