خزانة الربانيون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    عقول البهائم وبهائم العقول

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية عقول البهائم وبهائم العقول

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.01.10 19:02

    عقول البهائم وبهائم العقول

    هذا البحث وغيره في نقاش على الشبكة العنكبوتية في منتدى "المستقلة" الداعي إلى الحرية، في طرح إلحادي ماجن، الحاصل، والأبحاث هي : قال عابد الصليب ، إرشاد الحائر وإخماد الجائر ، الناعق والتابع ، البراقع والبلاقع ، عقول البهائم وبهائم العقول

    اسم المؤلف: فضيلة الشيخ محمد بن عبد الحميد حسونة

    [ عقول البهائم ( للتحميل ) وبهائم العقول ]



    عقول البهائم وبهائم العقول Copyl

    قال تعالى :
    " وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً"
    سورة "النساء" الآية(27)
    المقدمة
    إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :
    " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " سـورة " آل عمران" الآية (102)
    " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" سـورة " النسـاء " الآية(1)
    " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " سـورة "الأحزاب" الآيـة (70-71) .
    أما بعد

    الحيوانات أمم مماثلة لجماعات الناس- والمثلية لا تقتضي المشابهة من كل وجه- وفى هذا قال تعالى " وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" سورة "الأنعام" الآية(38)

    وهذا يعنى أن كل أمة من الحيوانات تتكون من زوج - ذكر وأنثى- يتولد عنهما صغارا، ولازم ذا الرعاية والصيانة، وفى هذا قال تعالى : " وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" سورة "الذاريات" الآية(49)

    واستلزم ذا تخاطبا، قائما غير أنه وإن كان عنا مضمرا؛ فعمّا قريب سيعلنا، وفى هذا قال تعالى : " قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" سورة "فصلت" الآية (21)

    هذا عام وفي تخصيص الباب : حديث نملة حذرة محذرة، إذ : "... َقالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" سورة "النمل" الآية(18) .

    ومنه شكوى جمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ظلم صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر قال : أرْدَفِني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خلفه ذات يوم، وكان أحبُّ ما استتر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحاجته هَدَفاً أو حائش نخل . فدخل حائطاً ( أي بستانا ) لرجل من الأنصار، فإِذا جَمَلٌ، فلما رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- حَنَّ وذرفت عيناه .
    فأتاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- فمسح سراته إلى سنامه و ذِفْرَاهُ فسكن
    .
    فقال : " لمن هذا الجمل ؟
    فجاء فتىً من الأنصار فقال : لي يا رسول اللّه
    .
    فقال- صلى الله عليه وسلم : "أفلا نتَّقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإِنه شكى إليَّ أنك تجيعه وتدئبه" رواه أبو داود وأحمد وهو في "السلسلة الصحيحة" رقم(20) .

    هذا ..

    وقرب قيام الساعة : يخرج الله للناس دابّة من الأرض تكلمهم، قال تعالى : "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ" سورة "النمل" الآية(82) .

    وبعد قيام الساعة : قال تعالى : " إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً" الآياتسورة "مريم" الآيات(93-96)
    إنه الحشر والنشر : قال الله تعالى : "وإذا الوحوش حشرت" سورة "التكوير" الآية(5) وقال تعالى : "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" سورة "الأنعام" الآية(38)


    وهناك يقتص للحيوانات بعضها من بعض، فقد جاء في "الصحيح" من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله تعالى عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوق إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ" رواه الإمام مسلم" البر والصلة والآداب" برقم(4679)
    .

    هذا وفي الآخرة يظهر شرف عقول البهائم على بهائم العقول، بإقراره، بل وتمنيه رتبته والظفر بمصيره، وهيهات، وذلك قوله تعالى : " إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً([1])"سورة "النبأ" الآية(40) .

    في الصحيح" : " يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله : كونوا ترابا، فعند ذلك يقول الكافر "يا ليتني كنت تراباً " "السلسلة الصحيحة" برقم(1966)
    الموضوع
    ((( عقول البهائم وبهائم العقول )))
    أولاً : عقول البهائم
    باعتبار جنس الناطقين غير المكلفين :
    أقول : يبرق الحديث دهشا من الترجمة "عقول البهائم وبهائم العقول"! وقبل أن يذهب بك العجب مذاهبا، نطوف معاً حول صادق الأخبار؛ وخبر الأغمار، لينظر وننظر

    خبر :
    في خبر أبي الأخبار- الهدهد – خبر، أخبرناه الخبير – سبحانه- إذ قام الهدهد يهدهد هاديا : " إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ" سورة "النمل" الآيات(23-25)

    قال الإمام القرطبي – رحمه الله تعالى – تحت قوله تعالى : ( إني وجدت امرأة... ) ... روىالبخاريمن حديثابن عباس– رضي الله تعالى عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما بلغه أنأهل فارسقد ملكوا بنتكسرىقال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" .
    قالالقاضي أبو بكر بن العربي: هذا نص في أنالمرأة لا تكون خليفةولا خلاف فيه .

    ونقل عنمحمدبن جرير الطبريأنه يجوز أن تكون المرأة قاضية، ولم يصحّ ذلك عنه، ولعله نقل عنه كما نقل عن أبي حنيفة أنها إنما تقضي فيما تشهد فيه وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق; ولا بأن يكتب لها مسطور بأن فلانة مقدمة على الحكم، وإنما سبيل ذلك التحكيم والاستنابة في القضية الواحدة، وهذا هو الظن بأبي حنيفةوابن جرير.

    وقد روي عن عمر– رضي الله تعالى عنه- أنه قدم امرأة على حسبة السوق. ولم يصح فلا تلتفتوا إليه، فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث

    ... فإن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجلس، ولا تخالط الرجال، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير; لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها، وإن كانت برزة لم يجمعها والرجال مجلس واحد تزدحم فيه معهم، وتكون مناظرة لهم; ولن يفلح قط من تصور هذا ولا من اعتقده
    .

    ... قوله تعالى
    : (
    وجدتهاوقومها يسجدون للشمس من دون الله) . قيل : كانت هذه الأمة ممن يعبد الشمس; لأنهم كانوازنادقة فيما يروى . وقيل : كانوا مجوسا يعبدون الأنوار .
    ...( وزين لهمالشيطان أعمالهم )أي : ما هم فيه من الكفر.
    ( فصدهم عنالسبيل) أي : عن طريق التوحيد
    وبين بهذا أن ما ليس بسبيل التوحيد فليس بسبيل ينتفع به على التحقيق .
    ( فهم لايهتدون ) إلى الله وتوحيده
    .

    ... قوله
    تعالى : ( ألايسجدوا لله) قرأ أبو عمرو ونافع وعاصم وحمزة : ( ألايسجدوا لله) بتشديد " ألا " قال ابن الأنباري : ( فهم لايهتدون) غير تام لمن شدد " ألا " لأن المعنى : وزين لهم الشيطان ألا يسجدوا .
    قال النحاس : هي ( أن ) دخلت عليها ( لا ) و ( أن ) في موضع نصب ; قال الأخفش : ب " زين" أي وزين لهم لئلا يسجدوا لله .
    وقال الكسائي : " فصدهم " أي فصدهم ألا يسجدوا ... ( لايهتدون) أي : فهم لا يهتدون أن يسجدوا لله; أي لا يعلمون أن ذلك واجب عليهم . وعلى هذا القول ( لا ) زائدة ; كقوله : ما منعكألا تسجدأي ما منعك أن تسجد .
    وعلى هذه القراءة فليس بموضع سجدة ; لأن ذلك خبر عنهم بترك السجود، إما بالتزيين أو بالصد أو بمنع الاهتداء .
    وقرأ الزهري والكسائيوغيرهما : ( ألايسجدوا لله) بمعنى ألا يا هؤلاء اسجدوا; لأن ( يا ) ينادى بها الأسماء دون الأفعال" "أحكام القرآن " لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (13/171-174) دار الفكر .

    وفي فتح القدير" للعلامة الشوكاني – رحمه الله تعالى : " وفي هذه قراءة عبدالله بن مسعود" هل لا تسجدوا" بالفوقية، وفي قراءة أبي " ألا تسجدوا " بالفوقية أيضا "إهـ

    وفي "تفسير القرآن العظيم" للحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى : " وقرأ بعض القراء : " ألا يا اسجدوا لله " جعلها " ألا " الاستفتاحية، و " يا " للنداء، وحذف المنادى، تقديره عنده : " ألا يا قوم، اسجدوا لله .
    وقوله: ( الذييخرج الخبء في السموات والأرض) : قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : يعلم كل خبيئة في السماء والأرض . وكذا قال عكرمة، ومجاهد،وسعيد بن جبير، وقتادة ، وغير واحد
    .

    وقال
    سعيد بن المسيب: الخبء : الماء . وكذا قالعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : خبء السموات والأرض : ما جعل فيها من الأرزاق : المطر من السماء، والنبات من الأرض .


    وهذا مناسب من كلام الهدهد، الذي جعل الله فيه من الخاصية ما ذكره ابن عباس– رضي الله تعالى عنهما- وغيره، من أنه يرى الماء يجري في تخوم الأرض ودواخلها
    .

    وقوله
    : (
    ويعلم ماتخفون وما تعلنون)أي : يعلم ما يخفيه العباد، وما يعلنونه من الأقوال والأفعال .
    وهذا كقوله تعالى : " سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ" سورة "الرعد" الآية(10)
    .
    وقوله: (
    الله لاإله إلا هو رب العرش العظيم ) أي : هو المدعو الله، وهو الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم، الذي ليس في المخلوقات أعظم منه .
    ولما كان الهدهد داعيا إلى الخير، وعبادة الله وحده والسجود له، نهي عن قتله، كما رواه الإمام أحمدوأبو داود وابن ماجة عنأبيهريرة- رضي الله عنه - قال : "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد""صحيح سنن ابن ماجة"(2/1074) برقم(3223)

    وهكذا .. تعجبت عقول البهائم من صنيع بهائم العقول، فانتفضت له منكرة .
    وعقول البهائم هنا لا تعرف توحيدا ولا تؤمن بدينا؟!!! إلا ما أشربت قلوبهم من أهواء، وما صنعت عقولهم – وقد وقفت- من أراء .
    عقول البهائم تأبى الشرك، وبهائم العقول تأبى التوحيد! .
    عقول البهائم تأبى السجود لغير الله تعالى، وبهائم العقول يسجدون لأهوائهم!
    عقول البهائم تعرف المنعم فتشكر، وبهائم العقول ترتع وتكفر! .
    عقول البهائم موافقة لفطرتها، وبهائم العقول محاربة لفطرتها .
    عقول البهائم تنقاد لولاتها، وبهائم العقول تنقاد لشهواتها
    عقول البهائم تسعى إصلاحا، وبهائم العقول تعبث فسادا!
    عقول البهائم في النقل أمينة، وبهائم العقول مكرة أفينة!
    عقول البهائم تحذر الشيطان، وبهائم العقول تعبد الشيطان .

    خبر آخر :
    إنه خبر نملة : تقية نقية، رائدة خير، داعية برّ، ناصحة رشد، في خبرها قال الله تعالى : " حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" سورة "النمل" الآية(18)

    في "الشرح الكبير" " أما قوله تعالى :
    ( ادخلوامساكنكم ) فاعلم أن النملة لما قاربت حدّ العقل، لا جرم ذكرت بما يذكر به العقلاء، فلذلك قال تعالى : ( ادخلوامساكنكم )...
    أن النملة قالت : (
    وهم لايشعرون ) أنها عرفت أن النبي معصوم فلا يقع منه قتل هذه الحيوانات إلا على سبيل السهو، وهذا تنبيه عظيم على وجوب الجزم بعصمة الأنبياء - عليهم السلام"إهـ .

    قلت : وهي كذلك نملة مؤمنة، تعرف أهل الإيمان"سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ" وتعتذر عنهم، فاستُحسن قولها " فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا" سورة النمل" الآية(19) واتبع، وذُكر ذكرا، وشكر شكرا .

    إنها داعية رشد، علمت، فنادت - لناجتها وجنسها- نداءً موجزا معللا معتذرا، فسلمت وسلموا .

    أجل .. هي نملة صالحة مصلحة، تعرف طريق نجاتها، تعرف قدرها، وتقدّر عرفها، أنثى علمت أن في سترها في مسكنها وقاية لها وصيانة بل وحماية من تحطيم فؤادها وأركانها، كم هي عاقلة!

