خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

3 مشترك

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 19.09.08 11:23

    قال الصاوي الصوفي عدو الإمام المجدد في حاشيته على تفسير الجلالين:

    " ولا يجوز تقليد ماعدا المذاهب
    الأربعة ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية

    فالخارج عن المذاهب الأربعةضال مضل

    وربما أداه ذلك للكفر

    لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر"

    قاله عند تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّلِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً }

    الكهف23

    والله المستعان.



    والنقل
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=131599
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.12.08 12:50

    فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان :
    الحمد لله ، وبعد : فقد كثرت الحملات والإستنكارات على الغلو في الدين ، وهي حملات وإستنكارات بحق ، لأن الغلو في الدين منهي عنه في الكتاب والسنة والإجماع . قال تعالى : ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾ ، وفي الآية الأخرى : ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ ﴾ ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( وإياكم والغلو ؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ) .
    والغلو في الدين هو الزيادة عن الحد المشروع فيه ، وقد يكون غلوًا في العبادة ؛ كحال الثلاثة الذين قال أحدهم : أصلي ولا أنام ، وقال الثاني : أصوم ولا أفطر ، وقال الثالث : لا أتزوج النساء .
    ويكون غلوًا في الأحكام بأن يجعل المستحب بمنزلة الواجب ، ويكون غلوًا بالحكم على مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك بالكفر والخروج من الملة ، وقد يكون غلوًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ كغلو المعتزلة بخروجهم على ولاة أمور المسلمين بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكالغلو في التحليل والتحريم بأن يحرم الحلال أو يحلل الحرام .
    فالغلو في الدين بجميع أنواعه محرم ، وقد يخرج من الدين ، ويسبب الهلاك كما أهلك من كان قبلنا ولا أحد يشك في ذلك ممن أتاه الله الفقه في الدين والبصيرة في الأحكام ؛ فأنزل الأمور في منازلها .
    ولكن هناك من هو على النقيض من غلو الزيادة في الدين ؛ فهناك من غلا في التساهل والتسامح في الدين ، ولا شك أن ديننا دين السماحة ورفع الحرج والإعتدال ، ولكن يجب أن يكون هذا التسامح في حدود ما شرعه الله من الأخذ بالرخص الشرعية عند الحاجة إليها ، والدين كله ولله الحمد ليس فيه أصار ولا أغلال : ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ . ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ . ﴿ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ﴾ .
    ولكن الغلو في التسامح يكون بالخروج عما شرعه الله ، وهذا لا يسمى تسامحًا ؛ وإنما هو الحرج نفسه ، فإلغاء أصل الولاء والبراء في الإسلام والتسوية بين المسلم والكافر بحجة التسامح ، وإلغاء تطبيق نواقض الإسلام على من انطبقت عليه كلها أو بعضها ، والتسوية بين الأديان ؛ كالتسوية بين الإسلام واليهودية والنصرانية بل بين الأديان كلها من وثنية وإلحادية ، والقول بأن لا إله إلا الله لا تقتضي الكفر بالطاغوت ولا تنفي ما عدا الإسلام من الأديان الباطلة كما تفوه به بعض الكُتاب في بعض صحفنا المحلية كل هذه الأمثلة غلو في التساهل والتسامح ؛ يجب إنكاره .
    كما يجب إنكار الغلو في الزيادة في الدين ؛ بل قد يكون الغلو في التسامح والتساهل أشد خطرًا من الغلو بالزيادة في الدين ، لأن الغلو في التساهل والتسامح إلى حد يجعل الدين الكافر مساويًا للدين الحق كفر بإجماع المسلمين بخلاف الغلو في الزيادة ؛ فإن كثيرًا من العلماء يرى أنه ضلال ولا يصل إلى حد الكفر .
    وقد ذكر العلماء أن من نواقض الإسلام من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره . فعلى من وقع في هذه الزلات الخطرة : أن يتبصر في أمره ويراجع الصواب ؛ فإن الرجوع إلى الحق فضيلة ، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل .
    وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
    والنقل
    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) LogoSahab
    avatar
    أبو عبد الله أحمد بن نبيل
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 2798
    العمر : 48
    البلد : مصر السنية
    العمل : طالب علم
    شكر : 19
    تاريخ التسجيل : 27/04/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل 15.02.09 21:47

    يقول العلامة العثيمين - رحمه الله - في شرحه للكشف الشبهات :


    الغلو هو : (( مجاوزة الحد في التعبد و العمل و الثناء قدحا أو مدحاً )) و الغلو ينقسم إلى أربعة أقسام :

    القسم الأول : الغلو في العقيدة كغلو أهل الكلام في الصفات حتى أدى بهم إما إلى التمثيل ، أو التعطيل .
    و الوسط مذهب أهل السنة و الجماعة بإثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له
    رسوله - صلى الله عليه و سلم - من الأسماء و الصفات من غير تحريف و لا
    تعطيل ، و من غير تكييف و لا تمثيل .


    القسم الثاني : الغلو في العبادات
    كغلو الخوارج الذيت يرون كفر فاعل الكبيرة ، و غلو المعتزلة حيث قالوا إن
    فاعل الكبيرة ، و غلو المعتزلة حيث قالوا إن فعل الكبيرة بمنزلة بين
    المنزلتين و هذا التشدد قابله تساهل المرجئة حيث قالوا لا يضر مع الإيمان
    ذنب .
    و الوسط مذهب أهل السنة و الجماعة أن فاعل المعصية ناقص الإيمان بقدر المعصية .


    القسم الثالث: الغلو في المعاملات و
    هو التشدد بتحريم كل شيء و قابل هذا التشدد تساهل من قال بحل كل شيء ينمي
    المال و الاقتصاد حتى الربا و الغش و غير ذلك .
    و الوسط أن يقال تحل المعاملات المبنية على العدل و هي ما وافق ما جاءت به النصوص من الكتاب و السنة .
    القسم الرابع : الغلو في العادات و هو التشدد في التمسك بالعادات القديمة و عدم التحول إلى ما هو خير منها .
    أما إن كانت العادات متساوية في المصالح فإن كون الإنسان يبقى على ما هو عليه خير من تلقي العادات الوافدة .


    منقول
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 23.03.09 7:56

    الغلو والإرهاب






    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:

    فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} يقول الإمام الطبري - رحمه الله - (وأرى أن الله تعالى ذكره إنما وصفهم بأنهم وسط لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه، غلو النصارى الذين غلو بالترهب، وقِيلهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه، تقصير اليهود الذين بدلوا كتاب الله وقتلوا أنبياءهم، وكذبوا على ربهم، ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه، فوصفهم الله بذلك إذ كان أحب الأمور إلى الله أوسطها).

    فأهل الإسلام وسط في الملل لا غلو فيهم ولا جفاء فيعبدون ربهم كما أمرهم الله سبحانه وتعالى وكما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويتعاملون مع الخلق بميزان الشرع ويحسنون إليهم بأنواع الإحسان التي جاء بها الإسلام، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وجه أمته توجيهاً حكيماً فقال: (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق) أخرجه الإمام أحمد.

    ويقول صلى الله عليه وسلم (إن الدين يسر ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدُّلجة) متفق عليه، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (.. إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) أخرجه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه.

    والغلو في الشيء هو مجاوزة الحد فيه، والغلو في الدين مجاوزة الحد فيه، والغلو في الأشخاص مجاوزة الحد في تعظيمهم وهكذا، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الغلو في الدين هو مجاوزة الحد فيه بأبلغ بيان حين قال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي ثعلبة الخشنى رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحدَّ حدوداً فلا تعتدوها وحرَّم أشياء فلا تقربوها، وترك أشياء عن غير نسيان فلا تبحثوا عنها)، وفي هذا بيان شافٍ لوسطية ملة الإسلام، وتحذير من أنواع الغلو، ألا وهو الغلو في الدين، فبين أن دين الله إما فرائض واجبة الأداء على الأفراد بأعيانهم أو على مجموع الأمة يجب أن يقوم بها مَنْ يتأدى بهم الفرض، فهذا النوع من الدين يجب الحرص على فعله بهيئته في وقته والحذر من تضييعه، وهناك بقية الدين فيما سوى الفرائض وهي إما مستحبات أو مباحات، أو منهيات أو مسكوت عنها، فالمستحب والمباح لهما حد لا يجوز للمسلم أن يجاوزه ولذا قال (وحدَّ حدوداً فلا تعتدوها) ومما حده سبحانه المستحبات والمباحات، فإنها وإنْ كانت مطلقة من وجه، فإن لها حدوداً يجب على المسلم أن يقف عندها ولا يجاوزها وإلا كان غالياً في دينه، وقد وقع هذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فعالجه أبلغ علاج وأنجعه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم لا آكل اللحم، وقال بعضهم لا أنام على فراش - وهذا منهم على وجه القربة - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) أخرجه البخاري ومسلم.

    وفي صحيح مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون قالها ثلاثاً).

    يقول ابن المنير - رحمه الله - (رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح في الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشمس فخرج وقت الفريضة) أ.هـ.

    والغلو أو التطرف، تارة يكون في الدين وهذا منهي عنه، وتارة يكون في محاربة الدين وهذا تطرف مقابل، ومعلوم أن هذين طرفا نقيض والعلاقة بينهما أن كل واحد منهما يغذي صاحبه، فالغلو في محاربة الدين ينتج غلواً في الدين وتنطعاً فيه وكذا العكس.

    ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، وأمة الإسلام وسط بين الأمم، والغلاة ليسوا متمسكين بالدين على الحقيقة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمثال هؤلاء (فمن رغب عن سنتي فليس مني) متفق عليه.

    ويقابلهم من أعرض عن الدين بل وحاربه فهذا تطرف في الجفاء عن الدين وقد ينتج عنه أنواع من الإرهاب الفكري أو المسلح، أو يكون هو سبباً في نمو الإرهاب كردة فعل لهذا النهج الخاطئ الضال.

    والإسلام قد جاء ببيان شافٍ في محاربة الإرهاب بصوره السيئة ويتضح ذلك حين نرى الشرع المطهر قد صنف أعمالاً ضمن أشد الأعمال جرماً وهي الآن تعد من الإرهاب ومن تلك الأعمال:

    1- القتل العمد العدوان لمعصوم الدم: وهذا محرم مؤكد التحريم وجزاؤه في الإسلام القتل.

    {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا}، {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}.

    2- الإفساد في الأرض، بقطع الطريق وترويع الآمنين ويدخل فيه التفجيرات واختطاف الطائرات والسفن والقطارات وغيرها: وهذا من كبائر الذنوب وجزاؤه مغلظ إما القتل أو الصلب أو تقطع الأيدي والأرجل من خلاف أو السجن زيادة على عذاب الله يوم القيامة.

    {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.

    3- محاولة تغيير النظام بالقوة مع شرعية الحاكم وهذا من الكبائر وعقابه القتل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه) أخرجه مسلم.

    وهذا من حرص الإسلام على المحافظة على النظام العام في المجتمع الإسلامي.

    4- السرقة: وجزاؤها في الإسلام قطع اليد {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

    وغير هذا كثير لذا نجد أن هذا التشريع الإلهي هو الصالح فقط لأن يطبق في جميع الأرض على اختلاف الطبقات والدول واللغات والأعراف وأنه متى طبق سعدت البشرية وأمنت.

    وفق الله الجميع للفقه في الدين والالتزام بسنة سيد المرسلين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





    سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

    المفتي العام للمملكة العربية السعودية

    ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

    والنقل
    لطفـــــــــاً .. من هنـــــــــــــــا
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty مظاهر الغلو المعاصر

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 20.07.09 10:17

    مظاهر الغلو المعاصر

    عبد الرحمن معلا اللاويحق :

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد..


    فالغلو آفة عقدية، تظهر في صورة عقائد وأعمال يقع فيها الغلاة يفارقون بها الوسطية ويتمايزون بها عن أهل الاعتدال، ترجع تلك المظاهر إلى أصول عامة وملامح ظاهرة، تتضح مما يلي:

    1 - أن يكون الغلو متعلقًا بفقه النصوص، وذلك بأحد أمرين:

    أ - تفسير النصوص تفسيرًا متشددًا.

    ب - تكلف التعمق في معاني التنزيل مالم يكلف به المسلم.

    2 - أن يكون الغلو متعلقًا بالأحكام وذلك بأحد أمرين:

    أ - إلزام النفس أو الآخرين بما لم يوجبه الله - عز وجل - تعبدًا وترهبًا.

    ب - تحريم الطيبات التي أباحها الله - عز وجل - على وجه التعبد.

    جـ - ترك الضروريات أو بعضها.

    3 - أن يكون الغلو متعلقًا بالموقف من الآخرين وذلك بأحد أمرين:

    أ - أن يقف الإنسان من البعض موقف المادح الغالي.

    ب - أن يقف الإنسان من بعض الناس موقف الذام الغالي.

    وفي كل مظهر من مظاهر الغلو وأعماله تجد ملمحًا من هذه الملامح، كما أن الحوادث، وأعيان وقائع الغلو تظهر أن وراء ما حدث جانب من جوانب الغلو.

    ولقد اجتهد العلماء في وضع تعريف للغلو بعبارة موجزة، وبعض تلك التعريفات: متقاربة وتفيد أن الغلو هو: تجاوز الحد الشرعي بالزيادة.

    ثم إن مظاهر الغلو على مرّ التاريخ لم تقف على حصر؛لأن مظاهر الانحراف لا تحصر، وإنما الحق هو الذي تعلم معالمه، فكما أن التفريط لا حد لصوره، فكذلك الإفراط.

    وفي الحكم على عمل من الأعمال أو قول أو اعتقاد بأنه مظهر من مظاهر الغلو لا بد من دراسة الأمر، والنظر في النصوص مع النظر في الواقع ؛ للخروج بأن هذا المظهر من مظاهر الغلو.

    وهذه الدراسة عن «مظاهر الغلو المعاصر» ليس المقصود بها الحصر، وإنما المراد التمثيل ببعض المظاهر التي نعاني منها خاصة في الفترة الأخيرة

    المبحث الأول: مظاهر الغلو في التكفير:

    أولاًً: تكفير الحكام:

    لقد ورد في القرآن الكريم التصريح بأن الحكم بغير ما أنزل الله كفر، فقال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} وقد اختلف العلماء في تفسير هذه الآية، فالحق أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر، منه ما هو كفر عمل، ومنه ما هو كفر اعتقاد.

