الشبهة
من شبه التي يرددها الشيعة الإثنى عشرية قولهم :
أنه في يوم الخميس الذي سبق موت النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام وقعت مؤامرة دنيئة من بعض المنافقين وعلى رأسهم عمر بن الخطاب ، كانت هذه المؤامرة هي السبب الأول لتفرق المسلمين ونشوء المذاهب .. فقد تنادى هؤلاء المنافقون وتجمعوا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم لما علموا برغبة النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة كتاب يوصي فيه بالإمامة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه .
ولما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة الكتاب ..
اعترض عمر بن الخطاب وحزبه وعملوا على منع الرسول صلى الله عليه وسلم من كتابة الوصية بل تجرأ عمر بن الخطاب فطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم واتهمه بالهذيان والهلوسة وقال : ( إن الرجل ليهجر )
قال الخميني :
( قال عمر بن الخطاب: لقد هجر رسول الله ، وقد نقل نص هذه الرواية المؤرخون وأصحاب الحديث من البخاري ومسلم وأحمد مع اختلاف في اللفظ ،
وهذا يؤكد أن هذه الفرية صدرت من ابن الخطاب المفتري ) وقال كذلك ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم أغمض عينيه وفي أذنيه كلمات ابن الخطاب القائمة على الفرية والنابعة من الكفر والزندقة ).
انتهى كلام الخميني انظر كتابه ( كشف الأسرار ص 137 ) .
الجواب
المتشدق بهذه الشبهة وقع في مخالفات كثيرة منها ( الكذب والتلبيس والطعن في الإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ) وإليك تفصيل هذا :
أولاً : الكذب .. قال : أن عمر بن الخطاب منع الرسول صلى الله عليه وسلم من كتابة الكتاب وطعن فيه واتهمه بالهذيان والهلوسة !
فنقول : إن اتهام عمر رضي الله عنه بقول :
( إن الرجل ليهجر ) كذب وافتراء ، فمن أين ثبت أن عمر رضي الله عنه قال تلك العبارة مع أن كل أحاديث البخاري ومسلم لم تنقل هذا عن عمر أبداً ،
فروايات البخاري ومسلم لهذا الحديث ست روايات أربع منها في صحيح البخاري وروايتان في صحيح مسلم ،
تأمل نصوص تلك الروايات يظهر لك مدى الافتراء والتلبيس الذي ارتكبه أعداء عمر رضي
الله عنه لتشويه سيرته :
( 1 ) : ثلاث روايات من تلك الروايات الست لم يذكر فيها اسم عمر مطلقاً :
• الأولى : عن سعيد بن جبير قال قال بن عباس : ( يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما شأنه أهجر استفهموه ، فذهبوا يردون عليه فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه وأوصاهم بثلاث قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها ).
البخاري حديث رقم: 4168 كتاب المغازي / باب مرض النبي ووفاته •
الثانية : عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله عنه أنه قال : (يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء فقال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه وأوصى عند موته بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة
وقال يعقوب بن محمد سألت المغيرة بن عبد الرحمن عن جزيرة العرب فقال مكة والمدينة واليمامة واليمن وقال يعقوب والعرج أول تهامة). البخاري حديث رقم : 2888 كتاب الجهاد والسير / باب جوائز الوفد
• الثالثة : عن سعيد بن جبير عن بن عباس أنه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر).
مسلم حديث رقم ( 1637 ) كتاب الوصية / باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصى فيه
( 2 ) : الروايات الثلاث الأخرى قال عمر ( إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ) فقط : •
الأولى : عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس رضي الله عنه قال : ( لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فقال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا قال عبيد الله فكان بن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ).
البخاري حديث رقم : 5345 كتاب المرضى / باب قول المريض قوموا عني
• الثانية : عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس : ( قال لما حضر النبي صلى الله عليه وسلم قال وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله واختلف أهل البيت اختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال قوموا عني . قال عبيد الله فكان بن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ) .
البخاري حديث رقم : 6932 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة / باب كراهية الاختلاف•
الثالثة : عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال : ( لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلم أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده فقال عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت فاختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا
قال عبيد الله فكان بن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ). رواه مسلم حديث رقم ( 1637) كتاب الوصية / باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصى فيه .
تأمل جيدا الروايات التي ذكر فيها لفظ ( الهجر ) تجد فيها ما يفضح كذب هؤلاء وتزويرهم :
- هذه الروايات لم يذكر فيها اسم عمر مطلقاً .
- لم تصرح بالقائل بل جاءت بصيغة الجمع ( فقالوا ) ! ، أو بصيغة الاستفهام (أهجر استفهموه ) .
ومع هذا كله ومع أنه لا توجد رواية واحدة صحيحة تنسب تلك العبارة لعمر رضي الله عنه ، إلا أن هؤلاء يصرون
على اتهام عمر رضي الله عنه والافتراء عليه ، معتمدين في ذلك على خلط الروايات الصحيحة بغير الصحيحة وبتر بعض الروايات لتمرير كذبهم وافترائهم .
(( إذاً من قائل هذه العبارة )) القائل ليس شخصاً محدداً قال ابن حجر : ( ويظهر لي ترجيح ثالث الاحتمالات التي ذكرها القرطبي ، ويكون قائل ذلك بعض من قرب دخوله في الإسلام ) ( فتح الباري 8/133 ) .
ثانياً : ( التلبيس ) .. قوله : علم هؤلاء المنافقون برغبة النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة كتاب يوصي فيه بالإمامة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه !