خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    السلفيه بين الغلو والتفريط

    avatar
    ام محمد زينب محمد
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    انثى عدد الرسائل : 445
    العمر : 44
    البلد : مصر
    العمل : طالبة علم
    شكر : 4
    تاريخ التسجيل : 22/05/2009

    الملفات الصوتية السلفيه بين الغلو والتفريط

    مُساهمة من طرف ام محمد زينب محمد 17.01.10 4:44

    بسم الله الرحمن الرحيم



    السـلـفـيـة بـيـن الـغـلـوّ و الـتـفـريـطـ





    الحمد لله ربِّ العالمين, و الصلاة و السلام على نبينا محمد , و على آله و صحبه أجمعين .



    على المرء المسلم و بخاصة طالب العلم الذي انتسب إلى الدعوة السلفية , المتّبع لما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه و سلم – و أصحابه مِنْ بعده , أنْ يكون تدينه تديناً صحيحاً مبنياً على الصدق مع الله – عزّ و جلّ - ,

    لا على الغلو و التنطّع , و لا التفريط و المجاملة , فلا بد مِنْ صحة الاعتقاد و سلامة المنهج .



    فهديه الظاهر لابد أن يكون متوافقاً مع هديه الباطن , و هذا هو الصدق الذي يُعبِّر عن شخصيته الواضحة , و لا يلجـأ إلى التلاعب بعواطف حدثاء الأسنان مِنْ طلبة العلم ,حتى لا يفتح الباب أمام الغُلاة مِنْ حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام , الذين اتخذوا مِن العلماء أغراضاً و أهدافاً لسهامهم الفتّاكة مِن الغمز و اللمز والسب و الشتم و التحذيـر و الهجر لأهل العلم الثقات , و هذا هو منهج ( الحدادية الجديدة) , فمِثْل هؤلاء يُسيئون الأدب مع شيوخهم , و علمائهم و أساتذتهم , و لا حرج أنْ تختلف مع شيخك و أستاذك و إخوانك في رأي أو اجتهاد , متى كنتَ أهلاً لذلك , لكن الحرج و قلة الأدب أنْ يتحول هذا الاختلاف إلى معول لهدم مكانة هذا العالم و التجريح لهذا الأستاذ و التحذير من هذا الطـالـب , و الحط من قدرهم و مكانتهم ,و الإزراء عليهم , و سوء الأدب معهم . و هذا قد يقع من الدهماء و العامة , أو مِنْ أهل الأهواء و البدع , فإنّه لا يجوز بحال أن يقع مِنْ طلبة العلم السلفيين .



    فنحن بحاجة إلى طلبة علم آثروا الصدق في أقوالهم و أفعالهم , فإذا رآهم الناس قالوا : هذه وجوه ليست بوجوه الغلاة و المتنطعين , و ما أحوجنا كذلك إلى طلبة علم يتجمّلون بالخلق الكريم فيحتفظون بهدوئهم و اعتدال منطقهم في سائر الأحوال , حتى إذا أبصر الناس منهم هذا الخلق هتفوا : هذه أخلاق السلفيين .



    و لو أنّ الطلاب حملوا أعراض علمائهم و أستاذتهم و إخوانهم , وعرفوا لهم قدرهم , و التفوا حولهم لأمكن لهم أنْ يقوموا بواجب الدعوة إلى الله – عزّ و جلّ – على الوجه الصحيح , و لا خير في أمة لا يوقّر صغيرُها كبيرَها , ولا يرحم كبيرُها صغيرَها , و لا يعرفوا لعالمٍ حقه .



    قال – صلى الله عليه و سلم - :" ليس منا مَنْ لم يُجلَّ كبيرنا و يرحم صغيرنا و يحفظ لعالمنا حقه "

    ( رواه أحمد و الحاكم و الحديث حسن)


    و للأسف الشديد ابتلينا في هذا الزمان بطائفة مِنْ حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام الذين أصابهم مرض الحسد , للنيل من مشايخهم و إخوانهم و أعراضهم , و الحط مِنْ قدرهم و شأنهم , و عيبهم بما ليس فيهم , و قد يُظهروا ذلك بمظهر النصيحة و التقويم , و إبداء الملاحظات , و لو سمّوا الأمور بأسمائها الحقيقية لقالوا : الحسد و الغيرة .



    أهذه هي السلفية يا طالب العلم ؟ أين طلبك للعلم على أيدي العلماء ؟ أين نشاطك الدعوي ؟ أين دعوتك لأخيك بـظهـر الغيب ؟ أين حماك لظهر أخيك مِنْ طعن الطاعـنين مِنْ أهل التحزب و البدع ؟ أين حزنك لأخطاء المسلمين و انحرافهم عن الدين ؟ أم هي كلمات تعودتم على تردادها في مناسباتكم و جلساتكم السرية ! أم هي عبارات تسمعونها و لا تفقهون معناها ؟ أهذه هي الرحمة بإخوانكم و مشايخكم السلفيين !