    فأما الأول: وهو كفر الاعتقاد فهو أنواع:

    النوع الأول: أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله.

    النوع الثاني: أن يعتقد أن حكم غير الله أحسن وأشمل.

    النوع الثالث: أن يعتقد كونه مثل حكم الله ورسوله.

    النوع الرابع: أن يعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله.

    النوع الخامس: وهو جعل محاكم تستمد أحكامها من القوانين الوضعية.

    النوع السادس: ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل والبوادي.

    القسم الثاني: كفر العمل:

    وهو الذي لا يخرج من الملة، وذلك أن تحمل الحاكم شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أنَّ حكم الله ورسوله هو الحق واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى.

    هذا ويمكن إيضاح موضع الخلل في من وقع في تكفير الحكام في عدة مواضع:

    الأول: إطلاق القول بتكفير الحكام دون النظر في التفصيل السابق.

    الثاني: الزعم بأن الحاكم المعين حاكم بغير ما أنزل الله.

    الثالث: تكفير المعين من الحكام دون النظر لما قد يكون هناك من موانع.

    ويرد في طيات كلام الغلاة المعاصرين النص على التكفير للحكومة أو أعيان مسؤوليها كما في كتاب «انتقاض الاعتراض على تفجيرات الرياض» وهذا التكفير تنتج عنه مظاهر كثيرة من الغلو فالقتل أحيانًا كثيرة ناتج عن ذلك.وكذلك التفجيرات ونحوها.

    والكتاب الذي يعتمده الغلاة أصلاً في القول بتكفير الحكومة في المملكة كتاب «الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية» لأبي محمد عاصم المقدسي.

    ثانيًا: تكفير المعين دون مراعاة للضوابط الشرعية:

    إن من القواعد المقررة عند أهل السنة والجماعة: التفريق في أمر التكفير بين الإطلاق والتعيين، فالنصوص الواردة في التكفير لمن عمل أعمالاً معينة مطلقة، قد يلتغي حكمها لعدم قيام الشروط أو انتفاء الموانع.

    وكثير ممن يقولون بالتكفير وقعوا في تكفير أناس بأعيانهم دون نظر ومراعاة للضوابط الشرعية، وهذا كثير فيهم، وأمثلته أوسع من أن تحصر.

    ثالثًا:تكفير من لم يكفر الكافر بزعمهم:

    إن من لم يكفر الكافر من اليهود والنصارى والمشركين المعلوم كفرهم بنصوص الشارع، من لم يكفرهم فهو مكذب لله عز وجل ولرسوله - ص -

    وأما من أحدث قولاً مبتدعًا في الإسلام وأراد الناس عليه فلم يوافقوه فكفرهم فهذا من أعظم الضلال؛ إذ إن التكفير حكم شرعي لا يجوز رفعه عمن وسمه الله به، كما لا تجوز نسبته إلى من برأه الله عز وجل منه.

    وفي العصر الحديث إذا قام بعض الغلاة بتكفير أقوام، وخالفهم آخرون، قاموا بتكفيرهم، حتى أصبح التكفير كلمة متداولة على الألسن تقال حتى في الاختلاف اليسير ويتبادلها أفراد الجماعة أو الطائفة الواحدة.

    رابعًا: الغلو بتحريم العمل في الوظائف الحكومية وتكفير العاملين فيها، وإباحة قتل بعضهم:

    إن القول بتحريم العمل في الحكومات على الناس اليوم ضرب من الغلو، خاصة وقد بُني على تكفير الحكام فقد جمع آفتين:

    1- تكفير الحكام.

    2 - ثم القول بتحريم العمل في الوظائف الحكومية.

    ولقد وقعت بعض الجماعات المعاصرة في شيء من هذا، فجماعة شكري مصطفى ترى مزاولة أي عمل من الأعمال فيما أسموه المجتمع الجاهلي عبادة للطاغوت.

    وهم يبنون قولهم هذا على أساس أن الدار دار كفر وأن المجتمع جاهلي، وأن الذين يعيشون فيه كفارًا، الراعي والرعية على حد سواء.

    وألفَّ من سمى نفسه (أبو جندل الأزدي من جزيرة العرب) كتابًا سمَّاه «الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث»، ومن قبل ألف أبو محمد المقدسي كتابًا أسماه: «كشف شبهات المجادلين عن عساكر الشرك وأنصار القوانين» وفي هذين الكتابين تكفير ظاهر لكل من عمل في الجهات الأمنية على وجه الخصوص

    خامسًا: القول بجاهلية المجتمعات المسلمة:

    إن الشارع استعمل لفظ الجاهلية للدلالة على الصورة المناقضة للإسلام.

    ولفظة الجاهلية في الأصل صفة ولكن بغلبة الاستعمال صارت اسمًا على الزمن الذي قبل البعثة.

    وهذه الجاهلية تتبعض وتتجزأ، إذ يمكن أن يوجد شيء من سننها وأعمالها في فرد من المسلمين، كما قال الرسول - ص - لأبي ذر - رضي الله عنه - «إنك امرؤ فيك جاهلية»، لكن هذا لا يثبت عليه كفرًا.

    ويختلف حكم إطلاق وصف الجاهلية بحسب نوع ذلك الإطلاق، وذلك حسب التقسيم التالي:

    1 - الإطلاق العام على الزمن أو على الأمة المسلمة، بوصفها بالجاهلية، فهذا لا يجوز شرعًا لما يلي:

    أ - أن الجاهلية عند الإطلاق: الزمن الذي تعم فيه مخالفة الشرع، وهذا يكون قبل بعثة النبي -ص- أما بعد بعثته فلا يمكن أن توجد.

    ب - أن هذا الإطلاق العام من غير تقييد ولا إضافة لم يرد عن النبي - ص -.

    جـ - أن وصف الجاهلية وصف يتجزأ، فكون المجتمعات محكومة بغير شرع الله، لا يعني كفرها وجاهليتها بل يقال: محكومة بحكم جاهلي.

    2 - الإطلاق الخاص على فرد أو مَصْر، وهذا يختلف الحال فيه على قسمين:

    أ - أن يكون المطلق عليه مستحق لهذا الوصف، فهذا الإطلاق جائز.

    ب - أن يكون المطلق عليه من مرتكبي الكبائر فلا يجوز إطلاق الوصف عليه، إلا باستحلاله المعصية.

    3 - نسبة الجاهلية إلى أمة أو فرد مقيدة بحال أو أمر، فهذا جائز قد وردت به النصوص.

    لقد وقع من بعض جماعات الغلو في هذا العصر القول بتجهيل المجتمعات المسلمة وتكفيرها، إذا يبنون كثيرًا من معتقداتهم، وآرائهم، وأفكارهم على القول بجاهلية المجتمع. ويتضح هذا بتتبع كتاباتهم وأدبياتهم.

    كما يلاحظ أن لديهم تلازمًا بين القول بجاهلية المجتمع، والقول بتحول ديار المسلمين اليوم من دار إسلام إلى دار كفر وكفر أهلها وهذا هو الذي أوقعهم في الغلو.

    سادسًا: الغلو فيما يتعلق بالحكم على الدار:

    ملاحظ مهمة في هذا الموضوع:

    أ - أن مسألة التفريق بين الدور، مسألة اجتهادية، ليس لها مستند صريح في النصوص

    ب - أن العلماء لجأوا إلى القول بتقسيم العالم إلى دارين: دار كفر ؛ ودار إسلام بما يلي:

    1- أن الحاجة كانت ماسَّة بسبب الفتوحات إلى التمييز بين دار الإسلام ودار الحرب

    2 - أن هذا التقسيم جاء تأصيلاً لواقع العلاقات بين دولة المسلمين بين غيرها من الدول.

    3 - أن هناك أحكامًا شرعية يرى بعض العلماء اختلافها بحسب اختلاف الدار، ولذلك كان هذا التفريق.

    جـ - إن القول: إن الدار دار كفر؛ لا يستلزم أن جميع مَنْ في الدار كفار.

    د - أن الحكم على الدور، والتفريق بينها ليس وراءه كبير فائدة لأفراد الناس؛ لأن الفائدة منه متعلقة بالحاكم المسلم، فالموضوع من الفقه السياسي

    وبهذا يتبين ما وقع فيه الغلاة من الحكم على الدار المسلمة بأنها دار كفر واتباع ذلك بأحد الأمرين الآتيين أو كليهما:

    أ - استحلال الدماء والأموال وإعلان الجهاد على هذه الدار التي أصبحت دار كفر بزعمهم.

    ب - تكفير أهل الدار بناء على وصفهم إياها بدار الكفر.

    وفي واقعنا المعاصر نجد هذين الجانبين من الغلو قد وقع فيهما بعض طوائف المسلمين منها:

    1 - جماعة شكري مصطفى التي ترى أن القول بأن الدار دار كفر مسوغ لتكفير كل مقيم فيها.

    2 - جماعة الجهاد المصرية التي ترى من أكبر مبررات قتال الحكام بغير ما أنزل الله، وإعلان الجهاد عليهم، وصف الدار بأنها دار كفر، مع أنهم لا يرون كفر أهلها.

    وهم مستدلون - في مسألة التفريق بين الدور - بأقوال وآراء علماء هذه الأمة.

    3 - وفي كتاب انتقاض الاعتراض على تفجيرات الرياض بيان أن المجمعات لا تجري عليها أحكام الإسلام
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 20.07.09 10:18

    مظاهر الغلو المتعلقة بالعنف


    أولاً: الخروج على الحكام:

    يعد العنف أبرز مجالات الغلو؛ وأظهر أعمال ذلك العنف: الخروج على الحكام، والعلماء مجمعون على عدم جواز الخروج على الإمام العدل.

    واتفاق العلماء على القول بتحريم الخروج واضح في كتاباتهم، حتى صاروا يعدون ذلك عقيدة يدونونها ضمن عقائدهم، يقول الإمام أحمد - رحمه الله - ضمن عقيدة أهل السنة: «والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين: البر والفاجر، ومن ولي الخلافة فاجتمع عليه الناس ورضوا به».

    واليوم يخرج الغلاة على الحكام المسلمين خروجًا مقترنًا بالتكفير،كما في كتاب انتقاض الاعتراض على تفجيرات الرياض وكتاب أبو محمد المقدسي «الكواشف الجلية على كفر الدولة السعودية ».

    ثانيًا: التفجيرات.

    لقد جعل الله - عز وجل - للدماء والأموال والأعراض حرمتها «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم ».

    وقتل النفوس المعصومة أمره عظيم، وليس القتل المحرم قتل المسلم فقط بل جاء الوعيد الشديد في قتل الذمي والمعاهد والمستأمن

    وإن من صور الغلو التي ظهرت في السنين الأخيرة: «التفجيرات» وهي عمل وضع له أصحابه مستندات اجتهدوا في جعلها مبررات لأفعالهم ومن أشهر ما كتبوا في ذلك:

    1 - كتاب: «غزوة الحادي عشر من ربيع الأول، عملية شرق الرياض، وحربنا مع أمريكا وعملائها» من إعداد: مركز الدراسات والبحوث الإسلامية.

    2 - كتاب: «انتقاض الاعتراض على تفجيرات الرياض».

    ثالثًا: الاغتيالات:

    من أوجه العنف الموجودة والتي يكثر اتهام من يوسمون بالغلو بها: الاغتيال. ويستند من يقول بجواز الاغتيال إلى قصة اغتيال كعب بن الأشرف

    فهذا الحديث فيه أمر النبي - ص - باغتيال إمام من أئمة الكفر. ولكن الاستدلال به على جواز الاغتيال للحكام ونحوهم لا يستقيم لما يلي:

    1 - أن الاغتيال لا بد أن يكون بأمر الإمام، ومعلوم أنه لو جعل أمر الاغتيال عائدًا إلى الاجتهادات الفردية لأدى ذلك إلى فساد عظيم.

    2 - أن الاغتيال لا بد أن يكون لمن تيُقنّ كفره؛ فكعب وابن أبي الحقيق كلاهما كافران يقينًا.

    3 - أن المقتول لا بد أن يكون محاربًا للمسلمين

    4 - لا بد أن تؤمن الفتنةُ من هذا القتل.

    المبحث الثالث: مظاهر الغلو في الولاء والبراء:

    إن الولاء والبراء أصل عظيم من أصول الإسلام، وقد تكاثرت النصوص الدالة على ذلك.

    والولاء والبراء لهما حدود، فما نقص عن حدود الولاء المطلوب فهو تفريط، وما زاد عن حدود الولاء المشروع فهو غلو مذموم.

    هذه بعض المظاهر للغلو في الولاء والبراء:

    أولاً: الغلو في التعصب للطائفة أو الجماعة:

    ينشأ التعصب عن أسباب منها: الهوى بمحبة النفس أو محبة الإمام المقتدى به أو نحو ذلك من أوجه الهوى بحيث يظن المرء نفسه معصومة أو طائفته وجماعته.

    وقد يكون من مستند المتعصب لطائفه اعتقاده أنها على الحق، وهذا الاعتقاد ليس بسائغ شرعًا؛ إذ مناط الحق الكتاب والسنة، وليست الفرقة المعينة، ومن جعل الحق مع طائفته مطلقًا فهو من الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعًا وأصبح من الذين وصفهم الله - عز وجل - بأنهم {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } فكل حزب ممن حرفوا دينهم فرح بما يظن نفسه عليه من الحق، والحق ليس إلا في الكتاب والسنة.

    وهذا التعصب وقع في الأمة على مر تاريخها وهو في الحالة الواقعة اليوم أمر ظاهر، حيث أصبح الانتماء إلى الطائفة أو الجماعة وكأنما هو أصل من أصول الدين.

    وكل يدعي أن طائفته هم الذين على حق وأن من سواهم على باطل.

    ثانيًا: الغلو بجعل الجماعة أو الطائفة مصدر الحق:

    إن مما ابتلى به الغلاة تعظيم لجماعاتهم وطوائفهم؛ فلا يقبلون من الدين إلا ما جاءت به، وهذا يخالف ما جاء به الدين أصلاً، فإن من أصول التوحيد: الإيمان بما جاء به رسولنا محمد - ص - من الوحي وطاعته، ومحبته، وتوقيره، والتسليم لحكمه.

    والملاحظ أن الغلاة الذين يتبعون طوائفهم وجماعاتهم يتبعونها اتِّباعا مطلقًا فيحبون ويبغضون لأجل الأهواء، إذ قبول الحق عندهم منوط بوصوله إليهم من طريق طوائفهم أو جماعاتهم.