    وبهائم العقول يأرزون إلى جحور الفهوم، يأزّون لتخرج النساء عراة بين دساكر شهوات الرجال المأججة، وبين عساكر النذوات المدججة، مستفرشة تحت الأقدام، موطوءة لشرّ الأنام، ملقاة على الطرقات لكل طارق! باغية غويّة لكل والغ، بدعوى التحرير والتنوير، بل وداعين لحقيق ذلك إلى التثوير؟!

    خبر ثالث :
    مداره على غيرة بعض الحيوانات، ففي "صحيح الإمام البخارى" عن عمرِو بن مَيمونٍ - رضي الله عنه - قال : " رأيتُ في الجاهليةِ قِردةً اجتمعَ عليها قِرَدةٌ قد زَنَت فرَجموها، فرَجمتها معهم " أخرجه الإمام البخاري

    وللحديث قصة : في رواية : قال عمرو بن ميمون : كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شرف، فجاء قرد مع قردة، فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها، فسلّـت يدها من تحت رأس القرد الأول سلاًّ رقيقا وتبعته، فوقع عليها وأنا انظر، ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق، فاستيقظ فزعا فشمها فصاح، فاجتمعت القرود، فجعل يصيح ويومىء إليها بيده فذهب القرود يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد أعرفه فحفروا لهما حفرة فرجموهما فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم" .

    وحال ذكر الحافظ – رحمه الله تعالى- للحديث ذكر خصال القرد، وكان مما ذكر : " فيه من الفطنة الزائدة على غيره من الحيوان، وقابلية التعليم لكل صناعة مما ليس لأكثر الحيوان، ومن خصاله أنه يضحك ويطرب، ويحكي ما يراه، وفيه من شدة الغيرة ما يوازي الآدمي، ولا يتعدى أحدهم إلى غير زوجته" إهـ
    قلت : فيا تعاسة وخزي من كان القرد أغير منه على محارمه، وأحفظ منه للحرمات، وأبعد عن المحرمات .
    وهذا الأسد، قالوا : "من شرف نفسه أنه لا يأكل من فريسة غيره... ولا يشرب من ماء ولغ فيه كلب، وقد أشار إلى ذلك قول الشاعر :
    وأترك حبها من غير بغض *** وذاك لكثرة الشركاء فيه .
    إذا وقع الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفسي تشتهيه
    [right]وتجتنب الأسود ورود ماء *** إذا كان الكلاب ولغن فيه" "حياة الحيوان الكبرى"لمحمد بن موسى بن عيسى الدميري(1/6) ط. دار إحياء التراث العربي
    بل وهذا الطير : " يعيش الحجل([2]) عشر سنين، ويعمل عشين يجلس الذكر في واحد والأنثى في واحد، وهو من أشد
    الطيور غيرة على أنثاه حتى إن الذكرين ربما قتل أحدهما الآخر بسبب الأنثى" "صبح الأعشى في صناعة الإنشا" (2/81) و"حياة الحيوان الكبرى" للدميري (1/219) ط . دار إحياء التراث .

    قلت : فها هي عقول البهائم تأبى الزنا وترجمه، وبهائم العقول يحثّون عليه ويحضّون بدعوى إشباع الغرائز وحق الحرية، يالها من دعوات رديّة؟! .

    خبر رابع :
    يُعرب عن حقيقة أناس هم أضل من الحمير، قال العلامة شمس الدين ابن القيم - رحمه الله تعالى :"من هداية الحمار - الذي هو ابلد الحيوانات- أن الرجل يسير به ويأتي به الى منزله من البعد في ليلة مظلمة فيعرف المنزل فإذا خلى جاء اليه، ويفرق بين الصوت الذي يستوقف به والصوت الذي يحثّ به على السير، فمن لم يعرف الطريق الى منزله- وهو الجنة- فهو أبلد من الحمار"
    نذكر هذا ونذكر معه قول الله تعالى : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ" سورة "البقرة" الآية(170) .
    " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ" سورة "المائدة" الآية(104) .

    خبر خامس :
    البقر وموافقته جبلته، وهناك بقر يتنكرون لفطرتهم : عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه - قال : "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال : "بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث . فقال الناس سبحان الله بقرة تكلم فقال : فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر - وما هما ثم .
    وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة فطلب حتى كأنه استنقذها منه فقال له الذئب هذا استنقذتها مني فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري" فقال الناس سبحان الله ذئب يتكلم قال : فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر . وما هما ثم" "صحيح الإمام البخاري" (3/1280-3284)

    قلت : فهذه بقرة – كدلالة على جنس- فقهت أنها معبدة لله، مخلوقة لغاية، هي لها معظمة، وهناك بقر جحدوا الإله وغفلوا عن وظيفتهم، ناهيك عن بقر يعبدون بقرا، فأي العقلين أعقل وأصلح؟ عقول البهائم أم بهائم العقول، لا ريب أن المقدم مقدم .

    خبر سادس :
    أخرج الإمام أحمد – رحمه الله تعالى- وغيره : عن أبي سعيد الخدري – رضي الله تعالى عنه- قال : عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه، قال : ألا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله إلي . فقال : يا عجبي ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام الإنس؟! فقال الذئب : ألا أخبرك بأعجب من ذلك محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي الصلاة جامعة ثم خرج فقال للراعي أخبرهم فأخبرهم .
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق، والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ويكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده" قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : رجاله ثقات رجال الصحيح... ورواه الترمذي (2181 ) والحاكم (4/467-468) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ورواه البيهقي في الدلائل (6/41–42) وقال: هذا إسناد صحيح! وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8/291) وقال: رواه أحمد والبزار بنحوه باختصار ورجال أحد إسنادي أحمد رجال الصحيح.

    قلت : تأمل كيف أن عقول البهائم تدرك الخير وتنصح به، وتغار على الحُرُم، وبهائم العقول لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا، عمي البصائر، بُهم الفعال، أرباب دياثة، أصحاب فجور، اللهم سلّم .

    خبر سابع :
    الحصان – وهو البهيم- يغزو الشرك ويطأ هام المشركين؛ نصرة الدين؛ فيشاطر في الأجر المتقين، قال الله تعالى : "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ..." الآيات .

    وعن قيس بن أبي حازم قال : قال لي جرير قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ألا تريحني من ذي الخلصة؟" وكان بيتا في خثعم يسمى كعبة اليمانية، قال : فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل قال وكنت لا أثبت على الخيل فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال : "اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا" فانطلق إليها فكسرها وحرقها ثم بعث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره فقال رسول جرير والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجوف أو أجرب قال : "فبارك في خيل أحمس ورجالها" خمس مرات" رواه الإمام البخاري .

    قلت : لما شاركت في الخير– الجهاد- علت، بل ونسبت إلى المُعظّم "يا خيل الله اركبي" وذكرت في مُعظّم – كما تقدم- بل وضرب لها سهما من مُعظّم تكريما، ورتب الأجر العظيم على المهتم بها، القائم على أمرها([3]) .

    أجل .. كتب لها الخير لمشاطرتها الخير، وأما بهائم العقول، فيشاركون المشركين في شركهم، ويشاطرونهم شرهم! ويدعونها حرية وحقوق غربية .

    بل وكما تعلق الخيل بالخير، ذكر كذلك الذباب لتعلقه بإثبات أصل الخير وخيره – التوحيد- وذلك قول الله تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ" سورة "الحج" الآية(73)

    فيا هذا وكل هذا : علمك الذي تفاخر به، أين هو من هذه الآية؟! وهي آية من آيات!
    انتهوا خيرا لكم، وأنيبوا إلى ربكم، واتبعوا ترحموا قبل أن ترجموا .

    خبر ثامن :
    خبر الفيل المحمود، وتعظيمه للحرم، وعدم تعديه الشعائر، وتقديسه للمقدسات!

    فأنت ترى كيف أنه قد أفردت سورة باسمه، كيف نُسبت الحادثة له، فذكر، وأهمل الطاغية وحزبه، والذكر هاهنا تشريف، كما أن إهمال أولئك تحقير وتقريع وتوبيخ، وفيه دلالة!، قال الله تعالى : " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ" سورة "الفيل"

    في "التفسير الكبير" : "... واعلم أن قصة الفيل واقعة على الملحدين جدا، لأنهم ذكروا في الزلازل والرياح والصواعق وسائر الأشياء التي عذب الله تعالى بها الأمم أعذارا ضعيفة .
    أما هذه الواقعة فلا تجري فيها تلك الأعذار، لأنها ليس في شيء من الطبائع والحيل أن يقبل طير معها حجارة، فتقصد قوما دون قوم فتقتلهم، ولا يمكن أن يقال : إنه كسائر الأحاديث الضعيفة لأنه لم يكن بين عام الفيل ومبعث الرسول إلا نيف وأربعون سنة، ويوم تلا الرسول هذه السورة كان قد بقي بمكة جمع شاهدوا تلك الواقعة، ولو كان النقل ضعيفا لشافهوه بالتكذيب، فلما لم يكن كذلك علمنا أنه لا سبب للطعن فيه" من "تفسير الرازي" المعتزلي – عفا الله تعالى عنه - للسورة .

    بل "وأخرج
    ابنإسحاقفي السيرة،والواقدي، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي، عن عائشة– رضي الله تعالى عنها- قالت : " لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان" "فتح القدير" للشوكاني – رحمه الله تعالى- عند تفسير سورة الفيل .

    فعقل البهيم عقله فلم يتجاسر على المقدسات أو يتجرأ على الحرمات، أما بهائم العقول فما أجرأهم على الله تعالى، وما أصبر الله عليهم!!!
    يتعدون الحدود، ويتخطون القيود، وينتهكون الحرم! لا يقدسون مقدسا، ولا ينزهون منزها، بل قدّسوا الخبيث المستخبثا، ونزهوا الكريه المستكرها .

    خبر تاسع :
    مصدر التلقي وأثره، وآية ذلك النحل، يقع على الحُسن، ويتلقى أحسنه، فأخرج حُسنا، فيه مع الحُسن الغذاء والشفاء، قال الله تعالى : "وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ" سورة "النحل" الآية(68) " ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "سورة "النحل" الآية(69) .

    وبهائم العقول : من ردائة طبعهم، وسوء طويتهم، اختاروا الخبيث، ومن خبثهم استحسنوه وتلقوه بل وتلقفوه، وفي بطونهم طبخوه حتى أخرجوه بيننا قذراً أخبث ما يكون القذر والخبث، ويدّعون – والحالة هذه- أنهم مصلحون!!!

    وفيهم وأشباههم نستحضر قول الله تعالى : "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً" سورة "النساء" الآية(51) .

    خبر عاشر :
    الإحسان وأثره، واعتبر ذلك بحال الهرة : "القطإذا أحسنت إليه مرة جعل كلما رآك لاطفك، وتمسّح بثيابك وأنت كل ذرة من بدنك تشهد بإحسان الله إليك .. وكل شعرة من جسدك مغمورة بنعمته عليك، ومع هذا كله، كلما رغّبك فيه، رغبت عنه! وكلما أدناك منه، أحببت غيره! وكلما واصلك جافيته! خاصمته وأنت أحوج ما تكون إليه! وصالحك وهو أغنى ما يكون عنك !!!"

    وفي الصلة بين البهائم ودعوى بهائم العقول، وفضل - بعد تفضيل - الأول على الثاني : عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال : " أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بوجهه، فقال : يا معشر المهاجرين خمس إذا اتليتم بهن - وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضواْ . ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم . ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء فلولا البهائم لم يمطرواً . ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم . وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" أخرجه ابن ماجة(4019) والحاكم(4/540) وصححه الألباني في الصحيحة(106)

    والباب فيه طول، وفيما ذكر إشارة إلى ما طوي .

    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: عقول البهائم وبهائم العقول

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.01.10 19:03

    صفوة القول :

    القول : بأن الحيوانات كبقيّة المخلوقات خاضعة لله عابدة، فطرة وجبلة، لا اختيارا واختبارا .


    في "الصحيح" : " قرصت نملةٌ نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأُحِرقت فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمةً من الأمم ُتسبح الله ""البخاري"3019 ) )

    هذا خاص وفي عمومها : قال الله تعالى : "تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً" سورة "الإسراء" الآية(44)
    قال الله تعالى : "وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ" سورة "الأنبياء" الآية(79) "إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ" سورة "ص" الآيتان(18-19)

    ووجد بهائم العقول لا تنزه فضلا عن أن تسبح، بل وتجحد وتأبى ؟!!!

