تربية الأولاد على الآداب الشرعية |
عبدالرحمن بن عايد العايد |
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أما بعد : فيا أيها الإخوة نتكلمُ في هذه الليلةِ عن موضوعِ تربية الأولادِ على الآدابِ الشرعية، وسيكونُ الكلامُ في النقاط التالية : 1- أهميةُ الموضوع. 2- مفهومُ التربية. 3- جوانبُ التربية. 4- المؤسساتُ التربوية. 5- الحثُ على تربيةِ الأولاد. 6- كيفيةُ تربية الأولاد . 7- بم يتمُ الوصولُ إلى التربية . أولاً : أهميةُ الموضوع التربيةُ عملٌ شاق، وجهدٍ يحتاجُ إلى وقت، وهي مهمةٌ ليست جديدة ، وهي عملٌ فاضل . وتبرزُ أهميةُ الكلام في هذا الموضوع في النقاط التالية : 1- الاقتداءُ بالرسول- صلى الله عليه وسلم- والصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح في تربية أتباعهم، وبمعرفةِ كيفيةِ تربيتهم لأتباعهم يتمُ التعرف على كيفية تربيتنا لأولادنا. 2- الوضعُ الحالي للأمة : فالناظرُ لواقعِ الأمة يجدُ وضعاً سيئاً لم يمر عليها طوالَ الأزمنةِ المتقدمة، لقد أوشكت أن تعدم كثيرٌ من المبادئِ الإسلامية في بعض البلدان الإسلامية، وبالتربية يمكنُ معالجةُ هذا الوضع. 3- بالتربية يتمُ إيجادُ الحصانة الذاتية لدى الولد، فلا يتأثرُ بما يقابلهُ من شهوات وشبهات؛ لأنَّها تقوى مراقبته لله فلا ينتهك حرمات الله إذا خلا بها، ولا يتأثرُ بالشهوات التي تزينت في هذا العصر تزيناً عظيماً فأصبحت تأتي للمسلم ولو لم يأتها، ولا بالشبهات التي قد تطرأ على عقله . 4- التربيةُ مهمة لتحمل الشدائد والمصائب، والفتن التي قد يواجهها الولد في مستقبل حياته . 5- التربية تهيئ الولد للقيام بدوره المنوط به ؛ دوره لنفع نفسه ونفع مجتمعه وأمته. 6- تتبين أهميةُ التربيةِ من خلالِ وجودِ الحملةِ الشرسة، لإفسادِ المجتمعِ من قبل أعداء الإسلام، فوجودُ هذه الحملة لابد أن يُقابل بتربيةٍ للأولادِ حتى يستطيعوا دفعها عن أنفسهم ومجتمعهم . 7- التربيةُ تحققُ الأمنَ الفكري للولدِ، فتبعدهُ عن الغلو، وتحميهِ من الأفكارِ المضادةِ للإسلام، كالعلمانية وغيرها. 8- التربيةُ مهمةٌ لتقصيرِ المؤسساتِ التربويةِ الأخرى، في أداء وظيفتها التربويةِ كالمدرسة والمسجد . 9- إن وُجود بعضُ الأمراضِ التي انتشرت في الأمةِ سببهُ التقصيرُ في التربية أو إهمالها، فالسفورُ والتبرجُ والمخدرات والمعاكسات وغيرها انتشرت بسبب الإهمال في التربية أو التقصير فيها . 10- التربيةُ وسيلةٌ للوصول بالولد إلى المُثل العليا، كالإيثار والصبر وحبِّ الخير للآخرين . ثانياً : مفهومُ التربية : تنشئةُ المسلمِ وإعدادهُ إعداداً كاملا ًمن جميع جوانبه، لحياتي الدنيا والآخرة في ضوء الإسلام، وإن شئتَ قُل: هي الصياغةُ المتكاملةِ للفرد والمجتمع على وفقِ شرع الله . ثالثاً : جوانبُ التربية : للتربيةِ جوانب مختلفة، فُهناك التربيةُ الإيمانية، والتربية الخلقية، والتربية الجسمية، والتربية العقلية، والتربية النفسية، والتربيةُ الاجتماعية، والتربية الجنسيةِ وغيرها . أي لابد أن نفهمَ أنَّ التربيةَ ليست قاصرةً على تربية الجسم فقط، وليست قاصرةً على تعريفِ الولدِ ببعض الأخلاقِ والآداب فقط، بل هي أوسعُ وأشمل من هذا . رابعاً : المؤسساتُ التربوية : التربيةُ ليست قاصرةً على الوالدين فقط، فهناك إلى جانبِ الأُسرةِ المدرسة، وهُناك المسجدُ، وهُناك التجمعاتُ الشبابيةِ سواءً صالحةً أم غيرَ صالحة، وهُناك وسائلُ الإعلام وغيرها، فكلُّ هذه المذكوراتِ يشارك في عملية التربية. خامساً : الحثُّ على تربيةِ الأولاد : لقد حثَّ الإسلامُ على تربيةِ الأولاد، ومحاولة وقايتهم من النارِ فقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً )) ، وقال تعالى : (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا )) وقال عز وجل : (( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ )) . ومدح عبادُ الرحمن بأنَّهم يقولون : (( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً )) . ومن السنة يقولُ- صلى الله عليه وسلم-: (( الرجل راعٍ في أهله ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأةُ راعيةً في بيتِ زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها)) البخاري ومسلم. وفي الترمذي: (( لأن يؤدب الرجلُ ولده خيرٌ من أن يتصدق بصاع )) ضعيف .وفيه أيضاً (الترمذي): (( ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن )) ضعيف وفي المسند : (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع )) الحديث، وعند عبد الرزاق وسعيد بن منصور : (( علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم)). وحرص السلفُ على تربيةِ أبنائِهم، وكانوا يتخذون لهم المُربين المتخصصين في ذلك، وأخبارهم في ذلك كثيرة . ولاشكَّ أنَّ للتربيةِ أثرٌ كبيرٌ في صلاحِ الأولاد؛ فالأولادُ يُولدون على الفطرةِ، ثَّم يأتي دورُ التربيةِ في المحافظةِ على هذهِ الفطرة أو حرفها (( كلُّ مولودٍ يُولدُ على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه )) . والولدُ على ما عودهُ والده. وينشأُ ناشئُ الفتيـانِ منـَّا *** على ما كان عوَّدهُ أبـوه ومادان الفتى بحجىً و لكن *** يعوِدهُ التدين أقربـوه والولدُ في صغرهِ أكثرُ استقبالاً واستفادةً من التربية . قد ينفعُ الأدبُ الأولادَ في صغرٍ *** وليس ينفعُهم من بعـده أدبُ الغصـونُ إذا عـدلتها اعتدلت *** ولا يلينُ ولو لينتـهُ الخشب فالولدُ الصغير أمانةً عند والديهِ إن عوداهُ الخيرَ اعتاده، وإن عوداهُ الشرَ اعتاده . سادساً : كيفية تربية الأولاد : 1- اختيارُ الزوجةِ الصالحة، والزوج الصالح : اختيارُ الزوجةِ الصالحة أو الزوج الصالح، هو الخطوةُ الأولى للتربية السليمة، وتَعرفون حديث : (( إذا أتاكم من ترضون دينهُ وخُلقه فزوجوه)) , وحديث (( فاظفر بذات الدين تربت يداك )) . 2- الدعاءُ بأن يرزقهُ اللهُ ذريةً صالحة، وهذا قبلَ أن يُرزقَ بالأولاد (( رب هب لي من الصالحين )) . 3- التسميةُ عند الجماعِ للحديث (( لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطانَ وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنَّهُ إن قُضي بينهما ولدٌ لم يضره ُالشيطان أبداً )) . 4- ما يفعلهُ إذا رُزق بمولودٍ من مثل : الأذانُ في أذنِه وتحنيكه وحلقُ رأسه، واختيارُ الاسم الحسن له، والعقيقةُ عنهُ وختانه . 5- الدعاءُ للأولاد بالصَّلاحِ بعد وجودهم، وقد كان الأنبياءُ يهتمون بذلك، فإبراهيمُ يقول : (( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ )) ، (( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي )) , (( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً )) . ويقول زكريا : (( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)) . 6- عدم إخافةَ الصبي بالجني والظلام و الحرامي، لاسيما عند البكاء . 7- تمكينهُ من أن يُخالط الآخرين، إذا لم يُخشى عليه منهم. 8- عدمُ إهانتهِ وتحقيرهِ خُصوصاً أمامَ أخوته وأقاربه، أو الأجانب . 9- ألا يُنادى بألفاظٍ غير طيبةٍ كـ يا غبي . 10- تنبيههُ للخطأِ برفقٍ ولين، وعدمُ معاقبته إذا أخطأ أول مرة . 11- الاعتدالُ في محبةِ الولدِ، بأن تُشعرهُ بمحبتهِ مع عدم التدليل الزائد. 12- أخذُ الاحتياطات عند قدومِ الطفل الجديد. 13- يُسمحُ للطفلِ الأكبر بمساعدةِ أمِّه في إحضارِ ملابس الطفلِ الجديد، ويُسمح له بمُداعبته حتى لا يحقدَ عليه . 14- تحقيقُ العدلِ بين الأولاد. 15- عدمُ السماحِ للابن أو البنت بلبسِ البنطلون بعد عمر السابعة تقريباً . 16- فصلُ البناتِ عن البنين كلٍّ في غرفةٍ مستقلة، أو التفريقُ في المضاجعِ إن كانوا في غرفةٍ واحدة . 17- أن يُعلمَ الاستئذانَ عند الدخولِ على والديهِ وخصوصاً في غرفةِ النوم . 18- إذا كان الولدُ ينامُ عند والديهِ فليحرصا أشدَّ الحرصِ على ألاَّ يراهُما في اتصالٍ جنسي ولو كان صغيراً. 19- لا تظهر الأمُّ أمامَ أولادها وقد أبدت عن مفاتنها، بارتداءِ ثيابٍ قصيرةٍ أو شفافة، ولا تُلبس بناتها ذلك . 20- تعويدِ الولدِ على غضِ البصر . 21- لا يرى أختهُ أو تراهُ في الحمام، ولا يدخلا الحمام جميعاً . 22- تعويدهُ على عدمِ كشفِ عورته، وعدمِ السماحِ للآخرين بمشاهدتها. 23- عدمُ السماحِ له بالدخولِ إلى النساءِ في الأعراسِ والأسواق النسائية إذا كان ذكراً . 24- لا يُسمح له بمشاهدةِ الأفلامِ والصورِ الخليعةِ والمجلاتِ الهابطة، أو قراءةَ القصص الغرامية. 25- غرسُ العقيدةِ والإيمانِ في نفسه؛ وذلك بما يلي : أ- تعليمهُ أركانَ الإيمان وأركان الإسلام، والإيمان بالأمورِ الغيبيةِ، كالقبرِ ونعيمه وعذابه، وأن هناك جنة ونار . ب ـ تنميةُ المراقبة لله عنده (( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ )) . ج ـ لفت انتباهَهُ إلى قُدرةِ اللهِ المطلقةِ في كلِّ شيء. إذا رأى البحرَ قال: من خلقه؟من الذي خلقَ الجبالَ العظيمةِ والحيوانات الكبيرة ؟ وهكذا . د ـ تنميةُ محبةِ اللهِ وخوفهِ في نفسه؛ وذلك بإسداءِ كلِّ نعمةٍ إلى اللهِ، والتحذيرُ من عقابِ الله، والتخويفُ منه. هـ ـ على الأعمالِ الصالحة، بتعليمهِ الصلواتِ والقرآن، والخشوعُ فيهما والأذكار ونحو ذلك. و ـ قراءةُ بعض آياتِ وأحاديث الترغيبِ والترهيب، وشرح ما يتيسر. ز ـ تسجيلهِ في حلقةٍ من حلقِ تحفيظ القرآن، ومتابعتهِ في ذلك. ح ـ اصطحابهُ لزيارةِ المقبرة، أو زيارة المستشفى . 26- غرسُ الأخلاقِ الحميدةِ في نفسه : أ ـ يربيهِ على الصدقِ والأمانة، والاستقامةِ والإيثار، ومساعدةِ المحتاج، وإكرامِ الضيف، وغير ذلك من الصفات الحميدةِ المعروفة . ب ـ يربيهِ على تجنبِ الأخلاق الرديئةِ من مثل الكذب، والسبِّ والشتائم والكلمات القبيحة. ج ـ قراءةُ بعضِ الأحاديثِ التي تُرغبُ في مكارمِ الأخلاق وتنهى عن سفا سفها . 27- تربيتهُ على مُراعاةِ حقوقِ الآخرين : فيُربى على مُراعاةِ حقوقِ الوالدين، فلا يمشي أمامَهما ولا يناديهما بأسمائهما مجردةً هكذا، بدونِ كلمةِ أمي أو أبي، ولا يجلسُ قبلهما، ولا يتضجرُ من نصائحهما، ولا يُخالفُ أمرهما، ولا يبدأُ بالطعامِ قبلهما، وأن يدعو لهما ولا يرفع صوته أمامهما، ولا يقاطعهما أثناء الكلام، ولا يخرجُ إلا بإذنهما، ولا يزعجهما إذا كانا نائمين، ولا يمدُّ رجليه عندهما، ولا يدخلُ قبلهما، ويُلبي نداءَهما بسرعة، إلى غيرها من الآداب مع الوالدين . وأُنبهك أيَّها الوالدُ إلى نقطةٍ وهي :لا تربطُ احترامُ ولدك لك بكثرةِ ما تعطيه، وإنَّما اربطهُ بحقكَ عليه الذي شرعه الله. بعضُ الأمهات تطلبُ من ولدها أن يحترم أباهُ تقولُ : هو الذي اشترى لك وفعل وفعل ....) كما يربيهِ على صلةِ الرحم، وحقِّ الجارِ، وحقِّ المُعلم، وحق الصديق، وحقِّ الكبيرِ ونحو ذلك . 28- تربيتهُ على التزام الآداب الاجتماعية فيراعي آداب الطعام وآداب السلام وآداب الاستئذان وآداب المجلس وآداب الكلام وغيرها من الآداب وليس المجال مجال ذكر هذه الآداب فبإمكانك الرجوع إلى الكتب ومعرفتها . 29- تربيتهُ على الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكر؛ ويتمُ ذلك بالتغلبِ على الخجلِ والخوف. 30- تهيئةُ المدرسةِ الصالحة، والرفقةُ الصالحة، والتعاونُ معهما في تربية الولد . 31- تربيتهُ على الثقةِ بالنفس، بتعويدهِ الجرأةِ والشجاعةِ والصراحة، وإعطاؤهُ حريةَ التصرفِ، وتحملُ المسئوليةِ، وممارسةُ الأُمور على قدرِ نموه، وأخذُ رأيهِ ومشورتهِ، وتعويدهُ على أنَّهُ لا يلزمُ أن يُؤخذ باقتراحهِ أو رأيه. 32- التربيةُ على التضحيةِ لهذه الأمة، واحتسابُ الأجرِ عند الله . 33- التربيةُ على ضبطِ النفسِ عند الغضب، وتجنبهِ أسبابَ الغضبِ إذا كان صغيراً حتى لا يصبحَ الغضبُ له عادة . 34- مراعاةُ استعداداتِ الولد: فبعضُ الأولادِ قد لا ينجحُ في الدراسة، فإذا كان الأمرُ كذلك فوجِّههُ إلى ما يمكنُ أن يحسنه، بعضُ الآباءِ يجعلُ نجاحَ الابنِ وفشله متوقفاً على نجاحهِ وفشله في الدراسة فقط، فالدراسةُ عندهُ هي الطريقُ الوحيدِ للنجاح والفشل، ولاشكَّ أنَّ هذا خطأ، فرُبما يفشلُ الابنُ في الدراسةِ ولكنَّهُ ينجحُ في شيءٍ آخر، فلابُدَّ أن تراعى استعدادات الابن. 35- تجنيبهِ الميوعةِ والانحلال والتخنث . 36- تعويدهِ على الاخشوشان وعدمُ الاستغراق في التنعم. 37- تحذيرهُ من التقليدِ الأعمى . 38- نهيهِ عن استماع الموسيقى والغناء. 39- ملءُ فراغه بما ينفعه . 40- اختيارُ الأصدقاءِ الطيبين له . 41- تعليمهُ سيرةَ الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وسيرة السلف الصالحِ للاقتداءِ بهم . 42- تعليمه ما يحتاجه من العلوم الشرعية والقصائد الأدبية الجميلة . 43- تعليمهُ أحكامَ البلوغ؛ فتعلم ابنك الاحتلامُ وما يترتبُ عليه، والأمُّ تُعلم بنتها أحكامَ الحيضِ، إننا نسمعُ كثيراً أسئلةً من بناتٍ حضنَ ولم يُخبرن أهليهنَّ، فحصلَ منهنَّ أخطاء، كأن تطوفُ أو تصومُ وهي حائض، ثم تسأل ماذا عليها الآن بعد أن كبُرت، ولو أنَّ الأمهات انتبهنَّ لهذهِ النقطةِ لكان عند البنتِ المعرفةِ المسبقةِ بهذا الحيضِ وأحكامه . 44- الكشفُ للولدِ عن مخططاتِ أعداءِ الإسلام. 45- الإشادةُ بحضارةِ الإسلامِ، وبثَّ روحُ الشوقِ عند الولدِ لإعادتها . 46- تعويدُ الولدِ على حفظِ الوقت . 47- التدرجُ في التأديب . 48- إيجادُ التصوراتُ الصحيحةِ عند الولد؛ فهُناك مفاهيمٌ يجبُ أن تُفهمَ الفهمُ الصحيح، إذ إنَّ الفهمُ الخاطئ لها يوقعُ في الخلل، ومن ذلك مفهومُ العبادةِ التي يحصرها كثيرٌ من المسلمين في العبادات التي لا يتعدى نفعها إلى غير فاعلها، وهذا لاشكَّ أن هذا خطأ، فالعبادةُ أشملُ من هذا، فالأمرُ بالمعروفِ والنهي عن المنكر عبادةً وليس تدخلاً في حُريات الآخرين، بعضُ الآباءِ إذا رأى ابنهُ يأمرُ بالمعروف أو ينهى عن المنكر، قال له: مالك وللناس عليك بنفسك فقط . 49- إيجادُ القنا عاتِ المتأصلةِ في النفس بالمعتقداتِ والأفكار الإسلامية، من مثل الحجاب، فتقتنعُ البنتُ به، وأنَّهُ إنِّما ترتديه امتثالاً لأمرِ الله، لا تقليداً للأُمهات، وإذا كان الشيءُ المأمورُ به شرعا،ً إنَّما يُعملُ تقليداً فقط، ويجعلُ من العاداتِ والتقاليد فقط، فإنَّه سرعان ما يترك. وعندما أقولُ ما سبق، لا أقصدُ أنَّهُ يلزمُ أن يقتنعَ المسلمُ بتعاليم الله، وتدخلُ مزاجهُ وعقله، لا؛ لأنَّ اللهَ سُبحانه هو الذي شرع هذه التعاليم، وهو أعلمُ بما يصلحُ للناس، وليس الناسُ بعقولهم القاصرة يحكمون على هذه التعاليم، ومدى صلاحيتها لنا. وإنَّما الذي أقصدهُ، أن يعملها الإنسانُ وهو يعلمُ أنَّها من الله، وأنَّهُ يعمُلها لله لا لغيره. 50- حثُ البالغين على الزواجِ قدر المستطاع، وتذليلُ عقباته، فإن لم يكن فيحثون على الصيام. 51- إبعادُ الأولاد عن المثيرات الجنسية . 52- تقويةُ الصلةِ بينك وبين ولدك، حتى تجعلهُ يعدُكَ صديقاً له، بالإضافةِ إلى كونك أباً، وهذا يتمُّ بالبشاشةِ معه، وممازحتهُ، وبما سبق أن ذكرنا من النقاط السابقة. 53- عدمُ إغداقِ المال عليه، بحيثُ يتوفر له المحرمات، وعدمُ التقتيرِ عليه بحيث يضطرُ إلى السرقة 54- الانتباهُ للسيارةِ وشرائها له، إذ قد تكون سبباً لانحرافه. 55- أحذر التناقض عندهم، ووفِ لهم بما تعدهم به. 56- جالسهم، واسمع لهم، وأشعرهم بأهميتهم . 57- عاقبهم إذا لزم الأمر . 58- إعانتهم على برِّك. 59 - لا تُجبر ولدك على أن يكون مثلك في الوظيفة، أنت عسكري فلابُدَّ أن يكون هو كذلك . 60 - لا تبث فيهم روحَ الخوفِ من المستقبل، وتحصرَ الرزق في الوظيفة، ولا يعني هذا إهمالُ توجيههِ وإرشاده إلى أهميةِ الدراسة . أريدُ أن أهمس في أذنكَ همسةً قبل أن أنتقلَ إلى الفقرةِ التالية، وهي :أنت تُحبُ أن يصلحَ أولادك ويبروك، فإن أردت برهم لك فبر بوالديك. |
تربية الأولاد على الآداب الشرعية
الشيخ إبراهيم حسونة- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 9251
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 08/05/2008
- مساهمة رقم 1
تربية الأولاد على الآداب الشرعية
الشيخ إبراهيم حسونة- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 9251
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 08/05/2008
- مساهمة رقم 2
رد: تربية الأولاد على الآداب الشرعية
سابعاً بم يتمُ الوصولُ إلى التربية :
أو ما الوسائلُ التي نسلُكها لتحقيق الأشياءِ المذكورةِ سابقا.
لتحقيق ما سبق نحتاجُ إلى ما يلي :
1- القدوةُ الحسنة : وهي من أقوى وسائلُ التربية تأثيراً؛ وذلك لأنَّ الولدَ ينظرُ إلى مربيهِ وماذا يعملهُ ويستفيدُ من فعله أكثر من قوله، فالولدُ إذا رأى مربيهِ ينهاهُ عن شيءٍ ثم يفعلهُ، كيف ينتهي الولد عن هذا؟ والمفترضُ أن يكونَ المربي قدوةً لمن يربيهم، فمثلا: إذا أذَّنَ أسكت للترديد مع المُؤذن، وبسرعةٍ توضأ، وخذهم معكَ للصلاة، إذا كلمَّ أحدهم في الهاتفِ لا تقُل لهم قولوا إني غيرُ موجودٍ، فتعودهم على الكذب .
والقدوةُ تكونُ في الأبوين، وفي الرفقةِ الصالحةِ، وفي المعلم.
فإذا كان أولئكَ قدوةً صالحةً لمن يُربونهم، أنتجت تربيتهم إنتاجاً سليماً صالحاً، وأمَّا إن كانوا بالعكس، ويُخالفُ قولهم فعلهم فلن يستفيدَ المُتربي منهم شيئاً إلا التناقض، وكذلك القدوةُ تكونُ في الأخِ الأكبر، ولذا ينبغي التنبهُ للمولودِ الأول، فيهتمُ بتربيتهِ اهتماماً كبيراً، لأنَّهُ سيكونُ قدوةً لأخوته الذين يأتون من بعده.
2- المراقبة والملاحظة : ينبغي ألا يغفلَ الوالدُ عن ولدهِ، بل يلاحظهُ ويراقبهُ دون أن يشعر الولدُ، سواءً كان الولدُ ابناً أو بنتاً، فيراقبُ ذهابهُ للمدرسةِ ورجوعه منها، ويراقبُ كتبهُ ومكتبته، وأدراجهِ وغيرَ ذلك، وليكُن هذا بشكلٍ سريٍ جداً ،ولا أقصدُ بالمراقبةِ أن تكون مجهراً على تصرفاتهما، ولكن المطلوبُ عدمُ الغفلةِ، وأيضاً أن تكونَ المراقبةُ من بعدِ دون أن يشعر الولدُ بهذا.
3- التحذير : يحذرهُ من المعاصي على مختلفِ أنواعها التي يمكنُ أن يقعَ فيها، ويحذِّرهُ من الشرِّ وأهله، وأسبابِ الوقوع فيه، وأساليبُ أهلهِ في إيقاع غيرهم فيه، كأن يُحذِّر ابنتهُ عندما تسمع معاكساً أن تردَّ عليه، أو أن تفتحَ لهُ مجالاً ليكلمها، بل تُعلم أن تُغلق السماعةَ مباشرة.
4- التلقين : بأن يُلقنهُ مثلاً السورِ من القرآن، وبعضَ الأحاديثِ والأدعية والأذكار، وماذا يقول لوالديهِ إذا رآهما؟ وماذا يقولُ للضيفِ إذا قدم وهكذا؟!.
5- لتعويد : أن يعودهُ على ما يُريد؛ يعودهُ أنَّهُ يُبكر إلى الصلاة، يعودهُ على أن الاثنين يصام، يعودهُ مثلاً على القيام قبل الفجر ولو قليلاً ، يعودهُ على أنَّهُ يقرأُ القرآن يومياً وهكذا .
6- الترغيبُ والترهيب : بأن يُشجعه أحياناً بالكلمة الطيبة، وبالهدية أحياناً، وقد يلجأُ إلى ترهيبهِ وإخافتهِ من فعل شيءٍ أو ترك شيء .
7- الموعظة : يعظهُ بأسلوبٍ جيد، كأن يبدأَ بالاستعطاف؛ يا بُني ويا بنتي، وربَّما يقصُّ عليه قصةً فيها عبرةٌ وعظة، وربَّما يستعملُ معه السؤالُ والجواب؛ كأن يقولَ ألا تريدُ الجنة، ألا تخافُ من النار، ويمكنهُ أن يغتنمَ المناسبات، ويستفيدَ من المواقف، كأن يرى زحاماً شديداً فيذكرهُ بالقيامةِ، أو يراهُ فرحاً بنتيجةِ الامتحان فيقولُ له مثلاً : وإن شاء الله ستفرحُ في الآخرة أيضاً مادُمت تُطيعُ الله، وهكذا، وينبغي الاقتصادُ في الموعظة وعدمُ الإكثارُ منها لئلا يملَّ الولد.
8- القراءة : سواءً تقرأ عليهِ وعلى الأسرةِ شيئاً مفيداً من مثل سيرةَ الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وسيرةَ السلف الصالح، أو بعضَ القصصِ المُفيدةِ ونحو ذلك، أو هو يقرأُ بتشجيعٍ منك، وتوفيرٌ للكتب .
9- زرعُ مراقبةِ الله في نفسه : حتى يشعرُ أنَّ عليه رقيباً في كل أحواله، وبهذا يعملُ العمل الجميل ولو لم ترهُ، ويتجنبُ العمل القبيح ولو لم تره .
10- العقوبة : قد يلجأُ إليها المُربي بعد أن يستنفدَ التوجيهَُ والإرشادُ والوعظُ والهجر، وهذا الضربُ يراعى فيه التدرجُ من الأخفِ إلى الأشد، وأن لا يُعامل الولد دائماً بالعقوبة، وألا يعاقبَ من أولِ زلة، وألا يجعلَ عقوبات الأخطاء متساويةً مع اختلاف الأخطاء صغراً وكبراً، بل لابُدَّ أن تختلفَ العقوبة من خطأ لآخر . ثم يتجنبُ المواضعَ الخطرةِ كالرأس والوجه، وأيضاً لا يوكلُّ مُهمةَ الضربِ لغيرهِ، كأن يجعلَ أخاهُ الأكبرُ هو الذي يضربه، لأنَّ هذا يزرعُ بينهم العداوةَ والبغضاء، ثم إذا استقام الولدُ على الطريق فليلزم أن يبسط له الوالد، ويهشُ لهُ، ويتلطفُ معهُ، ولا يستمرُ على غضبه عليه.
11- معرفةُ طبيعة المراهق، وكيفية التعاملُ معه .
ثامناً : أخطاءٌ في تربيةِ الأولاد :
هُناك بعضُ الأخطاءِ التي يرتكبُها بعضُ المربين في تربيتهم لأولادهم، نمرُّ على شيءٍ منها بشكلٍ سريع، من هذه الأخطاء :
1- الطردُ من البيت :
قد يلجأُ بعضُ الآباءِ للتخلصِ من أذى ولده وعدم طاعتهِ له بأن يطردهُ من البيت، ويتوعدهُ بأن لا يقتربَ من البيت، ويقولُ : مادمتَ أنك لا تُطيعني، ومادمت عاصياً للهِ، فاذهب إلى من تشاء، فأنا لستُ بأبيك، وأقولُ هذهِ الطريقةُ هل هي صحيحة في هذا الزمن ؟
أيَّها الأخوة :
لنُقارنَ بين مفسدةِ جلوسهِ في البيتِ مع استمرارِ نُصحهِ وتحذيرهِ، وبين مفسدةِ طردهِ من البيت.
إذا طُرد من الذي سيؤويه ؟ بالتأكيد أن الذي سيؤويهِ أصدقاؤهُ الأشرار، وهل هؤلاءِ الأصدقاء سيلومونه ويوبخونهُ على أنَّهُ عصى والديه، وعصى قبل ذلك ربَّهُ حتى استحق الطرد ؟
الحقيقة أنَّهُ إن لم يجد التشجيعُ منهم فلن يجدَ منهم التقريع، وإذا كان معهم فلا شكَّ أن معاصيه ستزيد، قد يتعرفُ على المخدرات بدلاً من شربهِ الدخان الذي كان يضايقك، سيتعرفُ على السفرِ للخارج، سيتعرفُ على السرقةِ إذا احتاج للنقود .
أيَّها الأخوة :
إنَّ هذا العصرُ ليس كسابقه، في العصرِ السابق عصرُ الآباءِ والأجداد، لو طُردَ الولدُ من البيت فلن يذهب بعيداً عن قريته، لعدم توفرِ وسائل المواصلات، ولو وُجدت وسيلةُ مواصلات فلن يجدَ من يحملهُ إلاّ بنقودٍ ولا يملكُ هو هذه النقود، فيبقى في القريةِ، وإذا وُجد في القرية فسيجدُ من يؤنبهُ ويقرعه، ولا يجدُ من يؤويهِ مما يسببُ له الجوعُ لأنَّهُ لن يجدَ من يطعمهُ، فكلٌٌ عاجزٌ عن نفسه ومن يعول، فكيف يعولُ الآخرين ؟ ولذلك فإن طردهُ في هذه الحال سيجدي ويعطي نتيجةً بخلافِ العصر الحاضر.