    وعند قراءة مؤلفات الغلاة المعاصرين أو مناقشة أفرادٍ منهم تجد أن من أكبر سماتهم: أنهم لا يأخذون إلا ما جاء من طريق جماعاتهم وطوائفهم فأمرهم مبناه على الهوى.

    ثالثًا: التعصب للأئمة والقادة:

    كل أحد من النّاس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله - ص - فالناس كلهم: مفتقرون إلى الكتاب والسنة، فلا بد لهم أن يزنوا جميع أمورهم بآثار الرسول - ص - فما وافقها فهو الحق، وما خالف ذلك فهو باطل.

    والغلاة خالفوا هذا الأصل العظيم فجعلوا قادتهم بمثابة الرسول - ص - حيث يطاع في كل ما يأمر به طاعة مطلقة.

    والغـلاة المعاصرون وقعوا في ذلك التعصب والطاعة العمياء كما ذكر عبد الرحمن أبو الخير عن جماعته المعروفة بالتكفير والهجرة.

    إن هذا الأمر قد يصدق على قيادات أخرى، من أهل الغلو في كل بلد، وكل زمان فهم يغلون في قياداتهم، ويرفعونهم فوق أقدارهم ويجعلون لهم الطاعة المطلقة وينزلون كل نص في طاعة ولاة الأمر عليهم، بل إن هؤلاء يغلون في قياداتهم لشدة حبهم لهم لما يرون من تصرفات يظنونها معيارًا لرشد المنهج وسلامة الطريق.

    ويتبع ذلك إعطاؤهم البيعة لتلك القيادات وتنزيلهم نصوص البيعة في الإمامة العظمى على البيعة لتلك القيادات، وعين هذه البيعة المطلقة يوجد في جماعات غالية أخرى، جعلت هذه البيعة طوقًا في عنق كل تابع.

    وفي الجملة يمكن إجمال تصورات الغلاة فيما يتعلق بأمر الامامة والقيادة فيما يلي:

    1- أنه بناء على أن جماعتهم هي جماعة المسلمين فإن إمامهم هو إمام المسلمين.

    2- أن إمامهم له أن يتحكم في الأموال والأنفس وأنه ليس للأتباع في ذلك حق الاعتراض.

    3- أن إمامهم له الطاعة المطلقة، ولا يلزمه بيان علة الأمر وحكمته، وعلى الأتباع عدم السؤال على هذه العلة.

    رابعًا: الغلو في البراءة من الكفر:

    إن البراءة من غير المسلمين أمر مقرر في الشرع متوافرة نصوصه، ولكن هذه البراءة من الكفار لا تعني ظلمهم والاعتداء عليهم، بل لا تعني عدم العدل معهم يقول الله -عز وجل- {ولا يجرمنكم شنآن} أي: يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا.

    ولقد فقه بعض الغلاة اليوم أمر البراءة من الكافرين فقهًا خاطئًا حيث ظنوا أن من مقتضيات البراءة منهم إعلان مقاتلتهم بكل حال دون نظر في الضوابط الشرعية لذلك.

    خامسًا: الغلو في البراء من المجتمعات المسلمة:

    إن البراءة إنما هي من المحادين لدين الله الكافرين به، أما المسلمون ومن اجتمع فيه منهم فجور وإيمان فيوالى على قدر إيمانه، ويتبرأ منه بقدر فجوره، ومتى زادت البراءة من غير من يشرع التبرؤ منه قد أصبحت غلوًا مذمومًا.

    ولقد وقع الغلو في البراءة من المجتمعات في حياة المسلمين المعاصرة، يتضح ذلك من كتابات الغلاة، وموضع الخلل في مفهومهم هو فهمهم الخاطئ للكفر؛ فالمجتمع كله - بزعمهم - مجتمع جاهلي كافر، فهم يريدون البراءة ممن زعموهم كفارًا.

    سادسًا: القول بهجرة المجتمعات المسلمة وتكفير المقيم غير المهاجر:

    إن الهجرة في سبيل الله من دار الكفر إلى دار الإسلام أمر مشروع، ممدوح فاعله، ولكن المقيم في دار الحرب لا يحكم عليه بالكفر بإطلاق، بل ولا يؤثم بإطلاق، فالحكم فيه تفصيل.

    إنّ المقيم التارك للهجرة لا يكفر، وأنه إنما يكفر إذا رضي وتابع، وأظهر موالاته الكاملة للكفار وأعان على المسلمين.

    لقد غلا بعض الناس فكفروا التارك للهجرة.

    وقد غلا أقوام آخرون فزعموا أن الهجرة واجبة من المملكة العربية السعودية كما يزعم أبو محمد عاصم المقدسي في كتابه «الكواشف الجلية».

    المبحث الرابع: مظاهر الغلو المتعلقة بالتشديد على النفس والناس:

    أولاً: التشديد على النفس:

    لقد وضع الشارع الشريعة في الأصل على مقتضى قدرة الإنسان ووسعه، وجعل للمشقات العارضة رخصًا تخففها رحمة بعباده وتيسيرًا عليهم، كما نهى أن يغلو الإنسان فيشدد على نفسه فقال النبي - ص -: «لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم، فإن قومًا شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، رهبانية ابتدعوها، ما كتبناها عليهم».

    والتشديد على النفس هو كل عمل أدى إلى مشقة وعنت بالإنسان «والتشديد تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب ولا مستحب بمنزلة الواجب أو المستحب في العبادات، وتارة باتخاذ ما ليس بحرام ولا مكروه بمنزلة المحرم المكروه في الطيبات».

    ولما كان للأمر علاقة قوية بالمشقة، فليعلم أن المشقة نوعان هما:

    1- المشقة المعتادة:

    وهذه لا يخلو منها عمل ديني ولا دنيوي، والمطلوبات الشرعية كلها فيها كلفة، وهذا النوع من المشقة ليس مانعًا من التكليف ؛لأن أحوال الإنسان كلها كلفة في هذه الدار.

    2- المشقة غير المعتادة:

    وهذه المشقة لو أردنا ضبطها في ضوء النصوص الشرعية، ننظر إلى العمل وما يؤدي إليه ؛ فإن أدى الاستمرار عليه إلى انقطاع عنه أو عن بعضه أو أدى إلى وقوع خلل في صاحبه، فهو مشقة غير معتادة، وهذا تفصيل لهذين القسمين:

    الأول: الانقطاع عن العمل:

    ويتحقق الانقطاع عن العمل بأحد أمرين:

    أ - السآمة والملل ثم العجز:

    وقد عبرت عنه النصوص أحيانًا بتبغيض العبادة أو الملل أو العجز ونحو ذلك

    ب - الانقطاع بسبب تزاحم الحقوق:

    الثاني: وقوع الخلل:

    فالعمل متى ما كان مؤديًا إلى خلل في العامل - نفسي أو بدني - بأن يعذب الإنسان نفسه أو يمنعها عن لوازم الحياة تدينًا وتعبدًا فإنه من المشقة على النفس.

    ثانيًا: التشديد على الناس:

    استقراء أدلة الشريعة قاض بأن الله جعل هذا الدين رحمةً للناس، ويسرًا، ورفع الإصر والأغلال التي كانت واقعة بطائفة وكان النبي - ص - يأمر أصحابه بالتيسير على الناس، فقد قال لمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري لما بعثهما إلى اليمن: «يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا ».

    والإنسان له في ذاته أن يأخذ نفسه بالأشد من المشروع، كأن يصلي صلاة طويلة، ولكن ليس له أن يلزم الناس بهذا.

    والتشديد على الناس لا يدخل فيه إلزامهم بما شرع الله عزَّ وجلَّ، بل هو إلزام الناس بغير ما شرع الله، وهو قسمان:

    1- ما لم يُشرع أصلاً:

    2- ما شرع أصله ولكن الغلو واقع في صفته أو قدره

    ويوضح هذا التوجه في الحياة المعاصرة ما قاله ماهر بكري في كتاب الهجرة «إن كلمة عاصي هو اسم من أسماء الكافر تساوي كلمة كافر تمامًا ».
    عودة للملف

    * قدمت في ندوة التي نظمها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في الفترة من 27/31-12-2003 وشارك فيها أكثر من 40 شخصية من العلماء والمفكرين.
    والنقل
    http://www.islamonline.net/Arabic/doc/2004/02/article02_03.shtml#top

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 23.07.09 7:18

    مظاهر الغلو في الدين
    أو ما يسمى: (الإرهاب والعنف والتطرف)
    الأسبــــاب والعــــــــلاج



    أعــده
    د: ناصر بن عبدالكريم العقل
    أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة
    كلية أصول الدين - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

    ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
    المقدمة


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
    فهذه بعض الأفكار والانطباعات والاقتراحات حول التكفير والعنف (الغلو) حقيقته وأسبابه وعلاجه، وهي عناصر وخواطر كتبت على عجل.

    أولاً: الخلفيات والأصول (الجذور العلمية والتاريخية) للغو في الدين:

    ترجع بذور الغلو في الدين إلى بعض العبَّاد الجهلة الأوائل، وأصحاب الأهواء، والغوغائيِّة وجهلة الأعراب والعجم، والموتورين وأهل النفاق والزندقة، وسبايا الأمم الذين لم يتفقهوا في الدين، وكان ضحيتهم بعض الغيورين والمندفعين إلى التدين عاطفيًا، من صغار السن (حدثاء الأسنان) كما وصفهم النبي  ، الذين يقل فقههم للدين، وتجربتهم في الحياة، ولم تنضج عقولهم، ولم يرجعوا إلى أهل الذكر والراسخين كما أمر الله وأمر رسوله .
    ومن هذين الصنفين تكونت الخوارج الأولى الذين قاتلهم الصحابة بعد أن حاوروهم وجادلوهم، وبعد أن استحلوا الدماء. وتكونت كذلك الشيعة وبذور التصوف البدعي.
    وقد أخبر النبي  أنه سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية... إلخ الحديث في البخاري (6930) وغيره، وقد أمر النبي  بقتال الخوارج لأنهم يُهلكون الحرث والنَّسْل ويسعون في الأرض فسادًا، والله لا يحب الفساد (وليس كل أصحاب الغلو من الخوارج).
    وقد ظهرت مثل هذه الظواهر على مدار التاريخ وكان منها في العصر الحديث (جماعة التكفير والهجرة) و (جماعة التوقف والتبين) التي ظهرت في مصر في آخر القرن الماضي ثم امتدت آثارها في كثير من بلاد المسلمين والعالم، ولا تزال آثارها النكدة على شباب الأمة، لا سيما حين تسللت أفكار الغلاة بين صفوف الجهاد الأفغاني السابق.
    ونزعة التشدد التي قد تنشأ عنها ظواهر العنف والتكفير (الغلو) قد تصاحب كلَّ نهضة أو دعوة وتشذ عنها... فكما ظهرت في أول الإسلام وهي ليست من الإسلام في شيء لكنها نشاز؛ لا تزال تظهر بين وقت وآخر.
    كذلك نجد أن ظاهرة التشدد صاحبت قيام الدعوة الإصلاحية دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب وقيام الدولة السعودية في مراحلها الثلاث. وهذه الظواهر ليست على نهج الدعوة ولا على نهج الدولة بل كانت تسبب لها الكثير من الإحراج، مع العلم أن الدعوة تقوم على السنة، وهي بريئة من الغلو والعنف والتكفير وما يثيره بعض الجاهلين وأهل الأهواء من أن العنف والغلو والتشدد صادر عن منهج الدعوة فهو باطل قطعًا.
    فلا يجوز بحال نسبة شيء من ذلك إلى دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب ومنهجها لكنها ظواهر تبتلى بها كل أمة.
    ولعله من المناسب التذكير بما تعرضت لـه الدعوة ودولتها (المملكة العربية السعودية) منذ أن قام بها الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، من نزعات التشدد التي تم علاجها بالحكمة والحزم من قبل الملك عبدالعزيز والعلماء وأهل الحل والعقد، وكان من آخر حلقات (الغلو) ظهور تلكم الفئة التي دخلت الحرم عام 1400هـ، ثم يليها بعض ظواهر التشدد التي انتهت الآن إلى بروز ظواهر خطيرة متعددة الوجوه والأغراض والتوجهات من التكفير واستباحة الدماء والإفساد في الأرض، والتنكر للعلماء والولاة والمجتمع.
    وتجرأ الناس على تجاوز الأمور الخطيرة، وتحطيم المسلَّمات والثوابت في الدين والعقيدة والبيعة والأمن، وانتهاك حقوق العلماء والولاة والمواطنين والمقيمين، تحت شعارات الدين والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاء والبراء (وهي أصول حق لكنها توظف خطأ) ونحو ذلك مما يعد من الفساد والإفساد الذي يجب على الجميع الإسراع في علاجه من قبل الدولة والعلماء وأهل الرأي والمشورة، والآباء والمربيين والدعاة « فكلهم راع ومسؤول عن رعيته » والله حسبنا ونعم الوكيل.


