[size="7"]
[/size][size="5"]الصارم البتار على أعداء السنة الأشرار
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يلجأ أعداء السنة إلى كثير من الأساليب الملتوية لإقناع الشباب بما هم عليه , فإذا تحققت مآربهم من الثقة بهم , دعوهم بعد ذلك للحزبية , وصرفوهم عن طلب العلم النافع , وأملوا عليهم مناهجهم من التحذير والتشكيك والغمز واللمز والطعن في العلماء الربانيين , وإذا ناصحهم طالب العلم السلفي , قالوا له : جزاك الله خيراً , سندرس المسألة إن شاء الله , سنلتقي بهم , اعذروا هؤلاء الشباب , شباب صغار , لا تثقلوا عليهم , تلطفوا بهم , ….. , ….. , وإذا قلت لهم : هؤلاء الشباب يسيئون للإسلام والمسلمين بأفعالهم وأقوالهم , قالوا لك : اصبروا عليهم نحن بريئون من أفعالهم وأقوالهم , يتصرفون تصرفاً شخصياً , نحذرهم دائماً من هذه الأقوال والأفعال , …. , …. , وهكذا يستخدمون أساليب المراوغة , ولا يحركون ساكناً , ولا يغضبون لله , بل يتركون شبابهم على هذا المنوال , لا يناصحونهم , ولا يرشدونهم , ولا يعلمونهم , وهذا شأنهم . يَعِدُون ولا يوفون , ويقولون ما لا يفعلون .
ومن عدائهم : تتبع زلات العلماء الربانيين في المسائل الاجتهادية , ولا يعلمون أن الإنسان مُعرّض للخطأ والصواب , ولا عيب على الخطأ إذا ظهر الحق لصاحبه وتراجع عنه , ولكن لا يُستغل هذا للتجريح والتشنيع وخاصة في المسائل الاجتهادية , ولله الحمد والمنة لم نجد هذه المسائل في أصول العقيدة وإنما حدثت في مسائل الفروع .
قـال الإمـام الشـافعي _ رحمه الله _ : " فـإن الخـلاف مـن زمـان الصحابـة إلـى الآن واقـع فـــي المسـائل الاجتـهاديـة " { الاعتصام 2 / 191 } .
وقال الإمام عبد الله بن خفيف _ رحمه الله _ : " فكانت كلمة الصحابة على الاتفاق من غير اختلاف , وهم الذين أُمرنا بالأخذ عنهم , إذ لم يختلفوا بحمد الله تعالى في أحكام التوحيد وأصول الدين من الأسماء والصفات , كما اختلفوا في الفروع , ولو كان منهم في ذلك اختلاف لنُقل إلينا كما نُقل سـائر الخلاف , فاستقـر صحة ذلك عند العلماء المعروفين , حـتى نقلوا ذلك قرناً بعد قرن , لأن الاختلاف كان عنـدهم في الأصـل كفـر ولله المنة "{مجموع الفتاوى 5/ 71}
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ : " والمقصود أن الصحابة _ رضوان الله عليهم _ لم يقتتلوا قط لاختلافهم في قاعدة من قواعد الإسلام أصلاً , ولم يختلفوا في شـيء من قواعد الإسلام : لا في الصفات ولا في القدر ولا مسائل الأسماء والأحكام ولا مسائل الإمامة …. " { منهاج السنة 6 / 36 } .
وبالرغم من وضوح هذه المسألة , إلا إن هؤلاء يتصيدون مثل هذه الزلات في الفروع , وإن كانت عن اجتهاد للطعن والتشهير في علماء السلف , أما أخطاؤهم العقدية والمنهجية الكثيرة المخالفة لعقيدة السلف ومنهجه الصالح , والتي تغلب عليهم لا يلتفتون إليها , بل يحاولون طمسها حتى لا تظهر عليهم , فإذا أخطأ العالم السلفي في دقيقة من دقائق المسائل الاجتهادية , سرعان ما نسبوا هذا الخطأ للدعوة السلفية , وأخذوا بالتشهير والتحذير من علماء الدعوة السلفيـة , وكأن الإنسان المخالف لهم معصوم من الخطأ , أما قادتهم فهم معذورون , وما أكثر أعذارهم , أما غيرهم فلا يُعذرون , وهكذا يدندنون ويفخمون هذه الزلات الاجتهادية حتى يصرفوا الشباب عن العلماء السلفيين , وغضوا أبصارهم عن كل الحسنات التي في الدعوة السلفية .
ومن عدائهم : الكذب والافتراء على العلماء السلفيين باتهامهم بشتى التهم , وهذا نابع من بغضهم وحقدهم .
قال الإمام أحمد بن سنان القطان _ رحمه الله _ : " ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث , فإذا ابتدع الرجل نُزعت حلاوة الحديث من قلبه " { عقيدة أصحاب الحديث ص 101 } .
وقال محمد بن إسماعيل الترمذي : " كنت أنا وأحمد بن الحسن والترمذي عند إمام الدين أبي عبد الله أحمد بن حنبل , فقال له أحمد بن الحسن : يا أبا عبد الله , ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال : أصحاب الحديث قوم سوء , فقام أحمد بن حنبل , وهو ينفض ثوبه ويقول : زنديق , زنديق حتى دخل البيت "{ عقيدة أصحاب الحديث ص 101 } .
وهذا شأن المشركين الأوائل مع النبي _ صلى الله عليه وسلم _ فسماه بعضهم ساحراً , وبعضهم كاهناً , وبعضهم شاعراً , وبعضهم مجنوناً , وبعضهم كذاباً , وكان النبي _ صلى الله عليه وسلم _ من تلك المعايب بريئاً , ولم يكن إلا رسولاً نبياً , قال تعالى : انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً { الإسراء : 48 } .
وقد سلك أعداء السنة في هذا الزمان ما سلكه الأوائل مع رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فتقاسموا القول في العلماء السلفيين , فمنهم من وصفهم بأنهم مداهنون متزلفون معطلون للجهاد , وبعضهم بأنهم مرجفون مفرقون للجماعة , وبعضهم بأنهم يهتمون بالقشور ولا يفقهون الواقع , وبعضهم بأنهم علماء سلطة يصدرون فتاواهم خوفاً من السلطــة طمعـاً بما عندهــم , إلــى غير ذلك من الأوصاف السيئـة , وهـم بريـئون مــن تلك الأوصاف القبيحـة فهــم _ والحمد لله _ أهل القرآن والأثر المدافعون عن سنته _ صلى الله عليه وسلم _ المبلّغون لها , وهم أهل العلم والفتوى الشرعية المبنية على الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة وهم أهل التقوى والورع والزهد الذين لا ينظرون عما في أيدي الناس سواء أكان سلطاناً أم غيره , فهم لا يتزلفون إلى الحكام بل يقولون ما يعتقدون فيهم بأن لهم السمع والطاعة في طاعة الله , ولا يرون الخروج عليهم ولو جاروا وظلموا .
قال الشيخ سليم الهلالي _ حفظه الله _ : " والدعوة السلفية بذلك لا تتطلع إلى الصدام مع الحكام والأنظمة , لأنها تضع في اعتبارها إصلاح ذلك كله , لأن ذلك جزء من الأمة التي تسعى لإصلاحها وانتشالها من الحمأة الوبيئة التي أركست نفسها فيها , لأن الحكم والحاكم ليس غاية عندهم , بل وسيلة ليعبد الله وحده , ويكون الدين كله لله .
وثمة أمر آخر وهو : أن قطع الرأس , وقلب نظام الحكم سيفرز _ لزاماً _ نظاماً أشد وأطغى ورأساً أظلم وأبقى , ومن كان في ريب , فليسأل أدعياء " الفقه الواقع " { المقالات السلفية ص 77 / 78 } .