    وعن إسلام المخلوقات- ومنها الحيوانات- الكوني والشرعي وطاعتها لله تعالى، خالقها وخالق كل شيء، قال الله تعالى : "أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ، وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" سورة "آل عمران" الآية(83)
    [/right]

    الحاصل : فالكافر والمعرض بدلا من أن يتصف بصفات يرتقي بها, اتصف بصفات جعلته يهوي ليصل إلى مرتبة التساوي مع الحيوان البهيم, بل أحطّ ، قال تعالى : "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" سورة "الأعراف" الآية (179)

    ولقد ذكر الله سبحانه صنفين من البشر, وشبههم في إلحادهم وإعراضهم بخصلتين من خصال الكلب والحمار :


    ففي الأول : قال الله تعالى : "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " سورة "الأعراف" (175-176)

    هذا مثل ضرب في تعري الكافر عن الهدى، قال الإمام البغوي – رحمه الله تعالى : "والمعنى : إن هذا الكافر إن زجرته لم ينزجر، وإن تركته لم يهتد، فالحالتان عنده سواء، كحالتي الكلب : إن طرد وحمل عليه بالطرد كان لاهثا، وإن ترك وربض كان لاهثا .
    قال القتيبي : كل شيء يلهث إنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب، فإنه يلهث في حال الكلال وفي حال الراحة وفي حال العطش، فضربه الله مثلا لمن كذب بآياته، فقال : إن وعظته فهو ضال، وإن تركته فهو ضال، كالكلب إن طردته لهث، وإن تركته على حاله لهث" "تفسيرالبغوي"(3/305) ط. دار طيبة .

    وفي الثاني : قال الله تعالى : "مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " سورة "الجمعة" الآية(5)

    قال شيخ المفسرين أو جعفر الطبري– رحمه الله تعالى : " كمثل الحمار يحمل على ظهره كتبا من كتب العلم، لا ينتفع بها، ولا يعقل ما فيها" "تفسير الطبري"(23/377) ط. دار المعارف .

    قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى : " أي : كمثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدري ما فيها، فهو يحملها حملا حسيا ولا يدري ما عليه .
    وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه، حفظوه لفظا ولم يفهموه ولا عملوا بمقتضاه، بل أولوه وحرفوه وبدلوه، فهم أسوأ حالا من الحمير; لأن الحمار لا فهم له، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها" "تفسير القرآن العظيم"(8/117) ط . دار طيبة .

    أجل : من عقول البهائم – من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل- ما هو خير وأطوع من بهائم العقول : قال الإمام الكبير عبد الله بن المبارك- رحمه الله تعالى : « كم من مركوب خير من راكبه، وأطوع لله، وأكثر ذكرًا» أخرجه البيهقي في «الشعب"(5189)"تحرير الجواب..." ص(19،21)

    فهلاّ تعلمت بهائم العقول من عقول البهائم .

    قال مرعي الكرمي الحنبلي :
    إذا لم يكن للمرء عين صحيحة *** فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر
    ومن يتبع لهواه أعمى بصيرة *** ومن كان أعمى في الدُّجى كيف يبصر"

    وأما مردة اللإنس والجان، فهم كما وصف الله تعالى لا عقل([4]) لهم، كما نفى عنهم السمع والبصر - المسترشد لا المدرك . قال تعالى : " إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ" سورة "الأنفال" الآية(22)

    و" َالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ" سورة "محمد" الآية(12)

    هذا مع ضميمة اعتبار منافع البهيم : فمن منافع الحيوان كما جاء في القرآن :
    قال الله تعالى : " أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ" سورة "لقمان" الآية(20)

    فالأنعام نعمة توجب إقرارا وشكرا، خلافا لبهيم العقل فإنه نقمة، تدفع بالمناصحة أو المزايلة، هذا على وجه الإجمال، أما التفصيل :

    فقد قال الله تعالى : "وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ" سورة "النحل" الآية(5) .
    "وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ" سورة "المؤمنون" الآية(21)
    "وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ..." سورة "الأنعام" الآية( 142)
    " وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ" سورة "النحل" الآية(80)
    "ِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ" سورة "الحج" الآية(28)

    والمنافع :
    إما طعاما : كلحوم الأنعام والأسماك.
    وإما شرابا : كشرب ألبان الأنعام وعسل النحل .
    وإما تطبيبا - دواءًا : مثل عسل النحل .
    وإما تطيّبا : إذ يستخرج الطيب من دم الغزال ونوع من الحيتان والفئران – فأرة المسك .
    وإما لباسا وأثاثا : كصناعة بعض الملابس والأثاث من أوبار وأشعار وصوف الأنعام .
    وإما استعانة : ككلاب الصيد والحراسة، وحمل الأثقال والإنسان مثل الخيل والبغال والحمير والإبل .

    قلت : فهذا شيء من صلاح وإصلاح بهم العقول حال حياتها بل وبعد موتها .
    وأما عقول البهم : ففسادها وإفسادها حياتها وهالكها، تبا لها .

    هذا وهناك من النسناس – أشباه الناس- من جمع صفات لا حيوان بل حيوانات، في تنقله بين الملل والعقائد والمناهج كالقرود، وبين الترائب والأرداف كالكلاب والخنازير، وبين المكر والتلون كالثعالب والثعابين ... إلخ

    ومن هؤلاء، صنيع دعاة الحريّة، زعمت الحقوق والإنسانية، في أيامنا : لا دين وازع، ولا عقل رادع، ولا إيمان زاجر، إنما هي بهيمية المعتقدات والأقوال والأفعال، ويحسبون أنهم على شيء! بل يزعمون أنهم مصلحون!
    ثانياً : بهائم العقول .
    في محاولة تصحيح المفاهيم، وصد عدوان المعتدين، ودفع شبه الجاهلين، ودعوة المفتونين والملحدين، ترادفت أبحاث([5])
    - عجلى- تعجيلا للمنفعة، وتحقيقا للمصلحة، ترجو وتأمل، وفي المقام، أقول :

    قال مفتون :" نرتاد السيرك على سبيل التسلية والتشفي معاً : التسلية : بما نراه من عروض يختلط فيها الفن باللياقة البدنية العالية .
    والتشفي : بأن نرى الحيوانات القوية الضارية، وهي تطيع مروضها الإنسان حامل الكرباج .
    فنرى أسد الغابة "يعمل عجين العجوزة" و"نوم العازب"، نسعد داخلياً بقدرة الإنسان (حامل الكرباج) على تحويل الأسد إلى قرد أو إلى بلياتشو، يقوم صاغراً بكل ما يؤمر به.
    ربما لم يفكر كثيرون، إن كان ما يعرضه السيرك هذا حقيقة أم إيهام وخديعة، وهل ما نشاهده يتقافز ذليلاً، هو في الحقيقة الأسد ملك الغابة، وقد خضع أخيراً لمشيئة الإنسان، أم أننا نشاهد كائناً آخر، يقدم لنا في زي أسد؟ "إهـ

    قلت : هذا مع فحش التصوير وشراسة التمثيل، سوء ظن بالمسلمين .
    ومردّه إلى ما قاله أبو الطيب
    إذا ساء فعلُ المرء ساءت ظنونه * * * وصدَّق ما يعتاده عن توهُّمِ !
    وعادى محبِّيه بقول عداته
    * * * وأصبح في ليلٍ من الشكِّ مظلمِ
    !

    المسلمون قد شرّفهم الله تعالى بالتوحيد، وأعزهم ببعثة سيد المرسلين المبعوث رحمة للعالمين بشرع عظيم متين، تسمو به الأرواح، وتزكو العقول، وتسعد الدور .

    حياتنا - يا هذا - أيا مدعي الحقوق وزاعم الحرية وعاشق الإنسانية! ليست سيركا!! ولا خداعا!!! معاذ الله تعالى! إنما هي استقامة واتباعا، والناس فيها بين مستكثر ومستقل .

    فدعك – أيا ذليل الأذلة – من هذا الاستعلاء الوضيع علينا، فالعزة نحن – بإيماننا – أهلها، والغلبة لنا في العاجل أو الآجال .
    تأويلا لقوله تعالى : "وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" سورة "آل عمران" الآية(139) .
    وقوله تعالى : "َلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ" سورة "المنافقون" الآية(8) .

    وله ولشبهه من المفتونين المغرورين : أذكرهم بقول الله تعالى : "الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً" سورة "النساء" الآية(139) .
    وقوله تعالى : "وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ" سورة "البقرة" الآية(206) .

    وللمؤالف والمخالف : أذكر بقوله تعالى : "مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ" سورة "فاطر" الآية(10) .
    وقوله : "َلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ، إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" سورة "يونس" الآية(65) .
    و"سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ" سورة "الصافات" الآية(180)
    .


    ثانيا :
    وأما عن تشبيهه ولاة الأمر - علماء وأمراء - بالبغا والطغاة، فمخرجه بغيه وظلمه، وقد تقدم التدليل .

    أما نحن : فنحن أمة يسيّرها الدليل، كبح جماحها الدين، ساقها إلى كل خير، ودعاها إلى كل بر، ومن ذا :

    علاقة المسلم بولي أمره : قوامها المعروف، وشيجتها التناصح، صلتها التواصي على الخير، يسعي ولي أمرها لخير وخيرية الرعية في الدارين .
    والرعية تطيع – في المعروف وحسب القدرة- مع التوقير، والدعاء له بالتوفيق للخير والتيسير، ويتعاونون جميعا على البر والتقوى احتسابا واتباعا .

    أما السوقة حقاً : فدعاة التحرير والتنوير الذين احتضنتهم الملاحدة، وأرضعتهم الحاسدة، الذين درجوا في أزقة مشاربها الفاسدة، وتربوا في خبايا زواياهم المتآمرة، وعلى إحنها ودغلها رُبّوا وربوا .
    متسولة سمتها بل سمّها، مرتزقة فتاتها وقيأها، عبدة الهوى عشقة الخنا، شاركهم في ذا وشايعهم : المتشيعة والمتصوفة، وقينا وعُفينا وكُفينا .

    لأجل ذلك : نحن لم ننكر عدم تمييز المفتون، وذلك قوله : ( هل ما نشاهده يتقافز ذليلاً، هو في الحقيقة الأسد ملك الغابة، وقد خضع أخيراً لمشيئة الإنسان، أم أننا نشاهد كائناً آخر، يقدم لنا في زي أسد؟ ) وسيأتي .

    ثالثاً :
    بطلان المقدمة والتعليل - التشفي- في دلالة على نفسية الكاتب وعقليته، وهذا ظاهر في دعوته .

    قال المفتون : "الحقيقة التي ربما نعرفها ولا نحب أن نعترف بها، هي أن ما نشاهده من حيوانات ضارية مطيعة وخنوعة، لا تحمل من مواصفات الضواري غير الشكل الخارجي، أما قلبها فقد أفرغ تماماً من محتواه الطبيعي، وتم حشوه بقلب آخر من صنعنا .
    فما نشاهده من حيوانات لم يسبق لها أن رأت موطنها الأصلي الذي هو الغابة، ولم تحي حياة البرية، وتتطبع بما تمليه عليها من طباع وتكسبها من مهارات .
    هي حيوانات ولدت في الأسر داخل السيرك. تعودت الذلة والمسكنة تحت تهديد السياط .
    كما لم تعرف أنها تستطيع الحصول بنفسها على طعامها، بل تدربت على الانتظار الذليل أن يجود به عليها سيدها الإنسان .
    تم تدريبها على أن تؤمر فتطيع صاغرة ذليلة .
    فهل بعد هذا يمكن أن نعتبرها حيوانات مفترسة، لمجرد أن شكلها الظاهري يوحي بذلك؟

    قلت :
    أولا : بيان يأس الكاتب وسامره ولا بدّ، إذ هؤلاء مرضى كما قدمت، مرضى القلوب والعقول، مرضى الشهوات والشبهات، أضيق الناس صدورا، وأسوأهم ظنونا، وأشدهم شرودا ومجونا .

    من سفههم : لا يروا إلا أنفسهم، ولا يعجبهم إلا حالهم، ولا يسكنون إلا أهواءهم، ولا يأنسون إلا على المسخة أشكالهم .

    تلاعبت بهم الشياطين؛ فزينت لهم أعمالهم، لذا نراهم – كما هو الحال هنا- تتقاذفهم الأهواء، وتتلاعب بهم في الأنحاء، وتلقيهم في باطل الأجواء، فيظنون - من سكر عقولهم وغشاوة أبصارهم وران قلوبهم - أن السراب سحابا، ويحسبون النيران ضياءا، ولو تشرفوا بالوحي لأبصروا، ولو تبصروا سلموا واستسلموا وسموا . والله تعالى الهادي .

    أنحن أيا العقل البهيم وذا الفهم السقيم كما وصفت؟!

