عقول البهائم وبهائم العقول
هذا البحث وغيره في نقاش على الشبكة العنكبوتية في منتدى "المستقلة" الداعي إلى الحرية، في طرح إلحادي ماجن، الحاصل، والأبحاث هي : قال عابد الصليب ، إرشاد الحائر وإخماد الجائر ، الناعق والتابع ، البراقع والبلاقع ، عقول البهائم وبهائم العقول
اسم المؤلف: فضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة
[ عقول البهائم ( للتحميل ) وبهائم العقول ]
هذا البحث وغيره في نقاش على الشبكة العنكبوتية في منتدى "المستقلة" الداعي إلى الحرية، في طرح إلحادي ماجن، الحاصل، والأبحاث هي : قال عابد الصليب ، إرشاد الحائر وإخماد الجائر ، الناعق والتابع ، البراقع والبلاقع ، عقول البهائم وبهائم العقول
اسم المؤلف: فضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة
[ عقول البهائم ( للتحميل ) وبهائم العقول ]
قال تعالى :
" وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً"
سورة "النساء" الآية(27)
المقدمة
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : " وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً"
سورة "النساء" الآية(27)
المقدمة
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " سـورة " آل عمران" الآية (102)
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" سـورة " النسـاء " الآية(1)
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " سـورة "الأحزاب" الآيـة (70-71) .
أما بعد
الحيوانات أمم مماثلة لجماعات الناس- والمثلية لا تقتضي المشابهة من كل وجه- وفى هذا قال تعالى " وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" سورة "الأنعام" الآية(38)
وهذا يعنى أن كل أمة من الحيوانات تتكون من زوج - ذكر وأنثى- يتولد عنهما صغارا، ولازم ذا الرعاية والصيانة، وفى هذا قال تعالى : " وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" سورة "الذاريات" الآية(49)
واستلزم ذا تخاطبا، قائما غير أنه وإن كان عنا مضمرا؛ فعمّا قريب سيعلنا، وفى هذا قال تعالى : " قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" سورة "فصلت" الآية (21)
هذا عام وفي تخصيص الباب : حديث نملة حذرة محذرة، إذ : "... َقالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" سورة "النمل" الآية(18) .
ومنه شكوى جمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ظلم صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر قال : أرْدَفِني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خلفه ذات يوم، وكان أحبُّ ما استتر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحاجته هَدَفاً أو حائش نخل . فدخل حائطاً ( أي بستانا ) لرجل من الأنصار، فإِذا جَمَلٌ، فلما رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- حَنَّ وذرفت عيناه .
فأتاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فمسح سراته إلى سنامه و ذِفْرَاهُ فسكن.
فقال : " لمن هذا الجمل ؟
فجاء فتىً من الأنصار فقال : لي يا رسول اللّه .
فقال- صلى الله عليه وسلم : "أفلا نتَّقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإِنه شكى إليَّ أنك تجيعه وتدئبه" رواه أبو داود وأحمد وهو في "السلسلة الصحيحة" رقم(20) .
هذا ..
وقرب قيام الساعة : يخرج الله للناس دابّة من الأرض تكلمهم، قال تعالى : "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ" سورة "النمل" الآية(82) .
وبعد قيام الساعة : قال تعالى : " إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً" الآياتسورة "مريم" الآيات(93-96)
إنه الحشر والنشر : قال الله تعالى : "وإذا الوحوش حشرت" سورة "التكوير" الآية(5) وقال تعالى : "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" سورة "الأنعام" الآية(38)
وهناك يقتص للحيوانات بعضها من بعض، فقد جاء في "الصحيح" من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله تعالى عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوق إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ" رواه الإمام مسلم" البر والصلة والآداب" برقم(4679).
هذا وفي الآخرة يظهر شرف عقول البهائم على بهائم العقول، بإقراره، بل وتمنيه رتبته والظفر بمصيره، وهيهات، وذلك قوله تعالى : " إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً([1])"سورة "النبأ" الآية(40) .
في الصحيح" : " يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله : كونوا ترابا، فعند ذلك يقول الكافر "يا ليتني كنت تراباً " "السلسلة الصحيحة" برقم(1966)
وهذا يعنى أن كل أمة من الحيوانات تتكون من زوج - ذكر وأنثى- يتولد عنهما صغارا، ولازم ذا الرعاية والصيانة، وفى هذا قال تعالى : " وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" سورة "الذاريات" الآية(49)
واستلزم ذا تخاطبا، قائما غير أنه وإن كان عنا مضمرا؛ فعمّا قريب سيعلنا، وفى هذا قال تعالى : " قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" سورة "فصلت" الآية (21)
هذا عام وفي تخصيص الباب : حديث نملة حذرة محذرة، إذ : "... َقالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" سورة "النمل" الآية(18) .