    قال تعالى: " أشداءُ على الكفار رحماءُ بينهم "

    فيا طالب العلم : ينبغي أنْ تكون شديداً على الكفار و أهل البدع , رحيماً بإخوانك المؤمنين , لكن نرى بالعكس أشداء على إخوانهم , رحماء بأهل المعاصي و البدع , قال – صلى الله عليه و سلم - :" مَثَلُ المؤمنين في توادّهم و تـراحـمهـم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد , إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسهر و الحمى "

    ( متفق عليه )


    و قوله- صلى الله عليه و سلم - :" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضُه بعضاً , وشبّك بين أصابعه "

    ( متفق عليه )


    فنحن بحاجة إلى مَنْ يُحسّ بآلام إخوانه المسلمين , فإذا سمع بمعصية أو حصلت هفوة أو زلة أو غفلة حلّت بإخوانه , تألم لهم , و يفرح إذا كان الأمر على العكس مِن ذلك , أما التشفي بهم و التحذير منهم , و الكذب عليهم و هـجـرهـم , كلّ هذا ليس مِنَ السلفية في شيء , إنما هو الغلو و التنطع و الحسد و الغيرة .



    قال ابن أبي حاتم - رحمه الله -:" الواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس , مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه , فإنّ مَن اشتغل بعيوبه عَنْ عيوب غيره أراح الله بدنه و لم يُتعب قلبه , فكلما اطّلع على عيب نفسه هان ما يرى مثله مِنْ أخيه , و إنّ مَن اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عميَ قلبُه و تعب بدنُه , و تـعـذّر عليه ترك عيوب نفسه "

    ( روضة العقلاء ص 125 )


    و قال – رحمه الله - :" التجسس مِنْ شُعب النفاق , كما أنّ حُسن الظن مِنْ شُعب الإيمان , و العاقل يُحسن الظن بإخوانه و لا يفكر في جناياته و أشجانه

    ( المصدر نفسه ص 126 )


    و هناك طائفة أخرى وقعت في التناقض بين أقوالها و أفعالها مع قلّة بضاعتهم في العلم الشرعي , و ضعفهم في الفقه في الدين , و جهلهم بأصول أهل الحديث و الأثر و مناهجهم في تعاملهم مع أهل الأهواء و التحزّب , و أصبح بعضهم يقرأ كل ما عُرض عليه مما هبّ و دبّ , بما في ذلك كتب الأهواء و التحزب و القصّاصين , فرفعوا أعلام البدعة باسم الدعوة إلى الله , تارةً تحت شعار التجميع و التلفيق بين أهل البدع و بين السلفيين , و تارةً باسم المصلحة ووحدة الصف و جمع الكلمة , و ما علم هؤلاء أنّ الله تعالى لا يجمع الأمة على ضلالة , و أنّ الاعتصام و جمع الكلمة لا يكونان إلا على الكتاب و السنة و فهم سلف الأمة .



    فعلى مَنْ ابتُليَ مِنْ هؤلاء , التمييز بين الصالح و الطالح , مع تنقية مصادر التلقي و المعرفة , و هذا لا يتم إلا بالعلم و التعلم , على أيدي العلماء الربانيين , و نشر السنة و تعليمها , و تربية الأجيال عليها , مع كشف مناهج أهل الأهواء و التحزب , و بيان أساليبهم و سماتهم للتحذير من سلوك سبيلهم , و هذا هو المنهج السلفي الحق الذي على مَنْ يدّعي السلفية , سلوكه و عدم الحَيْد عنه .



    و هذه الطائفة تميل مع كل هوىً , و كل داعٍ , مَنْ صاح بهم و دعاهم تبعوه , فإنّهم لا علم لهم بالذي يدعون إليه , أحقٌ هو أم باطل ! فهؤلاء وقعوا في الجاهلية , فإنهم لا يقبلون حجة و لا يقبلون برهاناً إلا من كان على منهجهم , فهذه الجاهلية الموجودة في قلوب بعض طلبة العلم أوقعتهم في التمزّق و التفرّق عن إخوانهم , و هذا الذي يريده أهل الباطل مِنْ تفرق لكلمة أصحاب المنهج السلفي .



    فإلى الطائفتين : اتقوا الله – عزّ و جلّ – في أنفسكم و علمائكم و إخوانكم , و عليكم بالعلم النافع و الدعوة إلى الله , و سلوك منهج سلفنا الصالح في تعاملهم مع المخالفين , و لا يضرّكم كيدُ الكائدين , و لا مكرُ الماكرين , و لا كـذبُ الكذابين , فأمراض المسلمين كثيرة , و لا بد مِنْ علاج وفق منهج الأنبياء و الرسل مِن الحكمة و الرفق و اللين و الشدة على ما قرّره علماء هذا الزمان مع صدق الأُخوّة و صفاء المودة .





    و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

    كتبه

    سمير المبحوح

    21 / محرم / 1431 هــ

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 4:52