    ها نحن نغزو بما أنعم الله تعالى علينا من خير وبر وصفاء صدر ونقاء عقل وقلب العالم بأجمعه، يؤمن بإسلامنا كل سالم، ويأمن بإيماننا كل غانم .

    ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا *** ويأتيك بالأخبار ما لم تزودِ
    ثانياً : حتى المثال، سائمة!، لا نسلّم به، بل ولا يسلم له . إذ لو أكرهت أسود، وخضعت، هي أسود، بل وبعد هلاكها أيضاً أسود .

    وفي قصة رمزيّة، أن امرأة وجدت سمعا – أو جروا : صغير الذئب- فضمته لحظيرتها وغذته بلبنها عنزتُها، فلم ثغر فاه افترس مرضعته، فاستحلب فكر المرأة بعد استجلاب غمّها، فقالت :
    بقرت شويهتي وفجعت قلبي *** وأنت لشاتنا ولد ربيب
    غذيت بدرها وربيت فينا *** فمن أنباك أن أباك ذيب
    اذا كانت الطباع طباع ذئب *** فلا أدب يفيد ولا أديب

    هذا للأول – غلبة الجبلة- وفي الثاني – بقاء الأصل- قال عزيز :
    لا تأسفن على ( دول ) الزمان لطالما *** رقصت على جثث الأسود كلابُ
    لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها *** تبقى الأسود أسود والكلاب كلاب

    بقي أن نتحف المفتون وكل مفتون بقول القائل – وقد صدق :
    كلاب هم للأجانب ولكن *** على أبناء جلدتهم أسود
    أما نحن، فكما قال تعالى : " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" سورة "التوبة" الآية(71)

    قال المفتون : ( أتصور أن أمر الإنسان في منطقتنا، يشبه إلى حد كبير أمر حيوانات السيرك هذه .
    فإذا قارنا بين الصفات الشخصية ورؤية الإنسان الغربي أو إنسان الشرق الأقصى لذاته، وبين تلك التي لإنسان الشرق الأوسط، سنجد البون شاسعاً بين هنا وهناك، بحيث لا يعد من قبيل المبالغة أن نقول أن التشابه بين الجانبين، لا يعدو أن يكون في الشكل الظاهري، أو في الصفات التشريحية، التي لا تتطرق إلى الفكر والنفسية، التي تشكل معالم الشخصية، ليكون علينا إن صح تصورنا أو زعمنا، أن نبحث في الأسباب التي أدت إلى تلك الفوارق الكبيرة، داخل جنس واحد هو جنس
    الإنسان ) .


    قلت : بهيم العقل يشير إلى اتفاق الصورة واختلاف السريرة، عنده أن الإنسان حقا هو البهيم الغربي المتحرر من كل قيد ديني وأخلاقي المتنور بتعاليم كل كفور حسود وحقود، وهذه انتكاسة فكر وارتجاسة عقل .

    وأما المسلم – عنده- فهو أسير أحكامه وحكّامه!
    خاب وخسر، أحكامنا محكمة، وحكامنا منا ونحن منهم، لهم ما حمّلوا وعلينا ما حمّلنا .
    نحن معهم على الحق متواصين متواصلين متعاضدين، وللباطل منكرين كارهين، وإن كان شيء فالنصح مع الدعاء، وفي هذا عزّنا وعزّهم، وللذئب الذليل الذلّ وعليه الذنب، وسيأتي .

    وهكذا يسوق بُهم العقول في بُهمة همجهم لا إلى المساواة بين الطيب والخبيث! بل إلى تقديم الخبيث!!! ما أشقاهم؟! وما أشقى مجانسهم ومجالسهم؟!! .

    هذا .. وقد قال الله تعالى مبينا ومحذرا : " قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" سورة "المائدة" الآية(100) .

    وقال تعالى في بيان حكمته وقضائه : "لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" سورة "الأنفال" الآية(37) .

    وقال تعالى في المشاكلة وووجب المفاصلة وإلا فالمزايلة، مع تهييج النفوس للصلاح والإصلاح فالمغفرة : "الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" سورة "النور" الآية(26) .

    وقال سبحانه مبشرا كل طيب : "مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ" سورة "آل عمران" الآية(179) .

    ولقد جاء في الكتاب والسُّنَّة بأن الخبيث الأكبر سبق هؤلاء في دعوتهم، فكم دعا إلى العصيان والتعري : "يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ" سورة "الأعراف" الآية(27)
    وجاء – كما جاءوا هنا- في ثوب الناصحين! بل في مسلاخ الموحدين!!! : مقسما بربّ العالمين "وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ" سورة "الأعراف" الآية(21) .

    وفي الحديث "المتفق عليه" عن عطاء بن أبي رباح – رحمه الله تعالى- قال : قال لي ابن عباس - رضي الله عنهما- ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ فقلت : بلى . قال : هذه المرأة السوداء، أتت النبي - صلى الله عليه وسلم- فقالت إني أصرع وإني أتكشف فادع الله تعالى لي . قال : إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك؟ فقالت : أصبر . فقالت : إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها"

    أرأيت؟! أرأيتم؟!! هذه المؤمنة تصبر على مجاهدة عدو خفّ فشفّ فلا يرى، يوسوس ويأز، يمرض - بإن الله تعالى- ويقتل، غير أن الذي لا تصبر عليه : التكشف!!!

    فكن بل كونوا لذا على ذكر، وعشك فادرجي .

    إن المسلم – وكذا المسلمة- وإن كان منه شيئا فلا يخبث، أما الخبيث حقا المستخبث صدقا فهو الوالج في الأعراض، الوالغ في الإعراض، برهان ذلك :

    ما جاء في "الصحيح" ...عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز : أن خالد بن اللجلاج حدثه أن اللجلاج أباه أخبره : أنه كان قاعدا يعتمل في السوق فمرت امرأة تحمل صبيا، فثار الناس معها، وثرت فيمن ثار، فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : من أبو هذا معك ؟ فسكتت . فقال شاب حذوها : أنا أبوه يا رسول الله . فأقبل عليها فقال : من أبو هذا معك ؟ قال الفتى : أنا أبوه يا رسول الله . فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض من حوله يسألهم عنه . فقالوا : ما علمنا إلا خيرا . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أحصنت؟ قال : نعم . فأمر به فرجم .
    قال : فخرجنا به فحفرنا له حتى أمكنا، ثم رميناه بالحجارة حتى هدأ .
    فجاء رجل يسأل عن المرجوم فانطلقنا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا : هذا جاء يسأل عن الخبيث .
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لهو أطيب عند الله من ريح المسك .
    فإذا هو أبوه، فأعناه على غسله وتكفينه ودفنه، وما أدري قال والصلاة عليه أم لا " "صحيح سنن أبي داود"(1/150) برقم(4435)

    أجل .. إن الخبيث([6]) النجس هو المشرك "إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ..." سورة "التوبة" الآية(28) في حصر وقصر، فكيف بجاحد الإلهية الداعي إلى البهيميّة .

    والموت يلفنا، والنشر يجمعنا، وساعتئذ يستعلن مقام الطيب والخبيث ومآله، ففي الصحيح" : " إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قال : اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج
    ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقول فلان فيقال مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان
    فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله تبارك وتعالى .
    فإذا كان الرجل السوء قال اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج
    فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقال لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنها لا تفتح لك أبواب السماء فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر ;
    فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشعوف .
    ثم يقال له : فيم كنت ؟
    فيقول : كنت في الإسلام .
    فيقال له : ما هذا الرجل ؟
    فيقول : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه
    فيقال له : هل رأيت الله ؟
    فيقول : ما ينبغي لأحد أن يرى الله .
    فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له انظر إلى ما وقاك الله تعالى
    ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له هذا مقعدك
    ويقال له : على اليقين كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله .
    ويجلس الرجل السوء في قبره فزعا مشعوفا، فيقال له : فيم كنت ؟
    فيقول : لا أدري ؟
    فيقال له : ما هذا الرجل ؟
    فيقول : سمعت الناس يقولون قولا فقلته، فيفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها
    فيقال له : انظر إلى ما صرف الله عنك
    ثم يفرج له فرجة إلى النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال هذا مقعدك :
    على الشك كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله" "صحيح الجامع" برقم(1968) . ‌

    وعن أبي أمامة– رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم : "يا أيها الناس إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال .
    وإن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج لكل مسلم وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم
    وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يمينا وشمالا يا عباد الله أيها الناس فاثبتوا فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه قبلي نبي
    ( إنه يبدأ فيقول أنا نبي ولا نبي بعدي ثم يثني فـ ) يقول أنا ربكم ولا ترون ربكم حتى تموتوا وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب .
    وإن من فتنته أن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف ( فتكون بردا وسلاما كما كانت النار على إبراهيم )
    وإن من فتنته أن يقول للأعرابي أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول نعم فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان يا بني اتبعه فإنه ربك
    وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها ينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين ثم يقول انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه ثم يزعم أن له ربا غيري فيبعثه الله ويقول له الخبيث من ربك فيقول ربي الله وأنت عدو الله أنت الدجال والله ما كنت قط أشد بصيرة بك مني اليوم .
    وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت .
    وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت .
    وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعا
    وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة لا يأتيهما من نقب من أنقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة حتى ينزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنفي الخبيث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص .
    قيل : فأين العرب يومئذ ؟
    قال : هم يومئذ قليل ( وجلهم ببيت المقدس ) ; وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصل بهم إمامهم فإذا انصرف قال عيسى افتحوا الباب فيفتحون ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء
    وينطلق هاربا ( ويقول عيسى إن لي فيك ضربة لن تسبقني ) فيدركه عند باب لد الشرقي فيقتله فيهزم الله اليهود فلا يبقى شيء مما خلق الله عز وجل يتواقى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق إلا قال يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال اقتله .
    فيكون عيسى بن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما مقسطا يدق الصليب ويذبح الخنزير ويضع الجزية ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير وترفع الشحناء والتباغض وتنزع حمة كل ذات حمة حتى يدخل الوليد يده في في الحية فلا تضره وتضر الوليدة الأسد فلا يضرها ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله ... " الحديث "صحيح الجامع" برقم(7875)

    ----------------------------
    ([1]) نذكر هذا ونذكر معه بيت الكذب، الرافضة الزاعمة : " قال الصادق - عليه السلام - لا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاثة: حمار بلعم بن باعورا وذئب يوسف عليه السلام وكلب أصحاب الكهف". "تفسير الصافي"(3/ 233)

    نذكره ونذكر معه ما رواه " الكلينى فى الكافى عن على بن ابى طالب - رضى الله عنه- أنه أخبر أن عفيراً حمار النبى - صلى الله عليه وسلم – انتحر، فقال على : أن ذلك الحمار كلم رسول الله فقال : " بأبى أنت وأمى إن أبي حدثنى عن أبيه عن جدة عن أبيه أنه كان مع نوح فى السفينه، فقام إليه نوح - عليه السلام - فمسح على كفله ثم قال يخرج من صلب هذا الحمار حماراً يركبه سيد النبيين وخاتمهم فالحمد لله الذى جعلنى ذلك الحمار" "اصول الكافي" (1/237)

    قلت : فلئن بهمت عقول، فهل تتدنى إلى هذه البُهمة في القول والاعتقاد ؟! ورحم الله تعالى شيخ الإسلام إذ قال عن الرافضة : " فهم كما قال فيهم الشعبي - وكان أعلم الناس بهم - لو كانوا من البهائم لكانوا حمرا، ولو كانوا من الطير لكانوا رخما" " مجموع الفتاوى" (4/472)وانظر الأثر في "السنة" للإمام عبدالله بن أحمد بن حنبل رحمهم الله (2/548) وذكره كذلك الإمام الخلال - رحمه الله - في "السنة" (1/497) وكذا الإمام اللالكائي – رحمه الله تعالى- في "أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (6/393) .
    قلت : الحمر، جمع، وواحده حمار . معروف . وعن الرخم :
    في "تاج العروس" : " الرخم ( طائر م ) معروف ( الواحدة بهاء ) وهو طائر أبقع على شكل النسر خلقة الا أنه مبقع بسواد وبياض ...وهو موصوف بالغدر والموق وقيل بالقذر" أهـ "تاج العروس" للزبيدي (32/236)
    وقال الجاحظ : " وقد أجمعوا على أن الرخم من لئام الطير وبغاثها ، وليست من عتاقها وأحرارها " كتاب الحيوان" (3/258) وذكر أنها تأكل العذرة" "الحيوان" للجاحظ (1/235) .



