http://www.ibnbaz.com
مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الأول
وقال الحافظ في الفتح في الكلام على حديث أبي هريرة المذكور في أول هذا الجواب ما نصه: (قوله: من خلق ربك فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته أي: عن الاسترسال معه في ذلك، بل يلجأ إلى الله في دفعه، ويعلم أنه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها، قال الخطابي : وجه هذا الحديث: أن الشيطان إذا وسوس بذلك فاستعاذ الشخص بالله منه، وكف عن مطاولته في ذلك اندفع، قال: وهذا بخلاف ما لو تعرض أحد من البشر بذلك فإنه يمكن قطعه بالحجة والبرهان، قال: والفرق بينهما أن الآدمي يقع منه كلام بالسؤال والجواب، والحال معه محصور، فإذا راعى الطريقة وأصاب الحجة انقطع، وأما الشيطان فليس لوسوسته انتهاء، بل كلما ألزم حجة زاغ إلى غيرها إلى أن يفضي بالمرء إلى الحيرة، نعوذ بالله من ذلك.
قال الخطابي : (على أن قوله: "من خلق ربك" كلام متهافت ينقض آخره أوله. لأن الخالق يستحيل أن يكون مخلوقا، ثم لو كان السؤال متجها لاستلزم التسلسل، وهو محال، وقد أثبت العقل أن المحدثات مفتقرة إلى محدث، فلو كان هو مفتقرا إلى محدث لكان من المحدثات) انتهى.
والذي نحا إليه من التفرقة بين وسوسة الشيطان ومخاطبة البشر فيه نظر؛ لأنه ثبت في مسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه في هذا الحديث: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله فسوى في الكف عن الخوض في ذلك بين كل سائل عن ذلك من بشر وغيره.
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة قال: سألني عنها اثنان، وكان السؤال عن ذلك لما كان واهيا لم يستحق جوابا. أو الكف عن ذلك نظير الأمر بالكف عن الخوض في الصفات والذات، قال المازري : (الخواطر على قسمين: فالتي لا تستقر ولا يجلبها شبهة هي التي تدفع بالإعراض عنها، وعلى هذا ينزل الحديث، وعلى مثلها يطلق اسم وسوسة، وأما الخواطر المستقرة الناشئة عن الشبهة فهي التي لا تندفع إلا بالنظر والاستدلال).
وقال الطيبي : (إنما أمر بالاستعاذة والاشتغال بأمر آخر ولم يأمر بالتأمل والاحتجاج؛ لأن العلم باستغناء الله جل وعلا عن الموجد أمر ضروري لا يقبل المناظرة؛ ولأن الاسترسال في الفكر في ذلك لا يزيد المرء إلا حيرة، ومن هذا حاله فلا علاج له إلا الملجأ إلى الله تعالى، والاعتصام به، وفي الحديث إشارة إلى ذم كثرة السؤال عما لا يعني المرء وعما هو مستغن عنه، وفيه علم من أعلام النبوة لإخباره بوقوع ما سيقع فوقع).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول): ولفظ (التسلسل) يراد به التسلسل في المؤثرات، وهو أن يكون للحادث فاعل وللفاعل فاعل، وهذا باطل بصريح العقل واتفاق العقلاء، وهذا هو التسلسل الذي أمر النبي بأن يستعاذ بالله منه، وأمر بالانتهاء عنه، وأن يقول القائل: (آمنت بالله)، كما في الصحيحين عن أبي هريرة ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول له من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته .
وفي رواية: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟" قال فبينما أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا يا أبا هريرة هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ قال فأخذ حصى بكفه فرماهم به ثم قال قوموا صدق خليلي وفي الصحيح أيضا عن أنس بن مالك عن رسول الله قال: قال الله: إن أمتك لا يزالون يسألون ما كذا؟ ما كذا؟ حتى يقولوا هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ انتهى المقصود من كلام الشيخ رحمه الله.
http://www.bin-baz.org.sa/Display.asp?f=Bz00040.htm
http://www.bin-baz.org.sa/displayprint.asp?f=Bz00040.htm&print=on
مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الأول
وقال الحافظ في الفتح في الكلام على حديث أبي هريرة المذكور في أول هذا الجواب ما نصه: (قوله: من خلق ربك فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته أي: عن الاسترسال معه في ذلك، بل يلجأ إلى الله في دفعه، ويعلم أنه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها، قال الخطابي : وجه هذا الحديث: أن الشيطان إذا وسوس بذلك فاستعاذ الشخص بالله منه، وكف عن مطاولته في ذلك اندفع، قال: وهذا بخلاف ما لو تعرض أحد من البشر بذلك فإنه يمكن قطعه بالحجة والبرهان، قال: والفرق بينهما أن الآدمي يقع منه كلام بالسؤال والجواب، والحال معه محصور، فإذا راعى الطريقة وأصاب الحجة انقطع، وأما الشيطان فليس لوسوسته انتهاء، بل كلما ألزم حجة زاغ إلى غيرها إلى أن يفضي بالمرء إلى الحيرة، نعوذ بالله من ذلك.
قال الخطابي : (على أن قوله: "من خلق ربك" كلام متهافت ينقض آخره أوله. لأن الخالق يستحيل أن يكون مخلوقا، ثم لو كان السؤال متجها لاستلزم التسلسل، وهو محال، وقد أثبت العقل أن المحدثات مفتقرة إلى محدث، فلو كان هو مفتقرا إلى محدث لكان من المحدثات) انتهى.
والذي نحا إليه من التفرقة بين وسوسة الشيطان ومخاطبة البشر فيه نظر؛ لأنه ثبت في مسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه في هذا الحديث: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله فسوى في الكف عن الخوض في ذلك بين كل سائل عن ذلك من بشر وغيره.
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة قال: سألني عنها اثنان، وكان السؤال عن ذلك لما كان واهيا لم يستحق جوابا. أو الكف عن ذلك نظير الأمر بالكف عن الخوض في الصفات والذات، قال المازري : (الخواطر على قسمين: فالتي لا تستقر ولا يجلبها شبهة هي التي تدفع بالإعراض عنها، وعلى هذا ينزل الحديث، وعلى مثلها يطلق اسم وسوسة، وأما الخواطر المستقرة الناشئة عن الشبهة فهي التي لا تندفع إلا بالنظر والاستدلال).
وقال الطيبي : (إنما أمر بالاستعاذة والاشتغال بأمر آخر ولم يأمر بالتأمل والاحتجاج؛ لأن العلم باستغناء الله جل وعلا عن الموجد أمر ضروري لا يقبل المناظرة؛ ولأن الاسترسال في الفكر في ذلك لا يزيد المرء إلا حيرة، ومن هذا حاله فلا علاج له إلا الملجأ إلى الله تعالى، والاعتصام به، وفي الحديث إشارة إلى ذم كثرة السؤال عما لا يعني المرء وعما هو مستغن عنه، وفيه علم من أعلام النبوة لإخباره بوقوع ما سيقع فوقع).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول): ولفظ (التسلسل) يراد به التسلسل في المؤثرات، وهو أن يكون للحادث فاعل وللفاعل فاعل، وهذا باطل بصريح العقل واتفاق العقلاء، وهذا هو التسلسل الذي أمر النبي بأن يستعاذ بالله منه، وأمر بالانتهاء عنه، وأن يقول القائل: (آمنت بالله)، كما في الصحيحين عن أبي هريرة ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول له من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته .
وفي رواية: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟" قال فبينما أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا يا أبا هريرة هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ قال فأخذ حصى بكفه فرماهم به ثم قال قوموا صدق خليلي وفي الصحيح أيضا عن أنس بن مالك عن رسول الله قال: قال الله: إن أمتك لا يزالون يسألون ما كذا؟ ما كذا؟ حتى يقولوا هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ انتهى المقصود من كلام الشيخ رحمه الله.
http://www.bin-baz.org.sa/Display.asp?f=Bz00040.htm
http://www.bin-baz.org.sa/displayprint.asp?f=Bz00040.htm&print=on