وليعلم الجميع , بأن الله ناصر رسله , ومن سار على عقيدتهم ومنهجهم إلى يوم الدين , وخاذل الظالمين الماكرين الذين مكروا بالمسلمين الداعين إلى الله السائرين على نهج السلف من أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ .
قـال تـعالـى : إِنَّا لَنَنصُــرُ رُسُلَنَــا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَـــوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِيـــنَ مَعْذِرَتُهُــمْ وَلَهُمُ اللَّعــْنَــةُ وَلَهُــمْ سوءُ الدَّارِ { غافر : 51 – 52 } وقـال تعالى : وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {الأنفال : 30} وقـــال تعالــى : وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ { النمل : 50 – 51 } .
قال الشيخ زيد المدخلي _ حفظه الله _ : " ومما ينبغي أن يُعلم أن العلماء الربانيين والفقهاء السلفيين في كل زمان ومكان يختبرون الناس بمواقفهم من العلماء السلفيين أهل الحديث والأثر , فمن كان من أنصارهم ومحبيهم فهو صاحب سنة , ومن كان ممن يلمزهم أو ينتقصهم فهو صاحب هوى وبدعة يحذرونه ويحذرون منه " { الإرهاب وآثاره على الأفراد والأمم ص 45 } .
وقال الشيخ أحمد النجمي _ حفظه الله _ وهو يتكلم عن مساوئ الحزبيين : " إنهم يزهدون في علماء السنة وينبزونهم بالألقاب , فيصفون بعضهم بأنه عميل , والبعض الآخر بأنه مداهن وتارة يقولون عنهم : إنهم علماء الورق وعلماء الحيض والنفاس , وأنهم يجهلون الواقع و…..و….و…. إلى آخر القاموس الذي نفثه قادتهم في صدورهم , فينفرون الشباب عنهم , ويزهدون فيهم وفي حلقاتهم , فلا ينظرون إليهم إلا بعين الاحتقار وينشأ عن ذلك حاجز وحجاب يفصل بين هؤلاء وهؤلاء , أي بين العلماء والطلاب , وتكون النتيجة مُرة والعاقبة سيئة , لأنهم إذا زهدوا في علمائهم واتهموهم على الدين سيقيسون الأمور بأهوائهم وما يُسيِّرهم به قادتهم وبحكم جهلهم بكثير من الأحكام الشرعية سيقعون في أخطاء كثيرة يظنونها صواباً فيستمرون عليها فتموت بسبب ذلك سنن وتروج بدع وتفشو , ويحملها بعضهم على بعض حتى يأتي زمان يظن الناس فيه بأنها سنة " { المورد العذب الزلال ص 233 } .
لذا أنصح كل الآباء أن يُحذّروا أبناءهم من الوقوع في هذا المنزلق الخطير , وأن يعرفوا للعلماء قدرهم ومكانتهم من توقيرهم واحترامهم والالتفاف حولهم لأخذ العلم النافع عنهم .
قال الإمام أبو عثمان الصابوني _ رحمه الله _ مبيناً علامات أهل السنة : " وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها , وأوليائها , وبغضهم لأئمة البدع , والذين يدعون إلى النار , ويدلون أصحابهم على دار البوار , وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة , ونورها بحب علماء السنة فضلاً منه جل جلاله { عقيدة أصحاب الحديث ص 108 } .
ومن أحبَّ علماءنا في هذا الزمان _ العلماء السلفيين _ ورفع منزلتهم وأخذ العلم عنهم فهو صاحب سنة .