    ([2]) الحجل : طائر على قدر الحمام، كالقطا، أحمر المنقار والرجلين، ويسمى دجاج البر، وهو صنفان نجدي وتهامي""حياة الحيوان الكبرى" للدميري(1/218-219) ط . دار إحياء التراث .


    ([3]) في "الصحيحين" وغيرهما، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - سئل : "... قيل يا رسول الله فالخيل ؟ قال : الخيل ثلاثة، هي : لرجل وزر وهي لرجل ستر وهي لرجل أجر . فأما التي هي له وزر : فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء لاهل الإسلام فهي له وزر . وأما التي هي له ستر : فرجل ربطها في سبيل الله ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها فهي له ستر . وأما التي هي له أجر : فرجل ربطها في سبيل الله لاهل الإسلام في مرج أو روضة فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات ولا تقطع طولها فاستنت شرفا أو شرفين إلا كتب له عدد آثارها وأرواثها حسنات ولا مر بها صاحبها على نهر فشربت منه ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله تعالى له عدد ما شربت حسنات ..." انظره وتخريجه "صحيح الترغيب والترهيب" برقم(754)


    ([4]) والعقل عقلان : عقل إدراك، وعقل رشد . والثاني متضمن للأول، وعليه التعويل، ومترتب عليه النعيم والجحيم .


    ([5]) كلها في نقاش على الشبكة العنكبوتية في منتدى "المستقلة" الداعي إلى الحرية، في طرح إلحادي ماجن، الحاصل، والأبحاث هي :
    - قال عابد الصليب
    - إرشاد الحائر وإخماد الجائر
    - الناعق والتابع
    - البراقع والبلاقع
    - وبحثنا هذا "عقول البهائم وبهائم العقول" والله تعالى الهادي .


    ([6]) يطلق على معنيين : أحدهما : ما لا منفعة فيها كقوله – صلى الله عليه وسلم : " كما ينفي الكير خبث الحديد" "صحيح الإمام البخاري" كتاب الأحكام " "وصحيح الإمام مسلم" كتاب البر "
    والثاني : ما تنكره النفس، كقوله تعالى "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" قاله العلامة ابن العربي في "أحكام القرآن"(1/314)
    والمقصود : بنجاسة الكافر : نجاسة معتقد لا ذات . نجاسة معنويّة لا حسيّة، ومنهم من يجمع بين النجاستين .
    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: عقول البهائم وبهائم العقول

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.01.10 19:05

    قال المفتون : "للإجابة على هذا السؤال اختلف الباحثون، فذهب البعض منهم مذهباً عنصرياً، يرجع الاختلاف إلى أسباب بيولوجية، في أساس التكوين الجيني للإنسان، ورتب هؤلاء البشر إلى مراتب وفق أعراقهم، فوضعوا البعض على رأس القائمة، والبعض الآخر في أسفلها، كما فعلت نازية أدولف هتلر، وفاشية بينيتو موسيليني، وما كانت الحرب العالمية الثانية إلا محاولة تسييد الشعوب التي اعتبروها الإنسان الأعلى، على تلك الشعوب التي عدوها في مؤخرة القائمة، وفي هذا المسار أيضاً كانت المذابح والمحارق لليهود، الذي احتلوا مرتبة متأخرة في القائمة النازية )

    يقال للعقل البهيم : بادئ ذي بدء : هؤلاء الذين تتحدّث عنهم شرقيون أم غربيون؟
    وهل جرائمهم تلك أنتهت أم متسلسلة ؟
    أين الحقوق المزعومة ؟
    أين الحرية الممنوحة؟
    ألست تدعو إليهم ؟

    وعليه .. سيركك المظنون بل الموهوم : عنهم . وأنت منهم؟

    وعصم الله العظيم المسلمين بإسلامهم من التقلب والتلون، والهوي مع الأهواء، والروغان مع المجان، فالانكباب بل والسقوط والهبوط والانحطاط .

    ثانياً : يقال له ولهم، لقد خلق الله تعالى عباده حنفاء، وركّب فيهم قوى ابتلاءً، وفيهم جهل وظلم "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً" سورة "الأحزاب" الآية(72)

    غير أن الخالق البديع لم يترك خلقه عبثا، ولم يتركهم سبحانه وتعالى سدى، قال تعالى : "َأفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ" سورة"المؤمنون" الآية(115) وقال سبحانه : "أيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى" سورة "القيامة" الآية(36)

    وإنما خلق وهدى، قال الله تعالى : "رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى" سورة "طه" الآية(50) هداية عامة .
    "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً" سورة "الإنسان" الآية(3) هداية خاصة .
    وقال تعالى : "قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ " سورة "الأنعام" الآية(104) .

    فمن أحسن، فله الحسنى، ومن أساء فعليه، قال الله تعالى : "وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى" سورة "النجم" الآية(31)
    وقال تعالى : "إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ" سورة "الزمر" الآية(41)
    غير أنه :
    "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ" سورة "فصلت" الآية(46)
    "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ" سورة "فصلت" الآية(46)
    "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ" سورة "الجاثية" الآية(15)
    "إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ" سورة"يونس" الآية(4)
    "لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" سورة "إبراهيم" الآية(51)
    "لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً" سورة "الأحزاب" الآية(24)
    "لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" سورة "سبأ" الآية(4)
    "لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ" سورة "الجاثية" الآية(14)
    "... لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" سورة "التوبة" الآية(121)
    بل
    "لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ" سورة "الروم" الآية( 45)
    "لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" سورة "النور" الآية(38)

    ثالثاً : الحقيقة أن بُهم العقول لا يقبلون شرعا، كما لا يقبلون شرقا بل ولا غربا!!
    إنهم يريدونها أهواء، يبغونها عوجاء، قال الله تعالى : "وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ" سورة "المؤمنون" الآية(71) .
    وقال تعالى محذرا : "وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ" سورة "البقرة" الآية(145) .
    وقال تعالى مُعْلما ومعَلّما : "قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ" سورة "البقرة" الآية(120) .
    "فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ" سورة "الشورى" الآية(15)

    وبيّن أحكم الحاكمين حال الفريقين في إيماءة إلى مآلهم، وكيف أن أمرهم قائم على التزيين، فحسب :
    تزيينٌ غرّهم .
    وتزيين يغرّهم .
    وتزيين يغررون به .

    وهدى الله تعالى أهل الحق، وعصمهم من الأهواء والتي مصدرها الغَرور والغُرور، " أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ" سورة "محمد" الآية(14)

    قال المفتون : ( أرجع بعض آخر الفروق بين الشرقيين والأفارقة وبين الغربيين إلى العوامل الجغرافية، من مناخ وتضاريس، تطبع الإنسان بطابعها، فيكون الإنسان في المناطق الحارة مثلاً كسولاً لا ينحو لإعمال العقل، في حين يكون في المناطق الباردة نشيطاً ذكياً...
    وهكذا الكثير من التنظيرات، التي تجعل من دونية الإنسان الشرقي قدراً - بيولوجياً أو
    جغرافياً- لا مهرب منه.
    إذا قررنا تجاوز تلك التصورات والتنظيرات، التي لم تجلب على البشرية إلا الحروب والخراب، وذهبنا مباشرة إلى النتيجة الماثلة أمامنا، وهي شيوع ثقافة شرقية خاصة في تلك المنطقة من العالم، ربما قد ماثلت في عصور ما حقباً ظلامية مماثلة مرت بها مختلف الشعوب، لكنها انقرضت أو تجاوزتها جميع شعوب العالم، فيما بقيت هنا راسخة، وربما تزداد رسوخاً وفاعلية، كلما ظهر التباين بين أحوالنا وأحوال كل آخر .

    ثقافة تحول إنسان الشرق كما لو إلى كائن مختلف كل الاختلاف، عن الكائنات الإنسانية في كل الشعوب التي شقت طريقها نحو التقدم والحداثة.
    تعتمد ديمومة تلك الثقافة المستأصلة لإنسانية الإنسان على عنصر التنشئة والتربية.
    فالمفترض أن التربية تهدف لتأهيل الإنسان لمواجهة الحياة، وتعظيم وصقل قدراته.
    فنظرة مقارنة متأملة للقيم التي تم تلقينها لنا، ونلقنها نحن بدورنا لصغارنا، كفيلة بأن تكشف لنا السرّ في ضعف واستضعاف إنسان هذه المنطقة، وفي خنوعه لحكامه، وعجزه عن إنتاج خبزه، وفي النهاية وقوعه فريسة لأيديولوجيات الكراهية والإرهاب، كمهرب سهل من الفشل المزمن الذي يواجهه، إزاء كل متطلبات الحياة.
    في مقابل شعوب أخرى كشعوب الشرق الأقصى، عرفت طريقها نحو العصر، بل وصارت منافساً وشريكاً قوياً لشعوب الشمال والغرب المتطورة والمتقدمة.
    وكانت البوابة التي دخلت منها تلك الشعوب إلى مسيرة التقدم، هي إيمان الإنسان الفرد بأنه سيد مصيره.
    إيمانه بقوته الذاتية، وبقدراته الشخصية والعقلية، التي بها وبها وحدها، يستطيع أن يتغلب على كل ما يواجهه من صعوبات، في حين بقي إنسان الشرق الأوسط يستشعر ضعفه وهزاله، مستسلماً لقدره، ولسادته الذين يعدونه بعون يأتيه من السماء، يبدل حاله من الكرب إلى الفرج، ما إذا لم يتحقق في هذه الحياة الدنيا، فإن المصير
    السعيد لابد سينتظره في العالم الآخر!!


    قلت : ألا فليعلم أن إسلامنا دين تام عام، شامل كامل، فوق المشارب والأشكال، والألسن والألوان، قال الله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" سورة "الحجرات" الآية(13)
    وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا أبيض على أسود ولا أسود على أبيض إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب" صححه العلامة الألباني في تخريج الطحاوية برقم(406)

    ومن ثم .. فإن الهداية والرفعة في اتباعه، بغض النظر عما ذكر المفتون، دينه الباعث إلى تهذيب سيرته وسلوكه وسيره، هذا بضميمة أن الأخلاق منها المكتسب، واعتبار الحال، فشاهد الوجود يصرخ بتقدم المسلمين العرب والغرب .

    وفي بيان أن الإيمان سبب في الخير، وأن التعويل عليه، دونما إنكار للأسباب والسعي إلى السيادة قدر الأمكان، وفق الأسباب التي نصبها الشارع- المعزّ المذل، الرافع الخافض، المعطي المانع – سبحانه- قال الله تعالى : " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ" سورة "الأعراف" الآية(96) .
    "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" سورة "يوسف" الآية(109)

    وعليه .. فالطنطنة حول تقدم الغرب، واتخاذ العقل، وطرح الموروث ونبذ المعهود، رذلة رذيلة من رذلاء، سخفة سخيفة من سخفاء، سقطة سحيقة من لقطاء .

    ثانياً : يقال للمفتون : أما الدونيّة، فمردها إلى الاعتقاد والأعمال، وعليه فهي – على حقيقتها- بقضها وقضيضها في الكفر وأهله .

    ثالثاً : بيان قاعدة القدر، وهي أن "القدر يحتج به في المصائب لا المعايب" الأمر الموجب لبطلان مقدمته ونتيجته .
    غير أن السؤال يلحّ : ما شأن الإلحاد بالقدر؟!!!
    ما أدري بأي التعليقين أعلق : عن تأثير جهله ؟ أم عن غلبة أصله ؟

    رابعاً : قد علم المفتون كما علم غيره أن الإسلام يأمر بالكمال، وأن المسلمين عندهم من الشمائل والمناقب قلائد كل فخر، وقلوب كل مكرمة، فإن كان ناصحا وأراد خيرا ينصح بالتمسك بالأصل مع السعي للسبق في الميدان العلمي، وهو نفسه تعاليم الدين الإسلامي السامي .

    برهان عاليه : قال الله تعالى : " مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ" سورة "هود" الآية(15) " وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً" سورة "الإسراء" الآية(19)

    وحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه .

    ووقف – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم- خطيبا ناصحا، مبينا ومحذرا، قائلا لأصحابه مذكرا : " أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين، فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم" "صحيح الجامع " برقم(1036) من حديث عمرو بن عوف الأنصاري – رضي الله تعالى عنه .‌

    خامساً : التعجب من مجهول العين والحال، الساخط الصاخب، المسحور مخذول، يقول : " كلما ظهر التباين بين أحوالنا وأحوال كل آخر" هكذا "كل آخر"!! سبحان الله! ما هذا؟!! وما حكم الكليّة هذه في الضرورة العقلية! فضلا عن القضاء الشرعي؟ .