ومنه شكوى جمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ظلم صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر قال : أرْدَفِني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خلفه ذات يوم، وكان أحبُّ ما استتر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحاجته هَدَفاً أو حائش نخل . فدخل حائطاً ( أي بستانا ) لرجل من الأنصار، فإِذا جَمَلٌ، فلما رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- حَنَّ وذرفت عيناه .
فأتاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فمسح سراته إلى سنامه و ذِفْرَاهُ فسكن.
فقال : " لمن هذا الجمل ؟
فجاء فتىً من الأنصار فقال : لي يا رسول اللّه .
فقال- صلى الله عليه وسلم : "أفلا نتَّقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإِنه شكى إليَّ أنك تجيعه وتدئبه" رواه أبو داود وأحمد وهو في "السلسلة الصحيحة" رقم(20) .
هذا ..
وقرب قيام الساعة : يخرج الله للناس دابّة من الأرض تكلمهم، قال تعالى : "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ" سورة "النمل" الآية(82) .
وبعد قيام الساعة : قال تعالى : " إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً" الآياتسورة "مريم" الآيات(93-96)
إنه الحشر والنشر : قال الله تعالى : "وإذا الوحوش حشرت" سورة "التكوير" الآية(5) وقال تعالى : "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" سورة "الأنعام" الآية(38)
وهناك يقتص للحيوانات بعضها من بعض، فقد جاء في "الصحيح" من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله تعالى عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوق إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ" رواه الإمام مسلم" البر والصلة والآداب" برقم(4679).
هذا وفي الآخرة يظهر شرف عقول البهائم على بهائم العقول، بإقراره، بل وتمنيه رتبته والظفر بمصيره، وهيهات، وذلك قوله تعالى : " إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً([1])"سورة "النبأ" الآية(40) .
في الصحيح" : " يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله : كونوا ترابا، فعند ذلك يقول الكافر "يا ليتني كنت تراباً " "السلسلة الصحيحة" برقم(1966)
الموضوع
((( عقول البهائم وبهائم العقول )))
أولاً : عقول البهائم
باعتبار جنس الناطقين غير المكلفين :
((( عقول البهائم وبهائم العقول )))
أولاً : عقول البهائم
باعتبار جنس الناطقين غير المكلفين :
أقول : يبرق الحديث دهشا من الترجمة "عقول البهائم وبهائم العقول"! وقبل أن يذهب بك العجب مذاهبا، نطوف معاً حول صادق الأخبار؛ وخبر الأغمار، لينظر وننظر
خبر :
في خبر أبي الأخبار- الهدهد – خبر، أخبرناه الخبير – سبحانه- إذ قام الهدهد يهدهد هاديا : " إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ" سورة "النمل" الآيات(23-25)
قال الإمام القرطبي – رحمه الله تعالى – تحت قوله تعالى : ( إني وجدت امرأة... ) ... روىالبخاريمن حديثابن عباس– رضي الله تعالى عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما بلغه أنأهل فارسقد ملكوا بنتكسرىقال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" .
قالالقاضي أبو بكر بن العربي: هذا نص في أنالمرأة لا تكون خليفةولا خلاف فيه .
ونقل عنمحمدبن جرير الطبريأنه يجوز أن تكون المرأة قاضية، ولم يصحّ ذلك عنه، ولعله نقل عنه كما نقل عن أبي حنيفة أنها إنما تقضي فيما تشهد فيه وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق; ولا بأن يكتب لها مسطور بأن فلانة مقدمة على الحكم، وإنما سبيل ذلك التحكيم والاستنابة في القضية الواحدة، وهذا هو الظن بأبي حنيفةوابن جرير.
وقد روي عن عمر– رضي الله تعالى عنه- أنه قدم امرأة على حسبة السوق. ولم يصح فلا تلتفتوا إليه، فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث
... فإن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجلس، ولا تخالط الرجال، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير; لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها، وإن كانت برزة لم يجمعها والرجال مجلس واحد تزدحم فيه معهم، وتكون مناظرة لهم; ولن يفلح قط من تصور هذا ولا من اعتقده .
... قوله تعالى : ( وجدتهاوقومها يسجدون للشمس من دون الله) . قيل : كانت هذه الأمة ممن يعبد الشمس; لأنهم كانوازنادقة فيما يروى . وقيل : كانوا مجوسا يعبدون الأنوار .
...( وزين لهمالشيطان أعمالهم )أي : ما هم فيه من الكفر.
( فصدهم عنالسبيل) أي : عن طريق التوحيد
وبين بهذا أن ما ليس بسبيل التوحيد فليس بسبيل ينتفع به على التحقيق .
( فهم لايهتدون ) إلى الله وتوحيده .
... قولهتعالى : ( ألايسجدوا لله) قرأ أبو عمرو ونافع وعاصم وحمزة : ( ألايسجدوا لله) بتشديد " ألا " قال ابن الأنباري : ( فهم لايهتدون) غير تام لمن شدد " ألا " لأن المعنى : وزين لهم الشيطان ألا يسجدوا .
قال النحاس : هي ( أن ) دخلت عليها ( لا ) و ( أن ) في موضع نصب ; قال الأخفش : ب " زين" أي وزين لهم لئلا يسجدوا لله .
وقال الكسائي : " فصدهم " أي فصدهم ألا يسجدوا ... ( لايهتدون) أي : فهم لا يهتدون أن يسجدوا لله; أي لا يعلمون أن ذلك واجب عليهم . وعلى هذا القول ( لا ) زائدة ; كقوله : ما منعكألا تسجدأي ما منعك أن تسجد .
وعلى هذه القراءة فليس بموضع سجدة ; لأن ذلك خبر عنهم بترك السجود، إما بالتزيين أو بالصد أو بمنع الاهتداء .
وقرأ الزهري والكسائيوغيرهما : ( ألايسجدوا لله) بمعنى ألا يا هؤلاء اسجدوا; لأن ( يا ) ينادى بها الأسماء دون الأفعال" "أحكام القرآن " لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (13/171-174) دار الفكر .
وفي فتح القدير" للعلامة الشوكاني – رحمه الله تعالى : " وفي هذه قراءة عبدالله بن مسعود" هل لا تسجدوا" بالفوقية، وفي قراءة أبي " ألا تسجدوا " بالفوقية أيضا "إهـ
وفي "تفسير القرآن العظيم" للحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى : " وقرأ بعض القراء : " ألا يا اسجدوا لله " جعلها " ألا " الاستفتاحية، و " يا " للنداء، وحذف المنادى، تقديره عنده : " ألا يا قوم، اسجدوا لله .
وقوله: ( الذييخرج الخبء في السموات والأرض) : قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : يعلم كل خبيئة في السماء والأرض . وكذا قال عكرمة، ومجاهد،وسعيد بن جبير، وقتادة ، وغير واحد .
وقالسعيد بن المسيب: الخبء : الماء . وكذا قالعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : خبء السموات والأرض : ما جعل فيها من الأرزاق : المطر من السماء، والنبات من الأرض .
وهذا مناسب من كلام الهدهد، الذي جعل الله فيه من الخاصية ما ذكره ابن عباس– رضي الله تعالى عنهما- وغيره، من أنه يرى الماء يجري في تخوم الأرض ودواخلها .
وقوله: (ويعلم ماتخفون وما تعلنون)أي : يعلم ما يخفيه العباد، وما يعلنونه من الأقوال والأفعال .
وهذا كقوله تعالى : " سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ" سورة "الرعد" الآية(10) .
وقوله: (الله لاإله إلا هو رب العرش العظيم ) أي : هو المدعو الله، وهو الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم، الذي ليس في المخلوقات أعظم منه .
ولما كان الهدهد داعيا إلى الخير، وعبادة الله وحده والسجود له، نهي عن قتله، كما رواه الإمام أحمدوأبو داود وابن ماجة عنأبيهريرة- رضي الله عنه - قال : "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد""صحيح سنن ابن ماجة"(2/1074) برقم(3223)
وهكذا .. تعجبت عقول البهائم من صنيع بهائم العقول، فانتفضت له منكرة .
وعقول البهائم هنا لا تعرف توحيدا ولا تؤمن بدينا؟!!! إلا ما أشربت قلوبهم من أهواء، وما صنعت عقولهم – وقد وقفت- من أراء .
عقول البهائم تأبى الشرك، وبهائم العقول تأبى التوحيد! .
عقول البهائم تأبى السجود لغير الله تعالى، وبهائم العقول يسجدون لأهوائهم!
عقول البهائم تعرف المنعم فتشكر، وبهائم العقول ترتع وتكفر! .
عقول البهائم موافقة لفطرتها، وبهائم العقول محاربة لفطرتها .
عقول البهائم تنقاد لولاتها، وبهائم العقول تنقاد لشهواتها
عقول البهائم تسعى إصلاحا، وبهائم العقول تعبث فسادا!
عقول البهائم في النقل أمينة، وبهائم العقول مكرة أفينة!
عقول البهائم تحذر الشيطان، وبهائم العقول تعبد الشيطان .
خبر آخر :
إنه خبر نملة : تقية نقية، رائدة خير، داعية برّ، ناصحة رشد، في خبرها قال الله تعالى : " حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" سورة "النمل" الآية(18)
في "الشرح الكبير" " أما قوله تعالى : ( ادخلوامساكنكم ) فاعلم أن النملة لما قاربت حدّ العقل، لا جرم ذكرت بما يذكر به العقلاء، فلذلك قال تعالى : ( ادخلوامساكنكم )...
أن النملة قالت : ( وهم لايشعرون ) أنها عرفت أن النبي معصوم فلا يقع منه قتل هذه الحيوانات إلا على سبيل السهو، وهذا تنبيه عظيم على وجوب الجزم بعصمة الأنبياء - عليهم السلام"إهـ .
قلت : وهي كذلك نملة مؤمنة، تعرف أهل الإيمان"سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ" وتعتذر عنهم، فاستُحسن قولها " فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا" سورة النمل" الآية(19) واتبع، وذُكر ذكرا، وشكر شكرا .
إنها داعية رشد، علمت، فنادت - لناجتها وجنسها- نداءً موجزا معللا معتذرا، فسلمت وسلموا .
أجل .. هي نملة صالحة مصلحة، تعرف طريق نجاتها، تعرف قدرها، وتقدّر عرفها، أنثى علمت أن في سترها في مسكنها وقاية لها وصيانة بل وحماية من تحطيم فؤادها وأركانها، كم هي عاقلة!
وبهائم العقول يأرزون إلى جحور الفهوم، يأزّون لتخرج النساء عراة بين دساكر شهوات الرجال المأججة، وبين عساكر النذوات المدججة، مستفرشة تحت الأقدام، موطوءة لشرّ الأنام، ملقاة على الطرقات لكل طارق! باغية غويّة لكل والغ، بدعوى التحرير والتنوير، بل وداعين لحقيق ذلك إلى التثوير؟!
خبر ثالث :
مداره على غيرة بعض الحيوانات، ففي "صحيح الإمام البخارى" عن عمرِو بن مَيمونٍ - رضي الله عنه - قال : " رأيتُ في الجاهليةِ قِردةً اجتمعَ عليها قِرَدةٌ قد زَنَت فرَجموها، فرَجمتها معهم " أخرجه الإمام البخاري
وحال ذكر الحافظ – رحمه الله تعالى- للحديث ذكر خصال القرد، وكان مما ذكر : " فيه من الفطنة الزائدة على غيره من الحيوان، وقابلية التعليم لكل صناعة مما ليس لأكثر الحيوان، ومن خصاله أنه يضحك ويطرب، ويحكي ما يراه، وفيه من شدة الغيرة ما يوازي الآدمي، ولا يتعدى أحدهم إلى غير زوجته" إهـ
خبر :
في خبر أبي الأخبار- الهدهد – خبر، أخبرناه الخبير – سبحانه- إذ قام الهدهد يهدهد هاديا : " إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ" سورة "النمل" الآيات(23-25)
قال الإمام القرطبي – رحمه الله تعالى – تحت قوله تعالى : ( إني وجدت امرأة... ) ... روىالبخاريمن حديثابن عباس– رضي الله تعالى عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما بلغه أنأهل فارسقد ملكوا بنتكسرىقال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" .
قالالقاضي أبو بكر بن العربي: هذا نص في أنالمرأة لا تكون خليفةولا خلاف فيه .
ونقل عنمحمدبن جرير الطبريأنه يجوز أن تكون المرأة قاضية، ولم يصحّ ذلك عنه، ولعله نقل عنه كما نقل عن أبي حنيفة أنها إنما تقضي فيما تشهد فيه وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق; ولا بأن يكتب لها مسطور بأن فلانة مقدمة على الحكم، وإنما سبيل ذلك التحكيم والاستنابة في القضية الواحدة، وهذا هو الظن بأبي حنيفةوابن جرير.
وقد روي عن عمر– رضي الله تعالى عنه- أنه قدم امرأة على حسبة السوق. ولم يصح فلا تلتفتوا إليه، فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث
... فإن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجلس، ولا تخالط الرجال، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير; لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها، وإن كانت برزة لم يجمعها والرجال مجلس واحد تزدحم فيه معهم، وتكون مناظرة لهم; ولن يفلح قط من تصور هذا ولا من اعتقده .
