بسم
الله الرحمن الرحيم
مـا أحـوجـنـا لـلـشـورى
الحمد لله ربِّ العالمين, و الصلاة
و السلام على نبينا محمد , و على آله و صحبه أجمعين.
اهتم الإسلام
كثيراً بمبدأ الشورى ,و جعلها مِن صفات المؤمنين , لأنّ حياتهم تقوم
على الشورى, بل أمْرُهم كلُّه شورى بينهم , و ذلك لينتفع الناس بها , و
يمارسونها في حياتهم وواقعهم , و مِن خلالها يتم التوصل
إلى إيجاد الحلول الشرعية المناسبة لأوضاعهم و مشكلاتهم.
قال تعالى:" و أمْرُهم شورى
بينهم " و قال :" فاعفُ عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر "
قال ابن
عطية – رحمه الله - :" و الشورى مِن قواعد الشريعة و عزائم الأحكام , مَنْ
لا يستشير أهل العلم و الدين , فعزله واجب , هذا ما لا خلاف فيه "
(
تفسير ابن عطية 3 / 397 )
و قال
ابن خويز منداد :" واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون , و فيما
أشكل عليهم مِن أمور الدين , ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب , ووجوه الناس
فيما يتعلق بالمصالح , ووجوه الكتّاب و الوزراء و العمال فيما يتعلق بمصالح
العباد و عماراتها "
(
تفسير القرطبي 4 / 261 )
و إذا
كان النبي – صلى الله عليه و سلم – المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى , قد
أمره الله – عز و جل – أن يستشير أصحابه , فكيف بغيره مِن الأمراء و العلماء
و طلاب العلم , فهي في حقهم أوجب .
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه-
قال:"ما رأيت أحداً قط كان أكثر مشورة لأصحابه مِن رسول الله
– صلى
الله عليه و سلم– "
(
رواه أحمد و الشافعي )
فشاور – صلى
الله عليه و سلم – صحابته يوم بدر في الذهاب إلى العير , و شاورهم أين
يكون المنزل , و شاورهم في أحد في القعود في المدينة أو الخروج إلى العدو
, و شاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة , و شاورهم
يوم الحديبية , و شاورهم في حادثة الإفك , وغيرها مِن المواقف .
قال – صلى الله عليه و سلم – لأبي
بكر و عمر :" لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما "
(
رواه أحمد و إسناده حسن )
و لقد
مارس الصحابة – رضي الله عنهم – مِن بعد رسول الله – صلى الله عليه و سلم
– الشورى في حياتهم , فقد كان أبو بكر- رضي الله عنه- يكثر مِن مشاورة عمر
– رضي الله عنه- و كان أحياناً يجمع الصحابة – رضي الله عنهم - يستشيرهم
في أمر لا يجد فيه نصاً مِن الكتاب و السنة , و استشار عبد الرحمن
بن عوف – رضي الله عنه – الناس في الخليفة الذي يخلف عمر بن الخطاب – رضي
الله عنه – و ما حصل في سقيفة بني ساعدة فيمن يخلف رسول الله – صلى الله
عليه و سلم- .