    أحوالنا يا هذا : اتباع للمأمور، واجتناب للمحذور، ورضا بالمقدور، نرغب ونرهب، فما أسعدنا ؟ وما أشقى الكافر " تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع" في البخاري وغيره "صحيح الجامع" برقم(2962)



    سادساً : استمرار ازدراء بهيم العقل، غريب الفكر، أعجمي الفهم، همجي اللفظ، للمسلمين وذلك قوله " ثقافة تحول إنسان الشرق كما لو إلى كائن مختلف كل الاختلاف، عن الكائنات الإنسانية في كل الشعوب التي شقت طريقها نحو التقدم والحداثة" وكأنهم مقطوعوا النسب بالإمامة والتقدم والرقي، وهم كما تقدم من بيانات سالفات الذي أضاءوا صدور وعقول ودور الدنيا .

    وتعويلنا على صحة العقيدة وسلامة النهج، وما بعده تابع له، وإقبال الدنيا وإدبارها شيء، وعقائدنا منبع هدايتنا وأخلاقنا ومفاخرنا شيء آخر .

    تهون الدنيا بحظافيرها وتسلم لنا عقائدنا، تذهب مُهجنا ويبقى أسلامنا، تسفح دماؤنا وتسلم شريعتنا وأعراضنا .

    لذا نحن في أنفسنا الأعلون الفائزون ما خلصت عقائدنا، واستقمنا مناهجنا، وحسن اتباعنا .

    سابعاً : ومن جملة العقائد الذي يوقن بها المسلم، ويستعلي بها : عقيدته بالقدر، ومنه مسألة الرزق، وهي منطلقنا في ردّ قول المفتون : " فنظرة مقارنة متأملة للقيم التي تم تلقينها لنا، ونلقنها نحن بدورنا لصغارنا، كفيلة بأن تكشف لنا السرّ في ضعف واستضعاف إنسان هذه المنطقة، وفي خنوعه لحكامه، وعجزه عن إنتاج خبزه، وفي النهاية وقوعه فريسة لأيديولوجيات الكراهية والإرهاب، كمهرب سهل من الفشل المزمن الذي يواجهه، إزاء كل متطلبات الحياة"

    فالمسلم يؤمن أن رزقه يتبعه كما يتبعه أجله، وأن الله تعالى قد قسّم الأرزاق وضرب الآجال، فهو مع سعيه مطمئن، مع بذله قانع، وفي كل راض شاكر، والرزاق عالم .

    أما دعوى المفتون : أن الأمهات يرضعن الأبناء طاعة الحكام أو حتى كما زعم الخنوع "فتلك شكاة ظاهر عنا عارها" تنزلا ونكاية .
    وما يضرهم! مسلمون جميعا مستسلمون، أهل توحيد وسنة، أهلة القبلة واحدة، وإنما التثريب على بهم العقول، دمى العلوج، ألعوبة العجول .

    وأما عن عجز أمة الإسلام، فهذا ما كان وغير كائن ولن يكون، إذ إسلامنا شامل كامل، عام تام، غير أن الأيام دول، ولله تعالى في خلقه سنن، قال الله تعالى : " إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" سورة "آل عمران" الآية(140)

    وفي "الصحيح" عن ثوبان – رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن الله زوى لي الأرض - أو قال إن ربي زوى لي الأرض - فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال لي يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ولا أهلكهم بسنة بعامة ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم لو اجتمع عليهم من بين أقطارها - أو قال بأقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضا وحتى يكون بعضهم يسبي بعضا
    وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي
    ولا تزال طائفة من أمتي على الحق قال بن عيسى ظاهرين ثم اتفقا لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله" "صحيح سنن أبي داود"(4/97) برقم(4252)

    سنة الله تعالى تسري، قال تعالى : " وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" سورة "البقرة" الآية(251)
    " َلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" سورة "الحج" الآية(40)
    " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" سورة "محمد" الآية(7)

    والأمة كباقي الأمم على الطريق، تخبو وتنبو، والله تعالى من وراء كل خَبّ وخبّة " إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ" سورة "هود" الآية(103)

    ثامناً – وهو تابع لسابقه : طرح إرهابه لأشكاله، أعني قوله : "وفي النهاية وقوعه فريسة لأيديولوجيات الكراهية والإرهاب، كمهرب سهل من الفشل المزمن الذي يواجهه، إزاء كل متطلبات الحياة"

    الأرهاب – يا هذا- ذكرته أنت قبل قليل، من الغرب الحاقد الحاسد أتى ويأتي، وعليه لا علاقة له بما ذكرت .

    ولازم قولك : أن الأمة كلها إرهابية!

    إنها البهيمية في الطرح : خبط وخلط ، سبّ وقدح، تنقص وازدراء، من عقل بهيم، وقلب أثيم .
    ويرمنا بالأرهاب؟! وقد علم كما علم غيره أنها كليمة مطاطة يمتطيها ذئاب يدعون إلى سراب .

    يا هذا في الغرب- حلمك، والذي حملك، ذاك الحمل الوديع!- مسلمون لا تنسى!

    تاسعاً : قول المفتون : "عرفت طريقها نحو العصر، بل وصارت منافساً وشريكاً قوياً لشعوب الشمال والغرب المتطورة والمتقدمة
    وكانت البوابة التي دخلت منها تلك الشعوب إلى مسيرة التقدم، هي إيمان الإنسان الفرد بأنه سيد مصيره" وقد تقدم معنا بيان أن الحمار أهدى منه سبيلا، ولو نطق لكان أقوم قيلا .

    يا هذا طريقنا : ابتداءا وسيرا وانتهاءا، رأسه وعجزه وذيلة : طاعة الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم- طمعا في جنته – وفيها نعيم رؤيته تعالى – وخوفا من ناره .

    ومن ذا : كفرنا بقول المفتون : " البوابة التي دخلت منها تلك الشعوب إلى مسيرة التقدم، هي إيمان الإنسان الفرد بأنه سيد مصيره"

    قلت : كذبت! يكذبك إيمان من زعمت مع إيماننا .
    فإيماننا بأن للإنسان قدرة وإرادة، غير أنها بالله تعالى وتابعة لإرادته سبحانه، قال الله تعالى : " وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" سورة "التكوير" الآية(29)
    الأمر المورث للسكون والرضا، إذ في البيان "رب" ومعنى الرب هو الخالق المالك المتصرف، فعلمنا وأيقنا أن الله تعالى البر الرحيم لا يقدّر على وليه إلا الخير، لذا جاء النّص مصدّرا بالتعجب، في دلالة على صدق قد لا يصدّق : "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه الإمام مسلم وغيره، انظر "صحيح الجامع" برقم(3980) .

    أما الغرب المتقدم عنده : فهو – تغليبا- صليبيا يؤمن كذلك بالقدر في الجملة، وفيهم المسلمون بعشرات الملايين . وملحدهم – الذي هو بحسب زعم المفتون "سيد مصيره" شاع فيهم وذاع الانتحار، وقد تقدم أن الخليقة مفطورة على التأله، وأقرت بربوبيتها، لذا يشعر الجاحد – الكافر- ضرورة بالقدر، بقوى كامنة يتوجه إليها وفق الفطرة .

    ثم يسأل – المفتون - عن عبارتيه "الإيمان الإنسان" و "سيد مصيره" ودلالتهما بل وعلاقتهما في كلامه!!!

    أما إن قصد بـ "سيد مصيره" تحريضا للمحكوم وتهييجا له على حكامه، فهذا مع بطلانه شرعا فهو باطل عقلا بل وحالا،
    فاختلاف قوة الإدراكات والقدرات كانت وراء اختلاف درجات الناس، وهو دليل عقلي يبطل معه كل منهج عقلي .

    فبالنسبة للناس : قال الله تعالى : " وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ" سورة "الأنعام" الآية(165)
    وقوله - تعالى "أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" سورة "الزخرف" الآية(32)
    وقوله - تعالى : " وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" سورة "الأنعام" الآية(132)
    وقوله - تعالى : "... نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ" سورة "يوسف" الآية(76)
    وقوله - تعالى : "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" سورة "المجادلة" الآية(11)

    هذا لعموم الناس وهو كذلك بين صفوتهم : قال الله تعالى : " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ... وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ" سورة "البقرة" الآية(253)
    وقوله - تعالى : " فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً ..." سورة "الأنبياء" الآية( 79)

    لذا كانت الجنة درجات، بحسب الدرجات الإيمانية لا المادية – ما لم يكن احتسابا : " انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً" سورة "الإسراء" الآية(21)
    وقوله - تعالى : " أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" سورة "الأنفال" الآية(4)
    وقوله - تعالى : "وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى" سورة "طه" الآية(75)

    عاشراً – وهي قبيحة كسابقتها : إذ قال المفتون : " إيمانه بقوته الذاتية، وبقدراته الشخصية والعقلية، التي بها وبها وحدها، يستطيع أن يتغلب على كل ما يواجهه من صعوبات، في حين بقي إنسان الشرق الأوسط يستشعر ضعفه وهزاله، مستسلماً لقدره، ولسادته الذين يعدونه بعون يأتيه من السماء، يبدل حاله من الكرب إلى الفرج، ما إذا لم يتحقق في هذه الحياة الدنيا، فإن المصير السعيد لابد سينتظره في العالم الآخر!!"

    أقول : نحن ننكر قوله الكفور ذا التأكيد الغرور : " بها وبها وحدها يستطيع أن يتغلب على كل ما يواجهه من صعوبات ... ولسادته الذين يعدونه بعون يأتيه من السماء، يبدل حاله من الكرب إلى الفرج "إهـ

    يردّه قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" سورة "فاطر" الآية(15) وقوله تعالى : "إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ" سورة "آل عمران" الآية(160) والآيات كثيرة .

    وقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم : " يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك جفت الأقلام ورفعت الصحف" "صحيح الجامع" برقم(7957) .
    وقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم : " كل شيء بقدر حتى العجز والكيس" "صحيح الجامع" برقم(4531) .‌ ‌

    وأقول : هذا قبس من عقائدنا أنار صدورنا، وينير لنا طريقنا، أما المفتون وأشكاله فأخبرنا حالهم ووقفنا على خبرهم : " قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" سورة "الرعد" الآية(16)
    "خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ" سورة "الزمر" الآية(6)
    " أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" سورة "الأنعام" الآية(122)
    "... وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ" سورة "النور"الآية(40)
    " اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" سورة "البقرة" الآية(257)
    " يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" سورة "المائدة" الآية(16)
    "الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" سورة "إبراهيم" الآية(1)
    "هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" سورة "الحديد" الآية( 9)
    "رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً" سورة "الطلاق" الآية(11)
    " وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" سورة "الأنعام" الآية(39)


    avatar
    الشيخ إبراهيم حسونة
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
    كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته


    ذكر عدد الرسائل : 9251
    شكر : 7
    تاريخ التسجيل : 08/05/2008

    الملفات الصوتية رد: عقول البهائم وبهائم العقول

    مُساهمة من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 09.01.10 19:06

    قال المفتون : "المشتغلون والمرتزقون بالمقدس هم من يقومون بدور الحراس والمعلمين والمروجين لذلك النحو من التربية للأجيال.
    وهم أيضاً أصحاب المصحلة فيما يترتب على استضعاف الإنسان، وشعوره بالمسكنة وانعدام الحول والقوة.

    فلكي يصيروا هم سادة، لا بد لهم من عبيد يستمرؤون العبودية، ويؤمنون في أعماقهم أنهم لا يستطيعون العيش إلا في ظل سيادة سادتهم، هؤلاء الذين يبررون تلك السيادة بتنصيب أنفسهم وكلاء للإله على الأرض، وبأن من يخالفهم يذهب بنفسه إلى الضياع، لأن العون السمائي في هذه الحالة سينقطع عنه.
    في ظل مثل هذه الثقافة التي يتم رضاعتها مع لبن الأم، ينشأ الفرد هشاً مستشعراً الضعف والهوان والعجز عن التقدم بمفرده ولو خطوة واحدة.
    وتصبح الحرية مرادفاً للضياع، وتنعدم المسئولية عن الذات، باعتبارها غير قادرة على أن تقرر الصالح لنفسها، فالخير والأمان هو في الانطراح على أعتاب رجال الله المقدسين، الذين يتلقون البركات والتعليمات الإلهية، ليمنحونها لمن يستحق من عبيدهم المطيعين الطيبين، ويمنعونها عن كل من يتجرأ على عصيانهم، أو على الإيمان بأن الله خلق الإنسان كامل القدرات، وقادر على مواجهة كل ما يعترضه من مشاكل بقواه وإمكانياته الذاتية، دون الحاجة لأسياده وكلاء
    الإله.
    هكذا يفقد إنسان هذه المنطقة منذ ولادته إيمانه بذاته، ويستبدلة ليس بالإيمان بالله – كما يتم تصوير الأمر له- وإنما بالإيمان بقدرات من صار يلقبهم بأصحاب الفضيلة والقداسة، الذين إذا ما تحدثوا فإن الإله هو الذي يتحدث، وإذا ما مسحوا بأيديهم على جبين الإنسان، فإن الله ذاته هو الذي يمسحه ببركات
    مقدسة.
    هذا هو ما يحدث للإنسان بصورة عامة، في سيرك الشرق الأوسط الأوسط، حيث تجتث من داخله كل قدرات الإنسان، فلا يتبقى من إنسانيته غير المظهر الخارجي.


