من طرف الشيخ إبراهيم حسونة 30.12.09 16:15
تتمة فتاوى الشيخ فركوس - رحمه الله تعالى
- إعطاء الرشوة من أجل دفع ضرر الضرائب
السؤال: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم الشرع في دفع مال لشخص معيّن حتى يقوم هذا الأخير بسحب وثيقة ما، وينجرّ عن بقائها في مستندات أو ملف شخص آخر معاملته معاملة قاسية من حيث الغرامة المالية، والضرائب الجبائية علما أنّ هذا الشخص المعيّن يعمل في المصلحة المختصة نفسها.؟
أفتونا مأجورين، وأجركم على الله، وجزاكم الله خيرا ورجائي أن يكون الجواب كتابيا -إن أمكن- وشكرا.
الجواب: الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وبعد :
فإنّ من حبس عن ماله – ابتداء– فبذل إلى غيره مالا للسعي إلى خلاصه، أو ليحكم له بحق، أو لدفع ظلم عنه ولم يجد وسيلة للوصول إليه سواه، وكان الساعي موظفا في مصالح محلّ سعيه حين وقوع المظلمة فسق الآخذ فقط دون المعطي لاضطراره إلى التوصل إلى حقه بأيّ طريق كان وأصل تأثيمه ما أخرجه أبو داود والحاكم وصححه من حديث بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا -أي منحناه راتبا- فما أخذ بعد ذلك فهو غلول"(١) ودليل تبرئة المعطي من الإثم حديث الملحِّينَ الذين لا يستحقون الصدقة فيعطيها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سؤالهم له قال عليه الصلاة والسلام: "إنّ أحدكم ليخرج بصدقته من عندي متأبطها، وإنّما هي له نار"، فقال عمر: يا رسول الله كيف تعطيها و قد علمت أنّها له نار؟ قال:"ما أصنع؟ يأبون إلاّ مسألتي ويأبى الله عزّ وجلّ لي البخل"(٢) غير أنّه لا يجوز الدوام على هذا العمل إن علم أنّ المظلمة لا ترتفع إلاّ به لما فيه من الإعانة على الظلم وأكل أموال النّاس بالباطل، فضلا عن أنّ الاستمرار فيه يوّرث الرضا بالمعصية، وينقلب المنكر معروفا والمعروف منكرا لا يمكن تغييره، ولو بأضعف الإيمان فيمنع هذا الطريق سدا للذريعة.
هذا، وأخيرا فإنّ الواجب يقتضي نصر المظلوم بإخراجه من الظلم، وذلك بعدم التعاون معه على الإثم والعدوان المنهي عنهما بنص الآية ففي صحيح البخاري: "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: " تمنعه من الظلم فذلك نصر له"(٣).
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلّم تسليما.
الجزائر في: 21 رمضان 1417 هـ
الموافق لـ: 31 جانفي 1997 م
ــــــــ
١- أخرجه أبو داود كتاب الخراج والإمارة والفيء باب في أرزاق العمال، من حديث بريدة رضي الله عنه، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع(5899)، وفي صحيح الترغيب والترهيب(779).
٢- أخرجه أحمد (11296)، وابن حبان رقم(840)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(1/498)، وفي غاية المرام ص:(266) رقم(463).
٣- أخرجه البخاري في «المظالم»، باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما: (2443)، والترمذي في «الفتن»: (2421)، وأحمد: (13421)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وأخرجه مسلم في «البر والصلة والآداب»، باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما (6582) من حديث جابر رضي الله عنه.
=============
3 - في حكم تسديد الضرائب بالفوائد الربوية
السؤال: ما حكم تسديد الضرائب بمبالغ الفوائد الربوية؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما أمّا بعد:
فالذي ينبغي أن يعلم أنَّ إيداع الأموال في البنوك لا يجوز شرعًا للمساهمة مع نشاط البنوك في المعاملات الربوية المحرمة بالنصوص الشرعية الدالة على تحريم الربا
منها
قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 278-279]
وقوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً﴾[آل عمران: 130]،
وغيرها من الآيات والأحاديث المرهِّبة من هذا التعامل المحرّم.
أمّا إذا تولّدت على أمواله المودعة في البنك فوائد ربوية، فالواجب أن يتوب من ظلمه بأكله أموال الناس بالباطل، وتتوقف توبته على التخلص من المال الحرام الذي ليست له ولا للبنك صفة المالك، وإنما المال الحرام مال عام يرجع فيه إلى المرافق العامة، ومنافع المسلمين، ومصالحهم، أو الفقراء والمساكين عند تعذر ذلك بالنظر إلى عدم معرفة الأشخاص الذي ظلموا في هذه المعاملات الربوية وأخذت منهم الفوائد الربوية.
ولما كانت الفوائد الربوية مال عام يملكه عموم المسلمين، فلا يستطيع بملك الغير أن يسدّد به الضرائب التي فرضت عليه على وجه الاعتداء أيضا، لأنَّ "الضرر يزال بلا ضرر"، "والضرر لا يزال بمثله" كما تقضي به القواعد العامة ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم "أَدّوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم"(١).
والعلم عند الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر
في: 20 محرم 1427ﻫ
الموافقﻟ: 19 فبراير 2006م
المصدر نفسه