و إذا
كانت المرأة الكافرة بلقيس ملكة سبأ باليمن لم تنفرد برأيها عندما جاءها
الكتاب مِن نبي الله سلــيمـان – عليه السلام - يطلب منها الدخول في دين
الله , بل استشارت الملأ مِن قومها , قال تعالى :" و قالت يا أيها الملأ
أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون "
و لهذا
نحن أولى بالشورى مِن هذه المرأة الكافرة و ألزمُ بها , يا مَنْ تنفردون
بآرائكم بدون استشارة العلماء و إخوانكم مِن طلاب العلم , و ذلك لأنها
الطريق السليم التي يُتوصل بها إلى أحسن و أفضل الآراء و الحلول لتحقيق
المصالح العامة للأفراد و الجماعات و الدول , و هي سبب مِن أسباب النصر
و التمكين . ففي أثناء الفتح الإسلامي لأرض فارس , طلب قائد جيش الفرس
أنْ يلتقي بالقائد العربي قبل المعركة ليتفاوض معه في حقن الدماء , و
بعد أنْ عرض الفارسي مقالته , قال العربي :أمهلني حتى أستشير القوم , فدُهش
الفارسي و قال : ألستَ أمير الجند ؟ قال : بلى , قال الفارسي : إننا لا
نُؤمِّر علينا مَنْ يشاور , قال له العربي : و لهذا نحن نهزمكم دائماً , أما
نحن فلا نؤمِّر علينا مَنْ لا يشاور "
(
الحرية السياسية في الإسلام ص 188 )
فعلى الأمراء
و العلماء و طلبة العلم أنْ يتّخذوا بطانة صالحة لهم مِن أهل الحل و
العقد مِن الأمناء و أصحاب العقول الراجحة , و مَن له حظ و افر في العلم و
الدين , و أهل الاختصاص في أمور الحياة , لأنّ المستشار مؤتَمن , كما جاء
في الحديث :" المستشار مؤتَمن"
(
رواه ابن ماجه و الحديث صحيح )
و قال
– صلى الله عليه و سلم - :" إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق
: إنْ نسي ذكّره , و إن ذكر أعانه , و إذا أراد الله به غير ذلك جعل له
وزير سوء إن نسي لم يذكره , و إن ذكر لم يُعِنْه "
(
رواه أبو داود و الحديث صحيح )
قال الإمام
القرطبي – رحمه الله - :" قال العلماء : وصِفة المستشار إنْ كان في الأحكام
أنْ يكون عالماً ديِّناً , و قلما يكون ذلك إلا في عاقل . قال الحسن
: ما كمُل دين أمريءٍ ما لم يكمل عقله , فإذا استُشير مَنْ هذه صفته و
اجتهد في الصلاح و بذل جهده فوقعت الإشارة خطأ , فلا غرامة عليه "
(
تفسير القرطبي 4 / 262 )
و النبي
– صلى الله عليه و سلم – حثَّ على اتخاذ البطانة الصالحة التي تقوِّم
ما اعوجَّ مِن سلوك أو تقصير , و خاصةً مِن أصحاب المكانة الرفيعة مِن
الأمراء و العلماء .
قال – صلى
الله عليه و سلم - :" ما بعث الله مِن نبي و لا استخلف مِن خليفة إلا
كانت له بطانتان , بطانة تأمره بالمعروف و تحضّه عليه , و بطانة تأمره بالشر
و تحضّه عليه , فالمعصوم مَنْ عصم اللهُ تعالى "
(
رواه البخاري )
قال أبو
عبيدة :" البطانة : الدخلاء , و الدخيل : هو الذي يدخل على الرئيس في مكان
خلوته , و يُفضي إليه بسره , و يصدقه فيما يخبر به مما يخفى عليه مِن أمر
رعيته و يعمل بمقتضاه "
(
فتح الباري 13 / 190 )
و نقل
ابن التين عن أشهب أنّه ينبغي للحاكم أنْ يخذ مَن يستكشف له أحوال الناس
في السرّ , و ليكن ثقة مأموناً فطناً عاقلاً , لأنّ المصيبة إنما تدخل
على الحاكم المأمون مِن قََبُوله قول مَن لا يوثق به إذا كان هو حسن الظن
به , فيجب عليه أنْ يتثبت في مثل ذلك "
(
المصدر نفسه 13 / 190 )
فما أحوجنا
إلى مثل هذه البطانة الصالحة , التي تتقِ الله في الرعية و تخشاه , لأنّه
ليس كل واحد منهم يصلح لأنْ يكون مِن أهل الشورى "
قال الإمام الزهري – رحمه الله -
:" نِعم وزير العلم الرأي الحسن "
(
رواه الدارمي في المقدمة )
و قال
– صلى الله عليه و سلم – ما مِن نبي بعثه الله في أمةٍ قبلي إلا كان له
مِن أمته حواريون و أصحاب يأخذون بسنته و يتقيدون بأمره ..... الحديث "
(
رواه مسلم )
قال
قتادة - رحمه الله - : الحواري هو الذي يصلح للخلافة , و عنه : هو الوزير , و عن
ابن عيينة : هو الناصر.