    قلت : صدّر المفتون تأصيله لفكره غير الأصيل ببيان سجن الرجال في أفكار بحسبه زعمه ( المقدّس ) وساغها صياغة داعية إلى ضرورة تحريره .

    والسؤال : من؟ وممن ؟ وبما ؟ ولما ؟ وما المآل ؟

    ثانياً : أجمل المفتون الطعن في موجهي الناس، إيهاما، ونحن ماذا ننتظر ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر؟!!
    الحاصل : كان الواجب التفصيل، فالنفعيون أو المرتزقة هم أحبار ورهبان المثلثة عبدة الصليب، أو الكهنة، أو سدنة النيران، أو الباطينية : المتصوفة والمتشيعة؛ لكونهم ليسوا على شيء .

    أما نحن فقيام دعوتنا – كما أمر الوحي- الاحتساب والاتباع، ولكون المفتون مفتونا لم يبصر طهرا ولم يلق احتسابا، لم يخرج إلا ما رأى، ولو رأى؛ لرأى .

    وفيما تقدم قال الله تعالى : "قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ... " سورة "الإسراء" الآية(84)
    وقال رسول الله– صلى الله عليه وإخوانه وآله وسلم : "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" "المشكاة" برقم(5019) ‌.

    ثم قفز المفتون من ذا إلى الحديث عن المرأة، وحاجتهم إلى تحريرها من دينها، من أخلاقها، ومن أعراقها، فقال :

    " لكن المرأة في منطقتنا لها تربية أخرى، تؤدي لإستئصال أكثر عمقاً وجوراً لإنسانيتها؛ فعملية ختان المرأة، والتي فيها يتم استئصال حيوي لجزء من جسد المرأة، لها ما يماثلها وربما بأكثر عمقاً في تربيتها، وما يترتب عليه من
    نظرة المرأة لنفسها، ونظرة المجتمع الذكوري لها.
    تنشأ المرأة على أنها مجرد كائن جنسي، هو مصدر لكل إغواء وشر، ولا سبيل لدفع هذا الإغواء إلا بلفلفتها في السواد .

    وأنها منقوصة القدرات الشخصية والعقلية . تتصور المرأة نفسها بالفعل على هذا النحو، وليس لنا أن نستغرب بعد ذلك، إذا رأيناها تحصر نفسها في تلك الدائرة، بل وتتصرف بعضهن بناء على تلك الصورة، أي ككائنات جنسية محضة"إهـ .

    قلت : كم تمنيت أن يَعلم المفتون ثم يُعلِم المخاطب، مفردات شرعتنا الإسلامية؛ ولو كان لكان .

    وكذا يسفر من مفردات دعوى التحرر، ولماذا ؟ وكيفية حصوله ؟ وسبل سلامته ؟ وأثره على المجتمع والبيت والزوج والزوجة والولد؟ وإلا فليخنس وليخسأ .

    فلكم وكم قرأنا شهادات وشهادات ممن تلظوا بنيران هذه الدعوة، حمدنا معها السلامة بإسلامنا، وشكرنا الله تعالى على أمن قلوبنا ودورنا .

    وأقول : المرأة في بلادنا - وكل بلاد الله أرض موحدة مسلمة – تربيتها إسلامية تبعا لعقيدتها الإيمانية، أيصحّ أن توصف بالجور، ويسعى لجزّها أو جزرها ؟! وهل هذا بمقدور لمخلوق؟! هيهات .

    هذا – يا هذا - ما كان، وغير كائن، ولن يكون؛ للخبر الصادق عن الصادق، بل – أبشر- خلافه سوف يكون – تحقيقا لا تعليقا- كما أخبرنا الخبير . فعليكم بشاهق؟!

    - وعن مشابهته استصال آدمية المرأة بالختان .

    أقول : فما أطبقه لقول الأول "ضرب أخماس لأسداس"
    المفتون لما فقد الطهر، عاداه؛ ومن جهل شيئا عاداه، جهل الجهول مما جهل أن ختان النساء في شريعتنا – بل وشرائع غابرة – مشروعا، وفي مشروعيته طهارة للمرأة- وسيأتي- فأنكره من جملة ما أنكر، والآفة الجهل، ولو عقل؛ لسأل قبل أن يسال دمعه مع سيلان لعابه .

    ووفاقا للوصف عاليه – جهل وخبط وخلط ، مع سيلان دمع ولعاب، أشبه بالمخابيل والمجانين- اختلط لاختلاط عقله قوله، ومن صور ذلك :

    صورة : فينكر حفاظ المرأة على حيائها ماء حياتها، وتمسكها بإسلامها الذي يكون فيها نعيمها في الدارين، ثم هو يقرر أن ذا اختلط بأمشاجها وفاقا لجبلتها .
    قلت : لذا حمدها عليه الأتقياء والأسوياء، ولا كرامة لمفتون .

    صورة : يزعم - الكذوب اللعوب - حرية المرأة ثم يزعم أنها مصدر إغواء وشر" ونحن نقرّ أن المرأة السافرة المتبرجة مصدر إغواء، خلافا للصالحة القريرة المنقبة .

    ولكن ليأتنا المفتون المفتري بخبر صحيح عن صحيح أطلق القول بأن : المرأة شرّ !!! نمهله حياته .

    ومن ثم تبين إجماله المورث للإيهام والجور في الحكم في الأول .
    وكذبه في الثاني .
    ويزعم – والحالة هذه- أنه مشفق ناصح !!!

    وعن قوله : "وأنها منقوصة القدرات الشخصية والعقلية" فنقول له : سلّ من لقّنوك، وأخذوا بأنمالك ليستكتبوك : لماذا المرأة الغربية – يا خيبتهم- القاضية! يعطونها أجازة أيام طمثها، وانطمس .

    ثم جاء تحريشه، وأزه على الثوران! وأنى له هذا؟!! سينقلب سحره عليه، وسيثور رجالنا بل ونساؤنا عليه ؛ في تدليل على خياب سعيه كسلفه، وخاسر نهجه فقبره .
    أبني .. إن من الرجال بهيمة *** في صورة السميع المبصر
    فطن لكل مصيبة في ماله *** وإذا أصيب في دينه لا يشعر
    " بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين" للشيخ سليم الهلالي(1/692) ط. دار ابن الجوزي – الأولى .

    قال المفتون : " لا نزعم أو نتصور بناء على هذا، أن المرأة قد رضخت بالكامل لتلك التربية، كما لا نزعم أن كل الرجال قد رضخوا لوضعهم كعبيد معدومي الحول والقوة، وإلا لما وجدنا بمجتمعاتنا ثواراً ومصلحين ودعاة استنارة، ولما وجدنا رائدات من النساء، يتمردن على مجتمعهن وتربيتهن، بل ويفقن الرجال في الأداء العملي والتحصيل
    العلمي.
    إن الصورة ليست بالتأكيد على ما قد يبدو من سطورنا السابقة من سواد، ذلك أن ضرورات الحياة العملية، واتصالنا بالعالم والارتباط به، تجرنا جراً إلى ثقافة وروح مضادة لكل ما نؤمن به وما نشأنا عليه.

    هو صراع إذن بين السائد الموروث، وبين قيم العصر وضروراته.
    هذا الصراع الذين يعاني فيه دعاة الاستنارة والتحرر الأمرين، سواء من المهيمنين وأصحاب المصالح في دوام الحال، من حكام وحلفائهم رجال الدين، أو من الجماهير المنومة والمبرمجة وفق ما تربت عليه وآمنت به كأنه الحقيقة
    المطلقة.
    يمكنني ببعض الثقة (وليس كل الثقة) أن أتنبأ بأن العصر لا ولن يسمح لمجتمعاتنا أن تظل غارقة في مستنقع عبوديتها وضعفها طويلاً، وأن الجماهير لابد وأن تستيقظ تدريجياً.

    وأن الذين يعتلون مناصب السيادة علينا، لابد وأن يجدوا أنفسهم يوماً جالسين على الأرض مثلنا، وربما عندها سيبدأ كثيرون منهم في البحث عن عمل منتج وشريف يتكسبون منه قوتهم، بدلاً من الحياة على ما يدر ادعاء السيادة عليهم من ذهب وفير".

    قلت : أعمى البصيرة كيف يرى فضلا عن أن يستقرأ ؟ ناهيك أن يصدق أو يصدّق ؟ هذا أولا .

    ثانياً : المسلمة من أسعد الناس بتوحيدها، واسأل الواقع بقفازه([1])! يصفعك .

    ثالثاً : ديننا دين العلم، ومن ثم دعوتنا إليه، علم- هو الأهم- بأمر الله تعالى ونهيه، وتابعه العلم الكفائي الكوني، واسأل التأريخ بل واستنطق أيامنا تخبرك على إمامة المسلمين في ميادين، والأصل : الدين .

    رابعا : تنبيه البليد أننا – حكاما ومحكومين- لسنا لغير الله تعالى عبيد .

    خامساً : يطالب المفتون بفك طلسم "ثوارا" و"مصلحين ودعاة استنارة" .

    سادساً : وعن قوله : " أن ضرورات الحياة العملية، واتصالنا بالعالم والارتباط به، تجرنا جراً إلى ثقافة وروح مضادة لكل ما نؤمن به وما نشأنا عليه"

    نقول :كليتك هنا كليلة بل كسيرة كريهة كدعوتك وعقليتك .

    لا .. والله، لن يقوده العلم إلا للإيمان، هذا إن كان من أهله، وقوله هذا مبناه على المغالطة والمكابرة، كسلفه " َجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" سورة"النمل" الآية(14) فالاعتبار .. الاعتبار .

    سابعا : ندعو عاقل بصير إلى استقراء الكتاب والسنة ليخرج لنا على لفظ أنكر العلم، ولننظر بما يرجع، ليكفر- يغطي- أشلاء فكر كل مفتون([2]) .

    قال الحافظ أبوعمر بن عبدالبر - رحمه الله تعالى : "وأنشدني أبو القاسم أحمد بن عمر بن عبدالله بن عصفور رحمه الله لنفسه، شعره هذا في العلم، وهو أحسن ما قيل في معناه
    :

    مَعَ الْعِلْمِ فَاسْلُكْ حَيْثُ مَا سَلَكَ الْعِلْمُ *** وَعَنْهُ فَكَاشِفْ كُلَّ مَنْ عِنْدَهُ فَهْمُ
    فَفِيْهِ جَلاَءٌ لِلْقٌلُوْبِ مِنَ الْعَمَى *** وَعَوْنٌ
    عَلَى الدِّيْنِ الَّذِي أَمْرُهُ حَتْمُ
    فَإِنِّي رَأَيْتُ الْجَهْلَ يُزْرِي
    بِأَهْلِهِ *** وَذُوْ الْعِلْمِ فِي الأَقْوَامِ يَرْفَعَهُ
    الْعِلْمُ
    يُعَدُّ كَبِيْرُ الْقَوْمِ وَهْوَ صَغِيْرُهُم *** وَيَنْفُذُ
    مِنْهُ فِيْهِمُ الْقَوْلُ وَالْحُكْمُ
    وَأَيُّ رَجَاءٍ فِي امْرِيءٍ شَابَ
    رَأْسُهُ *** وَأَفْنَى سِنِيْهِ وَهْوَ مُسْتَعْجِمٌ فَدْمُ
    يَرُوْحُ
    وَيَغْدُو الدَّهْرَ صَاحِبُ بَطْنَةٍ *** تَرَكَّبَ فِي أَحْضَانِهَا اللَّحْمُ
    وَالشَّحْمُ
    إَذَا سُئِلَ الْمِسْكِيْنُ عَنْ أَمْرِ دِيْنِهِ *** بَدَتْ
    رُحَضَاءُ الْعِيِّ فِيْ وَجْهِهِ تَسْمُو
    وَهَلْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ أَقْبَحُ
    مَنْظَرٍ *** مَنْ اشِيَبَ لاَ عِلْمٌ لَدَيْهِ وَلاَ حِلْمُ
    هِيَ السَّوْءَةُ
    السَّوْءَاءُ فَاحْذَرْ شَمَاتَهَا *** فَأَوَّلُهَا خِزْيٌ وَآخِرُهَا
    ذَمُّ
    فَخَالِطْ رُوَاةَ الْعِلْمِ وَاصْحَبْ خِيَارَهُمْ *** فَصُحْبَتُهُمْ
    زَيْنٌ وَخُلْطَتُهُمْ غُنْمُ
    فَوَاللهِ لَوْلاَ الْعِلْمِ مَا اتَّضَحَ
    الْهُدَى *** وَلاَ لاَحَ مِنْ غَيْبِ الأُمُوْرِ لَنَا رَسْمُ"