    ثانيًا: أهم أسباب الغلو:

    أ- أسباب داخل المجتمع السعودي:

    إضافة إلى ما ذكر في بعض الكتب المتخصصة الحديثة في أسباب الغلو مثل: الغلو في الدين للدكتور عبدالرحمن اللويحق، وإصدارات الجماعة الإسلامية بمصر -الأخيرة التي تراجعت فيها عن الغلو ونحوها- بالإضافة إلى ذلك أشير إلى بعض ما هو سبب في الغلو تجاه الدولة والعلماء في هذه البلاد بخاصة فمن ذلك:
    1- عدم (أو ضعف) ربط قرارات الدولة وأنظمتها ومواقفها وتصريحات المسؤولين فيها بالأسس الشرعية التي تقوم عليها الفتاوى المعتبرة والأدلة الشرعية، مثل البيعة، ونظام الحكم (وهو إسلامي جيد بحمد الله) مع التنويه بأسلوب صاحب السمو الملكي للأمير نايف في تصريحاته ولقاءاته، في التأكيد على الثوابت الشرعية، والتي ينبغي أن تكون منهجًا يحتذى من قبل المسؤولين.
    2- ضعف ورداءة الأسلوب والخطاب الإعلامي في التعبير عن الوجهة الشرعية لمواقف الدولة وقراراتها بل كثير من تعبيرات وسائل إعلامنا عن هذه الأمور يثير السخرية والأسف، ويفقد مصداقيته لدى الأصدقاء والعقلاء فكيف بالخصوم والسفهاء وهم كثيرون، وسأبين الحل لذلك (في نظري) في العلاج.
    3- غموض موقف الدولة من قضايا حساسة تغذي التكفير والغلو والتطرف لدى المغرضين والجاهلين، وعلى غير بصيرة، وتحاكم فيها الدولة غيابيًا ويجعلون صمتها دليلاً على الإدانة بزعمهم، مثل وجود غير المسلمين في البلاد، وصدور بعض الأنظمة التي يزعمون أنها تخالف الشرع وأنها حكم بغير ما أنزل الله -كنظام التأمينات ومعاشات التقاعد والجمارك والمحاكم التجارية والعسكرية، والبنوك الربوية وحمايتها، واشتراك الدولة في بعض المنظمات والعقود والعهود والأنظمة الدولية المخالفة للشرع، وكذلك بعض القرارات والمواقف الأخيرة للدولة مثل التأمين على الرخصة ومثل بعض أساليب تحية العلم، ومثل توجهات السياحة إلى مواطن البدع في الآثار (وهذه قضية حساسة جدًا جدًا) تتعارض مع ثوابت الدين والسنة التي قامت عليها الدولة، في هذه البلاد.
    وهذه الأمور أغلبها إما أن يكون للدولة فيها مساغ شرعي، أو اعتمدت فيها على فتاوى معتبرة، وبعضها يعتمد على الشائعات وعدم التثبت والمبالغات، والجهل بحقائق الأمور، وبعض آخر للدولة فيها عذر أو تأويل، وقد يكون هناك أخطاء وقعت فيها الدولة فعلاً من غير قصد معارضة الدين فيجب أن يُرجع فيها إلى الحق... وهكذا وهذا أمر مهم جدًا كذلك.
    4- ظهور بعض القرارات والظواهر الاستفزازية التي لم تكن مناسبة مثل دمج رئاسة تعليم البنات، وأساليب وزارة التربية والتعليم في تغيير المناهج الشرعية، ومحاولة النيل من سياسة التعليم، وظهور بعض الأمور الاستفزازية في وسائل الإعلام الرسمية كما في بعض حلقات (طاش ما طاش)! وبعض المقالات التي تجرح العقيدة والدين، وتهز المسلمات الشرعية في الصحف المحلية (لا سيما الوطن وعكاظ والرياض أحيانًا)، وتطعن في السلف الصالح، وفي دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (التي هي أصل شرعية الدولة السعودية عند أهل السنة في كل العالم)، وتلمز الصالحين والمتدينين، ونحو ذلك مما يتخذه أهل الغلو ذرائع للفتنة وشحن عواطف الناس -لا سيما الشباب- ضد الدولة والعلماء والمجتمع.
    5- التحول الاجتماعي والرسمي السريع إلى أمور غير محمودة (مثل الاختلاط) كما في بعض المستشفيات، وبعض المؤسسات، وشيوع كثير من المنكرات والممارسات المنافية للدين والأخلاق والفضيلة مع ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم الارتقاء بالهيئات كمّا وكيف لتؤدي الواجب على نحو رزين.

    ملاحظة هامة وضرورية:

    قد يتجرأ بعض الجاهلين ومن في قلوبهم مرض إلى اتهام المناهج الدراسية في التعليم في المملكة (بمراحله أو بعضها) بمساندة الغلو، وهذه دعوى عريَّة من البرهان.
    والحق أن المناهج في جملتها تقرر الاعتدال والوسطية وتربي الشباب على رعاية الحقوق المشروعة من حب الله ورسوله  والإسلام والسلف الصالح، ورعاية حقوق الولاة والعلماء والآباء والمعلمين، وترسم منهج الاعتدال في القلوب والعقول، والمواد التي تدرس في مناهجنا شاهدة بذلك، لكن حسبنا الله ونعم الوكيل.

    ب- الأسباب العامة في ظهور الغلو والتشدد في كل زمان وكل مكان( )

    أذكر هنا ما تيسر لي استقراؤه من أسباب ظهور نزعات الغلو والتنطع في الدين في العصر الحديث، وهي الأسباب العامة (التاريخية) التي غالبًا ما تكون ممهدة لظهور هذه النزعات في أي زمان أو بيئة، وأهمها في نظري ما يلي:
    1- قلة الفقه في الدين (أي ضعف العلم الشرعي)، أو أخذ العلم على غير نهج سليم، أو تلقيه عن غير أهلية ولا جدارة.
    2- ظهور نزعات الأهواء والعصبيات والتحزبات.
    3- الابتعاد عن العلماء وجفوتهم وترك التلقي عنهم والاقتداء بهم، والتلقي عن دعاة السوء والفتنة والالتفاف حولهم.
    4- التعالم والغرور، والتعالي على العلماء وعلى الناس، واحتقار الآخرين وآرائهم.
    5- حداثة السن وقلة التجارب، والغيرة غير المتزنة؛ (عواطف بلا علم ولا حكمة).
    6- شيوع المنكرات والفساد والظلم في المجتمعات، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو التقصير فيه، كما في كثير من البلاد الإسلامية.
    7- النقمة على الواقع وأهله، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية في كثير من بلاد المسلمين.
    8- تحدي الخصوم (في الداخل والخارج) واستفزازهم للشباب وللدعاة (المكر الكبَّار)، وكيدهم للدين وأهله، وطعنهم في السلف الصالح.
    9- قلة الصبر وضعف الحكمة في الدعوة لدى كثير من الشباب المتدين.

    إذا توافرت هذه الأسباب ونحوها أو أكثرها، مهَّد هذا لظهور الغلو والتنطع في أي زمان وأي مكان وأي مجتمع، وبخاصة إذا انضاف إلى هذه الأسباب تقصير الولاة وغفلة العلماء وطلاب العلم والدعاة والمربيين والآباء والمتصدِّرين عن معالجة هذه السمات وأسبابها في وقت مبكر.
    هذا ما يتعلق بالأسباب العامة على مدار التاريخ.
    أما الأسباب التي هيأت لظهور الغلو والعنف في العصر الحديث بين المسلمين في شتى بلاد العالم فأذكرها في الفقرة التالية:

    جـ- أسباب ظهور الغلو ومظاهره في العصر الحديث( ).
    أما ما يتعلق بالأسباب التي هيأت لبروز الغلو الذي هو سبب من أسباب العنف والإرهاب في العصر الحديث، فهي كثيرة ومتشابكة تتمثل -في نظري- بما يلي:

    أولاً: إعراض أكثر المسلمين عن دينهم، عقيدة وشريعة وأخلاقًا، إعراضًا لم يحدث مثله في تاريخ الإسلام، مما أوقعهم في ضنك العيش وفي حياة الشقاء كما قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا .)
    يتجلى هذا الإعراض بأمور كثيرة في حياة كثيرة من المسلمين اليوم؛ أفرادًا وجماعات ودولاً وشعوبًا وهيئات ومؤسسات، ومن مظاهر هذا الإعراض:
    1- كثرة البدع والعقائد الفاسدة وما نتج عن ذلك من الافتراق والفرق والأهواء، والتنازع والخصومات في الدين.
    2- الإعراض عن نهج السلف الصالح وجهله، أو التنكر لـه.
    3- العلمنة الصريحة في أكثر بلاد المسلمين، والتي أدت إلى الإعراض عن شرع الله، وإلى الحكم بغير ما أنزل الله، وظهور الزندقة والتيارات الضالة، والتنكر للدين والفضيلة، مما أدى إلى:
    4- شيوع الفساد، وظهور الفواحش والمنكرات، وحمايتها.
    5- التعلق بالشعارات والمبادئ الهدامة والأفكار المستوردة.
    وكل هذه الأمور ونحوها مما يندرج تحت مفهوم الإعراض عن شرع الله تثير غيرة الشباب المتدين، وحين لا يظهر لـه السعي الجاد لتغيير الحال وإنكار المنكر، يلجأ إلى التصدي لهذه الانحرافات بلا علم ولا حكمة.
    6- وقوع أكثر المسلمين في التقصير في حق الله تعالى، وارتكابهم للذنوب والمعاصي، والمنكرات وضعف مظاهر التقوى والورع والخشوع في حياة المسلمين اليوم.
    7- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو التقصير فيه في أكثر بلاد المسلمين.

    ثانيًا: شيوع الظلم بشتى صوره وأشكاله:
    ظلم الأفراد، وظلم الشعوب، وظلم الولاة وجورهم، وظلم الناس بعضهم لبعض، مما ينافي أعظم مقاصد الشريعة، وما أمر الله به وأمر به رسوله  من تحقيق العدل ونفي الظلم، مما يُنمي مظاهر السخط والتذمر والحقد والتشفي في النفوس.

    ثالثًا: تحكُّم الكافرين (من اليهود والنصارى والملحدين والوثنيين) في مصالح المسلمين، وتدخلهم في شؤون البلاد الإسلامية، ومصائر شعوبها عبر الاحتلال، والغزو الفكر والإعلامي والاقتصادي، وتحت ستار المصالح المشتركة، أو المنظمات الدولية، ونحو ذلك مما تداعت به الأمم على السلمين من كل حدب وصوب، بين طامع وكائد وحاسد.
    وغير ذلك من صور التحكم في مصائر المسلمين والحجر عليهم، مما أدى إلى تذمرهم وشعور طوائف من شبابهم ومثقفيهم وأهل الغيرة منهم بالضيم والإذلال والإحباط وما ينتج عن ذلك من ردود الأفعال والسخط والعنف.

    رابعًا: محاربة التمسك بالدين والعمل بالسنن، والتضييق على الصالحين والمتمسكين بالسنة، والعلماء والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وبالمقابل التمكين لأهل الفسق والفجور والإلحاد، مما يعد أعظم استفزاز لذوي الغيرة والاستقامة.

    خامسًا: الجهل بالعلم الشرعي وقلة الفقه في الدين:
    فالمتأمل لواقع أكثر أصحاب التوجهات التي يميل أصحابها إلى الغلو والعنف يجد أنه يتميزون بالجهل وضعف الفقه في الدين، وضحالة الحصيلة في العلوم الشرعية، فحين يتصدون للأمور الكبار والمصالح العظمى يكثر منهم التخبط والخلط والأحكام المتسرعة والمواقف المتشنجة.
    سادسًا: الجفوة بين العلماء والشباب (وبين الشباب والمسؤولين):
    ففي أغلب بلاد المسلمين تجد العلماء (بعلمهم وحكمتهم وفقههم وتجاربهم) في معزل عن أكثر الشباب، وربما يسيئون الظن بالكثير منهم كذلك، وبالمقابل تجد الشباب بحيويتهم ونشاطهم وهمتهم بمعزل عن العلماء، وربما تكون سمعتهم في أذهان الكثيرين على غير الحقيقة، وبعض ذلك بسبب انحراف مناهج التربية لدى بعض الجماعات، وبسبب وسائل الإعلام المغرضة التي تفرق بين المؤمنين، مما أوقع بعض الشباب في الأحكام والتصرفات الجائرة والخاطئة التي لا تليق تجاه علمائهم، وتجاه حكامهم، وكذلك هناك حاجز نفسي كبير بين النخبة من الشباب، وبين المسؤولين، تجعل كل منهم يسيء الظن بالآخر، ولا يفهم حقيقة ما عليه الآخر إلا عبر وسائط غير أمينة غالبًا، ومن هنا يفقد الحوار الذي هو أساس التفاهم والإصلاح.

    سابعًا: الخلل في مناهج الدعوات المعاصرة:
    فاغلبها تعتمد في مناهجها على الشحن العاطفي وتربي أتباعها على مجرد أمور عاطفية وغايات دنيوية: سياسية واقتصادية ونحوها، وتحشو أذهانهم بالأفكار والمفاهيم التي لم تؤصَّل شرعًا، والتي تؤدي إلى التصادم مع لمخالفين بلا حكمة. وفي الوقت نفسه تقصِّر في أعظم الواجبات فتنسى الغايات الكبرى في الدعوة، من غرس العقيدة السليمة والفقه في دين الله تعالى، والحرص على الجماعة، وتحقيق الأمن، والتجرد من الهوى والعصبية، وفقه التعامل مع المخالفين ومع الإحداث على قواعد الشرع.

    ثامنًا: ضيق العطن وقصر النظر وقلة الصبر وضعف الحكمة:
    ونحو ذلك مما هو موجود لدى بعض الشباب، فإذا انضاف إلى هذه الخصال ما ذكرته في الأسباب الأخرى؛ من سوء الأحوال، وشيوع الفساد، والإعراض عن دين الله، والظلم، ومحاربة التدين وفقدان الحوار الجاد - أدى ذلك إلى الغلو في الأحكام والمواقف.

    .

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 23.07.09 7:19

    تاسعًا: تصدر حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام:

    وأشباههم للدعوة والشباب. بلا علم ولا فقه، فاتخذ بعض الشباب منهم رؤساء جهالاً، فأفتوا بغير علم، وحكموا في الأمور بلا فقه، وواجهوا الأحداث الجسام بلا تجربة ولا رأي ولا رجوع إلى أهل العلم والفقه والتجربة والرأي، بل كثير منهم يستنقص العلماء والمشايخ ولا يعرف لهم قدرهم، وإذا أفتى بعض المشايخ على غير هواه ومذهبه، أو بخلاف موقفه أخذ يلمزهم إما بالقصور أو التقصير، أو بالجبن أو المداهنة أو العمالة، أو بالسذاجة وقلة الوعي والإدراك! ونحو ذلك مما يحصل بإشاعته الفرقة والفساد العظيم وغرس الغل على العلماء والحط من قدرهم؛ ومن اعتبارهم، وغير ذلك مما يعود على المسلمين بالضرر البالغ في دينهم ودنياهم.


    عاشرًا: التعالم والغرور:

    وأعني بذلك أنه من أسباب ظهور الغلو والعنف في بعض فئات الأمة اليوم ادعاء العلم في حين أنك تجد أحدهم لا يعرف بدهيات العلم الشرعي والأحكام وقواعد الدين، أو قد يكون عنده علم قليل بلا أصول ولا ضوابط ولا فقه ولا رأي سديد، ويظن أنه بعلمه القليل وفهمه السقيم قد حاز علوم الأولين والآخرين، فيستقل بغروره عن العلماء، عن مواصلة طلب العلم فَيَهْلك بغروره وَيُهلك. وهكذا كان الخوارج الأولون يدَّعون العلم والاجتهاد ويتطاولون على العلماء، وهم من أجهل الناس.