... قوله تعالى : ( وجدتهاوقومها يسجدون للشمس من دون الله) . قيل : كانت هذه الأمة ممن يعبد الشمس; لأنهم كانوازنادقة فيما يروى . وقيل : كانوا مجوسا يعبدون الأنوار .
...( وزين لهمالشيطان أعمالهم )أي : ما هم فيه من الكفر.
( فصدهم عنالسبيل) أي : عن طريق التوحيد
وبين بهذا أن ما ليس بسبيل التوحيد فليس بسبيل ينتفع به على التحقيق .
( فهم لايهتدون ) إلى الله وتوحيده .
... قولهتعالى : ( ألايسجدوا لله) قرأ أبو عمرو ونافع وعاصم وحمزة : ( ألايسجدوا لله) بتشديد " ألا " قال ابن الأنباري : ( فهم لايهتدون) غير تام لمن شدد " ألا " لأن المعنى : وزين لهم الشيطان ألا يسجدوا .
قال النحاس : هي ( أن ) دخلت عليها ( لا ) و ( أن ) في موضع نصب ; قال الأخفش : ب " زين" أي وزين لهم لئلا يسجدوا لله .
وقال الكسائي : " فصدهم " أي فصدهم ألا يسجدوا ... ( لايهتدون) أي : فهم لا يهتدون أن يسجدوا لله; أي لا يعلمون أن ذلك واجب عليهم . وعلى هذا القول ( لا ) زائدة ; كقوله : ما منعكألا تسجدأي ما منعك أن تسجد .
وعلى هذه القراءة فليس بموضع سجدة ; لأن ذلك خبر عنهم بترك السجود، إما بالتزيين أو بالصد أو بمنع الاهتداء .
وقرأ الزهري والكسائيوغيرهما : ( ألايسجدوا لله) بمعنى ألا يا هؤلاء اسجدوا; لأن ( يا ) ينادى بها الأسماء دون الأفعال" "أحكام القرآن " لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (13/171-174) دار الفكر .
وفي فتح القدير" للعلامة الشوكاني – رحمه الله تعالى : " وفي هذه قراءة عبدالله بن مسعود" هل لا تسجدوا" بالفوقية، وفي قراءة أبي " ألا تسجدوا " بالفوقية أيضا "إهـ
وفي "تفسير القرآن العظيم" للحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى : " وقرأ بعض القراء : " ألا يا اسجدوا لله " جعلها " ألا " الاستفتاحية، و " يا " للنداء، وحذف المنادى، تقديره عنده : " ألا يا قوم، اسجدوا لله .
وقوله: ( الذييخرج الخبء في السموات والأرض) : قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : يعلم كل خبيئة في السماء والأرض . وكذا قال عكرمة، ومجاهد،وسعيد بن جبير، وقتادة ، وغير واحد .
وقالسعيد بن المسيب: الخبء : الماء . وكذا قالعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : خبء السموات والأرض : ما جعل فيها من الأرزاق : المطر من السماء، والنبات من الأرض .
وهذا مناسب من كلام الهدهد، الذي جعل الله فيه من الخاصية ما ذكره ابن عباس– رضي الله تعالى عنهما- وغيره، من أنه يرى الماء يجري في تخوم الأرض ودواخلها .
وقوله: (ويعلم ماتخفون وما تعلنون)أي : يعلم ما يخفيه العباد، وما يعلنونه من الأقوال والأفعال .
وهذا كقوله تعالى : " سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ" سورة "الرعد" الآية(10) .
وقوله: (الله لاإله إلا هو رب العرش العظيم ) أي : هو المدعو الله، وهو الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم، الذي ليس في المخلوقات أعظم منه .
ولما كان الهدهد داعيا إلى الخير، وعبادة الله وحده والسجود له، نهي عن قتله، كما رواه الإمام أحمدوأبو داود وابن ماجة عنأبيهريرة- رضي الله عنه - قال : "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد""صحيح سنن ابن ماجة"(2/1074) برقم(3223)
وهكذا .. تعجبت عقول البهائم من صنيع بهائم العقول، فانتفضت له منكرة .
وعقول البهائم هنا لا تعرف توحيدا ولا تؤمن بدينا؟!!! إلا ما أشربت قلوبهم من أهواء، وما صنعت عقولهم – وقد وقفت- من أراء .
عقول البهائم تأبى الشرك، وبهائم العقول تأبى التوحيد! .
عقول البهائم تأبى السجود لغير الله تعالى، وبهائم العقول يسجدون لأهوائهم!
عقول البهائم تعرف المنعم فتشكر، وبهائم العقول ترتع وتكفر! .