وإذا عرفت هذا عرفت السبب الذي من أجلهِ يقترحُ كبارِ السن على أولادهم، أن يطردوا أولادهم من البيت إذا كانوا عاقِّين، لأنَّهم يَقيسون هذا العصر على العصر السابق.
2- تدخل الآخرين في تربيةِ الوالد لولده :
كأن يسمح الوالدُ بتدخلِ الجدِّ في تربيةِ الولد، نعم الجدُّ لهُ حقهُ واحترامهُ، ولابُدَّ أن يُربى الولدُ على طاعتهِ ومحبتهِ واحترامهِ وإجلاله، لكن تدخلُ الجدِّ قد لا يُعطي نتيجةً حسنة، وذلك لأنَّ الجدَ سيعطيك تجاربهُ وخبراته السابقة، التي قد لا تُناسبُ هذا العصر؛ مثلاً : الجدُّ يرى أنَّ الوسيلةَ الوحيدةِ لإصلاحِ الولد هي ضربهُ وعدمُ إعطائِه شيئا وهذا خطأ .
لكن لابُدَّ من التنبهِ إلى شيءٍ، وهو أن هذا الكلامُ لا يعني أن نلغي دور الجدِّ تماماً، لا، بل ليكن الاستفادةَ منهُ في الأشياءِ الصحيحة، كأن يُربي حفيدهُ على الكرمِ الذي كان موجوداً سابقاً في عهدهم أكثر من وجوده الآن، وعلى حُبِّ مساعدةِ الآخرين، ونحو ذلك من الأخلاق التي تستفادُ من الجد .
3- السفرُ بعيداً عن الأولاد ، خصوصاً في فترةِ المراهقة :
وربَّما يذهبُ بسببِ الانتداب من قبلِ العمل، أو يذهبُ مثلاً إلى مكة في رمضان ويتركُ أولاده، وربَّما يوكلُّ إلى غيرهِ مهمةُ التربية، كأن يقولُ للأخ الأكبرِ انتبه لأخوتك، وهذا خطأٌ من الوالد. إنَّ وجودَ الوالد ليس كعد مه، وهيبتهُ ليست كهيبةِ غيره، وربما في سفرك يتعرفُ أولادُكَ على أنواعٍ من المفاسد التي لا ترضاها، ولا تكتشفها أثناءَ وجودك القصير عندهم.
4-عدمُ فتح المجال للولدِ للترفيه والالتحاق مع شبابٍ صالحين :
يريدهُ دائماً في البيت، أو دائماً معه في السيارة، ورُبما ذهبَ به إلى زملائِه الكبار، الولدُ لا يرتاحُ إلا لمن هُم في سنه، وهذا ليس عيباً فيه، ولذلك فعليكَ أن تختارَ لولدك الرفقة الصالحة، التي تُعينُ ولدك وتدلهُ على الخير .
5-إرسالُ الولد للخارج بحجةِ الدراسة، مع أنه لم يتزوج، وهذا لاشك أنَّهُ خطأ إذ فيه خطرٌ على الولد، فهو إن لم ينحرف في المجتمعِ المفتوح التي تنتشر فيه المعاصي، فسيُعاني من الضغطِ الرهيبِ عليه في هذا المجتمع؛ فإذا رأى منظراً مثيراً للشهوةِ أين سيصرفها؟ هل سيعصي اللهََ أم يكبتها؟ وحصول هذا وهذا مضرٌّ به.
6- الاستهتارُ برأي الولدِ وعدم الاهتمام به:
بل رُبما أحياناً قد يقولُ لهُ : حتى أنت بدأت تتكلمُ ويكون لك رأي، الرأي الأول والأخير لي .
نعم يا أخي: لك الرأيُ والاحترام، لكن عوِّد ابنك على إبداءِ رأيه واحترامه، ولا يلزم أن يكون رأيُ الابن هو الصائب، لكن على الأقل يشعرُ أنَّ لهُ أهمية .
7- أمرهُ بالسكوتِ عند الرجال :
وهذا أحياناً قد يكونُ مفيداً إذا كان الولدُ صغيراً ولا يحسنُ الكلام، أو عندما لا يُطلبُ منه الكلام، أو لا يجدُ فرصةً للكلام فيقاطع الآخرين، لكن عندما يجدُ فرصةً للكلام دون مقاطعةِ الآخرين، وبالأخذِ بآداب الكلام، فلماذا يُمنعُ من الكلام ؟
8- أمرُ الآباءِ أبناءَهم الذكور بعدمِ رفعِ سماعةَ الهاتفِ :
إذا كانت الأمُّ قريبةً من الهاتف، وهذا فيه تحطيمٌ لشخصية الابن.
9- تحقيرُ أمهِ والاستهتارُ بها وهو يسمع :
لأنَّهُ في هذه الحالةِ إمَّا أن يكرهك لأنَّكَ احتقرت أُمه، وأنت في موضعِ قوةٍ وأُمهُ ظهرت في موضعِ ضعف، ويظهرُ له أنَّها المظلومة، أو أنَّهُ يكتسبُ هذه الصفةُ منك، فلا يحترمُ أُمه، وبالتالي فلا يطيعها في سبيلِ تربيته، فتكونُ أنت الخاسر إذا فقدت مساعدةَ الأم في تربيته .
10- تعييرهُ بأخواله :
كأن يتندرَ الأبُ بأخوالِ ابنهِ، ويتهمهم بعدمِ الرجولةِ ونحو ذلك، وهذا خطأٌ وينطبقُ عليه الكلامُ السابق.
11-عدمُ احترام أصدقائِه، وإذا كلموا في الهاتف قال لهم : إن فلاناً غيرَ موجود، مع أنَّ الابن يسمعُ هذا، إن كانوا أصدقاءَ سُوءٍ فنعم، وتُخبر الولد بسببِ تصرفك هذا، وتقنعهُ بهذا الأسلوب . وبالنسبةِ للبنت تُعلم وتُقنع بأن إطالةَ الكلام في الهاتف مع صديقاتها غير جيد، وتُحذر من هذا بأسلوبٍ حكيم، كأن يقولُ: يا ابنتي، عندما تطيلين المكالمةِ رُبَّما يُكلمنا أحدٌ فيجدُ الخطَّ مشغولاً، ظنَّ أن هُناك من يُغازلُ بهذا البيت، فيؤذينا بالاتصال وهكذا .
12- استخدامُ الضربِ مع أولِّ زلةٍ أو خطأ دون توجيه وإرشاد.
13- توحيدُ الضربِ في أي خطأ :
والمفترضُ أن يكون لكلِّ خطأٍ ما يناسبه من الضرب .
14- استمرارُ هجرهِ بعد أن صلحت حالهُ أو قدَّمَ اعتذاره .
15- تركُ إيقاظهِ للصلاة وإهمالهِ بحجةِ هجره .
16-المفاضلةُ بين الأولادِ :
وذلك بالمقارنةِ السيئةِ بينهم، كأن يصفَ أحدهم بالذكاءِ والآخر بالغباء، أو يهتمُّ بأحدهم ويهملُ الآخرين، فهذا مثلاً يُعطى ويُداعب ويُقبّل ويُحمل والآخر لا، أو بالإعفاءِ عن هفوةِ الولد المحبوب ومعاقبة الآخر.
17- الكذبُ على الطفلِ بحجةِ إسكاته من البكاءِ، أو لترغيبهِ في أمرٍ :
كأن يقول : اسكت وأذهبُ بك إلى المكان الفلاني، وأشتري لك الشيء الفلاني، ولا يفي بذلك فيعُودُ الطفلَ على الكذب وإخلاف الوعد.
18- الدفاعُ عن الولدِ بحضرته :
كأن تُدافعَ الأمُّ عن ولدها عندما يلومُهُ أبوهُ، وتقولُ هو أفضلُ من غيره، هذا الكلامُ لا يصلحُ عندما يكونُ الولدُ يسمع .
19- المبالغة في إحسانِ الظنِّ بالولد :
مما يُؤدي إلى الغفلةِ عنه.
20- المبالغة في إساءةِ الظنِّ بالولدِ :
مما يجعلهُ رُبَّما تجرأَ على المعصية.
تاسعاً : مظاهرُ غير مرغوبةً في الأولاد :
هذه المظاهرُ إمَّا أن تكون غيرَ مرغوبةً شرعاً أو غير مرغوبة طبعاً، من هذه المظاهر :
1- الخوفُ والجبن : بحيث لا يصعدُ للدورِ الثاني إلا ومعهُ أحد، ولا يستطيعُ أن ينامَ إلاَّ والنورُ مفتوح، وهذا قد يكونُ بسببُ إخافةِ أُمهِ له عند بكائِه بالجني أو الحرامي، أو يكونُ السبب الدلالُ الزائد له.
2- الشعورُ بالنقصِ بسببِ كثرةِ التحقيرِ له وإهانته، أو بسبب عاهةٍ جسديةٍ فيه، أو بسببِ عدمِ تحميله المسؤوليةِ وتعويده على الثقة بالنفس.
3-الخجل: بحيث لا يجرؤُ على الكلامِ ولا يُطيق مشاهدة الأجانب، ولذا يُعوَدُ الطفلُ على الاجتماع بالناسِ، ويُمكن أن يأخذهُ أبوهُ معهُ في زيارةِ الأقارب .
والخجلُ أيَّها الأخوة غير الحياء ؛ فالحياءُ محمود، وأما الخجلُ فهو انكماشُ الولدِ وانطواؤهِ عن ملاقاةِ الآخرين، وليس من الخجلِ أن تعودَ الطفلُ على عدمِِ مقاطعةِ الكبير، أو تعودهُ على عدمِ الجرأةِ على المعصية .
4- سرعةُ الغضبِ : يغضبُ الولدُ لأيِّ سبب، والذي ينبغي أن يُجنب الولدُ الغضبَ في بدايةِ حياته حتى لا يصبح لهُ عادة .
5- عدمُ احترامِ العاداتِ والتقاليدِ التي اعتاد أهلُها عليها وليست مخالفةً للشرع .
6-الحسدُ لأخوته : وذلكَ لأنَّهُ يخافُ أن يفقدَ دلالهُ وامتيازاته إذا ما جاءَ مولودٌ جديد، أو لتفضيل أخوته عليه.
7- الميوعة : وهذه من أقبحِ المظاهرِ التي انتشرت، تجدُ الابنُ يتخنفس في مظهرهِ، ويتخلعَ في مشيتهِ، ويتميع في منطقه .
8- عقوقُ الوالدين : وقد انتشرت في هذا العصر، فعدمُ تلبيةِ طلبات الوالدين، وعدمُ احترامهم وتقديرهم أصبح شيئاً معتاداً عند بعض الأولاد .
أحياناً تجدُ الأب عندهُ ضيوفٌ وقد تعبَ في استقبالهم، وإحضار القهوة والشاي ونحو ذلك، والولد إمَّا مع أصدقائهِ أو عند المباراة أو نائم .
عموماً ليس المجالُ هُنا مجالٌ للكلام عن هذه الظاهرة، وإنَّما هي إشارةٌ سريعة.
9-عدمُ حفظِ الفرج :
سواءً وقوعهُ في زنا أو لواطٍ أو العادة السريةِ، وهذا ناتجٌ عن قوةِ الشهوةِ عند الشاب، وما يتعرضُ لهُ من مثيراتٍ جنسية، من أفلامٍ وصورٍ، بل وحقيقةً من وجودِ نساءٍ سافرات، وأحياناً معاكِساتٍ على الهاتف.
10-الكذب : بعضُ الأولادِ يكذبُ ويُكثر من ذلك، وقد يكونُ والداهُ سبباً في ذلك، إمَّا بأن يكون قدوةً لهُ في ذلك، أو لأنَّهما يضطرونهُ إلى ذلك، كأن يعتادَ منهما أنَّهما يُعاقبانه عقاباً عسيراً على كلِّ شيء، فيضطرُ إلى الكذبِ تهرباً من ذلك .
11-السبُّ والشتمُ : تجدُ بعضُ الآباءِ يعودُ ولدهُ على ذلك منذُ الصغرِ، فيقولُ للصغيرِ سب واشتم هذا، وذلك ليضحك الآخرين ويستملحُ ذلك .
وقد يكتسبها الولدُ من والديه، إذا كانا سبابين أو شتَّامين، وقد يكتسبها من رفقائهِ أو أصدقائه.
12- السرقة : إذا وجدت معه شيئاً غريباً فاسألهُ ما مصدره، وحاول أن تُحققَ معه بطريقةٍ جيدة ، من الذي أعطاك هذا ؟
13-التدخين: وهي عادةٌ ضارةٌ مالياً وبدنياً، يسقطُ بها الولدُ لإهمال الوالدين وللرفقة السيئة، وأعظم منها السقوطُ في المخدرات، وهي مثلُ التدخينِ من ناحيةِ أسبابها، فإهمالُ الوالدين، والرفقةُ السيئةِ لها الدورُ الكبير في ذلك.
14- السهرُ بالليل والنومُ في النهار خصوصاً في الإجازات.
15- حُبُّ التسيب والتسكعِ في الأسواق، وكثرةُ الدوران على السيارة.
16- المعاكساتُ الهاتفية و في الأسواق .
عاشراً: أسبابُ انحرافِ الأولاد :
1- الإهمالُ في تربيةِ الولد أو التقصيرِ فيها ، أو الخطأ في طريقة التربية.
فإمَّا إن يُهملَ الوالدان تربيةَ ولدهما ويتخليان عن ذلك، أو التقصيرُ في تربيتهِ أو يُخطئا في طريقةِ التربية، كأن يحتقراهُ أو يُهيناه، أو يتعرضُ للدلال الزائد فيسبب له فقدان الرجولةِ، وضعفُ الثقةِ بالنفس، أو يرى المفاضلةَ بينه وبين أخوته، مما يُولدُ عندهُ الحسدَ والكراهية، والانطواءَ والعقدُ النفسية.
2- النزاعُ بين الوالدين وكثرةُ الشجار بينهما ممَّا يُضايقُ الولد، لأنَّهُ لم يجد في البيت الراحةُ النفسية، والحنان العاطفي.
3- الطلاقُ : لأنَّ تَساعُدَ الوالدان في التربيةِ له دورٌ عظيم، أمَّا إذا انفردَ أحدُ الطرفين بذلك صعُب نجاحهُ وان لم يكن مستحيلاً، ومثلُ الطلاق اليتم.
4- اليتم: وهو قد يكون أشدُّ من الطلاق، لأنَّ في الطلاقِ قد يوجدُ عنده والدهُ وهو أكثرُ هيبةً من أُمهِ، أمَّا اليتيمُ فلا.
ولا يعني أنَّ وجودَ حالةُ الطلاق أو اليتم، يعني بالضرورةِ انحرافُ الولد، لا، فكم من عالمٍ من عُلماءِ المسلمين نشأ يتيماً، وإنَّما المقصودُ أنَّها قد تُسببُ الانحراف.
5- الفقر: أحياناً قد يكونُ سبباً للانحراف، لأنَّ الوالدَ مشغولٌ بلقمةِ العيش، وأيضاً الولدُ قد ينحرفُ بسبب بحثهِ عن المالِ، كأن يسرق مثلاً.
6- رفقاءُ السُوء : وهم من أقوى أسبابَ الانحراف.
7- البطالةُ والفراغ: يتركُ الدراسةَ ويتركهُ والداهُ دون عمل، وهذا يضرهُ ضرراً كبيراً،
إن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أي مفسدة
8- القدوةُ السيئة : سواءً كان هذا القدوةِ الوالدين أو المعلم أو الرفقة.
9- مظاهرُ الفتنةِ والإغراء :
سواءً في الأفلامِ أو المجلات ، أو شبكات الإنترنت ، أو حتى الواقع ، وهذه أيضاً من الأسبابِ القويةِ للانحراف.
عموماً أيَّها الأخوةُ :
أيَّها الآباءُ والأمهات، نُناشدكم أشدَّ المناشدة بالاهتمامِ بتربيةِ أولادكم، وابذلوا كلَّ ما تستطيعون لأجلِّ ذلك، فلو لم يأتكم من تربيتهم إلاَّ أن تكفوا شرهم، وتبرأَ ذممُكم لكفى.
أيَّها الأخوة ُ:
الموضوعُ طويلٌ وتصعبُ الإحاطةُ به، ولكن كما قيل يكفي من القلادةِ ما أحاطَ بالعنق.
اسألُ الله- سُبحانه وتعالى- أن يُصلحَ نياتنا وذرياتنا ، (( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)).
اللهمَّ أقر أعيننا بصلاحِ أولادِنا وأزواجنا وأقاربنا وإخواننا المسلمين.
اللهمَّ اغفر لنا ولوالدينا ولجميعِ المسلمين ، وصلى اللهُ على نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
المصدر : شبكة نور الإسلام
أو ما الوسائلُ التي نسلُكها لتحقيق الأشياءِ المذكورةِ سابقا.
لتحقيق ما سبق نحتاجُ إلى ما يلي :
1- القدوةُ الحسنة : وهي من أقوى وسائلُ التربية تأثيراً؛ وذلك لأنَّ الولدَ ينظرُ إلى مربيهِ وماذا يعملهُ ويستفيدُ من فعله أكثر من قوله، فالولدُ إذا رأى مربيهِ ينهاهُ عن شيءٍ ثم يفعلهُ، كيف ينتهي الولد عن هذا؟ والمفترضُ أن يكونَ المربي قدوةً لمن يربيهم، فمثلا: إذا أذَّنَ أسكت للترديد مع المُؤذن، وبسرعةٍ توضأ، وخذهم معكَ للصلاة، إذا كلمَّ أحدهم في الهاتفِ لا تقُل لهم قولوا إني غيرُ موجودٍ، فتعودهم على الكذب .
والقدوةُ تكونُ في الأبوين، وفي الرفقةِ الصالحةِ، وفي المعلم.
فإذا كان أولئكَ قدوةً صالحةً لمن يُربونهم، أنتجت تربيتهم إنتاجاً سليماً صالحاً، وأمَّا إن كانوا بالعكس، ويُخالفُ قولهم فعلهم فلن يستفيدَ المُتربي منهم شيئاً إلا التناقض، وكذلك القدوةُ تكونُ في الأخِ الأكبر، ولذا ينبغي التنبهُ للمولودِ الأول، فيهتمُ بتربيتهِ اهتماماً كبيراً، لأنَّهُ سيكونُ قدوةً لأخوته الذين يأتون من بعده.
2- المراقبة والملاحظة : ينبغي ألا يغفلَ الوالدُ عن ولدهِ، بل يلاحظهُ ويراقبهُ دون أن يشعر الولدُ، سواءً كان الولدُ ابناً أو بنتاً، فيراقبُ ذهابهُ للمدرسةِ ورجوعه منها، ويراقبُ كتبهُ ومكتبته، وأدراجهِ وغيرَ ذلك، وليكُن هذا بشكلٍ سريٍ جداً ،ولا أقصدُ بالمراقبةِ أن تكون مجهراً على تصرفاتهما، ولكن المطلوبُ عدمُ الغفلةِ، وأيضاً أن تكونَ المراقبةُ من بعدِ دون أن يشعر الولدُ بهذا.
3- التحذير : يحذرهُ من المعاصي على مختلفِ أنواعها التي يمكنُ أن يقعَ فيها، ويحذِّرهُ من الشرِّ وأهله، وأسبابِ الوقوع فيه، وأساليبُ أهلهِ في إيقاع غيرهم فيه، كأن يُحذِّر ابنتهُ عندما تسمع معاكساً أن تردَّ عليه، أو أن تفتحَ لهُ مجالاً ليكلمها، بل تُعلم أن تُغلق السماعةَ مباشرة.
4- التلقين : بأن يُلقنهُ مثلاً السورِ من القرآن، وبعضَ الأحاديثِ والأدعية والأذكار، وماذا يقول لوالديهِ إذا رآهما؟ وماذا يقولُ للضيفِ إذا قدم وهكذا؟!.
5- لتعويد : أن يعودهُ على ما يُريد؛ يعودهُ أنَّهُ يُبكر إلى الصلاة، يعودهُ على أن الاثنين يصام، يعودهُ مثلاً على القيام قبل الفجر ولو قليلاً ، يعودهُ على أنَّهُ يقرأُ القرآن يومياً وهكذا .
6- الترغيبُ والترهيب : بأن يُشجعه أحياناً بالكلمة الطيبة، وبالهدية أحياناً، وقد يلجأُ إلى ترهيبهِ وإخافتهِ من فعل شيءٍ أو ترك شيء .
7- الموعظة : يعظهُ بأسلوبٍ جيد، كأن يبدأَ بالاستعطاف؛ يا بُني ويا بنتي، وربَّما يقصُّ عليه قصةً فيها عبرةٌ وعظة، وربَّما يستعملُ معه السؤالُ والجواب؛ كأن يقولَ ألا تريدُ الجنة، ألا تخافُ من النار، ويمكنهُ أن يغتنمَ المناسبات، ويستفيدَ من المواقف، كأن يرى زحاماً شديداً فيذكرهُ بالقيامةِ، أو يراهُ فرحاً بنتيجةِ الامتحان فيقولُ له مثلاً : وإن شاء الله ستفرحُ في الآخرة أيضاً مادُمت تُطيعُ الله، وهكذا، وينبغي الاقتصادُ في الموعظة وعدمُ الإكثارُ منها لئلا يملَّ الولد.
8- القراءة : سواءً تقرأ عليهِ وعلى الأسرةِ شيئاً مفيداً من مثل سيرةَ الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وسيرةَ السلف الصالح، أو بعضَ القصصِ المُفيدةِ ونحو ذلك، أو هو يقرأُ بتشجيعٍ منك، وتوفيرٌ للكتب .
9- زرعُ مراقبةِ الله في نفسه : حتى يشعرُ أنَّ عليه رقيباً في كل أحواله، وبهذا يعملُ العمل الجميل ولو لم ترهُ، ويتجنبُ العمل القبيح ولو لم تره .
10- العقوبة : قد يلجأُ إليها المُربي بعد أن يستنفدَ التوجيهَُ والإرشادُ والوعظُ والهجر، وهذا الضربُ يراعى فيه التدرجُ من الأخفِ إلى الأشد، وأن لا يُعامل الولد دائماً بالعقوبة، وألا يعاقبَ من أولِ زلة، وألا يجعلَ عقوبات الأخطاء متساويةً مع اختلاف الأخطاء صغراً وكبراً، بل لابُدَّ أن تختلفَ العقوبة من خطأ لآخر . ثم يتجنبُ المواضعَ الخطرةِ كالرأس والوجه، وأيضاً لا يوكلُّ مُهمةَ الضربِ لغيرهِ، كأن يجعلَ أخاهُ الأكبرُ هو الذي يضربه، لأنَّ هذا يزرعُ بينهم العداوةَ والبغضاء، ثم إذا استقام الولدُ على الطريق فليلزم أن يبسط له الوالد، ويهشُ لهُ، ويتلطفُ معهُ، ولا يستمرُ على غضبه عليه.
11- معرفةُ طبيعة المراهق، وكيفية التعاملُ معه .
ثامناً : أخطاءٌ في تربيةِ الأولاد :
هُناك بعضُ الأخطاءِ التي يرتكبُها بعضُ المربين في تربيتهم لأولادهم، نمرُّ على شيءٍ منها بشكلٍ سريع، من هذه الأخطاء :
1- الطردُ من البيت :
قد يلجأُ بعضُ الآباءِ للتخلصِ من أذى ولده وعدم طاعتهِ له بأن يطردهُ من البيت، ويتوعدهُ بأن لا يقتربَ من البيت، ويقولُ : مادمتَ أنك لا تُطيعني، ومادمت عاصياً للهِ، فاذهب إلى من تشاء، فأنا لستُ بأبيك، وأقولُ هذهِ الطريقةُ هل هي صحيحة في هذا الزمن ؟
أيَّها الأخوة :
لنُقارنَ بين مفسدةِ جلوسهِ في البيتِ مع استمرارِ نُصحهِ وتحذيرهِ، وبين مفسدةِ طردهِ من البيت.
إذا طُرد من الذي سيؤويه ؟ بالتأكيد أن الذي سيؤويهِ أصدقاؤهُ الأشرار، وهل هؤلاءِ الأصدقاء سيلومونه ويوبخونهُ على أنَّهُ عصى والديه، وعصى قبل ذلك ربَّهُ حتى استحق الطرد ؟
الحقيقة أنَّهُ إن لم يجد التشجيعُ منهم فلن يجدَ منهم التقريع، وإذا كان معهم فلا شكَّ أن معاصيه ستزيد، قد يتعرفُ على المخدرات بدلاً من شربهِ الدخان الذي كان يضايقك، سيتعرفُ على السفرِ للخارج، سيتعرفُ على السرقةِ إذا احتاج للنقود .
أيَّها الأخوة :
إنَّ هذا العصرُ ليس كسابقه، في العصرِ السابق عصرُ الآباءِ والأجداد، لو طُردَ الولدُ من البيت فلن يذهب بعيداً عن قريته، لعدم توفرِ وسائل المواصلات، ولو وُجدت وسيلةُ مواصلات فلن يجدَ من يحملهُ إلاّ بنقودٍ ولا يملكُ هو هذه النقود، فيبقى في القريةِ، وإذا وُجد في القرية فسيجدُ من يؤنبهُ ويقرعه، ولا يجدُ من يؤويهِ مما يسببُ له الجوعُ لأنَّهُ لن يجدَ من يطعمهُ، فكلٌٌ عاجزٌ عن نفسه ومن يعول، فكيف يعولُ الآخرين ؟ ولذلك فإن طردهُ في هذه الحال سيجدي ويعطي نتيجةً بخلافِ العصر الحاضر.
وإذا عرفت هذا عرفت السبب الذي من أجلهِ يقترحُ كبارِ السن على أولادهم، أن يطردوا أولادهم من البيت إذا كانوا عاقِّين، لأنَّهم يَقيسون هذا العصر على العصر السابق.
2- تدخل الآخرين في تربيةِ الوالد لولده :
كأن يسمح الوالدُ بتدخلِ الجدِّ في تربيةِ الولد، نعم الجدُّ لهُ حقهُ واحترامهُ، ولابُدَّ أن يُربى الولدُ على طاعتهِ ومحبتهِ واحترامهِ وإجلاله، لكن تدخلُ الجدِّ قد لا يُعطي نتيجةً حسنة، وذلك لأنَّ الجدَ سيعطيك تجاربهُ وخبراته السابقة، التي قد لا تُناسبُ هذا العصر؛ مثلاً : الجدُّ يرى أنَّ الوسيلةَ الوحيدةِ لإصلاحِ الولد هي ضربهُ وعدمُ إعطائِه شيئا وهذا خطأ .
لكن لابُدَّ من التنبهِ إلى شيءٍ، وهو أن هذا الكلامُ لا يعني أن نلغي دور الجدِّ تماماً، لا، بل ليكن الاستفادةَ منهُ في الأشياءِ الصحيحة، كأن يُربي حفيدهُ على الكرمِ الذي كان موجوداً سابقاً في عهدهم أكثر من وجوده الآن، وعلى حُبِّ مساعدةِ الآخرين، ونحو ذلك من الأخلاق التي تستفادُ من الجد .
3- السفرُ بعيداً عن الأولاد ، خصوصاً في فترةِ المراهقة :
وربَّما يذهبُ بسببِ الانتداب من قبلِ العمل، أو يذهبُ مثلاً إلى مكة في رمضان ويتركُ أولاده، وربَّما يوكلُّ إلى غيرهِ مهمةُ التربية، كأن يقولُ للأخ الأكبرِ انتبه لأخوتك، وهذا خطأٌ من الوالد. إنَّ وجودَ الوالد ليس كعد مه، وهيبتهُ ليست كهيبةِ غيره، وربما في سفرك يتعرفُ أولادُكَ على أنواعٍ من المفاسد التي لا ترضاها، ولا تكتشفها أثناءَ وجودك القصير عندهم.
4-عدمُ فتح المجال للولدِ للترفيه والالتحاق مع شبابٍ صالحين :
يريدهُ دائماً في البيت، أو دائماً معه في السيارة، ورُبما ذهبَ به إلى زملائِه الكبار، الولدُ لا يرتاحُ إلا لمن هُم في سنه، وهذا ليس عيباً فيه، ولذلك فعليكَ أن تختارَ لولدك الرفقة الصالحة، التي تُعينُ ولدك وتدلهُ على الخير .
5-إرسالُ الولد للخارج بحجةِ الدراسة، مع أنه لم يتزوج، وهذا لاشك أنَّهُ خطأ إذ فيه خطرٌ على الولد، فهو إن لم ينحرف في المجتمعِ المفتوح التي تنتشر فيه المعاصي، فسيُعاني من الضغطِ الرهيبِ عليه في هذا المجتمع؛ فإذا رأى منظراً مثيراً للشهوةِ أين سيصرفها؟ هل سيعصي اللهََ أم يكبتها؟ وحصول هذا وهذا مضرٌّ به.
6- الاستهتارُ برأي الولدِ وعدم الاهتمام به:
بل رُبما أحياناً قد يقولُ لهُ : حتى أنت بدأت تتكلمُ ويكون لك رأي، الرأي الأول والأخير لي .
نعم يا أخي: لك الرأيُ والاحترام، لكن عوِّد ابنك على إبداءِ رأيه واحترامه، ولا يلزم أن يكون رأيُ الابن هو الصائب، لكن على الأقل يشعرُ أنَّ لهُ أهمية .