    حادي عشر: التشدد في الدين والتنطع:

    والخروج عن منهج الاعتدال في الدين، الذي كان عليه النبي ، وقد حذر النبي  من ذلك في الحديث الذي رواه أبوهريرة -- قال: قال رسول الله : « إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه »( ).
    والتشدد في الدين كثيرًا ما ينشأ عن قلة الفقه في الدين، وهما من أبرز سماته الخوارج -أعني التشدد في الدين وقلة الفقه-، وأغلب الذين ينزعون إلى الغلو والعنف اليوم تجد فيهم هاتين الخصلتين.

    ثاني عشر: شدة الغيرة وقوة العاطفة لدى فئات من الشباب والمثقفين وغيرهم بلا علم ولا فقه ولا حكمة،

    مع العلم أن الغيرة على محارم الله وعلى دين الله أمر محمود شرعًا، لكن ذلك مشروط بالحكمة والفقه والبصيرة ومراعاة المصالح ودرء المفاسد. فإذا فقدت هذه الشروط أو بعضها أدى ذلك إلى الغلو والتنطع والشدة والعنف في معالجة الأمور، وهذا مما لا يستقيم به للمسلمين أمر لا في دينهم ولا في دنياهم.

    ثالث عشر: فساد الإعلام:

    الإعلام في العصر الحديث صار -غالبًا- مطية الشيطان إلى كل فتنة وضلالة وبدعة ورذيلة، فإن وسائل الإعلام في أكثر البلاد الإسلامية غالبًا ما تسخَّر في سبيل الشيطان، وهي من خيله ورجله في الدعوة إلى الضلالة ونشر البدعة والزندقة وترويج الرّذيلة والفساد، وهتك الفضيلة، وحرب التدين وأهله، وبالمقابل فإن إسهام الإعلام في نشر الحق والفضيلة قليل وباهت جدًا، ولا شك أن هذا الوضع منكر عظيم ومكر كبّار، ويعد أعظم استفزاز يثير غيرة كل مؤمن وحفيظة كل مسلم، فإذا اقترن ذلك بشيء من قلة العلم والحلم والصبر والحكمة، وغياب التوجيه الشرعي السليم، أدَّى ذلك بالضرورة إلى الصَّلف والقسوة في الأحكام والتعامل، وإلى الإحباط التشاؤم واليأس عند البعض فيندفع إلى التغيير بعنف. لذا فإن علاج هذه الظواهر لن يكون حاسمًا إلا بإزالة أسبابها.

    ثالثًا: العـــــلاج.

    كما ذكرت سابقًا - كثير من البحوث والمقالات المعاصرة أسهمت في طرح مقترحات جيدة في علاج هذه الظواهر الخطيرة مثل كتاب: الغلو للدكتور عبدالرحمن اللويحق وكثير من المقالات والبحوث التي ظهرت أخيرًا.

    وفي هذه العجالة أرى التركيز على ما يلي: (في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص)

    1- أهمية الوضوح والشفافية والصراحة في طرح قضايا التكفير والعنف والغلو وأسبابها والاعتراف بوجودها وآثارها، لا سيما بعد أن شاعت هذه الأمور عبر وسائل الإعلام والإنترنت ومجالس الناس الخاصة والعامة.

    2- يجب عدم الخلط بين القضايا التي لها أصول شرعية وبين ما فيه مخالفة للشرع، فالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاء والبراء ونحوها كلها أصول عقدية معتبرة شرعًا بشروطها، فيجب بيان الخطأ في تفسيرها وفهمها، وعدم الخلط بينها وبين التكفير والعنف والإرهاب والغلو، لا سيما في الخطاب الرسمي للدولة، وفي الخطاب الإعلامي الذي يمثلها.
    فليس كل أهل الغلو والتكفير خوارج.
    وليس كل جهادي يكفَّر.
    وليس كل مكفِّر جهادي، وليس كل مجاهد مكفِّر، والخلط بينهم أدى إلى تعاطف بعضهم مع بعض وإلى التباس الأمور على كثير من الناس، وإلى تعاطف آخرين معهم كذلك.

    3- كشف مواطن الأشكال واللبس والغموض في القضايا الحساسة، وإعلان الوجهة الشرعية فيها، وتأصيل ما لم يتم تأصيله شرعًا وربطها بنظام الدولة (وهو نظام إسلامي جيد بحمد الله) وفتاوى العلماء، كما ذكرت آنفًا من الأنظمة والعلاقات الدولية والبنوك، وبعض المواقف والقرارات التي هي مظنة المخالفة الشرعية، أو الشائعات حول هذه الأمور ونحوها، فتأصَّل الأمور ويكشف الزيف علنًا وبصراحة ووضوح، وليس من العيب أن تدافع الدولة عن نفسها بالحجة والبرهان، بل هو عين الحق والقوة والشجاعة والصواب، فتحرر جميع المسائل المشكلة شرعًا وتربط بأصولها وقواعدها وأدلتها وفتاوى العلماء، وربط ذلك كله في نظام الحكم وهو بحمد الله نظام متين أصيل. ثم بيان أنه لو ثبت مخالفة بعض الأنظمة والقرارات والمواقف والمعاهدات للشريعة؛ فإن المعهود أن الدولة لم تقصد الخروج عن الشريعة، وأن هذه الأخطاء لا تلغي شرعية الدولة وبيعتها وحقوقها، لكنها توجب مناصحتها، وبيان الحق، والمطالبة بتصحيح الخطأ فحسب.

    4- ثم يتبع ذلك أهمية استقراء شبهات الغلاة ودعاويهم وتلبيساتهم أو الأمور الملتبسة عليهم، وتتبع مقالاتهم ومؤلفاتهم وسائر مزاعمهم والتعرف على رؤوسهم ومرجعياتهم، ثم الرد عليهم بالحجة والدليل والبرهان الشرعي والعقلي. والحوار الجاد مع المنظِّرين والمتبوعين منهم، وسأقترح قريبًا بعض وسائل ذلك مع أهمية الإشارة إلى أن أصول الغلاة على مختلف فئآتهم ترجع إلى أصول واحدة أو متشابهة يمكن إسقاطها من قبل المختصين، ويغني عن الخوض في أكثر الجزئيات فمن هذه الأصول:

    1- إمامة المسلمين وحقوقها وواجباتها، وأن الملك حفظه الله هو إمام المسلمين في هذه البلاد.
    2- البيعة وتحققها للدولة شرعًا، وأنها في عنق كل مواطن في هذه البلاد ووجوب السمع والطاعة بالمعروف.
    3- العلماء ومرجعيتهم وأنهم على رأس أهل الحل والعقد وهم الذي يقررون المواقف الهامة والأحكام في قضايا الأمة الكبرى، ومصالحها العظمى.
    4- نظام الحكم وكونه إسلامي مستمد من المصادر (القرآن والسنة) والأصول الشرعية المعتبرة الملزمة للجميع.
    5- وجوب رعاية مصالح الأمة العظمى ودرء المفاسد الكبرى عنها من الحاكم والمحكومين.
    6- اعتبار شرعية المؤسسات القضائية والمدنية والعسكرية في البلاد تبعًا للبيعة والعلماء ونظام الحكم وأهل الحل والعقد، وغير ذلك من الأصول الشرعية المعتبرة.
    7- حفظ الأمن وأنه واجب على الجميع، وأن الإخلال به فساد في الأرض، والدين جاء بحفظ الضروريات الخمس (الدين والنفس والمال والعرض والعقل) ولا يمكن ذلك إلا بالأمن.
    هذه الأصول الكبرى إذا حرَّرت مع الغلاة (ورؤوسهم بخاصة) تميز الحق من الباطل والهوى من الضلال والهوى، وانهدمت ذرائعهم من أصولها.
    وكان للبلاد تجربة في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- حين ظهرت آراء حول الدولة وتصرفاتها وعلاقاتها، بعضها يشبه الآراء المعاصرة، كالموقف الحادّ من الدولة فعولج ذلك أولاً بحوار العلماء بعضهم مع بعض ومع المخالفين، واستقر الأمر على الأصول التي ذكرتها آنفًا، والتي تقوم على البيعة والجماعة والأمن.

    5- أما وسائل العلاج والحوار التي يمكن تفعيلها أو إنشاؤها والمقترحات حول ذلك فمنها:

    أولاً: طرح برامج وخطط علمية مدروسة ومحددة ومبرمجة بعناية لعلاج ظواهر الغلو بالحوار والمناقشة والحجة والتربية والبرامج العلمية والإعلامية والتربوية والاجتماعية قريبة المدى وبعيدة المدى.

    فمن الجانب العقدي والفقهي يجب أن تسهم الجامعات والمؤسسات التربوية كأقسام العقيدة والفقه والكتاب والسنة والثقافة، ومراكز البحث ومراكز خدمة المجتمع، في كل الجامعات، وبخاصة الإسلامية بالمدينة وجامعة الإمام والملك سعود وأم القرى والملك خالد، لأنها كلها توجد فيها تخصصات شرعية قوية ومحترمة، وتُدعم البحوث والدراسات والمواقف الإيجابية بحوافز - فكما وعدت الدولة بجوائز كبيرة لمن يسهم في التعرف على الغلاة يجب أن تعلن مثل ذلك لمن يقنع ويهتدي على يده أحدهم أو فئات منهم كذلك! وهذا أقرب للعافية والسلام ودرء الفتنة ويتبع ذلك:

    ثانيًا: استنهاض همم العلماء والدعاة والمفكرين والمربين للإسهام في حل المشكلة وتخفيف آثارها والحد من انتشارها بأكثر مما هو حاصل وبكل الوسائل المتاحة -والتقصير في هذا حاصل- فمثلاً لا نعرف أي خطوة رسمية جادة في اللقاء المباشر مع أساتذة الجامعات، والقضاة والدعاة من قبل المسؤولين في الدولة -اللهم إلا النادر- للتشاور والتعاون في حل هذه المشاكل الكبرى.

    فيجب على الجميع طرح المشكلة بوسائل الإعلام، ومؤسسات التربية والتعليم، بأسلوب علمي مدروس، لا بما يحصل في بعض اللقاء والبرامج والإسهامات (شبه العفوية) وغير المعدة إعدادًا جيد أو التي غالبًا تكون كما يقول المثل: (إفتح فمك يرزقك الله!).

    ثالثًا: التأكيد على أهل الحل والعقد وعليه القوم في المجتمع في ممارسة دورهم الريادي للانفتاح على الناس وضبطهم بالمرجعية الدينية والقبلية والاجتماعية والرسمية.

    وأول ذلك: العلماء وكبار المسؤولين في كل منطقة يجب لزامًا التأكيد عليهم بفتح أبوابهم للشباب وعامة المجتمع، وأن يخصص كل واحد منهم وقتًا يوميًا أو أسبوعيًا، يستقبل فيه الناس ويحاورهم، ويخصص للشباب المندفع وقتًا يحاورهم ويرفق بهم ويرشدهم، وأشهد أن غالب الشباب المندفع الذي قد يتعاطف مع الغلاة مستعدون للرجوع للحق، إذا تم حوارهم برفق وسعة صدر وحلم وتذكير بالأصول الشرعية، وهذا مجرب وناجح، لكن العلماء غالبًا مشغولون عن هذه المهمة، فانصرف كثير من الشباب إلى الفضائيات والإنترنت ودعاة السوء والفتنة والتيارات المعادية، والله حسبنا ونعم الوكيل.

    وأرى أن يكون ذلك بتكليف رسمي من ولاة الأمر.

    رابعًا: يجب إنشاء مراكز وجمعيات ومؤسسها متخصصة رسمية وغير رسمية تعنى بهذه الأمور يكون فيها باحثون ومتخصصون متفرعون يعكفون على البحث والدراسة والحوار، وتوفر لهم الإمكانات اللازمة والوسائل العلمية والإعلامية وغيرها.

    خامسًا: حبذا لو يكون في أجهزة الدولة ومؤسساتها المعنية مراكز وإدارات متخصصة في العقيدة والفكر والتيارات المعاصرة كالداخلية -والشورى- والتربية والتعليم، وللتعليم العالي، والثقافة والإعلام، و الصحف، والعمل والشؤون الاجتماعية، والشؤون الإسلامية، والإفتاء، وما كان موجودًا منها يطوَّر ويفعَّل ويدعم ليؤدي الدور الواجب في هذه الظروف.

    سادسًا: توسيع دائرة الفتوى والمفتين نوعًا وكمًا وكيفًا، وإنشاء دوائر للفتوى في كل المناطق واسعة الصلاحيات كبيرة الإمكانات تتصدى لحاجات المجتمع ومشكلاته وإشكالاته الكبيرة والكثيرة والخطيرة، وكذلك الدعوة والشؤون الإسلامية.

    فالناس في هذه البلاد لا تزال ثقتهم بعلمائهم جيدة رغم ما حدث لها من صدع كبير، لكن لم تتوفر للعلماء الإمكانات والوسائل المتطورة لسدد حاجة الناس، ولا يزال عدد الذين يسمح لهم بالفتوى على نطاق إعلامي محدود جدًا.

    سابعًا: كبار المسؤولين من المدنيين والعسكريين بحاجة ملحة إلى دورات مركزة في أصول الدين وثوابته ومسلَّماته، وأصول الغلو واتجاهاته، والقواعد الشرعية حول الحاكم والبيعة والسمع والطاعة والجماعة، وضروريات الأحكام، ونحو ذلك مما يؤدي الجهل به إلى الاستهانة والاستهجان لمقام المسؤول والحط من قدره.

    ثامنًا: مهم جدًا التأكيد (مرة أخرى) على التفريق بين أحكام الدين في الجهاد بشروطه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاء والبراء بضوابطهما الشرعية، وبين التشدد والغلو والتطرف الذي يحدث باسم هذه الأصول الشرعية العظيمة؛ لأن الخلط وتجاوز هذه الأصول من قبل البعض والتنكر لها من بعض وسائل الإعلام والكتَّاب يؤدي إلى استفزاز الناس، ويتذرع به أهل الفتنة والغلو.