عقول البهائم موافقة لفطرتها، وبهائم العقول محاربة لفطرتها .
عقول البهائم تنقاد لولاتها، وبهائم العقول تنقاد لشهواتها
عقول البهائم تسعى إصلاحا، وبهائم العقول تعبث فسادا!
عقول البهائم في النقل أمينة، وبهائم العقول مكرة أفينة!
عقول البهائم تحذر الشيطان، وبهائم العقول تعبد الشيطان .
خبر آخر :
إنه خبر نملة : تقية نقية، رائدة خير، داعية برّ، ناصحة رشد، في خبرها قال الله تعالى : " حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" سورة "النمل" الآية(18)
في "الشرح الكبير" " أما قوله تعالى : ( ادخلوامساكنكم ) فاعلم أن النملة لما قاربت حدّ العقل، لا جرم ذكرت بما يذكر به العقلاء، فلذلك قال تعالى : ( ادخلوامساكنكم )...
أن النملة قالت : ( وهم لايشعرون ) أنها عرفت أن النبي معصوم فلا يقع منه قتل هذه الحيوانات إلا على سبيل السهو، وهذا تنبيه عظيم على وجوب الجزم بعصمة الأنبياء - عليهم السلام"إهـ .
قلت : وهي كذلك نملة مؤمنة، تعرف أهل الإيمان"سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ" وتعتذر عنهم، فاستُحسن قولها " فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا" سورة النمل" الآية(19) واتبع، وذُكر ذكرا، وشكر شكرا .
إنها داعية رشد، علمت، فنادت - لناجتها وجنسها- نداءً موجزا معللا معتذرا، فسلمت وسلموا .
أجل .. هي نملة صالحة مصلحة، تعرف طريق نجاتها، تعرف قدرها، وتقدّر عرفها، أنثى علمت أن في سترها في مسكنها وقاية لها وصيانة بل وحماية من تحطيم فؤادها وأركانها، كم هي عاقلة!
وبهائم العقول يأرزون إلى جحور الفهوم، يأزّون لتخرج النساء عراة بين دساكر شهوات الرجال المأججة، وبين عساكر النذوات المدججة، مستفرشة تحت الأقدام، موطوءة لشرّ الأنام، ملقاة على الطرقات لكل طارق! باغية غويّة لكل والغ، بدعوى التحرير والتنوير، بل وداعين لحقيق ذلك إلى التثوير؟!
خبر ثالث :
مداره على غيرة بعض الحيوانات، ففي "صحيح الإمام البخارى" عن عمرِو بن مَيمونٍ - رضي الله عنه - قال : " رأيتُ في الجاهليةِ قِردةً اجتمعَ عليها قِرَدةٌ قد زَنَت فرَجموها، فرَجمتها معهم " أخرجه الإمام البخاري
وللحديث قصة : في رواية : قال عمرو بن ميمون : كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شرف، فجاء قرد مع قردة، فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها، فسلّـت يدها من تحت رأس القرد الأول سلاًّ رقيقا وتبعته، فوقع عليها وأنا انظر، ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق، فاستيقظ فزعا فشمها فصاح، فاجتمعت القرود، فجعل يصيح ويومىء إليها بيده فذهب القرود يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد أعرفه فحفروا لهما حفرة فرجموهما فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم" .
وحال ذكر الحافظ – رحمه الله تعالى- للحديث ذكر خصال القرد، وكان مما ذكر : " فيه من الفطنة الزائدة على غيره من الحيوان، وقابلية التعليم لكل صناعة مما ليس لأكثر الحيوان، ومن خصاله أنه يضحك ويطرب، ويحكي ما يراه، وفيه من شدة الغيرة ما يوازي الآدمي، ولا يتعدى أحدهم إلى غير زوجته" إهـ
قلت : فيا تعاسة وخزي من كان القرد أغير منه على محارمه، وأحفظ منه للحرمات، وأبعد عن المحرمات .
وهذا الأسد، قالوا : "من شرف نفسه أنه لا يأكل من فريسة غيره... ولا يشرب من ماء ولغ فيه كلب، وقد أشار إلى ذلك قول الشاعر :
وأترك حبها من غير بغض *** وذاك لكثرة الشركاء فيه .
إذا وقع الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفسي تشتهيه
إذا وقع الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفسي تشتهيه
[right]وتجتنب الأسود ورود ماء *** إذا كان الكلاب ولغن فيه" "حياة الحيوان الكبرى"لمحمد بن موسى بن عيسى الدميري(1/6) ط. دار إحياء التراث العربي
بل وهذا الطير : " يعيش الحجل([2]) عشر سنين، ويعمل عشين يجلس الذكر في واحد والأنثى في واحد، وهو من أشد الطيور غيرة على أنثاه حتى إن الذكرين ربما قتل أحدهما الآخر بسبب الأنثى" "صبح الأعشى في صناعة الإنشا" (2/81) و"حياة الحيوان الكبرى" للدميري (1/219) ط . دار إحياء التراث .