7- أمرهُ بالسكوتِ عند الرجال :
وهذا أحياناً قد يكونُ مفيداً إذا كان الولدُ صغيراً ولا يحسنُ الكلام، أو عندما لا يُطلبُ منه الكلام، أو لا يجدُ فرصةً للكلام فيقاطع الآخرين، لكن عندما يجدُ فرصةً للكلام دون مقاطعةِ الآخرين، وبالأخذِ بآداب الكلام، فلماذا يُمنعُ من الكلام ؟
8- أمرُ الآباءِ أبناءَهم الذكور بعدمِ رفعِ سماعةَ الهاتفِ :
إذا كانت الأمُّ قريبةً من الهاتف، وهذا فيه تحطيمٌ لشخصية الابن.
9- تحقيرُ أمهِ والاستهتارُ بها وهو يسمع :
لأنَّهُ في هذه الحالةِ إمَّا أن يكرهك لأنَّكَ احتقرت أُمه، وأنت في موضعِ قوةٍ وأُمهُ ظهرت في موضعِ ضعف، ويظهرُ له أنَّها المظلومة، أو أنَّهُ يكتسبُ هذه الصفةُ منك، فلا يحترمُ أُمه، وبالتالي فلا يطيعها في سبيلِ تربيته، فتكونُ أنت الخاسر إذا فقدت مساعدةَ الأم في تربيته .
10- تعييرهُ بأخواله :
كأن يتندرَ الأبُ بأخوالِ ابنهِ، ويتهمهم بعدمِ الرجولةِ ونحو ذلك، وهذا خطأٌ وينطبقُ عليه الكلامُ السابق.
11-عدمُ احترام أصدقائِه، وإذا كلموا في الهاتف قال لهم : إن فلاناً غيرَ موجود، مع أنَّ الابن يسمعُ هذا، إن كانوا أصدقاءَ سُوءٍ فنعم، وتُخبر الولد بسببِ تصرفك هذا، وتقنعهُ بهذا الأسلوب . وبالنسبةِ للبنت تُعلم وتُقنع بأن إطالةَ الكلام في الهاتف مع صديقاتها غير جيد، وتُحذر من هذا بأسلوبٍ حكيم، كأن يقولُ: يا ابنتي، عندما تطيلين المكالمةِ رُبَّما يُكلمنا أحدٌ فيجدُ الخطَّ مشغولاً، ظنَّ أن هُناك من يُغازلُ بهذا البيت، فيؤذينا بالاتصال وهكذا .
12- استخدامُ الضربِ مع أولِّ زلةٍ أو خطأ دون توجيه وإرشاد.
13- توحيدُ الضربِ في أي خطأ :
والمفترضُ أن يكون لكلِّ خطأٍ ما يناسبه من الضرب .
14- استمرارُ هجرهِ بعد أن صلحت حالهُ أو قدَّمَ اعتذاره .
15- تركُ إيقاظهِ للصلاة وإهمالهِ بحجةِ هجره .
16-المفاضلةُ بين الأولادِ :
وذلك بالمقارنةِ السيئةِ بينهم، كأن يصفَ أحدهم بالذكاءِ والآخر بالغباء، أو يهتمُّ بأحدهم ويهملُ الآخرين، فهذا مثلاً يُعطى ويُداعب ويُقبّل ويُحمل والآخر لا، أو بالإعفاءِ عن هفوةِ الولد المحبوب ومعاقبة الآخر.
17- الكذبُ على الطفلِ بحجةِ إسكاته من البكاءِ، أو لترغيبهِ في أمرٍ :
كأن يقول : اسكت وأذهبُ بك إلى المكان الفلاني، وأشتري لك الشيء الفلاني، ولا يفي بذلك فيعُودُ الطفلَ على الكذب وإخلاف الوعد.
18- الدفاعُ عن الولدِ بحضرته :
كأن تُدافعَ الأمُّ عن ولدها عندما يلومُهُ أبوهُ، وتقولُ هو أفضلُ من غيره، هذا الكلامُ لا يصلحُ عندما يكونُ الولدُ يسمع .
19- المبالغة في إحسانِ الظنِّ بالولد :
مما يُؤدي إلى الغفلةِ عنه.
20- المبالغة في إساءةِ الظنِّ بالولدِ :
مما يجعلهُ رُبَّما تجرأَ على المعصية.
تاسعاً : مظاهرُ غير مرغوبةً في الأولاد :
هذه المظاهرُ إمَّا أن تكون غيرَ مرغوبةً شرعاً أو غير مرغوبة طبعاً، من هذه المظاهر :
1- الخوفُ والجبن : بحيث لا يصعدُ للدورِ الثاني إلا ومعهُ أحد، ولا يستطيعُ أن ينامَ إلاَّ والنورُ مفتوح، وهذا قد يكونُ بسببُ إخافةِ أُمهِ له عند بكائِه بالجني أو الحرامي، أو يكونُ السبب الدلالُ الزائد له.
2- الشعورُ بالنقصِ بسببِ كثرةِ التحقيرِ له وإهانته، أو بسبب عاهةٍ جسديةٍ فيه، أو بسببِ عدمِ تحميله المسؤوليةِ وتعويده على الثقة بالنفس.
3-الخجل: بحيث لا يجرؤُ على الكلامِ ولا يُطيق مشاهدة الأجانب، ولذا يُعوَدُ الطفلُ على الاجتماع بالناسِ، ويُمكن أن يأخذهُ أبوهُ معهُ في زيارةِ الأقارب .
والخجلُ أيَّها الأخوة غير الحياء ؛ فالحياءُ محمود، وأما الخجلُ فهو انكماشُ الولدِ وانطواؤهِ عن ملاقاةِ الآخرين، وليس من الخجلِ أن تعودَ الطفلُ على عدمِِ مقاطعةِ الكبير، أو تعودهُ على عدمِ الجرأةِ على المعصية .
4- سرعةُ الغضبِ : يغضبُ الولدُ لأيِّ سبب، والذي ينبغي أن يُجنب الولدُ الغضبَ في بدايةِ حياته حتى لا يصبح لهُ عادة .
5- عدمُ احترامِ العاداتِ والتقاليدِ التي اعتاد أهلُها عليها وليست مخالفةً للشرع .
6-الحسدُ لأخوته : وذلكَ لأنَّهُ يخافُ أن يفقدَ دلالهُ وامتيازاته إذا ما جاءَ مولودٌ جديد، أو لتفضيل أخوته عليه.
7- الميوعة : وهذه من أقبحِ المظاهرِ التي انتشرت، تجدُ الابنُ يتخنفس في مظهرهِ، ويتخلعَ في مشيتهِ، ويتميع في منطقه .
8- عقوقُ الوالدين : وقد انتشرت في هذا العصر، فعدمُ تلبيةِ طلبات الوالدين، وعدمُ احترامهم وتقديرهم أصبح شيئاً معتاداً عند بعض الأولاد .
أحياناً تجدُ الأب عندهُ ضيوفٌ وقد تعبَ في استقبالهم، وإحضار القهوة والشاي ونحو ذلك، والولد إمَّا مع أصدقائهِ أو عند المباراة أو نائم .
عموماً ليس المجالُ هُنا مجالٌ للكلام عن هذه الظاهرة، وإنَّما هي إشارةٌ سريعة.
9-عدمُ حفظِ الفرج :
سواءً وقوعهُ في زنا أو لواطٍ أو العادة السريةِ، وهذا ناتجٌ عن قوةِ الشهوةِ عند الشاب، وما يتعرضُ لهُ من مثيراتٍ جنسية، من أفلامٍ وصورٍ، بل وحقيقةً من وجودِ نساءٍ سافرات، وأحياناً معاكِساتٍ على الهاتف.
10-الكذب : بعضُ الأولادِ يكذبُ ويُكثر من ذلك، وقد يكونُ والداهُ سبباً في ذلك، إمَّا بأن يكون قدوةً لهُ في ذلك، أو لأنَّهما يضطرونهُ إلى ذلك، كأن يعتادَ منهما أنَّهما يُعاقبانه عقاباً عسيراً على كلِّ شيء، فيضطرُ إلى الكذبِ تهرباً من ذلك .
11-السبُّ والشتمُ : تجدُ بعضُ الآباءِ يعودُ ولدهُ على ذلك منذُ الصغرِ، فيقولُ للصغيرِ سب واشتم هذا، وذلك ليضحك الآخرين ويستملحُ ذلك .
وقد يكتسبها الولدُ من والديه، إذا كانا سبابين أو شتَّامين، وقد يكتسبها من رفقائهِ أو أصدقائه.
12- السرقة : إذا وجدت معه شيئاً غريباً فاسألهُ ما مصدره، وحاول أن تُحققَ معه بطريقةٍ جيدة ، من الذي أعطاك هذا ؟
13-التدخين: وهي عادةٌ ضارةٌ مالياً وبدنياً، يسقطُ بها الولدُ لإهمال الوالدين وللرفقة السيئة، وأعظم منها السقوطُ في المخدرات، وهي مثلُ التدخينِ من ناحيةِ أسبابها، فإهمالُ الوالدين، والرفقةُ السيئةِ لها الدورُ الكبير في ذلك.
14- السهرُ بالليل والنومُ في النهار خصوصاً في الإجازات.
15- حُبُّ التسيب والتسكعِ في الأسواق، وكثرةُ الدوران على السيارة.
16- المعاكساتُ الهاتفية و في الأسواق .
عاشراً: أسبابُ انحرافِ الأولاد :
1- الإهمالُ في تربيةِ الولد أو التقصيرِ فيها ، أو الخطأ في طريقة التربية.
فإمَّا إن يُهملَ الوالدان تربيةَ ولدهما ويتخليان عن ذلك، أو التقصيرُ في تربيتهِ أو يُخطئا في طريقةِ التربية، كأن يحتقراهُ أو يُهيناه، أو يتعرضُ للدلال الزائد فيسبب له فقدان الرجولةِ، وضعفُ الثقةِ بالنفس، أو يرى المفاضلةَ بينه وبين أخوته، مما يُولدُ عندهُ الحسدَ والكراهية، والانطواءَ والعقدُ النفسية.
2- النزاعُ بين الوالدين وكثرةُ الشجار بينهما ممَّا يُضايقُ الولد، لأنَّهُ لم يجد في البيت الراحةُ النفسية، والحنان العاطفي.
3- الطلاقُ : لأنَّ تَساعُدَ الوالدان في التربيةِ له دورٌ عظيم، أمَّا إذا انفردَ أحدُ الطرفين بذلك صعُب نجاحهُ وان لم يكن مستحيلاً، ومثلُ الطلاق اليتم.
4- اليتم: وهو قد يكون أشدُّ من الطلاق، لأنَّ في الطلاقِ قد يوجدُ عنده والدهُ وهو أكثرُ هيبةً من أُمهِ، أمَّا اليتيمُ فلا.
ولا يعني أنَّ وجودَ حالةُ الطلاق أو اليتم، يعني بالضرورةِ انحرافُ الولد، لا، فكم من عالمٍ من عُلماءِ المسلمين نشأ يتيماً، وإنَّما المقصودُ أنَّها قد تُسببُ الانحراف.
5- الفقر: أحياناً قد يكونُ سبباً للانحراف، لأنَّ الوالدَ مشغولٌ بلقمةِ العيش، وأيضاً الولدُ قد ينحرفُ بسبب بحثهِ عن المالِ، كأن يسرق مثلاً.
6- رفقاءُ السُوء : وهم من أقوى أسبابَ الانحراف.
7- البطالةُ والفراغ: يتركُ الدراسةَ ويتركهُ والداهُ دون عمل، وهذا يضرهُ ضرراً كبيراً،
إن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أي مفسدة
8- القدوةُ السيئة : سواءً كان هذا القدوةِ الوالدين أو المعلم أو الرفقة.
9- مظاهرُ الفتنةِ والإغراء :
سواءً في الأفلامِ أو المجلات ، أو شبكات الإنترنت ، أو حتى الواقع ، وهذه أيضاً من الأسبابِ القويةِ للانحراف.
عموماً أيَّها الأخوةُ :
أيَّها الآباءُ والأمهات، نُناشدكم أشدَّ المناشدة بالاهتمامِ بتربيةِ أولادكم، وابذلوا كلَّ ما تستطيعون لأجلِّ ذلك، فلو لم يأتكم من تربيتهم إلاَّ أن تكفوا شرهم، وتبرأَ ذممُكم لكفى.
أيَّها الأخوة ُ:
الموضوعُ طويلٌ وتصعبُ الإحاطةُ به، ولكن كما قيل يكفي من القلادةِ ما أحاطَ بالعنق.
اسألُ الله- سُبحانه وتعالى- أن يُصلحَ نياتنا وذرياتنا ، (( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)).
اللهمَّ أقر أعيننا بصلاحِ أولادِنا وأزواجنا وأقاربنا وإخواننا المسلمين.
اللهمَّ اغفر لنا ولوالدينا ولجميعِ المسلمين ، وصلى اللهُ على نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
المصدر : شبكة نور الإسلام
الشيخ إبراهيم حسونة- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 9251
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 08/05/2008
- مساهمة رقم 3
رد: تربية الأولاد على الآداب الشرعية
52 معلماً في تربية الأبناء للآباء والأمهات |
إعداد القسم العلمي بدار الوطن |
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : * فهذه نقاط سريعة وومضات خاطفة تتناول أسس وعالم تربية الأبناء في الإسلام ... نسأل الله أن تكون نافعة بمنِّه وكرمه. (1) لقّن (لقني) طفلك كلمة التوحيد (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) ، وليكن أول تعليمك إياه أن الله تعالى يراه ويسمع كلامه، ويعلم كل تصرفاته، ولا يمكن أن يغيب عنه طرفة عين. (2) رسّخ (رسِّخي) في ذهن ابنك أن الله تعالى هو الخالق الرازق الشافي المحيي المميت ، وعَلِّمه (علميه) أن يلجأ إليه في كلّ حال، ويطلب منه قضاء الحوائج وتيسير الأمور. (3) حذِّر (حذِّري) ابنك من الكفر والشرك بالله، وبيِّن (بيِّني) له أن الله خلقَنَا لعبادته وحده لا شريك له، وأن الكفر والشرك يؤديان إلى العذاب في النار يوم القيامة { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان:13]. (4) عرّفه (عرفيه) أركان الإيمان الستة : ( الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره ) وأركان الإسلام الخمسة : ( الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا). (5) حبّبه (حَببيه) في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونشِّئه (نَشِّئيه) على سيرته العطرة وأخلاقه الحسنة، ورغّبه (رغبيه) في الصلاة عليه كلما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم . (6) اغرس (اغرسي) في نفس ابنك القيم الدينية السامية، والأخلاق الإسلامية الفاضلة، وأدّبه (أدبيه) بآداب الإسلام. (7) عرّفه (عرّفيه) بالحلال والحرام شيئاً فشيئاً. (8) عوّده (عوّديه) ارتياد المساجد واحترامها، وأداء الصلاة فيها، ورغّبه (رغبيه) في المحافظة على الصلوات في مواقيتها. (9) ساعده (ساعديه) في اختيار الصديق الصدوق الصالح، وجنِّبه (جَنّبيه) أصدقاء السوء. (10) رغّبه (رغبيه) في كتاب الله عز وجل تلاوةً وحفظاً وتعلماً وتدبراً. (11) علِّمه (علِّميه) شيئاً من السنة المطهرة والأذكار النبوية، كأن يقول : بسم الله عند الطعام ، والحمد لله عند الفراغ منه، وكأن يردد الأذان عند سماع المؤذن، وكذلك أذكار النوم والاستيقاظ، ودخول المنزل والخروج منه وغيرها. (12) اعدل (اعدلي) بين أبنائك، ولا تفضل (تفضلي) أحداً على أحد، وليكن الجميع عندك سواسية. (13) تفهم (تفهمي) أن ابنك يقلدك، فكن (كوني) قدوة حسنة يكن كذلك. (14) ادفعه (ادفعيه) إلى ممارسة الرياضة النافعة. (15) حبّب (حبّبي) إليه الصدق، والأمانة، والعفاف، والشجاعة، والكرم، والعفو، والرحمة، والبر، وبذل المعروف، وقضاء الحوائج، والعدل، والإيثار، والسخاء، وجميع المعاني الحسنة. (16) حذّره (حذريه) من الكذب، والسرقة، والخيانة، والظلم، والغدر، وسوء الخلق، والأنانية، والأثرة، والحسد، والغيبة، والنميمة، والغش، والخداع، والفساد، وجميع المعاني الفاسدة. (17) عوّده (عوديه) النظافة منذ صغره، وعلِّمه (علِّميه) كيفية الوضوء للصلاة، وشجّعه (شجعيه) على نظافة بدنه وثيابه، وتقليم أظافره، وغسل يديه قبل الطعام وبعده. (18) رغّب (رغبي) ابنتك في السّتر والحجاب والحياء منذ صغرها، حتى تتعود ذلك عند بلوغها، ولا تسمح (تسمحي) لها بلبس الملابس القصيرة أو الضيقة أو الشفافة أو لبس ملابس الصبيان، وأخبرها (أخبريها) أن لكل جنس ملابسه الخاصة به. (19) حذّر (حذّري) ابنك من التشبه بأعداء الله الكافرين في ملابسهم وقصات شعورهم وتخنثهم وفسادهم وأعيادهم وجميع طرائقهم في الحياة. (20) حذّر (حذري) ابنك من الميسر بجميع أنواعه، وامنعه (امنعيه) من الألعاب المحرمة وبيِّن (بيِّني) له سبب التحريم، ومن ذلك ألعاب الكمبيوتر التي تحتوى على مخالفات شرعية كالموسيقى والعري والشركيات، وأخيراً لعبة البوكيمون التي أفتى العلماء بتحريمها. (21) اهتم (اهتمي) بتنمية ثقافة ابنك وذلك بجلب الكتب المفيدة وبرامج الكمبيوتر النافعة، والقصص الهادفة التي تعمل على تشكيل فكره وصبغه بالصبغة الشرعية. (22) عوّد (عوّدي) ابنك على إكرام الضيف واحترامه، والإحسان إلى الجيران وعدم إيذائهم، وعرِّفه (عرفيه) بحقوق الوالدين، وحقوق المسلم على أخيه، وحقوق الأقارب والجيران والأصدقاء والمعلمين وغيرهم. (23) عوّده (عوديه) احترام الطريق، والمشي بسكينة ووقار، والمحافظة على نظافته، وعدم رمي الأوساخ فيه، ورفع ما يؤذي المسلمين من شوك ونحوه وإبعاده عن الطريق، وغضّ البصر، وكف الأذى عن المارة، وعدم رفع الصوت وإحداث الجلبة والضوضاء. (24) اغرس (اغرسي) في قلبه محبة المؤمنين وموالاتهم، وإن تباعدت ديارهم واختلفت لغاتهم وأجناسهم. وكراهية الكافرين ومعاداتهم في كل مكان. (25) رغّبه (رغبيه) في إلقاء السلام، والالتزام بتحية الإسلام، واذكر (اذكري) له فضل من يبدأ بالسلام. (26) شاركه (شاركيه) أوقات لعبه وفراغه، وفرحه وسروره، وقبِِّ (قبليه) ، وأشعره (أشعريه) بالراحة والطمأنينة، وأدخل (أدخلي) على قلبه الفرح والسرور. (27) ازرع (ازرعي) في قلبه الثقة بنفسه، ولا تجعل (تجعلي) الخوف يمنعه من مصارحتك بخطئه. (28) استخدم (استخدمي) الرفق دائماً في التوجيه والإرشاد، ولا تلجأ (تلجئي) إلى العنف والشدة ما دام هناك مجال للرفق. (29) انصح (انصحي) ابنك سرّاً ، ولا تعاقبه (تعاقبيه) أمام الآخرين. (30) لا تعوده (تعوديه) على الضرب، فإنه إذا تعودّ الضرب استلان العقاب، ولم يخش بعد ذلك تهديداً. (31) لا تفرط (تفرطي) في العقاب، ولا تكن متساهلاً (ولا تكوني متساهلة)، بل زاوج (زاوجي) بين الشدة واللين. (32) ليكن لك بصيرة في اختيار العقاب المناسب، فهناك الزجر بالقول، وترك الكلام مع المخطئ، والحرمان من جزء من المصروف اليومي، أو من الفسحة الأسبوعية، وهناك التأديب بالضرب. والعقاب المناسب هو الذي يمنع من تكرار الخطأ، ويردّ ابنك إلى الصواب. (33) احترم (احترمي) عقلية طفلك، وسِنَّه، ووجهات نظره، وتحليلاته للأمور، وإن كانت خاطئة بالنسبة إليك. (34) درّب (درّبي) ابنك علىاكتساب المهارات الجديدة، كاستخدام الحاسب الآلي (الكمبيوتر) والانترنت وتعلم اللغات الأجنبية. (35) استمع (استمعي) إلى ابنك، ولا تقاطعه (تقاطعيه)، فإن ذلك يعوده على حسن الاستماع للآخرين وعدم مقاطعتهم. (36) لا تظهر (تظهري) الضجر من ابنك عندما يحاصرك بأسئلة بما يتناسب مع سنّه، مع تحري قول الحق، و إلا فعليك الانسحاب بلباقة من الأسئلة الحرجة لحين استشارة أهل الاختصاص في كيفية الإجابة عنها. (37) درب (دربي) ابنك على البيع والراء والأخذ والعطاء والمعاملات الحسابية، واستعن (استعيني) به في قضاء حوائجك، ولا تكثر (تكثري) عليه اللوم إذا قصَّر، ولا تيأس (تيأسي) منه إذا أخفق. (38) أشرك (أشركي) ابنك في الأنشطة الجماعية، في المدرسة والمسجد والحيّ، كجماعة تحفيظ القرآن، وجماعة البر، وجماعة الخط العربي، وجماعة الكشافة، والمراكز الصيفية وغيرها من الأنشطة المفيدة. (39) عوّد (عوّدي) ابنك الاستئذان قبل الدخول، واجعل (اجعلي) لكلّ ولدٍ فراشاً خاصًّا به عند النوم، وحبذا لو كان هناك غرفة للبنين وأخرى للبنات. (40) استخدم (استخدمي) أسلوب التكرار، ولا تستبطئ نتائجه، ولكن دع الوقت يمرّ ولا تيأس من الإصلاح. (41) تدرج (تدرجي) مع ابنك في التعليم، ولا تثقل (تثقلي) كاهله بالعديد من الأوامر، فإن لكل مرحلة تكليفها، قال صلى الله عليه وسلم : (( مروا أبنائكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع )). (42) استخدم (استخدمي) أسلوب الترغيب والترهيب، مَن فعل كذا فله كذا وكذا، ومَن فعل كذا عاقبته بكذا وكذا، ولا يكن هذا هو الأسلوب الوحيد لديك. (43) لا تخلف (تخلفي) وعدك لابنك بالجوائز والهدايا، أما الوعيد فتجاوز (تجاوزي) عنه أحياناً. (44) عالج (عالجي) مشكلات ابنك بهدوء والجأ (الجئي) إلى أسلوب الحوار والإقناع فإنه من أحسن الأساليب فائدة مع الأبناء. (45) نمِّ (نمّي) في ابنك حب العمل والطموح والهمة العالية والسعي للوصول إلى الغايات العظمى، وحذره (حذريه) من الكسل والخمول والسلبية ودناءة الهمة، والاستسلام لليأس والقعود عن إدراك الغايات العظمى. (46) عرفه (عرفيه) تاريخه المجيد، ومجده التليد، وانتصاراته الخالدة في ظل الإسلام، ورسخ (رسخي) في ذهنه أن هذا التاريخ والمجد والنصر مرتبط بمدى التمسك بأهداب العقيدة الإسلامية قوة وضعفاً, (47) عرّفه (عرفيه) أعداءه وأعداء أمته الذين استباحوا حرمات المسلمين، وسلبوا ديارهم، وأراقوا دماءهم عبر العصور. (48) عوّده (عوّديه) القناعة بمعيشتكم من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ومركب، وحذِّره (حذريه) من مغبة النظر إلى ما عند الآخرين. (49) استشره (استشيريه) في بعض الأمور، واعمل (اعملي) برأيه إذا لاح لك صوابه. (50) خفف (خففي) من لهجة الأمر التي لا يعرف كثير من الآباء غيرها. واستخدم (استخدمي) أسلوباً آخر مثل: ما رأيك أن تفعل كذا وكذا. ومثل: الأولاد الطيبون يفعلون كذا ولا يفعلون كذا، وأنت بلا شك طيب مثلهم، فإذا فهم ذلك فاذكر (اذكري) له ما تريد (تريدين) منه. (51) تعرف (تعرفي) على ميول ابنك ومواهبه، وشجعه (شجعيه) على ما هو مستعد له من التخصصات، ولا تحمله (تحميله) على غيره ما دام مأذوناً فيه شرعاً. (52) استعن (استعيني) بالله في تطبيق ما سبق، وأكثر (أكثري) من الدعاء لابنك بالهدى والصلاح، فالله تعالى هو الهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم انتهيت بمن الله وفضله من صف هذه الرسالة في الخامس من ديسمبر لسنة 2004م والله أسأل الإخلاص والقبول |
والنقل
لطفــا .. من هنـــــــــا
http://saaid.net/tarbiah/124.htm
لطفــا .. من هنـــــــــا
http://saaid.net/tarbiah/124.htm
الشيخ إبراهيم حسونة- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 9251
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 08/05/2008
- مساهمة رقم 4
رد: تربية الأولاد على الآداب الشرعية
توجيهات وأفكار في تربية الصغار |
د. إبراهيم الدويش |