ومن حذر منهم , وطعن فيهم ووصفهم بأوصاف منفرة فهو صاحب بدعة , لأن الطعن فيهم طعن في العلم الذي يحملونه في صدورهم , وهذا طعن في الدين والسنة والتحذير منهم تحذير من الدين والسنة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبها
سمـيـر المبحوح
29/محرّم/1427 ه[/size]
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يلجأ أعداء السنة إلى كثير من الأساليب الملتوية لإقناع الشباب بما هم عليه , فإذا تحققت مآربهم من الثقة بهم , دعوهم بعد ذلك للحزبية , وصرفوهم عن طلب العلم النافع , وأملوا عليهم مناهجهم من التحذير والتشكيك والغمز واللمز والطعن في العلماء الربانيين , وإذا ناصحهم طالب العلم السلفي , قالوا له : جزاك الله خيراً , سندرس المسألة إن شاء الله , سنلتقي بهم , اعذروا هؤلاء الشباب , شباب صغار , لا تثقلوا عليهم , تلطفوا بهم , ….. , ….. , وإذا قلت لهم : هؤلاء الشباب يسيئون للإسلام والمسلمين بأفعالهم وأقوالهم , قالوا لك : اصبروا عليهم نحن بريئون من أفعالهم وأقوالهم , يتصرفون تصرفاً شخصياً , نحذرهم دائماً من هذه الأقوال والأفعال , …. , …. , وهكذا يستخدمون أساليب المراوغة , ولا يحركون ساكناً , ولا يغضبون لله , بل يتركون شبابهم على هذا المنوال , لا يناصحونهم , ولا يرشدونهم , ولا يعلمونهم , وهذا شأنهم . يَعِدُون ولا يوفون , ويقولون ما لا يفعلون .
ومن عدائهم : تتبع زلات العلماء الربانيين في المسائل الاجتهادية , ولا يعلمون أن الإنسان مُعرّض للخطأ والصواب , ولا عيب على الخطأ إذا ظهر الحق لصاحبه وتراجع عنه , ولكن لا يُستغل هذا للتجريح والتشنيع وخاصة في المسائل الاجتهادية , ولله الحمد والمنة لم نجد هذه المسائل في أصول العقيدة وإنما حدثت في مسائل الفروع .
قـال الإمـام الشـافعي _ رحمه الله _ : " فـإن الخـلاف مـن زمـان الصحابـة إلـى الآن واقـع فـــي المسـائل الاجتـهاديـة " { الاعتصام 2 / 191 } .
وقال الإمام عبد الله بن خفيف _ رحمه الله _ : " فكانت كلمة الصحابة على الاتفاق من غير اختلاف , وهم الذين أُمرنا بالأخذ عنهم , إذ لم يختلفوا بحمد الله تعالى في أحكام التوحيد وأصول الدين من الأسماء والصفات , كما اختلفوا في الفروع , ولو كان منهم في ذلك اختلاف لنُقل إلينا كما نُقل سـائر الخلاف , فاستقـر صحة ذلك عند العلماء المعروفين , حـتى نقلوا ذلك قرناً بعد قرن , لأن الاختلاف كان عنـدهم في الأصـل كفـر ولله المنة "{مجموع الفتاوى 5/ 71}
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ : " والمقصود أن الصحابة _ رضوان الله عليهم _ لم يقتتلوا قط لاختلافهم في قاعدة من قواعد الإسلام أصلاً , ولم يختلفوا في شـيء من قواعد الإسلام : لا في الصفات ولا في القدر ولا مسائل الأسماء والأحكام ولا مسائل الإمامة …. " { منهاج السنة 6 / 36 } .
وبالرغم من وضوح هذه المسألة , إلا إن هؤلاء يتصيدون مثل هذه الزلات في الفروع , وإن كانت عن اجتهاد للطعن والتشهير في علماء السلف , أما أخطاؤهم العقدية والمنهجية الكثيرة المخالفة لعقيدة السلف ومنهجه الصالح , والتي تغلب عليهم لا يلتفتون إليها , بل يحاولون طمسها حتى لا تظهر عليهم , فإذا أخطأ العالم السلفي في دقيقة من دقائق المسائل الاجتهادية , سرعان ما نسبوا هذا الخطأ للدعوة السلفية , وأخذوا بالتشهير والتحذير من علماء الدعوة السلفيـة , وكأن الإنسان المخالف لهم معصوم من الخطأ , أما قادتهم فهم معذورون , وما أكثر أعذارهم , أما غيرهم فلا يُعذرون , وهكذا يدندنون ويفخمون هذه الزلات الاجتهادية حتى يصرفوا الشباب عن العلماء السلفيين , وغضوا أبصارهم عن كل الحسنات التي في الدعوة السلفية .