    تاسعًا: أهمية تفعيل دور رئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والارتقاء بمستواها من حيث الوظائف والإدارة، والوسائل والإمكانات والدراسات.
    بحيث يُنهض بها كما كان الأمر في هيئة التحقيق والادعاء التي وصلت إلى مستوى مشرِّف وأداء متميز وحققت للدولة والمجتمع خدمات مشكورة... وهكذا يجب أن تكون الهيئات... وهذا مما سيقضي على كثير من دعاوى الغلاة.

    عاشرًا: حول الفئة الغالية واستصلاحها:

    أغلب أفراد الغلاة من المتدينين ذوي العاطفة والغيرة والحماس، لكنهم ينقصهم عمق الفقه، والحكمة والصبر والتجارب، واستهوتهم التيارات والأهواء وأرى حيالهم:

    أ - الحوار المباشر ما أمكن من قبل العلماء والدعاة والدولة، ولو في السجون وأظن ما أعلنه علي الخضير وناصر الفهد كان نتيجة حوار متميز.

    ب- توجيه رسائل وبحوث علمية مؤصلة (ومطويات) تطرح بكل الوسائل المتاحة لاسيما الإنترنت، وتكون من متخصصين جديرين، وتعالج القضايا الكبرى بأسلوب ميسر، ويتبع ذلك:

    جـ- الإكثار من الإصدارات والندوات والدورات والمحاضرات واللقاءات في علاج الغلو، وأن تكون هناك برامج ثابتة في الإعلام لاسيما -إذاعة القرآن- لأن بعض الغلاة يسمعونها وكذلك قناة المجد.

    د - الإسراع بالإذن للجمعيات الخيرية والمؤسسات التطوعية لأنها تستوعب كثير من طاقات الشباب وتسد فراغهم وتمتص عواطفهم.

    هـ- يجب تسديد وتهذيب الخطاب الديني الرسمي وشبه الرسمي في قرارات الدولة وبياناتها ووسائل الإعلام؛ لأن أغلب صياغات الخطاب الديني وأساليبه غير جيدة ولا محترمة، وبعضها يسير السخرية، ولذا أقترح أن لا يصد خطاب أو بيان رسمي أو قرار لـه علاقة بالشرع والدين حتى يعرض على مستشارين شرعيين.

    و- كما تجدّ الدولة والعلماء والمفكرين في معالجة مظاهر الغلو والعنف - يجب بالمقابل الجد في معالجة المظاهر المعاكسة من الطعن في العقيدة والأخلاق والسلف الصالح، من قبل بعض مرضى القلوب والعقول في صحفنا المحلية، الذين يستفزون كل مسلم عادي فضلاً عن المتدين والغيور. وأظنه من الضحك على الذقون أن يكون الأمر مجرد تبديل رئيس التحرير، كما يكون في جريدة الوطن التي تعد أكبر مغذي للعنف بإيوائها لكتاب ومقالات تخالف بدهيات الدين، وصحف أخرى كذلك. وهذا مما يؤكد وجود متخصصين في هذه الأمور في الصحف المحلية ووسائل الإعلام.

    الحادي عشر: أمور يحسن التنبه لها في معالجة الغلو أو ما يسمى (التطرف الديني).

     أن أعظم سبب لوجود التطرف في العصر الحاضر، هو التطرف المعاكس في رفض الدين أو التساهل والإعراض عنه وعدم الجدية في علاج النوعين بتوازن.
     يجب في هذه الحال التفريق (بوضوح) بين التمسك بالدين والسنة (وهو حق) وبين الغلو والتطرف (وهو باطل).
     أن الغلو (التطرف الديني) لا يمكن علاجه علاجًا حاسمًا إلا بأمرين، وهما:

    1- الحوار الجاد والمجادلة بالتي هي أحسن، ومن خلال النصوص الشرعية والقواعد المعتبرة من قبل الراسخين والمتخصصين الذين يحترمهم المحاور ويعترف بجدارتهم.

    2- ثم الجد والحزم في معالجة أسباب الغلو، بعد إقامة الحجة وكشف مواطن الانحراف بجلاء.
     أن أكثر ما يثيره أهل الغلو (التطرف الديني) مبني على أوهام وظنون وشائعات، وتلبيس، ثم أدى ذلك إلى التهاجر والقطيعة بينهم وبين العلماء والمفكرين ورجال الدولة.

    فالحل هو كشف الحقائق، والشفافية والحوار الجاد واللقاء المباشر وفتح الأبواب بضوابط.

     يجب أن تضبط التعددية (وحرية) الرأي التي ظهرت الدعوة إليها أخيرًا بالضوابط الرعية؛ بحيث تكون التعددية في الاجتهادات لا في العقيدة والمسلَّمات والثوابت، ولا تكون ترويجًا للفرق والبدع والأهواء؛ فالبلد بلد الإسلام والسنة ويجب أن تبقى كذلك.

    وأرى أن تجاوز هذه الثوابت من قبل بعض الجاهلين كان من أسباب تصاعد الغلو وذرائعه

    والنقل
    http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=127
    avatar
    ام محمد زينب محمد
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    انثى عدد الرسائل : 445
    العمر : 44
    البلد : مصر
    العمل : طالبة علم
    شكر : 4
    تاريخ التسجيل : 22/05/2009

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty صور من الغلو

    مُساهمة من طرف ام محمد زينب محمد 23.07.09 10:51



    بسم والحمد لله والصلاه والسلام علي رسول الله وعل اله وصحبه ومن

    والاه


    أما بعد

    قال تعالى

    ( وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )
    سورة "البقرة" الآية (143)

    وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :

    ( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحدا إلا غلبه )
    رواه البخارى ومسلم

    قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله تعالى :

    ( فيه ) النهي عن التشدد في الدين .

    وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى :

    والمعنى : لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية؛ ويترك الرفق إلا عجز وانقطع ؛ فيغلب .

    ويقول الشيخ السعدى - رحمه الله تعالى :
    ما أعظم هذا الحديث وأجمعه للخير والأصول الجامعة والوصايا النافعة؛
    فمن قاوم هذا الدين بشدة وغلو ولم يقتصد؛ غلبة الدين ؛ واستحسر ورجع القهقرى"
    انتهى كلامهم رحمهم الله

    أجل ..


    فقد جعل الله لكل شئ حداً؛ متى تجاوزه الإنسان كان إفراط ، ومتى قصر عنه كان تفريطا؛


    وهنا أنقل لكم كلاماً نفيساً يكتب بماء العيون للإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - حيث قال :

    للأخلاق حدّ متى تجاوزته صارت عدوانا ؛ ومتى قصرت عنه كان نقص ومهانة :

    فللغضب حدّ :

    وهو الشجاعة المحمودة ؛ فإذا جاوز حده تعدى صاحبه وجار، وإن نقص عنه؛ جبن ولم يأنف من الرذائل

    وللحرص حدّ :

    وهو الكفاية في أمر الدنيا وحصول البلاغ منها؛ فمتي نقص من ذلك كان مهانة واضاعة؛ ومتى زاد عليه كان شرها ورغبه فيما لا تحمد الرغبة فيه .

    وللحسد حدّ :

    وهو المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه أحد؛ فمتى تعدى ذلك صار بغيا وظلما يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على ايذائه؛ ومتى نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همه وصغر نفس

    وللشهوة حدّ :

    وهو راحة القلب والعقل من كدّ الطاعه؛ واكتساب الفضائل والاستعانة بقضائها على ذلك؛ فمتى زادت على ذلك صارت نهمة وشبقا
    والتحق صاحبها بدرجة الحيوانات؛ ومتى نقصت عنه كانت ضعفا وعجزا ومهانة .

    وللراحة حدّ :

    وهي إجمام النفس للاستعداد للطاعه؛ فمتى زاد على ذلك صار توانياً وكسلاً وإضاعة وفات به أكثر مصالح العبد؛ ومتى نقص عنه صار مضرا بالقوي وموهنا لها .

    والجود له حدّ

    بين طرفين ؛ فمتى جاوز حده صار اسرافا وتبذيرا؛ ومتى نقص عنه كان بخلا وتقتيرا

    وللشجاعة حدّ :

    إذا جاوزته صار تهورا ؛ ومتى نقصت عنه صار جبناً وخوراً .

    والغيرة لها حدّ :

    إذا جاوزته صارت تهمه وظنا سيئ بالبرئ؛ واذا قصرت عنه كانت تغافلا ومبادئ دياثة

    وللتواضع حدّ :

    إذا جاوزه كان ذلا ومهانة ؛ ومن قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر

    وللعز حدّ :

    إذا جاوزه كان كبرا وخلقا مذموما ؛ وان قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة

    فمن أجل ذلك كان أشرف العلوم وأنفعها علم الحدود ؛ ولاسيما حدود المشروع المامور والمنهي ؛


    فأعلم الناس :
    أعلمهم بتلك الحدود؛

    فأعلم الناس
    أعلمهم بتلك الحدود حتى لا يدخل فيها ما ليس منها ولا يخرج منها ما هو داخل فيها "

    "الفوائد(1/141)

    قلت :

    وعليه .. اعدل الناس : من قام بحدود الشرعيات المشروعات؛ قياما وسطا لا إفراط فيها ولا تفريط
    دون شطط أو وكس، في اتباع لا ابتداع فيه .

    وبالله التوفيق

    رزقني الله وإياكم أخلص الأعمال وأصوبها



    اااااااااامين


    كتبته

    راجية عفو ربها

    أم محمد زينب بنت محمد


    غفر الله تعالى لها ووالديها ومشايخها والمسلمين
    [/center]
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 25.07.09 12:38


    ( الغلو ) كما يكون في التشدد يكون في التساهل !
    فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان :

    الحمد لله ، وبعد :

    فقد كثرت الحملات والإستنكارات على الغلو في الدين ، وهي حملات وإستنكارات بحق ، لأن الغلو في الدين منهي عنه في الكتاب والسنة والإجماع .

    قال تعالى :
    ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾

    وفي الآية الأخرى :
    ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ ﴾

    وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
    ( وإياكم والغلو ؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ) .

    والغلو في الدين
    هو الزيادة عن الحد المشروع فيه

    وقد يكون غلوًا في العبادة

    كحال الثلاثة الذين قال أحدهم : أصلي ولا أنام ، وقال الثاني : أصوم ولا أفطر ، وقال الثالث : لا أتزوج النساء .


    ويكون غلوًا في الأحكام

    بأن يجعل المستحب بمنزلة الواجب
    ويكون غلوًا بالحكم على مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك بالكفر والخروج من الملة
    وقد يكون غلوًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ كغلو المعتزلة بخروجهم على ولاة أمور المسلمين بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    وكالغلو في التحليل والتحريم بأن يحرم الحلال أو يحلل الحرام .

    فالغلو في الدين بجميع أنواعه محرم ،


    وقد يخرج من الدين ، ويسبب الهلاك كما أهلك من كان قبلنا ولا أحد يشك في ذلك ممن أتاه الله الفقه في الدين والبصيرة في الأحكام ؛ فأنزل الأمور في منازلها .

    ولكن هناك من هو على النقيض من غلو الزيادة في الدين ؛ فهناك من غلا في التساهل والتسامح في الدين ، ولا شك أن ديننا دين السماحة ورفع الحرج والإعتدال ، ولكن يجب أن يكون هذا التسامح في حدود ما شرعه الله من الأخذ بالرخص الشرعية عند الحاجة إليها


    والدين كله ولله الحمد ليس فيه أصار ولا أغلال :
    ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ .
    ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ .
    ﴿ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ﴾ .

    ولكن الغلو في التسامح يكون بالخروج عما شرعه الله ، وهذا لا يسمى تسامحًا ؛ وإنما هو الحرج نفسه ، فإلغاء أصل الولاء والبراء في الإسلام والتسوية بين المسلم والكافر بحجة التسامح ، وإلغاء تطبيق نواقض الإسلام على من انطبقت عليه كلها أو بعضها ، والتسوية بين الأديان ؛ كالتسوية بين الإسلام واليهودية والنصرانية بل بين الأديان كلها من وثنية وإلحادية ، والقول بأن لا إله إلا الله لا تقتضي الكفر بالطاغوت ولا تنفي ما عدا الإسلام من الأديان الباطلة كما تفوه به بعض الكُتاب في بعض صحفنا المحلية كل هذه الأمثلة غلو في التساهل والتسامح ؛ يجب إنكاره .


    كما يجب إنكار الغلو في الزيادة في الدين ؛ بل قد يكون الغلو في التسامح والتساهل أشد خطرًا من الغلو بالزيادة في الدين ، لأن الغلو في التساهل والتسامح إلى حد يجعل الدين الكافر مساويًا للدين الحق كفر بإجماع المسلمين بخلاف الغلو في الزيادة ؛ فإن كثيرًا من العلماء يرى أنه ضلال ولا يصل إلى حد الكفر .


    وقد ذكر العلماء أن من نواقض الإسلام من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره . فعلى من وقع في هذه الزلات الخطرة : أن يتبصر في أمره ويراجع الصواب ؛ فإن الرجوع إلى الحق فضيلة ، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل .


    وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح .

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

    والنقل
    http://www.sahab.net/home/index.php?Site=News&Show=545
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.01.10 10:53

    الغلو حرمته و خطره


    هذا جزء لطيف مهم من كتاب [ الغلو ومظاهره في الحياة المعاصرة عرض ونقد ] راجعه وقدم له العلامة الجليل أحمد بن يحيى النجمي و هو من تأليف الشيخ الفاضل : علي بن يحيى الحدادي .