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا ، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له،ومن يُضلِل فلا هاديَ له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً . هذا الموضوعُ هو ضمن سلسلةٍ سبقَ أن بدأنا بها ، وهيَ سلسلةُ وسائلَ وتوجيهاتٍ ، وقد كانَت الحلقةُ الأولى بعنوان : أربعون وسيلة لاستغلالِ رمضان ، ثُمَّ أربعون وسيلة لاستغلالِ موسم الحجِّ ، ثم أربعون وسيلة لاستغلالِ الإجازةِ الصيفيَّةِ ، ثُمَّ هذه هي الحلقةُ الرابعةُ ، وهي أيضاً : أربعون وسيلة . وهذه التَّوجيهاتُ وهذه الأفكارُ هي مجموعةُ توجيهاتٍ وأفكارٍ ووسائلَ في تربيةِ الصِّغارِ كنتُ قد جمعتُ شيئاً منها في درسٍ قبلَ خمسِ سنواتٍ تقريباً ، وكان يراودُني تجديدُ هذا الدَّرسِ وإلحاقُ بعضِ الوسائلِ والتوجيهاتِ ، وكان للتَّسويفِ والانشغالِ وقِلَّةِ البضاعةِ دورٌ في التَّأخيرِ . حتَّى وقعَ بين يديَّ بحثٌ تكميليٌّ لنيلِ درجةِ الماجستير بعنوانِ : مسؤوليَّةُ الأبِ المسلمِ في تربيةِ الولدِ في مرحلةِ الطفولةِ ، والحقُّ يُقَالُ فهو كتابٌ جامعٌ فريدٌ أنصحُ الآباءَ والأمَّهاتِ بالقراءةِ فيه والنَّظَرِ والاستفادةِ منه ، فقد جمعَ صاحبُه الأستاذُ : عدنان حسن باحارث ، كثيراً من الفوائدِ و الشَّواردِ والتَّوجيهاتِ والتَّجاربِ لعلماءِ التَّربيةِ والمتخصِّصين في هذا الشَّأنِ ، جزى الله كاتبَه خيرَ الجزاءِ ونفعَ اللهُ به ورعاه . ولو كُمِّلَ هذا الكتابُ بتخريجِ الأحاديثِ والآثارِ فيه والحكمِ عليها من متخصِّصٍ في هذا الفنِّ لزادَ العقدَ بهاءً وجمالاً ، ولقد استفدتُ منه كثيراً في هذا الموضوعِ الذي أسألُ الله عز وجل أن ينفعَ به الآباءَ والأمُّهاتِ في وقتٍ تخلَّى كثيرٌ منهم عن هذه المسؤوليَّةِ العظيمةِ ، تربيةِ الأبناء . فالأبُ في وظيفتِه وتجارتِه ، ورُبَّما الأمُّ في وظيفتِها وزياراتِها ، والضحيَّةُ هم الأولادُ ، ورُبَّما تُرِكُوا للأعاجمِ و الجُهَّالِ من السَّائقين والخادماتِ ! ألا فاتَّقِ الله أيُّها الأبُ ، واتَّقي الله أيَّتُها الأمُّ ، فإنَّكما مسؤولان أمامَ الله عن هذه الأمانةِ ، وتذكَّرا جيِّداً هذا الموقفَ عندَ السُّؤالِ والحسابِ : قال صلى الله عليه وسلم في الحديثِ المشهورِ " كلُّكُم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه ، فالإمامُ راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّتِه ، والرَّجُلُ راعٍ في أهلهِ ومسؤولٌ عن رعيَّتِه ، والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها ومسؤولةٌ عن رعيَّتِها..".(متفق عليه ) وقال صلى الله عليه وسلم " ما مِن عبدٍ يسترعيه الله رعيَّةً فلم يُحِطها بنصحِه إلا لم يجِد رائحةَ الجنَّةِ "(متفق عليه ). وقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم :6] . إذاً فاعلما أنَّ مسؤوليَّةَ تربيةِ الأولادِ بينكما مشتركةٌ تقتضي التَّعاونَ والتَّفاهُمَ ، واعلما أيضاً أنَّ مرحلةَ الطفولة مرحلةٌ مُهِمَّةٌ جدَّاً في توجيهِ الوَلَدِ وتأديبِه ، قال الإمامُ الماورديُّ مؤكِّداً على هذا المعنى : فأمَّا التأديبُ اللازمُ للأبِ فهو أن يأخذَ ولدَه بمبادئ الآدابِ ليأنسَ بها وينشأَ عليها فيسهلَ عليه قبولُها عندَ الكبرِ لاستئناسِه بمبادئها في الصِّغَرِ ، لأنَّ نشأةَ الصَّغيرِ على شيءٍ تجعلُه متطبِّعاً به ، ومن أُغفِلَ في الصِّغَرِ كان تأديبُه في الكِبَرِ عسيراً . وإليك مقطوعة لأحمد شوقي تلخِّصُ هذا المعنى وتعرضُه في أبهى صورةٍ ، يقولُ : بينَ الحديقةِ والنَّهَـرْ وجمالِ ألوانِ الزّهَرْ سارَت مها مسرورةً مع والدٍ حانٍ أَبَـرّ فرأَت هنالك نخلـةً معوجَّةً بين الشَّجَرْ فتناولَت حبلاً وقالَت يا أبي هيَّا انتظِــرْ حتَّى نقوِّمَ عودَهـا لتكونَ أجملَ في النَّظَرْ فأجابَ والدُها : لقد كبرَت وطالَ بها العُمُرْ ومن العسيرِ صلاحُها فاتَ الأوانُ ولا مَفَـرّ قد ينفعُ الإصلاحُ والتَّـهذيبُ في عهدِ الصِّغَرْ والنَّشءُ إن أهملتَـه طفلاً تعثَّرَ في الكِبَـرْ الوسائل والتوجيهات الوسيلةُ الأولى : الحرصُ على تعويدِه على مراقبةِ الله ، وغرسُ ذلك في نفسِه كلَّ لحظةٍ ، وتخويفُه بالله سبحانه وتعالى لا بأبيه ولا بالحرامي ولا بالبعبعِ كما تفعلُ كثيرٌ من الأمَّهاتِ ، فإنَّ الصَّغيرَ يتعلَّقُ بالله ، فلا يرجُو إلا الله ، ولا يخافُ إلا الله . وهذا ما يسمِّيه علماءُ التَّربيةِ بالوازعِ الدينيِّ ، وهذا جانبٌ مهمٌّ جداً يغفلُ عنه الآباءُ والأمَّهاتُ ، واسمع لقولِ الحقِّ عز وجل حاكياً عن لقمانَ وهو يؤصِّلُ هذا الجانبَ في نفسِ ولدِه ، يقول I على لسانِ لقمان } يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُنْ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ{ [لقمان:16]. انظُر للتَّربيَةِ العميقةِ التي تملؤُ نفسَ الولدِ بعظمةِ الله ، بعظمةِ علمِ الله واطَّلاعِه عليه ، حتَّى وإن كانَت هذه الحبَّةُ في حقارتِها لا وزنَ لها ولا قيمةَ ، ولو كانت هذه الحبَّةُ داخلَ صخرةٍ صلبةٍ محشورةٍ ، أو كانت هذه الحبَّةُ في السماواتِ ذلك الكيانِ الهائلِ الشَّاسعِ الذي يبدو فيه النجمُ الكبيرُ ذرَّةً تائهةً ، فكيف بهذه الحبَّةِ الحقيرةِ ؟ أو حتَّى كانَت هذه الحبَّةُ في الأرضِ ضائعةً ، فإنَّ الله I سيبديها ويظهرُها بلطيفِ علمِه ، فأين الآباءُ والأمَّهاتُ عن هذه التَّربيةِ ؟! املأ قلبَ صغيرِكَ بخوفِ الله، وأخبره بأنَّ الله يراه في كلِّ مكانٍ،وأنَّه مطَّلِعٌ عليه في كلِّ حالٍ، فإذا كذبَ قُل له : إنَّ الله يعلمُ ما تُخفي ، وإنَّ الكاذبَ في النَّارِ ، وإذا سرقَ فقُل له : إنَّ الله يراكَ وإنَّ الله يغضبُ على السَّارقِ ، وإذا عصاك فقُل له : إنَّ الله يغضبُ عليك ، وإذا أطاعَك فقُل له : إنَّ الله يُحبُّك ، هكذا في كلِّ أفعالِه ذكِّره بالله I . إذاً فلنربِّ أبناءنا على هذا المنهجِ ، ثُمَّ بعدَ ذلك أطلِق له العنانَ ، فكلمَّا حدَّثَته نفسُه بأمرِ سوءٍ تذكَّرَ أنَّ الله عز وجل معه يراه ويعلمُ ما يصنعُ . ويؤكِّدُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على هذا المنهجِ ، فنجدُه يوصي ابنَ عبَّاسٍ وهو صغيرٌ ، فيقولُ له صلى الله عليه وسلم " يا غلامُ - وفي روايةٍ : يا غليّم - إنِّي أعلِّمُك كلماتٍ ، احفظِ الله يحفَظْك ، احفظِ الله تجدْه أمامَك ، إذا سألتَ فاسألِ الله ، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتمعُوا على أن يضرُّوك بشيءٍ لن يضرُّوك إلا بشيءٍ قد كتبَه الله عليك ، وأنَّ الأمَّةَ لو اجتمعُوا على أن ينفعُوك بشيءٍ لن ينفعُوك إلاَّ بشيءٍ قد كتبَه الله لكَ ، رُفِعَت الأقلامُ وجَفَّت الصُّحُفُ "][1]. هكذا كان صلى الله عليه وسلم يغرسُ هذه المعاني الجميلة في نفسِ ابن عبَّاسٍ وهو صغيرٌ . حَمَّادُ بن زيدٍ يقولُ : كنتُ أسيرُ مع أبي فمرَرنا من جدارٍ فيه تبنٌ فأخذتُ عودَ تبنٍ ، فقال لي أبي : لِمَ أخذت ؟! – ينهرُني – فقلتُ : إنَّه عودُ تبنٍ ! فقال أبي : لو أنَّ النَّاسَ كلَّهم مرُّوا من هاهنا فأخذُوا عودَ تبنٍ هل كان يبقى في الجدارِ تبنٌ يا بُنَيَّ ؟! هكذا كانوا يربُّونَهُم على الأمانة حتى في أحقرِ الأشياءِ ، لا تمتدُّ اليدُ على أحقرِ الأشياءِ حتى إذا كبرَ لا تمتدُّ يدُه على أيِّ شيءٍ مهما كان صغيراً أو كبيراً . سهلُ التَّستُري يقولُ : كنتُ مع خالي صغيراً وأنا ابن ثلاثِ سنين وكان يقولُ لي: انظُر ألا تذكرُ الله الذي خلقَك ؟ قال : كيف أذكرُه ؟ قال لي خالي محمَّد بن سِوار : قُل بقلبِكَ من غيرِ أن تحرِّكَ به لسانَك : اللهُ معي ، اللهُ ناظرٌ إليَّ ، اللهُ شاهدي ، ثلاثاً ثُمَّ سبعاً ثُمَّ أحد عشر . تأصيلُ رقابةِ الله عزَّ وجلَّ في نفسِ الصَّغيرِ حتَّى وإن كان ابن ثلاثِ سنين ! بائعةُ اللَّبَنِ تقولُ لأمِّها : يا أمَّاه إن كان أميرُ المؤمنين لا يرانا فإنَّ ربَّ أميرِ المؤمنين يرانا . فعلِّمِ الصَّغيرَ من هو الله ، وأنَّه هو الذي خلقَه وأنعمَ عليه ، ليمتلئَ قلبُه بحبِّ الله ، فيحرصَ بعدَ ذلك ألا يغضبَ الله بقولٍ أو فعلٍ. ذكرَ ابنُ سعدٍ في الطَّبقاتِ:أنَّ أمَّ سُليمٍ كانَت تلقِّنُ أنساً ولدَها الشَّهادتين قبلَ أن يبلغَ سنتين. الوسيلةُ الثانيةُ : التأكيدُ على تعليمِه الوضوءَ والصَّلاةَ ، وإنَّ أخطرَ شيءٍ نلحظُه اليومَ على صغارِنا هو إهمالُ هذا الجانبِ ، فتجدُ غالبَ الأولادِ يبلغُ العاشرةَ من عُمُرِه لا يعرفُ كيفَ يصلِّي ! وهذا أمرٌ مشاهَدٌ محسوسٌ ، فانظُر إليهم في المساجدِ عندَ ركُوعِهم وسجُودِهم ولَعبِهم وضَربِهم لبعضٍ ! فلماذا لا يجلسُ الأبُ أو الأمُّ وقتاً يسيراً لتعليمِ صغارِهم هذا الرُّكنَ العظيمَ ؟ وذلك بالتَّطبيقِ العمليِّ أمامَه ثُمَّ ليطبِّقْ الولدُ ما يراه ، فإن أخطأَ وُجِّهَ بدون تعنيفٍ . إنَّ أولادَنا الصِّغارَ كثيراً ما يندفعُون لتقليدِ آبائهم وأمَّهاتِهم في الصَّلاةِ ، فيقفُون بجوارِهم ، ويفعلُون كما يفعلُ آباؤهم ، ولذلك نوصي الأبَ بأن يحرصَ على صلاةِ الرَّواتبِ والنَّوافلِ في البيتِ ، بل هذه هي السنَّةُ فقد قالَ صلى الله عليه وسلم " صَلُّوا- أَيُّهَا النَّاسُ- فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ "][2] . وفي صلاةِ النَّافلةِ في البيوتِ فوائدُ كثيرةٌ منها : تشجيعُ الزَّوجةِ والأهلِ على العبادةِ ، وإحياءُ البيتِ وطردُ الشَّياطين ، وكثرةُ مشاهدةِ الصِّغارِ والدَهم وهو يُصلِّي ، وهذا ما يُسمَّى عندَ علماءِ التَّربيةِ بأسلوبِ التَّربيةِ بالعادةِ وهو من أسهلِ الأساليبِ وأفضلِها . وكم نغفلُ عن هذا المنهجِ النبويِّ في أمرِ الصَّلاة ،فقد قالَ صلى الله عليه وسلم " مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ "][3] ، وفي هذا الحديثِ يَمرُّ الصَّغيرُ بثلاثِ مراحلَ : · قبلَ السَّبعِ ، وهذا أمرٌ مندوبٌ إليه أن يُشَجَّعَ الصَّغيرُ بالتَّلميحِ والتَّعريضِ في الصَّلاةِ . · وما بعدَ السَّبعِ ،وهنا يجبُ على الأبِ وعلى الأمِّ أن يعلِّما صغيرَهما على الصَّلاةِ وأركانِها وما يقولُ فيها . · ثُمَّ المرحلةُ الثالثةُ عندَ العشرِ وما بعدَها ، فإن لم يستجِب الصَّغيرُ فكما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم " وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ " ، ولا يُستعمَلُ العقابُ البدنيُّ _ أي الضَّرب _ إلا بعدَ فَشَلِ جميعِ الوسائلِ والعقوباتِ الأخرى من وعظِه وتعنيفِه وهجرِه - أي لا يكلِّمُه ولا يمازحُه ويحرمه بعضَ ما يحبُّ - . وكم نقعُ في أخطاء تربويَّةٍ جسيمةٍ في أمرِ الصَّلاةِ بدون أن نشعرَ ، ومن هذا الحرصُ الشَّديدُ على إيقاظِه للمدرسةِ والاهتمامُ بذلك ، وألاَّ يتأخَّرَ لحظاتٍ ورُبَّما عقابُه لو تأخَّرَ ، أمَّا صلاةُ الفجرِ فتأخذُ الأمَّ الشَّفَقَةُ والرَّحمةُ بإيقاظِ ولدِها لها ، فلا يصلِّيها إلا عندَ ذهابِه للمدرسةِ ، مع أنَّ الولدَ بلغَ العاشرةَ ، يندب له أن يصليها لوقتِها مع جماعةِ المسلمين ! ولاشكَّ أنَّ الأمَّ آثمةٌ في مثلِ هذا الفعلِ ، وأنَّ الشَّفقةَ والرَّحمةَ تكون في إيقاظِه وصلاتِه مع المسلمين ، ولذلك قال الحقُّ عز وجل } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا{[التحريم:6]، فإذا أردنا الشَّفَقَةَ ووقايةَ أولادِنا فذلك يكونُ بتعليمِهم وتأكيدِ أهميَّةِ صلاةِ الفجرِ معَ المسلمين في وقتِها . يُروى في سيرةِ الإمامِ أحمدَ أنَّ أمَّه كانَت توقظُه في ثُلُثِ الَّليلِ الأخيرِ فتسخِّنُ له الماءَ فيصلِّي ما شاءَ الله أن يُصلِّي ، ثُمَّ إذا أذَّنَ لصلاةِ الفجرِ أخذَت بيدِه وسارَت معه حتَّى أدخلَته المسجدَ ثُمَّ قبعَت عندَ عَتَبةِ المسجدِ تنتظرُ صغيرَها حتى ينتهي من الصَّلاةِ ،فإذا انتهى أخذَت بيدِه وأرجعَته إلى بيتِها . هكذا كانت الأمَّهاتُ رضوانُ الله تعالى عليهِنَّ في الحرصِ على تربيةِ الصغيرِ والاهتمامِ به ، ولذلك كان خلفَ الإمامِ أحمدَ من خَلْفَهُ من أمٍّ صالحةٍ تحرصُ على تربيةِ هذا الصَّغيرِ تربيةً ربانيَّةً . الوسيلةُ الثَّالثةُ : القدوةُ الصَّالحةُ ،فإنَّ الصِّغارَ يبدؤون التَّقليدَ من السَّنَةِ الثَّانيةِ أو قبلَها بقليلٍ ، وهم يتعلَّمُون بالقدوةِ والمشاهَدَةِ أكثرَ مِمَّا نتصوَّرُه ، فالطِّفلُ يحاكي أفعالَ والدِه ، والطِّفلةُ تحاكي أفعالَ أمِّها ، وهذا يؤكِّدُ أموراً عدَّةً ، منها : - ألا نظهرَ أمامَه إلا بصورةٍ حسنةٍ . وليسَ النَّبتُ ينبتُ في جنانٍ كمثلِ النَّبتِ ينبتُ في فلاةِ وهل يُرجى لأطفالٍ كمالٌ إذا ارتضعُوا ثُدُيَّ النَّاقصَاتِ ؟! فانتبهي أيَّتُها الأمُّ لأفعالِكِ وأقوالِكِ خاصَّةً أمامَ صغارِكِ . - ثُمَّ الإبتعادُ عن المتناقضات في الحياةِ ، فإنَّها تهلكُ الطِّفلَ وتمزِّقُ نفسيَّتَه ، وخُذ أمثلةً على ذلك : · المدرِّسُ يحذِّرُ الطِّفلَ من الدُّخانِ والتَّدخينِ مثلاً وخطرِه، وأنَّه محرَّمٌ يغضبُ الله عز وجل ، ثُمَّ إذا رجعَ الطِّفلُ إلى بيتِه وجدَ أباه يدخِّنُ ، وأخاه أيضاً فما رأيكُم وما هو تأثيرُ ذلك على هذه النفسيَّةِ ؟ · وأيضاً الطفلُ يسمعُ عن الصَّلاةِ وأهميَّتِها ، وأنَّ تركَها جريمةٌ وكُفرٌ ، ثُمَّ يرى والدَه أو أخاه لايصلُّون أو لا يحرصُون عليها . هذا في أمورِ العبادةِ .. وخُذ أمثلةً في الأمورِ الاجتماعيَّةِ : · عندَ إعطائه علاجاً مُرَّاً مثلاً ، تؤكِّدُ الأمُّ لصغيرِها أنَّ هذا العلاجَ حلوٌ ، فإذا شربَه الصَّغيرُ وجدَهُ مرَّاً علقمَاً ، وانظُر إلى تأثيرِ ذلك في نفسيَّةِ الصَّغيرِ . · أو لو أنَّ الطبيبَ مثلاً كتبَ حُقنةً و إبرةً لذلك الصَّغيرِ فرُبَّما أنَّ أباه قال للصَّغيرِ: إنَّها لا تؤلِمُ ، فإذا بالصَّغيرِ عندَما يُضرَبُ هذه الحقنةَ يجدُ ألَمَها في نفسِه !!ولك أن تتصوَّرَ كيف تكونُ نفسيَّةُ هذا الصَّغيرِ . · أو رُبَّما أيضاً عندَ غيابِه عن المدرسةِ بسببِ نومِه أو نومِ والديه ، فغابَ الصَّغيرُ هذا اليومَ عن المدرسةِ فإذا بأبيه غداً يأخذُ بيَدِ الصَّغيرِ فيدخلُ على مديرِ المدرسةِ فيقولُ له مثلاً : إنَّ فلاناً كان مريضاً ، ويسمعُ الصَّغيرُ هذه الكلماتِ ! فماذا ستُحدِثُ هذه الكلماتُ في نفسِ الصَّغيرِ وهو يعلمُ أنَّه لم يكُن مريضاً ؟! هذه أمثلةٌ .. فأيُّ جريمةٍ نرتكبُها في حقِّ هؤلاء الصِّغارِ ونحنُ لا نشعرُ ؟! إنَّك مهما وعظتَ ، ومهما سمعُوا من المدرِّسين فإنَّهُم لن يحملُوا في داخلِ نفوسِهم سوى الصُّور التي يرونها أمامَهم ، إنْ خيراً فخيرٌ وإنْ شرَّاً فشرٌّ . وقد تنبَّهَ السَّلفُ الصَّالحُ رضوانُ الله تعالى عليهم إلى هذا الأمرِ وأهميَّتِه ، فهذا عمرو بن عتبةَ ينبِّهُ معلِّمَ ولدِه لهذا الأمرِ فيقولُ : ليَكُن أوَّلَ إصلاحِك لولدي إصلاحُك لنفسِك ، فإنَّ عيونَهم معقودةٌ بعينِك ، فالحَسَنُ عندَهم ما صنعتَ ، والقبيحُ عندَهم ما تركتَ . إذن فليسمِع الآباءُ ولتسمَع الأمَّهاتُ ، وليسمَع المدرِّسُون ولتسمَعِ المدرِّساتُ ، إنَّكُم مهما قلتُم فأولادُكم وطلاَّبُكم يفعلُون ما فعلتُم ، فالله الله في القُدوةِ ، وإنَّ الأزمةَ التي يعيشُها التَّعليمُ اليومَ في الأمَّةِ أجمعَ هي أزمةُ قدواتٍ . |
الشيخ إبراهيم حسونة- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 9251
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 08/05/2008
- مساهمة رقم 5
رد: تربية الأولاد على الآداب الشرعية
الوسيلةُ الرَّابعةُ :
الدُّعاءُ ، للدُّعاءِ واللُّجوءِ إلى اللهِ عز وجل أثرٌ عجيبٌ في صلاحِ الأولادِ واستقامتِهم ، ولقد كان الأنبياءُ صلواتُ الله وسلامُه عليهم أكثرَ النَّاسِ دعاءً لله بإصلاحِ أولادِهم ، فهذا إبراهيمُ عز وجل يقولُ كما يخبرُ الله عنه } وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ {[إبراهيم:35]، وهذا زكريَّا يقولُ كما يخبرُ الله عنه أيضاً } قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ { [ آل عمران: 38] ،ويقولُ الله عز وجل على لسانِ إبراهيمِ عز وجل } رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ{ [ إبراهيم:40] ويخبرُ الله I على لسانِ المؤمنين الصَّالحين } وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {[ الفرقان:74].
واحذَر أيها الأب، واحذري أيَّتُها الأمُّ من الدُّعاءِ على الأولادِ ، خاصَّةً أنتِ أيَّتُها الأمُّ عندَ الغَضَبِ ، فرُبَّما أطلقَت الأمُّ للسانِها العنانَ في السبِّ واللعنِ !
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال " ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ " ][4] .
وقال صلى الله عليه وسلم " لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ " ][5]، وهذا نهيٌ صريحٌ عن الدعاءِ على الأولادِ ، فأكثرُوا أيُّها الآباءُ والأمَّهاتُ من الدُّعاءِ لأولادِكم ، وألِحُّوا عليه بركوعِكُم وسجودِكُم واستعينُوا بالله في تربيَتِهم فإنَّه خيرُ معينٍ ، وإذا استعنتَ فاستَعِن بالله.
الوسيلةُ الخامسةُ :
الحرصُ على تعويذِ الأولادِ وتعليمِهم الأذكارَ ، فعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعوِّذُ الحَسَنَ والحسينَ ويقولُ " إنَّ أباكما كان يعوِّذُ بها إسماعيلَ وإسحقَ ، أعوذُ بكلماتِ الله التَّامَّةِ ، من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ، ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ " ][6]. وعن البيهقيِّ في الآدابِ بلفظ : كان صلى الله عليه وسلم يعوِّذُ حَسَناً وحُسَيناً يقولُ " أعيذُكما بكلماتِ الله التامَّةِ ، من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ، ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ " ، ويقولُ صلى الله عليه وسلم " عوِّذُوا بها أولادَكم ، فإنَّ إبراهيمَ عز وجل كان يعوِّذُ بها إسماعيلَ وإسحق عز وجل "][7] .
وليحرِص الوالدان على تشجيعِ صغارِهم على تعلُّمِ الأذكارِ وحفظِها ، ومن أفضلِ الوسائلِ في ذلكِ ما يلي :
· القدوةُ ، وأن يرى الصِّغارُ حرصَ آبائهم وأمَّهاتِهم على الذِّكرِ .
· أن يرفعَ الأبُ أو الأمُّ صوتَه ليُسمِع الصِّغارَ ، فإذا سمعَ الصِّغارُ كثرةَ الذِّكرِ بلسانِ الأبِ أو بلسانِ الأمِّ تجدُ أنَّ الصَّغيرَ يردِّدُ هذه الأذكارَ بدون أن يشعرَ .
· الحرصُ على اختيار الأذكارِ القصيرة وأيسرِها لفظاً ، فعندَ النَّومِ مثلاً ردِّدي أيَّتُها الأمُّ على الصِّغار قولَه صلى الله عليه وسلم " ربِّ قني عذابَك يومَ تبعثُ عبادَك " أو ردِّدي قولَه صلى الله عليه وسلم "بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِاسْمِكَ أَرْفَعُهُ " .
· استغلالُ الأوقاتِ وبعض المناسباتِ السارَّةِ لتلقينِهم بعضَ الأذكارِ ، كالخروجِ للنُّزهةِ في البرِّ أو في الحدائقِ ، وتعليمِهم دعاءَ نزولِ المكان " أعوذُ بكلماتِ الله التامَّةِ من شرِّ ما خلقَ " .
· وضعُ المسابقاتِ والحوافزِ التشجيعيَّةِ والهدايا كُلَّما حفظَ الصَّغيرُ شيئاً من هذه الأذكارِ .
وسيرى الوالدان بعدَ فترةٍ قصيرةٍ أنَّ الصَّغيرَ يعتمدُ على نفسِه بترديدِ هذه الأذكارِ ، بل أقولُ : رُبَّما ذكَّرَ هو أمَّه و أباه بهذهِ الأذكارِ .
الوسيلةُ السَّادسةُ :
الحذَرُ من جهازِ التلفاز عامَّةً ومن أفلامِ الكرتون أو الصُّوَرِ المتحرِّكَةِ خاصَّةً ، وهذا موضوعٌ يطولُ ؛ ولكن اسمع لهذه التوجيهات :
· أكثرُ أفلامِ الكرتون خياليَّةٌ تحملُ عقائدَ وثنيَّةً ، وهذا النَّوعُ من الخرافةِ يفسدُ عقليَّةَ الطِّفلِ وتفكيرَه ويطبعُه بطابعٍ خياليٍّ بعيدٍ عن الواقعِ .
· أيضاً بعضُ أفلامِ الكرتونِ تدورُ قصصُها حولَ الحبِّ والغرامِ كما هو الحالُ بالنِّسبَةِ لمسلسلاتِ الكبارِ ،ولك أن تتصوَّرَ أثرَ ذلك على الطِّفلِ وهو يرى كلَّ يومٍ ولعدَّةِ ساعاتٍ تلك الغراميَّاتِ والقُبُلاتِ ، سواءً كان ذلك بين ذكرٍ وأنثى من البَشَرِ أو من الحيواناتِ أو الحشراتِ ، تعريضٌ بالفاحشةِ وتحريضٌ على تكوينِ علاقاتِ الحبِّ والغرامِ .
· وأيضاً بعضُ الأفلامِ من الصُّوَرِ المتحرِّكةِ تظهرُ فيها علاماتُ العنصريَّةِ وتشويهُ الصُّورةِ ، مثالُ ذلك أذكرُ قصَّةً واحدةً : قصة ( بوباي ) وهي تحكي قصَّةَ البحَّارِ الأبيضِ الموحي شكلُه ولونُه بالرجُلِ الغربيِّ صاحبِ الغليون ، وصراعَه المستمرَّ مع خصمِه الأسمرِ الشرِّيرِ ذي الشَّعرِ الأسوَدِ واللحيَةِ السَّوداءِ ، الموحي شكلُه ولونُه بالرجُلِ العَرَبِيِّ ، ثُمَّ في نهايةِ الصِّراعِ يكونُ الانتصارُ المؤزَّرُ للأبيضِ صاحبِ الحقِّ على الأسمرِ صاحبِ الباطلِ .. إلى آخرِ القصَّةِ .
· وأقلُّ أثرٍ تحدثُه هذه الصُّورُ المتحرِّكةُ في الولدِ فسادُ التفكيرِ ، والإثارةُ والعنفُ .
· هذا فضلاً عن الإعلاناتِ التجاريَّةِ وإقبالِ الصِّغارِ عليها وضياعِ شخصيَّةِ الطِّفلِ وذوبانِها مع هذه الإعلاناتِ ، فلم يَعُد لنا نحنُ الكبار اختيارٌ واستقلالٌ بالرأيِ أمامَ المؤثِّراتِ الجذَّابَةِ ذاتِ الألوانِ والموسيقى والكلماتِ القصيرةِ ، فكيفَ بالصِّغارِ ؟!
· وأيضاً كم يفعلُ جهازُ التلفازِ من رسمِ قدواتٍ فاسدةٍ ، وبطولاتٍ زائفةٍ لأولادِنا من الفنَّانين والرياضيِّين ، وقد أُجرِيَت دراسةٌ في كليَّةِ التربيةِ في جامعةِ الملك سعود بالرياضِ حولَ المثلِ الأعلى والقُدوةِ عندَ الطُلاَّبِ ، فأسفرَت النتائجُ عن أنَّ أكثرَ قدواتِ الشَّبابِ من عيِّنَةِ الدِّراسةِ تركَّزَت في المجالِ الرياضيِّ بالدَّرَجةِ الأولى ، ثُمَّ في مجالِ الأُسرةِ بالدَّرَجةِ الثَّانيةِ ، ثُمَّ في المجالِ الدينيِّ ، مِمَّا يدلُّ على سوءِ التَّوجيهِ الأُسريِّ ، وضعفِ المفاهيمِ المتعلِّقَةِ بحسنِ اختيارِ القدوةِ ، وضعفِ حبِّ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم في نفوسِ بعضِ الشَّبابِ وعدمِ استحضارِ شخصِه الكريمِ على الأقلِّ عندَ إجابةِ الاستبيانِ ، وهذا بالنِّسبةِ للكبارِ ذوي العقُولِ المميِّزَةِ المتعلِّمَةِ ، فكيف بالصِّغارِ وأثَرِ الإعلامِ عليهم ؟!
والحديثُ عن التلفازِ وأخطارِه – كما أسلفتُ – يطولُ ، والعجيبُ أنَّ النَّاسَ على الرَّغمِ من قناعاتِهم بأخطارِه لا يمكنُ أن يتصوَّروا كيف يعيشُون بدونه ، وقد تخلَّصَ أعدادٌ كبيرةٌ من النَّاسِ من هذه الأوهامِ والحِيَلِ الشَّيطانيَّةِ وعاشُوا بدونِ تلفازٍ عيشةً هنيَّةً سعيدةً ، بل والله وجدُوا راحةَ القلبِ والاستقرارَ النفسيَّ لَمَّا جرَّبُوا هذا ،وأصبحَ أولادُهم من الأوائلِ والمتفوِّقين ، هذا من النَّاحيَةِ الاجتماعيَّةِ .
أمَّا من الناحيَةِ الشرعيَّةِ فيكفي - لضيقِ الوقتِ - هذا الحديثُ المفزِعُ الذي قالَ فيه صلى الله عليه وسلم :"مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " (متفق عليه) ، فأسألُك بالله أيُّها الأبُ وأسألُكِ بالله أيَّتُها الأمُّ هل إدخالُ مثلِ هذه الوسائلِ للبيتِ وعكُوفِ الصِّغارِ عليها ليلَ نهارَ هو نصحٌ للرعيَّةِ أم غشٌّ لها ؟ هل هو نصحٌ لأولادِك أم غشٌّ لهم ؟! اسأل نفسَك قبلَ أن يسألَك الله عزَّ وجلَّ عن هذا الأمرِ .
ومن المقترحَاتِ للبديلِ عن التلفاز ، لأنَّني أعلمُ أنَّ كثيراً من الآباءِ ومن الأمَّهاتِ سيقولُ : طيب ما هو البديلُ إذن للتلفازِ ؟
أقولُ قبلَ أن أذكرَ المقترحَاتِ : المسلمُ لا يطلبُ دائماً البديلَ ، فإنَّ المسلمَ إذا علمَ أنَّ هذا الأمرَ محرَّمٌ فإنَّما عليه أن يقولَ : سمعتُ وأطعتُ ، هذا هو الأصلُ في المسلمِ ، فلماذا كُلَّما ذكَرنا أمراً محرَّماً طالبَنا كثيرٌ من النَّاسِ بقولِه : ما هو البديلُ ؟!
هذا أصلٌ يجبُ أن يتربَّى المسلمون عليه ، ولا بأسَ أن أذكرَ بعضَ البدائلِ للتلفازِ:
الوسيلةُ الثَّامنةُ :
مثلاً شراءُ الحاسبِ الآليِّ والحرصُ على اختيارِ الألعابِ العقليَّةِ التي تنمِّي عقلَ الصَّغيرِ وتفيدُه .
الوسيلةُ التَّاسعةُ :
ومن البدائلِ أيضاً اجعل لأولادِك الصِّغارِ مكتبةً خاصَّةً بهم،تحتوي على أشرطةٍ خاصَّةٍ للصِّغارِ من تلاواتٍ للقُرآنِ مناسبةٍ لهم، وقصصٍ ومواقفَ وأذكارٍ وأناشيدَ ، وتحتوي أيضاً على بعضِ الكتيِّباتِ والقصصِ والمجلاَّتِ الإسلاميَّةِ الخاصَّةِ بالأطفالِ، ولتكُن بشكلٍ جذَّابٍ جميلٍ ذي ألوانٍ مميَّزَةٍ ليحرصَ عليها الصِّغارُ وتشدَّ انتباهَهم .
ولو تَمَّ أيضاً وضعُها في غرفةٍ مستقلَّةٍ لوحدِها ولا تُفتَحُ لهم إلا بأوقاتٍ خاصَّةٍ وساعاتٍ معيَّنةٍ لكانت الفائدةُ أكبرَ ، فإنَّ كلَّ ممنوعٍ مرغوبٌ كما يقالُ .
وعوِّدهم على تنظيمِها والمحافظةِ عليها،ولا بأسَ من مشاركتِهم والجلوسِ معهم في بعضِ الأحيانِ، بل والقراءة لبعضِ القصصِ وروايتِها لهم بأسلوبٍ مناسبٍ جذَّابٍ ، فإنَّ لهذا أثراً كبيراً على سلوكيَّاتِ وعقليَّةِ الصِّغارِ .
وجرِّب فالتَّجرُبَةُ خيرُ برهانٍ ، لماذا لا يجلسُ الأبُ أو الأمُّ في بعضِ الأحايين مع صغارِهم لروايةِ بعضِ القصصِ المناسبةِ لهم ؟!
الوسيلةُ العاشرةُ :
ومن المقترحَاتِ كبديلٍ : اللعبُ ، واللعبُ في حياةِ الصِّغارِ أصلٌ في خلقتِهم وتكوينِهم ، فلا يجزَع الوالدان من كثرةِ حركةِ أولادِهما ولعبِهم فهو ضرورةٌ لنموِّهم .
ومن ذلك تخصيصُ وقتٍ للعبِ وضبطِه بالتَّفاهُمِ مع الصِّغارِ ، وليكُن ذلك باستشارتِهم وأخذِ آرائهم فإنَّ لذلك أثراً كبيراً على نفسيَّاتِهم .
الوسيلةُ الحاديةُ عشرة :
أيضاً محاولةُ توفيرِ مكانٍ خاصٍّ في المنزلِ لِلَعبِ الأولادِ وألعابِهم،والحرصُ على شراءِ الألعابِ التي تنمِّي قُدُراتِ ومواهبَ الصِّغارِ بدلاً من إضاعةِ المالِ بأشياءَ لا معنى لها سرعانَ ما تتلفُ ، وذلك كما أسلفتُ كالحاسبِ الآليِّ أو كألعابِ الفكِّ والتَّركيبِ ، وهذه كلُّها تكونُ معينةً للصَّغيرِ في نموِّ عقلِه .
واحرص عندَ شراءِ أفلام للحاسبِ الآليِّ (الكمبيوتر)،لأنَّه بدأَت تغزو الأسواقَ أفلامٌ للحاسبِ الآليِّ مليئةٌ بالفسادِ الأخلاقيِّ والعقديِّ ، بل رُبَّما تبادَلَ بعضُ الصِّغارِ هذه الأفلامَ خفيةً بينهم ، فهل يتنبَّهُ الوالدان لذلك !
الوسيلةُ الثَّانيةُ عشرة :
ثُمَّ أيضاً في التَّوجيهاتِ في اللَّعبِ ، الابتعادُ قدرَ المُستطاعِ عن الألعابِ المجسَّمَةِ والصُّوَرِ ومحاولةُ تعريفِ الصَّغيرِ أنَّ هذا النَّوعَ من الألعابِ يغضبُ الله عز وجل ، وأذكِّرُ هنا بالحديثِ المتَّفَقِ عليه الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم " إنَّ البيتَ الذي فيه صورةٌ لا تدخلُه الملائكةُ " .
وسيأتي مزيدٌ من التَّفصيلِ إن شاءَ الله حول هذا الحديثِ .
أيضاً إعطاءُ الصَّغيرِ حقَّ اختيارِ اللُّعبَةِ مع التَّوجيهِ والإرشادِ للأنفَعِ ، فإنَّ لمثلِ هذا العطاءِ أثرا كبيرا في نفسيَّةِ الصَّغيرِ .
الوسيلةُ الثَّالثةُ عشرة :
اصطحابُهم في بعضِ الأحيانِ في نزهةٍ خارجَ المدينةِ لممارسةِ بعضِ الألعابِ ، وقد ينشغلُ بعضُ الآباءِ بالجلسَاتِ والدوريَّاتِ عن أولادِهم والجلوسِ معهم .
وأقولُ : ما دمتَ تريدُ أن تُخرِجَ مثلَ هذه الوسائلِ عن البيتِ لا بُدَّ أن تحرصَ على أن تجالسَ الأولادَ وأن تقضي بعضَ أوقاتِ الفراغِ معهم .
وهذا كان أيضاً من عهدِ السَّلَفِ ، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم من حديثِ فاطمةَ رضي الله تعالى عنها " أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أتاها يوماً فقال : أين ابناي ؟- يقصدُ الحسنَ والحسين - فقالت : ذهب بهما عليُّ ، فتوجَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فوجدَهما يلعبان في مشربَةٍ ][8] وبين أيديهما فضلٌ من تمرٍ فقال " يا عليُّ ألا تقلبُ ابنيَّ قبلَ الحرِّ ؟ "][9].
و الشَّاهدُ أنَّ عليَّاً رضي الله عنه أخرجَ الحسنَ والحسينَ للنُّزهَة .
الوسيلةُ الرَّابعةُ عشرة :
الحرصُ على مشاركةِ الأطفالِ في لعبهم ولو في بعض الأحايين ، وتوجيهُ الأخطاءِ من خلالِ اللعبِ ، وهذا أفضلُ وسائلِ التَّوجيه مداعبةُ الصِّغارِ وملاطفتُهم ، ويتوسَّطُ في هذا الأمرِ فلا إفراطَ ولا تفريطَ .
· فقد كان صلى الله عليه وسلم يضعُ في فمهِ قليلاً من الماءِ الباردِ ويمجُّه في وجهِ الحسنِ فيضحَكُ .
· وفي صحيح البخاري وغيره عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ : عَقَلْتُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ ".
· وكان صلى الله عليه وسلم يمازحُ الحسنَ والحسينَ ويجلسُ معهما ويُركِبُهما على ظهرِه .][10]
· عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدلع لسانه للحسين بن علي ، فإذا رأى الصبي حمرة لسانه بهش إليه "][11]
· وكان صلى الله عليه وسلم يخطبُ مرَّةً الجمعةَ فإذا بالحسنِ يتخطَّى النَّاسَ ويتعثَّرُ في ثوبِه الطَّويلِ فينزلُ صلى الله عليه وسلم من منبرِه فيرفعُ الحسنَ معه ][12].
· عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهَا، حَتَّى تَذْهَبَ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي حَاجَتِهَا.] [13]
هكذا كان بأبي هو وأمِّي صلى الله عليه وسلم ، هكذا كان منهجُه مع الصِّغارِ ، فلماذا يتكبَّرُ بعضُ الآباءِ أو بعضُ الأمَّهاتِ من تخصيصِ وقتٍ للجلوسِ مع الصِّغارِ واللعبِ معهم ؟!
وقد كان عمرُ يمشي على يديه ورجليه وأولادُه على ظهرِه يلعبُون وهو يسيرُ بهم كالحصانِ ، فيراه بعضُ النَّاسِ فيقولُون له : أتفعلُ ذلك وأنت أميرُ المؤمنين ؟ فيقول : نعم ، ينبغي للرجُلِ أن يكونَ في أهلِه كالصبيِّ - أي في الأُنسِ وسُّهولةِ الخلق ، هكذا نكونُ معهم في البيتِ - فإذا كان في القومِ كان رَجُلاً .
وعندمَا تخلَّى الآباءُ والأمَّهاتُ عن أطفالِهم وملاعبَتِهم نشأَ بعضُهم معقَّداً ، وبعضُهم منطوياً وكان أكثرَ عرضةً للانحرافِ والضَّياعِ كما نرى على كثيرٍ من الصِّغارِ .
ومن العجيبِ في هذا ما أخرجه البخاريُّ من حديثِ عائشةَ قالت : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ ، فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ".
وفي المسند عن أبي ليلى قال : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى صَدْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ الْحَسَنُ أَوْ الْحُسَيْنُ قَالَ فَرَأَيْتُ بَوْلَهُ أَسَارِيعَ - يعني طرائقَ يمشي - فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ دَعُوا ابْنِي لَا تُفْزِعُوهُ حَتَّى يَقْضِيَ بَوْلَهُ ثُمَّ أَتْبَعَهُ الْمَاءَ ..." ][14]. وهذا أنموذجٌ تربويٌّ فريدٌ منه صلى الله عليه وسلم .
الوسيلةُ الخامسةُ عشرة :
· الحرصُ على المظهَرِ الخارجيِّ للطِّفلِ من لباسٍ وشَعرٍ ونحوهما ، عوِّد الطِّفلُ على المظهَرِ الرجوليِّ كلبسِ الثِّيابِ أو الشماغِ والبُعدِ عن ملابسِ الميوعةِ .
· وعوِّد الطِّفلةُ على السِّترِ والحجاب من الصِّغرِ لتلتزمَه في الكبرِ ، وإيَّاكَ واللِّباسَ القصيرَ، وهذا مِمَّا ابُتِليَ المسلمون به وللأسفِ ، فنجدُ أنَّ كثيراً من أصحابِ المعارضِ يبيعُون الملابسَ القصيرةَ ، وإذا سألناهُم أو وجَّهناهم قالوا لنا : النَّاسُ يطلبُون ذلك ! ومن هؤلاء النَّاسُ ؟ هُم المسلمون ! ولذلك علينا أن نحرصَ ، فإنَّهُ كما يُقالُ : العلمُ في الصِّغَرِ كالنَّقشِ على الحَجَرِ ، والصَّغيرُ يتربَّى وتترسَّخُ مثلُ هذه المفاهيمِ في نفسِه من حيث لا تشعُر .
· أيضاً التمييزُ بين لباسِ الذُّكورِ والإناثِ ، حتَّى رأينا بعضَ الأطفالِ لا نميِّزُ بينهم هل هم ذكورٌ أم إناثٌ لمجرَّدِ لباسِهم !
الابتعادُ أيضاً عن الملابسِ التي فيها صُورٌ ؛ لأنَّ الملائكةَ لا تدخلُ في المكانِ الذي فيه صورةٌ ، قال صلى الله عليه وسلم " إنَّ البيتَ الذي فيه صورةٌ لا تدخلُه الملائكةُ "(متفق عليه) .
فهل ترضى أن يحيطَ الشَّياطينُ بطفلِك ؟ فالمكانُ الذي لا تدخلُ فيه الملائكةُ يحلُّ فيه الشَّياطينُ ولا شكَّ ، ولعلَّ ذلك يفسِّرُ لنا قضيَّةَ هيجَانِ بعضِ الأطفالِ وصراخِهم وتعكُّرِ نفسيَّاتِهم ، فتجدُ رُبَّما أنَّ لباسَه فيه صورةٌ ، فلننتبِه لمثلِ هذا الأمرِ.
الوسيلةُ السَّادسةُ عشرة :
تعويدُه على احترامِ الكبيرِ وتقديرِه ،وذلك بتقبيلِ رأسِه والسَّلامِ عليه ، ومنه احترامُ الضُّيُوفِ والسُّكُونُ عندَهم - هذا بالنِّسبةِ للذُّكُور - وعدمُ السَّمَاحِ للإناثِ بالدُّخولِ على الرجالِ في المجالسِ خاصَّةً بعدَ سنِّ الرابعةِ .
الوسيلةُ السَّابعةُ عشرة :
الحذرُ من تحطيمِ المعنويَّاتِ العاليةِ عندَ الطِّفلِ ، بل بالعكسِ ارفَع من معنويَّاتِهِ وأشعِره بأنَّه مُهِمٌّ وأنَّه يستطيعُ أن يفعلَ أفعالاً عظيمةً ، فإنَّ هذا من الأُسِسِ لبناءِ شخصيَّةٍ قويَّةٍ متميِّزَةٍ للصَّغيرِ .
وإذا كان الطِّفلُ كثيرَ الحركةِ وفيه شدَّةٌ وشراسةٌ فإنَّ هذا دليلٌ على فطنتِه وذكائه ، لا كما يعتقدُه بعضُ الآباءِ أنَّه دليلٌ على فسادِه ! فقد أكَّدَ البحثُ الحديثُ الذي قامَ به بعضُ علماءِ النَّفسِ أنَّ هناك رابطةً لا تنفصِمُ بين الحركةِ والعقلِ .
فعلى الوالدين توجيهُ الصَّغيرِ لاستغلالِ نشاطِه وحركتِه فيما يفيدُه وينفعُه ، وتشجيعُه على هذا .
ورُبَّما لاحظَ الأبوان بعضَ التصرُّفاتِ والكلماتِ العجيبةِ من الصَّغيرِ التي تدلُّ على ذكائه وتفوُّقِه ، إذن فمنِ الخطأِ هنا كثرةُ التَّعنيفِ والصُّراخِ والكبتِ لهذا الصَّغيرِ ، وإنَّما الأسلمُ هو التَّوجيهُ ، بل لا بُدَّ من تنميةِ ذكائه ومن ذلك تكليفُه ببعضِ المهامِّ المُناسبةِ وإعطاؤه الفرصةَ للكلامِ والحديثِ ،والإجابةُ على أسئلته والاهتمامُ به.
الوسيلةُ الثَّامنةُ عشرة :
لماذا نلاحظُ بعضَ الصِّغارِ أنه مزعجٌ لوالديه ومعاندٌ لهما ؟
لا شكَّ أنَّ لذلك سبباً ، والسَّبَبُ هو القسوةُ على الصَّغيرِ وضربُه بشدَّةٍ من قِبَلِ أبويه أو أحدِهما ،وعدمُ إظهارِ المحبَّةِ والمودَّةِ له ، ولذلك فإنَّ الصَّغيرَ يعاندُ قاصداً إزعاجَ والدِه والانتقامَ منه ، وعلاجُ ذلك أن يُظهِرَ الوالدُ لولدِه أنه يحبُّه ويعزُّه .
ورُبَّما كان سببُ المعاندةِ هو شعوره بتفضيلِ إخوانِه عليه ،وقد اتَّفقَ الباحثون على أنَّ أشدَّ العواملِ إثارةً للحسدِ في نفوسِ الأطفالِ هو تفضيلُ أخٍ على أخٍ أو أختٍ ، أو العكسُ ، والموازنةُ بين الواحدِ والآخرِ أمامَ عينيه وعلى مسمعٍ منه .
ومع ذلك لا بُدَّ أن يُعَوَّدَ الصَّغيرُ على الطَّاعةِ إذا أمره أحدُ أبويه أو من هو أكبرُ منه ، وأن يُعالَجَ فيه العنادُ بردِّهِ إلى الحقِّ طوعاً إن أمكنَ ، وإلا فلا شكَّ أنَّ الإكراهَ على الحقِّ خيرٌ من بقاءِ الصَّغيرِ على العنادِ والمكابرَةِ ، ولئلا ينشأ على ذلك فيذيقَ أهلَه الأمرَّين ، ولابأسَ بالضَّربِ غيرِ المبَرِّحِ إذا دعَت الحاجةُ لذلك .
الوسيلةُ التَّاسعةُ عشرة :
تعويدُه على الآدابِ الإسلاميَّةِ والإجتماعيَّةِ ، مثل آدابِ الطَّعامِ والشَّرابِ والاستئذانِ والسَّلامِ عندَ الدُّخولِ والخروجِ وآدابِ العطاسِ وغيرِ ذلك .
ومنه أيضاً تعويدُه على تَنظيمِ غرفتِه وملابسِه وكتبِه وألعابِه وغيرِها ، وتعويدُه على النَّومِ المبكِّرِ ، فللسَّهرِ على الأطفالِ - خاصَّة الذين يذهبُون إلى المدرسةِ- آثارٌ سيِّئةٌ في استيعابِه وسلوكه وصحَّتِه .
فيجبُ إذن تعويدُه على هذه الآدابِ كلِّها وتشجيعُه عليها وتكرارُها عليه خاصَّةً من قِبَلِ أمِّه لكثرةِ التصاقهِ بها .
والذي يُلحَظُ على كثيرٍ من أبناءِ المسلمين وللأسفِ أنَّهُم رُبَّما لا يتقِنُون حتى السَّلام أو حتَّى تشميت العاطسِ وغيرِها من الآدابِ !
الوسيلةُ العشرون :
الحذرُ من رشوةِ الصِّغارِ ، مثلَ أن يُقالَ له : خُذ هذه الحلوى وافعل كذا ، أو خُذ هذه النُّقودَ وكُفَّ عن العَبَثِ أو الصُّراخِ ، فيعتادَ على هذا فلا يعملُ شيئاً إلا بمقابلٍ .
وهذا لا يخالفُ مبدأَ المكافأةِ والتَّشجيعِ ، فعندَ الفعلِ الحسنِ لا بأسَ من المكافأةِ أو التَّشجيعِ للصَّغيرِ .
الدُّعاءُ ، للدُّعاءِ واللُّجوءِ إلى اللهِ عز وجل أثرٌ عجيبٌ في صلاحِ الأولادِ واستقامتِهم ، ولقد كان الأنبياءُ صلواتُ الله وسلامُه عليهم أكثرَ النَّاسِ دعاءً لله بإصلاحِ أولادِهم ، فهذا إبراهيمُ عز وجل يقولُ كما يخبرُ الله عنه } وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ {[إبراهيم:35]، وهذا زكريَّا يقولُ كما يخبرُ الله عنه أيضاً } قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ { [ آل عمران: 38] ،ويقولُ الله عز وجل على لسانِ إبراهيمِ عز وجل } رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ{ [ إبراهيم:40] ويخبرُ الله I على لسانِ المؤمنين الصَّالحين } وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {[ الفرقان:74].
واحذَر أيها الأب، واحذري أيَّتُها الأمُّ من الدُّعاءِ على الأولادِ ، خاصَّةً أنتِ أيَّتُها الأمُّ عندَ الغَضَبِ ، فرُبَّما أطلقَت الأمُّ للسانِها العنانَ في السبِّ واللعنِ !
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال " ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ " ][4] .
وقال صلى الله عليه وسلم " لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ " ][5]، وهذا نهيٌ صريحٌ عن الدعاءِ على الأولادِ ، فأكثرُوا أيُّها الآباءُ والأمَّهاتُ من الدُّعاءِ لأولادِكم ، وألِحُّوا عليه بركوعِكُم وسجودِكُم واستعينُوا بالله في تربيَتِهم فإنَّه خيرُ معينٍ ، وإذا استعنتَ فاستَعِن بالله.
الوسيلةُ الخامسةُ :
الحرصُ على تعويذِ الأولادِ وتعليمِهم الأذكارَ ، فعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعوِّذُ الحَسَنَ والحسينَ ويقولُ " إنَّ أباكما كان يعوِّذُ بها إسماعيلَ وإسحقَ ، أعوذُ بكلماتِ الله التَّامَّةِ ، من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ، ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ " ][6]. وعن البيهقيِّ في الآدابِ بلفظ : كان صلى الله عليه وسلم يعوِّذُ حَسَناً وحُسَيناً يقولُ " أعيذُكما بكلماتِ الله التامَّةِ ، من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ، ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ " ، ويقولُ صلى الله عليه وسلم " عوِّذُوا بها أولادَكم ، فإنَّ إبراهيمَ عز وجل كان يعوِّذُ بها إسماعيلَ وإسحق عز وجل "][7] .
وليحرِص الوالدان على تشجيعِ صغارِهم على تعلُّمِ الأذكارِ وحفظِها ، ومن أفضلِ الوسائلِ في ذلكِ ما يلي :
· القدوةُ ، وأن يرى الصِّغارُ حرصَ آبائهم وأمَّهاتِهم على الذِّكرِ .
· أن يرفعَ الأبُ أو الأمُّ صوتَه ليُسمِع الصِّغارَ ، فإذا سمعَ الصِّغارُ كثرةَ الذِّكرِ بلسانِ الأبِ أو بلسانِ الأمِّ تجدُ أنَّ الصَّغيرَ يردِّدُ هذه الأذكارَ بدون أن يشعرَ .
· الحرصُ على اختيار الأذكارِ القصيرة وأيسرِها لفظاً ، فعندَ النَّومِ مثلاً ردِّدي أيَّتُها الأمُّ على الصِّغار قولَه صلى الله عليه وسلم " ربِّ قني عذابَك يومَ تبعثُ عبادَك " أو ردِّدي قولَه صلى الله عليه وسلم "بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِاسْمِكَ أَرْفَعُهُ " .
· استغلالُ الأوقاتِ وبعض المناسباتِ السارَّةِ لتلقينِهم بعضَ الأذكارِ ، كالخروجِ للنُّزهةِ في البرِّ أو في الحدائقِ ، وتعليمِهم دعاءَ نزولِ المكان " أعوذُ بكلماتِ الله التامَّةِ من شرِّ ما خلقَ " .
· وضعُ المسابقاتِ والحوافزِ التشجيعيَّةِ والهدايا كُلَّما حفظَ الصَّغيرُ شيئاً من هذه الأذكارِ .
وسيرى الوالدان بعدَ فترةٍ قصيرةٍ أنَّ الصَّغيرَ يعتمدُ على نفسِه بترديدِ هذه الأذكارِ ، بل أقولُ : رُبَّما ذكَّرَ هو أمَّه و أباه بهذهِ الأذكارِ .
الوسيلةُ السَّادسةُ :
الحذَرُ من جهازِ التلفاز عامَّةً ومن أفلامِ الكرتون أو الصُّوَرِ المتحرِّكَةِ خاصَّةً ، وهذا موضوعٌ يطولُ ؛ ولكن اسمع لهذه التوجيهات :
· أكثرُ أفلامِ الكرتون خياليَّةٌ تحملُ عقائدَ وثنيَّةً ، وهذا النَّوعُ من الخرافةِ يفسدُ عقليَّةَ الطِّفلِ وتفكيرَه ويطبعُه بطابعٍ خياليٍّ بعيدٍ عن الواقعِ .
· أيضاً بعضُ أفلامِ الكرتونِ تدورُ قصصُها حولَ الحبِّ والغرامِ كما هو الحالُ بالنِّسبَةِ لمسلسلاتِ الكبارِ ،ولك أن تتصوَّرَ أثرَ ذلك على الطِّفلِ وهو يرى كلَّ يومٍ ولعدَّةِ ساعاتٍ تلك الغراميَّاتِ والقُبُلاتِ ، سواءً كان ذلك بين ذكرٍ وأنثى من البَشَرِ أو من الحيواناتِ أو الحشراتِ ، تعريضٌ بالفاحشةِ وتحريضٌ على تكوينِ علاقاتِ الحبِّ والغرامِ .
· وأيضاً بعضُ الأفلامِ من الصُّوَرِ المتحرِّكةِ تظهرُ فيها علاماتُ العنصريَّةِ وتشويهُ الصُّورةِ ، مثالُ ذلك أذكرُ قصَّةً واحدةً : قصة ( بوباي ) وهي تحكي قصَّةَ البحَّارِ الأبيضِ الموحي شكلُه ولونُه بالرجُلِ الغربيِّ صاحبِ الغليون ، وصراعَه المستمرَّ مع خصمِه الأسمرِ الشرِّيرِ ذي الشَّعرِ الأسوَدِ واللحيَةِ السَّوداءِ ، الموحي شكلُه ولونُه بالرجُلِ العَرَبِيِّ ، ثُمَّ في نهايةِ الصِّراعِ يكونُ الانتصارُ المؤزَّرُ للأبيضِ صاحبِ الحقِّ على الأسمرِ صاحبِ الباطلِ .. إلى آخرِ القصَّةِ .
· وأقلُّ أثرٍ تحدثُه هذه الصُّورُ المتحرِّكةُ في الولدِ فسادُ التفكيرِ ، والإثارةُ والعنفُ .
· هذا فضلاً عن الإعلاناتِ التجاريَّةِ وإقبالِ الصِّغارِ عليها وضياعِ شخصيَّةِ الطِّفلِ وذوبانِها مع هذه الإعلاناتِ ، فلم يَعُد لنا نحنُ الكبار اختيارٌ واستقلالٌ بالرأيِ أمامَ المؤثِّراتِ الجذَّابَةِ ذاتِ الألوانِ والموسيقى والكلماتِ القصيرةِ ، فكيفَ بالصِّغارِ ؟!
· وأيضاً كم يفعلُ جهازُ التلفازِ من رسمِ قدواتٍ فاسدةٍ ، وبطولاتٍ زائفةٍ لأولادِنا من الفنَّانين والرياضيِّين ، وقد أُجرِيَت دراسةٌ في كليَّةِ التربيةِ في جامعةِ الملك سعود بالرياضِ حولَ المثلِ الأعلى والقُدوةِ عندَ الطُلاَّبِ ، فأسفرَت النتائجُ عن أنَّ أكثرَ قدواتِ الشَّبابِ من عيِّنَةِ الدِّراسةِ تركَّزَت في المجالِ الرياضيِّ بالدَّرَجةِ الأولى ، ثُمَّ في مجالِ الأُسرةِ بالدَّرَجةِ الثَّانيةِ ، ثُمَّ في المجالِ الدينيِّ ، مِمَّا يدلُّ على سوءِ التَّوجيهِ الأُسريِّ ، وضعفِ المفاهيمِ المتعلِّقَةِ بحسنِ اختيارِ القدوةِ ، وضعفِ حبِّ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم في نفوسِ بعضِ الشَّبابِ وعدمِ استحضارِ شخصِه الكريمِ على الأقلِّ عندَ إجابةِ الاستبيانِ ، وهذا بالنِّسبةِ للكبارِ ذوي العقُولِ المميِّزَةِ المتعلِّمَةِ ، فكيف بالصِّغارِ وأثَرِ الإعلامِ عليهم ؟!
والحديثُ عن التلفازِ وأخطارِه – كما أسلفتُ – يطولُ ، والعجيبُ أنَّ النَّاسَ على الرَّغمِ من قناعاتِهم بأخطارِه لا يمكنُ أن يتصوَّروا كيف يعيشُون بدونه ، وقد تخلَّصَ أعدادٌ كبيرةٌ من النَّاسِ من هذه الأوهامِ والحِيَلِ الشَّيطانيَّةِ وعاشُوا بدونِ تلفازٍ عيشةً هنيَّةً سعيدةً ، بل والله وجدُوا راحةَ القلبِ والاستقرارَ النفسيَّ لَمَّا جرَّبُوا هذا ،وأصبحَ أولادُهم من الأوائلِ والمتفوِّقين ، هذا من النَّاحيَةِ الاجتماعيَّةِ .
أمَّا من الناحيَةِ الشرعيَّةِ فيكفي - لضيقِ الوقتِ - هذا الحديثُ المفزِعُ الذي قالَ فيه صلى الله عليه وسلم :"مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " (متفق عليه) ، فأسألُك بالله أيُّها الأبُ وأسألُكِ بالله أيَّتُها الأمُّ هل إدخالُ مثلِ هذه الوسائلِ للبيتِ وعكُوفِ الصِّغارِ عليها ليلَ نهارَ هو نصحٌ للرعيَّةِ أم غشٌّ لها ؟ هل هو نصحٌ لأولادِك أم غشٌّ لهم ؟! اسأل نفسَك قبلَ أن يسألَك الله عزَّ وجلَّ عن هذا الأمرِ .
ومن المقترحَاتِ للبديلِ عن التلفاز ، لأنَّني أعلمُ أنَّ كثيراً من الآباءِ ومن الأمَّهاتِ سيقولُ : طيب ما هو البديلُ إذن للتلفازِ ؟
أقولُ قبلَ أن أذكرَ المقترحَاتِ : المسلمُ لا يطلبُ دائماً البديلَ ، فإنَّ المسلمَ إذا علمَ أنَّ هذا الأمرَ محرَّمٌ فإنَّما عليه أن يقولَ : سمعتُ وأطعتُ ، هذا هو الأصلُ في المسلمِ ، فلماذا كُلَّما ذكَرنا أمراً محرَّماً طالبَنا كثيرٌ من النَّاسِ بقولِه : ما هو البديلُ ؟!
هذا أصلٌ يجبُ أن يتربَّى المسلمون عليه ، ولا بأسَ أن أذكرَ بعضَ البدائلِ للتلفازِ:
الوسيلةُ الثَّامنةُ :
مثلاً شراءُ الحاسبِ الآليِّ والحرصُ على اختيارِ الألعابِ العقليَّةِ التي تنمِّي عقلَ الصَّغيرِ وتفيدُه .
الوسيلةُ التَّاسعةُ :
ومن البدائلِ أيضاً اجعل لأولادِك الصِّغارِ مكتبةً خاصَّةً بهم،تحتوي على أشرطةٍ خاصَّةٍ للصِّغارِ من تلاواتٍ للقُرآنِ مناسبةٍ لهم، وقصصٍ ومواقفَ وأذكارٍ وأناشيدَ ، وتحتوي أيضاً على بعضِ الكتيِّباتِ والقصصِ والمجلاَّتِ الإسلاميَّةِ الخاصَّةِ بالأطفالِ، ولتكُن بشكلٍ جذَّابٍ جميلٍ ذي ألوانٍ مميَّزَةٍ ليحرصَ عليها الصِّغارُ وتشدَّ انتباهَهم .