قلت : فها هي عقول البهائم تأبى الزنا وترجمه، وبهائم العقول يحثّون عليه ويحضّون بدعوى إشباع الغرائز وحق الحرية، يالها من دعوات رديّة؟! .
خبر رابع :
يُعرب عن حقيقة أناس هم أضل من الحمير، قال العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى :"من هداية الحمار - الذي هو ابلد الحيوانات- أن الرجل يسير به ويأتي به الى منزله من البعد في ليلة مظلمة فيعرف المنزل فإذا خلى جاء اليه، ويفرق بين الصوت الذي يستوقف به والصوت الذي يحثّ به على السير، فمن لم يعرف الطريق الى منزله- وهو الجنة- فهو أبلد من الحمار"
نذكر هذا ونذكر معه قول الله تعالى : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ" سورة "البقرة" الآية(170) .
" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ" سورة "المائدة" الآية(104) .
خبر خامس :
البقر وموافقته جبلته، وهناك بقر يتنكرون لفطرتهم : عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه - قال : "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال : "بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث . فقال الناس سبحان الله بقرة تكلم فقال : فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر - وما هما ثم .
وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة فطلب حتى كأنه استنقذها منه فقال له الذئب هذا استنقذتها مني فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري" فقال الناس سبحان الله ذئب يتكلم قال : فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر . وما هما ثم" "صحيح الإمام البخاري" (3/1280-3284)
قلت : فهذه بقرة – كدلالة على جنس- فقهت أنها معبدة لله، مخلوقة لغاية، هي لها معظمة، وهناك بقر جحدوا الإله وغفلوا عن وظيفتهم، ناهيك عن بقر يعبدون بقرا، فأي العقلين أعقل وأصلح؟ عقول البهائم أم بهائم العقول، لا ريب أن المقدم مقدم .
خبر سادس :
أخرج الإمام أحمد – رحمه الله تعالى- وغيره : عن أبي سعيد الخدري – رضي الله تعالى عنه- قال : عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه، قال : ألا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله إلي . فقال : يا عجبي ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس؟! فقال الذئب : ألا أخبرك بأعجب من ذلك محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي الصلاة جامعة ثم خرج فقال للراعي أخبرهم فأخبرهم .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق، والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ويكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده" قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : رجاله ثقات رجال الصحيح... ورواه الترمذي (2181 ) والحاكم (4/467-468) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ورواه البيهقي في الدلائل (6/41–42) وقال: هذا إسناد صحيح! وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8/291) وقال: رواه أحمد والبزار بنحوه باختصار ورجال أحد إسنادي أحمد رجال الصحيح.
قلت : تأمل كيف أن عقول البهائم تدرك الخير وتنصح به، وتغار على الحُرُم، وبهائم العقول لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا، عمي البصائر، بُهم الفعال، أرباب دياثة، أصحاب فجور، اللهم سلّم .
خبر سابع :
الحصان – وهو البهيم- يغزو الشرك ويطأ هام المشركين؛ نصرة الدين؛ فيشاطر في الأجر المتقين، قال الله تعالى : "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ..." الآيات .
وعن قيس بن أبي حازم قال : قال لي جرير قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ألا تريحني من ذي الخلصة؟" وكان بيتا في خثعم يسمى كعبة اليمانية، قال : فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل قال وكنت لا أثبت على الخيل فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال : "اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا" فانطلق إليها فكسرها وحرقها ثم بعث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره فقال رسول جرير والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجوف أو أجرب قال : "فبارك في خيل أحمس ورجالها" خمس مرات" رواه الإمام البخاري .
قلت : لما شاركت في الخير– الجهاد- علت، بل ونسبت إلى المُعظّم "يا خيل الله اركبي" وذكرت في مُعظّم – كما تقدم- بل وضرب لها سهما من مُعظّم تكريما، ورتب الأجر العظيم على المهتم بها، القائم على أمرها([3]) .
أجل .. كتب لها الخير لمشاطرتها الخير، وأما بهائم العقول، فيشاركون المشركين في شركهم، ويشاطرونهم شرهم! ويدعونها حرية وحقوق غربية .