كما حذرنا
الله – عزّ و جلّ – مِن اتخاذ البطانة السيئة , قال تعالى :" يا أيها
الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً مِن دونكم لا يألونكم خبالاً " قال ابن كثير
– رحمه الله - : يقول الله تبارك و تعالى : ناهياً عباده المؤمنين مِن
اتخاذ المنافقين بطانة : أي يطلعونهم على سرائرهم و ما يضمرونه لأعدائهم
, و المنافقون بجهدهم و طاقاتهم لا يألون المؤمنين خبالاًُ , أي يسعون
في مخالفتهم و ما يضرُّهم بكل ممكن , و بما يستطيعون مِن المكر و الخديعة "
(
تفسير القرآن العظيم 1 / 595 )
و قدِمَ
أبو موسى الأشعري على عمر – رضي الله عنهما – بحساب فرفعه إلى عمر فأعجبه
, و جاء عمر بكتاب , فقال لأبي موسى : أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على
الناس ؟ فقال : إنه لا يدخل المسجد , فقال : لِمَ ! أجُنُبٌ هوَ ؟ قال : إنه
نصراني , فانتهره , و قال : لا تُدنِهم و قد أقصاهم الله , و لا تكرمْهم
و قد أهانهم الله , و لا تأمنْهم و قد خوّنهم الله "
(
تفسير القرطبي 4 / 188 )
و لأهمية
الشورى , يا حبّذا لو سلكنا نحن معشر طلاب العلم مسلك النبي – صلى الله
عليه و سلم – و صحابته الكرام , مبدأ الشورى مع علمائنا و مشايخنا و إخواننا
مِن طلبة العلم الثقات , مِن قبل أن نتعجل في إصدار الأحكام و اتخاذ
القرارات الفردية , حتى نتدارك الأخطاء و العيوب التي فينا مِن قبل الندم
, حين لا ينفع الندم , و نكون سبباً في انحراف بعض الشباب عن منهج الأنبياء
و الرسل في الدعوة إلى الله , و بهذا نكون قد تفادينا كثيراً مما نعاني
منه مِن الأنانية و حب الذات و الشهرة .
و
آخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين
كتبه
سمير
المبحوح
25
/ ربيع الأول / 1431 هـ
الله الرحمن الرحيم
مـا أحـوجـنـا لـلـشـورى
الحمد لله ربِّ العالمين, و الصلاة
و السلام على نبينا محمد , و على آله و صحبه أجمعين.
اهتم الإسلام
كثيراً بمبدأ الشورى ,و جعلها مِن صفات المؤمنين , لأنّ حياتهم تقوم
على الشورى, بل أمْرُهم كلُّه شورى بينهم , و ذلك لينتفع الناس بها , و
يمارسونها في حياتهم وواقعهم , و مِن خلالها يتم التوصل
إلى إيجاد الحلول الشرعية المناسبة لأوضاعهم و مشكلاتهم.
قال تعالى:" و أمْرُهم شورى
بينهم " و قال :" فاعفُ عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر "
قال ابن
عطية – رحمه الله - :" و الشورى مِن قواعد الشريعة و عزائم الأحكام , مَنْ
لا يستشير أهل العلم و الدين , فعزله واجب , هذا ما لا خلاف فيه "
(
تفسير ابن عطية 3 / 397 )
و قال
ابن خويز منداد :" واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون , و فيما
أشكل عليهم مِن أمور الدين , ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب , ووجوه الناس
فيما يتعلق بالمصالح , ووجوه الكتّاب و الوزراء و العمال فيما يتعلق بمصالح
العباد و عماراتها "
(
تفسير القرطبي 4 / 261 )
و إذا
كان النبي – صلى الله عليه و سلم – المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى , قد
أمره الله – عز و جل – أن يستشير أصحابه , فكيف بغيره مِن الأمراء و العلماء
و طلاب العلم , فهي في حقهم أوجب .
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه-
قال:"ما رأيت أحداً قط كان أكثر مشورة لأصحابه مِن رسول الله
– صلى
الله عليه و سلم– "
(
رواه أحمد و الشافعي )
فشاور – صلى
الله عليه و سلم – صحابته يوم بدر في الذهاب إلى العير , و شاورهم أين
يكون المنزل , و شاورهم في أحد في القعود في المدينة أو الخروج إلى العدو
, و شاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة , و شاورهم
يوم الحديبية , و شاورهم في حادثة الإفك , وغيرها مِن المواقف .