ولو تَمَّ أيضاً وضعُها في غرفةٍ مستقلَّةٍ لوحدِها ولا تُفتَحُ لهم إلا بأوقاتٍ خاصَّةٍ وساعاتٍ معيَّنةٍ لكانت الفائدةُ أكبرَ ، فإنَّ كلَّ ممنوعٍ مرغوبٌ كما يقالُ .
وعوِّدهم على تنظيمِها والمحافظةِ عليها،ولا بأسَ من مشاركتِهم والجلوسِ معهم في بعضِ الأحيانِ، بل والقراءة لبعضِ القصصِ وروايتِها لهم بأسلوبٍ مناسبٍ جذَّابٍ ، فإنَّ لهذا أثراً كبيراً على سلوكيَّاتِ وعقليَّةِ الصِّغارِ .
وجرِّب فالتَّجرُبَةُ خيرُ برهانٍ ، لماذا لا يجلسُ الأبُ أو الأمُّ في بعضِ الأحايين مع صغارِهم لروايةِ بعضِ القصصِ المناسبةِ لهم ؟!
الوسيلةُ العاشرةُ :
ومن المقترحَاتِ كبديلٍ : اللعبُ ، واللعبُ في حياةِ الصِّغارِ أصلٌ في خلقتِهم وتكوينِهم ، فلا يجزَع الوالدان من كثرةِ حركةِ أولادِهما ولعبِهم فهو ضرورةٌ لنموِّهم .
ومن ذلك تخصيصُ وقتٍ للعبِ وضبطِه بالتَّفاهُمِ مع الصِّغارِ ، وليكُن ذلك باستشارتِهم وأخذِ آرائهم فإنَّ لذلك أثراً كبيراً على نفسيَّاتِهم .
الوسيلةُ الحاديةُ عشرة :
أيضاً محاولةُ توفيرِ مكانٍ خاصٍّ في المنزلِ لِلَعبِ الأولادِ وألعابِهم،والحرصُ على شراءِ الألعابِ التي تنمِّي قُدُراتِ ومواهبَ الصِّغارِ بدلاً من إضاعةِ المالِ بأشياءَ لا معنى لها سرعانَ ما تتلفُ ، وذلك كما أسلفتُ كالحاسبِ الآليِّ أو كألعابِ الفكِّ والتَّركيبِ ، وهذه كلُّها تكونُ معينةً للصَّغيرِ في نموِّ عقلِه .
واحرص عندَ شراءِ أفلام للحاسبِ الآليِّ (الكمبيوتر)،لأنَّه بدأَت تغزو الأسواقَ أفلامٌ للحاسبِ الآليِّ مليئةٌ بالفسادِ الأخلاقيِّ والعقديِّ ، بل رُبَّما تبادَلَ بعضُ الصِّغارِ هذه الأفلامَ خفيةً بينهم ، فهل يتنبَّهُ الوالدان لذلك !
الوسيلةُ الثَّانيةُ عشرة :
ثُمَّ أيضاً في التَّوجيهاتِ في اللَّعبِ ، الابتعادُ قدرَ المُستطاعِ عن الألعابِ المجسَّمَةِ والصُّوَرِ ومحاولةُ تعريفِ الصَّغيرِ أنَّ هذا النَّوعَ من الألعابِ يغضبُ الله عز وجل ، وأذكِّرُ هنا بالحديثِ المتَّفَقِ عليه الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم " إنَّ البيتَ الذي فيه صورةٌ لا تدخلُه الملائكةُ " .
وسيأتي مزيدٌ من التَّفصيلِ إن شاءَ الله حول هذا الحديثِ .
أيضاً إعطاءُ الصَّغيرِ حقَّ اختيارِ اللُّعبَةِ مع التَّوجيهِ والإرشادِ للأنفَعِ ، فإنَّ لمثلِ هذا العطاءِ أثرا كبيرا في نفسيَّةِ الصَّغيرِ .
الوسيلةُ الثَّالثةُ عشرة :
اصطحابُهم في بعضِ الأحيانِ في نزهةٍ خارجَ المدينةِ لممارسةِ بعضِ الألعابِ ، وقد ينشغلُ بعضُ الآباءِ بالجلسَاتِ والدوريَّاتِ عن أولادِهم والجلوسِ معهم .
وأقولُ : ما دمتَ تريدُ أن تُخرِجَ مثلَ هذه الوسائلِ عن البيتِ لا بُدَّ أن تحرصَ على أن تجالسَ الأولادَ وأن تقضي بعضَ أوقاتِ الفراغِ معهم .
وهذا كان أيضاً من عهدِ السَّلَفِ ، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم من حديثِ فاطمةَ رضي الله تعالى عنها " أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أتاها يوماً فقال : أين ابناي ؟- يقصدُ الحسنَ والحسين - فقالت : ذهب بهما عليُّ ، فتوجَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فوجدَهما يلعبان في مشربَةٍ ][8] وبين أيديهما فضلٌ من تمرٍ فقال " يا عليُّ ألا تقلبُ ابنيَّ قبلَ الحرِّ ؟ "][9].
و الشَّاهدُ أنَّ عليَّاً رضي الله عنه أخرجَ الحسنَ والحسينَ للنُّزهَة .
الوسيلةُ الرَّابعةُ عشرة :
الحرصُ على مشاركةِ الأطفالِ في لعبهم ولو في بعض الأحايين ، وتوجيهُ الأخطاءِ من خلالِ اللعبِ ، وهذا أفضلُ وسائلِ التَّوجيه مداعبةُ الصِّغارِ وملاطفتُهم ، ويتوسَّطُ في هذا الأمرِ فلا إفراطَ ولا تفريطَ .
· فقد كان صلى الله عليه وسلم يضعُ في فمهِ قليلاً من الماءِ الباردِ ويمجُّه في وجهِ الحسنِ فيضحَكُ .
· وفي صحيح البخاري وغيره عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ : عَقَلْتُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ ".
· وكان صلى الله عليه وسلم يمازحُ الحسنَ والحسينَ ويجلسُ معهما ويُركِبُهما على ظهرِه .][10]
· عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدلع لسانه للحسين بن علي ، فإذا رأى الصبي حمرة لسانه بهش إليه "][11]
· وكان صلى الله عليه وسلم يخطبُ مرَّةً الجمعةَ فإذا بالحسنِ يتخطَّى النَّاسَ ويتعثَّرُ في ثوبِه الطَّويلِ فينزلُ صلى الله عليه وسلم من منبرِه فيرفعُ الحسنَ معه ][12].
· عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهَا، حَتَّى تَذْهَبَ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي حَاجَتِهَا.] [13]
هكذا كان بأبي هو وأمِّي صلى الله عليه وسلم ، هكذا كان منهجُه مع الصِّغارِ ، فلماذا يتكبَّرُ بعضُ الآباءِ أو بعضُ الأمَّهاتِ من تخصيصِ وقتٍ للجلوسِ مع الصِّغارِ واللعبِ معهم ؟!
وقد كان عمرُ يمشي على يديه ورجليه وأولادُه على ظهرِه يلعبُون وهو يسيرُ بهم كالحصانِ ، فيراه بعضُ النَّاسِ فيقولُون له : أتفعلُ ذلك وأنت أميرُ المؤمنين ؟ فيقول : نعم ، ينبغي للرجُلِ أن يكونَ في أهلِه كالصبيِّ - أي في الأُنسِ وسُّهولةِ الخلق ، هكذا نكونُ معهم في البيتِ - فإذا كان في القومِ كان رَجُلاً .
وعندمَا تخلَّى الآباءُ والأمَّهاتُ عن أطفالِهم وملاعبَتِهم نشأَ بعضُهم معقَّداً ، وبعضُهم منطوياً وكان أكثرَ عرضةً للانحرافِ والضَّياعِ كما نرى على كثيرٍ من الصِّغارِ .
ومن العجيبِ في هذا ما أخرجه البخاريُّ من حديثِ عائشةَ قالت : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ ، فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ".
وفي المسند عن أبي ليلى قال : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى صَدْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ الْحَسَنُ أَوْ الْحُسَيْنُ قَالَ فَرَأَيْتُ بَوْلَهُ أَسَارِيعَ - يعني طرائقَ يمشي - فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ دَعُوا ابْنِي لَا تُفْزِعُوهُ حَتَّى يَقْضِيَ بَوْلَهُ ثُمَّ أَتْبَعَهُ الْمَاءَ ..." ][14]. وهذا أنموذجٌ تربويٌّ فريدٌ منه صلى الله عليه وسلم .
الوسيلةُ الخامسةُ عشرة :
· الحرصُ على المظهَرِ الخارجيِّ للطِّفلِ من لباسٍ وشَعرٍ ونحوهما ، عوِّد الطِّفلُ على المظهَرِ الرجوليِّ كلبسِ الثِّيابِ أو الشماغِ والبُعدِ عن ملابسِ الميوعةِ .
· وعوِّد الطِّفلةُ على السِّترِ والحجاب من الصِّغرِ لتلتزمَه في الكبرِ ، وإيَّاكَ واللِّباسَ القصيرَ، وهذا مِمَّا ابُتِليَ المسلمون به وللأسفِ ، فنجدُ أنَّ كثيراً من أصحابِ المعارضِ يبيعُون الملابسَ القصيرةَ ، وإذا سألناهُم أو وجَّهناهم قالوا لنا : النَّاسُ يطلبُون ذلك ! ومن هؤلاء النَّاسُ ؟ هُم المسلمون ! ولذلك علينا أن نحرصَ ، فإنَّهُ كما يُقالُ : العلمُ في الصِّغَرِ كالنَّقشِ على الحَجَرِ ، والصَّغيرُ يتربَّى وتترسَّخُ مثلُ هذه المفاهيمِ في نفسِه من حيث لا تشعُر .
· أيضاً التمييزُ بين لباسِ الذُّكورِ والإناثِ ، حتَّى رأينا بعضَ الأطفالِ لا نميِّزُ بينهم هل هم ذكورٌ أم إناثٌ لمجرَّدِ لباسِهم !
الابتعادُ أيضاً عن الملابسِ التي فيها صُورٌ ؛ لأنَّ الملائكةَ لا تدخلُ في المكانِ الذي فيه صورةٌ ، قال صلى الله عليه وسلم " إنَّ البيتَ الذي فيه صورةٌ لا تدخلُه الملائكةُ "(متفق عليه) .
فهل ترضى أن يحيطَ الشَّياطينُ بطفلِك ؟ فالمكانُ الذي لا تدخلُ فيه الملائكةُ يحلُّ فيه الشَّياطينُ ولا شكَّ ، ولعلَّ ذلك يفسِّرُ لنا قضيَّةَ هيجَانِ بعضِ الأطفالِ وصراخِهم وتعكُّرِ نفسيَّاتِهم ، فتجدُ رُبَّما أنَّ لباسَه فيه صورةٌ ، فلننتبِه لمثلِ هذا الأمرِ.
الوسيلةُ السَّادسةُ عشرة :
تعويدُه على احترامِ الكبيرِ وتقديرِه ،وذلك بتقبيلِ رأسِه والسَّلامِ عليه ، ومنه احترامُ الضُّيُوفِ والسُّكُونُ عندَهم - هذا بالنِّسبةِ للذُّكُور - وعدمُ السَّمَاحِ للإناثِ بالدُّخولِ على الرجالِ في المجالسِ خاصَّةً بعدَ سنِّ الرابعةِ .
الوسيلةُ السَّابعةُ عشرة :
الحذرُ من تحطيمِ المعنويَّاتِ العاليةِ عندَ الطِّفلِ ، بل بالعكسِ ارفَع من معنويَّاتِهِ وأشعِره بأنَّه مُهِمٌّ وأنَّه يستطيعُ أن يفعلَ أفعالاً عظيمةً ، فإنَّ هذا من الأُسِسِ لبناءِ شخصيَّةٍ قويَّةٍ متميِّزَةٍ للصَّغيرِ .
وإذا كان الطِّفلُ كثيرَ الحركةِ وفيه شدَّةٌ وشراسةٌ فإنَّ هذا دليلٌ على فطنتِه وذكائه ، لا كما يعتقدُه بعضُ الآباءِ أنَّه دليلٌ على فسادِه ! فقد أكَّدَ البحثُ الحديثُ الذي قامَ به بعضُ علماءِ النَّفسِ أنَّ هناك رابطةً لا تنفصِمُ بين الحركةِ والعقلِ .
فعلى الوالدين توجيهُ الصَّغيرِ لاستغلالِ نشاطِه وحركتِه فيما يفيدُه وينفعُه ، وتشجيعُه على هذا .
ورُبَّما لاحظَ الأبوان بعضَ التصرُّفاتِ والكلماتِ العجيبةِ من الصَّغيرِ التي تدلُّ على ذكائه وتفوُّقِه ، إذن فمنِ الخطأِ هنا كثرةُ التَّعنيفِ والصُّراخِ والكبتِ لهذا الصَّغيرِ ، وإنَّما الأسلمُ هو التَّوجيهُ ، بل لا بُدَّ من تنميةِ ذكائه ومن ذلك تكليفُه ببعضِ المهامِّ المُناسبةِ وإعطاؤه الفرصةَ للكلامِ والحديثِ ،والإجابةُ على أسئلته والاهتمامُ به.
الوسيلةُ الثَّامنةُ عشرة :
لماذا نلاحظُ بعضَ الصِّغارِ أنه مزعجٌ لوالديه ومعاندٌ لهما ؟
لا شكَّ أنَّ لذلك سبباً ، والسَّبَبُ هو القسوةُ على الصَّغيرِ وضربُه بشدَّةٍ من قِبَلِ أبويه أو أحدِهما ،وعدمُ إظهارِ المحبَّةِ والمودَّةِ له ، ولذلك فإنَّ الصَّغيرَ يعاندُ قاصداً إزعاجَ والدِه والانتقامَ منه ، وعلاجُ ذلك أن يُظهِرَ الوالدُ لولدِه أنه يحبُّه ويعزُّه .
ورُبَّما كان سببُ المعاندةِ هو شعوره بتفضيلِ إخوانِه عليه ،وقد اتَّفقَ الباحثون على أنَّ أشدَّ العواملِ إثارةً للحسدِ في نفوسِ الأطفالِ هو تفضيلُ أخٍ على أخٍ أو أختٍ ، أو العكسُ ، والموازنةُ بين الواحدِ والآخرِ أمامَ عينيه وعلى مسمعٍ منه .
ومع ذلك لا بُدَّ أن يُعَوَّدَ الصَّغيرُ على الطَّاعةِ إذا أمره أحدُ أبويه أو من هو أكبرُ منه ، وأن يُعالَجَ فيه العنادُ بردِّهِ إلى الحقِّ طوعاً إن أمكنَ ، وإلا فلا شكَّ أنَّ الإكراهَ على الحقِّ خيرٌ من بقاءِ الصَّغيرِ على العنادِ والمكابرَةِ ، ولئلا ينشأ على ذلك فيذيقَ أهلَه الأمرَّين ، ولابأسَ بالضَّربِ غيرِ المبَرِّحِ إذا دعَت الحاجةُ لذلك .
الوسيلةُ التَّاسعةُ عشرة :
تعويدُه على الآدابِ الإسلاميَّةِ والإجتماعيَّةِ ، مثل آدابِ الطَّعامِ والشَّرابِ والاستئذانِ والسَّلامِ عندَ الدُّخولِ والخروجِ وآدابِ العطاسِ وغيرِ ذلك .
ومنه أيضاً تعويدُه على تَنظيمِ غرفتِه وملابسِه وكتبِه وألعابِه وغيرِها ، وتعويدُه على النَّومِ المبكِّرِ ، فللسَّهرِ على الأطفالِ - خاصَّة الذين يذهبُون إلى المدرسةِ- آثارٌ سيِّئةٌ في استيعابِه وسلوكه وصحَّتِه .
فيجبُ إذن تعويدُه على هذه الآدابِ كلِّها وتشجيعُه عليها وتكرارُها عليه خاصَّةً من قِبَلِ أمِّه لكثرةِ التصاقهِ بها .
والذي يُلحَظُ على كثيرٍ من أبناءِ المسلمين وللأسفِ أنَّهُم رُبَّما لا يتقِنُون حتى السَّلام أو حتَّى تشميت العاطسِ وغيرِها من الآدابِ !
الوسيلةُ العشرون :
الحذرُ من رشوةِ الصِّغارِ ، مثلَ أن يُقالَ له : خُذ هذه الحلوى وافعل كذا ، أو خُذ هذه النُّقودَ وكُفَّ عن العَبَثِ أو الصُّراخِ ، فيعتادَ على هذا فلا يعملُ شيئاً إلا بمقابلٍ .
وهذا لا يخالفُ مبدأَ المكافأةِ والتَّشجيعِ ، فعندَ الفعلِ الحسنِ لا بأسَ من المكافأةِ أو التَّشجيعِ للصَّغيرِ .
الشيخ إبراهيم حسونة- كان الله تعالى له وجعل ما يفعله في ميزان حسناته
- عدد الرسائل : 9251
شكر : 7
تاريخ التسجيل : 08/05/2008
- مساهمة رقم 6
رد: تربية الأولاد على الآداب الشرعية
الوسيلةُ الحاديةُ والعشرون :
لا بُدَّ من مخالفةِ هواه أحياناً فلا يُعطى كلَّ ما يطلبُه من أكلٍ أو لعبٍ أو غيرِ ذلك ، فإنَّه إن اعتادَ على ذلك ولم يسمَع كلمةَ ( لا ) أو ( غير موجود ) في منزلِه ، فسوفَ يؤثِّرُ ذلك على سلوكِه وتصرُّفاتِه فلا يخطرُ ببالِه أن يقالَ له ( لا ) !
وإذا تعوَّدَ على هذا السُّلوكِ أصبحَ من الصَّعبِ مستقبلاً أن يحتملَ عدمَ تحقُّقِ رغباتِه فيصطدمَ بمشكلاتِ الحياةِ المتنوِّعَةِ فيصيبَه اليأسُ ورُبَّما الانحرافُ .
الوسيلةُ الثَّانيةُ والعشرون :
وهي من أهمِّ التَّوجيهاتِ ، تشجيعُ الصَّغيرِ على الإقدامِ وإعطاؤه الثِّقةَ بنفسهِ ، فإذا وقعَ في مشكلةٍ كمحاولتِهِ الأكلَ بالملعقةِ مثلاً أو لبسِ نعليه أو خلعِ ملابسه ، فلا بُدَّ من إعطائه الفرصةَ للمحاولةِ بل وتشجيعِه ، بشرطِ أن يكونَ تحتَ عيني أحدِ أبويه .
فمن الخطأِ إذن المبادرةُ بمساعدته أو القيامُ بالعملِ عنه ، بل لا بُدَّ أن يعتادَ على مواجَهةِ الصُّعوباتِ والتغلُّبِ عليها .
ومثلُ ذلك أيضاً في تدريبِه على تحمُّلِ المسؤوليَّةِ ، فإذا أفسدَ تركيبَ لعبةٍ جديدةٍ له مثلاً وأتى إليك لإصلاحِها ، فاجعله يتحمَّلُ خطأه ويحاولُ هو إصلاحَها ، ولا بأسَ لو سكبَ شيئاً مثلاً على السجَّادِ فطالبه بتنظيفِه وإن لم يستطِع ، وشجِّعه إن رأيتَ منه إقبالاً وحسنَ عملٍ في مثلِ التَّنظيفِ مثلاً ليزدادَ ثقةً بنفسِه ، ولهذا أثرٌ كبيرٌ في مستقبَلِه .
الوسيلةُ الثَّالثةُ والعشرون :
الحرصُ على تنميَةِ مواهبِ الصَّغيرِ وهواياتِه النَّافعةِ وتشجيعِه ، كالإلقاءِ مثلاً والخطابَةِ أو الاهتمامِ بالأجهزةِ والمخترعَاتِ ، فإنَّنا نرى بعضَ الصِّغارِ لديهم بعضُ الميولِ لمثلِ هذه الأمورِ ، أو تنظيمِ البيتِ وتجميلِه عندَ بعضِ الفتياتِ الصَّغيراتِ ، ولا بُدَّ أن يتحمَّلَ الأبوان كثرةَ الأخطاءِ والمحاولاتِ بل وعليهم تشجيعُه ومكافأتُه.
الوسيلةُ الرَّابعةُ والعشرون :
أسئلةُ الصِّغارِ كثيرةٌ جدَّاً ، وبعضُها مهمٌّ وبعضُها تافهٌ ، ومن الخطأِ إهمالُها وعدمُ الإجابةِ عليها ظنَّاً بأنَّه صغيرٌ لا يعقلُ أو أنَّ الأمَّ أو الأبَ مشغول عنه .
بل إنَّ بعضَ الآباءِ والأمَّهاتِ ينهرُ الصَّغيرَ ويغضبُ عليه إذا كثرَت أسئلتُه ، وهذا من أكبرِ الأخطاءِ التربويَّةِ وفيها كسرٌ لنفسِ الطِّفلِ ورُبَّما كان له أثرٌ عكسيٌّ على الصَّغيرِ .
بل إنَّ أفضلَ وقتٍ لتوجيهِ الصِّغارِ هو عندَما يكونُ متطلِّعاً لأجوبةِ والدِه أو والدتِه مُقبِلاً على سماعِها .
بل رُبَّما سألَ الصَّغيرُ أسئلةً غريبةً لا يملكُ له الكبيرُ إجابةً إلا التهرُّبَ والتوبيخَ ،وهذا خطأٌ ! بل عليه أن يحرصَ على توجيهِ الصَّغيرِ بحسبِ عقلِه وإدراكِه .
ورُبَّما يقول بعضُ الآباءِ : لا أجدُ إجابةً على أسئلةِ الصَّغيرِ ، فنقولُ : وجِّهه بأنَّه صغيرٌ وإذا كبَرَ سيعرِفُ الإجابةَ ، لأنَّ الصغيرَ إن لم يَجِد الإجابةَ عندَك فرُبَّما أجابَه أحدٌ آخرٌ فأعطاه إجابةً منحرفةً !
والطِّفلُ كثيرُ الأسئلةِ دليلٌ على سعةِ إدراكِه وسعةِ عقلِه .
الوسيلةُ الخامسةُ والعشرون :
الحرصُ على تعليمِه في سنواتِه الخمسِ الأولى ، وانتبه أيُّها الأبُ وانتبهي أيَّتُها الأمُّ - فإنَّ الطِّفلَ يتعلَّمُ في سنواتِه الأولى أكثرَ بكثيرٍ مِمَّا يتصوَّرُ الآباءُ .
إنَّ الطفل كلما كانت سنه أصغر يكتسب العادات بسهولةٍ أكثر، فإنَّ 90 % من العمليَّةِ التربويَّةِ تتِمُّ في السَّنواتِ الخمسِ الأولى.
كما أنَّ الطِّفلَ في هذه الفترةِ يميلُ إلى إرضاءِ والدِه ويحاولُ أن يُخرجَ منه عباراتِ الثَّناءِ والإعجابِ ، فمن البديهيِّ أن يستغلَّ الوالدُ هذه الفترةَ الهامَّةَ في تعليمِه وتوجيهِه الوِجهةَ الحسَنَةَ .
يقولُ ابنُ الجوزيِّ رحمه الله تعالى في هذا المجالِ : أَقْوَمُ التَّقويمِ ما كان في الصِّغَرِ ، فأمَّا إذا تُرِكَ الولدُ وطبعه فنشأ عليه ومُرِن ، كان ردُّه صعباً .
وقال الشَّاعرُ :
إنَّ الغُصونَ إذا قوَّمتها اعتدلَت ولا يلينُ إذا قوَّمتَه الخَشَبُ
قد ينفعُ الأدبُ الأحداثَ في مَهَلٍ وليس ينفعُ في ذي الشَّيبَةِ الأدَبُ
الوسيلةُ السَّادسةُ والعشرون :
التغافُلُ عن الطِّفلِ وعدمُ فضحهِ إذا أخطأَ وحاولَ هو سترَ خطئه وإخفائه ، فإنَّ إظهارَ ذلك رُبَّما عوَّدَه وجرَّأَه على ارتكابِ الخطأِ مرَّةً أخرى وأصبحَ لا يبالي بظهورِ أخطائه .
ولذلك نقولُ للأبِ أو الأمِّ : إذا أخطأَ الطِّفلُ خطأً غيرَ مقصودٍ أو حرصَ الطِّفلُ على إخفاءِ ذلك الخطأِ فلا تفضَح الطِّفلَ، وإنَّما حاوِل التغافُلَ عنه وإظهارَ عدمِ انتباهِك لمثل هذا الأمرِ ، لأنَّه إذا تعوَّدَ كثرةَ المعاتبةِ خاصَّةً والصَّغيرُ كثيرُ الأخطاءِ غيرِ المقصودةِ فإنَّه إذا عادَ للخطأِ مرَّةً أخرى وتعوَّدَ على كثرةِ المعاتبةِ تعوَّدَ على الرُّجوعِ لهذه الأعمالِ أيضاً مرَّاتٍ وكرَّاتٍ .
وإن عاد للخطأِ الذي أخفاه ثانيةً فأقولُ : ينبغي أن يعاقَبَ سرَّاً وليس كلُّ خطأٍ أو زلَّةٍ توجِبُ العقابَ والزَّجْرَ .
الوسيلةُ السَّابعةُ والعشرون :
تذكيرُ الصَّغيرِ بوجهٍ مستمرٍّ بمواقفَ بطوليَّةٍ لأبناءِ الصَّحابةِ والسَّلَفِ الصَّالحِ y ليتأسَّى بهم وتمتلئَ نفسُه عزيمةً وقوَّةً .
فإنَّ الصِّغارَ يتعلَّقُون بالقصصِ ، بل يطلبُونها من آبائهم بإلحاحٍ ،فلماذا لا يروي الأبُ قصَّةً من هذه القصصِ لأولادِه قبلَ النَّومِ ويبسطُها لهم بأسلوبٍ يناسبُهم ؟!
وسيلحظُ الأبوان عندَ الاستمرارِ على هذا الأمرِ سعةَ ثقافةِ الصِّغارِ ونموَّ عقولِهم بسرعةٍ عجيبةٍ ،بعكسِ روايةِ القصَصِ الخياليَّةِ كما يفعلُ بعضُ الآباءِ.
الوسيلةُ الثَّامنةُ والعشرون :
الحرصُ على انتقاءِ المدرسةِ الجيِّدةِ بإدارتِها ومدرِّسيها ،فإنَّ هناك من المدارسِ من تحرصُ وتُخلِصُ في توجيهِ الصِّغارِ وإفادتِهم وزرعِ الخيرِ في نفوسِهم ، ولا أنسى ذلك الطِّفلَ الذي يردِّدُ ويحفظُ كثيراً من الأدعيةِ والأذكارِ فلمَّا سألتُه : من علَّمَك هذا ؟ قال : الأستاذُ فلان .
وجزى الله المخلِصين كلَّ خيرٍ وبرٍّ ،وسيرون أَثَرَ ذلك على أولادِهم ، وصدَق اللهُ عز وجل إذ قالَ ]وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا [ [الكهف:82]،وليحذر أولئك المدرِّسُون الذين لا همَّ لهم سوى ضياع الحصَصِ وانتظار آخرِ الشَّهرِ .
الوسيلةُ التَّاسعةُ والعشرون :
اعلم أيُّها الأبُ أنَّ لأكلِ الحلالِ أثَراً كبيراً وواضِحاً على صلاحِ الأولادِ ،وأنَّ لأكلِ الحرامِ أثراً كبيراً على فسادِهم وسوءِ أخلاقِهم ، وهذا أمرٌ محسوسٌ مُشاهَدٌ واللَّبيبُ بالإشارةِ يفهمُ ، فاحفَظ الله في أبناءِ المسلمين وأموالِهم يحفظك الله بمالِك وأولادِك ، والجزاءُ من جنسِ العملِ، وكما تدينُ تُدانُ .
الوسيلةُ الثلاثون :
على الآباءِ والأمَّهاتِ الاجتهادُ في توزيعِ الحبِّ والعواطفِ على جميعِ أولادِهم بالتساوي ، وقبولِهم جميعاً على علاَّتِهم ولا يفرِّقْ بينهم حتى وإن كان بعضُهم أفضلَ من بعضٍ ،ولا تعقُدْ المقارناتِ بينهم فإنَّ هذا كلَّه يولِّدُ فيهم الأحقادَ والضَّغائنَ .
ومثالُ هذا : بغضُ الولدِ الكبيرِ لأخيه الصَّغيرِ عندَما يجدُ أنَّ الاهتمامَ من الوالدين قد اتَّجَه نحوَ أخيه الصَّغيرِ ، فيلجَأُ إلى الإنطواءِ على النَّفسِ أو البكاءِ أو التبوُّلِ اللاإراديِّ ، أو رُبَّما ادَّعى المرضَ والألَمَ ليجذِبَ نظرَ والديه إليه ، فهذه الأحوالُ لا ينبغي أن يُساقَ الولَدُ إليها، بل ينبغي أخذُ الاحتياطاتِ اللازمةِ لمنعِ حدوثِ هذا ، فيُذكَرُ له أثناءَ الحملِ محاسنُ الطِّفلِ الجديدِ وأنَّه قادمٌ ليلعبَ معه إذا كبرَ وأنَّه يحبُّه .. إلى آخرِ ذلك مِمَّا يشعرُ الكبيرَ بحبِّ الصَّغيرِ له .
الوسيلةُ الحاديةُ والثلاثون :
يمتازُ الصِّغارُ بقدرةٍ عجيبةٍ على الحفظِ ، فعلى الوالدين استغلالُ هذه الفرصةِ وعدمُ إهمالِها ، وأقصدُ بإهمالِها أن يُتركَ الطِّفلُ يحفظُ أيَّ شيءٍ ، ولذلك نرى بعضَ الصِّغارِ يحفظُ عبارةَ الدِّعايةِ والإعلانِ أو يحفظُ بعضَ القصصِ والأغاني التي يسمعُونها من التِّلفازِ أو من زملائهم .
