سلّ الصارم البتار
علـى الحمقـى مشعلـي النـار
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ"
سورة الأنعام" الآية (159)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه
أما بعد
علـى الحمقـى مشعلـي النـار
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ"
سورة الأنعام" الآية (159)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه
أما بعد
لقد كثر الهرج والمرج، وكاد الزمام أن ينفك من السرج، وساد اللغط فعم الغلط، وتناطح الجهل مع الجهل فزاد العرج، فيا رب أرسل الفرج، وارفع عنا الحرج .
لقد اجتمع الخصوم مع الأعداء على هدف واحد وهو عداوة النظام، والخصومه معه، والهجوم عليه وتأليب العوام، وتهييج الدهماء، وشحنهم وشحذهم وخداعهم بشعارات ذات هالة : عصماء في ظاهرها، جوفاء في لبها، خرباء في باطنها، عرجاء في سيرها ومنهجها .
نعم : اجتمعت العجماء مع الحمقاء، والخصوم مع الأعداء؛
فمن أقصى اليمين : يأتي الإخوان المسلمين بشعارهم الذي يرفعونه بلا تطبيق أوتصديق من عدو أو صديق، أعني( الإسلام هو الحل ) .
ومن أقصى اليسار : يأتي الشيوعيون الذين يرفعون شعار ( لا للرجعية ) ويقصدون بالرجعية الإسلام واسم حزبهم ـ التجمع الوطني التقدمي الوحدوي ـ وحقيقته التجمع والتقدم نحو موسكو، والوحدة تحت لواء الشيوعية .
ومن مضيق آخر : يأتي الليبراليين في قناعهم العلماني المقيت وهو فصل الدولة عن الدين، زاعمين أن الدين مكانه المساجد والزوايا، لا لحل المشاكل والقضايا .
ومن بعيد : يأتي الناصريون رافعين عقيرتهم بأن القومية العربية دين قبل أن يكون وطن، مسكين .
وفي وسط هذا الزحام وبين الركام : تأتي طائفة صماء عمياء عرجاء خرقاء، تأتي بإزارها المرقع الباهت والذي حوى في داخله كل ألوان الطيف مع الغبار الكثيف : فهذا نصراني مع إخواني، وهذا ملحد يتبعه معربد، وهذا شيوعي مقيت مع مستقل شريد، والجميع رافعين شعار كفاية ـ فأي كفاية ؟ ولمن كفاية ؟ كفانا الله شركم وجعل بأسكم بينكم .
هؤلاء وغيرهم اجتمعوا في صعيد واحد بهدف واحد وهو الإفساد، والمناداة بإسقاط النظام وزعزعة الأمن، وتعبئة الجماهير، ونشر المناكير، والباطل الحقير؛ استعدادا للنفخ في النفير، وإشعال السعير .
هذا .. ولم يرفعوا عقيرتهم بقولهم بعد بإسقاط النظام!! فإذا كان، فماذا سيكون الحال والمآل ؟
هل سيجتمعون وهم شرذمة واهية واهنة، ويتفقون على من سيصير له الأمر والولاية وينتهي إليه الحكم والريادة .
أم سيتناحرون ويقتتلون ويحرقون أنفسهم بالنار التي أشعلوها وأوقدوا لظاها ؟
ويا ليتهم سيحترقون وحدهم مع أفكارهم الشاذة الكسيحة المقيتة الكريهة، ولكنها ستؤدي بالبلاد إلى هاوية متهاوية، كالحة السواد، تهلك العباد وتدمر البلاد .
وبدلا من الصعود الذين يرجونه – دون بذل أسبابه الشرعية- سيكون هبوطا للجميع لن يترك أحدا البتة، بل ستكون حربا أهلية همجية طاحنة، واليهود على الأبواب المؤصدة الآن مترصدة متربصة .