قال – صلى الله عليه و سلم – لأبي
بكر و عمر :" لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما "
(
رواه أحمد و إسناده حسن )
و لقد
مارس الصحابة – رضي الله عنهم – مِن بعد رسول الله – صلى الله عليه و سلم
– الشورى في حياتهم , فقد كان أبو بكر- رضي الله عنه- يكثر مِن مشاورة عمر
– رضي الله عنه- و كان أحياناً يجمع الصحابة – رضي الله عنهم - يستشيرهم
في أمر لا يجد فيه نصاً مِن الكتاب و السنة , و استشار عبد الرحمن
بن عوف – رضي الله عنه – الناس في الخليفة الذي يخلف عمر بن الخطاب – رضي
الله عنه – و ما حصل في سقيفة بني ساعدة فيمن يخلف رسول الله – صلى الله
عليه و سلم- .
و إذا
كانت المرأة الكافرة بلقيس ملكة سبأ باليمن لم تنفرد برأيها عندما جاءها
الكتاب مِن نبي الله سلــيمـان – عليه السلام - يطلب منها الدخول في دين
الله , بل استشارت الملأ مِن قومها , قال تعالى :" و قالت يا أيها الملأ
أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون "
و لهذا
نحن أولى بالشورى مِن هذه المرأة الكافرة و ألزمُ بها , يا مَنْ تنفردون
بآرائكم بدون استشارة العلماء و إخوانكم مِن طلاب العلم , و ذلك لأنها
الطريق السليم التي يُتوصل بها إلى أحسن و أفضل الآراء و الحلول لتحقيق
المصالح العامة للأفراد و الجماعات و الدول , و هي سبب مِن أسباب النصر
و التمكين . ففي أثناء الفتح الإسلامي لأرض فارس , طلب قائد جيش الفرس
أنْ يلتقي بالقائد العربي قبل المعركة ليتفاوض معه في حقن الدماء , و
بعد أنْ عرض الفارسي مقالته , قال العربي :أمهلني حتى أستشير القوم , فدُهش
الفارسي و قال : ألستَ أمير الجند ؟ قال : بلى , قال الفارسي : إننا لا
نُؤمِّر علينا مَنْ يشاور , قال له العربي : و لهذا نحن نهزمكم دائماً , أما
نحن فلا نؤمِّر علينا مَنْ لا يشاور "
(
الحرية السياسية في الإسلام ص 188 )
فعلى الأمراء
و العلماء و طلبة العلم أنْ يتّخذوا بطانة صالحة لهم مِن أهل الحل و
العقد مِن الأمناء و أصحاب العقول الراجحة , و مَن له حظ و افر في العلم و
الدين , و أهل الاختصاص في أمور الحياة , لأنّ المستشار مؤتَمن , كما جاء
في الحديث :" المستشار مؤتَمن"
(
رواه ابن ماجه و الحديث صحيح )
و قال
– صلى الله عليه و سلم - :" إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق
: إنْ نسي ذكّره , و إن ذكر أعانه , و إذا أراد الله به غير ذلك جعل له
وزير سوء إن نسي لم يذكره , و إن ذكر لم يُعِنْه "
(
رواه أبو داود و الحديث صحيح )
قال الإمام
القرطبي – رحمه الله - :" قال العلماء : وصِفة المستشار إنْ كان في الأحكام
أنْ يكون عالماً ديِّناً , و قلما يكون ذلك إلا في عاقل . قال الحسن
: ما كمُل دين أمريءٍ ما لم يكمل عقله , فإذا استُشير مَنْ هذه صفته و
اجتهد في الصلاح و بذل جهده فوقعت الإشارة خطأ , فلا غرامة عليه "
(
تفسير القرطبي 4 / 262 )
و النبي
– صلى الله عليه و سلم – حثَّ على اتخاذ البطانة الصالحة التي تقوِّم
ما اعوجَّ مِن سلوك أو تقصير , و خاصةً مِن أصحاب المكانة الرفيعة مِن
الأمراء و العلماء .