ومن عدائهم : الكذب والافتراء على العلماء السلفيين باتهامهم بشتى التهم , وهذا نابع من بغضهم وحقدهم .
قال الإمام أحمد بن سنان القطان _ رحمه الله _ : " ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث , فإذا ابتدع الرجل نُزعت حلاوة الحديث من قلبه " { عقيدة أصحاب الحديث ص 101 } .
وقال محمد بن إسماعيل الترمذي : " كنت أنا وأحمد بن الحسن والترمذي عند إمام الدين أبي عبد الله أحمد بن حنبل , فقال له أحمد بن الحسن : يا أبا عبد الله , ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال : أصحاب الحديث قوم سوء , فقام أحمد بن حنبل , وهو ينفض ثوبه ويقول : زنديق , زنديق حتى دخل البيت "{ عقيدة أصحاب الحديث ص 101 } .
وهذا شأن المشركين الأوائل مع النبي _ صلى الله عليه وسلم _ فسماه بعضهم ساحراً , وبعضهم كاهناً , وبعضهم شاعراً , وبعضهم مجنوناً , وبعضهم كذاباً , وكان النبي _ صلى الله عليه وسلم _ من تلك المعايب بريئاً , ولم يكن إلا رسولاً نبياً , قال تعالى : انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً { الإسراء : 48 } .
وقد سلك أعداء السنة في هذا الزمان ما سلكه الأوائل مع رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فتقاسموا القول في العلماء السلفيين , فمنهم من وصفهم بأنهم مداهنون متزلفون معطلون للجهاد , وبعضهم بأنهم مرجفون مفرقون للجماعة , وبعضهم بأنهم يهتمون بالقشور ولا يفقهون الواقع , وبعضهم بأنهم علماء سلطة يصدرون فتاواهم خوفاً من السلطــة طمعـاً بما عندهــم , إلــى غير ذلك من الأوصاف السيئـة , وهـم بريـئون مــن تلك الأوصاف القبيحـة فهــم _ والحمد لله _ أهل القرآن والأثر المدافعون عن سنته _ صلى الله عليه وسلم _ المبلّغون لها , وهم أهل العلم والفتوى الشرعية المبنية على الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة وهم أهل التقوى والورع والزهد الذين لا ينظرون عما في أيدي الناس سواء أكان سلطاناً أم غيره , فهم لا يتزلفون إلى الحكام بل يقولون ما يعتقدون فيهم بأن لهم السمع والطاعة في طاعة الله , ولا يرون الخروج عليهم ولو جاروا وظلموا .
قال الشيخ سليم الهلالي _ حفظه الله _ : " والدعوة السلفية بذلك لا تتطلع إلى الصدام مع الحكام والأنظمة , لأنها تضع في اعتبارها إصلاح ذلك كله , لأن ذلك جزء من الأمة التي تسعى لإصلاحها وانتشالها من الحمأة الوبيئة التي أركست نفسها فيها , لأن الحكم والحاكم ليس غاية عندهم , بل وسيلة ليعبد الله وحده , ويكون الدين كله لله .
وثمة أمر آخر وهو : أن قطع الرأس , وقلب نظام الحكم سيفرز _ لزاماً _ نظاماً أشد وأطغى ورأساً أظلم وأبقى , ومن كان في ريب , فليسأل أدعياء " الفقه الواقع " { المقالات السلفية ص 77 / 78 } .