    " جامع بيان العلم وفضله " (1/219) ط ابن الجوزي . ت : أبي الأشبال الزهيري

    وقال أبو إسحاق الإلبيري في قصيدته التائية الشهيرة:

    أبا بكرٍ دعوتك لو أجبتا *** إلى ما فيه حظّك إن عقلتا
    إلى علمٍ تكون به إمـامــًا *** مطاعًا إن
    نَهَيْتَ وإن أمَرْتا
    وتجلو ما بعينك من عشاها *** وتَهديكَ السَّبيل إذا
    ضلـلـتـا
    وتحمل منه في ناديك تاجًا *** ويكسوك الجمالَ إذا اغتربتا
    يَنالـكَ
    نَفْــعه ما دمت حيـــًا *** وَيَبْقى ذخره لـكَ إن ذَهبـتا
    هو العَضب المهنَّد
    ليس ينبو*** تصـب به مَقَاتل من ضربــا
    وكنزًا لا تخاف عليه لصًا *** خَفِيفَ
    الْحَملِ يوجد حيث كنتا
    يـزيـد بكـثرة الإنفاق منه *** وَيَنـْقـص أن به كفًّا
    شـددتـا
    فلو قد ذقْت من حَلْواه طعمًا *** لآثـرت الـتعلّـم
    واجـتهــدتــا
    ولم يَشغلكَ عنه هَوًى مطاعٌ *** ولا دنيا بزخْرفِـهــا
    فـتنـْتــا
    ولا ألهاك عنه أنيق روض*** ولا خِدرٌ بِرَبْرَبِـــهِ
    كـَلـِفْتـــا
    فَقوت الرّوح أَرْواح المعاني*** وليسَ بأن طَعِمتَ وأن
    شَرِبتا
    فـواظِبـْه وخــذ بالْجِــدِّ فـيهِ *** فـإنْ أعـطاكـه الله
    أخَـذتــا...

    ثامناً : في قوله "هو صراع إذن بين السائد الموروث، وبين قيم العصر وضروراته، هذا الصراع الذين يعاني فيه دعاة الاستنارة والتحرر الأمرين"

    أقول : لا طاقة لك ولا لغيرك بل ومن في الأرض جميعا على محاربة الإسلام، كما لا تعارض بين الإسلام والعلم، كما قدمت!
    وإنما حظك هو دومومة ما وصفتَ "الأمرين" بل الخسران في الدارين .
    " يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" سورة "التوبة" الآية(32)
    "كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" سورة "المائدة" الآية(64)
    " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ" سورة "الأنفال" الآية(36)

    تاسعاً : في قوله " ... الأمرين : سواء من المهيمنين وأصحاب المصالح في دوام الحال، من حكام وحلفائهم رجال الدين، أو من الجماهير المنومة والمبرمجة وفق ما تربت عليه وآمنت به كأنه الحقيقة المطلقة"

    قلت : مسكين ! زعمت أن الأمرين كانا من فئتين :
    أولهما : مهيمنة، وهذه بالطبع لا طاقة لك معها .
    والثانية : منوّمة!
    إذاً ما أسفهك وما أشقاك .
    أنت والحالة هذه يا بهيم العقل لا تصنع شيئا، إنما تدور في رحى العجز والإهمال؟!!! .


    عاشراً : النتيجة، في قوله تربت يداه " وأن الذين يعتلون مناصب السيادة علينا، لابد وأن يجدوا أنفسهم يوماً جالسين على الأرض مثلنا" .
    والسؤال : أرض من؟ وهل هذا جزاؤها ؟ بل هل الأرض لك شاكرة ؟
    ما أكرمها وأجحدك ؟!!.
    ما أهداها وأشقاك؟!
    قال الله تعالى : " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً" سورة "الأحزاب" الآية(72)
    وقال تعالى : " فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ" سورة "الدخان" الآية(29) .

    وبعد .. بقي الحديث عن مسألتي : "الختان" و"العلاقة بين الراعي – ولاة الأمر: علماء وحكماء- مع بعضهم البعض، والرعية

    فنظرا لطول المقام، وضيق الوقت أدعو المخاطب لقراءة ما كتبت في الباب :
    "إقامة البرهان على مشروعية الختان" – منشور – طبعة دار الكتاب والسنة- وفيه :
    المقدمة : وفيها الباعث على التأليف .
    [right]بين يدي الموضوع : متى عرف الختان ؟
    التمهيد وتحته :
    حكمة الختان وفوائده .
    الموضوع :
    المبحث الأول : تعريف الختان
    المطلب الأول : تعريف الختان في اللغة .
    المطلب الثاني : تعريف الختان في الاصطلاح .
    المطلب الثالث : العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي . المبحث الثاني : المقصود من الختان .
    المبحث الثالث : الختان من سنن الفطرة المبحث الرابع : أقوال أهل العلم في بيان حكم الختان .
    -القول الأول .
    -القول الثاني .
    -القول الثالث .
    -أدلة القول الأول ومناقشتها .
    -أولاً : أدلة المنقول .
    -الدليل الأول .
    -الدليل الثاني .
    -الدليل الثالث .
    -الدليل الرابع .
    -الدليل الخامس .
    -ثانياً : أدلة المعقول .
    -الدليل الأول .
    -الدليل الثاني .
    -الدليل الثالث .
    -الدليل الرابع .
    -الدليل الخامس .
    -أدلة القول الثاني ومناقشتها
    -الدليل الأول .
    -الدليل الثاني .
    -الدليل الثالث .
    -الدليل الرابع .
    -أدلة القول الثالث ومناقشتها .
    -الدليل الأول .
    -الدليل الثاني .
    -الدليل الثالث .
    -الترجيح .
    المبحث الخامس : حكم ختان النساء
    مطلب : ختان النساء كان معروفاًً عند السلف .
    فتوى شيخ الإسلام رحمه الله- في ختان النساء .
    المبحث السادس : في بيان وقت الختان .
    أولاً : وقت كراهة
    ثانياً : وقت استحباب
    ثالثاً : وقت وجوب
    المبحث السابع : في بيان القدر الواجب أخذه في الختان . المبحث الثامن : من يقوم بالختان ؟
    مطلب : نصح وتذكير وتنبيه في مسالة الختان .
    المبحث التاسع : مسائل في الختان . المسألة الأولى : هل ختن النبي صلى الله عليه وسلم- ؟ المسألة الثانية : هل على من أسلم ختان ؟
    المسألة الثالثة : حكم من ولد مختوناً .
    المسألة الرابعة : كيفية ختان الخنثى . المسألة الخامسة : كيفية ختان من له فرجان .
    المسألة السادسة : هل يختن الميت؟ المسألة السابعة : هل تشرع الدعوة للختان ؟
    المسألة الثامنة : في بعض أحكام الأقلف .
    المبحث العاشر : قالوا في الختان .
    أولاً : من فوائد الختان : نظافة الأعضاء التناسلية .
    ثانياً : من فوائد الختان : الوقاية من سرطان الأعضاء التناسلية .
    ثالثاً : من فوائد الختان : الوقاية من مرض الإيدز .
    رابعاً : من فوائد الختان : الوقاية من التهابات المجاري البولية .
    خامساً : من فوائد الختان : الوقاية من الأمراض الجنسية .
    المبحث الحادي عشر : في بيان ما جاء من الضعيف في الختان
    ملحق البحث : من فتاوى السادة العلماء في الختان
    -حكم الختان في حق الرجال والنساء .
    -هل يجوز ختان الطفل قبل سبعة أيام من ولادته .
    -حكم ختان الكبير .
    -حكم ختان البنات .
    -حكم من ولد مختوناً .
    -مشروعية الفرح والسرور والإطعام في الختان .
    هل يختن الميت ؟
    فهرس المراجع
    فهرس الموضوعات


    ومجموعة رسائل علمية مختصرة في بيان منهج السادة السلفيين في التعامل مع ولاة أمور المسلمين مفارقين فيها انحراف إخوانهم الحزبيين :
    بحث : لا تسبّوا ولاة الأمر هداكم الله .
    بحث : إتمام الحجاج وإقامة الاعوجاج تعليق على كتاب"قواعد أهل السنة في معاملة أهل القبلة" للشيخ عثمان بن عبد السلام نوح
    بحث : عظيم الحاجة إلى كبح جماح العواطف العواصف، وطرح الإيحاءات الشيطانية والنفثات البدعية، وضرورة شيوع الود بين الحاكم والمحكومين، ورد القلوب النافرة عنه إليه، وجمع محبة الناس عليه؛ لما في ذلك من مصالح الأمة، وانتظام أمور الملة، وفق الضوابط الشرعية والآداب المرعية. فيه بيان منهج السلف في التعامل مع ولاة الأمر
    بحث : زجر الخاطل عن جر الأمة إلى المخاطر بالباطل . فيه حرمة الخروج على الحكام المسلمين وإن جاروا وظلموا .
    بحث : التقريع مع التنكيل لمن اعتبر ولاة أمور المسلمين ولاة غير شرعيين .
    بحث : تكرار النكير على من اعتبر ولاة أمر المسلمين ولاة غير شرعيين .
    بحث : إعلان الحرب على من اعتبر ديار المسلمين ديار حرب .
    بحث : الصارم البتار المنكي في نحر مدعي القول بأننا نعيش في العهد المكي .
    بحث : إعانة الناصحين ومشاطرة المصلحين .
    بحث : إصلاح ذات البين بذكر محاسن ولي الأمر .
    بحث : عقيدة الأبرار والسير الجرار ( دفع لشبهات حول إصلاح ذات البين بذكر محاسن ولي الأمر )
    بحث : شج الشواذ والانتصار للأفذاذ .
    بحث : ليس هذا بعشك فادرجي . ( التعريج على مسألة توريث الحكم – وأمير المؤمنين )
    بحث : فذكر إنما أنت مذكر .
    [/right]
    هذا .. والإسهاب في مواطن مرجعه إلى نصح الملحدين ببيان أصول الدين، ولم يمنعن من ذا مخاطبتهم بالأدلة النقلية وإن أنكروها! وهكذا فليكن الحجاج ودفع اللجاج؛ إذ فيها القوة الروحية والعقلية والبيانية .
    بقيت دعوة للمفتون وكل مفتون لتدبر سورتي التوحيد – والقرآن كله توحيد باعتبار- الكبرى وصغرى : الأنعام والإخلاص، أمعنوا النظر فيهما وأنعموا؛ لما أرجو .. والله تعالى الهادي وهو سبحانه الموفق إلى سواء السبيل .
    وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى إخوانه وآله وصحبه أجمعين .
    والحمد لله رب العالمين
    كتبه
    الفقير إلى عفو ربه
    أبو عبد الله
    محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
    في : 9/1/1431هـ ـ 24/1/2010م

    ([1]) وإنما أردت بذا البيان إبراز وجهين :
    الوجه الأول : التوبيخ : وذلك بتصوير طهارة واقعنا، إذ في حالة تعامله مع فكره – كرها لا اختيارا- ارتدى واقيا حتى لا تلوثه أفكاره، هذه واحدة .
    والوجه الثاني : المبالغة المباغته : وذلك في تصوير الواقع بأنه مطيع لربه بل متحجب متعفف .


    ([2]) وقد ضربت بسهم من أسهم في الباب، فكتبت – متبعا محتسبا - أرجو :
    كتاب "بيان الشريعة الغراء لفضل العلم والعلماء ..."
    و "حثّ النجباء على توقير العلماء" ( منشور ) .
    و "مجالس العلماء : روضة الطالبين ونزهة المتقين"
    بل كل ما كتبت وغيري من هم مثلي يدور في فلك العلم شاهد في الباب، وصنيعي هنا– لو أبصرت- شاهد شاهق

      الوقت/التاريخ الآن هو 15.11.24 6:48