قال – صلى
الله عليه و سلم - :" ما بعث الله مِن نبي و لا استخلف مِن خليفة إلا
كانت له بطانتان , بطانة تأمره بالمعروف و تحضّه عليه , و بطانة تأمره بالشر
و تحضّه عليه , فالمعصوم مَنْ عصم اللهُ تعالى "
(
رواه البخاري )
قال أبو
عبيدة :" البطانة : الدخلاء , و الدخيل : هو الذي يدخل على الرئيس في مكان
خلوته , و يُفضي إليه بسره , و يصدقه فيما يخبر به مما يخفى عليه مِن أمر
رعيته و يعمل بمقتضاه "
(
فتح الباري 13 / 190 )
و نقل
ابن التين عن أشهب أنّه ينبغي للحاكم أنْ يخذ مَن يستكشف له أحوال الناس
في السرّ , و ليكن ثقة مأموناً فطناً عاقلاً , لأنّ المصيبة إنما تدخل
على الحاكم المأمون مِن قََبُوله قول مَن لا يوثق به إذا كان هو حسن الظن
به , فيجب عليه أنْ يتثبت في مثل ذلك "
(
المصدر نفسه 13 / 190 )
فما أحوجنا
إلى مثل هذه البطانة الصالحة , التي تتقِ الله في الرعية و تخشاه , لأنّه
ليس كل واحد منهم يصلح لأنْ يكون مِن أهل الشورى "
قال الإمام الزهري – رحمه الله -
:" نِعم وزير العلم الرأي الحسن "
(
رواه الدارمي في المقدمة )
و قال
– صلى الله عليه و سلم – ما مِن نبي بعثه الله في أمةٍ قبلي إلا كان له
مِن أمته حواريون و أصحاب يأخذون بسنته و يتقيدون بأمره ..... الحديث "
(
رواه مسلم )
قال
قتادة - رحمه الله - : الحواري هو الذي يصلح للخلافة , و عنه : هو الوزير , و عن
ابن عيينة : هو الناصر.
كما حذرنا
الله – عزّ و جلّ – مِن اتخاذ البطانة السيئة , قال تعالى :" يا أيها
الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً مِن دونكم لا يألونكم خبالاً " قال ابن كثير
– رحمه الله - : يقول الله تبارك و تعالى : ناهياً عباده المؤمنين مِن
اتخاذ المنافقين بطانة : أي يطلعونهم على سرائرهم و ما يضمرونه لأعدائهم
, و المنافقون بجهدهم و طاقاتهم لا يألون المؤمنين خبالاًُ , أي يسعون
في مخالفتهم و ما يضرُّهم بكل ممكن , و بما يستطيعون مِن المكر و الخديعة "
(
تفسير القرآن العظيم 1 / 595 )
و قدِمَ
أبو موسى الأشعري على عمر – رضي الله عنهما – بحساب فرفعه إلى عمر فأعجبه
, و جاء عمر بكتاب , فقال لأبي موسى : أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على
الناس ؟ فقال : إنه لا يدخل المسجد , فقال : لِمَ ! أجُنُبٌ هوَ ؟ قال : إنه
نصراني , فانتهره , و قال : لا تُدنِهم و قد أقصاهم الله , و لا تكرمْهم
و قد أهانهم الله , و لا تأمنْهم و قد خوّنهم الله "
(
تفسير القرطبي 4 / 188 )
و لأهمية
الشورى , يا حبّذا لو سلكنا نحن معشر طلاب العلم مسلك النبي – صلى الله
عليه و سلم – و صحابته الكرام , مبدأ الشورى مع علمائنا و مشايخنا و إخواننا
مِن طلبة العلم الثقات , مِن قبل أن نتعجل في إصدار الأحكام و اتخاذ
القرارات الفردية , حتى نتدارك الأخطاء و العيوب التي فينا مِن قبل الندم
, حين لا ينفع الندم , و نكون سبباً في انحراف بعض الشباب عن منهج الأنبياء
و الرسل في الدعوة إلى الله , و بهذا نكون قد تفادينا كثيراً مما نعاني
منه مِن الأنانية و حب الذات و الشهرة .
و
آخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين
كتبه
سمير
المبحوح
25
/ ربيع الأول / 1431 هـ