ولذلك على الآباءِ استغلالُ هذه الفرصة والحرصُ على وجودِ المربِّي الخاصِّ إن استطاعوا ، وهذا اقتراحٌ وفكرةٌ : الحرصُ على وجودِ مربٍّ ومؤدب خاصٍّ لأولادِك -إن استطعتَ ذلك- يبدأُ بتلقينِ الصِّغارِ للقرآنِ منذُ الصِّغَرِ .
وإنِّي أعجبُ من بعضِ الآباءِ فإنَّ لديه عدداً كبيراً من العمالةِ في مؤسَّسَتِه أومتجرِه ويعجزُ أو يغفَلُ عن إحضارِ واحدٍ لتربيةِ أولادِه والاهتمامِ بهم خاصَّةً إذا كان الأبُ مشغولاً بعملِه وتجارتِه .
وقد كان هذا هو منهج السَّلَفِ ، حيث كانوا يدفعُون أولادهم لمربٍّ خاصٍّ يؤدِّبُهم ويُقرِؤهم القرآنَ .
فقد ذكرَ ابن خلدون في مقدَّمَتِه ، أنَّ هارون الرَّشيدَ لَمَّا دفعَ ولدَه الأمين للمؤدِّبِ قال له : يا أحمر : إنَّ أميرَ المؤمنين قد دفعَ إليك مُهجةَ نفسِه ، وثمرةَ قلبِه ، فصيَّرَ يدَك عليه مبسوطةً ، وطاعتُك له واجبَةٌ ، فكن له بحيث وضعَك أميرُ المؤمنين ، أقرئه القرآنَ،وعرِّفه الأخبارَ، وروِّه الأشعارَ، وعلِّمه السُّنَنَ، وبصِّره بمواقعِ الكلامِ وبدئِه ، وامنعه من الضَّحكِ إلا في أوقاتِه، ولا تَمُرَّنَّ بك ساعةٌ إلا وأنت مغتَنِمٌ فائدةً تفيدُه إيَّاها من غيرِ أن تحزنَه فتميتَ ذهنَه ، ولا تُمعِن في مسامحتِه فيستحلي الفراغَ ويألفه ، وقوِّمه ما استطعتَ بالقربِ والملاينَةِ،فإن أبى فعليك بالشدَّةِ والغِلظَةِ .. إلى آخرِ كلامِه .
إذن فاحرص على الإتيانِ بمربٍّ خاصٍّ لصغارِك ، ولا يكلِّفُك ذلك شيئاً،كم يكلفك ؟ ألف ريال ؟! ليس بشيءٍ أمامَ صلاحِ أولادِك وحفظِهم للقرآنِ ، وإنِّي أُؤكِّدُ على هذا الاقتراحِ وأتمنَّى أن يجدَ طريقَه لقلوبِ الآباءِ .
ولا بأسَ أن يشتركَ ثلاثةٌ أو أربعةٌ من الآباءِ بإحضارِ مربٍّ واحدٍ لأولادِهم جميعاً ، المهمُّ أن يكونَ ثقةً عدلاً حافظاً للقُرآنِ أو مُجِيداً له ومُجيداً لفنِّ التعامُلِ مع الصِّغارِ .
ولا بُدَّ من تقديرِ هذا المربِّي و المدرِّس واحترامِه ، خاصَّةً أمامَ الأولادِ ليتقبَّلُوا منه ويسمعُوا منه.
الوسيلةُ الثَّانيةُ والثَّلاثون:
الحرصُ على بعضِ الأشرطةِ المفيدةِ الخاصَّةِ بالأطفالِ ، والتَّسجيلاتُ بحمدِ الله مليئةٌ بأعدادٍ من هذه الأشرطةِ فيها برامجُ تعليميَّةٌ بأسلوبٍ مُميَّزٍ جميلٍ يساعدُ الصَّغيرَ على التَّركيزِ والانتباهِ وسرعةِ التعلُّمِ والحفظِ .
ففي أشرطةِ القُرآنِ ، هناك القراءةُ البطيئةُ المركَّزةُ فيها تُردَّدُ الآياتُ مرَّاتٍ كثيرةٍ ، وفي بعضِها ترديدٌ من الصِّغارِ خلفَ القارئ ، وكان لهذا نتائجُ طيِّبةٌ على كثيرٍ من الصِّغارِ وهي ما تُسمَّى بطريقةِ التَّلقينِ .
وهناك أشرطةٌ قصصيةٌ جميلةٌ مثلُ شريطِ أم سلمةَ أو أسرةُ الشُّهداء أو حديقةُ الحيوان أو الأصابعُ الخمسة أو غيرها مِمَّا تُمتلئ به التَّسجيلاتُ الإسلاميَّةُ .
وهناك أشرطةُ أناشيدٍ خاصَّةٍ بالصِّغارِ جميلةٌ بكلماتِها التي تزيدُ الصَّغيرَ إيماناً وحبَّاً بالله . ليسَت أيَّةَ أناشيدَ وإنَّما تلك الأناشيدُ التي تزيدُ الصَّغيرَ إيماناً وحبَّاً بالله ، واسمع لكلماتِ هذا النَّشيدِ ، عندَما يسمعُها الصَّغيرُ ويحفظُها فكم يكون لها أثر محمود على نفسِه ؟!:
لا بُدَّ من مخالفةِ هواه أحياناً فلا يُعطى كلَّ ما يطلبُه من أكلٍ أو لعبٍ أو غيرِ ذلك ، فإنَّه إن اعتادَ على ذلك ولم يسمَع كلمةَ ( لا ) أو ( غير موجود ) في منزلِه ، فسوفَ يؤثِّرُ ذلك على سلوكِه وتصرُّفاتِه فلا يخطرُ ببالِه أن يقالَ له ( لا ) !
وإذا تعوَّدَ على هذا السُّلوكِ أصبحَ من الصَّعبِ مستقبلاً أن يحتملَ عدمَ تحقُّقِ رغباتِه فيصطدمَ بمشكلاتِ الحياةِ المتنوِّعَةِ فيصيبَه اليأسُ ورُبَّما الانحرافُ .
الوسيلةُ الثَّانيةُ والعشرون :
وهي من أهمِّ التَّوجيهاتِ ، تشجيعُ الصَّغيرِ على الإقدامِ وإعطاؤه الثِّقةَ بنفسهِ ، فإذا وقعَ في مشكلةٍ كمحاولتِهِ الأكلَ بالملعقةِ مثلاً أو لبسِ نعليه أو خلعِ ملابسه ، فلا بُدَّ من إعطائه الفرصةَ للمحاولةِ بل وتشجيعِه ، بشرطِ أن يكونَ تحتَ عيني أحدِ أبويه .
فمن الخطأِ إذن المبادرةُ بمساعدته أو القيامُ بالعملِ عنه ، بل لا بُدَّ أن يعتادَ على مواجَهةِ الصُّعوباتِ والتغلُّبِ عليها .
ومثلُ ذلك أيضاً في تدريبِه على تحمُّلِ المسؤوليَّةِ ، فإذا أفسدَ تركيبَ لعبةٍ جديدةٍ له مثلاً وأتى إليك لإصلاحِها ، فاجعله يتحمَّلُ خطأه ويحاولُ هو إصلاحَها ، ولا بأسَ لو سكبَ شيئاً مثلاً على السجَّادِ فطالبه بتنظيفِه وإن لم يستطِع ، وشجِّعه إن رأيتَ منه إقبالاً وحسنَ عملٍ في مثلِ التَّنظيفِ مثلاً ليزدادَ ثقةً بنفسِه ، ولهذا أثرٌ كبيرٌ في مستقبَلِه .
الوسيلةُ الثَّالثةُ والعشرون :
الحرصُ على تنميَةِ مواهبِ الصَّغيرِ وهواياتِه النَّافعةِ وتشجيعِه ، كالإلقاءِ مثلاً والخطابَةِ أو الاهتمامِ بالأجهزةِ والمخترعَاتِ ، فإنَّنا نرى بعضَ الصِّغارِ لديهم بعضُ الميولِ لمثلِ هذه الأمورِ ، أو تنظيمِ البيتِ وتجميلِه عندَ بعضِ الفتياتِ الصَّغيراتِ ، ولا بُدَّ أن يتحمَّلَ الأبوان كثرةَ الأخطاءِ والمحاولاتِ بل وعليهم تشجيعُه ومكافأتُه.
الوسيلةُ الرَّابعةُ والعشرون :
أسئلةُ الصِّغارِ كثيرةٌ جدَّاً ، وبعضُها مهمٌّ وبعضُها تافهٌ ، ومن الخطأِ إهمالُها وعدمُ الإجابةِ عليها ظنَّاً بأنَّه صغيرٌ لا يعقلُ أو أنَّ الأمَّ أو الأبَ مشغول عنه .
بل إنَّ بعضَ الآباءِ والأمَّهاتِ ينهرُ الصَّغيرَ ويغضبُ عليه إذا كثرَت أسئلتُه ، وهذا من أكبرِ الأخطاءِ التربويَّةِ وفيها كسرٌ لنفسِ الطِّفلِ ورُبَّما كان له أثرٌ عكسيٌّ على الصَّغيرِ .
بل إنَّ أفضلَ وقتٍ لتوجيهِ الصِّغارِ هو عندَما يكونُ متطلِّعاً لأجوبةِ والدِه أو والدتِه مُقبِلاً على سماعِها .
بل رُبَّما سألَ الصَّغيرُ أسئلةً غريبةً لا يملكُ له الكبيرُ إجابةً إلا التهرُّبَ والتوبيخَ ،وهذا خطأٌ ! بل عليه أن يحرصَ على توجيهِ الصَّغيرِ بحسبِ عقلِه وإدراكِه .
ورُبَّما يقول بعضُ الآباءِ : لا أجدُ إجابةً على أسئلةِ الصَّغيرِ ، فنقولُ : وجِّهه بأنَّه صغيرٌ وإذا كبَرَ سيعرِفُ الإجابةَ ، لأنَّ الصغيرَ إن لم يَجِد الإجابةَ عندَك فرُبَّما أجابَه أحدٌ آخرٌ فأعطاه إجابةً منحرفةً !
والطِّفلُ كثيرُ الأسئلةِ دليلٌ على سعةِ إدراكِه وسعةِ عقلِه .
الوسيلةُ الخامسةُ والعشرون :
الحرصُ على تعليمِه في سنواتِه الخمسِ الأولى ، وانتبه أيُّها الأبُ وانتبهي أيَّتُها الأمُّ - فإنَّ الطِّفلَ يتعلَّمُ في سنواتِه الأولى أكثرَ بكثيرٍ مِمَّا يتصوَّرُ الآباءُ .
إنَّ الطفل كلما كانت سنه أصغر يكتسب العادات بسهولةٍ أكثر، فإنَّ 90 % من العمليَّةِ التربويَّةِ تتِمُّ في السَّنواتِ الخمسِ الأولى.
كما أنَّ الطِّفلَ في هذه الفترةِ يميلُ إلى إرضاءِ والدِه ويحاولُ أن يُخرجَ منه عباراتِ الثَّناءِ والإعجابِ ، فمن البديهيِّ أن يستغلَّ الوالدُ هذه الفترةَ الهامَّةَ في تعليمِه وتوجيهِه الوِجهةَ الحسَنَةَ .
يقولُ ابنُ الجوزيِّ رحمه الله تعالى في هذا المجالِ : أَقْوَمُ التَّقويمِ ما كان في الصِّغَرِ ، فأمَّا إذا تُرِكَ الولدُ وطبعه فنشأ عليه ومُرِن ، كان ردُّه صعباً .
وقال الشَّاعرُ :
إنَّ الغُصونَ إذا قوَّمتها اعتدلَت ولا يلينُ إذا قوَّمتَه الخَشَبُ
قد ينفعُ الأدبُ الأحداثَ في مَهَلٍ وليس ينفعُ في ذي الشَّيبَةِ الأدَبُ
الوسيلةُ السَّادسةُ والعشرون :
التغافُلُ عن الطِّفلِ وعدمُ فضحهِ إذا أخطأَ وحاولَ هو سترَ خطئه وإخفائه ، فإنَّ إظهارَ ذلك رُبَّما عوَّدَه وجرَّأَه على ارتكابِ الخطأِ مرَّةً أخرى وأصبحَ لا يبالي بظهورِ أخطائه .
ولذلك نقولُ للأبِ أو الأمِّ : إذا أخطأَ الطِّفلُ خطأً غيرَ مقصودٍ أو حرصَ الطِّفلُ على إخفاءِ ذلك الخطأِ فلا تفضَح الطِّفلَ، وإنَّما حاوِل التغافُلَ عنه وإظهارَ عدمِ انتباهِك لمثل هذا الأمرِ ، لأنَّه إذا تعوَّدَ كثرةَ المعاتبةِ خاصَّةً والصَّغيرُ كثيرُ الأخطاءِ غيرِ المقصودةِ فإنَّه إذا عادَ للخطأِ مرَّةً أخرى وتعوَّدَ على كثرةِ المعاتبةِ تعوَّدَ على الرُّجوعِ لهذه الأعمالِ أيضاً مرَّاتٍ وكرَّاتٍ .
وإن عاد للخطأِ الذي أخفاه ثانيةً فأقولُ : ينبغي أن يعاقَبَ سرَّاً وليس كلُّ خطأٍ أو زلَّةٍ توجِبُ العقابَ والزَّجْرَ .
الوسيلةُ السَّابعةُ والعشرون :
تذكيرُ الصَّغيرِ بوجهٍ مستمرٍّ بمواقفَ بطوليَّةٍ لأبناءِ الصَّحابةِ والسَّلَفِ الصَّالحِ y ليتأسَّى بهم وتمتلئَ نفسُه عزيمةً وقوَّةً .
فإنَّ الصِّغارَ يتعلَّقُون بالقصصِ ، بل يطلبُونها من آبائهم بإلحاحٍ ،فلماذا لا يروي الأبُ قصَّةً من هذه القصصِ لأولادِه قبلَ النَّومِ ويبسطُها لهم بأسلوبٍ يناسبُهم ؟!
وسيلحظُ الأبوان عندَ الاستمرارِ على هذا الأمرِ سعةَ ثقافةِ الصِّغارِ ونموَّ عقولِهم بسرعةٍ عجيبةٍ ،بعكسِ روايةِ القصَصِ الخياليَّةِ كما يفعلُ بعضُ الآباءِ.
الوسيلةُ الثَّامنةُ والعشرون :
الحرصُ على انتقاءِ المدرسةِ الجيِّدةِ بإدارتِها ومدرِّسيها ،فإنَّ هناك من المدارسِ من تحرصُ وتُخلِصُ في توجيهِ الصِّغارِ وإفادتِهم وزرعِ الخيرِ في نفوسِهم ، ولا أنسى ذلك الطِّفلَ الذي يردِّدُ ويحفظُ كثيراً من الأدعيةِ والأذكارِ فلمَّا سألتُه : من علَّمَك هذا ؟ قال : الأستاذُ فلان .
وجزى الله المخلِصين كلَّ خيرٍ وبرٍّ ،وسيرون أَثَرَ ذلك على أولادِهم ، وصدَق اللهُ عز وجل إذ قالَ ]وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا [ [الكهف:82]،وليحذر أولئك المدرِّسُون الذين لا همَّ لهم سوى ضياع الحصَصِ وانتظار آخرِ الشَّهرِ .
الوسيلةُ التَّاسعةُ والعشرون :
اعلم أيُّها الأبُ أنَّ لأكلِ الحلالِ أثَراً كبيراً وواضِحاً على صلاحِ الأولادِ ،وأنَّ لأكلِ الحرامِ أثراً كبيراً على فسادِهم وسوءِ أخلاقِهم ، وهذا أمرٌ محسوسٌ مُشاهَدٌ واللَّبيبُ بالإشارةِ يفهمُ ، فاحفَظ الله في أبناءِ المسلمين وأموالِهم يحفظك الله بمالِك وأولادِك ، والجزاءُ من جنسِ العملِ، وكما تدينُ تُدانُ .
الوسيلةُ الثلاثون :
على الآباءِ والأمَّهاتِ الاجتهادُ في توزيعِ الحبِّ والعواطفِ على جميعِ أولادِهم بالتساوي ، وقبولِهم جميعاً على علاَّتِهم ولا يفرِّقْ بينهم حتى وإن كان بعضُهم أفضلَ من بعضٍ ،ولا تعقُدْ المقارناتِ بينهم فإنَّ هذا كلَّه يولِّدُ فيهم الأحقادَ والضَّغائنَ .
ومثالُ هذا : بغضُ الولدِ الكبيرِ لأخيه الصَّغيرِ عندَما يجدُ أنَّ الاهتمامَ من الوالدين قد اتَّجَه نحوَ أخيه الصَّغيرِ ، فيلجَأُ إلى الإنطواءِ على النَّفسِ أو البكاءِ أو التبوُّلِ اللاإراديِّ ، أو رُبَّما ادَّعى المرضَ والألَمَ ليجذِبَ نظرَ والديه إليه ، فهذه الأحوالُ لا ينبغي أن يُساقَ الولَدُ إليها، بل ينبغي أخذُ الاحتياطاتِ اللازمةِ لمنعِ حدوثِ هذا ، فيُذكَرُ له أثناءَ الحملِ محاسنُ الطِّفلِ الجديدِ وأنَّه قادمٌ ليلعبَ معه إذا كبرَ وأنَّه يحبُّه .. إلى آخرِ ذلك مِمَّا يشعرُ الكبيرَ بحبِّ الصَّغيرِ له .
الوسيلةُ الحاديةُ والثلاثون :
يمتازُ الصِّغارُ بقدرةٍ عجيبةٍ على الحفظِ ، فعلى الوالدين استغلالُ هذه الفرصةِ وعدمُ إهمالِها ، وأقصدُ بإهمالِها أن يُتركَ الطِّفلُ يحفظُ أيَّ شيءٍ ، ولذلك نرى بعضَ الصِّغارِ يحفظُ عبارةَ الدِّعايةِ والإعلانِ أو يحفظُ بعضَ القصصِ والأغاني التي يسمعُونها من التِّلفازِ أو من زملائهم .
ولذلك على الآباءِ استغلالُ هذه الفرصة والحرصُ على وجودِ المربِّي الخاصِّ إن استطاعوا ، وهذا اقتراحٌ وفكرةٌ : الحرصُ على وجودِ مربٍّ ومؤدب خاصٍّ لأولادِك -إن استطعتَ ذلك- يبدأُ بتلقينِ الصِّغارِ للقرآنِ منذُ الصِّغَرِ .
وإنِّي أعجبُ من بعضِ الآباءِ فإنَّ لديه عدداً كبيراً من العمالةِ في مؤسَّسَتِه أومتجرِه ويعجزُ أو يغفَلُ عن إحضارِ واحدٍ لتربيةِ أولادِه والاهتمامِ بهم خاصَّةً إذا كان الأبُ مشغولاً بعملِه وتجارتِه .
وقد كان هذا هو منهج السَّلَفِ ، حيث كانوا يدفعُون أولادهم لمربٍّ خاصٍّ يؤدِّبُهم ويُقرِؤهم القرآنَ .
فقد ذكرَ ابن خلدون في مقدَّمَتِه ، أنَّ هارون الرَّشيدَ لَمَّا دفعَ ولدَه الأمين للمؤدِّبِ قال له : يا أحمر : إنَّ أميرَ المؤمنين قد دفعَ إليك مُهجةَ نفسِه ، وثمرةَ قلبِه ، فصيَّرَ يدَك عليه مبسوطةً ، وطاعتُك له واجبَةٌ ، فكن له بحيث وضعَك أميرُ المؤمنين ، أقرئه القرآنَ،وعرِّفه الأخبارَ، وروِّه الأشعارَ، وعلِّمه السُّنَنَ، وبصِّره بمواقعِ الكلامِ وبدئِه ، وامنعه من الضَّحكِ إلا في أوقاتِه، ولا تَمُرَّنَّ بك ساعةٌ إلا وأنت مغتَنِمٌ فائدةً تفيدُه إيَّاها من غيرِ أن تحزنَه فتميتَ ذهنَه ، ولا تُمعِن في مسامحتِه فيستحلي الفراغَ ويألفه ، وقوِّمه ما استطعتَ بالقربِ والملاينَةِ،فإن أبى فعليك بالشدَّةِ والغِلظَةِ .. إلى آخرِ كلامِه .
إذن فاحرص على الإتيانِ بمربٍّ خاصٍّ لصغارِك ، ولا يكلِّفُك ذلك شيئاً،كم يكلفك ؟ ألف ريال ؟! ليس بشيءٍ أمامَ صلاحِ أولادِك وحفظِهم للقرآنِ ، وإنِّي أُؤكِّدُ على هذا الاقتراحِ وأتمنَّى أن يجدَ طريقَه لقلوبِ الآباءِ .
ولا بأسَ أن يشتركَ ثلاثةٌ أو أربعةٌ من الآباءِ بإحضارِ مربٍّ واحدٍ لأولادِهم جميعاً ، المهمُّ أن يكونَ ثقةً عدلاً حافظاً للقُرآنِ أو مُجِيداً له ومُجيداً لفنِّ التعامُلِ مع الصِّغارِ .
ولا بُدَّ من تقديرِ هذا المربِّي و المدرِّس واحترامِه ، خاصَّةً أمامَ الأولادِ ليتقبَّلُوا منه ويسمعُوا منه.
الوسيلةُ الثَّانيةُ والثَّلاثون:
الحرصُ على بعضِ الأشرطةِ المفيدةِ الخاصَّةِ بالأطفالِ ، والتَّسجيلاتُ بحمدِ الله مليئةٌ بأعدادٍ من هذه الأشرطةِ فيها برامجُ تعليميَّةٌ بأسلوبٍ مُميَّزٍ جميلٍ يساعدُ الصَّغيرَ على التَّركيزِ والانتباهِ وسرعةِ التعلُّمِ والحفظِ .
ففي أشرطةِ القُرآنِ ، هناك القراءةُ البطيئةُ المركَّزةُ فيها تُردَّدُ الآياتُ مرَّاتٍ كثيرةٍ ، وفي بعضِها ترديدٌ من الصِّغارِ خلفَ القارئ ، وكان لهذا نتائجُ طيِّبةٌ على كثيرٍ من الصِّغارِ وهي ما تُسمَّى بطريقةِ التَّلقينِ .
وهناك أشرطةٌ قصصيةٌ جميلةٌ مثلُ شريطِ أم سلمةَ أو أسرةُ الشُّهداء أو حديقةُ الحيوان أو الأصابعُ الخمسة أو غيرها مِمَّا تُمتلئ به التَّسجيلاتُ الإسلاميَّةُ .
وهناك أشرطةُ أناشيدٍ خاصَّةٍ بالصِّغارِ جميلةٌ بكلماتِها التي تزيدُ الصَّغيرَ إيماناً وحبَّاً بالله . ليسَت أيَّةَ أناشيدَ وإنَّما تلك الأناشيدُ التي تزيدُ الصَّغيرَ إيماناً وحبَّاً بالله ، واسمع لكلماتِ هذا النَّشيدِ ، عندَما يسمعُها الصَّغيرُ ويحفظُها فكم يكون لها أثر محمود على نفسِه ؟!:
هذي الأزهارُ الحمراءُ من أين سيأتيها الماءُ ؟
من يُسقيها وينمِّيهـا ويزيُّنها بالألـوانْ ؟
الله ربُّ الأكوانْ
هذا نملٌ ما أصغـرَه يمشي هوناً ما أصبرَه
من علَّمَه هذا الصَّبْرا ؟ من أسكنَه هذا الوَكْرا ؟
الله تعالى علَّمَــهُ الله تعالى ألهمَـــهُ
هذا نحلٌ من علَّمَـهُ من زهراتٍ قد أطعمَهُ ؟
من ألهمَهُ أن يعطينا عسلاً فيه شفاءُ النَّاسْ ؟
الله تعالى الرَّحمن
هذا جَمَلٌ ما أكبـرَه لا يعصينا إذ نأمـرُه
طفلٌ مثلي يمشي معَهُ كي يركبَه في الصَّحراءِ
الله تعالى ألهمَــه أن يبرُكَ حتى نركبَهُ
هذا طفلٌ دونَ الفهمِ من علَّمَه ثديَ الأمِّ ؟
من عوَّدَه أن يرضعَهُ ؟ أن يأخذَه عندَ الجوعِ ؟
الله تعالى الرَّحمن
هذا بصرٌ من واهبُه ؟ من في الإنسانِ يركِّبُه ؟
من يملكُ هذا الإنسانْ وله قد أعطـى الآذانْ ؟
من يُسقيها وينمِّيهـا ويزيُّنها بالألـوانْ ؟
الله ربُّ الأكوانْ
هذا نملٌ ما أصغـرَه يمشي هوناً ما أصبرَه
من علَّمَه هذا الصَّبْرا ؟ من أسكنَه هذا الوَكْرا ؟
الله تعالى علَّمَــهُ الله تعالى ألهمَـــهُ
هذا نحلٌ من علَّمَـهُ من زهراتٍ قد أطعمَهُ ؟
من ألهمَهُ أن يعطينا عسلاً فيه شفاءُ النَّاسْ ؟
الله تعالى الرَّحمن
هذا جَمَلٌ ما أكبـرَه لا يعصينا إذ نأمـرُه
طفلٌ مثلي يمشي معَهُ كي يركبَه في الصَّحراءِ
الله تعالى ألهمَــه أن يبرُكَ حتى نركبَهُ
هذا طفلٌ دونَ الفهمِ من علَّمَه ثديَ الأمِّ ؟
من عوَّدَه أن يرضعَهُ ؟ أن يأخذَه عندَ الجوعِ ؟
الله تعالى الرَّحمن
هذا بصرٌ من واهبُه ؟ من في الإنسانِ يركِّبُه ؟
من يملكُ هذا الإنسانْ وله قد أعطـى الآذانْ ؟
أقولُ : أيَّ أثرٍ ستبقيه مثلُ هذه الكلماتِ في نفسِ الطِّفلِ !
الوسيلةُ الثَّالثةُ والثَّلاثون :
من الخطأِ أن يكونَ الصِّغارُ ضحيَّةً لمزاجيَّةِ الأمِّ أو الأبِ ، فإذا حصلَ خصامٌ أو سوءُ فهمٍ بينهما صبَّت الأمُّ جامَّ غضبِها على الصِّغارِ ، أو الأبُ كذلك ، وهذا من الظُّلمِ الذي لا يرضاه الله ، وما ذنبُ هؤلاء حتى نغضبَ عليهم أيضاً .
وهذا أمرٌ مُشاهَدٌ ، فإنَّ طلباتِ وأسئلة الصِّغارِ بعدَ خصامٍ بين الأبوين مرفوضةٌ مُهانَةٌ ولا يسلَمُ الصِّغارُ في الغالبِ من الزَّجرِ ورُبَّما الضَّربِ في مثلِ هذه الظُّروفِ .
وعلى الأبوين ضبطُ النَّفسِ قدرَ الإمكانِ وعدمُ الخصامِ بين الأولادِ ، وإن ظهرَ هذا فأقولُ : من الظُّلمِ العظيمِ أن ينتقلَ هذا الأمرُ إلى الأولادِ بدونِ سببٍ .
الوسيلةُ الرَّابعةُ والثلاثون :
ألايُعوَّدَ الطِّفلُ الوقوفَ على بابِ الدَّارِ ولا الخروجَ إلى الشَّارعِ أو الجلوسَ مع أولادِ الحيِّ في الشَّارعِ ، فهي قاصمةُ الظَّهرِ ، فمن الشَّارعِ يتعلَّمُ الألفاظَ السيِّئةَ وبذاءةَ اللِّسانِ، ومنه يبدأُ الضَّياعُ فالتَّدخينُ واللِّواطُ والمخدِّراتُ .. إلى آخرِ سلسلةِ الضَّياعِ التي يعيشُها بعضُ شبابِ المسلمين اليومَ و8للأسفِ .
ومع ذلك مازلنا نرى الصِّغارَ يملؤون شوارعَ الأحياءِ !
فمتى يتنبهُ الآباءُ والأمَّهاتُ إلى خطرِ خروجِ الصِّغارِ إلى الشَّارعِ ؟ فإنَّ ما يُبنى في سنواتٍ يهدمُه الشَّارعُ في أيَّامِ ، وإنَّنا نريدُ وقفةً جادَّةً منك أيُّها الأبُ تجاهَ هذا الموضوعِ .
الوسيلةُ الخامسةُ والثَّلاثون :
وهي حلٌّ لآثارِ الشَّارعِ وأخطارِه ، وجودُ ملعبٍ أو استراحةٍ في وسطِ الحيِّ لأطفالِ وصغارِ الحيِّ ، ويتمُّ تجهيزُه والإشرافُ عليه ومتابعتُه من قِبَلِ أولياءِ الأمورِ ولا أظنُّ أن المسؤولين في البلديَّاتِ إلاَّ ويشجِّعُون ويمدُّون يدَ العونِ قدرَ المُستطَاعِ لإيجادِ مثل هذا الطَّرحِ .
المهمُّ هو الجديَّةُ في تبنِّي مثلِ هذه الفكرةِ من الآباءِ والتحمُّس لها بدَلَ التخبُّطِ والضَّياعِ الذي يعيشُه صغارُنا في الشَّوارعِ والأرصفةِ يتخطَّفُهم تُجَّارُ الرَّذيلةِ ، فأتمنَّى أن يجدَ هذا الطَّرحُ طريقَه لقلوبِ الآباءِ .
الوسيلةُ السَّادسةُ والثلاثون :
فكرةُ المراكزِ الصيفيَّةِ للصِّغارِ فكرةٌ جديدةٌ جميلةٌ نشكرُ القائمين عليها ونتمنَّى أن نرى تطويراً لها واهتماماً ببرامجِها لحفظِ أولادِ المسلمين .