وليعلم الجميع , بأن الله ناصر رسله , ومن سار على عقيدتهم ومنهجهم إلى يوم الدين , وخاذل الظالمين الماكرين الذين مكروا بالمسلمين الداعين إلى الله السائرين على نهج السلف من أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ .
قـال تـعالـى : إِنَّا لَنَنصُــرُ رُسُلَنَــا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَـــوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِيـــنَ مَعْذِرَتُهُــمْ وَلَهُمُ اللَّعــْنَــةُ وَلَهُــمْ سوءُ الدَّارِ { غافر : 51 – 52 } وقـال تعالى : وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {الأنفال : 30} وقـــال تعالــى : وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ { النمل : 50 – 51 } .
قال الشيخ زيد المدخلي _ حفظه الله _ : " ومما ينبغي أن يُعلم أن العلماء الربانيين والفقهاء السلفيين في كل زمان ومكان يختبرون الناس بمواقفهم من العلماء السلفيين أهل الحديث والأثر , فمن كان من أنصارهم ومحبيهم فهو صاحب سنة , ومن كان ممن يلمزهم أو ينتقصهم فهو صاحب هوى وبدعة يحذرونه ويحذرون منه " { الإرهاب وآثاره على الأفراد والأمم ص 45 } .
وقال الشيخ أحمد النجمي _ حفظه الله _ وهو يتكلم عن مساوئ الحزبيين : " إنهم يزهدون في علماء السنة وينبزونهم بالألقاب , فيصفون بعضهم بأنه عميل , والبعض الآخر بأنه مداهن وتارة يقولون عنهم : إنهم علماء الورق وعلماء الحيض والنفاس , وأنهم يجهلون الواقع و…..و….و…. إلى آخر القاموس الذي نفثه قادتهم في صدورهم , فينفرون الشباب عنهم , ويزهدون فيهم وفي حلقاتهم , فلا ينظرون إليهم إلا بعين الاحتقار وينشأ عن ذلك حاجز وحجاب يفصل بين هؤلاء وهؤلاء , أي بين العلماء والطلاب , وتكون النتيجة مُرة والعاقبة سيئة , لأنهم إذا زهدوا في علمائهم واتهموهم على الدين سيقيسون الأمور بأهوائهم وما يُسيِّرهم به قادتهم وبحكم جهلهم بكثير من الأحكام الشرعية سيقعون في أخطاء كثيرة يظنونها صواباً فيستمرون عليها فتموت بسبب ذلك سنن وتروج بدع وتفشو , ويحملها بعضهم على بعض حتى يأتي زمان يظن الناس فيه بأنها سنة " { المورد العذب الزلال ص 233 } .
لذا أنصح كل الآباء أن يُحذّروا أبناءهم من الوقوع في هذا المنزلق الخطير , وأن يعرفوا للعلماء قدرهم ومكانتهم من توقيرهم واحترامهم والالتفاف حولهم لأخذ العلم النافع عنهم .
قال الإمام أبو عثمان الصابوني _ رحمه الله _ مبيناً علامات أهل السنة : " وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها , وأوليائها , وبغضهم لأئمة البدع , والذين يدعون إلى النار , ويدلون أصحابهم على دار البوار , وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة , ونورها بحب علماء السنة فضلاً منه جل جلاله { عقيدة أصحاب الحديث ص 108 } .
ومن أحبَّ علماءنا في هذا الزمان _ العلماء السلفيين _ ورفع منزلتهم وأخذ العلم عنهم فهو صاحب سنة .
ومن حذر منهم , وطعن فيهم ووصفهم بأوصاف منفرة فهو صاحب بدعة , لأن الطعن فيهم طعن في العلم الذي يحملونه في صدورهم , وهذا طعن في الدين والسنة والتحذير منهم تحذير من الدين والسنة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبها
سمـيـر المبحوح
29/محرّم/1427 ه[/size]