    الغلو
    حرمته و خطره






    تعريف الغلو:
    الغلو لغة: مجاوزة الحد، ومنه غلا السعر، وغلا القدر.
    قال ذو الرمة:ويزداد حتى لم نجد ما نزيدها [1]
    وما زال يغلو حب (ميّة) عندنا .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والغلو مجاوزة الحد بأن يزاد الشيء في حمده أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك[2]

    والغلو في الشرع: مجاوزة الحد الشرعي.
    ويقابل الغلو: التقصير.
    وكلاهما مذموم، وخير الأمور الوسط.
    قال مطرف بن عبدالله: الحسنة بين سيئتين.
    وقال الشاعر :

    وأوف ولا تستوف حقك كله *** وصافح فلم يستوف قط كريم
    ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد *** كلا طرفي قصد الأمور ذميم

    وقال آخر :

    عليك بأوساط الأمور فإنها ** نجاة ولا تركب ذلولاً ولا صعبا





    وقيل الغلو:
    مجاوزة الحد بالإفراط أو التفريط، فجعل النصارى عيسى ابن مريم إلهاً غلو، كما أن تفريط اليهود في حقه حتى جعلوه ابن زنا غلو أيضاً وإليه ذهب القرطبي في تفسيره رحمه الله[3]


    حرمة الغلو وخطره:



    دين الإسلام دين وسط بين الإفراط والتفريط، فهو الصراط المستقيم، وقد جاءت النصوص الشرعية في الكتاب والسنة تأمر بلزوم الطريق الوسط، وتنهى عن الغلو باسم الغلو مباشرة، أو بما يدل عليه كالنهي عن الاعتداء، وعن الطغيان، وعن التنطع، وعن التعمق، وعن التشديد .
    ومن تلك النصوص ما يلي:
    1- يقول تعالى ({يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ } (171) سورة النساء)
    2- ويقول تعالى ({قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} (77) سورة المائدة).
    فهاتان الآيتان فيهما نهي أهل الكتاب عن الغلو في الدين، وكل خطاب موجه لأهل الكتاب في القرآن الكريم بأمر أو نهي فالمقصود به هذه الأمة لأنها هي المخاطبة بهذا الكتاب أصلاً، فإذا نهاهم الله عن الغلو فنحن منهيون عنه من باب أولى.
    وكان عند أهل الكتاب أنواع من الغلو ومنها الغلو في بعض المخلوقين كما غلت النصارى في عيسى وأمه، وكما غلت اليهود في عزير، وفي العجل، وكان عندهم غلو في التعبد وهو عند النصارى حيث ابتدعوا رهبانية ما أنزل الله بها من سلطان. إلى غير ذلك من صور الغلو.
    وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة ستتبع اليهود والنصارى في ضلالتهم حذو القذة بالقذة، فدل على أنه سيقع فيها الغلو كما وقع فيهم وهذا الواقع فنهيهم عن الغلو نهي لنا.
    3- وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (87) سورة المائدة
    4- وقال تعالى {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (112) سورة هود
    هاتان الآيتان يؤخذ منهما النهي عن الغلو لأن الاعتداء هو مجاوزة الحد الشرعي، وهذا معنى الغلو، وكذا الطغيان مجاوزة الحد، فالآيتان تأمران بالاعتدال والتوسط، والاستقامة وتنهيان عن الغلو.

    وأما الأحاديث فمنها:
    1- حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته: "هات التقط لي. فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: بأمثال هؤلاء. بأمثال هؤلاء. وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) رواه النسائي، وابن ماجه [4]واللفظ للنسائي وإسناده صحيح .
    فهذا الحديث من أصرح الأدلة في النهي عن الغلو في الدين كله، فإنه وإن كانت المناسبة النهي عن المبالغة في حصى الجمار إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه بلفظ عام يشمل النهي عن الغلو في كل أبواب الدين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (وقوله : "وإياكم والغلو في الدين" عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقاد والأعمال) [5]

    وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي أهلك من كان قبلنا من الأمم الغلو في الدين، ومما يبينه أن هلاك قوم نوح كان بسبب غلوهم في الصالحين حتى عبدوهم من دون الله، وسبب هلاك اليهود غلوهم في عزير وفي العجل وغلوهم في جانب التفريط حتى قتلوا الأنبياء، وحرفوا الكتب المنزلة، وكان سبب هلاك النصارى غلوهم في عيسى بن مريم وأمه، وابتداعهم شرائع وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان. وسبب هلاك أكثر من هلك من هذه الأمة بسبب الغلو، إما في مسائل الأسماء والصفات[6] ، أو في الصالحين، أو في الحكم على الناس إلى غير ذلك من أسباب الهلاك التي مرجعها إلى الغلو إما في الإفراط وإما في التفريط .

    2- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً. رواه مسلم[7]
    وعند أبي داود (ألا هلك المتنطعون قالها ثلاثاً)[8]
    قال النووي : أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم.[9]
    قلت وقوله (هلك المتنطعون) هو كقوله صلى الله عليه وسلم (إنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) سواء بسواء، كل منهما يصدق الآخر ويؤكده.

    3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) البخاري[10]

    4- وعن عبد الله بن عمرو قال: كنت رجلا مجتهداً فزوجني أبي ثم زارني فقال للمرأة كيف تجدين بعلك؟ فقالت: نعم الرجل من رجل لا ينام ولا يفطر. قال فوقع بي أبي ثم قال: زوجتك امرأة من المسلمين فعضلتها؟! فلم أبال ما قال لي مما أجد من القوة والاجتهاد إلى أن بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لكني أنام وأصلي وأصوم وافطر فنم وصل وأفطر وصم من كل شهر ثلاثة أيام. فقلت يا رسول الله: أنا أقوى من ذلك قال فصم صوم داود صم يوما وأفطر يوما واقرأ القرآن في كل شهر قلت يا رسول الله أنا أقوى من ذلك قال اقرأه في خمس عشرة قلت يا رسول الله أنا أقوى من ذلك قال حصين فذكر لي منصور عن مجاهد أنه بلغ سبعا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك"
    فقال عبد الله : لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن يكون لي مثل أهلي ومالي وأنا اليوم شيخ قد كبرت وضعفت وأكره أن اترك ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه ابن خزيمة[11]
    وفي رواية:(إن لكل عمل شرة وإن لكل شرة فترة فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح ومن كانت شرته إلى غير ذلك فقد هلك) أخرجه ابن حبان[12]، وإسناده صحيح وله شواهد عن جمع من الصحابة. وفي رواية: ( تلك ضراوة الإسلام وشرته ولكل ضراوة شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى اقتصاد وسنة فلأم ما [13] هو ومن كانت فترته إلى المعاصي فذلك الهالك) رواه أحمد[14]

    5- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لهذا القرآن شرة وللناس عنه فترة فمن كانت فترته إلى القصد فنعما هي ومن كانت فترته إلى الإعراض فأولئك هم بور) رواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب، ورواه ابن حبان وأبو يعلى [15] .
    وقوله (شرة) الشرة : بكسر الشين المعجمة وتشديد الراء أي حرصا على الشيء ونشاطاً ورغبة في الخير أو الشر.
    وقوله (لكل شرة فترة) الفترة بفتح الفاء وسكون التاء أي وهنا وضعفاً، أي من سلك طريق التوسط والاعتدال نجا وأفلح لأنه يمكنه الدوام على ما ابتدأ من العمل ، ومن غلا واشتد أولاً ثم فرط و أعرض أو أفرط فجاوز الحد الشرعي فقد هلك.
    6- عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك فإن المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى فاعمل عمل امرىء يظن أن لن يموت أبدا واحذر حذرا يخشى أن يموت غدا) رواه البيهقي [16] وسنده ضعيف لكن قوله (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق) حسن بشواهده .

    7- وعن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين) رواه البيهقي، والخطيب في شرف أصحاب الحديث واللفظ له، وأخرج عن أحمد تصحيحه، وصحح الحافظ العلائي بعض طرقه [17] .

    8- وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم، و كل غال مارق) رواه الطبراني في الكبير والأوسط وقال المنذري، والهيثمي: رجاله ثقات أي رجال المعجم الكبير وحسنه الألباني، وله شاهد من حديث معقل بن يسار عند الطبراني وابن أبي عاصم في السنة [18] .




    الهامش : .........................................


    [1] - انظر لسان العرب (15/134) مادة (غلا).
    [2] - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/328).
    [3] - انظر الجامع لأحكام القرآن (6/21).
    [4]- سنن النسائي الكبرى(2/ 435ح 4049) ، سنن ابن ماجه (2/1008ح 3029)
    [5] - اقتضاء الصراط المستقيم (1/328).
    [6] - من الفرق من غلا في الإثبات حتى شبه الله بالخلق، ومنهم من غلا في التنزيه حتى نفى عن الله ما وصف به نفسه ووصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم .
    [7]- صحيح مسلم (4/2055ح2670)
    [8]- سنن أبي داود (5/193ح 4600).
    [9]- شرح النووي على صحيح مسلم (16/220).
    [10]- صحيح البخاري (1/23ح39).
    [11]- صحيح ابن خزيمة (3/293ح1105)
    [12]- صحيح ابن حبان (1/187ح11).
    [13] - فلأم ما : قال السندي: الظاهر أن الأم بضم الهمزة وتشديد الميم بمعنى الأصل وما للإبهام قصد به إفادة التعظيم أي فهو إلى أصل عظيم رجع، وقيل بفتح الهمزة بمعنى قصد الطريق المستقيم.
    [14]- مسند أحمد بن حنبل (2/165ح6539).
    [15] - سنن الترمذي ح 2455 صحيح ابن حبان ح343 مسند أبي يعلى (11/434ح 6557).
    [16]- سنن البيهقي الكبرى (3/19)
    [17] - سنن البيهقي (10/209). شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ص (29). وقول العلائي نقله العلامة الألباني في مشكاة المصابيح (1/83ح 248).
    [18] - المعجم الكبير (8/378ح8079). المعجم الأوسط (1/200ح640) الترغيب والترهيب (3/138ح3401). مجمع الزوائد (5/235) السلسلة الصحيحة ح (471).


    والنقل
    لطفا من هنا
    http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=375158

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 15.06.10 8:53

    في هذه الدراسة يوضح الشيخ صالح الفوزان معنى الغلو وصوره ويوضح في مقابل ذلك التساهل الذي يؤدي الى التفريط فيما ينبغي الحرص عليه ويؤكد ان من يوكل اليهم الامر في تحديد مفاهيم الغلو والتساهل هم العلماء المختصون ..

    فبدأ حديثه عن الغلو، قائلاً:

    "الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهديه وتمسك بسنته وسار على نهجه اما بعد: فان الله امر بالاستقامة والاعتدال ونهى عن الغلو والانحلال فقال سبحانه لنبيه والمؤمنين معه: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولاتطغوا إنه بما تعملون بصير} فالامر بالاستقامة من غير طغيان, والطغيان هو الغلو الذي يخرج عن الاستقامة, كما انه نهى عن التساهل والاخلال في امور الدين بالنقصان منه فقال سبحانه: {فاستقيموا اليه واستغفروه} اي اطلبوا منه المغفرة لما يقع منكم من تقصير ومن إخلال بالاستقامة بالنقص من اتباع اوامره واجتناب نواهيه لان الانسان محل الخطأ والتقصير فهو بحاجة الى الاستغفار من ذلك, وهذه الامة وسط بين تساهل اليهود وغلو النصارى في العبادة قال تعالى: {وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} والتساهل قد يكون بترك الواجبات وفعل المحرمات واتباع الشهوات, والغلو هو الزيادة في التدين عن الحد المشروع مأخوذ من: (غلا القدر اذا ارتفع ماؤه وفار بسبب شدة الحرارة) ويقال: غلا السعر اذا ارتفع عن الحد المعروف, والغلو قد يكون في الاشخاص بأن يرفعوا فوق منزلتهم ويجعل لهم شيء من حق الله في العبادة كما غلت النصارى في المسيح عليه السلام فقالوا: هو ابن الله او هو الله او ثالث ثلاثة فعبدوه مع الله, ولهذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم:(لاتطروني كما اطرت النصارى ابن مريم انما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله) وكما غلا قوم نوح في الصالحين فعبدوهم من دون الله: (وقالوا لاتذرن آلهتكم ولاتذرن ودا ولاسواعا ولايغوث ويعوق ونسرا) وهذه اسماء رجال صالحين كانوا فيهم ولهذا نهى نبينا صلى الله عليه وسلم امته من الغلو في الصالحين والبناء على قبورهم واتخاذ قبورهم مساجد لان هذا يؤول الى عبادتهم من دون الله كما نشاهده اليوم من بناء لأضرحة على القبور وعبادة الاموات من دون الله والاستغاثة بهم في الشدائد, وقد يكون الغلو في عبادة الله والتقرب اليه ولهذا قال تعالى: {يا اهل الكتاب لاتغلوا في دينكم غير الحق ولاتتبعوا اهواء قوم قد ضلوا من قبل أو أضلوا كثيرا او ضلوا عن سواء السبيل} ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ان ثلاثة نفر قال احدهم انا اصلي ولا انام, وقال الثاني: انا اصوم ولا افطر, وقال الثالث: انا لا اتزوج النساء غضب النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ من فعلهم واستنكر ذلك وقال: (اما انا فأصلي وانام, واصوم وافطر, واتزوج النساء, ومن رغب عن سنتي فليس مني) وقد يكون الغلو في الحكم على اصحاب الذنوب الكبائر التي هي دون الشرك فيحكم على اصحابها بالكفر والخروج من الملة كما فعلت الخوارج من هذه الامة فكفروا اصحاب الكبائر التي هي دون الكفر والشرك وكما قال رجل ممن كان قبلنا لرجل يراه يرتكب بعض الذنوب فقال: والله لايغفر الله لفلان. فقال الله تعالى: (من ذا الذي يتألى علي ان لا اغفر لفلان اني قد غفرت له واحبطت عملك) وقد يكون الغلو في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما حصل من الخوارج والمعتزلة حين غلوا في الانكار على ولاة المسلمين فخرجوا عن طاعتهم وحملوا السلاح لقتالهم وشقوا عصا الطاعة وفرقوا الجماعة مما ترك آثارا سيئة على الامة.

    وقد يكون الغلو في التقليد الفقهي والحزبي وذلك بالتعصب لآراء الائمة حتى تجعل كأنها وحي منزل لايجوز العدول عنها الى الرأي الصحيح الراجح بالدليل كما هو حاصل لمن متعصبة الفقهاء, ومن قادة الحزبيين اليوم الذين يتعصبون لجماعاتهم وحزبياتهم ويحذرون ممن سواهم وان كان من سواهم على الحق, وقد يكون الغلو في الولاء والبراء فيظن اهل الغلو ان البراءة من الكفار تعني تحريم التعامل معهم فيما اباح الله مما فيه منفعة بدون مضرة ولا تنازل عن شيء من الدين وانها تعني الاعتداء على المعاهدين منهم والمستأمنين بتفجير مساكنهم وسفك دمائهم وقتل عوائلهم واتلاف اموالهم متناسين قوله صلى الله عليه وسلم: (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة) وقوله تعالى: {وان احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه} وقوله تعالى: {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ان لاتعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى}"

    إلى أن قال الشيخ موضحاً آثار الغلو:

    "ان الغلو داء خطير, وشر مستطير له آثار قبيحة منها:

    1- انه يجر الى الشرك بالله وذلك كالغلو في الاشخاص فانه يفضي الى عبادتهم من دون الله كما حصل لقوم نوح لما غلوا في الصالحين, وكما حصل للنصارى لما غلوا في المسيح, وكما حصل لعباد القبور من هذه الامة لما غلوا في الاولياء والصالحين فأصبحت قبورهم اوثانا تعبد من دون الله في كثير من البلاد حتى آل الامر الى أن من انكر ذلك يعد من الغلاة الذين يكفرون المسلمين.