لكنهم بحماقتهم ورعونتهم، ومن جهلهم وغبائهم، سيفتحون الباب على مصراعيه لهم ولغيرهم، سيجعلون للكافرين على المؤمنين سبيلا، فيزداد الشر، ويقل الخير، فيعظم الخطب، ويترادف الندم بتلاحق الأسف والأسى .
ألا فاتقوا الله وكونوا خلف ولاة أمرنا وأمركم ناصحين غير غاشين، صابرين غير ظالمين، صادقين داعين لله ومع الله وبالله .
أيا من له عقل اتعظ ، ويامن له قلب إرتوي من نبع صاف أصيل، سلفي سلسبيل، بعيد عن الشعارات والقال والقيل، بل وحي من رب العالمين، أنزله على نبي بالأمة رحيم.
فقد قال تعالى في محكم التنزيل، في كتابه المبين : الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في سورة آل عمران : ) قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) (
قال العلامةالسعدي – رحمه الله تعالى- في تفسيره لهذه الآية : " يقول الله لنبيه r { قل اللهم مالك الملك } أي: أنت الملك المالك لجميع الممالك، فصفة الملك المطلق لك، والمملكة كلها علويها وسفليها لك، والتصريف والتدبير كله لك .
ثم فصل بعض التصاريف التي انفرد الباري تعالى بها، فقال : { تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء } وفيه الإشارة إلى أن الله تعالى سينزع الملك من الأكاسرة والقياصرة ومن تبعهم ويؤتيه أمة محمد، وقد فعل ولله الحمد .
فحصول الملك ونزعه تبع لمشيئة الله تعالى، ولا ينافي ذلك ما أجرى الله به سنته من الأسباب الكونية والدينية التي هي سبب بقاء الملك وحصوله، وسبب زواله، فإنها كلها بمشيئة الله، لا يوجد سبب يستقل بشيء، بل الأسباب كلها تابعة للقضاء والقدر .
ومن الأسباب التي جعلها الله سببا لحصول الملك : الإيمان والعمل الصالح، التي منها اجتماع المسلمين واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدروا عليها والصبر وعدم التنازع، قال الله تعالى: { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم } الآية
فأخبر أن الإيمان والعمل الصالح سبب للاستخلاف المذكور، وقال تعالى: { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم } الآية وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين }
فأخبر أن ائتلاف قلوب المؤمنين وثباتهم وعدم تنازعهم سبب للنصر على الأعداء، وأنت إذا استقرأت الدول الإسلامية وجدت السبب الأعظم في زوال ملكها ترك الدين والتفرق الذي أطمع فيهم الأعداء وجعل بأسهم بينهم، ثم قال تعالى : { وتعز من تشاء } بطاعتك { وتذل من تشاء } بمعصيتك { إنك على كل شيء قدير } لا يمتنع عليك أمر من الأمور بل الأشياء كلها طوع مشيئتك وقدرتك .
كما قال الله تعالى في سورة النساء : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) (
ورد في تفسير الجلالين ( { ياأيها الذين ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِى } وأصحاب { الأمر } أي الولاة { مّنكُمْ } إذا أمروكم بطاعة الله ورسوله { فَإِن تَنَازَعْتُمْ } اختلفتم { فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله } أي إلى كتابه { والرسول } مدة حياته وبعده إلى سنته أي اكشفوا عليه منهما { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله واليوم الأخر ذلك } أي الرد إليهما { خَيْرٌ } لكم من التنازع والقول بالرأي { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } مآلاً ) .
روى أَبَو أُمَامَةَt قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَخْطُبُ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ « اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ وَصُومُوا شَهْرَكُمْ وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ ». قَالَ فَقُلْتُ لأَبِى أُمَامَةَ مُنْذُ كَمْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ سَمِعْتُهُ وَأَنَا ابْنُ ثَلاَثِينَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. صحيح الترمذي ـ وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم 867
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا عَاصِمٌ - وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ - عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ اطْرَحُوا لأَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً فَقَالَ إِنِّى لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ أَتَيْتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r