بل وكما تعلق الخيل بالخير، ذكر كذلك الذباب لتعلقه بإثبات أصل الخير وخيره – التوحيد- وذلك قول الله تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ" سورة "الحج" الآية(73)
فيا هذا وكل هذا : علمك الذي تفاخر به، أين هو من هذه الآية؟! وهي آية من آيات!
انتهوا خيرا لكم، وأنيبوا إلى ربكم، واتبعوا ترحموا قبل أن ترجموا .
خبر ثامن :
خبر الفيل المحمود، وتعظيمه للحرم، وعدم تعديه الشعائر، وتقديسه للمقدسات!
فأنت ترى كيف أنه قد أفردت سورة باسمه، كيف نُسبت الحادثة له، فذكر، وأهمل الطاغية وحزبه، والذكر هاهنا تشريف، كما أن إهمال أولئك تحقير وتقريع وتوبيخ، وفيه دلالة!، قال الله تعالى : " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ" سورة "الفيل"
في "التفسير الكبير" : "... واعلم أن قصة الفيل واقعة على الملحدين جدا، لأنهم ذكروا في الزلازل والرياح والصواعق وسائر الأشياء التي عذب الله تعالى بها الأمم أعذارا ضعيفة .
أما هذه الواقعة فلا تجري فيها تلك الأعذار، لأنها ليس في شيء من الطبائع والحيل أن يقبل طير معها حجارة، فتقصد قوما دون قوم فتقتلهم، ولا يمكن أن يقال : إنه كسائر الأحاديث الضعيفة لأنه لم يكن بين عام الفيل ومبعث الرسول إلا نيف وأربعون سنة، ويوم تلا الرسول هذه السورة كان قد بقي بمكة جمع شاهدوا تلك الواقعة، ولو كان النقل ضعيفا لشافهوه بالتكذيب، فلما لم يكن كذلك علمنا أنه لا سبب للطعن فيه" من "تفسير الرازي" المعتزلي – عفا الله تعالى عنه - للسورة .
بل "وأخرج ابنإسحاقفي السيرة،والواقدي، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي، عن عائشة– رضي الله تعالى عنها- قالت : " لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان" "فتح القدير" للشوكاني – رحمه الله تعالى- عند تفسير سورة الفيل .
فعقل البهيم عقله فلم يتجاسر على المقدسات أو يتجرأ على الحرمات، أما بهائم العقول فما أجرأهم على الله تعالى، وما أصبر الله عليهم!!!
يتعدون الحدود، ويتخطون القيود، وينتهكون الحرم! لا يقدسون مقدسا، ولا ينزهون منزها، بل قدّسوا الخبيث المستخبثا، ونزهوا الكريه المستكرها .
خبر تاسع :
مصدر التلقي وأثره، وآية ذلك النحل، يقع على الحُسن، ويتلقى أحسنه، فأخرج حُسنا، فيه مع الحُسن الغذاء والشفاء، قال الله تعالى : "وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ" سورة "النحل" الآية(68) " ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "سورة "النحل" الآية(69) .
وبهائم العقول : من ردائة طبعهم، وسوء طويتهم، اختاروا الخبيث، ومن خبثهم استحسنوه وتلقوه بل وتلقفوه، وفي بطونهم طبخوه حتى أخرجوه بيننا قذراً أخبث ما يكون القذر والخبث، ويدّعون – والحالة هذه- أنهم مصلحون!!!
وفيهم وأشباههم نستحضر قول الله تعالى : "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً" سورة "النساء" الآية(51) .
خبر عاشر :
الإحسان وأثره، واعتبر ذلك بحال الهرة : "القطإذا أحسنت إليه مرة جعل كلما رآك لاطفك، وتمسّح بثيابك وأنت كل ذرة من بدنك تشهد بإحسان الله إليك .. وكل شعرة من جسدك مغمورة بنعمته عليك، ومع هذا كله، كلما رغّبك فيه، رغبت عنه! وكلما أدناك منه، أحببت غيره! وكلما واصلك جافيته! خاصمته وأنت أحوج ما تكون إليه! وصالحك وهو أغنى ما يكون عنك !!!"
وفي الصلة بين البهائم ودعوى بهائم العقول، وفضل - بعد تفضيل - الأول على الثاني : عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال : " أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بوجهه، فقال : يا معشر المهاجرين خمس إذا اتليتم بهن - وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضواْ . ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم . ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء فلولا البهائم لم يمطرواً . ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم . وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" أخرجه ابن ماجة(4019) والحاكم(4/540) وصححه الألباني في الصحيحة(106)
والباب فيه طول، وفيما ذكر إشارة إلى ما طوي .