    2- انه يحمل على تكفير المسلمين وسفك دمائهم كما حصل للخوارج من هذه الامة حتى قتلوا خيارها كعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وكثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    3- انه يحمل على الخروج على ولي امر المسلمين وشق عصا الطاعة وتفريق كلمة المسلمين كما حصل ويحصل من الخوارج على مدار التاريخ, وقد امر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل من يفعل ذلك في قوله: (من جاءكم وامركم جميع على واحد منكم يريد تفريق جماعتكم فاقتلوه كائنا من كان).

    4- انه يزهد في السنة والوسطية والاعتدال وباعتبار ذلك تساهلا في الدين والعبادة كما في قصة الثلاثة الذين تقالوا عمل النبي صلى الله عليه وسلم.

    5- انه يحمل على القنوط من رحمة الله كما حصل من الذي قال: (والله لايغفر الله لفلان).

    6- انه يسبب الانقطاع عن العمل الصالح, وقد يحمل على الزيغ والانسلاخ من الدين فان النفس تضعف مع شدة العمل وقد تعجز او تمل من العمل فتتركه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم عن المتشدد في الدين: (كالمنبت لاظهرا ابقى ولا ارضا قطع) وقد رأينا من هذا نماذج في وقتنا الحاضر."

    ثم تحدث الشيخ عن مقابل الغلو، وهو التساهل قائلاً:

    "هذا ويقابل الغلو في خطورته وشره التساهل في ميوعته وضرره فالتساهل في امور الدين لايقل خطورة عن الغلو بل هو شر منه ولهذا قال تعالى: {والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما} وقال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا الا من تاب وعمل صالحا} فالمتساهلون يصفون المتمسكين بالدين والوسطية بأنهم متشددون وغلاة ومتطرفون ويرون الاباحية والتحلل من الدين والاخلاق تقدما ورقيا وحضارة ويقولون ان التمسك بالدين فيه كبت للحريات وعائق عن الانطلاق مع الحضارة العالمية, وربما يقول بعضهم الدين يسر يريد بذلك التحلل من شرائعه ونقول: نعم الدين يسر في تشريعاته ورخصه الشرعية فهو يشرع لكل حالة ما يناسبها من حالة المرض والسفر والخوف والضرورة لا انه يسر في التحلل من احكامه فهذا ليس يسرا وانما هو حرج وإثم والنبي صلى الله عليه وسلم (ما خير بين امرين الا اختار ايسرهما مالم يكن إثما) فالتيسير الذي يوقع في الاثم خروج عن سمات الدين وهديه, وشرور الانحلال من الدين اشد من شرور الغلو فيه وهؤلاء الجهال والمغرضون ليسوا هم الذين يبينون معنى الغلو وانما الذين يبينون حدود الغلو والتطرف هم العلماء الاتقياء الراسخون في العلم على ضوء الكتاب والسنة لا الصحفيون واصحاب الشهوات والجهال او المتعالمون او اهل الضلال والله جل وعلا يقول: {فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون} ويقول جل وعلا: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون انما يتذكر اولوا الالباب} فمتى خرجنا عن بيان اهل العلم الى بيان اهل الاهواء واهل الضلال امعنا في الضلال والخطأ واننا اليوم نسمع ونقرأ في وسائل الاعلام المختلفة اقوال من يتكلمون في امور الدين وامور الغلو والتساهل وهم لايحسنون القول في ذلك اما عن قصد سيئ واما عن سوء فهم يقولون حسب اهوائهم {ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن} فيصفون التمسك بالدين بأنه تشدد ويصفون المتمسكين بالدين وبالعقيدة الصحيحة بأنهم متطرفون وغلاة - وهكذا فالغالي يرى ان المعتدل متساهل والمتساهل يرى المعتدل غاليا ومتشددا - والحمد لله ان الله لم يجعل هؤلاء ولا هؤلاء هم الذين يحكمون في هذا الباب وتقبل اقوالهم وانما وكله الله الى العلماء الراسخين المعتدلين في حكمهم على ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح لان الحكم بالغلو او بالتساهل حكم شرعي تترتب عليه آثاره فلا يتولاه كل من هب ودب على حسب هواه لان ذلك قول على الله وعلى رسوله بغير علم او بهوى - والعلماء - ولله الحمد قد بينوا هذا ووضعوا ضوابطه قديما وحديثا في كتب العقائد وفي كتب الفقه والواجب ان يقرر ويدرس هذا الحكم الشرعي بضوابطه للطلاب في المدارس وحلق العلم".

    نسأل الله ان يصلح شأن الاسلام والمسلمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين.

    والنقل
    لطفا من هنا
    http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=306479
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) Empty رد: صور من الغلو ( نودّ المشاركة )

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 03.08.10 10:24

    بـراءة مـنهـج السـلـف مـن الغـلـو


    صور من الغلو ( نودّ المشاركة ) 470674
    للشيخ علي بن يحيى الحدادي حفظه الله تعالى


    تعرض المنهج السلفي - والمتمثل فيما يسميه خصومه بالوهابية - إلي حملات تشويهية مغرضة لصرف جمهور الأمة عنه ، ولاستعداء الأنظمة والحكومات عليه ، وكان من أبرز ما طعنوا به عليه انه منهج غالٍ لاسيما في أحكامه علي الآخرين ، ونسبوا إليه ما يجري في العالم اليوم من العمليات الإرهابية.

    واشتد طعنهم علي شيخ الإسلام ابن تيمية ، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ، وعلى كتب ومؤلفات أئمة الدعوة كمجموع " الدرر السنية ".


    ومما نسبوه إلي المنهج السلفي: الغلو في التكفير ، والغلو في سفك الدماء ، وهما تهمتان باطلتان والذين رموا بها هذه الدعوة المباركة هم أحق بها وأهلها ، فهم المكفرون لأهل التوحيد بالتوحيد وهم المستحلون لدمائهم وما استحلوها إلا بإخلاصهم الدين لله ، وهذا من أعظم ما يكون من الضلال في باب التكفير.

    وما أحسن ما قاله الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله- في رده علي عثمان بن منصور- وكان ممن أشاع أمثال هذه الفرى على أئمة الدعوة وأتباعها فرد عليه بقوله-: "وأما ابن منصور وشيعته فهم أقرب الناس شبهاً بالخوارج ، بل هم أعظم , لتكفيرهم المسلمين بالتوحيد وهو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له ، فمن كفّر المسلمين بالتوحيد فهو أعظم بدعة من الخوارج .



    كما قال العلامة ابن القيم- رحمه الله- تعالي:

    من لي بمثل خوارج قد كفّروا *** بالذنب تأويلاً بلا برهان


    ولهم نصوص قصروا في فهمها *** فأتوا من التقصير في العرفان


    وخصومنا قد كفرونا بالذي *** هو غاية التحقيق والبرهان" اهـ.





    والي القاريء نماذج من تُهم خصوم الدعوة أو من لبس عليهم ، ثم مقارنة هذه التهم بأقوال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب نفسه- رحمه الله -:

    - يقول ابن عابدين" كما وقع في زماننا من أتباع عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا علي الحرمين ، وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقدوا أنهم المسلمون ، وأن من خالف اعتقادهم مشركون استباحوا قتل أهل السنة وقتل علمائهم"
    ( 1 ).

    - ويقول دحلان:"وسعى بالتكفير للأمة خاصها وعامها ، وقاتلها على ذلك جُملةً ، إلا من وافقه على قوله ".

    ويقول: " وكانت شوكتهم وقوتهم في بلادهم أولاً ، ثم كثر شرهم وتزايد ضررهم واتسع ملكهم ، وقتلوا من الخلائق ما لا يحصون واستباحوا أموالهم وسبوا نساءهم
    "( 2 ).

    - ويقول محمد بن علي الشوكانيوقد لبس عليه حالهم :- " لكنهم يرون أن من لم يكن داخلاً تحت دولة صاحب نَجد ومُمتثلاً لأوامره خارج عن الإسلام ، وتبلغ عنهم أشياء الله أعلم بصحتها " ( 3 ).

    هذا كلام اثنين من الخصوم عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته ، وكلام إمام من أئمة المسلمين – أعني الشوكاني – مِمّن التبس عليه الحال برهة من الزمن ، مما يدل على قوة الشائعات التي روجها الخصوم ظلماً وبُهتاناً عن الشيخ ودعوته فماذا يقول هو عن نفسه ؟

    اقرأ ما يلي :

    يقول الشيخ – رحمه الله – في رسالة له إلي حمد التويجري: " بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد وتبرأ من الشرك وأهله فهو المسلم في أي زمان وأي مكان ، وإنما نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك ، وكذلك نكفر من حسنه للناس أو أقام الشبه الباطلة على إباحته ، وكذلك من قام بسيفه دون هذه المشاهد التي يشرك بالله عندها وقاتل من أنكرها ، وسعى في إزالتها ، والله المستعان والسلام "( 4 ).

    ويقول في رسالته إلي السويدي البغدادي: " وما ذكرتم أني أكفر جميع الناس إلا من اتبعني وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة ، ويا عجبا كيف يدخل هذا في عقل عاقل ؟! هل يقول هذا مسلم أو كافر أو عارف أو مجنون ؟!

    إلي أن قال: وأما التكفير ، فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه وعادى من فعله ، فهذا هو الذي أكفره ، وأكثر الأمة – ولله الحمد – ليسوا كذلك ، وأما القتال ، فلم نقاتل أحدا إلي اليوم إلا دون النفس والحرمة، وهم الذين أتونا في ديارنا ولا أبقوا مُمكنا ، ولكن قد نقاتل بعضهم على سبيل المقابلة : ( وَجَزَؤُا سَيِئَةٍ سَيِئَةٌ مِثلُهَا ) وكذلك من جاهر بسب دين الرسول بعدما عرفه والسلام "( 5 ).

    ويقول في رسالته للشريف : " وأما الكذب والبهتان مثل قولهم : إنا نكفر بالعموم ، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ، وأنا نكفر من لم يكفر ولم يقاتل ، ومثل هذا وأضعاف أضعافه وكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر ، والصنم الذي على قبر احمد البدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم ، فكيف نكفر من لم يشرك بالله أو لم يهاجر إلينا ، ولم يكفر ويقاتل ، سبحانك هذا بُهتان عظيم "( 6 ). اهـ

    إن هؤلاء الطاعنين في الدعوة السلفية إنما يعنون بالغلو في التكفير إنكار السلفيين صرف العبادة لغير الله تعالى ، مثل الدعاء والذبح والنذر والسجود والطواف لغير الله تعالى ، مما علم بالكتاب والسنة والإجماع أنها عبادات لا يجوز صرف شيء منها لغير الله تعالى .

    فغاية كلام هؤلاء أنهم لا يريدون تكفير من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأجمع السلف على كفره ومروقه من الملة.

    وقد صرح الشيخ محمد – رحمه الله – في رسائله انه لا يكفر إلا من أجمع المسلمون على تكفيره ، لا يكفر إلا من أتى بما يناقض الركن الأول من أركان الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً عبده ورسوله ، ثم قرر أنه لا يكفر إلا من عرف التوحيد ودين الإسلام ، ثم كفر به وأباه وجحده ، وعاداه ، فهل هذا غلو أم إنصاف أيها المنصفون ؟!

    أنهم يعنون بالغلو في سفك الدماء ما جرى بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأنصاره من آل سعود من جهة ، وخصـوم الدعوة من جهة أخرى من المواجهات المسلحة ، وقد صرح الشيخ محمد - رحمه الله - في رسائله أنه إنما قاتل من ابتدأ قتاله دفاعا عن النفس والحرمة ، ولم يبدأ أحداً بقتال.

    أليس الأحق إذن بوصف الغلو هو الذي كفر الشيخ محمداً وأتباعه واستحل دماءهم بغير حجة ولا برهان ، وإنما لأن ما جاء به مخالف لإلفه وعادته وعادة أسلافه ومشايخه ! ! بلى ، بلى .

    ثم ليعلم أن الذين افسدوا في الأرض باسم الجهاد فقاموا بالتكفير والتفجير والتدمير واختطاف الطائرات وقتل الآمنين لم ينطلقوا من عقيدة السلف الصالح ، ولا من فتاوى أئمتهم في هذا العصر ولا ما قبله من العصور ، فالكتاب والسنة والمنهج السلفي بُراء البراءة كلها من هذا الإفساد ، بل إن أول من أدان هذا الفساد هم أئمة المنهج السلفي في هذا العصر.

    وانظر إن شئت بيانات هيئة كبار العلماء المتعلقة بهذه القضايا ، وانظر إلي فتوى سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية عبد العزيز آل الشيخ في أحداث " 11 سبتمبر " .
    وكلمة سماحة الشيخ صالح اللحيدان - حفظه الله تعالى - المتلفزة في القضية نفسها ، فمن الظلم والبهتان والافتراء أن تُحسب هذه الأعمال على المنهج السلفي وأئمته ، ولكن أهل الباطل لا يعوزهم الكذب والافتراء ، والله المستعان.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .




    المصدر كتاب
    " الغلو ومظاهره في الحياة المعاصرة "
    للشيخ علي بن يحيى الحدادي.

    ------------------------------------------
    ------------------------
    -----
    --




    (1) رد المحتار – حاشية ابن عابدين – " 6 / 413 ".
    (2) فتنة الوهابية " 66 " عن بحث د. عبد الرحمن عميرة المنشورة في بحوث ندوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب " 2 / 66 " .
    (3) البدر الطالع " 2 / 5 ".
    (4) مجموع مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – قسم الرسائل ص " 60 ".
    (5) المرجع السابق ص " 38 ".
    (6) مجموع مؤلفات الشيخ القسم الثالث ، فتاوى ومسائل ص " 11 ".



    والنقل
    لطفا من هنا
    http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=825

      الوقت/التاريخ الآن هو 24.11.24 19:52