ولعلَّنا نستفيدُ مِمَّا يفعلُه النَّصارى وللأسفِ من تبنِّي الصِّغار والتَّركيزِ عليهم والاهتمامِ بالموهوبين والمتفوِّقين منهم ، ولو أنَّ مدراءَ المدارسِ والمدرِّسين حرصُوا على متابعةِ المتفوِّقين والتَّركيزِ عليهم لنفعَ الله بهم في المستقبَلِ نفعاً عظيماً.
الوسيلةُ السَّابعةُ والثَّلاثون :
احرص أيُّها الأبُ على أخذِ أولادِك معك للمجالسِ النَّافعةِ كالدُّروسِ والمحاضرَاتِ ، واجعَل عيونَهم تكتحِلُ برؤيةِ الصَّالحين والمشائخِ ، فإنَّهُم يفخرُون بذلك أمامَ أقرانِهم ويتمنُّون الوصُولَ لمكانتِهم ، وعوِّدهُم على مجالسِ الرِّجالِ والتأدُّبِ فيها .
واحرص على إلحاقِهم بمدارسِ تحفيظِ القُرآنِ في المساجدِ مع المتابعةِ والحرصِ ، وإذا أردتَ أيُّها الأبُ ويا أيَّتُها الأمُّ أن تريَا مقدارَ الرِّبحِ لهذه الحلقاتِ فانظُر لحفظِ أبناءِ فلانٍ وبناتِ فلانة ، فأعمارُهم الآنَ في الثَّامنةِ والعاشرةِ ويحفظُون من القرآنِ عشرين جزءاً تزيدُ أو تقلُّ وأبناؤك ما زالُوا على أوضاعِهم .
إنَّه أعظمُ كسبٍ يفوزُ به الوالدان في الدُّنيا والآخرةِ ،ونحن نسمعُ ونقرأُ في كُتُبِ السِّيَرِ والتَّراجمِ أنَّ كثيراً من العُلماءِ الأفذاذِ حفظُوا القرآنَ قبلَ العاشرةِ كأحمدَ بن حنبل والبخاريِّ وابن تيميَّة ومحمَّد بن عبد الوهَّابِ وغيرِهم ، وذلك يعني شيئاً ، وهو أنَّ حفظَ القرآنِ هو الرَّكيزةُ والقاعدةُ التي انطلقَ منها هؤلاء العلماء وغيرُهم .
فاحرصا أيُّها الأبوان فليس بعيداً إن شاءَ الله تعالى أن يكونَ ابنُكما عالماً من علماءِ هذه الأمَّةِ ولن يكونَ ذلك إلا بالصَّبرِ والمتابعَةِ .
الوسيلةُ الثَّامنةُ والثلاثون :
عوِّد الصِّغارَ على البذلِ والعطاءِ وحبِّ الضُّعفاءِ والمساكين ، وأخبره أيها الأب وأخبريه أيَّتُها الأمُّ أنَّ له إخواناً من المسلمين لا يجدُون ما يأكلُون ولا ما يلبسُون .
أعطه بعضَ الرِّيالاتِ وشجِّعه على التبرُّعِ والتصدُّقِ ببعضِها ليتعوَّدَ البذلَ في الكِبَرِ ويأخذَ عليه .
أشرِكه في الإنفاقِ على بعضِ مشترياتِ البيتِ البسيطةِ وبعضِ حاجيَّاتِه وليدفَع هو من حصَّالته الخاصَّةِ على شراءِ كيسِ الرَّغيفِ للبيتِ مثلاً .
قُصَّ عليه قصَّةَ ذلك الصَّغيرِ الذي تبرَّعَ ببعضِ ألعابِه لأولادِ جيرانِه المحتاجين ، فإنَّ هذه الوسائلَ تحرِّرُه من البُخلِ وحُبِّ جمعِ المالِ ، وتعوِّدُه حبَّ الفُقَراءِ والمساكين والبذلَ والعطاءَ .
الوسيلةُ التَّاسعةُ والثَّلاثون :
لنحذَر من كثرةِ تخويفِ الصَّغيرِ مِمَّا حولَه من الأشياءِ والأشخاصِ ، فإنَّ كثرةَ مخاوفِه تدلُّ على جبنِه وهَلَعِه ، وذلك أن نُجَنِّبَه قدرَ الإمكانِ مِمَّا يؤذيه ويخيفُه كالتَّخويفِ بالحراميِّ مثلاً أو البعبعِ كما أسلفتُ أو بخروجِ الدَّمِ من الجُرحِ ، كما تفعلُ بعضُ الأمَّهاتِ بقولِها : انظُر دَمَ فلان خرجَ .. على سبيلِ التَّخويفِ للصَّغير ، أو من تخويفِه ببعضِ القصصِ المرعبةِ حولَ الشَّياطينِ والجنِّ ، فإنَّ هذه الأمورَ تزرعُ في نفسِ الطِّفلِ الرُّعبَ والفَزَعَ وينشأُ خوَّافاً رعديداً كما نرى في بعضِ الصِّغارِ .
الوسيلةُ الأربعون :
اعلم أيُّها الأبُ وأنتِ أيَّتُها الأمُّ أنَّ الصَّغيرَ لا يُدرِكُ الكذبَ إلا بعدَ الخامسةِ من العُمرِ ، أمَّا قبلَ هذا فإنَّ خيالَه واسعٌ فيكونُ كذبُه في هذه الفترةِ غيرَ مقصودٍ ولا متعمَّدٍ ، وهو بحاجةٍ للتَّوضيحِ والتَّوجيهِ في هذه المرحلةِ بدلاً من عقابهِ وزجرِه كما يفعلُ بعضُ الآباءِ ظنَّاً منَّه أنَّه تعمَّدَ الكذبَ عليه .
واعلما أيضاً أنَّ الكذبَ خُلُقٌ يكتسبُهُ الصَّغيرُ من بيئتِه ، فالوالدُ الذي لا يفي بوعودِه لأولادِه يزرعُ الكذبَ فيهم بدونِ أن يشعرَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ ؟" قَالَتْ : أُعْطِيهِ تَمْرًا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا ، كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَة ٌ " [15] وفي المسند عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:" مَنْ قَالَ لِصَبِيٍّ تَعَالَ هَاكَ ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِ فَهِيَ كَذْبَةٌ " [16] .
والأبُ الذي يُمثِّلُ أنَّه يضربُ ولدَه لأنَّه ضربَ أخاه الصَّغيرَ وهو في الحقيقةِ لا يضربُه ، يزرعُ الكذبَ في نفسِ ولديه الضَّاربِ والمضروبِ وهو لا يشعرُ .
من الأسبابِ التي تدفعُ الصَّغيرَ للكذبِ : تقليد والديه ، وقد يكذبُ الطِّفلُ حتَّى يتجنَّبَ العقابَ الشَّديدَ ، أو لنيلِ شيءٍ يريدُه ، وغيرِها من الأسبابِ ، فحاول دائماً أن تبحثَ عن السَّبَبِ ، لماذا لجأ الصَّغيرُ إلى الكذبِ ، حتَّى تصلَ للعلاجِ المناسبِ والصَّحيحِ مع استخدامِ أسلوبِ التَّرغيبِ واللِّينِ والرِّفقِ والتَّشجيعِ ، فلا يتأصَّلُ عندَه هذا الخُلُقُ الذَّميمُ .
من الخطأِ أن يكونَ الصِّغارُ ضحيَّةً لمزاجيَّةِ الأمِّ أو الأبِ ، فإذا حصلَ خصامٌ أو سوءُ فهمٍ بينهما صبَّت الأمُّ جامَّ غضبِها على الصِّغارِ ، أو الأبُ كذلك ، وهذا من الظُّلمِ الذي لا يرضاه الله ، وما ذنبُ هؤلاء حتى نغضبَ عليهم أيضاً .
وهذا أمرٌ مُشاهَدٌ ، فإنَّ طلباتِ وأسئلة الصِّغارِ بعدَ خصامٍ بين الأبوين مرفوضةٌ مُهانَةٌ ولا يسلَمُ الصِّغارُ في الغالبِ من الزَّجرِ ورُبَّما الضَّربِ في مثلِ هذه الظُّروفِ .
وعلى الأبوين ضبطُ النَّفسِ قدرَ الإمكانِ وعدمُ الخصامِ بين الأولادِ ، وإن ظهرَ هذا فأقولُ : من الظُّلمِ العظيمِ أن ينتقلَ هذا الأمرُ إلى الأولادِ بدونِ سببٍ .
الوسيلةُ الرَّابعةُ والثلاثون :
ألايُعوَّدَ الطِّفلُ الوقوفَ على بابِ الدَّارِ ولا الخروجَ إلى الشَّارعِ أو الجلوسَ مع أولادِ الحيِّ في الشَّارعِ ، فهي قاصمةُ الظَّهرِ ، فمن الشَّارعِ يتعلَّمُ الألفاظَ السيِّئةَ وبذاءةَ اللِّسانِ، ومنه يبدأُ الضَّياعُ فالتَّدخينُ واللِّواطُ والمخدِّراتُ .. إلى آخرِ سلسلةِ الضَّياعِ التي يعيشُها بعضُ شبابِ المسلمين اليومَ و8للأسفِ .
ومع ذلك مازلنا نرى الصِّغارَ يملؤون شوارعَ الأحياءِ !
فمتى يتنبهُ الآباءُ والأمَّهاتُ إلى خطرِ خروجِ الصِّغارِ إلى الشَّارعِ ؟ فإنَّ ما يُبنى في سنواتٍ يهدمُه الشَّارعُ في أيَّامِ ، وإنَّنا نريدُ وقفةً جادَّةً منك أيُّها الأبُ تجاهَ هذا الموضوعِ .
الوسيلةُ الخامسةُ والثَّلاثون :
وهي حلٌّ لآثارِ الشَّارعِ وأخطارِه ، وجودُ ملعبٍ أو استراحةٍ في وسطِ الحيِّ لأطفالِ وصغارِ الحيِّ ، ويتمُّ تجهيزُه والإشرافُ عليه ومتابعتُه من قِبَلِ أولياءِ الأمورِ ولا أظنُّ أن المسؤولين في البلديَّاتِ إلاَّ ويشجِّعُون ويمدُّون يدَ العونِ قدرَ المُستطَاعِ لإيجادِ مثل هذا الطَّرحِ .
المهمُّ هو الجديَّةُ في تبنِّي مثلِ هذه الفكرةِ من الآباءِ والتحمُّس لها بدَلَ التخبُّطِ والضَّياعِ الذي يعيشُه صغارُنا في الشَّوارعِ والأرصفةِ يتخطَّفُهم تُجَّارُ الرَّذيلةِ ، فأتمنَّى أن يجدَ هذا الطَّرحُ طريقَه لقلوبِ الآباءِ .
الوسيلةُ السَّادسةُ والثلاثون :
فكرةُ المراكزِ الصيفيَّةِ للصِّغارِ فكرةٌ جديدةٌ جميلةٌ نشكرُ القائمين عليها ونتمنَّى أن نرى تطويراً لها واهتماماً ببرامجِها لحفظِ أولادِ المسلمين .
ولعلَّنا نستفيدُ مِمَّا يفعلُه النَّصارى وللأسفِ من تبنِّي الصِّغار والتَّركيزِ عليهم والاهتمامِ بالموهوبين والمتفوِّقين منهم ، ولو أنَّ مدراءَ المدارسِ والمدرِّسين حرصُوا على متابعةِ المتفوِّقين والتَّركيزِ عليهم لنفعَ الله بهم في المستقبَلِ نفعاً عظيماً.
الوسيلةُ السَّابعةُ والثَّلاثون :
احرص أيُّها الأبُ على أخذِ أولادِك معك للمجالسِ النَّافعةِ كالدُّروسِ والمحاضرَاتِ ، واجعَل عيونَهم تكتحِلُ برؤيةِ الصَّالحين والمشائخِ ، فإنَّهُم يفخرُون بذلك أمامَ أقرانِهم ويتمنُّون الوصُولَ لمكانتِهم ، وعوِّدهُم على مجالسِ الرِّجالِ والتأدُّبِ فيها .
واحرص على إلحاقِهم بمدارسِ تحفيظِ القُرآنِ في المساجدِ مع المتابعةِ والحرصِ ، وإذا أردتَ أيُّها الأبُ ويا أيَّتُها الأمُّ أن تريَا مقدارَ الرِّبحِ لهذه الحلقاتِ فانظُر لحفظِ أبناءِ فلانٍ وبناتِ فلانة ، فأعمارُهم الآنَ في الثَّامنةِ والعاشرةِ ويحفظُون من القرآنِ عشرين جزءاً تزيدُ أو تقلُّ وأبناؤك ما زالُوا على أوضاعِهم .
إنَّه أعظمُ كسبٍ يفوزُ به الوالدان في الدُّنيا والآخرةِ ،ونحن نسمعُ ونقرأُ في كُتُبِ السِّيَرِ والتَّراجمِ أنَّ كثيراً من العُلماءِ الأفذاذِ حفظُوا القرآنَ قبلَ العاشرةِ كأحمدَ بن حنبل والبخاريِّ وابن تيميَّة ومحمَّد بن عبد الوهَّابِ وغيرِهم ، وذلك يعني شيئاً ، وهو أنَّ حفظَ القرآنِ هو الرَّكيزةُ والقاعدةُ التي انطلقَ منها هؤلاء العلماء وغيرُهم .
فاحرصا أيُّها الأبوان فليس بعيداً إن شاءَ الله تعالى أن يكونَ ابنُكما عالماً من علماءِ هذه الأمَّةِ ولن يكونَ ذلك إلا بالصَّبرِ والمتابعَةِ .
الوسيلةُ الثَّامنةُ والثلاثون :
عوِّد الصِّغارَ على البذلِ والعطاءِ وحبِّ الضُّعفاءِ والمساكين ، وأخبره أيها الأب وأخبريه أيَّتُها الأمُّ أنَّ له إخواناً من المسلمين لا يجدُون ما يأكلُون ولا ما يلبسُون .
أعطه بعضَ الرِّيالاتِ وشجِّعه على التبرُّعِ والتصدُّقِ ببعضِها ليتعوَّدَ البذلَ في الكِبَرِ ويأخذَ عليه .
أشرِكه في الإنفاقِ على بعضِ مشترياتِ البيتِ البسيطةِ وبعضِ حاجيَّاتِه وليدفَع هو من حصَّالته الخاصَّةِ على شراءِ كيسِ الرَّغيفِ للبيتِ مثلاً .
قُصَّ عليه قصَّةَ ذلك الصَّغيرِ الذي تبرَّعَ ببعضِ ألعابِه لأولادِ جيرانِه المحتاجين ، فإنَّ هذه الوسائلَ تحرِّرُه من البُخلِ وحُبِّ جمعِ المالِ ، وتعوِّدُه حبَّ الفُقَراءِ والمساكين والبذلَ والعطاءَ .
الوسيلةُ التَّاسعةُ والثَّلاثون :
لنحذَر من كثرةِ تخويفِ الصَّغيرِ مِمَّا حولَه من الأشياءِ والأشخاصِ ، فإنَّ كثرةَ مخاوفِه تدلُّ على جبنِه وهَلَعِه ، وذلك أن نُجَنِّبَه قدرَ الإمكانِ مِمَّا يؤذيه ويخيفُه كالتَّخويفِ بالحراميِّ مثلاً أو البعبعِ كما أسلفتُ أو بخروجِ الدَّمِ من الجُرحِ ، كما تفعلُ بعضُ الأمَّهاتِ بقولِها : انظُر دَمَ فلان خرجَ .. على سبيلِ التَّخويفِ للصَّغير ، أو من تخويفِه ببعضِ القصصِ المرعبةِ حولَ الشَّياطينِ والجنِّ ، فإنَّ هذه الأمورَ تزرعُ في نفسِ الطِّفلِ الرُّعبَ والفَزَعَ وينشأُ خوَّافاً رعديداً كما نرى في بعضِ الصِّغارِ .
الوسيلةُ الأربعون :
اعلم أيُّها الأبُ وأنتِ أيَّتُها الأمُّ أنَّ الصَّغيرَ لا يُدرِكُ الكذبَ إلا بعدَ الخامسةِ من العُمرِ ، أمَّا قبلَ هذا فإنَّ خيالَه واسعٌ فيكونُ كذبُه في هذه الفترةِ غيرَ مقصودٍ ولا متعمَّدٍ ، وهو بحاجةٍ للتَّوضيحِ والتَّوجيهِ في هذه المرحلةِ بدلاً من عقابهِ وزجرِه كما يفعلُ بعضُ الآباءِ ظنَّاً منَّه أنَّه تعمَّدَ الكذبَ عليه .
واعلما أيضاً أنَّ الكذبَ خُلُقٌ يكتسبُهُ الصَّغيرُ من بيئتِه ، فالوالدُ الذي لا يفي بوعودِه لأولادِه يزرعُ الكذبَ فيهم بدونِ أن يشعرَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ ؟" قَالَتْ : أُعْطِيهِ تَمْرًا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا ، كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَة ٌ " [15] وفي المسند عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:" مَنْ قَالَ لِصَبِيٍّ تَعَالَ هَاكَ ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِ فَهِيَ كَذْبَةٌ " [16] .
والأبُ الذي يُمثِّلُ أنَّه يضربُ ولدَه لأنَّه ضربَ أخاه الصَّغيرَ وهو في الحقيقةِ لا يضربُه ، يزرعُ الكذبَ في نفسِ ولديه الضَّاربِ والمضروبِ وهو لا يشعرُ .
من الأسبابِ التي تدفعُ الصَّغيرَ للكذبِ : تقليد والديه ، وقد يكذبُ الطِّفلُ حتَّى يتجنَّبَ العقابَ الشَّديدَ ، أو لنيلِ شيءٍ يريدُه ، وغيرِها من الأسبابِ ، فحاول دائماً أن تبحثَ عن السَّبَبِ ، لماذا لجأ الصَّغيرُ إلى الكذبِ ، حتَّى تصلَ للعلاجِ المناسبِ والصَّحيحِ مع استخدامِ أسلوبِ التَّرغيبِ واللِّينِ والرِّفقِ والتَّشجيعِ ، فلا يتأصَّلُ عندَه هذا الخُلُقُ الذَّميمُ .
هذه أربعون وسيلة وتوجيها لتربيةِ الصِّغارِ ، فأقولُ : أيُّها الوالدان ، إنَّ أجرَكما عندَ الله عظيمٌ إن حرصتُما على القيامِ بالواجبِ عليكما تجاهَ أولادِكما ، فلا بُدَّ من الصَّبرِ وعدمِ المللِ في متابعةِ الصِّغارِ وتربيتِهم واحتسابِ الأجرِ والثَّوابِ من الله .
وثقا أنَّ كلَّ شيءٍ بالتَّدريبِ والمتابعةِ والمجاهدةِ ممكنٌ ، وهذا ما أكَّدَه الغزاليُّ بقولِه : ولو كانت الأخلاقُ لا تقبَلُ التغييرَ لبطلَت الوصايا والمواعظُ والتَّأديباتُ ، ولما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " حسِّنُوا أخلاقَكم " وكيف يُنكَرُ هذا في حقِّ الآدميِّ وتغييرُ خُلُقِ البهيمةِ ممكنٌ ، إذ يُنقَلُ البازيُّ - أي : الصَّقرُ - من الاستيحاشِ إلى الأُنس ، والكلبُ من شرهِ الأكلِ إلى التَّأديبِ والإمساكِ والتَّخليةِ ، والفرَسُ من الجماحِ إلى السلاسَةِ والانقيادِ ،وكلُّ ذلك تغييرٌ للأخلاقِ ، فإذا كان هذا ممكناً في حقِّ الحيوانِ الأعجمِ ففي حقِّ الولدِ الذي هو أعقلُ وأقدَرُ على الفهمِ من البهيمةِ أولى .
لذلك أقولُ : علينا أن نحرصَ وأن نصبرَ على تربيةِ أولادِنا ونحتسبَ الأجرَ عندَ الله عز وجل ولن يكونَ ذلك إلاَّ بالتَّدريبِ والمتابعةِ .
وأهدي هذه الكلماتِ وهذه التَّوجيهاتِ إلى الآباءِ والأمَّهاتِ معطَّرَةً بالحبِّ والتَّقديرِ والدُّعاءِ بالتَّوفيقِ لكُلِّ أبوين حريصين على تربيةِ أولادِهما وصلاحِهم ، وغفرَ الله لمن تجاوزَ عن الزلاَّت والهنَّاتِ والتمسَ لي العُذرَ في النَّقصِ والتَّقصيرِ .
اللهُمَّ أصلِح أولادَ المسلمين وبناتِهم ، اللهُمَّ اجعَلهُم قرَّةَ أعينٍ لآبائهم وأمَّهاتِهم ، ربَّنا هَب لنا من أزواجِنا وذريَّاتِنا قرَّةَ أعيُنٍ واجعَلنا للمتَّقين إماماً ، ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسَنَةً وفي الآخرةِ حَسَنَةً وقِنا عذابَ النَّارِ ، اللهُمَّ أصلِح أبناءَ المسلمين والمسلمات ، اللهُمَّ نسألُك الذريَّةَ الصَّالحةَ التي تكونُ عِزَّاً للإسلامِ والمسلمين .
اللهُمَّ أصلِح أبناءَ المسلمين وحبِّب إليهم الإيمانَ وزيِّنه في قلوبِهم وكرِّه إليهم الكُفرَ والفُسوقَ والعصيانَ واجعلهُم من الرَّاشدين .
سبحانك اللهُمَّ وبحمدِك نشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا أنت نستغفرُك ونتوبُ إليك .
وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه وسلَّمَ تسليماً كثيراً .
--------------------------
[1] - رواه الترمذي في صفة القيامة ، (ح:2516) وقال: حسن صحيح . وأحمد في المسند (4/233ح:2669و2763و2804) وصحح الحديث أحمد شاكر في حاشية المسند برقم (2669و2763). وصححه الألباني في تخريج أحاديث(السنة) لابن أبي عاصم (1/138ح:316).
[2] - أخرجه البخاري في صحيحه من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.
[3] - أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة(ح:495)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (ح:466).
[4]- أخرجه أبو داود، والترمذي ،وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن .وحسنه الألباني في صحيح الجامع (ح:3031).
[5]- أخرجه مسلم .
[6] - أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الأنبياء .
[7] - الآداب، للبيهقي،باب ما يعوذ به الأولاد ،(ح:996).
[8]- المشربة هي المكان الذي يشرب فيه ، وهي الأرض الليّنة دائمة النبات .
[9] - أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، (3/165)وصححه وخالفه الذهبي .
[10] - انظر: المسند للإمام أحمد (4/172). والمستدرك للحاكم (3/165،166).
[11] -ذكره البغوي في شرح السنة بدون السند(13/36). وقال محققاه:زهير الشاويش وشعيب الأرنؤوط : أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" (ص:90)و سنده حسن .
[12] - رواه أهل السنن وصححه الألباني في صحيح الترمذي (ح:4045).
[13] - رواه ابن ماجه في الزهد، باب البراءة من الكبر، والتواضع (ح:4175) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (ح:3366).
[14] - رواه أحمد في المسند (4/348) والطبراني في الكبير، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد(1/284): ورجاله ثقات .
[15] - رواه أبو داود في الأدب ، باب في التشديد في الكذب(ح:4991) .وأحمد (3/447).وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (ح:4176). وذكره في "الصحيحة" (ح:748).
[16] - رواه أحمد في المسند ( 2/452 ) قال الألباني في "الصحيحة" (2/385) وهذا سند رجاله ثقات ، لكنه منقطع بين ابن شهاب وأبي هريرة ، فإنه لم يسمع منه كما قال الحافظ المنذري والعراقي.
وثقا أنَّ كلَّ شيءٍ بالتَّدريبِ والمتابعةِ والمجاهدةِ ممكنٌ ، وهذا ما أكَّدَه الغزاليُّ بقولِه : ولو كانت الأخلاقُ لا تقبَلُ التغييرَ لبطلَت الوصايا والمواعظُ والتَّأديباتُ ، ولما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " حسِّنُوا أخلاقَكم " وكيف يُنكَرُ هذا في حقِّ الآدميِّ وتغييرُ خُلُقِ البهيمةِ ممكنٌ ، إذ يُنقَلُ البازيُّ - أي : الصَّقرُ - من الاستيحاشِ إلى الأُنس ، والكلبُ من شرهِ الأكلِ إلى التَّأديبِ والإمساكِ والتَّخليةِ ، والفرَسُ من الجماحِ إلى السلاسَةِ والانقيادِ ،وكلُّ ذلك تغييرٌ للأخلاقِ ، فإذا كان هذا ممكناً في حقِّ الحيوانِ الأعجمِ ففي حقِّ الولدِ الذي هو أعقلُ وأقدَرُ على الفهمِ من البهيمةِ أولى .
لذلك أقولُ : علينا أن نحرصَ وأن نصبرَ على تربيةِ أولادِنا ونحتسبَ الأجرَ عندَ الله عز وجل ولن يكونَ ذلك إلاَّ بالتَّدريبِ والمتابعةِ .
وأهدي هذه الكلماتِ وهذه التَّوجيهاتِ إلى الآباءِ والأمَّهاتِ معطَّرَةً بالحبِّ والتَّقديرِ والدُّعاءِ بالتَّوفيقِ لكُلِّ أبوين حريصين على تربيةِ أولادِهما وصلاحِهم ، وغفرَ الله لمن تجاوزَ عن الزلاَّت والهنَّاتِ والتمسَ لي العُذرَ في النَّقصِ والتَّقصيرِ .
اللهُمَّ أصلِح أولادَ المسلمين وبناتِهم ، اللهُمَّ اجعَلهُم قرَّةَ أعينٍ لآبائهم وأمَّهاتِهم ، ربَّنا هَب لنا من أزواجِنا وذريَّاتِنا قرَّةَ أعيُنٍ واجعَلنا للمتَّقين إماماً ، ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسَنَةً وفي الآخرةِ حَسَنَةً وقِنا عذابَ النَّارِ ، اللهُمَّ أصلِح أبناءَ المسلمين والمسلمات ، اللهُمَّ نسألُك الذريَّةَ الصَّالحةَ التي تكونُ عِزَّاً للإسلامِ والمسلمين .
اللهُمَّ أصلِح أبناءَ المسلمين وحبِّب إليهم الإيمانَ وزيِّنه في قلوبِهم وكرِّه إليهم الكُفرَ والفُسوقَ والعصيانَ واجعلهُم من الرَّاشدين .
سبحانك اللهُمَّ وبحمدِك نشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا أنت نستغفرُك ونتوبُ إليك .
وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه وسلَّمَ تسليماً كثيراً .
--------------------------
[1] - رواه الترمذي في صفة القيامة ، (ح:2516) وقال: حسن صحيح . وأحمد في المسند (4/233ح:2669و2763و2804) وصحح الحديث أحمد شاكر في حاشية المسند برقم (2669و2763). وصححه الألباني في تخريج أحاديث(السنة) لابن أبي عاصم (1/138ح:316).
[2] - أخرجه البخاري في صحيحه من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.
[3] - أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة(ح:495)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (ح:466).
[4]- أخرجه أبو داود، والترمذي ،وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن .وحسنه الألباني في صحيح الجامع (ح:3031).
[5]- أخرجه مسلم .
[6] - أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الأنبياء .
[7] - الآداب، للبيهقي،باب ما يعوذ به الأولاد ،(ح:996).
[8]- المشربة هي المكان الذي يشرب فيه ، وهي الأرض الليّنة دائمة النبات .
[9] - أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، (3/165)وصححه وخالفه الذهبي .
[10] - انظر: المسند للإمام أحمد (4/172). والمستدرك للحاكم (3/165،166).
[11] -ذكره البغوي في شرح السنة بدون السند(13/36). وقال محققاه:زهير الشاويش وشعيب الأرنؤوط : أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" (ص:90)و سنده حسن .
[12] - رواه أهل السنن وصححه الألباني في صحيح الترمذي (ح:4045).
[13] - رواه ابن ماجه في الزهد، باب البراءة من الكبر، والتواضع (ح:4175) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (ح:3366).
[14] - رواه أحمد في المسند (4/348) والطبراني في الكبير، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد(1/284): ورجاله ثقات .
[15] - رواه أبو داود في الأدب ، باب في التشديد في الكذب(ح:4991) .وأحمد (3/447).وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (ح:4176). وذكره في "الصحيحة" (ح:748).
[16] - رواه أحمد في المسند ( 2/452 ) قال الألباني في "الصحيحة" (2/385) وهذا سند رجاله ثقات ، لكنه منقطع بين ابن شهاب وأبي هريرة ، فإنه لم يسمع منه كما قال الحافظ المنذري والعراقي.
والنقل
لطفـــــــا .. من هنـــــــا
http://saaid.net/tarbiah/112.htm
لطفـــــــا .. من هنـــــــا
http://saaid.net/tarbiah/112.htm
» تربية الأولاد / للشيخ عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله تعالى .
» تربية الأولاد في الإسلام - الشيخ محمد بن رمزان الهاجري ـحفظه الله ـ
» تربية الأولاد و أُسُس تأهيلهم ؛ للشيخ فركوس -حفظه الله تعالى-
» الآداب المرعية في تلقي العلوم الشرعية من ورثة خير البرية
» روايات في كتاب الآداب الشرعية فيها إشكال حول التبرك بالصالحين
» تربية الأولاد في الإسلام - الشيخ محمد بن رمزان الهاجري ـحفظه الله ـ
» تربية الأولاد و أُسُس تأهيلهم ؛ للشيخ فركوس -حفظه الله تعالى-
» الآداب المرعية في تلقي العلوم الشرعية من ورثة خير البرية
» روايات في كتاب الآداب الشرعية فيها إشكال حول التبرك بالصالحين